السؤال رقم (645) : أريد حلاً لحالتي هذه .
نص السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولاً: أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يفرج كربة من كرب يوم القيامة لمن يجيب على رسالتي: فأنا والله في حالة سيئة، الله وحده يعلم بها، أرجوكم لا تهملوا رسالتي، فوالله الموضوع أكبر من أن أحدث عنه أحداً.. أنا يا شيخي الفاضل فتاة في السابعة عشر من العمر، أصبت قبل أقل من سنة بوسواس قهري شديد في العقيدة، ولم أستطع أن أحدث أحداً بالموضوع لخوفي الشديد من الرد، وبعد عناء شديد أرسلت استشارة نفسية إلى أحد الأطباء عن طريق النت، فأشار عليَ بضرورة الذهاب إلى أخصائية علاج معرفي سلوكي، والله يا شيخ أنني لا أقدر أن أفعل، فالموضوع أصعب مما تتصور، لجأت إلى الدعاء، والحمد لله بدأ الأمر يخف نوعاً ما، وسبحان الله كأن الموضوع بفضله تعالى سبباً في التزامي وتركي لكثير من الأشياء،ولكنني أصبحت أعاني من مصاب أكبر وإليك ما أقصد: عندما أكون في مجلس مع إخوتي أو صديقاتي أحاول قدر الإمكان أن أنهاهم عن الغيبة (لا تغتابوا) وعندما أتكلم أنا أحاول قدر الإمكان أن أتجنب الغيبة، ولكنني أقع فيها، ولا أجد من يردعني للأسف وينبهني وحي أراجع نفسي وأفكر فيما قلت.. يا ألله .. أأمر الناس بالمعروف ولا أفعل.. أتذكر الآية:……………………………………. أنا في حيرة وألم وهم شديد لا يعلمه إلا الله.. أرشدوني أرجوكم.. ما هي مشكلتي بالضبط؟ كيف هو السبيل إلى حلها؟ كيف أفرق بين غيبة وكلام عادي؟ أريد أمثلة؟ أنا لا أستطيع التفريق جيداً… أرجوكم.. أرجوكم .. لا أريد أن أفقد ديني.. ساعدوني.
الرد على الفتوى
الإجابة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فاعلمي أختي الكريمة أن الإنسان إذا تمسك بدين الله تعالى لابد أن يبتلى ليعلم الله هل هو صادق في إيمانه أم لا، قال تعالى( الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) (العنكبوت)، فإذا صدق العبد في تمسكه بدينه وصبر على البلاء، ولجأ إلى الله تعالى ليكشفه عنه أعانه الله تعالى، وأمده بفضله، وكان نعم المولى له.
وأما من ناحية مخالفة المسلم قوله عمله فهذا دليل على ضعف الإيمان وعدم الخوف من الملك الديان، فالواجب على المسلم أن يتقي الله في السر والعلن والغيب والشهادة، وأن يعلم بأن الله مطلع عليه، وسيجازيه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر ، قال تعالى( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )(ق).
لذلك يجب عليك أختي الكريمة أن تقوي إيمانك وذلك بالإقبال على الله تعالى،ودعائه، واللجوء إليه، والاستعانة به في جميع أمورك، وأن تسأليه أن يمدك بتوفيقه وعطاءه، وأن تحافظي على الصلوات الخمس في وقتهن، وأن تكثري من تلاوة القرآن الكريم ففيه الهدى والرشاد، وأن تتمسكي بحجابك الشرعي،وأن تحسني أخلاقك من والديك ومن حولك، وأن تتجنبي كل معصية تسخط الله، وأن تكثري من التوبة والاستغفار، فكلما وقعت في ذنب عن ضعف منك فتوبي واستغفري، فالله تعالى يفرح بتوبة عبده كما جاء ذلك في الحديث.
واعلمي أنه مهماً كان عظم المعصية فإذا تاب المسلم منها تاب الله عليه، ولكن احذري من الغيبة، وهي ذكرك أشخاصاً معينين بما يكرهون، كأن تقولي وأنت جالسة مع صديقاتك أو أخواتك:{فلانة عصبية}، أو {فلانة سيئة الخلق}، أو {المدرسة الفلانية متكبرة}، وهكذا فأي لفظ تقولينه عن أي شخص ذكراً كان أو أنثى وهم يكرهون هذا اللفظ يعتبر من الغيبة المحرمة، وكأنك تأكلين لحم من تغتابيه، فعليك بصدق التوبة من هذا الذنب، وأن تتحللي من الشخص الذي اغتبتيه وذلك بأن تطلبي منه المسامحة، فإذا كان طلب المسامحة يترتب عليه ضرر في العلاقة بينك وبين من اغتبتيه فعليك بذكره بالخير في نفس المجلس الذي ذكرتيه فيه بما يكرهه، وتكثرين من الدعاء له بظهر الغيب حتى تبرأ ذمتك.
وأما قولك:{يارب .. بإذنك تعالى .. من اليوم إن شاء الله سأتكلم فقط في الدراسة..} فهذا من الاستثناء في الدعاء، والوفاء به أولى لأنه مع الرب العظيم، ولكن إن وقعت عن ضعف في نفس المعصية فلا شيء عليك إلا التوبة من الذنب.
وأوصيك أختي الكريمة أن تنظري لفضل الله عليك أن جعلك مسلمة، وهداك إلى صراطه المستقيم، وأعانك على طاعته، ووفقك لخدمته، فهل بعد هذه النعم وغيرها تقدمين على المعصية ولا تستحين من المنعم المتفضل، فالواجب عليك كثرة شكره على آلاءه ونعمه، وأن تذكريه في كل وقت وحين، وأن تحرصي على ما يرضيه، وعليك بالانطراح بين يديه، وسؤاله الهداية والثبات عليها، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، واحذري وساوس الشيطان وخطراته فهي من أخطر الأشياء على العبد المسلم، وتذكري قول الله تعالى( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) (فاطر ).
فتمسكي بدينك، واعملي بأوامر ربك لتفوزي في العاجل والآجل،وأذكرك بحديث جميل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:{ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحا}(رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم). أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج همك، وأن ينفس كربك، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر لك كل خير، وأن يصرف عنك كل شر، وصلى الله على نبينا محمد.