2- البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق (رسالة دكتوراه)
2- البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق (رسالة دكتوراه) – pdf
البنوك الإسلامية
بين النظرية والتطبيق
(رسالة دكتوراه)
تأليف
أ.د عبدالله بن محمد أحمد الطيار
آية من القرآن
[اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([1]).
حديث من السنة
عن جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء)([2]).
كلمات صادقة
المصرف الإسلامي طوق نجاة الأموال غرقى في الحرم، فهي دولة بين الأغنياء تارة، وأضعاف مضاعفة من الربا على كواهل الفقراء تارة أخرى. والمصرف كذلك قارب انطلاق لأموال أخرى عاطلة يتحرج أصحابها من إيداعها في المصارف الربوية.
الافتتاحية
وتتضمَّن ما يأتي:
أولاً: خطبة الكتاب.
ثانياً: سبب اختيار موضوع البنوك الإسلامية.
ثالثاً: منهجي في البحث.
رابعاً: المخطط الإجمالي للكتاب.
الافتتاحية
أولاً: خطبة الكتاب:
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]([3])، والقائل في معرض الإرشاد والتهديد لعباده المؤمنين: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([4]).
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الذي لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه([5]). والقائل فيما يرويه سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: (رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا فقال: الذي رأيته في النهر آكل الربا)([6]).
فقد بعث الله رسله لتهدي البشرية وتبصرها بحالها وترسم لها طريق الواضح الذي لا نجاة لها ولا عز ولا استقرار إلاَّ بسلوكه. ولا شك أنَّ حاجةَ البشر إلى الرسالات السماوية حاجة ماسة لأنهَّم لا يعلمون كثيراً من المغيبات ولا يهتدون بعقولهم إلى ما فيه الخير والصلاح.
والشريعة الإسلامية خاتمة الهدايات الإلهية التي أنعم الله بها على الإنسان منذ استخلفه في الأرض، وأحكامها الكلية وقواعدها الأصولية تستطيع ـ في يسر وفي قوة ـ أنْ تشيد
للبشر بنياناً متكاملاً يعصمهم من كل فتنة ومن كل انحراف، ويصون مصالحهم الحقيقية من كل عبث وكل تشويه، بنياناً يقوم على أساس ثابت من العدل الشامل ومن الحق المبين، بنياناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا تزعزعه تيارات الأهواء الجامحة ولا النزاعات الزائفة عن سبيل الرشاد.
والإسلام ولا شك دين عبادة وعمل، وهو منهج كامل، نظَّم للمسلمين شئون دينهم، كما نظم لهم شئون دنياهم ومعاشهم، ومن ذلك المال والمعاملات التي تعتبر محور الجانب المعيشي في حياة الإنسان، والممارسة السلوكية في شئون المعاشر والمعاملات لصيقة الصلة بالجانب العبادي، وهي تتبادل معه التأثير والتأثر، ولهذا أولى الإسلام هذا الجانب عناية فائقة ورسم الخطوط العريضة لنظام إسلامي متكامل في شئون المال والمعاملات، وعلى طلاب العلم وقادة الفكر أن يطوعوا ما يسد من قضايا ومشكلات لهذا النظام، وهم واجدون فيه الحل الأمثل لكل ما يريدون.
يقول الشيخ مناع القطان: “وبعد.. فإن مهمة المسلمين إزاء ما يجد من مشكلات أن يطوعوا الحياة للإسلام لا أنْ يطوعوا الإسلام لمشكلات الحياة.
والاقتصاد الإسلامي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة الإسلامية ومفاهيم الإسلام عن الكون والحياة والإنسان، وهو جزء من الإسلام الذي ينظم شتى نواحي الحياة في المجتمع، فلا يجوز لنا أن نفصل الاقتصاد الإسلامي عن جوانب الإسلام الأخرى، ولا تستطيع الأمة الإسلامية أن تحقق أسباب السعادة والرفاهية إلاَّ إذا أخذت الإسلام كلا لا يتجزأ واحتكمت إليه في مختلف شعب الحياة، ولا ننتظر أنْ يحقق علاج شعبة منها أهداف الإسلام حتى نعالجها جميعاً، ويوم أنْ يطبق الإسلام في بيئة إسلامية تصوغ حياتها على أساس الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة، وجوداً وفكراً وكياناً، ويوم أن نقتطف من هذا أعظم الثمار”([7]).
ثانياً: سبب اختيار موضوع البنوك الإسلامية:
كنت أحد الحاصلين على درجة الماجستير في الفقه الإسلامي من المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولماَّ كانت لدىّ الرغبة الأكيدة في مواصلة البحث العلمي استخرت الله وبدأت أفكر في موضوع أتقدم به لنيل درجة الدكتوراه، وبعد تفكير طويل ومشاورة طلاب العلم ومدارسة الأمر مع القائمين على المعهد اهتديت إلى موضوع البنوك الإسلامية، ولعل أهم الأسباب التي دفعتني إلى الكتابة في هذا الموضوع ما يأتي:ـ
1ـ كنت شغوفاً بهذا الموضوع وحريصاً على الكتابة فيه قبل تسجيل رسالة الماجستير، ولكنَّ هذه الرغبة لم تتحقق حتى عقدت العزم على اختيار موضوع للدكتوراه، وبفضل من الله ثم تشجيع من أساتذة المعهد وتوجيه من بعض طلاب العلم في هذا البلد أقدمت على تسجيل هذا الموضوع.
2ـ الأمة الإسلامية غرقى في الربا وتتطلع إلى مَنْ ينقذها من هذا الوباء الخطير، وإسهاماً مني في تصحيح المسار الاقتصادي للأمة الإسلامية أقدمت على هذا الموضوع.
3ـ الربا حرب على الدين والأخلاق، وهو نار تأكل الأخضر واليابس، ولا بدَّ لهذه النار حتى تُطفأ من سيل متدفق تمده جداول ثرّة، وهذه الجداول في نظري هي البنوك الإسلامية، ولهذا أقدمت على هذا الموضوع.
4ـ البنوك الربوية وباء من أوبئة وجراثيم الاستعمار، لأنَّ الغرب حين زحف بجيوشه إلى البلاد الإسلامية كان في علمه أنهَّ لن يبقى طويلاً، ولهذا حرص على أنْ يواكب الاستعمار العسكريَّ استعمار ثقافيُّ، وكانت البنوك الربوية إحدى ملامح هذا الاستعمار، ومساهمة مني في اقتلاع هذه الجرثومة الخطيرة من البلاد الإسلامية كتبت في هذا الموضوع.
5ـ شريعة الله حاكمة للناس، وفيها السعادة للبشر في كل زمان ومكان، وفيها الحل الجذري لكل مشاكل المجتمع وأدوائه، ومنها داء الربا، ولكنَّ الأمر يتطلبُ رجالاً يكونون في مستوى المسؤولية يرسمون الطريق ويحلون المشكل، ومحبة في المساهمة في إيجاد الحل كان هذا البحث.
6ـ البنوك الإسلامية القائمة تدور حولها علامات استفهام من صنفين من الناس:
أ ـ المخلصون من المسلمين يريدون الحقيقة.
ب ـ الأعداء الذين يتقصَّون الشخصية الإسلامية يريدون التشكيك في صلاحية هذه البنوك وقدرتها على الثبات في عالم الواقع.
7ـ بعض الناس يحاول تبرير الواقع المعاشي، ويتلمس الأعذار للتعامل مع البنوك الربوية في المعاملات، وهؤلاء سقطت حجتهم الواهية بقيام البنوك الإسلامية ولله الحمد، يقول المستشرق س. أ . إرشاد: “إنَّ النظام الاقتصادي المعفي من الفائدة الموضوعة صيغته منذ ثلاثة عشر قرناً ليس نظاماً رأسمالياً ولا شيوعياً ولكنهُ يتحلى بما في هذه من حسنات ويقف كمخرج وحيد للتوازن بين الاثنين لخلق مجتمع إنساني يسود التوازن”([8]). ومساهمة مني في قطع الطريق على هؤلاء كان الإقدام على هذا البحث.
8ـ معظم من كتب عن البنوك الإسلامية كتب بروح الحماس لشرح الفكرة وبيان نجاحها، أمَّا عن الملاحظات عليها ومحاولة تصحيح ما تقع فيه من أخطاء فلم أطلع على شيء يذكر له بال.
9ـ وأخيراً فإنَّ الناس حيال فكرة البنوك الإسلامية أربعة أصناف:
أ ـ صنف من المتحمسين لها الذين حرصوا على تطبيق النظرية الاقتصادية الإسلامية وعملوا جاهدين ليروها قائمة على صعيد الواقع، ولو كان فيها بعض السلبيات، المهم أنْ تقوم على قدميها ويكون إطارها العام الاحتكام إلى شرع الله.
ب ـ صنف آخر من المتحمسين أيضاً حرصوا على قيام البنوك الإسلامية، ولكنهم يرون المطبق منها درجة أقل مما ينبغي أن يكون، والبنوك الإسلامية القائمة في نظرهم تحتاج إلى شيء من إعادة النظر في بعض معاملاتها. وهذان الصنفان أقر الله عيونهم بادئ ذي بدء بقيام البنوك الإسلامية ومحاولاتها جاهدة أن تسير على الخط السليم وإن كانت لم تصل إلى نهايته بعدُ.
ج ـ صنف من طلاب العلم لم يقتنعوا بفكرة البنوك الإسلامية، وحينما تسألهم عن السبب يقولون إنَّ هذه البنوك عملية ترقيع لا تفيد شيئا، وإذا سألتهم عن البديل لما تعانيه الأمة الإسلامية من انغماس في الربا وتهالك عليه لا تجد عندهم جواباً.
د ـ وصنف من الناس هم أعداء لفكرة البنوك الإسلامية منذ بداية طرحها على صعيد الواقع، وهذا الصنف يحاول جاهداً التشكيك في صلاحية هذه الفكرة أنها خطوة عقيمة لن تجدي شيئا.
ورغبة في بيان الحق لهؤلاء الأصناف الأربعة ومساهمة مني في تصحيح الأوضاع القائمة أقدمت على الكتابة في هذا الموضوع.
ثالثاً: منهجي في البحث:
سلكت في بحثي المنهج التالي:
1ـ حرصت على الدليل من الكتاب والسنة بقدر المستطاع.
2ـ إذا كان الحديث في البخاري ومسلم أو في أحدهما اكتفيت بعزوه إلى الصحيحين، وأما إن كان في غيرهما فإني اجتهدت في بيان كلام العلماء فيه حتى يتبين إمكانية الاحتجاج به أو رده.
3ـ عندما تحدثت عن قضية الربا وبعض العقود الشرعية حرصت على تأصيل المسائل والاعتماد على أمهات كتب الفقه بقدر ما أستطيع.
4ـ في المسائل الخلافية حرصت على الموازنة بين المذاهب الأربعة وأحياناً أذكر رأى الظاهرية وأورد أدلة الفقهاء وأناقشها على ضوء ما فهمته من النصوص.
5ـ حرصت على ذكر ما يترجح لي في كل مسألة خلافية تعرضت لها وعززت ما رجحته بالدليل فإن لم يتيسر فبالتعليل في حدود ما فهمته من أقوال أهل العلم وأدلتهم.
6ـ عندما تحدثت عن البنوك الإسلامية القائمة حرصت على أن أعتمد على نظمها الأساسية ولوائح إنشائها وما كتبه القائمون عليها عنها.
7ـ عندما تحدثت عن وظيفة البنوك الإسلامية حرصت على تكييفها من الناحية الشرعية وبيان ما يظهر لي حول إمكانية قيام البنك الإسلامي في أي نوع من التعامل ذكرته أو عدم إمكانية ذلك مستفيداً مما كتبه المعاصرون حول هذه المواضيع.
8ـ حاولت بيان الملاحظات على البنوك الإسلامية وهذه الملاحظات أعتبر نفسي مسئولاً عنها مسئولية كاملة.
9ـ لم أتعرض في بحثي للتأمين لأمرين:
أ ـ لأني لا أشك في حرمة جميع أنواع التأمين وأرى أنَّ البديل هو التأمين التعاوني الذي عملت به بعض الشركات الإسلامية للاستثمار، وقد تحدثت عن بعض أنواعه بإيجاز أثناء الكلام عن الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي.
ب ـ لأن هذا الموضوع قتل بحثاً في العديد من المؤلفات الحديثة والمؤتمرات العامة على مستوى البلاد الإسلامية.
رابعاً:ـ المخطط الإجمالي للكتاب:
لقد ارتضيت في بحثي ـ بحول الله وتوفيقه ـ المخطط التالي:ـ
يتكون البحث من مقدمة وسبعة أبواب وخاتمة تفصيلها كالتالي:
المقدمة (الاقتصاد الإسلامي بين النظم الأخرى)
الباب الأول: البنوك الربوية:
ويشتمل على فصلين
الفصل الأول: البنوك تعريفها ونشأتها ووظيفتها وأنواعها، وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: البنوك تعريفها ونشأتها.
المبحث الثاني: وظيفة البنوك.
المبحث الثالث: أنواع البنوك.
الفصل الثاني: الربا، وتحته ستة مباحث:
المبحث الأول: تعريف الربا وأنواعه.
المبحث الثاني: أدلة تحريم الربا.
المبحث الثالث: اتجاهات العلماء في تحديد منطقة الربا.
المبحث الرابع: حكمة تحريم الربا.
المبحث الخامس: شبه القائلين بحل الربا والرد عليه.
الباب الثاني: البنوك الإسلامية
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها وخصائصها، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها.
المبحث الثاني: خصائص البنوك الإسلامية.
الفصل الثاني: إسهام البنوك الإسلامية في التصحيح الإسلامي للمسار الاقتصادي، وتحته مبحثان:
المبحث الأول: تخليص البلاد الإسلامية من التبعية الاقتصادية.
المبحث الثاني: تجميع فوائض رؤوس الأموال واستثمارها.
الباب الثالث: مصادر الأموال والعقود الحاكمة للتعامل المصرفي في البنوك الإسلامية
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: مصادر الأموال في البنوك الإسلامية:
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: المصادر الداخلية للأموال في البنوك الإسلامية.
المبحث الثاني: المصادر الخارجية للأموال في البنوك الإسلامية.
الفصل الثاني: العقود الحاكمة للتعامل المصرفي في الإسلام:
وتحته سبعة مباحث:
المبحث الأول: عقد الوديعة.
المبحث الثاني: عقد الإجارة.
المبحث الثالث: عقد القرض.
المبحث الرابع: عقد الحوالة.
المبحث الخامس: عقد الشركة.
المبحث السادس: عقد الوكالة.
المبحث السابع: عقد الضمان.
الباب الرابع: وظيفة البنوك الإسلامية:
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: الخدمات التي تقوم بها البنوك الإسلامية:
وتحته عشرة مباحث:
المبحث الأول: الودائع.
المبحث الثاني: الأوراق التجارية.
المبحث الثالث: الاعتماد المستندي.
المبحث الرابع: خطابات الضمان.
المبحث الخامس: التحويلات المصرفية.
المبحث السادس: تأجير الصناديق الحديدية.
المبحث السابع: إدارة الممتلكات والتركات والوصايا والزكاة.
المبحث الثامن: بيع الأسهم والسندات والعملات الأجنبية.
المبحث التاسع: عملية الاكتتاب وحفظ الأوراق المالية.
المبحث العاشر: القروض.
الفصل الثاني: الاستثمارات في البنوك الإسلامية.
وتحته خمسة مباحث:
المبحث الأول: التكاليف التي تحكم استثمار الأموال في الإسلام.
المبحث الثاني: الأسس التي يقوم عليها استثمار رأس المال في الإسلام.
المبحث الثالث: أشكال الاستثمار في البنوك الإسلامية.
المبحث الرابع: تكييف العلاقة بين المستثمرين والبنك الإسلامي.
المبحث الخامس: أهداف الاستثمار الإسلامي.
الباب الخامس: البنوك الإسلامية في تجاربها الأولى
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: بنوك الادخار.
وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: التفكير في إنشائها وكيف تم قيامها بعملها.
المبحث الثاني: الأعمال التي تقوم بها بنوك الادخار.
المبحث الثالث: العقبات في طريق بنوك الادخار وأسباب توقف هذه البنوك.
المبحث الرابع: الآثار التي خلفتها بنوك الادخار.
الفصل الثاني: البنك الاجتماعي الإسلامي:
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نشأة البنك وأهدافه.
المبحث الثاني: رأس مال البنك وموارده.
المبحث الثالث: أوجه نشاط البنك.
الفصل الثالث: بنك التنمية الإسلامي:
وتحته ستة مباحث:
المبحث الأول: نشأة البنك.
المبحث الثاني: أهداف البنك ووظائفه.
المبحث الثالث: عضوية البنك.
المبحث الرابع: مصادر البنك المالية.
المبحث الخامس: هيكل البنك الإداري.
المبحث السادس: الطابع الدولي للبنك.
الباب السادس: البنوك الإسلامية بعد تجاربها الأولى
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: بنك دبي الإسلامي:
وتحته ثلاثة مباحث
المبحث الأول: نشأة البنك.
المبحث الثاني: الخدمات التي يؤديها بنك دبي الإسلامي.
المبحث الثالث: مقارنة بين ميزانيتي البنك في سنته الأولى والثانية.
الفصل الثاني: بنوك فيصل الإسلامية.
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: بنك فيصل الإسلامي المصري.
المحث الثاني: بنك فيصل الإسلامي السوداني.
المبحث الثالث: مقارنة بين ميزانيتي البنك في ينته الأولى والثانية.
الفصل الثالث: بيت التمويل الكويتي:
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نِشأة بيت التمويل الكويتي.
المبحث الثاني: الأعمال المصرفية والاستثمارية التي يقوم بها بيت التمويل الكويتي.
المبحث الثالث: الوضع المالي لبيت التمويل الكويتي في سنتي 1978م ـ 1979م.
الباب السابع: الخطط الجديدة للبنوك الإسلامية
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: المشاريع الجديدة للبنوك الإسلامية.
وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار.
المبحث الثاني: بنك البحرين الإسلامي.
المبحث الثالث: الشركات الإسلامية للاستثمار.
المبحث الرابع: دار المال الإسلامي.
الفصل الثاني: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نشأة الاتحاد.
المبحث الثاني: الأجهزة العاملة في الاتحاد.
المبحث الثالث: الإنجازات التي حققها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
الفصل الثالث: ملاحظات عامة حول البنوك الإسلامية.
وتحته سبعة مباحث:
المبحث الأول: المآخذ على البنوك الإسلامية القائمة.
المبحث الثاني: البنك الإسلامي البديل.
المبحث الثالث: علاقة البنك الإسلامي بالبنوك الربوية.
المبحث الرابع: شبه ومعوقات حول البنك الإسلامي وردها.
المبحث الخامس: عوامل نجاح البنك الإسلامي.
المبحث السادس: إلى الرعاة والرعية(كيف يتم تصحيح أوضاع البنوك الربوية القائمة؟)
المبحث السابع: أمل تحقيق هذا وإن ما قدمته في بحثي هذا هو جهد البشر الذي يسري عليه الخطأ ويكتنفه النقصان وغير خافٍ أن قدرة البشر محدودة وأنهم مجبولون على النقص المستمر، إذا الكمال لله عز وجل، وما أجمل تلك العبارة المأثورة عن عماد الدين الأصفهاني في بعض ما كتبه حيث قال: “إنِّي رأيت أنَّه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم الصبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر”([9]).انتهى. ﷺ
وما ورد عن المزني حيث قال: “قرأت على الشافعي كتاب الرسالة ثمانين مرة، وفي كل مرة أقرأه يغير ويبدل، وأخيراً قرأ قوله تعالى: [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً]([10])“ ([11]).
وإنَّ من أعظم الأسباب التي دفعتني للجد والمثابرة والعمل الدائب المتواصل والنظر في بطون الكتب والسفر داخل المملكة وخارجها هو تشجيع شيخنا الفاضل فضيلة الشيخ مناع خليل القطان الذي كان وراء هذا المجهود يشحذ الهمة ويشد العضد ويرسم الطريق ويحل المشكل، فجزاه الله عني خير ما يجزي عباده الصالحين، كما لا يفوتني أن أشكر كل من مدّ لي يد العون سواء عن طريق المشورة في النواحي العليمة أو بإعارتي بعض الكتب من مكتباتهم الخاصة فجزاهم الله عني خير الجزاء.
وأخيراً أيها القارئ:
إذا رأيت عيباً فسد الخللا *** جلا من لا عيب فيه وعلا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الباحث
عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
مدينة الزلفي في 14/ 8/ 1401هـ
المقـدمــة
(الاقتصاد الإسلامي بين النظم الأخرى)
(الشيوعية والرأسمالية)
يستطيع الباحث في النظم الاقتصادية المعاصرة أنْ يقسمها إلى ثلاثة أقسام هي كالتالي:
1ـ النظام الرأسمالي.
