السؤال رقم (4180) : ما هو حكم الإسلام فيمن يضع الفجوات بين العلماء والحكام؟
س2 : فضيلة الشيخ هناك من يتنطع ويحاول أن يثير الفتنة داخل المجتمع، ويحاول أن يصنع الفجوات والهفوات بين الناس والعلماء وولاة أمرهم، ما هو حكم الإسلام في ذلك؟ وما هي توجيهاتكم حيال ذلك؟
الرد على الفتوى
ج2 : يحاول أعداء الإسلام الإيقاع بين فئة الحكام وفئة العلماء والدعاة في بعض الأحيان، فيؤلبون هؤلاء على أولئك، ويؤلبون أولئك على هؤلاء، فإذا الحرب سجال بينهم، وكل فريق يحمل البغضاء والكراهية على الآخر.
وهذا من مكر أعداء الإسلام وحرصهم على تفريق الكلمة، وبث روح العداوة بين المسلمين وعلمائهم وحكامهم، وصدق الله تعالى إذ يقول:(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ..)، فهذه من أشد الفتن التي تعصف بجماعة المسلمين ووحدتهم، وإن البعد عن اتباع العلماء السبب الأكيد لإدخال الوهن على أمة صلى الله عليه وسلم ، قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :{من فارق السبيل كان كمن يمشي في الصحراء بغير دليل، فهذا هلاكه أقرب إليه من نجاته}(سير أعلام النبلاء (3/349).
فلا تلتفت يميناً أو شمالاً إلا وترى من الشرور العظيمة، والمفاسد الجسيمة؛ ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، وما هذه الفتن التي تنخر في جسد الأمة؛ من اختطاف وتفجير، واغتيال وتكفير؛ إلا من أوضح الأدلة على ما أقول، فإن مشاكل الأمة لا تحل بقول فلان أو فلان؛ من الصالحين أو الوعاظ؛ لمجرد أنه يحمل هم الإسلام!، قال سحنون بن سعيد:{لا أدري ما هذا الرأي؟! سفكت به الدماء، واستحلت به الفروج، واستخفت به الحقوق، غير أنا وجدنا رجلاً صالحاً فقلدناه}({أعلام الموقعين}(1/61).
والحقيقة أن صلاح المجتمع المسلم إنما يكون بصلاح الحكام والعلماء، وفساده بفسادهم، وهذا ما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم :{ صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس، العلماء والأمراء}، فلا مناص من اتباع العلماء الشيوخ الأكابر، أهل البصر الحديد، والرأي السديد، فعن أبي أمية اللخمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{إن من أشراط الساعة ثلاثةٌ، إحداهن أن يلتمس العلم عند الأصاغر}(المعجم الكبير للطبراني (22/361)، الإصابة في تمييز الصحابة (7/22).
ويحاول هؤلاء الأعداء على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم داخلياً وخارجياً أن يوسعوا الهوة بين العلماء العاملين الصالحين، وبين الولاة والحكام، وربما سعوا إلى تشويه سمعة أولئك العلماء عندهم، ولهذا فإن خير سبيل لابعاد الفتنة والفوضى في المجتمع المسلم، وحفظه من تيارات الغلو والضلال هو مد الجسور بين هذين الصنفين: الولاة والعلماء؛ لحاجة الحاكم المسلم إلى من ينصحه، فهو كبشر قد ينسى ويغفل، ولحاجة العالم كذلك إلى الوالي الصالح ليأخذ منه السند والعون والمؤازرة في المضي في طريق الدعوة إلى الإسلام، والأصل في ذلك أن العلماء العاملين كانوا يدخلون على خلفاء بني أمية والعباس في مجالسهم، وينصحونهم ويعظونهم، ويرفعون إليهم حاجات الأمة، ويدفعهم إلى ذلك اخلاص لاتشوبه شائبة رياء أو مصلحة أو منفعة، وقول للحق ما دام في مرضاة الله تعالى وصدق في النصيحة لايخفى وراءه غرضاً من أغراض الدنيا، وصفاء نفس لايحمل غلاً ولا حقداً ولا حسداً، والتزام بآداب النصيحة للولاة والحاكم، ويأتي في مقدمتها الرفق والكلمة الطيبة، مع بيان منهج السلف في التعامل مع الحاكم المسلم وهو الدعوة إلى وجوب المحافظة على البيعة، والتحذير من الخروج وتمزيق وحدة جماعة المسلمين.