السؤال رقم (4041) : الرسول صلى الله عليه وسلم غني أم فقير
نص الفتوى: فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد الطيار ـ حفظه الله ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سمعنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدق كثيراً حتى أنه صلى الله عليه وسلم ينفق أمواله شيئاً كثيراً ، وبجانب ذلك سمعنا أيضاً أن في بيت النبوة أحياناً ما وُجد طعام، وسؤالي: هل الرسول صلى الله عليه وسلم فقير أم أنه صلى الله عليه وسلم غني؟ أفيدونا مأجورين.
الرد على الفتوى
الإجابة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبعد: فقد ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، قال:إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده..(رواه الترمذي، وصححه الألباني في جامع الترمذي 5/608 برقم 3660)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مرمول بشريط تحت رأسه وسادة من آدم حشوها ليف، ما بين جلده وبين السرير ثوب، فدخل عليه عمر، فبكى؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا عمر؟ قال: أما والله ما أبكي يارسول الله إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على الله من كسرى وقيصر، فهما يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا، وأنت يارسول الله بالمكان الذي أرى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قلت: بلى يارسول الله، قال:فإنه كذلك(ذكره الألباني في تخريج الأدب المفرد 1/398 برقم 1163، وقال حديث حسن صحيح).
فهذان الحديثان وغيرهما من الأحاديث يدلان دلالة واضحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار الآخرة عن الدنيا، وقد خيّر بين أن يكون مَلِكاً أو يكون عبداً، فاختار أن يكون عبداً، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تأتيه خيرات كثيرة فكان لا يتركها بين يديه حتى يوزعها وينفقها في سبيل الله، ومواقفه صلى الله عليه وسلم معروفة لا تحتاج إلى إيراد، ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم وحرصه على طلب الآخرة أنه كان يعطي عطاءً من لا يخشى الفاقة، حتى أنه على كثرة ما يأتيه من الخير إلا أن بيته كان لا يوقد فيه نار حيث كان يعيش على الأسودين كما ورد ذلك عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول:والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار،قلت يا خالة:فما كان يعيشكم؟ قالت:الأسودان؛التمر والماء.. (رواه البخاري ومسلم). إذاً فرسولنا صلى الله عليه وسلم كان من أغنى الناس ولكنه كان زاهداً في الدنيا غير راغب فيها، وكان حريصاً على الآخرة راغباً فيها، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الجديدان الليل والنهار.
ونسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يعيننا على الإقتداء به، والتمسك بسنته، ونيل شفاعته، وأن يجمعنا به في دار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.