2ـ النظام الشيوعي.
3ـ النظام الإسلامي.
وسنتحدث عن كل واحد منها بإيجاز ليتبين الفرق الشاسع بين النظم الوضعية والنظام الإسلامي الذي نزل من عند خالق البشرية العليم بمصالحهم في العاجل والآجل، وليتبين لنا مدى حاجة البشرية إلى النظام الإسلامي بعد أن جربت النظم الوضعية وذاقت منها الويلات وصنوف العذاب، وزادتها تأخرا وانحطاطا إلى الهاوية.
النظام الرأسمالي:
يقوم بناء النظام الرأسمالي على النظرية التالية: ـ
أ ـ الفرد هو المالك الوحيد لما يكتسب سواء اكتسبه بالطرق المشروعة، أم غير المشروعة، إذ لا فرق في النظام الرأسمالي بين البيع والربا.
ب ـ للفرد أن يتصرف فيما يملكه وفق ما يشاء دون قيد أو شرط.
ج ـ للفرد أن يحتكر ما تصل إليه يده من وسائل الإنتاج مهما كثرت وتنوعت.
د ـ للفرد أن يصرفها في الوجوه التي تعود عليه بالمنفعة، ولا يلزم بصرفها في وجوه لا تعود عليه بالمنفعة أو تكون المنفعة فيها قليلة. وإذا نظرنا إلى هذه النظرية من وجهة النظر الاقتصادية رأيناها تستلزم اختلال التوازن بين الأفراد، وتجمع وسائل الإنتاج عند طائفة تكون بأيديها الأموال الطائلة التي تحتكرها، وذلك على حساب الطائفة الأخرى.
وهنا يظهر في المجتمع طبقتان لا ثالثة لها: طبقة المتمولين أصحاب الثراء والجاه، والطبقة الثانية طبقة الفقراء.
وبناء على هذه النظرية تنعدم في المجتمع روح التعاطف والتعاون، وتسود الأنانية في طبقة المرابين وملاك المصانع الذين يتحكمون في الأموال الطائلة، وذلك كله على حساب طبقة الفلاحين والعمال الذين لا حول لهم ولا طول، وليس لهم أمام أصحاب الثراء إلا الخشوع والخضوع والعيشة النكدة في مجتمع يزعم أنه بلغ القمة في الرقى والمدنية. وفي هذه الحالة لا مفر للمعوزين من إحدى طريقين.
الأولى: ملء بطونهم عن طريق ارتكاب الجرائم من قتل وسرقة وربا.
الثانية: الخلاص من هذه الحياة بالانتحار بأي وسيلة من وسائله الشائعة لدى الغرب.
النظام الشيوعي:
يقوم النظام الشيوعي على النظرية التالية:
أ ـ وسائل الإنتاج حق مشترك بين أفراد المجتمع ولا حق للأفراد بصفتهم الفردية أن يملكوا شيئا منها ويتصرفوا فيها حسب رغباتهم.
ب ـ المجتمع يهيأ للأفراد مرافق العمل، وهم يقومون بأعمالهم على الوجه المطلوب منهم.
ج ـ لا وجود في هذا النظام للملكية الشخصية فضلا عن أنه لا يحق للفرد جمع الأموال وتوظيفها في المجالات التي عليه الأرزاق.
د ـ لا وجود في النظام الشيوعي للربا ولا تستسيغ المبادئ الشيوعية أي شكل من أشكاله، إذ هي تستأصل جمع الأموال الذي هو أصل للربا.
ولكننا نجد الشيوعية تتراجع يوما بعد يوم عن هذه المبادئ وتسير في ركب الرأسمالية وخصوصاً في إباحة الربا، إذ أجازت الأنظمة الشيوعية للفرد الذي يزيد راتبه عن حاجته أن يوظف أمواله في المصارف لتدر عليه الأرباح.
وبهذا العرض لهذين النظامين نجد أنهما على طرفي نقيض، فالنظام الرأسمالي يجعل الفرد المتملك هو كل شيء في المجتمع، ويهمل الأغلبية الساحقة الذين لا يملكون رءوس المال، ويوجد الضغائن بين هذين الصنفين. ولا يوجب بأي حال من الأحوال ومهما بلغت درجة الفقر والعوز عند بعض الفقراء على أصحاب رءوس المال شيئا في أموالهم، بل لا يحبب إليهم الإنفاق، وإنَّما يذكي في نفوسهم حب الذات وتكديس المال.
وعلى النقيض من هذا النظام يأتي النظام الشيوعي الذي يلغي جانب الفرد نهائياً ويحاول أن ينعش جانب المجتمع ولكن بوسيلة فاسدة تقضي على روح العمل عند الأفراد وتجعلهم كالآلات يسخرهم الحكام الشيوعيون لنيل مقاصدهم في جمع الأموال الطائلة.
ولذا نجد النظام الشيوعي يستعمل في تطبيق مبادئه الحديد والنار. وقل أن تتقبل المجتمعات هذا النظام إلاَّ بعد العنف الشديد وإراقة الدماء وسحق الملايين.
وكلا هذين النظامين لا يتفق مع فطرة البشر لأنهما يقومان على الظلم والعسف والإرهاب وتحكم بعض الأفراد على حساب الكثرة الكاثرة من المحرومين. وهنا لا ينسى الفقراء والمحتاجين، بل يفرض لهم حقا معلوما في مال إخوانهم الأغنياء وهذا هو نظام الإسلام.
النظام الإسلامي:
يقوم النظام الإسلامي على المبادئ التالية:ـ
أ ـ يمنح الفرد حقه في الملكية الخاصة.
ب ـ يمنح الفرد حقه في التصرف بماله بأي نوع من أنواع التصرفات التي تدر عليه
الأرباح ما دام هذا التصرف يتمشى مع روح الشريعة الإسلامية ووسائل الكسب المشروعة.
ج ـ يوجب الإسلام حقا معينا في مال الأغنياء يكون عونا لإخوانهم الفقراء.
د ـ يحث الإسلام الأغنياء على الاتفاق في وجوه البر المختلفة ويعدهم بالأجر الجزيل من الله.
وهذه المبادئ تكفل السعادة لجميع أفراد المجتمع. فلا تجتمع الثروة في يد الملاّك الذين يمتصون دماء الفقراء بل تنتقل هذه الثروة بين أفراد المجتمع ويستفيد منها الجميع.
يقول الأستاذ المودودي: (فنظرية الإسلام الاقتصادية بكلمات مختصرة هي أن الرابطة بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة وثيقة من حيث فطرتهما فمن الواجب أن تكون بينهما الموافقة والمعاونة لا المزاحمة والمصارعة)([12]).
وقد لخص الأستاذ محمد المبارك النظام الاقتصادي([13]) بأمور التالية:ــ
1ـ بناء النظام على أسس اعتقادية قائمة على تصور عام للوجود والإنسان.
2ـ استهدفه لأهداف أخلاقية بدلا من هدف الإنتاج والربح المادي.
3ـ بناء النظام على تشريع مبني على قواعد كلية وأهداف اجتماعية واضحة. ومقترن بتأييد السلطة بالإضافة إلى وازع الدين والضمير.
4ـ بناء هذا التشريع على أساس العدالة وتكافؤ الفرص، وعلى أساس التعاون والتكافل العام.
5ـ بناؤه على أساس التوازن بين حرية الفرد ومصلحة المجتمع.
الباب الأول
البنوك الربوية
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: البنوك تعريفها ونشأتها ووظيفتها وأنواعها.
الفصل الثاني: الربا
الفصل الأول
البنوك: تعريفها ونشأتها ووظيفتها
وأنواعها
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: البنوك تعريفها ونشأتها.
المبحث الثاني: وظيفة البنوك.
المبحث الثالث: أنواع البنوك.
المبحث الأول: البنوك وتعريفها ونشأتها
وتحته مطلبان:
المطلب الأول: تعريف البنوك.
المطلب الثاني: نشأة البنوك.
المطلب الأول: (تعريف البنوك)
البنوك جمع بنك، وهي لفظة إيطالية ويقابلها بالعربية المصارف، وهي جمع مصرف ـ بكسر الراء، وهو في اللغة مأخوذة من الصرف، وهذه الكلمة اسم مكان على وزن مفعل، ويقصد بها المكان الذي يتم فيه الصرف. ومن هنا كان وجه التناسب في تسمية البنك مصرفاً.
قال أصحاب المعجم الوسيط: (البنك مصرف المال)([14]) وقالوا في موضع آخر: (المصرف مكان الصرف وبه سمّي البنك مصرفاً)! ([15]).
وقال صاحب الموسوعة العربية الميسرة(مصرف أو بنك، تطلق هذه الكلمة بصفة عامة على المؤسسات التي تتخصص في إقراض واقتراض النقود عصب النظام الائتماني، لأن النسبة الساحقة من الإقراض والاقتراض لا تتم مباشرة بين صاحب النقود ومن يرغب في استخدامها بل عن طريق المصارف) ([16]).
وقال في دائرة معارف الناشئين: (بنك ـ مصرف: هو مكان يحفظ فيه الناس أموالهم في أمان، ويستردونها حين يحتاجون إليها)([17]).
ولفظ البنك مأخوذ من الكلمة الإيطالية ـ بانكو ـ أي مائدة، إذ كان الصيارفة في القرون الوسطى يجلسون في الموانئ والأمكنة العامة للاتجار بالنقود ـ الصرف ـ وأمامهم مناضد عليها نقودهم تسمّى ـ بانكو ـ بالإيطالية ونقلت إلى العربية ثم حصل توسع في الاستعمال حتى صارت كلمة (بنك) تدل على ما يتصل بجميع عطيات البنوك التي تزاولها الآن ولم يقتصر على الصرف([18]).
تعريف الصرف عند الفقهاء:
الصرف هو (بيع النقد بالنقد)([19]).
وعرفه صاحب تبين الحقائق بأنه (بيع الأثمان بعضها ببعض أو جنسا بجنس أو بغير جنسه كالذهب والفضة إذا بيع أحدهما بالآخر أو بيع بجنسه)([20]).
وعرفه صاحب المغني بأنه (بيع الأثمان بعضها ببعض)([21]).
وسمي هذا النوع من البيع صرفا إما لأن التاجر يطلب الفضل منه عادة لما يرغب في عين الذهب والفضة، وإما لاختصاصه برد البدل ونقله من يد إلى يد.
وقيل سمي هذا البيع بالصرف لصرف النقدين وهو التصويت في الميزان.
وقيل لانصراف هذا البيع عن مقتضى البياعات من عدم جواز التفرق قبل القبض([22]).
والمقصود بالنقد والأثمان الذهب والفضة وما يلحق بهما، فمتى أراد الشخص بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة أو الدينار بالدينار أو الدرهم بالدرهم جاز له ذلك شريطة أن يكون البيع مثلا بمثل يداً بيد لقوله ص فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا([23]) بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق([24]) بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز)([25]).
شروط الصرف:
أخذ العلماء من الحديث السابق شروط الصرف الخاصة([26]) به فذكروا أن له أربعة شروط هي:
1ـ التقابض في المجلس قبل اقتراض المتصارفين فإن افترق المتصارفان بأبدانهما قبل قبض العوضين أو أحدهما بطل العقد منعا من الوقوع في ربا النسيئة لما روي عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص (الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل يداً بيد)([27]).
قال ابن المنذر( أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد)([28]).
2ـ التماثل في البدلين إذا كالبدلان من جنس واحد كفضة بفضة أو ذهب بذهب لقوله ص في حديث عبادة السابق(الذهب بالذهب مثلا بمثل). .
3ـ الحلول فلا يصح أن يبيع ذهباً بذهب أو فضة بفضة أو ذهبا بفضة مع تأجيل قبض البدلين أو أحدهما لأن قبض كل واحد من العوضين مستحق قبل الافتراق، والأجل يؤخر القبض لقوله ص في حديث أبي سعيد الخدري(ولا تبيعوا منها شيئاً غائبا بناجز)([29]).
4ـ ألا يكون فيه خيار شرط لأن القبض في هذا العقد شرط، وخيار الشرط يمنع ثبوت الملك أو تمامه وذلك يخل بالقبض([30]).
وقال ابن الرشد في المقدمات (وباب الصرف من أضيق أبواب الربا فالتخلص من الربا على من كل عمله الصرف عسير إلا لمن كان من أهل الورع والمعرفة بما يحل ويحرم منه قليل ما هم)([31]).
المطلب الثاني: (نشأة البنوك)
سنتحدث في هذا المطلب عن الأمور التالية:
1ـ بدء معرفة الأعمال المصرفية.
2ـ العمل المصرفي في القرون الوسطى.
3ـ مولد البنوك المنظمة.
4ـ البنوك في البلاد الاشتراكية.
5ـ النشاط المصرفي عند العرب قبل الإسلام.
6ـ النشاط المصرفي في العالم الإسلامي.
(1) (بدء معرفة الأعمال المصرفية)
بدأت معرفة الأعمال المصرفية من عهود بعيدة في ماضي العصور والأزمان، وفي ظلال عدد من الحضارات القديمة، ولكننا لا نستطيع أن نحدد نقطة البداية لولادة العمل المصرفي غير أن القرائن توضح أن الحاجة لهذا النوع من الأعمال قد تطورت تبعاً لاستعمال النقود كوسيط في المبادلات، وذلك مع بدء الزراعة المنظمة والصناعة والتجارة.
يقول الدكتور غريب الجمال: (دلت الحفريات الأثرية على أن السومريين الذين كانت منطقتهم بجنوب بلاد الرافدين([32]) مهد الحضارة تمتد إلى ما يقرب من أربعة وثلاثين قرنا قبل الميلاد، قد عرفوا ألوانا من النشاط المصرفي الذي باشرته معابدهم المقدسة، والتي كان من أشهرها المعبد الأحمر([33]).
كما اكتشفت هذه الحفريات أيضاً في منطقة بابل التي قامت فيها الحضارة البابلية على أنقاض الحضارة السومرية ـ كتابات أثرية ترجع في تاريخها للقرن العشرين قبل الميلاد.
وقد ساعدت هذه الكتابات المكتشفة على إمكان تعرف بعض جوانب أوجه النشاط المصرفي في تلك العهود)([34])، ويلاحظ أن العمل المصرفي في هذه الحقبة مرتبط بالمعابد، والتي كانت تمتلك رءوس الأموال الضخمة ولها الملكيات الواسعة والموارد الدائمة، وذلك لأن المعابد هي أنسب الأماكن التي يحفظ فيها الناس أموالهم، إذ هي ستقدم لهم حساباً دقيقاً، وستكون محلاً أمنياً بالنسبة للأمانات.
وقد سار النشاط المصرفي عند الإغريق والرومان على ما كان معروفاً عند البابليين. وقد نشر الرومان العمل المصرفي في أكثر أرجاء العالم القديم نظراً لاتساع نفوذهم، فبلغ النشاط المصرفي قمته في القرنين الأول والثاني الميلاديين، وسار من حسن إلى أحسن حتى أصيبت الحضارة الرومانية بالانهيار الاقتصادي، وذلك في أخريات القرن الخامس الميلادي.
قال الأستاذ محمد فريد وجدي: (وقد كان عند الرومانيين الأقدمين نوعان من الصيارفة: الصنف الأول كانت وظيفتهم استلام الأمانات بربح وبغير ربح، وكانوا بذلك وسطاء الشارين([35]) في المبيعات العامة وبالجملة، فكانت وظيفتهم الاتجار باسم مودعيهم النقود وإرباح ذلك المال المودع بكل الوجوه الممكنة، وأمَّا الصنف الثاني فكانوا مكلفين من قبل الحكومة بإقراض الأهلين نقوداً بضمانات قوية وقد تأسس هذا الصنف الأخير سنة (352) ق. ملما أبهظ أصحاب الأموال كواهل الأهالي بالديون وتشدوا في إرهاقهم فاضطرت الحكومة لتعضيد المساكين)([36]).
(2) (العمل المصرفي في القرون الوسطى)([37]).
بعد تداعي الإمبراطورية الرومانية تعدد الزعامات وكثر الإقطاعيون، وبالتالي كثرت الإمارات في مختلف البلاد، وأصبح من الضروري أن يكون لكل إمارة عملة خاصة، وفي ذلك الوقت أصبح الصيرفي رجلاً يقوم بتجارة مختلف العملات، ببيع النقود ويشتريها دون أن يضم إليها أنواعاً أخرى من التجارة، ودون أن يقرن ذلك بالأعمال المصرفية الأخرى من إقراض واقتراض وفتح للاعتمادات ونحو ذلك، ورغم هذا كله فقد كانوا يربحون الأموال الطائلة لأن الأغنياء الذين يخافون على أموالهم من السرقة والضياع صاروا يودعونها عند محترفي صياغة الذهب، ويعطونهم أجراً مقابل حفظ المال، وإذا أراد أحدهم السفر إلى بلد بعيد أخذ من الصائغ أمراً([38]) إلى زميل له في البلد الآخر بتسليمه المبلغ المطلوب، وكان هذا بمثابة مولد لأمر النقل الصرفي والحوالة، وانتهى الأمر إلى أن يقوم تجار الذهب وصيارفة النقود بإعطاء كل من أودع عندهم سنداً يثبتون فيه قيمة وديعته من الذهب، وما لبث المودعون بعد ذلك أن تعاملوا فيما بينهم بهذه السندات، نظراً لأن تداولها أيسر وأخف من تداول الذهب. وقد دفعت الثروات الكبيرة التي تكدست في مقر المنظمات الكنائسية إلى التفكير في العمل على استغلالها عن طريق الاعتماد، وبذلك نشأت فكرة الإقراض مقابل فائدة، غير أن التعاليم الكنسية ـ في العصور الوسطى ـ كانت تحارب الإقراض بفائدة، وتدعو أصحاب الثروات إلى استغلالها عن طريق المشاريع الإنتاجية، أما الفائدة فأمر محرم لا تقره([39]).
وقد أدى منع القرض بالفائدة من قبل الكنيسة إلى إعطاء اليهود أولوية القيام بإقراض، ولهذا أصبح اليهود منذ القدم يملكون الثروات الطائلة التي استطاعوا عن طريقها أن يسخروا معظم الدول الكبرى في العالم لأن تسير في ركابهم وحسب مخططاتهم([40]) المرسومة.
3ـ (مولد البنوك المنظمة)
يعتبر مطلع القرن الحادي عشر الهجري هو البداية الفعلية المعتبرة لنشأة البنوك الحديثة حيث قام بمدينة البندقية سنة (1007) هـ (1587) م أول بنك منظم، ثم أنشئ على مثاله بنك ـ أمستردام الهولندي ـ ، وذلك سنة(1029هـ ـ 1609م)، ويعتبر هذا البنك هو الأنموذج الذي احتذته معظم بنوك أوربا التي أسست فيما بعد مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الظروف والأحوال من دولة لأخرى. وقد أخذت البنوك تتحسن شيئا فشيئا خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، ولكن الخطوات الواسعة التي خطتها هذه البنوك قد تمت مع النهضة الصناعية التي شهدها القرن الثالث عشر الهجري ووصلت إلى الشكل الذي نشاهده في أيامنا هذه.
يقول الأستاذ أمين مدني: (إنَّ مصارف اليوم ـ تمثل صيارفة الأمس، فلقد تدرجت من صيرفي في حانوت على الصورة التي مازال بعض الصيارفة متمسكين بها ـ إلى موظفين متخصصين يجلسون على كراسي وثيرة خلف مكاتب فخمة مصفوفة في عمارات ضخمة، يديرونه شئون الاقتصاد في أوسع مجالاته)([41]).
4ـ (البنوك في البلاد الاشتراكية)
تحتل البنوك مركزها في شئون التجارة الخارجية في البلاد التي تسودها النظم الاشتراكية كغيرها من بلدان العالم، ويتميز النظام المصرفي في هذه البلاد ـ كما في الاتحاد السوفييتي مثلا ـ بتوحيد البنوك، فقد أنشأت الحكومة هناك في بدء الثورة الشيوعية بنكا وحيداً على مستوى الدولة كلها، وذلك سيراً على النظام الاشتراكي الذي يستهدف توحيد القوى المنتجة وتركيزها، غير أن التجارب أثبتت عدم كفاية هذا، الأمر الذي دفع الدولة في سنة 1339هـ ـ 1922م للسماح بإنشاء بنوك أخرى لتغطي حاجة البلاد، فتأسس بعد هذا السماح (مصرف الشرق الأقصى)، (ومصرف التجارة)، (والمصرف الصناعي) وغيرها.
