السؤال رقم (4113) : كنت ناوية أعتمر عمرة وأهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل يجوز لي ذلك؟
نص الفتوى: أنا كنت ناوية أعتمر وأسرتي هذا العام برمضان 2007.. واستعددنا للسفر وجهزنا حتى حقائبنا .. ولكن وللأسف نتيجة لظروف أقوى منا وخارجة عن إرادتنا مُُنعنا من السفر.. يقال أن وزارة الحج والعمرة بالسعودية حددت أعداد معينة للمعتمرين هذا العام.. فضيلة شيخنا الكريم .. لو تدري خيبة الأمل وقمة الإحباط التي أصابتني وأسرتي، والله ثم والله أشعر بغصة بقلبي حتى الآن، و لست معترضة على حكم الله سبحانه وتعالى ولكنني كلما أشاهد بيت الله الحرام بمكة المكرمة بشاشة التلفزيون فلا أتمالك نفسي من البكاء، فأرجوك شيخنا الفاضل أنصحني ما علي فعله أخاف أن يكون علي غضب من الله سبحانه وتعالى لاقدر الله يكون سبباُ في منعني من زيارة بيت الله رغم أنني الحمد لله محجبة ومحافظة على صلاتي وبارة بوالدي والحمد لله وأمي توفيت رحمها الله وهي راضية عني والحمد لله، وللعلم يا شيخنا الفاضل أنا كنت ناوية أعتمر لأحباب لي فقد كنت ناوية أعتمر عمرة وأهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل يجوز لي ذلك؟ وكنت ناوية أيضا إن أهدي أمي رحمها الله وجدي رحمه الله، فهل يا فضيلة الشيخ احتسبت لي عند الله سبحانه وتعالى؟ وهل وصلت مني لأصحابها؟
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال ( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم). قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال (وهم بالمدينة حبسهم العذر) فاصبري واحتسبي واعلمي أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع أجر عملك ونيتك فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك فمن همَّ بالحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة، ومن عملها كتب الله له بها عشراً إلى سبع مائة ضعف وأضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة ولم يعملها كتب الله له بها حسنة كاملة، ومن همَّ بها فعملها كتب الله عليه سيئة واحدة »(رواه مسلم في الصحيح). ولا حرج عليكِ أن تعتمري عن أمك وجدك إذا كانا لم يعتمرا عمرة الإسلام. وبما أنك عجزت عن الاعتمار لهما فاعلمي أن الله تعالى شرع أيسر الطرق للإحسان إليهما فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)(رواه مسلم)
فأكثري من الدعاء والاستغفار لهما، وأما العمرة للنبي صلي الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه فإنه لم يرد عن السلف وهذا أقرب إلى البدعة، فالواجب الوقوف عندما وقفوا عنده، فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، فالنبي صلى الله عليه وسلم غني عن أن توهب له الطاعات، وصحابته قد رضي الله عنهم، والمسلم الآن أحوج منهم لهذا الثواب، والذي ينبغي عمله هو ما أرشدنا إليه القرآن من الصلاة والسلام على خير الأنام، ومن الترحم على أصحابه، قال تعالى في حق النبي صلى الله عليه وسلم:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً](الأحزاب:56).
وقال في حق أصحابه: [وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ](الحشر:10).
وأكثر ما يفرح النبي صلى الله عليه وسلم إتباع سنته والسير على نهجه، وأكثر ما يحزنه ويغضبه الابتداع والانحراف عن شرعته، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنِّى فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَىَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّى، فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى ).نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لإتباع سنته والسير على منهجه. والله تعالى أعلم.