السؤال رقم (4232) : سبب التشابه في القرآن الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..سيدي: أنا بقراءتي للقرآن وجدت عدداً من الآيات المتشابهة المتماثلة تماماً كما تدري ولاشك؛ ثم وجدت آيات أخرى تعطي نفس المعنى ومتكررة معنىُُ؛ ثم آيات خاصة بالأنبياء الكرام وهي بها تكرار أيضا؛ أنا رجل مسلم ومتعلم ولا أريد أن ألغي عقلي عند التفكر في الآيات وأيضاً لا أريد أن أتطاول على المولى عز وجل الواهب لنعمة العقل والآمر بالتدبر في الآيات ولكن هب أن مستشرقا قد سأل عما أسأل فماذا تكون الإجابة؟ وماذا تكون الإجابة إن سأل: هل أخطأ جامعي القرآن بعد الرسول؟ واستغفر الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟. السائل: أسامة الصيني
الرد على الفتوى
الإجابة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فاعلم أخي الكريم أن القرآن الكريم نزل من عند الله تعالى عن طريق جبريل عليه السلام على قلب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خلال فترة دعوته وحتى وفاته، وهذا الكتاب محفوظ بحفظ الله تعالى، قال تعالى [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ](الحجر)، وقال تعالى [وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] (الأعراف)، وغير ذلك من الآيات الدالة على حفظ الكتاب من التحريف.
والناظر في كتاب الله تعالى يجد العجب من الآيات الدالة على عظمة المتكلم به سبحانه وتعالى، وأنه ليس من عند بشر، وهذا الكتاب يتكلم فيه عن صفة خلق الإنسان، والآيات الكونية الدالة على عظمة الخالق جل وعلا، والتوجيهات الربانية للعباد، وقصص السابقين، وغير ذلك.
ووجود التشابه في بعض سور القرآن أو الآيات ليس دليلاً على أنه دخله التحريف، بل ذكر المولى جل وعلا في سورة آل عمران تلك المسألة لكي يعلم المسلم أن وجود آيات متشابهات في القرآن لحكمة أرادها الله وبين مرادها منه، قال تعالى [هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ..]، ثم ذكر سبحانه الحكمة من وجود الآيات المتشابهات فقال [فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ..]، وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)(متفق عليه).
لذا فعليك أخي الكريم بالتمسك بكتاب ربك وقراءته وتدبره والعمل بما فيه، وإياك وشبه المضلين الذين يريدون أن يشككوا المسلمين في كتاب ربهم وإذا حصل ذلك والعياذ بالله فمن أين يأخذ المسلم دينه.
ومن قال بأن جامعي القرآن قد أخطأوا فقد أعظم الفرية، وهذا قول فاسد لا يقول به مسلم، لأن من شكك في نقل هؤلاء النفر الذين أثنى الله عليهم من فوق سبع سماوات بقوله [مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ..](محمد)، وقوله [وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً..](التوبة)، وغير ذلك من الآيات الدالة على أن الذين جمعوا القرآن من خير القرون، ومن أفضل البشر بعد الأنبياء، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..)(متفق عليه).
فعليك أخي الكريم بالحذر ممن يقدحون ويشككون في كتاب الله، أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو في صحابته، وإلا فكيف وصل إلينا هذا الدين إلا عن طريق العدول الثقات الذين سخرهم الله لحفظ هذا الدين من التحريف، وكيف أن هذا القرآن الذي بين أيدينا منذ ألف وأربعمائة عام لم يدخله التحريف بل هو باق إلى قيام الساعة ثم يرفع من الأرض ومن صدور حفظته حتى لا يكون في الأرض من يقول لا إله إلا الله.
نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق ونقول مثل ما قال المؤمنون [رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ](آل عمران). والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.