يقول الدكتور غريب الجمال: (وتخصص بلاد النظم الاشتراكية احد المصارف ليقوم على شئون التجارة الخارجية، فيتولى تحويل النقد للمدفوعات الخارجية، وكذلك الاحتفاظ بحسابات هيئات التمثيل الدبلوماسي وخدمة السائحين في تحويل العملات. كما تنشئ هذه البلاد أحياناً مصارف تطلق عليها (بنوك الادخار)، وتقوم هذه المصارف بقبول ودائع الأفراد ومدخراتهم، وتتولى بيع شراء السندات الحكومية التي يستثمر فيها الأفراد مدخراتهم)([42]).
5ـ (النشاط المصرفي عند العرب قبل الإسلام)
لم يكن قد بقي لعرب الجزيرة في الجاهلية من عقيدة جدهم أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام إلا آثار قليلة لا تخلو من التحريف، ولذلك سارت حياتهم في جميع جوانبها حسب ما تمليه عليهم أهواؤهم ونزعاتهم المادية، وكان من ذلك تعاملهم بالربا بدون قيد من عرف ولا تشريع.
ويعلل كثير من الباحثين ذلك بأمرين:
1ـ نزعة الاستكثار وحب الكسب التي تنمو عادة في البيئات التي تزدهر فيها التجارة كما كان الحال في مكة.
2ـ علاقاتهم المستمرة بجيرانهم اليهود الذين كانوا يتعاملون بالربا. لهذين السببين اعتاد العرب في عصور الوثنية أن يقترضوا بالربا من اليهود، وأن يتعاملوا به فيما بينهم دون أن يجدوا فيه حرجا، ولا غضاضة([43]) وقد عرفت لهم في ذلك أنواع مختلفة من العقود الربوية، وأكثرها انتشاراً فيما بينهم ربا النسيئة([44]) الذي نزل القرآن بتحريمه، يقول تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ]([45]).
6ـ (النشاط المصرفي في العالم الإسلامي)
لقد عرف العرب النشاط المصرفي كغيرهم من أمم الأرض، وكانوا يتعاملون بالربا، ولكن لما جاء الإسلام حرم الربا، ولهذا أصبح الصحابة على عهد رسول الله ص يسألونه فيما يرتابون فيه من الأعمال المصرفية، والذي يرجع إلى كتب الفقه الإسلامي يجدها زاخرة بالتحليل والتفصيل لكثير من أحكام الصرف والنقود. وقد استفادت بهذا الحضارة الغربية في قوانينها الوضعية حيث أخذت بعض الأحكام الشرعية التي نص عليها الفقهاء في مجال المعاملات المصرفية، وبالمقابل حينما انفتح العالم الإسلامي على الحضارة الغربية، وأخذت شعوبه تحذو حذو الغربيين أخذت النظام المصرفي ـ كغيره من النظم ـ بحذافيره دون تعديل أو تغيير مع اختلاف كثير من أحكامه مع الشرع الإسلامي.
يقول الأستاذ نور الدين عتر: (وانتقل هذا النظام إلى بلداننا، وهي ترزح تحت نير الاستعمار، وكثير من أبناء المسلمين معجب بالغرب إعجاباً شديداً، دفعه دفعاً إلى تقليد الأجانب تقليداً أعمى شأن الضعيف الذي لا تمييز عنده ولا اعتداد له بقيم يركن إليها، فهو يقلد القوى، ولو كان هذا التقليد يجره إلى حتفه).
ثم يقول: (وهكذا انتقل نظام المصرف بحذافيره إلى بلاد المسلمين، دون أن يكون فيه أي تحوير أو إبداع يتوصل به إلى صور أصيلة في هذا اللون من ألوان الحضارة، أو هذا المرفق الحيوي من مرافق الحياة الاقتصادية) ([46]).
المبحث الثاني: (وظيفة البنوك وأعمالها)
للبنوك في العصر الحديث وظيفة أساسية، إذ هي شريان عظيم الأثر في سير مال الأمة وتوجيه اقتصادها، فمن الضروري أن نعرف أنواع معاملاتها ومنفعتها أو ضررها وحكمها الشرعي لننهض بواجب العمل الإسلامي إزاء هذا الجانب الحيوي، فنقر المعاملات الشرعية وندعمها ونزيل غير المشروعة ونمنعها.
ويمكن أن نجمل أهم وظائف البنوك التجارية فيما يأتي:
1ـ قبول الودائع([47]).
2ـ تقديم القروض([48]).
3ـ خصم الأوراق التجارية([49]).
4ـ القيام بتحصيل الأوراق التجارية للعملاء وسداد ديونهم نيابة عنهم.
5ـ بيع وشراء العملات الأجنبية.
6ـ تأجير الخزائن الحديدية.
7ـ القيام بعمليات التحويلات النقدية بين العملاء.
8ـ إصدار خطابات الضمان التي يطلبها العملاء.
9ـ فتح الاعتمادات للعملاء.
هذا ولا تخلو معاملات البنوك من معاملات مشروعة لا يشوبها الربا ومعاملات غير مشروعة لا يشوبها شيء من الربا.
فالمعاملات المشروعة التي تقوم بها البنوك هي :ـ
1ـ تحويل النقود من مكان إلى مكان آخر مقابل مبلغ يسير من المال كأجرة عن هذا النقل.
2ـ إصدار شيكات السفر التي ينقلها المسافرون معهم لسهولة تداولها وخفة حملها.
3ـ تحصيل الديون بموجب السندات التي يضعها الدائنون لدى البنك، ويفوضون البنك باستلامها مقابل أجر على هذا العمل.
4ـ تأجير الخزائن الحديدية لمن يريد وضع نقود فيها.
5ـ بيع سهام الشركات مقابل أجرة يسيرة من الشركة التي فوضته لبيع سهاما.
6ـ تسهيل التعامل مع الدول الأخرى وهو عمل هام، إذ يوفر على التجار كثيراً من العناء والجهد. لأنه ينوب عنهم في استلام وثائق شحن البضاعة وتسليم الثمن لأصحاب البضائع.
فهذه المعاملات يقوم بها البنك مقابل أجر معلوم ولا غبار عليها من الوجهة الشرعية.
أما العاملات غير المشروعة التي يقوم بها البنك فهي:ـ
1_ إقراض التجار وغيرهم مبالغ إلى آجال محددة على أن يدفع المقترض سنوياً نسبة مئوية تضاف إلى الدين الأصلي.
2_ فتح الاعتمادات للتجار ليقترضوا من البنك عندما يرغبون في حدود مبالغ معينة يتفق الطرفان عليها عند الحاجة لها. وهنا لا تحسب الفوائد إلا من بعد استلام القرض.
3_ حسم السندات ـ أي شراء مسندات الديون المؤجلة، وذلك بأن يحسب البنك المدة التي يستحق بعدها وفاء الدين، ويحسم منه قدراً معيناً يكون نسبة مئوية لكل سنة، ويدفع الباقي للدائن ـ حامل السند ـ، ثم يقبض المبلغ كاملاً من الدين.
4_ قبول الودائع المالية نظير فائدة سنوية، ومن ثم يقوم البنك بإقراض الناس رؤوس الأموال التي تجتمع عنده فائدة تكون ضعف الفائدة التي يعطيها المودعين([50]).
مما تقدم يتضح أن البنوك تؤدي أعمالاً جليلة، يقوم بخدمات عظيمة لا شك في وجاهة بعضها ومشروعيته، فهي تقوم بحفظ الأموال للأفراد، وتقوم بخدمات مصرفية لا غنى في هذا العصر؛ كتسهيل سداد الديون ونقلها من جهة إلى أخرى، وليت الأمر اقتصر على هذه المعاملات التي فيها نفع محض للجماهير، ولكنها ـ والحق يقال ـ لم تنشأ أنشأتها عقلية الرجل الأوروبي الكنود الجشع الحريص على جمع المال من أي طريق، وخطط نظمها شياطين الربا اليهود الذين كانوا كبار المرابين في العالم، فلوثوا نظم البنوك بالتعامل بالربا إقراضاً واقتراضاً. وهذه الوظائف التي تقوم بها البنوك تستهدف تحقيق أهداف ثلاثة هي كالتالي:ـ
1_ تيسير التبادل، لأن المقايضة بين السلع أمر متعذر لاسيما إذا كانت السلع كثيرة، أضف إلى هذا أن المعاملات في العصور المتأخرة تعقدت وتنوعت بحيث احتاج الناس إلى عمليات تبادل سهلة ميسورة تخدم أغراضهم دون عناء أو مشقة. وهذه الوظيفة تقوم بها البنوك الحديثة خير قيام.
2_ تيسير الإنتاج، إذ كثير من المشاريع الضخمة تحتاج إلى أموال طائلة لا يملكها فرد أو أفراد، وإنما تتوفر هذه الأموال في البنوك التي تتولى مثل هذه المشاريع.
3_ تعزيز طاقة رأس المال وذلك لتوفر الآلات والأدوات التي تتولى بدورها إنتاج السلع
وترويجها، فأصبح كثير من الأفراد يمتلكون هذه الآلات التي تدر عليهم الأموال الطائلة، وهذه الأموال مردها إلى البنوك لتتولى التعامل بها لصالح البنك والمودع.
المبحث الثالث: (أنواع البنوك)
تنقسم البنوك إلى قسمين:
أ_ البنوك التجارية.
ب _ البنوك المتخصصة.
أ_ البنوك التجارية:
وهي تمارس جميع الأعمال المتصلة بالتجارة، وتتميز عن سواها من البنوك الأخرى من حيث استعدادها لقبول الودائع النقدية من الأفراد أو الشركات أو الهيئات العامة وتحويل المودع حق السحب عليها بشيكات التداول في التعامل كالنقود، وهذا وجه أهميتها الخاصة لأنها تساهم بما تصدره من شيكات في زيادة كمية النقود المتداولة، وقد يتسبب عن طريق تساهلها في بعض الأحيان انكماش اقتصادي، لذلك، فإنَّ الدولة تخضعها لرقابة شديدة من طريق المصرف المركزي ـ مصرف الدولة ـ، وهو أهم المصارف، إذ يقوم على رأس النظام المصرفي بأكمله، ولذا يطلق عليه البعض( بنك البنوك ـ أو مصرف المصارف)، ويتولى هذا المصرف ثلاثة أنواه من الوظائف:ـ
أ_ وظيفة مصرفية:ـ
وتتحصل في توفير خدمات مصرفية للدولة أهمها تحصيل ما تستحقه الدولة قبل المدنين، وتسديد ما على الدولة للدائنين. وكذلك توفير القروض لأجهزة الدولة المختلفة.
ب_ وظيفة نقدية وائتمانية:ـ
وتتحصل في الإشراف على تنفيذ السياسة النقدية والائتمانية للدولة، فيقوم البنك المركزي بتحقيق المصلحة الاقتصادية وتلافي حدوث أي اضطرابات مالية سواء كانت عامة أم محلية، وينظم عملية الائتمان ويشرف عليها ليقوم بدوره في توجيهه من حيث كميته ونوعه وسعره بما يكفل الحاجات الحقيقية لنواحي النشاط التجاري والصناعي والزراعي.
ج _ وظيفة رقابية:ـ
وتتحصل في القيام بالرقابة على المصارف الأخرى ليتحقق الاستقرار الاقتصادي وفق الخطة المرسومة للدولة، ولتحقيق الرقابة المنشودة يتابع البنك المركزي أولا بأول المراكز المالية للبنوك، ويضع قواعد عامة للرقابة والإشراف عليها لئلا تحيد عن الخط الاقتصادي المرسوم للدولة.
2_ (البنوك المتخصصة)
يقصد بالبنوك المتخصصة ـ غير التجارية ـ تلك التي يكون عملها الرئيسي التمويل العقاري أو الزراعي أو الصناعي، والتي لا يكون قبول الودائع تحت الطلب من أوجه نشاطها الأساسية، وأهم هذه البنوك ما يأتي:ـ
1_ البنوك الزراعية:ـ
وتتخصص هذه البنوك في إعطاء قروض قصيرة ومتوسطة الأجل للمزارعين نظير فائدة بضمان المحاصيل الزراعية أو الماشية أو أدوات الزراعة.
2_ البنوك الصناعية:ـ
وتتميز هذه البنوك بتخصصها في إعطاء قروض طويلة الأجل عادة لتمويل المشروعات الصناعية التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة قد لا يمتلكها الأفراد، وتأخذ هذه البنوك فائدة من المقترضين نظير هذا الأجل.
3_ البنوك العقارية:ـ
وهي تتخصص بإقراض الأموال لأعمال تتصل بالعقار والعمران، فتقرض الأفراد الذين يملكون الأراضي قروضاً قصيرة الأجل أو متوسطة الأجل أو طويلة الأجل حسب رغبة الأفراد لإقامة البناء على أراضيهم، وتأخذ فائدة مقابل هذه القروض محرمة لأنها عين الربا، لكن لو خلت هذه القروض من الفائدة وقامت بنوك حكومية تساعد المواطنين بإقراضهم دون فائدة فلا غبار على هذه المعاملة من الناحية الشرعية والله أعلم.
الفصل الثاني
الربـــــا
وتحته ستة مباحث:
الأول: تعريف الربا وأنواعه.
الثاني: أدلة تحريم الربا.
الثالث: اتجاهات العلماء في تحديد منطقة الربا.
الرابع: مضار الربا.
الخامس: حكمة تحريم الربا.
السادس: شبه القائلين بحل الربا والرد عليها.
المبحث الأول: تعريف الربا وأنواعه
وتحته ثلاثة مطالب:
الأول: تعريف الربا لغة واصطلاحاً.
الثاني: ربا الفصل.
الثالث: ربا النسيئة.
المطلب الأول: تعريف الربا لغة واصطلاحاً:
هو النمو والزيادة والعلو والارتفاع، يقال ربا الشيء ربوا إذا زاد ونما وعلا، وأربيته نميته، ومنه قوله تعالى: [وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ]([51]). ومنه أخذ الربا الحرام، قال تعالى: [وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ]([52]).
وربا الرابية علاها، وربا السويق إذا صب عليه فانفتح، والربا بكسر العين. وقوله تعالى في صفة الأرض [اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ]([53])، قيل معناه عظمت وانتفخت.
والربوة والرابية ما ارتفع من الأرض ومنه قوله تعالى: [وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ]([54]).
أي أرض مرتفعة، وسميت الربوة رابية كأنها ربت بنفسها في مكان، وقوله سبحانه: [فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً]([55]).أي زائدة. وأربى الرجل دخل في الربا([56]).
تعريف الربا في الشرع:ـ
هو زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض([57])، وهذا التعريف يشمل نوعي الربا، وهما ربا الفضل وربا النسيئة.
فمثال ربا الفضل: أن تكون الزيادة في أحد البدلين مجردة عن التأجير بدون مقابل لها، وذلك كما إذا اشترى صاعاً من قمح بصاع ونصف من جنسه مقابضة، بأن استلم كل من البائع والمشتري ماله في الحال.
ومثال ربا النسيئة: أن تكون الزيادة في أحد البدلين في مقابلة (تأخير الدفع) كما إذا اشترى صاعا من القمح في زمن الشتاء بصاع ونصف يدفعها في زمن الصيف. فهنا نصف الصاع الذي زاد في الثمن إنما هو في مقابلة الأجل.
المطلب الثاني: ربا الفـضل
تعريفـه:
هو الزيادة في أحد البدلين الربويين المتفقين جنسا([58]).
مثاله: اشترى زيد من خالد مائة صاع من القمح بمائة وعشرين صاعا من القمح، وتقابض زيد وخالد العوضين في مجلس العقد، فهذه الزيادة وهي عشرون صاعاً من القمح لا مقابل لها، وإنما هي فضل، ولذا سمي هذا النوع ربا الفضل.
موقف العلماء من ربا الفضل([59]).
اختلف العلماء في ربا الفضل على قولين:
القول الأول:
ذهب جمهور العلماء إلى تحريم ربا الفضل في الأصناف الستة الآتية:
الذهب، الفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح، فلا يجوز بيع جنس منها بجنسه متفاضلاً حالا أو مؤجلا، وكذا بيع صاع بر بصاعي بر نقداً أو مؤجلا.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: (الحنطة كلها على اختلاف أنواعها وأوصافها وبلدانها جنس واحد، وكذلك الشعير، وكذلك دقيقهما وكذا سويقهما، وكذلك التمر وكذلك العنب وكذلك الزبيب وكذلك الذهب والفضة، فلا يجوز بيع كل مكيل من ذلك بجنسه متفاضلا في الكيل وإن تساويا في النوع والفضة بلا خلاف)([60]).
وقال ابن رشد في بداية المجتهد بعد ذكر حديث عبادة المشهور: ([61]): (فهذا الحديث نص في منع التفاضل في الصنف الواحد من هذه الأعيان)([62]).
وقال السبكي في تكملة المجموع: (الحكم الأول تحريم التفاضل في الجنس الواحد من أموال إذا بيع بعضه ببعض كبيع درهم بدرهمين نقدا، أوصاع قمح بصاعين أو دينار بدينارين، ويسمى ربا الفضل لفضل أحد العوضين على الآخر([63])).
وقال ابن قدامة في المغني: (مسألة: قال أبو القاسم رحمه الله (وكل ما كيل أو وزن من سائر الأشياء فلا يجوز التفاضل فيه إذ كان جنساً واحداً)([64]).
القول الثاني:
ذهب ابن عباس([65]) إلى عدم وجود ربا الفضل، وجعل الربا محصورا صلى الله عليه وسلم في ربا النسيئة.
قال في تكملة المجموع (وقد أطبقت الأمة على تحريم التفاضل إذا اجتمع مع النساء، وأما إذا انفرد نقداً فإنه كان فيه خلاف قديم صح عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما إباحته)([66]).
وقال في المغني (وقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة فحكي عن ابن عباس وأسامة بن زيد وزيد بن أرقم وابن الزبير أنهم قالوا إنما الربا في النسيئة).
ثم قال صاحب المغني (والمشهور من ذلك قول ابن عباس ثم إنه رجع إلى قول الجماعة)([67]).
أدلة الجمهور:
استدل الجمهور بالكتاب والسنة والإجماع:
الدليل من الكتاب:
قال الله تعالى: [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا] ([68]) وقد استدل الجمهور بالآية من وجهين.
الوجه الأول:
أن أل في الربا من قوله [وَحَرَّمَ الرِّبَا] لاستغراق الجنس، فتشمل كل أنواع الربا دون فرق بين نوع ونوع، فيدخل في الآية ربا الفضل كما يدخل فيها ربا النسيئة لأن اللفظ فيها عام يشمل كل أنواع الربا.
قال ابن العربي في تفسيره: (… فلأجل ذلك اختلفوا([69]): هل هي عامة في تحريم كل ربا أو مجملة لا بيان لها إلا من غيرها، والصحيح أنها عامة لأنهم كانوا يتبايعون ويربون)([70]).
وقال القرطبي في تفسيره: (قوله[وَحَرَّمَ الرِّبَا] الألف واللام هنا للعهد، وهو ما كانت العرب تفعله كما بيناه، ثم تناول ما حرمه رسول الله ص ونهى عنه من البيع الذي يدخله الربا وما في معناه من البيوع المنهي عنها)([71]).
الوجه الثاني:
أن لفظ الربا في الآية مجمل يحتاج إلى بيان والمبين لذلك هو رسول الله ص، وقد بين عليه السلام بأحاديثه الصحيحة المراد من الربا بما يتناول ربا الفضل دون النسيئة، وبذلك يلتحق البيان بالمبين فيثبت تحريم ربا الفضل بالآية الكريمة.
قال الجصاص في تفسيره: (الربا في الآية من الأسماء المجملة المتفقرة إلى البيان، وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة نحو الصلاة والصوم والزكاة، فهو مفتقر إلى البيان ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شيء من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك، وقد بين النبي ق كثيراً من مراد الله بالآية نصا وتوفيقا وفيه ما بينه دليلا، فلم يخل مراد الله من أن يكون معلوما عند أهل العلم بالتوقيف والاستدلال)([72]).
وقال ابن رشد في المقدمات: (وقد اختلف في لفظ الربا الوارد في القرآن، هل هو من الألفاظ العامة التي يفهم المراد بها وتحمل على عمومها حتى يأتي ما يخصها أو من الألفاظ المجملة التي لا يفهم المراد بها، من لفظها وتفتقر في البيان إلى غيرها على قولين، والذي يدل عليه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (كان من آخر ما أنزل الله على رسوله آية الربا، فتوفي رسول الله ق ولم يفسرها) (أنها من الألفاظ المجملة المفتقرة إلى البيان والتفسير)([73]).
مناقشة الدليل من الكتاب:
قد يناقش الاستدلال بالآية بأنها ليست نصاً في تحريم ربا الفضل، وإنما مجرد احتمال، ذلك أن بعض المفسرين يرون أن (أل) في الربا للعهد أي: الربا المعهود والشائع في الجاهلية وهو ربا النسيئة:
دفع هذه المناقشة:
يمكن دفع هذه المناقشة بأن (أل) في الربا لاستغراق الجنس وليست للعهد، وعلى فرض أنها للعهد فلفظ الربا المذكور في الآية لا يخلو إما أن يكون عاما أي: الربا المعهود وغيره مما لا يعرفه أهل الجاهلية.
أو يكون مجملاً بينته السنة أي: الربا المعروف في الجاهلية وغيره مما ورد ذكره في السنة المطهرة وبينه الرسول ق أتم البيان.
وبالرجوع إلى ذكره([74]) العلامة الجصاص حول تفسير هذه الآية ـ مع أنه يرى أن لفظ الربا في الآية لفظ مجمل ـ وما ذكره العلامة([75]) ابن العربي في تفسيره ـ مع أنه يرى أن لفظ الربا في الآية لفظ عام ـ يتبين أنهما يتفقان في النهاية على أن الربا المحرم الذي تشمله هذه الآية هو ربا النسيئة. وربا الفضل الذي بينته السنة المطهرة والله أعلم.
الدليل من السنة:
1) حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله ق قال: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل. سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)([76]).
وجه الدلالة من الحديث:
وجه الدلالة أن النبي ق أوجب إذا بيع صنف من هذه الأصناف الستة بجنس أن يكونا متماثلين. والأمر في الحديث للوجوب، ويدل على ذلك تأكيده ق : (مثلا مثل) بقوله (سواء بسواء)، والقيد الذي ذكره عليه السلام في آخر الحديث وهو ـ فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ـ يدل على أنه عند عدم اختلاف الأصناف ليس لهم الخيار في البيع كيف شاءوا.
2) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ق قال: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء)([77]).
وجه الدلالة من الحديث:ـ
أن النبي ق نهى أن يباع صنف من هذه الأصناف بجنسه متفاضلا، وأمر أن يكون متساويين ونص على من زاد أو استزاد فقد أربى أي: فعل الربا المنهي عنه شرعاً.
مناقشة دليل الجمهور من السنة:ـ
يمكن أن يقال فيما استدل به الجمهور من الأحاديث إن النهي فيها ليس للتحريم، وإنما هو للكراهة ويحمل الأمر فيها بالتماثل في بيع جنس بجنسه على الاستحباب.
دفع هذه المناقشة:ـ
دفع الجمهور هذه المناقشة فقالوا الأمر في الأحاديث للوجوب لأن الأصل فيه كذلك حتى يأتي ما يصرفه عن الوجوب، ثم الأحاديث كثيرة متوافرة تدل دلالة صريحة على جريان الربا في الأمور الستة المنصوص عليها، وأيضا فهذه الأحاديث لا غبار عليها من حيث الصحة، إذ رواها الأئمة الثقات، وفي مقدمتهم البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.
الدليل من الإجماع:ـ
حكى غير واحد من العلماء الإجماع على تحريم ربا الفضل بين كل واحد من الأصناف الستة المذكورة إذا بيع بجنسه فمن ذلك ما يأتي:ـ
قال في الإفصاح: (وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز بيع الذهب بالذهب منفرداً والورق بالورق منفرداً تبرها ومضروبها وحليها إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يداً بيد وأنه لا يباع شيء منها غائب بناجز فقد حرم في هذا الجنس الربا من طريقة الزيادة والنساء جميعاً)([78]).
وقال النووي: (وأجمع العلماء على جواز بيع الربوي بربوي لا يشاركه في العلة متفاضلا ومؤجلا، وذلك كبيع الذهب بالحنطة وبيع الفضة بالشعير وغيره من المكيل. وأجمعوا على أنه لايجوز الربوي بجنسه وأحدهما مؤجل وعلى أنه يجوز التفاضل إذا بيع بجنسه حالا كالذهب بالذهب)([79]) ونقل صاحب الزواجر الإجماع فقال بعد أن ذكر أنواع الربا الأربعة، (وكل من هذه الأنواع الأربعة حرام بالإجماع بنص الآيات والأحاديث)([80]).
وقال القرطبي في تفسيره: (المسألة الثامنة: أجمع العلماء على أن التمر بالتمر لا يجوز إلا مثلا بمثل)([81]).
مناقشة دعوى الإجماع على تحريم ربا الفضل:ـ
نوقشت هذه الدعوى بأنها غير صحيحة، قال ابن حزم في المحلَّى: (وأعجب شيء مجاهرة من لا دين([82]) له بدعوى الإجماع على وقوع الربا فيما عدا الأصناف المنصوص عليها، وهذا كذب([83]) مفضوح من قريب، والله ما صح الإجماع في الأصناف المنصوص عليها فكيف في غيرها، أو ليس ابن مسعود وابن عباس يقولان ربا فيما كان يداً بيد، وعليه كان عطاء وأصحاب ابن عباس وفقهاء أهل مكة)([84]). قال هؤلاء وقد ثبت عندنا أن ابن عباس لم يرجع عن رأيه في إباحة ربا الفضل.
قال سعيد بن جبير: (صحبت ابن عباس حتى مات فوالله ما رجع عن الصرف) وقال سعيد أيضا: (عهدي به([85]) قبل أن يموت بستة وثلاثين يوماً وهو يقوله([86]) وما رجع([87]) عنه) ([88]).
دفع هذه المناقشة:ـ
دفع الجمهور هذه المناقشة فقالوا إن الإجماع صحيح لا غبار عليه وإذا كان ثبت عن ابن عباس ومن وافقه القول بجواز ربا الفضل فإنه قد ثبت عنهم رجوعهم عن ذلك، فانقرض الخلاف، وتحقق الإجماع دون إشكال.
قال في المبسوط: (وعن الشعبي قال حدثني بضعة عشر نفرا من أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما الخبر فالخبر أنه رجع عن فتواه فقال: الفضل حرام، وقال جابر بن يد رضي الله عنه، ما خرج ابن عباس رضي الله عنه من الدنيا حتى رجع عن قوله في الصرف والمتعة، فعلم أن حرمة التفاضل مجمع عليه في الصدر الأول، وأن قضاء القاضي بخلاف باطل)([89]).
وقال في موضع آخر: (فإن لم يثبت رجوع ابن عباس فإجماع التابعين رحمهم الله بعده يدفع قوله)([90]).
وقال المغني: (والربا على ضربين ربا الفضل وربا النسيئة، وأجمع أهل العلم على تحريمهما، فقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة، فحكي عن ابن عباس وأسامة ابن زيد وزيد بن أرقم وابن الزبير أنهم قالوا إنما الربا في النسيئة لقوله عليه السلام: (لا ربا إلا في النسيئة)([91]). والمشهور من ذلك قول ابن عباس ثم أنه رجع إلى قول الجماعة روى ذلك الأثرم بإسناده وقاله الترمذي وابن المنذر وغيرهم)([92]).
بهذه النصوص من الفقهاء يتبين أن ابن عباس رضي الله عنه قد رجع عن رأيه كما هو ـ رأى الأكثر، وعليه يكون الخلاف قد انقرض ويسلم الإجماع المنقول عن الصحابة، وعلى فرض أن ابن عباس لم يرجع عن رأيه فإن إجماع التابعين يدفع قوله والله أعلم.
أدلة مذهب ابن عباس:ـ
استدل لمذهب ابن عباس بالكتاب والسنة وتفصيل ذلك كالتالي:ـ
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]([93]).
وجه الدلالة:
لفظ البيع في الآية عام يشمل كل أنواع البيوع حتى بيع الدرهم بالدرهمين نقداً، ولفظ الربا في الآية خاص بما تعارف عليه أهل الجاهلية وهو ربا النسيئة فقط.
مناقشة هذا الاستدلال:
قال الجمهور لا نسلم أن لفظ الربا خاص بربا النسيئة بل هو لفظ عام، يشمل كل أنواع الربا، ومنها ربا الفضل، وعلى فرض أنه خاص بما تعارف عليه أهل الجاهلية فإن السنة جاءت بتحريم هذا النوع تحريماً قاطعاً والسنة شارحة للقرآن ومبينة لمجمله.
وقال ابن تيمية: ( إن النهي عن الربا في القرآن يتناول كل ما نهى عنه من ربا النساء والفضل والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك)([94]).
حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي ق قال( لا ربا إلا في النسيئة)([95]).
وفي رواية لمسلم أن النبي ق قال: (إنما الربا في السيئة)([96]).
وفي رواية له أيضا (لا ربا فيما كان يداً بيد)([97]).
وجه الدلالة:
حصره عليه السلام الربا في النسيئة ونصه على نفي الربا عما كان يدا بيد مما يدل على جواز ربا الفضل.
مناقشة هذا الدليل:
ناقش الجمهور هذا الدليل نقاشاً طويلاً، وسلكوا فيه مسالك متعددة([98]) أكتفي منها بأمرين:ـ
1ـ أن مراد النبي ق بجواز ربا الفضل ومنع ربا النسيئة هو فيما إذا كان البدلان من جنسين مختلفين.
2ـ قال الجمهور حديث أسامة منسوخ بأحاديث تحريم ربا الفضل.
قال النووي: (وأما حديث أسامة فقد قال قائلون بأنه منسوخ بهذه الأحاديث، وقد أجمع المسلمون على ترك العمل بظاهره وهذا يدل على نسخة)([99]).
الترجيح:
الذي يظهر لي رجحان مذهب الجمهور القائلين بتحريم ربا الفضل للأمور التالية:ـ
1ـ كثرة الطرق الصحيحة التي روت تحريم ربا الفضل حيث وردت في الصحيحين.
2ـ أحاديث تحريم ربا الفضل ناطقة بالتحريم ولا تحتمل أي تأويل.
3ـ رجحان القول برجوع ابن عباس عن رأيه كما قررنا سابقاً.
المطلب الثالث: ربا النسيئة
تعريفه: النساء معناها في اللغة التأخير والتأجيل، يقال نسأت الشيء إذا أجلته وأخرته قال تعالى: [إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ]([100]).
وربا النسيئة هو الزيادة في أحد العوضين مقابل تأخير الدفع، ويسمى ربا الديون والربا الجلي وهو ربا الجاهلية([101]).
مثاله: اشترى شخص مائة صاع من التمر في وقت الشتاء بمائة وعشرين صاعاً من التمر في وقت الصيف. قال الجصاص في تفسيره: (والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به. . هذا كان المتعارف المشهور بينهم)([102]).
وقال في موضع آخر: (إنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة، فكانت الزيادة بدلا من الأجل فأبطله الله تعالى وحرمه)([103]).
وبهذا يتضح أن ما يجرى التعامل به في البنوك الربوية في العصر الحاضر هو نوع من أنواع ربا الجاهلية المجمع على تحريمه قال تعالى: [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]([104]).
وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ]([105]).
المبحث الثاني: أدلة تحريم الربا
الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع، وإيضاح ذلك كالتالي:
أدلة تحريم الربا من القرآن:
آيات القرآن المتعلقة بموضوع الربا ثمان موزعة في أربع سور، خمس آيات منها في (سورة البقرة)، وأما الآيات الباقية فتجدها على التوالي في (سورة آل عمران)، وفي (سورة النساء)، وفي (سورة الروم). وقد كان تحريم الربا على أربع مراحل، وسنعرض الآيات الخاصة بالربا وفقاً لترتيب نزولها ليتبين لنا التدرج في التحريم.
1_ قال تعالى: [وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ]([106]).
هذا الخطاب موجه لآكلي الربا أي: وما أعطيتم من مال إلى الناس لينمو ويزيد فيه، تعطون مقدار معيناً، ثم تستردون مقدار أكبر لأنكم تطلبون الناس بالزيادة ولكنكم لا تستطيعون مطالبة الله بذلك. إن مقابلة الربا بالزكاة وبيان أن الزكاة يثاب عليها دليل واضح على أن الزكاة عمل صالح، والربا سيء، فحرى بكم أيها المؤمنون أن تجتنبوه وتبتعدوا عنه.
2_ قال تعالى: [فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً * وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً]([107]).
وجه الدلالة من الآية:
هذه الآية تدل دلالة صريحة على أن الربا محرم على اليهود، ولكنهم عصوا الله وتمردوا على أوامره، وواضح من الآية أن عذاباً أخذوا به في الدنيا وآخر ينتظرهم في الآخرة بسبب عصيانهم ومخالفتهم أوامر الله وإذا علمنا أن شرع من قبلنا ملزم لنا ما لم يرد نص من القرآن أو السنة يخالفه، كما هو رأي الجمهور من العلماء، ثبت لنا تحريم هذه الآية الربا على المسلمين، ولكن الأمر ما يزال فيه غموض، فهناك من يرى أن شرع من قبلنا غير ملزم لنا، فلا بد في تحريم الربا من نص قاطع.
3_ قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ]([108]).
وجه الدلالة من الآية:
هذه الآية نص قاطع في تحريم الربا المضاعف على المسلمين، وهو الربا الفاحش ولكن يبقى حكم الربا اليسير، فهل هو مباح أم لا، هذا ما تحسمه المرحلة الرابعة من مراحل تحريم الربا.
4_ قال تعالى: [الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ]([109]).
وجه الدلالة من الآية:
الآيات نص صريح في تحريم الربا قليله وكثيره بمختلف أشكاله وأنواعه، فهل بعد قوله تعالى: [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]، يبقى لأحد إشكال أو تنتابه ريبة في حرمة الربا.
يقول الدكتور محمد دراز: (نعم فقد تناول القرآن حديث الربا في أربعة مواضع أيضا، وكان أول موضع منها وحيا مكيا والثلاثة الباقية مدنية ففي الآية المكية يقول الله جلت حكمته [وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ]([110]).
وهذه موعظة سلبية أن الربا لا ثواب له عند الله، نعم ولكنه لم يقل إن الله ادخر لآكله عقاباً.
أما الموضع الثاني([111]) فكان درسا وعبرة قصها علينا القرآن من سيرة اليهود الذين حرم عليهم الربا، فأكلوه وعاقبهم الله بمعصيتهم، وواضح أن هذه العبرة موقعها إلا إذا كان من ورائها ضرب من تحريم الربا على المسلمين، ولكنه حتى الآن تحريم بالتلويح والتعريض لا بالنص الصريح، مهما يكن من أمر فإن هذا الأسلوب كان من شأنه أن يدع المسلمين في موقف ترقب وانتظار لنهي يوجه إليهم قصدا في هذا الشأن.
ثم يقول دراز: (وكذلك لم يجئ النص الصريح عن الربا إلا في المرتبة الثالثة([112])، وكذلك لم يكن إلا نهيا جزيئا عن الربا الفاحش الربا الذي يتزايد حتى يصير أضعاف مضاعفة.
وأخيراً وردت الحلقة الرابعة التي ختم بها التشريع في الربا، وفيها النهي الحاسم عن كل
ما يزيد على رأس مال الدين([113]) يقول تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ]([114]).
أدلة تحريم الربا من السنة:
الأحاديث في تحريم الربا والنهي عنه وذم فاعله ومن أعان عليه كثيرة جدا نذكر طرفا منه([115]).
1_ عن جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء)([116]).
وجه الدلالة:
اللعن من الله الطرد والإبعاد عن رحمته جل وعلا، ولعن الرسول ق لهؤلاء دليل على أنهم آثمون وأن ما تعاطوه محرم.
2_ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (قال رسول الله ﷺ الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)([117]).
3_ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء)([118]).
وجه الدلالة من الحديثين:
إن النبي ﷺ نهى أن يباع صنف من هذه الأصناف المذكورة في الحديثين بجنسه متفاضلا، وأمر أن يكونا متساويين، والأمر هنا للوجوب، إذ لا صارف له. عن أصله. وقد نص في الحديث على أن من زاد أو استزاد فقد أربى أي: فعل الربا المنهي عنه شرعاً. ونص في الحديث الآخر على أنه حال اختلاف الأصناف للناس أن يبيعوا كيف شاءوا، وهذا يفهم منه أنه حال اتفاق الجنس ليس لهم الخيار في البيع إلا بشرط القبض والتساوي.
الدليل من الإجماع:([119]).
أجمع المسلمون قاطبة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلف الفقهاء في بعض مسائله.
قال صاحب المجموع: (أجمع المسلمون على تحريم الربا وعلى أنه من الكبائر)([120]).
وقال في سبل السلام” (وقد أجمعت الأمة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في التفاصيل)([121]).
قال السرخسي في المبسوط: (وقد ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات)([122]).
الأولى: التخبط قال تعالى: [الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ]([123]).
الثانية: المحق قال تعالى:[ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ]([124]).
الثالثة: الحرب قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ]([125]).
الرابعة: الكفر، قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ]([126]). وقال تعالى: [وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ]([127]).
الخامسة: الخلود في النار، قال تعالى: [وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]([128]).
وقال ابن رشد في المقدمات: (فمن استحل الربا فهو كافر حلال الدم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل)([129]).
وقال الباجوري في حاشيته: (وهو من أكبر الكبائر فإن أكبر الكبائر على الإطلاق الشرك بالله، ثم قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، ثم الزنا، ثم الربا، ولم يحل في شريعة قط لقوله تعالى: [وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ]([130]).
أي في الكتب السابقة، فهو من الشرائع القديمة، ولم يؤذن الله تعالى في كتابه بالحرب سوى آكله ولذا قيل إنه يدل على سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى([131]).
المبحث الثالث: اتجاهات العلماء في تحديد منطقة الربا
سأذكر في هذا المبحث آراء العلماء([132]) في تحديد منطقة الربا، وهذه الآراء منها الذي توسع في دائرة الربا لتكون شاملة لكل ما يصدق عليه أنه ربا، وهؤلاء اختلفوا في العلة التي يتعدى بها الحكم حسب فهمهم للنصوص المحرمة للربا، ومن هذه الاتجاهات الذي يضيق منطقة الربا لتكون المحصورة في دائرة محدودة لا يجاوزها إلى غيرها.
وقد رأيت أن أقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: الاتجاهات الموسعة والمضيقة لمنطقة الربا.
المطلب الثاني: علة الربا.
المطلب الأول: الاتجاهات الموسعة والمضيقة لمنطقة الربا
منذ الصدر الأول الإسلامي حتى عصرنا الحاضر توجد اتجاهات متعارضة في أمر الربا ويمكن حصرها في مجموعتين:
المجموعة الأولى:
الاتجاهات الموسعة لمنطقة الربا، وهي التي تشدد فيه حتى يطغى على كثير من ضروب التعامل.
المجموعة الثانية:
الاتجاهات المضيقة لمنطقة الربا، وهي التي تحصره ـ تحت ضغط العوامل الاقتصادية ـ في دائرة محدودة لا يجاوزها([133]).
الاتجاهات الموسعة لمنطقة الربا
يعتبر أصحاب هذا الاتجاه جميع أنواع الربا محرمة تحريما قطعيا بلا تمييز بين ربا وربا لأن حكمة التحريم متحققة في تحريم الزيادة أيا كان قدرها أو وقت اشتراطها أو اقتضائها، قال هؤلاء: والربا المنهي عنه في القرآن هو الربا نفسه المعروف على مر العصور بمختلف أشكاله ولهذا فرق عندهم بين القروض الاستهلاكية والقروض الإنتاجية لأن الربا الذي كان سائداً في الجاهلية وحرمه القرآن كان لا يفرق في القروض بين استهلاكي وإنتاجي.
وبالإضافة إلى الزيادة المشروطة في القرض والمحرمة تحريماً قطعياً فإن المنفعة تعتبر ـ في نظر أصحاب الاتجاهات الموسعة ـ ربا أيضا، والمنفعة يقصد بها مجرد الانتفاع بسبب القرض وانتفاعا لا تشمله النصوص الخاصة بالربا صراحة. وأقوال شيوخ الفقهاء من المذاهب الأربعة شاهدة على ذلك.
قال السرخسي في المبسوط: (إن المنفعة إذا كانت مشروطة في الإقراض فهو قرض جر منفعة، وإن لم تكن مشروطة فلا بأس به حتى لو ردَّ المستقرض أجوراً مما قبضه فإن كان ذلك عن شرط لم يحل لأنه منفعة القرض، وإن لم يكن عن شرط فلا بأس به لأنه أحسن في قضاء الدين وهو مندوب إليه)([134]).
وقال الخرشي: (ـ وحرم هديته([135]) ـ الضمير للمدين، ([136]) والمعنى أنَّ من عليه الدين يحرم أن يهدي لصاحب الدين هدية، ويحرم على صاحب الدين قبولها لأن ذلك يؤدي إلى التأخير بزيادة([137]). وقال الشيرازي في المهذب: (ولا يجوز قرض جر منفعة مثل أن يقرضه ألفاً على أن يبيعه داره أو على أن يرد عليه أجود منه أو أكثر منه)([138]).
وقال ابن قدامة في المغني: (وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا)([139]).
ويضيق أصحاب هذا الاتجاه([140]) من أحوال الضرورة التي تبيح الربا، فالضرورة عندهم هي الضرورة الملحة التي يكون من شأنها أن تبيح أكل الميتة والدم، وذلك في جميع صور الربا دون استثناء.
