السؤال رقم (4073) : الفراغ من أسباب الهلاك
تعلمون حفظكم الله أن الإجازة على الأبواب وفيها يفرغ الطلاب والطالبات من دراستهم فما توجيهكم في هذه المناسبة للآباء والأبناء والبنات جزاكم الله خير الجزاء ؟
الرد على الفتوى
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالفراغ سم قاتل وداء مهلك ومرض فتاك، والفراغ مفسدة للعقل ومصيدة للشيطان وفي أحضان الفراغ تولد الضلالات وتنشأ الشبهات وتحدث البطالة، وصدق القائل:
إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
والفراغ نعمة لمن شغله بالخير وسيره بالطاعة ولذا عده الرسول صلى الله عليه وسلم نعمة يغبن فيها كثير من الناس فقال: {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ} رواه البخاري.
ولذا فبعض الناس يسير بلا هدف ويمشي بلا هدي ويضيع وقته بلا فائدة والله سائله عن كل دقيقة وثانية وصدق الله العظيم : َفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ المؤمنون:115-116
المؤمن الصادق لا يضيع وقته إلا بالخير والطاعة فحياته كلها لله قال الله تعالى: ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الأنعام : 162-163
ووصيتي لإخواني أولياء الأمور والطلاب والطالبات أن يعلموا جيداً أن الشباب هم قلب الأمة النابض وعقلها المفكر وهم زينة الحاضر وأمل المستقبل تعلق عليهم الآمال في بلادهم بعد الله، وعلى قدر وعي الشباب وصلاحهم وتمسكهم بشرع الله وبعدهم عن سفاسف الأمور بقدر ما تكون الأمة مهابة من أعدائها محروسة في ثغورها يذود شبابها عن حياضها.
ولذا جاء التوجيه النبوي الراشد لنموذج من الشباب حينما يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم خطابه لابن عمه ابن عباس قائلاً له : {احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله}
وهكذا ينبغي للآباء والأمهات أن يهتموا بتربية أبنائهم وبناتهم وتقوية إيمانهم وتوثيق صلتهم بخالقهم وتحصينهم بالعمل الصالح وغرس العلم النافع وتقوية السياج حولهم لئلا يتسلل الأعداء لهم من كل جانب.
على الآباء أن يوجهوهم لحلقات العلم وحفظ القرآن الكريم وحضور الدراسات العلمية التي ينهلون منها ولاسيما في أوقات الإجازة حيث الوقت المناسب وقلة الشواغل.
كما أن على الآباء والأمهات أن يختاروا لأبنائهم وبناتهم الجلساء الصالحين الذين يدلونهم على الخير ويثبتونهم عليه، وعلى كل أب وأم حريصين على مصلحة أولادهما أن يتابعا مسيرتهم ويبحثا في مشكلاتهم ويراقبا سلوكهم وتصرفاتهم فالذي يبنيه الوالدان في وقت طويل يهدمه قرناء السوء في أيام فليجتهد الآباء والأمهات وليحرص المربون على تنشئة الجيل على حب الفضيلة فالكل مسئول عن هذه الأمانة.
وإذا اؤتمنت على الأمانة فارعها
إن الكريم على الأمانة راعي
وبهذا المسلك الراشد يكون الأب والأم قدوة للآباء والبنات ويؤدي المسئولون عن الشباب دورهم بكل أمانة وهنا يتحقق موعود الله بحول الله: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ الطور: 21 .وقال تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ الرعد :23-24
وقال صلى الله عليه وسلم : {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع ومسئول عن رعيته والمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها في بيت زوجها}.
وفقنا الله لك خير وأصلح لنا ذرياتنا وجعلهم قرة عين لنا ونفع بهم الإسلام والمسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد .