السؤال رقم (4046) : حول قيادة المرأة للسيارة

نص الفتوى: فضيلة الشيخ.. عبد الله بن محمد الطيار.. وفقه الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: كثير من الفتيات يؤيدن قيادة المرأة للسيارة وبشدة ولهن في ذلك حجج أبرزها:
(1) أن المرأة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تركب الحمير والبغال والإبل، ولم يكن يعترض على ذلك (وهذه أبرز حجة).
(2) أن المطلقة والأرملة قد لا تجدان من يقضي لهما حوائجهما، فخدمتهما لنفسهما أفضل.
(3) عدم استبداد الرجل في الذهاب إلى أي مكان، بل الاعتماد على النفس.
ولأننا وجدنا أن هذا الأمر يشغل تفكير الفتيات والطالبات عرضنا على فضيلتكم أبرز الحجج التي نرجو منكم الإجابة عليها بأدلة مقنعة وشافية تقنع بها الطالبات؟
علماً بان الإجابة ستنشر في مجلة صادرة عن جماعة الصحافة من المدرسة الثانوية الثانية لتحفيظ القرآن الكريم، والله يحفظكم ويرعاكم.

الرد على الفتوى

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ج1: فإن ما يدور حول موضوع قيادة المرأة للسيارة يحتاج منا إلى وقفات مع أنفسنا وقفة جادة، وقفة نتحاكم فيها إلى أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى[فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ](النساء:59)، وعليه نقول: إن المرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقود الحمير والبغال والإبل ولكن لم تكن تحتاج إلى رخصة قيادة، ولا تصوير وجهها، ولا تحتاج إلى مراجعة رجال المرور لوقوعها في المخالفة، ولا تقف أمام محطة وقود لتعبئة حمارها، ولا تحتاج إلى الوقوف أمام نقطة تفتيش للتأكد من صحة حملها لرخصة قيادتها واستمارة سيارتها، وهكذا لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم من تركب حمارها لتذهب إلى الميكانيكي لإصلاح عطل فيه، ولا تقف على الطريق لإصلاح عجلة من عجلات حمارها، فهل يستوي ذلك مع ذاك؟ لا والله، ولكنها إرهاصات الذين لا يعلمون، أما الآن فقيادة المرأة ينبني عليها عدة أمور:
الأول: نزع الحجاب، لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال، وربما يقول قائل إنه يمكن أن تقود السيارة بدون نزع الحجاب بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداويين؟ والجواب على ذلك أن يقال: هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة واسألن من شاهدهن في البلاد الأخرى، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فلن يدوم طويلاً بل سيتحول في المدى القريب إلى ما كانت عليه النساء في البلاد الأخرى كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة.
ثانياً: نزع الحياء منها؛ والحياء من الإيمان كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحياء خلق كريم تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتن، ولهذا كانت مضرب المثل فيه، فيقال:(أحيا من العذراء في خدرها)، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها.
ثالثاً: أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت، والبيت خير لها كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت، ومتى شاءت، وحيث شاءت لأن معها مفتاح سيارتها فتركبها في أي وقت بليل أو نهار، وربما تبقى خارج البيت إلى ساعات متأخرة من الليل ولا يعلم بها أحد من أهلها، وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب فما بالك بالشابات.
خامساً: أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها، فلأدنى سبب يثيرها تخرج من البيت وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها.
سادساً: أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة منها:
عند استخراج رخصة قيادة لها فيتم تصويرها، ثم وضع صورتها على الرخصة أو في ملفها الخاص بها، ويطلع على ذلك العاملون في المرور، وأيضاً عند الوقوف في إشارات المرور، وعند محطات البنزين لتعبئة سيارتها، وعند نقاط التفتيش، وعند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث، أو الوقوف لإصلاح عطل بالسيارة، أو تعبئة إطار السيارة بالهواء، وهكذا.. فكل هذه المواقف وغيرها سوف تكون فتنة لها ولغيرها.
ولقد وضع العلماء رحمهم الله تعالى قواعد مبنية على نصوص الشريعة، ومنها في مسألة قيادة المرأة للسيارة:
القاعدة الأولى: أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم.
القاعدة الثانية: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ج2: أما موضوع المطلقة والأرملة أنهما لا تجدان من يقضي حوائجهما فهذا مناقض لما نعيشه في مجتمعنا ولله الحمد والمنة، فالجميع يقوم بخدمتهن والقيام بشؤونهن، وإن حصل تقصير في بعض الأحيان فهذا لا يبرر أن جميع النساء الأرامل والمطلقات لا يجدن من يقوم عليهن.
ج3: وأما استجداء الرجل في الذهاب إلى أي مكان تريده المرأة، فهذا مخالف لقول الله تعالى[وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى](الأحزاب:33)، وقوله صلى الله عليه وسلم: وبيوتهن خير لهن(رواه أبو داود )، والمرأة بنفسها عاطفية تريد تلبية طلباتها مباشرة ولا تصبر على رفض وليها وهذا راجع للمصلحة التي يراها وليها فهو أدرى بشؤونها، وربما يقسو بعض الأزواج أو بعض الآباء في هذا الأمر ولكن الغالب بفضل الله أن جميع النساء يخرجن إلى المتنزهات،أو البر،أو إلى زيارة الأهل والأقارب، أو زيارة الجيران، أو الخروج لشراء الأغراض التي يحتجنها، والرجل لا يتأخر عن أهل بيته في ذلك إلا إذا اعترته ظروف عمله، أو ظروفه الصحية، أو غير ذلك مما هو معروف.
وأقف هنا وقفة: إذا أبيح للمرأة قيادة سيارتها وأرادت الخروج في أي وقت خرجت لأنها تريد الخروج لضرورة أو لغير ضرورة، وهذا ينبني عليه مفاسد كثيرة والعياذ بالله.
وفي آخر كلماتي هذه أوجه نصيحتي لفتياتنا الكريمات الطاهرات العفيفات اللاتي تربين في أحضان شرعة رب العباد أن يتمسكن بدينهن، وأن يحرصن على ما ينفعهن في العاجل والآجل، فإنما هي أعمار تمضي، والمرأة الحصيفة العاقلة هي التي تحرص على ما يرضي ربها حتى تلقى ربها فيدخلها الجنة برحمته وفضله.
اللهم اهدي نسائنا واحفظهن من كل شر ومكروه وسوء، واجعلهن صالحات قانتات تائبات عابدات، وانفع بهن دينهن وأمتهن، وارفع درجاتهن في الجنان في صحبة خير الأنام صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.