الاتجاهات المضيقة لمنطقة الربا
تنوعت المذاهب الإسلامية في مجال تضييق منطقة الربا، وتبعاً لهذا التنوع اختلفت طريقتهم في التضييق، فمنهم من قصر الربا على الوارد في القرآن فقط، ومنهم من قصر الربا على الوارد في القرآن والسنة، ولم يدخل غير المنصوص عليه في منطقة الربا، ومنهم من بالغ في التضييق متأثراً بضغط العوامل الاقتصادية وإليك بيان هذه الاتجاهات.
الاتجاه الأول:
ضيق الظاهرية منطقة الربا فقصروه على الأصناف الستة المنصوص عليها في الأحاديث، وما عداها فهو عندهم باقً على الأصل، وهو الإباحة،
ومعروف أنهم يقفون عند ظواهر النصوص، ولا يقولون بالقياس إطلاقاً.
قال ابن حزم في المحلى: (والربا لا يجوز في البيع والسلم إلا في ستة أشياء فقط: في التمر والقمح والملح والذهب والفضة)([141]).
وقال في موضع آخر: (فصح بأوضح من الشمس أن كل تجارة وكل بيع وكل سلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم فحلال مطلق لا مرية في ذلك إلا ما فصل الله تعالى لنا تحريمه على لسان رسوله عليه السلام([142]).
والظاهرية في هذا الرأي يضيقون منطقة الربا ويخالفون جماهير العلماء الذين يرون شمول الربا للأمور المنصوص عليها وغيرها مما يشترك معها في العلة.
الاتجاه الثاني:
هذا الاتجاه بين النسيئة وربا الفضل، ومن أنصاره العلامة ابن القيم([143])، والفقيه ابن رشد (الحفيد)، وقد ميز أصحاب هذا الاتجاه بين ربا النسيئة ـ وهو ربا جلي أو ربا قطعي ـ، وبين ربا الفضل، وهو خفي أو ربا غير قطعي.
ووجه الفرق عندهم أن ربا النسيئة محرم لذاته تحريمه مقاصد، وهو الذي نزل فيه القرآن، وكانت عليه العرب في الجاهلية، وهو الربا الذي لا يشك أحد في تحريمه، وقد أجمعت الأمة قاطبة على حرمته.
أما ربا الفضل فهو محرم أيضا، ولكن تحريم وسائل من باب سد الذرائع لا تحريم مقاصد، وهو الذي حصل فيه خلاف بين العلماء: هل هو محرم أم لا، وهل التحريم قاصر على المنصوص عليه ـ كما هو رأي الظاهرية ـ أم يتعداه إلى ما يشاركه في العلة ـ كما هو رأي جمهور الفقهاء؟
وقد أطال ابن القيم النفس في هذا البحث في كتابه (أعلام الموقعين)، ومما قال: (الربا نوعان جلي وخفي، فالجلي حرّم لما فيه من الضرر العظيم، والخفي حرم لأنه ذريعة إلى الجلي فتحريم الأول قصدا وتحريم الثاني وسيلة.
فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي يفعلونه في الجاهلية مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال، وكلما أخره زاد في المال حتى تصير المائة عنده آلافا مؤلفة.
وأما ربا الفضل فتحريمه من باب سد الذرائع. . وذلك أنهم إذا باعوا درهما بدرهمين ولا يفعل هذا إلا للتفاوت الذي بين النوعين ـ إما في الجودة وإما في السكة وإما في الثقل والخفة وغير ذلك، تدرجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر، وهو عين ربا النسيئة، وهذه ذريعة قريبة جداً، فمن حكم الشارع أن سد عليهم هذه الذريعة، ومنعهم من بيع درهم بدرهمين نقداً ونسيئة، فهذه حكم معقولة مطابقة للعقول، وهي تسد عليهم باب المفسدة([144]). والذي يترتب على التمييز بين ربا النسيئة وربا الفضل نتيجة هامة هي أن درجة التحريم في ربا النسيئة أشد منه في ربا الفضل، ومن ثم لا يجوز ربا النسيئة إلا لضرورة ملحة كالضرورة التي تبيح أكل الميتة والدم، أما ربا الفضل فيجوز للحاجة ولا يخفى أن الحاجة أدنى من الضرورة([145]).
الاتجاه الثالث:
هذا الاتجاه يميز ما بين الربا الوارد في القرآن الكريم ـ وهو الربا الجلي ـ والربا الوارد في الحديث ـ الربا الخفي.
يقول أصحاب هذا الاتجاه إن الربا المحرم هو ربا الجاهلية وحده، فهو الربا الوارد في القرآن الكريم، وهو الربا الذي يؤدي إلى خراب المدين، إذ هو مخير بين أن يقضي أو يربي ويعجز عن القضاء عادة، فليس إلا أن يربي، ولا يزال الدين يتضاعف عليه حتى يرهقه، وبالتالي يؤدي إلى إفلاسه، وهذا النوع من الربا هو الربا الخبيث، وهو الذي ورد بحق متعاطيه الوعيد الشديد، وهو الربا الجلي الذي حرم تحريم مقاصد لا تحريم وسائل، فلا يجوز التعامل به إلا للضرورة، وهي الضرورة التي تصل في الإلحاح إلى حد إباحة الميتة والدم، أما ربا النسيئة وربا الفضل الواردان في الحديث إنما جاء سدا للذريعة إلى الربا المحرم القطعي وهو ربا الجاهلية([146]).
الاتجاه الرابع:
يحرم أصحاب الاتجاه راب النسيئة([147]). فقط، وأما ربا الفضل فهو مباح عندهم، ويعتبر ابن عباس([148]) رضي الله عنه زعيم هذا الاتجاه، وربا النسيئة عندهم هو ربا الجاهلية، وهو الربا الوارد في القرآن([149]).
الاتجاه الخامس:
أصحاب هذا الاتجاه تأثروا كثيراً بالظروف الاقتصادية المعاصرة، قال هؤلاء إن التطور في الظروف الحاضرة يقتضي التطور في الأحكام فلا بد من قصر التحريم في موضوع الربا على القروض التي يقصد منها الاستهلاك، أما قروض الإنتاج فلا داعي لتحريمها([150]).
والحق أن أصحاب هذا الاتجاه سايروا الواقع كثيراً وحاولوا أن يلووا عنق النصوص لتوافق آراءهم وإلا فإنه من العسير جداً التفريق بين قروض الإنتاج، إذ أكثر القروض وقوعاً هي التي يعقدها الأفراد مع المصارف والمنظمات المالية، فهل هذه قروض استهلاك فتحرم على رأي هؤلاء أم هي قروض إنتاج فتباح على رأيهم. إن التفريق عسير ولا مسوغ له في نظري([151]).
المطلب الثاني: علة الربا
اختلف أصحاب الاتجاهات الموسعة لمنطقة الربا في العلة التي يتعدى بها الحكم ليشمل غير المنصوص عليه من الأصناف الستة:ـ الذهب، الفضة، التمر، الشعير، البر، الملح ـ وطالت بينهم المناقشات والردود، ولذا سوف أعرض لعلة الربا باختصار شديد لئلا([152]) يتشعب الموضوع كثيراً، وقد رأيت تقسيم هذا المطلب إلى فرعين:
الفرع الأول: علة الربا في النقدين.
الفرع الثاني: على الربا في الأصناف الأربعة ـ البر ـ الشعير ـ التمر ـ والملح.
الفرع الأول: علة الربا في النقدين
اختلف الفقهاء رحمهم الله في علة الربا في الذهب والفضة وخلاصة آرائهم كالتالي:
المذهب الأول:
ذهب الإمام أبو الحنفية والإمام أحمد في المشهور عنه إلى أن العلة فيهما الوزن مع الجنس.
قال في المبسوط: (ثم اختلفوا بعد ذلك في المعنى الذي يتعدى الحكم به إلى سائر الأموال، قال علماؤنا رحمهم الله تعالى: الجنسية والقدر، غرفت الجنسية بقوله ﷺ: (الذهب بالذهب والحنطة بالحنطة)، والقدر بقوله صلى الله عليه وسلم (مثلا([153]) بمثل)([154]).
ويعني بالقدر الكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن([155]). وقال في المغني: (روى عن أحمد في علة الربا ثلاث روايات أشهرهن أن علة الربا في الذهب والفضة كونه موزون جنس([156]).
المذهب الثاني:
ذهب الإمام مالك والإمام الشافعي في المشهور عنهما والإمام أحمد في إحدى الروايات عنه إلى أن العلة فيهما جوهر الثمنية غالباً، فالعلة قاصرة على الذهب والفضة.
قال الخرشي: (واختلف على أنه معلل، هل علته غلبة الثمنيَّة، وهو المشهور ـ فتخرج فلوس النحاس وغيرها ـ، أو مطلق الثمنية، وهو خلاف المشهور ـ فتدخل فلوس النحاس وغيرها([157]).
وقال المجموع: (فأما الذهب والفضة فإنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة، وهو أنهما من جنس الأثمان، فيحرم الربا فيهما ولا يحرم فيما سواهما من الموزونات)([158]).
وقال في المغني: (والرواية الثانية أن العلة في الأثمان الثمينة)([159]).
المذهب الثالث:
ذهب الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه والمالكية في غير المشهور إلى أن العلة هي مطلق الثمنية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
قال الخرشي: (واختلف على أنه معلل هل علته غلبة الثمنية، وهو المشهور أو مطلق الثمنية، وهو خلاف المشهور([160]).
وقال ابن تيمية: (والمقصود هنا الكلام في علة تحريم الربا في الدنانير والدراهم، والأظهر أن العلة في ذلك([161]) هي الثمنية لا الوزن، كما قاله جمهور العلماء، ولا يحرم التفاضل في سائر الموزونات كالرصاص والحديد والحرير والقطن والكتان..)
ثم قال: (والتعليل بالثمنية تعليل بوصف مناسب، فإن المقصود من الأثمان أن تكون معياراً للأموال يتوسل بها إلى معرفة مقادير الأموال، ولا يقصد الانتفاع بعينها، فمتى بيع بعضها ببعض إلى أجل قصد بها التجارة التي تناقض مقصود الثمنية)([162]).
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: (وأما الدراهم والدنانير فقالت طائفة: العلة فيهما كونهما موزونين، وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، ومذهب أبي حنيفة وطائفة قالت: العلة فيهما الثمنية، وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى، وهذا هو الصحيح بل الصواب) ([163]).
والذي يظهر لي رجحان الرأي القائل إن علة الربا في النقدين هي الثمنية المطلقة وأن العلة ليست قاصرة على النقدين ـ الذهب والفضة، وإنما تشملهما وغيرهما مما اتخذه الناس سكة بينهم وراج رواج النقدين، وأصبح معياراً لتقويم السلع وتقديرهاـ فإنه على هذا يجري فيه الربا كما يجري في النقدين لأنه بمعناهما ويؤدي وظيفتهما.
الفرع الثاني: علة الربا في الأصناف الأربعة
اختلف العلماء في علة الربا في الأصناف الأربعة البر ـ الشعير ـ التمر ـ الملح ـ اختلافا واسعاً وبلغت أقوالهم نحو عشرة آراء، وسأقتصر على أشهرها تجنباً للإطالة، فأقول وبالله التوفيق:
المذهب الأول:
ذهب الحنفية ـ وهو المشهور عن الإمام أحمد ـ إلى أن علة الربا في الأصناف الأربعة هي الكيل مع الجنس سواء كان مطعوماً كالأرز أو غير مطعوم كالحناء، قال في فتح القدير: (فالعلة عندنا الكيل مع الجنس والوزن مع الجنس)([164]).
وقال في الشرح الكبير (روي عن أحمد في علة الربا ثلاثة روايات أشهرهن أن علة الربا في الذهب والفضة كونه موزون جنس، وعلة الأعيان الأربعة كونه مكيل جنس)([165]).
المذهب الثاني:
ذهب الشافعي وهو رواية عن الإمام أحمد إلى أن العلة هي الطعم والجنس شرط. ويترتب على هذا الرأي أن الربا يجري في كل ما يطعم من الأقوات والآدام والحلاوات والفواكه سواء كان مما يكال أو يوزن أو من غيرهما، لكنه يطعم، فيجرى الربا فيما كان مكيلا كالأرز والذرة، وفيما كان موزوناً كالسمك والسمن واللحم والخضراوات، وفيما ليس بمكيل ولا موزون كالبيض ونحوه([166]).
قال في المجموع: (علة تحريم الربا في الأجناس الأربعة الطعم فيحرم الربا في كل مطعوم سواء كان مما يكال أو يوزن أو غيرهما، ولا يحرم في غير المطعوم، وعلى هذا يحرم الربا في كل ما يطعم من الأقوات والآدام والحلاوات والفواكه)([167]).
وقال في الإنصاف (. . . فتكون العلة في الأثمان الثمنية وفيما عداها كونا مطعوم جنس، فتختص بالمطعومات ويخرج ما عداها)([168]).
المذهب الثالث:
ذهب المالكية إلى أن علة الربا في الأصناف الأربعة الاقتيات والادخار، وزاد بعض المالكية اشتراط غلبة العيش بأن يكون غالب استعماله قوت الآدمي كالقمح([169]).
قال الدسوقي في حاشيته؛ (علة طعام الربا اقتيات وادخار، وهل يشترط مع ذلك كونه متخذا لغلبة العيش بأن يكون غالب استعماله اقتيات الآدمي بالفعل
كقمح وذرة أولا يشترط ذلك، وهو قول الأكثر المعول عليه. . )([170]).
المذهب الرابع:
ذهب الشافعي في القديم، وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن علة الربا في الأصناف الأربعة هي كونها مطعوم جنس مكيلا أو موزونا([171]).
ويترتب على هذا القول عدم جريان الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالبيض، ولا فيما ليس بمطعوم كالحديد والرصاص([172]).
قال في المجموع: (وقول الشافعي القديم أنه لا يحرم الربا إلا في مطعوم يكال أو يوزن فعلى هذا لا ربا في الرمان والبيض وغيرهما مما لا يكال ولا يوزن، فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا، وهذا القول ضعيف جداً)([173]).
وقال ابن تيمية في اختياراته: (والعلة في تحريم ربا الفضل الكيل أو الوزن مع الطعم، وهو رواية عن أحمد رحمه الله)([174]).
المبحث الرابع: مضار الربــا
إذا فشا الربا في أمة من الأمم وترك شأنه حتى يتمكن من السيطرة عليها انتهى بها إلى أسوأ مصير من الاستعباد واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبالتالي إلى تحطيم الأخلاق وكل القيم الإنسانية وإسقاط البشرية في مستنقع آسن من اللذات والشهوات ونظرا لخطورة هذا الوباء سأفصل القول في أضراره مبيناً مضاره الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية فأقول مستعيناً بالله:ـ
المضار الأخلاقية:
الأخلاق هي جوهر الإنسانية وملاك أمرها فكل ما يضرها في صميم هذا الجوهر جدير بالرفض ولا يصلح لأن تأخذ به أبداً ولو كانت فيه منافع كثيرة، والإسلام حين يحرم الربا يريد أن يكون مجتمعاً متراحماً متعاوناً لا تكون قاعدة التعامل فيه أن يستلب القوي ما في يد الضعيف، وأن تستغل حاجات المحتاجين استغلالا دنيئا لزيادة أموال الأغنياء وتكديس ثرواتهم في خزائنهم، وذلك كله على حساب الفقراء الذين يعيشون على موائد الأغنياء الربوية يتوسعون بها ما استطاعوا رغم أن الأيام ترهقهم أكثر وتحملهم مالا يستطيعون وهم على هذه الحال ينظرون إلى الأغنياء أصحاب المطامع العاجلة الذين غرقوا بتأثير الأثرة والبخل وضيق الصدر وتحجر القلب والعبودية للمال والتكالب على المادة. وإلى جانب هؤلاء الأغنياء صنف تشرب صفات الكرم والسخاء والإيثار والمواساة والمناصحة، وسعة القلب ورحابة الصدر وعلو الهمة وهؤلاء هم الذين عناهم القرآن في الآية التالية حيث يقول جل وعلا: [وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ]([175]).
يقول الشيخ شلتوت في تفسيره (وقد وازن القرآن الكريم بين هذه المعاملة القاسية وبين الصدقة والإحسان والتعاون ليبرز لنا صورتين متضادتين صورة الغني الذي يأخذ بيد الفقير رحمة به وإشفاقاً عليه، فيعطيه بعض ماله ابتغاء وجه الله. وصورة الغني الذي امتلأ قلبه بالقسوة فلم يعد له هم إلا أن يمتص دماء المحتاجين ويجمع دراهمه ودنانيره من أفواه الجائعين المحرومين)([176]).
إن الإسلام يربي النفوس على البذل والإيثار والبر ويعلم الغني أنه لم يخرج بغناه عن بني جنسه ولم يصر بالمال نوعاً آخر حتى ينكر الناس ويتنكر لحاجتهم وإنما هو منهم وهم منه وهو بهم وهم به وعليه أن يعاونهم وأن يبادلهم العطف والرحمة والبذل كما يعلم الفقير أنه لم يخسر نفسه إذا خسر المال ولم يفقد كرامته وقيمته الإنسانية وأن هناك إخوة له يشاركونه في آلامه وآماله، يجعلون له نصيباً في أموالهم يتخطى به الصعاب ويصمد أمام الأزمات ومع وجود الربا تنعدم هذه الصفات وتزول إلى غير رجعة فهل من مضرة أخلاقية على كيان الأمة الإسلامية أشد خطراً وأمضى فتكا من هذه الأضرار إن الأمة المحافظة على أخلاقها والتي تحاط بسياح قوى من الخلق الأصيل هي الأمة الجديرة بالبقاء مهما تكالبت عليها الشدائد ووقفت في طريقها العقبات وما أحسن قول([177]) الشاعر في هذا المجال.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت | *** | فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا |
المضار الاجتماعية :
لا شك أن للربا أضراراً اجتماعية خطيرة فهو يزرع الأحقاد والحزازات بين الناس، كما يسبب كثيراً من الجرائم والأمراض النفسية، والمجتمع الذي يتعامل أفراده فيما بينهم بالأثرة ولا يساعد فيه أحد غيره إلا أن يرجو منه فائدة، ويستغل فيه بعض الأفراد عوز الآخرين وضيقهم وفقرهم ويجعل هذا فرصة يغتنمها للتمويل والاستثمار وتكون مصلحة الطبقات الغنية الميسرة فيه مناقضة لمصلحة الطبقات المعدمة.
هذا المجتمع لا يمكن أن تقوم له قائمة لأن قواعده غير محكمة ولا بد تبقى أجزاؤه مائلة إلى التفكك والتشتت في كل حين، يقول الشيخ شلتوت( وقد دلت التجارب على أن المجتمع الذي يرتكز فيه التعاون والتراحم بين الناس بعضهم بعض ويكون شعاره إحساس كل فرد بآلام الآخرين وتموت من بين أفراده نزعة عبادة المال وتقديمه على كل معنى شريف من المعاني الإنسانية الكريمة دلت التجارب على أن المجتمع الذي يكون شأنه ذلك يكون مجتمعاً سعيداً هانئاً، ينظر أغنياؤه إلى فقرائه وفقراؤه إلى أغنيائه نظرة الحب المتبادل، والتعاون المشترك، أما المجتمع الذي تتسلط فيه النزعة المادية على الخلق، فإنه يكون أشبه بمجتمعات الذئاب كل يريد أن يستلب لنفسه ما يستطيع ولو مات غيره، وكل يتربص بغيره دائرة السوء)([178]).
إن المجتمع الذي يتفشى فيه الربا يكثر فيه الصدام بين طبقاته وتحل به الكوارث بسبب عدم التوازن في توزيع الثروات، وما هذه الرجات التي تحصل في وقتنا الحاضر في بعض المجتمعات إلا أدلة واضحة على ما نقول، ومن أضرار الربا الاجتماعية ما يحدثه بين الدول المتجاورة من عداوة وبغضاء إذ من المستحيل إذا عاملت أمة أمة مجاورة لها بالقسوة والغلظة، واستغلت مصائبها وشدائدها لتنال بذلك منفعة مادية أن يبقى لها في نفس جاراتها شيء من العطف والحب والإخلاص، وأضرب لهذا مثلاً واحداً هو الأثر السيئ الذي تركه امتناع أمريكا من إقراض حليفتها إنجلترا بدون ربا، إذ طلبت إنجلترا من أمريكا قرضاًً كبيراً بعد الحرب العالمية الثانية، وألحت بالطلب وأن يكون خالياً من الربا فرفضت أمريكا ذلك وأخيراً أقرضتها بربا، فحصل استياء عام من المسؤولين في انجلترا عبروا عنه بطرق مختلفة يقول اللورد ـ كينز ـ لا أستطيع أن أنسى أبد الدهر ذلك الحزن الشديد والألم المرير الذي لحق بنا من معاملة أمريكا لنا في هذه الاتفاقية فإنها أبت أن تقرضنا شيئا إلا بربا)([179]).
