السؤال رقم (2009) : حكم الوقوف على كلمة رب في قوله تعالى { فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب } . 2 / 10 / 1438
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ عبد الله بارك الله فيك قال الله تعالى: وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين. إذا قرأت يا شيخ عبد الله هذه الآية وتوقفت عند كلمة رب فهل أقول رب أو ربي بالياء.
وقال الله تعالى: وقيل من راق. وكذلك هذه الآية يا شيخ عبد الله إذا قرأتها وأوصلت من راق فهل أظهر (الإظهار) النون أو أدغمها (الإدغام) وهل معنى الكلمة في الوصل أو السكوت واحد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السائل: إبراهيم
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فأولاً: أما عن سؤالك حول الوقوف على كلمة رب في قوله تعالى { فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب }نقول بأن أصل الكلمة (يا ربي) والياء: حرف نداء وربي: رب مضاف والياء مضاف اليه، وحذفت الياء للإضافة فأصبحت (ربِ)
والقاعدة اللغوية هنا هي إذا كان الاسم المنادى للمتكلم وله ياء متكلم جاز حذفها والاستعاضة عنها بالكسرة وهذا موجود في كتاب الله كثيراً كما في قوله تعالى:
{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]. وقوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100]. وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم:4]. وقوله تعالى:
{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} [آل عمران: 41]. وقوله تعالى: {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10].
وهكذا فكل كلمة رب في هذه الآيات السابقة تقديرها (يا ربي) وحذف حرف النداء (يا) وهذا من الاساليب العربية أي جواز حذف حرف النداء.
وبناءً على ما ذكرناه فإنه إذا قام القارئ بالوقوف على كلمة (رب)فإنه يقف عليها بلا ياء بل يقرأها كما رسمت في المصحف (رَبِّ) أي باء مشددة .
هذا بخلاف ما جاء في كتاب الله مما جاء فيه ياءً كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: 22]. وقوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [القصص: 37] وقوله تعالى: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48]
فكلمه ربي في هذه الآيات وردت في سياق غير منادى ولهذا لم تحذف الياء منها وعليه يتعين عند الوقوف عليها إثناء القراءة إثبات حرف الياء.
ثانياً: أما عن سؤالك حول قوله سبحانه وتعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [القيامة:27]فنقول اعلم أيها السائل بأن مواضع السكت في القرآن وهي ما تسمى بــــ -السكتات الخفيفة- موجودة وعليها علامات في المصاحف، وهي معروفة عند القراء، ومن ذلك القراءة في هذه الآية: {وقيل مَنْ} سكتة خفيفة {راق} [القيامة: 27]، ومثلها: {كلا بل} سكتة خفيفة {ران} [المطففين: 14]، فمن يقول لابد من السكوت هنا قال لأننا إذا وصلنا {من راق} صار اللفظ (مَرّاق)، قال في التفسير: هو الذي يبيع المرق، أو يصنع المرق، فيوهم هذا المعنى، فينبغي أن يفصل بين الكلمتين، وإلا فالأصل أن الحكم التجويدي هنا الإدغام، نون ساكنة جاءت بعدها الراء.
كذلك قوله: {بل ران} يُسكت بعد {بل} ثم يقال: {ران}، قالوا: إنه يشعر أو يُفهم منه أو يَسمع السامع هذا (برّان) فيظنها تثنية (بَرّ) فقالوا: ينبغي أن يقف على {بل} ولا يصل بها {ران}. وعلى كل حال فرق بين الوقف والوصل الذي يفسد به المعنى، وبين ما لا يفسد به، فإن كان المعنى يفسد بالوصل فينبغي الفصل والوقوف. وإن كان المعنى يفسد بالوقف فينبغي الوصل وهذا علم معروف وهو ما يسمى بالوقف والابتداء.
والله أعلم. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمَّدٍ وعلى آله وصحبه.