السؤال رقم (3955) : حول حكم حلق اللحية

نص السؤال: السلام عليكم ورحمة الله، تعلمنا في أصول الفقه أن جماهير العلماء تذهب إلى أن الأوامر في الآداب هي للندب والنواهي للكراهة. فإن كان كذلك، فلم يذهب جمهور العلماء المتقدمين إلى حرمة حلق اللحية أو وجوب إعفائها؟ جزاكم الله خيرا.

الرد على الفتوى

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمعلوم أخي الكريم أن الحكم الشرعي ينقسم إلى أقسام منها: قسم واجب، وقسم مندوب، والواجب يعتبر عند جمهور العلماء مرادف للفرض، وهو ما طُلب على وجه اللزوم فعله بحيث يأثم تاركه، وأما المندوب فهو ما طلبه الشارع فعله طلباً غير لازم، أو ما يثاب فاعله ولا يأثم تاركه، أو هو ما يمدح فاعله ولا يذم تاركه، أو هو الراجح فعله مع جواز تركه، وقد يسمى النافلة، والسنة، والتطوع، والمستحب، والإحسان.
ومعلوم أن معنى السنة: هي الطريقة المسلوكة في الدين، بأن سلكها النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح بعده، والسنة تشمل الواجب والمندوب والمباح، سواء في الأعمال أو الأقوال أو الاعتقادات، وعلى ذلك إذا وصف إعفاء اللحية بأنه سنة فالمقصود من ذلك المعنى الشرعي وهو الطريقة المحمودة، أي طريقة ونهج الرسول صلى الله عليه وسلم، أما صفته من الناحية الفقهية فهو واجب وليس بسنة.
والجمهور ذهبوا إلى أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب لغة وشرعاً ومن حيث العقل والنقل، فإذا ورد الأمر متجرداً عن القرائن اقتضى الوجوب. ولقد صرّح جمهور الفقهاء بتحريم حلق اللحية، وبعضهم نص على الكراهة، وهو حكم قد يطلق على المحظور لأن المتقدمين يعبرون بالكراهة عن التحريم، والمشهور في المذهب الحنفي تحريم حلق اللحية، وكذلك المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، فكلهم يقولون بالتحريم لما ورد فيه من النصوص الشرعية الواردة في الأمر بإعفائها، وهي أحاديث صحيحة صريحة تدل دلالة صريحة على التحريم.
وعلى ذلك فالعلماء المتأخرون ينهجون نفس نهج السابقين في التحريم، وأما قول بعض المتأخرين فهو رأي ضعيف لا يُعمل به، وهو مردود على من قال به للنص الشرعي الصحيح. وإذا أردت الاستزادة فعليك بالرجوع إلى أقوال المذاهب الأربعة وأقوال أهل العلم المتقدمين والمتأخرين. ووصيتي لك الحرص على الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، وخاصة فيما أمرنا فيه بالوجوب، وإياك وقاطعي الطريق الذين يريدون منك وأمثالك هجر سنة نبيهم وتركها وراءهم ظهرياً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.