المضار الاقتصادية:
الإسلام يريد نظاماً عادلاً، حتى لا يطغى قوي على ضعيف ولا غني على فقير وحتى لا يكون المال دولة بين الأغنياء، ولذا أوجب على كل فرد يعيش في ظلاله أن يكون طريق كسبه مشروعاً لا شبهة فيه، وقد أحل في نظامه البيع وحرم الربا لأن المال وحده في نظر الإسلام لا يلد المال وإنما ينتج المال بالعمل وبالبيع والشراء والتعرض للربح والخسارة بما ينفع الأمة ويعود عليها بالصالح العام، والمجتمع الصالح المبني على أسس قوية هو المجتمع الذي يكون كل فرد من أفراده عضواً عاملاً فيه إذا كان بعض أفراده عاملين وبعضهم كسالى يعيشون عالة على غيرهم ويعتمدون في بقائهم ومتاعهم على ما يقدمه الآخرون لهم فإن هذا المجتمع يختل توازنه، ويدركه الضعيف والشقاء والتخاذل بقدر ذلك.
يقول الرازي في تفسيره (إنما حرم الربا من حيث إنه يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد نقداً كان أو نسيئة تغل عليه اكتساب وجه المعيشة فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات)([180]).
ويقول الشهيد سيد قطب ( إن النظام الربوي نظام معيب من الوجهة الاقتصادية البحتة وقد بلغ من سوئه أن تنبه لعيوبه بعض أساتذة الاقتصاد الغربيين أنفسهم، وهم قد نشأوا في ظله وأشربت عقولهم وثقافتهم تلك السموم التي تبثها عصابات المال في كل فروع الثقافة والتصور والأخلاق)([181]). وإليك شهادتين أدلى بهما أستاذان من أكبر أساتذة الاقتصاد الغربيين يقول الاقتصادي كينز ـ وهو من ألمع الاقتصاديين الرأسماليين المعاصرين ـ في كتابه النظرية العامة: (إن ارتفاع سعر الفائدة يعوق من الإنتاج لأنه يغري صاحب المال بالادخار للحصول على عائد مضمون دون تعريض أمواله للمخاطرة في حالة الاستثمار في المشروعات الصناعية أو التجارية، كما أنه من ناحية أخرى لا يساعد رجل الأعمال على التوسع في أعماله لأنه يرى أن العائد من التوسع ـ مع ما فيه من مخاطر ـ يعادل الفائدة التي سيدفعها للمفروض سواء كان الاقتراض عن طريق المصرف أو بموجب سندات وعلى ذلك فكل نقص في سعر الفائدة سيؤدي إلى زيادة في الإنتاج وبالتالي في العمالة وإيجاد الفرصة لتشغيل المزيد من الناس)([182]).
وهذا هو نفس ما انتهى إليه الدكتور شاخت المدير السابق لبنك الرايخ الألماني في محاضرة له بدمشق عام 1953م حيث قال: (إنه بعملية رياضية غير متناهية يتضح أن المال في الأرض صائر إلى عدد قليل جداً من المرابين ذلك أن الدائن الرابي دائماً في كل عملية بينما المدين معرض للربح والخسارة ومن ثم فإن المال كله في النهاية لابد ـ بالحساب الرياضي ـ أن يصير إلى الذي يربح دائماً وإن هذه النظرية في طريقها إلى التحقق الكامل فإن معظم مال الارض الآن يملكه ـ ملكاً حقيقياً ـ بضعة ألوف أما جميع الملاك وأصحاب المصانع الذين يستدينون من المصارف والعمال وغيرهم فليسوا سوى أجراء يعملون لحساب أصحاب المال، ويجني ثمرة كدهم أولئك الألوف)([183]).
هاتان الشهادتان دليل صريح من الواقع على ضرر الربا من الناحية الاقتصادية وإنني إذ أسوقهما ـ مع ما نراه نحن من ضرر واضح للربا في واقعنا الحاضر ـ وفوق ذلك كله مع ما قرره القرآن قبل أربعة عشر قرناً من ضرر خطير للربا ـ أسوقهما لأولئك المفتونين بحب الغرب وأساتذته لينتبهوا للخطر المدمر الذي يسحق البشرية سحقاً ويشقيها في حياتها أفراداً وجماعات دولاً وشعوبا لمصلحة حفنة من المرابين، ويحطها أخلاقياً ونفسياً وعصبياً، ويحدث الخلل في دورة المال ونمو الاقتصاد البشري نمواً سوياً نسأل الله أن تعود البشرية إلى رشدها وتأخذ بالنظام الإسلامي جملة لتحيا حياة كريمة في ظلال الإسلام الوارفة.
المبحث الخامس: حكمة تحريم الربا
التعامل بالربا يحمل على حب الأثرة، والتكالب على جمع المادة، ويحمل على البخل والشح وضيق الصدر وتحجر القلب والعبودية للمال، والمجتمع الذي تسود أفراده الأثرة وحب الذات وتقديم مصلحة الطبقات الغنية على مصلحة الطبقة الفقيرة يصبح في حالة من الشحناء والبغضاء والتفكك والتصدع. وإن البون الشاسع بين هذا المجتمع الذي تسوده تلك الرذائل وبين المجتمع الذي تقوم دعائمه على التعاون والتكافل، ويتعامل أفراده فيما بينهم بالكرم والسخاء ومساعدة المحتاجين ومدّ يد العون لهم، والإسلام حريص كل الحرص على اتقاء الضرر ودفعه واستجلاب النفع واستيفائه، وفي التعامل بالربا إضرار بالفقير لأن الغالب غنى المقرض وفقر المقترض.
يقول الشيخ محمد عبده: (وإننا نرى البلاد التي أحلت قوانينها الربا قد عفت فيها رسوم الدين وقل فيها التعاطف والتراحم وحلت القسوة محل الرحمة حتى إن الفقير فيها يموت جوعاً ولا يجد من يجود عليه بما يسد رمقه) ثم يقول: (إن أوربا نجحت في تحرير الناس من الرق ولكنها غفلت عن رفع نير الدينار عن أعناق الناس الذين ربما استعبدهم المال يوماً ما. .) إلى أن يقول: (وهذه بلادنا قد ضعف فيها التعاطف والتراحم وقل الإسعاد والتعاون منذ فشا فيها الربا)([184]).
ويقول الشيخ محمد رشيد رضا: (إن تحريم الربا هو عين الحكمة والرحمة الموافق لمصلحة البشر وإن إباحته مفسدة من أكبر المفاسد للأخلاق وشئون الاجتماع زادت في أطماع الناس وجعلتهم ماديين لا هم لهم إلا الاستكثار من المال وكادت تحصر ثروة البشر في أفراد منهم وتجعل بقية الناس عالة عليهم، فإذا كان المفتونون من المسلمين بهذه المدينة يتنكرون من دينهم تحريم الربا بغير فهم ولا عقل فسيجيئ يوم يقر فيه المفتونون بأن ما جاء به الإسلام، هو النظام الذي لا تتم سعادة البشر في دنياهم فضلاً عن آخرتهم إلا به)([185]).
ولعل من أبرز أسباب تحريم الإسلام للربا أنه يقتضي أخذ مال الإنسان بغير عوض وهو شنيع ممنوع لأن المال شقيق الروح، فكما يحرم إزهاق الروح من غير حق يحرم أخذ المال بغير حق.
وأيضاً فالربا يربي الإنسان على الكسل والخمول، ويقعد به عن العمل والسعي في الأرض بالتجارة أو الزراعة أو الصناعة وبهذا يصبح عضواً فاسداً في المجتمع وكلما فشا الربا وانتشر كثرت هذه الأعضاء الفاسدة في جسم الأمة فتضعف تدريجياً حتى تنهار.
وأيضاً فالربا يقضي على المودة بين الناس ويزيل رباط الأخوة الذي هو مكمن قوتهم وسر نهضتهم ومتى ما كثر الربا تضاعفت الأحقاد وساءت العلاقات بين الأفراد فيتسلط المرابون أصحاب الجشع على إخوانهم الفقراء، يمتصون دماءهم ويرهقونهم بالديون المتضاعفة فيوغرون صدورهم ضدهم وحول هذا يقول العلامة ابن القيم: (فأما الجلي فربا النسيئة وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال وكلما أخره زاد في المال حتى تصير المائة عنده آلافاً مؤلفة، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج فإذا رأى أن المستحق يؤخر مطالبته ويصبر عليه بزيادة يبذلها تكلف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقت إلى وقت فيشتد ضرره وتعظم مصيبته ويعلوه الدين حتى يستغرق جميع موجوده، فيربو المال على المحتاج من غير نفع يحصل له ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل لأخيه فيأكل مال أخيه بالباطل ويحصل أخوه على غاية الضرر فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرم الربا ولعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وآذن من لم يدعه بحرب منه وحرب من رسوله ولم يجئ مثل هذا الوعيد في كبيرة غيره ولهذا كان من أكبر الكبائر)([186]).
يتضح لنا من هذا النص وجاهة التشريع الإسلامي في تحريم الربا وذلك لما يأتي:
1_ أن فيه ظلماً واضحاً لاسيما في ربا القرض لأن فيه أخذ مال من غير عوض ولا جهد ولا عمل ولا تعرض لربح وخسارة.
2_ أنه يربي الإنسان على الكسل والخمول والابتعاد عن الاشتغال بالمكاسب المباحة النافعة.
3_ أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس والتعاون والتراحم والمواساة والإحسان فيما بينهم وتكدس الأموال بأيدي نفر قليل من المرابين.
4_ الربا يجمع أموال الأمة في يد طبقة معينة تتحكم في رقاب الناس واقتصاد البلاد.
5_ والربا مصادم للأخلاق ناقض للفضيلة لا يعرف الخلق والفضيلة ولا يتقبلهما أبداً لأن المرابين لا تزيد ثرواتهم إلا إذا كثرت مصائب الناس وعظمت حاجتهم والذين يتعاطون الربا أعداء ألداء للمجتمع لا يرجون له خيراً بل يعلمون نزول المصائب وخلق الأزمات.
6_ والربا معصية كبيرة لله تعالى ينطوي على خيانة الأمانة المال الذي استخلف عليه الإنسان إذ المرابي يخون الله ورسوله ويتمرد على أوامر الله ورسوله.
يقول الشهيد سيد قطب (النظام الربوي بلاء على الإنسانية ـ لافي إيمانها وأخلاقها وتصورها للحياة فحسب ـ بل كذلك في صميم حياتها الاقتصادية والعملية وهو أبشع نظام يمحق سعادة البشرية محقاً ويعطل نموها الإنساني المتوازن على الرغم من الطلاء الظاهري الخداع الذي يبدو كأنه مساعدة من هذا النظام للنمو الاقتصادي العام)([187]).
وقال الشيخ عطية سالم في معرض حديثه على قوله تعالى: [وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([188]). نبه تعالى على أن أخذ الربا ظلم وهو إشارة إلى العلة والواقع أنها أعظم علة يمكن الاعتماد عليها ورد جميع صور المعاملات الربوية إليها لأن جميع النهي عنه من أنواع المكاسب لا تخرج عن هذه العلة فالسرقة والغضب والغش والتدليس والاختلاس كل ذلك ظلم. . .
ثم قال: (والواقع أن هذه ليست كل العلة بل هي جزء منها وهو الجزء الذي يتعلق بالمدين المظلوم وهناك علة أخرى معنوية تتعلق بنفسية المرابي وهي التي سولت له ارتكاب الظلم ألا وهي شح النفس الذي ولد قسوة القلب وموت الضمير وانتزاع الرحمة وبلّد الشعور الإنساني)([189]).
المبحث السادس: شبه القائلين بحل الربا والرد عليها:
يرى بعض الناس أن الربا أصبح في عصرنا الحاضر معاملة عامة وأساساً من أسس الاقتصاد لأن المصارف المالية والشركات المختلفة التي لا غنى للأمة عنها تتعامل بالربا ولذا ليس من المصلحة أن تبتعد الأمة عن التعامل به، لأنه ضرورة من ضرورات الوقت الحاضر وبناء على هذا الرأي ذهبوا يتلمسون الشبه الواهية التي يمكن أن يدخلوا عن طريقها إلى القول بإباحة أنواع الربا، وقد كثرت شبه القوم في تحليله وسأذكر معظمها بإيجاز مفصلاً القول في ثلاث شبه منها لأنها أكثرها تداولاً على ألسنة الناس.
الشبهة الأولى:
استدل بعض المعاصرين بمطلق قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ]([190]) على أن الربا جائز طالما أن هناك تراضياً من الطرفين.
الرد على هذه الشبهة:
هذا القول خاطئ إذ ليس مطلق التراضي هو الذي يبيح الشيء إنما الذي يبيحه هو وجود التراضي بين المتبايعين على شيء لا يخالف حكم الله فهذا غير جائز أبداً.
الشبهة الثانية:
قال المجيزون للربا إن كراء الأرض جزاء بدون جهد فكيف نفرق بين إيجار الأرض والاقتراض بالربا.
الرد على هذه الشبهة:
الجواب على هذه الفرية بينّ وواضح [فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ]([191]).
إن كراء الأرض من باب الإجارة التي أباحها الشارع الحكيم مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة التي لا تستهلك، أما إقراض الدراهم فمن جنس التبرع بالمنافع ولهذا لا يجوز أخذ الأجر عليها، والفرق كبير بينهما وبين منافع العين المؤجرة فإن منافع الإجارة مضمونة على المؤجر، لأن العين المؤجرة تلفت قبل التمكن من الاستيفاء وهذا بخلاف المنافع العائدة من القرض للمستقرض فإنها ليست بمضمونة على المقرض بل القرض نفسه قد يتعرض للتلف ويكون من ضمان المستقرض وهنا يبدو الغرر ويظهر الضرر وتتجلى الحكمة من تحريم الربا.
الشبهة الثالثة:
قالوا الربا مقيس على الشركة فكما أن الشريك الذي لا يعمل في الشركة يأتيه ربح بغير جهد فكذلك ينبغي أن يباح ما يأخذه المرابي قياساً عليه.
الرد على هذه الشبهة:
ورداً على هذه الفرية الحمقاء نقول: إن حصة الشريك خاضعة لمبدأ الربح والخسارة فإذا وفق المشروع ونجح ربحت الشركة وعاد جزء من الربح للشريك وإذا لم يوفق المشروع فإن الشركة تخسر ويعود جزء من الخسارة على الشريك، أما المرابي فالربح دائماً من نصيبه ولو على حساب المقترض وخسارته وهذا ضرر بالغ والمعاملات التجارية مبنية على العدل والرحمة والشفقة.
الشبهة الرابعة:
قال بعض المجيزين للربا إن التزام الزيادة قبل الوفاء نظير الزيادة عند الوفاء فكما أن الأخيرة جائزة بل ومندوب إليها فكذلك لا مانع من جواز الأولى.
الرد على هذه الشبهة:
الزيادة المشروطة قبل الوفاء فيها معنى الظلم واستغلال حاجة المحتاج، أما غير المشروطة فهذه فضل وكرم من صاحبها فهي عكس الزيادة الأولى.
الشبهة الخامسة:
قال المجيزون للربا إن الربا المحرم في القرآن هو الربا المضاعف أما غيره فلا يسري عليه التحريم.
الشبهة السادسة:
قالوا الربا مقيس على السلم فكما أن السلم جائز فكذلك الربا إذ المعنى فيهما واحد.
الشبهة السابعة:
قالوا: الربا ضرورة في هذا العصر إذ البناء الاقتصادي لا يقوم إلا عليه ولو قلنا بتحريمه لتعطلت الأمة وحلت بها الكوارث.
هذه الشبه الثلاث هي أكثر الشبه تداولاً على الألسنة وهي التي يتعرض لها أكثر الباحثين في قضية الربا ولهذا سوف أعرض لها بشيء من التفصيل علّ ما أذكره يكون عبرة لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. أقول وبالله التوفيق.
الشبهة الخامسة:
قال المجيزون للربا إن الربا المحرم إنما هو الفاحش الذي تكون النسبة فيه مرتفعة، أما الفائدة المعتدلة فلا حرمة فيها لأن الله تعالى قيد النهي عن الربا بقيد المضاعفة حيث قال سبحانه وتعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً]([192]). فهذا دليل على أن النهي عن الربا المحرم جاء مشروطاً ومقيداً بهذا القيد وهو كونه أضعافاً مضاعفة أما قوله تعالى: [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]([193]). فهو مطلق مقيد بالآية السابقة([194]).
الرد على هذه الشبهة:
هذه الشبهة باطلة ويتضح بطلانها من الوجوه التالية:
1_ أن قوله تعالى: [أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً]([195]) ليس قيداً ولا شرطاً لتحريم الربا وليس للتخصص وإنما هو لبيان الواقع الغالب الذي كان التعامل عليه أيام الجاهلية والتشنيع عليهم بأن هذه المعاملة ظلم واضح وعدوان على الضعفاء والمساكين ولهذا الأسلوب نظائر كثيرة في القرآن كقوله تعالى: [وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً]([196]). فقوله: [إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً] ليس قيداً ولا شرطاً لتحريم الزنا وأن الإماء إذا لم يردن التحصن جاز إكراههن على البغاء أو جاز تمكينهن منه ولو بدون إكراههن على البغاء أو جاز تمكينهن منه ولو بدون إكراه وإنما القيد مسوق للتأنيب وتفظيع ما كانوا يفعلونه مع إمائهم من إكراههن على البغاء يتكسبن به ويعطينه لسادتهن فجاءت الآية تقبيحاً لشنيع فعلهم.
2_ أن قوله تعالى: [وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([197]). وقوله تعالى: [وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا]([198]).
نص صريح قاطع على أن ما زاد على رأس المال ظلم صارخ بلا تحديد ولا تقييد فقد أمر بترك كل ربا للمؤمنين على الناس مما يدل على تحريم الربا في جميع صوره ومهما كان سعر الربا قليلاً.
3_ أنه لا تنافي بين قوله: [وَحَرَّمَ الرِّبَا]([199]) وبين قوله: [أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً]([200]) لأن الربا في الأولى عام في الزيادة مطلقاً، والثانية لا تنافي ذلك العموم؛ لأن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافقه ليس تخصيصاً له، وهذا يدل على أنه لم يقصد من قوله تعالى: [أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً] الدلالة على أنه إذا كان غير مضاعف يحل أكله وهذا ما تؤيده الآية التالية [وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([201]) لأنها تؤكد تحريم الزيادة على رأس المال قليلة أو كثيرة ولو كانت الثانية أفيداً لكان بينهما وبين الثالثة تناقض وهذا ليس بجائز إذ [لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ]([202]).
4_ أجمع المسلمون على تحريم الربا قليله وكثيره وقد نقلت طرفاً من كلام أهل العلم عند حديثنا على أدلة تحريم الربا.
يقول الشيخ شلتوت بعد أن ساق شبهة من قصر التحريم على ربا المضاعف (وهذا قول باطل فإن الله سبحانه وتعالى أتى بقوله [أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً] توبيخاً لهم على ما كانوا يفعلون وإبرازاً لفعلهم السيء وتشهيراً به وقد جاء مثل هذا الأسلوب في قوله تعالى: [وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا]([203]) فليس الغرض أن يحرم عليهم إكراه الفتيات على البغاء في حالة إرادتهن التحصن وأن يبيحه لهم إذا لم يردن التحصن ولكنه يبشع ما يفعلونه ويشهر به. . )([204]).
الشبه السادسة:
قياسهم الإقراض بفائدة على السلم ووجه ذلك أن القرض بفائدة فيه نفع للطرفين فالمقترض يحصل على المال العاجل ليسد حاجته ويقوم بشئونه الخاصة، والمقرض يحصل الأكثر آجلا مقابل الأجل الذي أعطاه للمقترض. وهذا نظير السلم فإنه يعتمد على دفع الأقل عاجلاً للحصول على الأكثر آجلاً وقد أباحته الشريعة فحيث جاز السلم فإننا نقيس عليه القرض بفائدة لأن المعنى فيهما واحد.
الرد على هذه الشبهة:
الفرق بين القرض بفائدة وبين السلم واضح وقياس أحدهما على الآخر قياس مع الفارق وهذه بعض الفروق الأساسية بينهما.
1_ السلم نوع من البيع فيه ثمن ومثمن فليس النقد فيه كل شيء أما القرض بفائدة فالنقد فيه كل شيء وهو المقصود في العقد.
2_ المشتري في السلم ليس كاسباً على كل حال فقد ترخص السلعة التي أسلم فيها عند حلول الأجل، وقد يرتفع سعرها، ولهذا فالربح غير مضمون والمخاطرة التي تكون في التجارة موجودة في السلم، وهذا بخلاف القرض بفائدة فالربح فيه مضمون ومعروف سلفاً.
3_ عقد السلم فيه حث على الزراعة والصناعة والتجارة وتكثير السلع وإنتاجها مما يسبب ازدهار الحياة وانتعاش الحركة الاقتصادية، وهذا عكس المعنى الموجود في القرض لأنه بفائدة لأنه يدعو إلى تفويض السوق التجارية، ويحث على البطالة وعدم الاشتغال بالأعمال الزراعية والصناعية والتجارية.
يقول الشيخ شلتوت: (أما ما اعترضوا به من إباحة السلم فإن السلم بيع فيه ثمن ومثمن وليس النقد هو كل شيء فيه وليس المشتري فيه دائماً كاسباً فقد ترخص السلعة عند حلول الأجل، وقد تغلو فالمخاطرة التي تكون في التجارة موجودة فيه)([205]).
الشبهة السابعة:
لا يتصور المسلم إطلاقاً أن هناك ضرورة اقتصادية أو اجتماعية تجعل المسلمين في حال اضطرار إلى التعامل بالربا لكنها الرغبة في تنمية الأموال والتوسع في التجارات وإنشاء المصانع وهذه ليست ضرورة تبيح ما حرم الله.
ثم إن الله جل وعلا حين حرم الربا شرع للناس من الحلال ما يغنيهم عن الحرام، فهل أغلقت كل أبواب الإنتاج الحلال أو سدت طرق المكاسب الطبيعية كالسلم، والمضاربة الشرعية، والبيع بالنسيئة والتقسيط، والاتجار بأنواعه والإسهام في المصانع والمزارع والشركات فهذه الطرق المشروعة وغيرها كثير فيها غنية عن الربا المحرم وأيضاً فثمة دليل من الواقع على أن الربا ليس ضرورة اقتصادية. ذلك أن المسلمين قامت لهم حضارة ومدنية إسلامية، ولم تشهد الدنيا لها مثيلاً، واستمرت تلك الحضارة وتلك المدنية قروناً طويلة سارت فيها شئون الحياة الاقتصادية على وجه لم يشهد له مثيل، حيث كان التآخي والمحبة والإنفاق من أسس هذه الحضارة الأصيلة وعلى هذا لم تعرف الحضارة الإسلامية الربا بأي نوع من أنواعه لأنها كانت في غنى عنه([206]).
ولقد بات من المؤكد أن النظم الاقتصادية التي يتشدقون بها ويأخذون على الإسلام عدم مجاراته لها قد صارت الآن في موضع الشك والتزلزل عند أهليها والمتعاملين بها وأصبح العالم يبحث عن نظام اقتصادي؛ ينقذ العالم مما يعانيه من الأزمات الخانقة وتسلط فئة قليلة العدد مستحوذة على العالم منتفعة بما يدره عليها من الربح والجاه والنفوذ، وذلك على حساب طائفة أخرى هي الكثرة العاملة الناصبة لا هم لها إلا أن تكدح لهؤلاء وتجد في تنمية ثرواتهم ثم لا ينالها من هذا الكدح والنصب إلا أدنى القوت وأحط المساكن والملابس، والواقع أن هذه الشبه التي سقتها ولاسيما الشبهة السابعة أتت من عمل أهل التشكيك في صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان والقضية ليست قضية الربا أو غيره من المعاملات المالية وإنما هي قضية الشريعة كلها بعد أن انصرف عنها أهلها وفتنوا بقوانين الغرب وشبهاته حول الإسلام وأهله.
الباب الثاني
البنــوك الإسلاميـة
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها وخصائصها.
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها
المبحث الثاني: خصائص البنوك الإسلامية.
الفصل الثاني:
إسهام البنوك الإسلامية في التصحيح الإسلامي للمسار الاقتصادي.
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: تخليص البلاد الإسلامية من التبعية الاقتصادية.
المبحث الثاني: تجميع فوائض رؤوس الأموال واستثمارها.
الفصل الأول
التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها وخصائصها
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها.
المبحث الثاني: خصائص البنوك الإسلامية.
المبحث الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها
البنك الإسلامي: هو كل مؤسسة تباشر الأعمال المصرفية على أسس الشريعة الإسلامية وقواعدها الفقهية.
يقول الدكتور أحمد النجار: (باستعراض قوانين ومراسيم إنشاء البنوك الإسلامية التي قامت حتى الآن نستطيع أن نخلص إلى تعريف عام للبنك الإسلامي مؤداه أن البنك هو مؤسسة مالية مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة الإسلامية مما يخدم بناء مجتمع التكافل الإسلامي وتحقيق عدالة التوزيع ووضع المال في المسار الإسلامي )([207]).
هذا هو تعريف البنك الإسلامي أما وصفه بالإسلامي فالقصد من ذلك بيان هوية الالتزام المقررة في أسلوب التعامل الذي يسير عليه هذا البنك في علاقته مع الناس سواء كانوا من المودعين أو من الممولين المستثمرين وهو أسلوب ملتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية أسلوب يطهر المعاملات من أية محظورات ويوفر البدائل الكافية التي تنبع من صميم التشريع الإسلامي.
نشأة البنوك الإسلامية:([208])
من المعلوم أن نصوص الإسلام متضافرة على تحريم الربا وعلى اعتباره منكراً اقتصادياً واجتماعياً غليظ الإثم، وقد عدّه بعض الباحثين جريمة سياسية، ونحن نشاهد عين الحقيقة أن الشبكة الربوية المنتشرة في الحياة العامة انتشار الشرايين في الجسم قد صدعت البناء الاجتماعي للإسلام وشوهت حقائقه في قلوب أبنائه، وإذا كان المسلمون يستوردون أنظمتهم من الشرق والغرب ـ ناسين ما لديهم من نظام اقتصادي أصيل ـ فعليهم أن يعلموا أن الشرق والغرب لا يبالي في تنحية الدين عن الحياة الاقتصادية لأنه لا ميزان للأخلاق عندهم، بل القوي هو المتسلط ولو كان على حساب الفقراء والمساكين، والإسلام نظام متكامل فهو حين يحرم التعامل الربوي يقيم نظمه على أساس الاستغناء عن الحاجة إلى هذا النوع من التعامل دون مساس بالنمو الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، ونحن نعتقد اعتقاداً جازماً وجود استحالة اقتصادية في أن يحرم الله أمراً لا تقوم الحياة البشرية ولا تتقدم بدونه لهذا كان لزاماً على المسلمين أن يبحثوا عن نظام اقتصادي لا يتعارض مع الشرع المطهر، وقد ظهرت النوايا الطبية من بعض الباحثين فأخذوا يفكرون في البديل الإسلامي لهذه المصارف الربوية وأخيراً زادت قناعتهم بحتمية الحل وسرعته، لاسيما وقد رأوا أنظار المسلمين تتجه إليهم بعد الصحوة العامة في السبعينيات من هذا القرن، ولكن الظروف المحيطة بالعالم الإسلامي في بداية عهده بالتفتح لم تكن تساعد على حمل لواء التحدي لرفض هذه الأعمال المستجدة طالما أنه لا يوجد عنها بديل.
وقد بدأت المحاولات بتبرير الواقع وتلمس المسالك المختلفة لإخراج الفوائد وما في حكمها من نطاق الربا المحرم. ثم انتقلت المحاولات إلى التطويع والتوفيق ثم ظهرت في العالم الإسلامي محاولات أكثر جرأة وأقوى إيجابية بحيث رفضت الواقع المنقول من الغرب في عهد التبعية والضعف واتجهت هذه المحاولات إلى إيجاد البدائل الإسلامية. وهكذا تحول الاتجاه من خط الدفاع السلبي إلى خط التنفيذ الإيجابي وشهدت الثمانينيات من هذا القرن تجربة وراء تجربة لبنوك إسلامية أثبتت وجودها رغم أنوف الحاقدين ورغم ما وضع في وجهها من عقبات وقد بدأت أول محاولة لتنفيذ توجيهات الله في المؤسسات المطلوبة للمجتمع متمثلة في بنوك الادخار بمصر سنة(1963م). أعقباتها محاولات مماثلة في الباكستان ثم ثانية في مصر (بنك ناصر الاجتماعي سنة 1971م) ثم البنك الإسلامي للتنمية بالسعودية (سنة 1974م) ثم بنك دبي الإسلامي(سنة 1975م) فبنك فيصل الإسلامي السوداني(سنة 1977م) فبيت التمويل الكويتي (سنة 1977م) ثم بنك فيصل الإسلامي المصري (سنة 1977م) ثم البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار (سنة 1978م)
يقول الدكتور غريب الجمال حول نشأة البنوك الإسلامية (يأبى الكثير من الشعوب الإسلامية التعامل بالربا وبالتالي فهي لا تتعامل مع المصارف القائمة الآن وعلى ذلك تظل الأموال المملوكة لهذه المجموعات الضخمة من أبناء العالم الإسلامي معطلة ولذا كان من الدوافع للدعوة إلى إنشاء المصارف الإسلامية إيجاد مخرج لهذه الشعوب سعياً وراء الإفادة من الأموال المملوكة لها لمصالح العالم الإسلامي بأجمعه بالإضافة إلى إنارة الطريق أمام ولاة الأمور في هذه الشعوب لإراحة ضمائرهم بإيجاد النظام الكفيل بأن يحقق للدول الإسلامية تنمية مجتمعها بالأسلوب الشرعي)([209]).
ونحمد الله جل وعلا أن حقق للأمة الإسلامية شيئاً طالما تطلعت إليه في نظرتها إلى مستقبل أفضل فمن آمالها الكبيرة أن يعيد مجتمعها بناءه الاقتصادي على أسس مثالية شرعية ـ نحمده جل وعلا ـ أن هيأ جماعة من المسلمين المخلصين لربهم ومن ثم لأمتهم والذين اقتنعوا بصلاحية الشريعة الإسلامية لتنظيم المعاملات المصرفية فأخرجوا للعالم الإسلامي المنكوب عدة مصارف باشرت عملها بعيداً عن الربا المحرم.
ولعل سائلاً يسأل لماذا لم توجد هذه المصارف طيلة العصور الماضية والتي خلالها عرف الناس المصارف واحتاجوا إليها؟
ونقول جواباً عن هذا السؤال إن خلو الساحة الإسلامية خلال حقبة طويلة من الزمن من الحلول العملية البديلة للعمل الاستثماري القائم على التعامل بالفوائد لم يكن بسبب قصور في فقهاء الشريعة أو عجزهم عن إدراك طبيعة المعاملات التي تتطلبها الحياة ولكن العيب كل العيب كان يكمن فيمن تشبث في عناد بكل ما حصل عليه من فكر وافد إليه من الغرب أو الشرق وفي نظره أن هذا الفكر دون سواه هو الفكر الأمثل الذي يجب أن يحتذى ولا سبيل للحياة بدونه في ظل مقتضيات هذا العصر.
والحق أن المكابرين أقاموا سداً منيعاً من صنع أنفسهم بين عقولهم وبين ما قدمه علماؤنا الأجلاء من فكر نير يشتمل على الحلول الجذرية لكثير مما استجد من قضايا الحياة، وحال بين هؤلاء المكابرين وبين ما خلفه سلفنا الصالح ذلك التعلق المشين بالمستعمر وأن ما لديه هو الحق الذي لا يقبل النقاش وأما تراث السلف ففيه العقم والسطحية وهذا ليس قاصراً على الناحية الاقتصادية وحدها بل شمل جميع مجالات الحياة وإننا على يقين ـ ونحن نرى نجاح المصارف الإسلامية القائمة فعلاً ـ أن عددها ـ بإذن الله ـ سيتضاعف ويتشعب ومن ثم تتسع الدائرة وتقوى الرابطة بينها على مستوى العالم الإسلامي كله ليتحقق الدعم والتمويل اللازم لمشروعات استغلال موارد الشعوب الإسلامية استغلالاً يخدم المصلحة ويتسم بالعدل والكفاءة في إطار تضامن إسلامي قوي وطيد.
المبحث الثاني: خصائص البنوك الإسلامية
من المسلّم به أن عمر البنوك الربوية في بلادنا لا يزيد عن مائة عام ـ مهما قيل عن قدمها ورسوخ جذورها ـ وقد صاحب دخول هذه البنوك الربوية دخول الاحتلال الأجنبي للبلاد الإسلامية وليس بخافٍ على ذي بصيرة أن مجتمعاتنا الإسلامية قد ظلت أربعة عشر قرناً لا تعرف الفائدة في معاملاتها ولا تتعامل بها بل تتجنبها وتحرمها.
والوافق الزمني بين سيطرة الاحتلال الأجنبي وقيام هذه البنوك الربوية في مجتمعاتنا الإسلامية يؤكد القول بأن هذه البنوك إنما أقيمت عن عمد لكي تساعد الاحتلال الأجنبي بسيطرتها الاقتصادية ولكن تعمق التناقض في هذه المجتمعات بين ما يعتقده الأفراد من حرمة للربا وبين ما يمارسونه من واقع عملي كله عالة على الربا ولكي تزرع بذور الشك في عدم صلاحية التشريع الإسلامي للعصور المتأخرة، ولكن الله جل وعلا ـ وقد تكفل بحفظ شريعته ـ هيأ لبعض المفكرين القدرة على طرح فكرة البنوك الإسلامية وأخذت مجراها في الحياة العملية.
وأصبح الناس حيارى حيال هذا المشروع العملاق الذي أثبت وجوده رغم كل العقبات والصعوبات التي وضعت عمداً في طريقه وكان على أصحاب هذه التجربة أن يجعلوا هذه البنوك قادرة على الوفاء بالأمور التالية:
1_ أن يكون البنك اللاربوي ـ الإسلامي ـ قادراً على أداء كل الوظائف التي تقوم بها البنوك الربوية من تمويل وتيسير لمعاملات وجذب للودائع وتحويلات وصرف وما شاكل ذلك من العمليات المصرفية.
2_ أن يكون البنك الإسلامي ملتزماً بأحكام الشريعة الإسلامية مع القدرة على الوفاء بمتطلبات العصر من حيث التنمية الاقتصادية في جميع مجالاتها.
3_ أن يكون البنك ملتزماً بالأسس الاقتصادية السليمة التي تتفق مع المبادئ الإسلامية ولا عليه أن يلتزم بالأسس المصرفية السليمة، لأن الأخيرة تنبثق مبادئها من المصارف الربوية وحسب.
هذه الأمور لا بد أن يفي بها البنك الإسلامي لكي يساير الحياة المعاصرة بكل قضاياها المستجدة ومع كل ما تقدم وهناك خصائص أساسية تميز البنك الإسلامي عن غيره أجمل الحديث عنها فأقول:
الخاصية الأولى:
استبعاد التعامل بالفائدة ـ الربا ـ وتشكل هذه الخاصية المعلم الرئيسي للبنك الإسلامي وبدونها يصبح البنك أي شيء آخر غير كونه بنكاً إسلامياً والأساس الذي بنيت عليه هذه الخاصية أن الإسلام حرم الربا وشدد عليه العقوبة. والبنك الإسلامي ينطلق من تصور الإسلام لهذه الحياة ولكي تنسجم البنوك الإسلامية مع غيرها من المؤسسات الأخرى التي تشكل في مجموعها المجتمع الإسلامي لابد من تنقيتها مما لا يتلاءم مع الإسلام وبهذا ينعدم التناقض الموجود في بنية المجتمع الذي يتعامل أفراده بالربا عن طريق البنوك الربوية وسوءات الربا معروفة ومسلّم بها منذ أجيال، ولهذا نرى كثيراً الاقتصاديين المرموقين ينسبون للنظام الربوي جميع العيوب التي ظهرت في المجتمعات الرأسمالية ويكاد يكون هناك إجماع على أن الربا يفتح باب الظلم والاستغلال فكلما كثرت الأزمات وعم الضيق زاد التعامل بالربا ووجد المرابون لذتهم وسعادتهم في كسر ظهور المحتاجين وإرهاقهم بالقروض ذات الفوائد الكبيرة وهكذا يؤدي التعامل بالربا بطريقة حتمية إلى تكوين طبقة تملك رؤوس الأموال وتتيح لها هذه الملكية التحكم في الطبقات وتظل طبقة أصحاب رؤوس الأموال تعمل على إضعاف الطبقة الفقيرة بكل ما أوتيت من وسائل، وهنا ينقسم المجتمع إلى طبقتين تستغل إحداهما الأخرى وهذا يفتح باب الصراع الطبقي الذي يؤدي إلى المقاومة من قبل الطبقة المستغلة المظلومة بالأنين ثم بالصراخ ثم بالعنف، وخليق بمجتمع يتكون من هذه الطبقات أن يعيش عيشة الوحوش يفقد كل المقومات الأساسية لحياة المجتمع من الود والرحمة والإخاء والتعاون بين أفراده، والإسلام وهو يعنى بحماية الفرد كما يعنى بحماية المجتمع في نفس الوقت ويحرص على الوحدة والتآخي بين أفراده؛ لذا فإنه يقيم تشريعه الشامل ـ الاجتماعي والاقتصادي ـ بطريقة تقتلع الأسباب التي تؤدي إلى خلق طبقة استغلالية ظالمة على حساب طبقة أخرى.
يقول الدكتور غريب الجمال: (تشكل خاصية استبعاد الفوائد من معاملات المصارف الإسلامية المعلم الرئيسي لها وتجعل وجودها متسقاً مع البنية السليمة للمجتمع الإسلامي وتصبغ أنشطتها بروح راسية ودوافع عقائدية تجعل القائمين عليها يستشعرون دائماً أن العمل الذي يمارسونه ليس مجرد عمل تجاري يهدف تحقيق الربح فحسب بل هو إضافة إلى ذلك أسلوب من أساليب الجهاد في حمل عبء الرسالة والإعداد لاستنقاء الأمة من مباشرة أعمال مجافية للأصول الشرعية وفوق كل ذلك ـ وقبله ـ يستشعرون هؤلاء العاملون أن العمل عبادة وتقوى مثاب عليها من الله سبحانه وتعالى بالإضافة إلى الجزاء المادي الدنيوي)([210]).
الخاصية الثانية:
هي توجيه الجهد نحو التنمية عن طريق الاستثمارات:
معلوم أن البنوك الربوية تتجه إلى الاستثمارات عن طريق الإقراض بفائدة، لأنها لا تفرق بين الحلال والحرام، أما البنوك الإسلامية فقد عدلت عن هذا النهج وسلكت سبيلاً يتمشى مع المبادئ الإسلامية وأصبحت تستثمر أموالها بأحد طريقين تقرهما الشريعة الخالدة:
الأول: الاستثمار المباشر بمعنى أن يقوم البنك بنفسه بتوظيف الأموال التجارية في مشروعات تدر عليه عائداً.
الثاني:
الاستثمار بالمشاركة بمعنى مساهمة البنك في رأس مال المشروع الإنتاجي مما يترتب عليه أن يصبح البنك شريكاً كذلك في كل ما ينتج عنه من ربح أو خسارة بالنسب التي يتفق عليها بين الشركاء.
ولأن البنك الإسلامي ينطلق من تصور الإسلام ومنهجه الخاص في الحياة فإن استثماراته المباشرة ومشاركته تخضع لمعايير الحلال والحرام التي يحددها الإسلام ويترتب على ذلك ما يلي:
1_ توجيه الاستثمار وتركيزه في دائرة إنتاج السلع والخدمات التي تشبع الحاجات السوية للإنسان المسلم.
2_ تحري أن يقع المنتج ـ سلعة كان أم خدمة ـ في دائرة الحلال.
3_ تحري أن تكون كل مراحل العملية الإنتاجية (تمويل ـ تصنيع ـ بيع ـ شراء)ضمن دائرة الحلال.
4_ تحري أن تكون كل أسباب الإنتاج (أجور ـ نظام عمل) منسجمة مع دائرة الحلال.
5_ تحكيم مبدأ احتياجات المجتمع ومصلحة الجماعة قبل النظر إلى العائد الذي يعود على الفرد([211]).
الخاصية الثالثة:
ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية:
والأصل في هذه الخاصية في البنك الإسلامي أنه ينطلق من تصور الإسلام ومنهجه الخاص والإسلام دين الوحدة الذي لا تنفصل فيه الجوانب المختلفة للحياة بعضها عن البعض الآخر والاهتمام بالنواحي الاجتماعية أصل من أصول الإسلام.
وبنظرة عاجلة إلى الزكاة ومصارفها في الإسلام تتبين أهمية الوظيفة الاجتماعية للدول الإسلامية.
والبنك الإسلامي لا يربط بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية فحسب بل إنه يعتبر التنمية الاجتماعية أساساً لا تؤتي التنمية الاقتصادية ثمارها إلا بمراعاته وهو بذلك يغطي الجانبين ويلتزم بصالح المجموع والعدالة ولا يتجه كما يتجه البنك الربوي إلى المشروعات التي تضمن له ربحاً أكثر دون مراعاة أمور التنمية، لأن ذلك خلل له نتائجه الخطيرة في المجتمع.
الخاصية الرابعة:
تجميع الأموال العاطلة ودفعها إلى مجال الاستثمار والتوظيف بهدف تمويل المشروعات التجارية والصناعية والزراعية فإن المسلمين الذين يتورعون عن إيداع أموالهم في البنوك الربوية يتطلعون إلى وجود بنك إسلامي يودعون فيه أموالهم.
الخاصية الخامسة:
تيسير وسائل الدفع وتنشيط حركة التبادل التجاري المباشر فيما بين أنحاء العالم الإسلامي وتتعاون في هذا المجال جميع المصارف الإسلامية لتؤدي وظيفتها على أكمل وجه شأنها في ذلك البنوك الربوية التي تسود العالم في الوقت الحاضر حيث تحل البنوك الإسلامية محلها.
الخاصية السادسة:
إحياء نظام الزكاة بإنشاء صندوق تجمع فيه حصيلتها داخل المصرف ويتولى المصرف إدارة هذا الصندوق، فإنه مصرف إسلامي يخضع في توظيف الأموال للتعامل الإسلامي والحقوق الواجبة في هذه الأموال.
الخاصية السابعة:
إحياء بيت مال المسلمين وإنشاء صندوق له يتولى المصرف إدارته.
الخاصية الثامنة:
القضاء على الاحتكار الذي تفرضه الشركات المساهمة على أسهمها فبدل أن كانت تصدر سندات لتمنع الغير من الاشتراك في رأس المال ستلجأ إلى فتح باب الاكتتاب في زيادة أسهمها لكي تتوسع في أعمالها.
الخاصية التاسعة:
إرساء قواعد العدل والمساواة في المغانم والمغارم وإبعاد عنصر الاحتكار، وتعميم المصلحة في أكبر عدد ممكن من المسلمين بعد أن كانت المصالح خاصة لأصحاب الأموال الطائلة الذين لا يهتمون من أي طريق كسبوا المال.
الفصل الثاني
إسهام البنوك الإسلامية في التصحيح الإسلامي
للمسار الاقتصادي
وتحته مبحثان:
الأول: تخليص البلاد الإسلامية من التبعية الاقتصادية.
الثاني: تجميع فوائض الأموال واستثمارها.
المبحث الأول: تخليص البلاد الإسلامية من التبعية الاقتصادية
عانت البلاد الإسلامية نتائج كثير من المشاكل الاقتصادية وذلك بسبب تبعيتها للدول الصناعية. فقد كانت البلاد الإسلامية خلال عصر التبعية يتخصص أغلبها في إنتاج المواد الأولية ويعتمد دخلها على عائد محصول رئيسي يصدر إلى الدول الصناعية، وكان لهذه الدول الاستعمارية مصالح كبيرة عملت على بقائها في البلاد الإسلامية لتظل التبعية قائمة ولئلا تدخل هذه البلاد إلى ميدان الإنتاج الصناعي. وقد ساند هذه التبعية الظروف القائمة في مجال المعاملات المصرفية وشئون النقد واستثمار رؤوس الأموال.
(1) فيما يتعلق بالمعاملات المصرفية:
ظلت المصارف القائمة في البلاد الإسلامية خلال القرن التاسع عشر أجنبية وذلك بسبب قلة رؤوس الأموال عند المسلمين لضعف الحالة الاقتصادية عندهم وقد كان النشاط الأساسي لهذه المصارف الأجنبية لحماً ودماً ـ مع أنها قائمة في قلب البلاد الإسلامية ـ يتمثل في تمويل عمليات التجارة الخارجية بين الدول التي توجد فيها هذه المصارف وبين الدول التي تتبعها ولذلك لم تهتم الدول الأجنبية بأوجه النشاط الاقتصادي المحلية كالصناعة والزراعة. يضاف إلى ذلك أن المصارف الأجنبية في البلاد الإسلامية لم تكن تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة المحلية على الائتمان إما لعدم وجود مصارف مركزية محلية أو لكون الموجود منها يدار بأيدٍ أجنبية تجعل الرقابة على المصارف التجارية شكلاً لا واقع له، وقد أساءت هذه المصارف إلى البلاد الإسلامية كثيراً وساعدت على ضعف الحالة الاقتصادية مما جعل التفكير في إنشاء مصارف إسلامية أمراً ضرورياً للغاية.
(2) وفيما يتعلق بشؤون النقد:
أخذت النظم النقدية في البلاد الإسلامية تتداول نقد الدول الأجنبية المسيطرة عليها على أن يكون غطاء الإصدار المحلي من عملتها أو من سندات على خزائنها ومن مظاهر التبعية للبلاد الأجنبية وجود المنطق النقدية التي تتحكم فيها الدول الاستعمارية مع الضغط على البلاد الإسلامية بالانضمام لها والبقاء فيها وبذلك تلتزم بما يفرضه اقتصاد الدول الاستعمارية وتتحمل كل النتائج المترتبة على ذلك.
3_ وفيما يتعلق باستثمار رؤوس الأموال:
تدفقت رؤوس الأموال الكثيرة على البلاد الإسلامية وخصوصاً التي تتوفر فيها المواد الأولية، إذ عملت الدول الأجنبية على جعل البلاد الإسلامية سوقاً رائجة لمنتوجاتها لتربط بين استغلال المواد الأولية ورواج المنتوجات لها.
وقد تضاعف هذا الأمر بعد اكتشاف البترول في المناطق الإسلامية، فقد حرصت الدول الاستعمارية على تغطية أسواق البلاد الإسلامية بالمنتوجات المتنوعة وبأسعار باهظة لتعيد الأموال الطائلة التي بذلتها قيمة للبترول وغيره.
وهكذا نتيجة لكل هذه الأوضاع اصطبغت اقتصاديات كثير من دول العالم الإسلامي بالتبعية لاقتصاد الدول الأجنبية، وأصبحت المشروعات التي تقام في البلاد الإسلامية تدارُ بأيدٍ أجنبية. وقد أدت هذه التبعية إلى تقلص وانكماش حجم التبادل التجاري فيما بين البلاد الإسلامية. وخلاصها ولا شك من مساوئ هذه التبعية يتوقف على وجود المصارف الإسلامية في أنحاء العالم الإسلامي وبالتالي اتباعها في مباشرتها لأعمالها أسلوب التعاون الوثيق فيما بينها؛ لكي تغطي حاجات العالم الإسلامي وتفرض وجودها كقوة مضادة للمصارف الأجنبية. ومتى حصل هذا سعدت البلاد الإسلامية وعم الخير وكثرت المشاريع النافعة التي تديرها الأيدي النزيهة. نسأل الله أن يكون ذلك في القريب العاجل([212]).
المبحث الثاني: تجميع فوائض الأموال واستثمارها
تقوم المصارف الإسلامية بخدمات جليلة يعم نفعها شعوب البلاد الإسلامية فبجانب الخدمات المصرفية المتنوعة التي تؤديها هذه المصارف تقوم بتوفير الوسائل لتجميع فوائض الأموال واستثمارها وسنعرض لهذا الجانب من خدمات المصارف في فروع خمسة موجزة:
الفرع الأول: المصرف الإسلامي يحفز المسلمين إلى الادخار.
الفرع الثاني: المصرف الإسلامي يوفر التمويل الاستثماري نظير مقابل عادل.
الفرع الثالث: المصرف الإسلامي يحد من سوءات التضخم.
الفرع الرابع: المصرف الإسلامي يوسع حجم المبادلات التجارية المباشرة.
الفرع الخامس: المصرف الإسلامي ينظم جمع واستثمار حصيلة أموال الزكاة.
الفرع الأول: المصرف الإسلامي يحفز المسلمين إلى الادخار
تسعى معظم الدول لتحفيز الناس للادخار لئلا يكثر النقد المتداول فتقل قيمته وخاصة إذا كان بعضه لا يقابل إنتاجاً حقيقياً والمصرف الإسلامي يفتح أمام المسلمين باب المشاركة في المشروعات المختلفة. فيدعو عملاءه لأن يستثمروا الأموال الفائضة عندهم، وذلك في مشاريع طويلة الأجل. والمصارف الإسلامية بهذا العمل الجليل تقضي على الظاهرة السائدة لدى كثير من أبناء البلاد الإسلامية الذين يودعون أموالهم في المصارف الأجنبية فتستفيد منها دولهم وتسعد شعوبهم بأموال المسلمين حيث توفر لهم العشية الآمنة والرفاهية المتناهية في الوقت الذي تعيش فيه الشعوب الإسلامية في شظف من العيش.
الفرع الثاني: المصرف الإسلامي يوفر التمويل الاستثماري نظير مقابل عادل
ظلت البلاد الإسلامية تعاني المشاق للحصول على تمويل لمشروعاتها الحيوية من قبل الدول الصناعية الغنية؛ إذ كثيراً ما ترفض هذه الدول تقديم التمويل الذي تحتاجه مشروعات العالم الإسلامي متذرعة بأسباب واهية، ولكن السبب الحقيقي يكمن في رغبتها الماسة في تأخر البلاد الإسلامية وتبعيتها لها اقتصادياً، ولكي تضطر هذه البلاد للاقتراض منها قروضاً كبيرة لتمويل هذه المشاريع، وبذلك تضمن الدول الأجنبية رواج منتجاتها في أسواق البلاد الإسلامية الفقيرة.
والنتيجة الحتمية لكل هذا تراكم الديون على البلاد الإسلامية وهنا تشتد الحاجة إلى المصرف الإسلامي، لأنه ييسر على رجال الأعمال الاستفادة من التسهيلات المصرفية، إذ يقوم بأعمال التمويل الاستثمارية على أساس مشاركة يجني جميع الأطراف ثمرتها كما أنها تحقق مصالح كبيرة للمجتمع الإسلامي؛ لأن المصرف الإسلامي يوجه تيار الاستثمار إلى إنتاج السلع والخدمات التي تعود بالنفع الكثير ويأخذ مقابل هذه الأعمال جزاءً من الربح يتناسب وحجم العمل الذي يقوم به.
وبهذا تحصل الفائدة الكبيرة للمستثمر أولاً وللمصرف الإسلامي ثانياً وللمجتمع الإسلامي ثالثاً.
الفرع الثالث: المصرف الإسلامي يحد من سوءات التضخم
من خصائص وطبيعة أعمال المصرف الإسلامي تطهير المعاملات السائدة
في سوق النقد وتجنيبها من التسبب في تحقيق ثراء غير مشروع في سوق المعاملات، ثراء يأتي نتيجة انخفاض القوة الشرائية للنقود.
ذلك أن النقد يعتبر رمزاً يعبر عن قيمة معدنية مقابلة، لكن المصارف التجارية درجت على اتباع وسائل تزيد في حدة التضخم حيث تتفق مع عملائها لفتح اعتمادات يسحبون عليها ويستفيدون منها هم وغيرهم. وبهذا يستفيد المصرف التجاري من أضعاف المبالغ المودعة لديه. وهذا الاتفاق الذي لا يقابله إنتاج يزيد حجم المتداول من النقود دون مقابل من السلع أو الخدمات والنتيجة لهذا ارتفاع الأسعار وما يصاحبه من سوءات التضخم النقدي. والمصارف الإسلامية نهجها مخالف لذلك تماما فهي لا تلجأ إلى خلق نقود دون مقابل لأنها تقوم على استثمار ما لديها من الودائع دون أي إثراء غير مشروع ولهذا فهي الملجأ من ويلات التضخم والله أعلم.
الفرع الرابع: المصرف الإسلامي يوسع حجم المبادلات التجارية المباشرة
حرص المستعمر الأجنبي على تقطيع أواصر العلاقات التجارية المباشرة بين دول العالم الإسلامي، لكي تتم عملية المبادلات التجارية بين هذه الدول عبر عواصمه محققاً بذلك مغانم لا تحصى لمؤسساته التأمينية وفي مقدمة ذلك مؤسساته المصرفية.
ولقد بات من المؤكد أن المعاملات المصرفية هي محور وعصب المال والاقتصاد والتجارة، وبناء عليه فلا بد من قيام شبكة محكمة من المصارف الإسلامية في كافة أنحاء العالم الإسلامي، لكي تحقق الأهداف المرجوة لتصحيح المسار الاقتصادي ودعم استقلالها وتوسيع حجم المبادلات التجارية المباشرة دون وسيط أجنبي.
الفرع الخامس: المصرف الإسلامي ينظم جمع واستثمار حصيلة أموال الزكاة
يعتبر مورد الزكاة من أقوى الدعائم لإقامة بناء المجتمع الإسلامي العادل الذي يكفل تأمين حياة كريمة لأفراده، ولهذا فمن جملة الأعمال التي يقوم بها المصرف الإسلامي تجميع أموال الزكاة، وذلك عن طريق صندوق ينشئه المصرف لهذا الغرض ـ كما هو معمول به حالياً في بيت التمويل الكويتي ـ أما عملية توزيع حصيلة الصندوق فتتم عن طريق إدارة الصندوق أو لجنة تشكل لهذا الغرض، تقوم بتوزيع أموال الزكاة على المصارف الشرعية لها المحددة بقوله تعالى: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]([213]).
الباب الثالث
مصادر الأموال والعقود الحاكمة
للتعامل المصرفي في البنوك الإسلامية
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: مصادر الأموال في البنوك الإسلامية.
الفصل الثاني: العقود الحاكمة للتعامل المصرفي في الإسلام.
الفصل الأول
مصادر الأموال في البنوك الإسلامية
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: المصادر الداخلية للأموال في البنوك.
المبحث الثاني: المصادر الخارجية للأموال في البنوك الإسلامية.
المبحث الأول: المصادر الداخلية للأموال في البنوك الإسلامية
تتكون المصادر الداخلية للأموال في البنوك من عنصرين هما: (رأس المال ـ والأرباح المحجوزة)، ولا تختلف تلك المصادر الداخلية في البنوك الإسلامية عنها في غيرها من البنوك التجارية بصفة عامة، غير أن هذه الأموال في البنوك الإسلامية تستخدم في حدود ما أباحته الشريعة الإسلامية، أما في البنوك التجارية فإنها تستخدم فيما أباحته الشريعة وما حرمته على حد سواء.
أولاً: رأس المال:
رأس المال ـ في النظر الصحيح ـ تعبير مجازي يقصد به أصل المال، وهو مفهوم خاص يشمل ذلك الجزء من الثروة الذي خصص للتجارة عند بداية المشروع، أما صافي الأموال المستثمرة في المشروع فتعرف بمال التجارة، وهو مفهوم أوسع من مفهوم رأس المال، وعلى هذا فإن رأس مال البنك الإسلامي يمثل قيمة الأموال التي يحصل عليها البنك من أصحاب المشروع عند بدء تكوينه وأية إضافات أو تخفيضات تطرأ عليها في فترات تالية.
تحديد رأس المال في البنك الإسلامي والعوامل المؤثرة في حجمه:
يعتبر رأس المال نسبة ضئيلة بالنسبة لمجموع الأموال التي يستخدمها البنك سواء كان ربوياً أم إسلامياً لأن القدر الأكبر من المال يأتي عن طريق الودائع بأشكالها المختلفة.
ويترتب على هذا أن يدر البنك قدراً كبيراً من الربح للمودعين فيه، وهذا ما يزيد ثقتهم وطمأنينتهم للبنك، لاسيما أنهم لا علاقة لهم بإدارة أموالهم، ولهذا ينبغي أن يراعى في البنك الإسلامي عدم المغالاة في رأس المال ليتسنى توزيع ربح مجز على المودعين، مع عدم الإخلال بأهمية حجم رأس المال كعامل ضمان بالنسبة للمودعين.
ومتى كان الأكر وسطاً بالنسبة لرأس المال كان نجاح البنك أكثر وربحه في نهاية السنة أوفر.
وإذا كان من المعلوم أن البنوك الإسلامية تتفق مع غيرها من البنوك التجارية في أن أصحاب الودائع لا يشتركون في إدارة أموال البنك إلا أنها تختلف عنها اختلافاً جذرياً في المسائل الآتية:
1_ أن أصحاب الودائع شركاء من البنك وليسوا دائنين له وإن كانوا لا يشتركون في الإدارة.
2_ أن الأموال النقدية المملوكة للبنك متى بلغت نصاباً وحال عليها الحول فإنها تخضع لزكاة النقود بسعر 2.5%.
3_ إذا لم تربح المضاربة التي يقوم بها البنك فإنه لا شيء له، والخسارة على أصحاب الأموال ـ المودعين ـ بشرط ألا يكون للمضارب يد الخسارة أو بعضها، ففي هذه الحالة يعتبر متعدياً يلزمه تعويض الخسارة، وللبنك اتخاذ الوسائل الناجحة لتلافي الخسارة كوضع احتياطي خاص لضمان ثبات قيمة الودائع وقاية لها من الخسارة، واحتياطي لموازنة الأرباح إلى غير ذلك من الاحتياطيات التي تتطلبها طبيعة عمليات البنك ونشاطه.
هذه هي أهم العوامل المؤثرة في تحديد حجم رأس المال في البنوك الإسلامية كأحد مصادر الأموال الداخلية وهنا نود أن نؤكد على أهمية المبادئ والقيم الإسلامية التي تدعو المسلم إلى الوفاء بما عليه من التزامات والمحافظة على سلامة أموال غيره حرصه على المحافظة على سلامة رأس ماله.
يقول تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ]([214])، ويقول تعالى: [وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ]([215]).
ثانياً: الاحتياطيات:
من المعروف أن الاحتياطيات أرباح محتجزة لتقوية ودعم المركز المالي للمشروع والمحافظة على سلامة رأس المال واستمرار السلامة وهي تتيح للمشروع القدرة على مقابلة الخسائر المحتملة في المستقبل، وتعتبر بأشكالها المختلفة مصدراً من مصادر التمويل الداخلية وعاملاً من عوامل الضمان بالنسبة للمودعين، ومعروف أيضاً في الفقه الإسلامي أنه لا ربح بعد سلامة رأس المال، ولهذا قرر الفقهاء أن الربح وقاية لرأس المال، وأنه جابر له من الخسران الذي يلحق به.
يقول ابن قدامة في المغني: (الربح إذا ظهر في المضاربة لم يجز للمضارب أخذ شيء منه بغير إذن رب المال، لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم، وإنما لم يملك ذلك لأن الربح وقاية لرأس المال فلا يأمن من الخسران الذي يكون هذا الربح جابراً له فيخرج بذلك عن أن يكون ربحاً)([216]).
ومن كل ما تقدم يتضح لنا أنه على البنوك الإسلامية لكي تؤدي رسالتها سليمة أن تقوم بتكوين الاحتياطيات المختلفة اللازمة لدعم المركز المالي والمحافظة على سلامة رأس المال والمحافظة على ثبات قيمة الودائع، وتكوين احتياطي لموازنة الأرباح إلى غير ذلك مما تطلبه طبيعة عملياتها وصنعتها)([217]).
المبحث الثاني: المصادر الخارجية للأموال في البنوك الإسلامية
للبنوك الإسلامية عدة مصادر خارجية تستفيد منها المال، أذكر أهمها فيما يأتي:
أولاً: الودائع:
تعتبر الودائع أهم مصادر الأموال الخارجية في البنوك التجارية التي تتعامل بالربا، سواء كانت ودائع ثابتة، أم ودائع تحت الطلب، أم ودائع ادخارية.
ومن هذه الودائع بمجموعها يتم تمويل الجزء الأكبر من عمليات البنوك الربوية حتى إن بعضهم يطلق على هذه البنوك بنوك الودائع.
أما الودائع في البنوك الإسلامية فإنها تشكل مصدراً هاماً من مصادر الأموال الخارجية لأن هذه البنوك تستهدف تحقيق الربح وتوزيع عائد مجز على المساهمين وعلى اصحاب الودائع بالمشاركة، ويمثل المودعون جميعاً ربَّ المال والجانب الآخر هو جانب المضارب، أي الشريك بعمله؛ ويمثله في هذه الحالة البنك مع أن هذا الوجه من أوجه الاستثمار الذي يؤثر في سياسة الاستثمار في البنك الإسلامي، وفي عائد الاستثمار الحلال وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ويقترن في نفس الوقت بخضوع تلك الأرصدة النقدية التي يقدمها أصحابها إلى البنك كودائع لزكاة النقود متى بلغت نصاباً وحال عليها الحول، ولا شك أن خضوع الودائع في البنك الإسلامي للزكاة يجعلها تختلف عن الودائع في البنوك الربوية، في الوقت الذي تعتبر فيه الودائع تحت الطلب ـ أي الحسابات الجارية ـ أهم مصدر من مصادر الأموال الخارجية للبنك الربوي فإنها في البنوك الإسلامية تقل أهميتها النسبية في هيكل الودائع الذي تحتل المكانة الأولى فيه الودائع بالمشاركة؛ وذلك لأن البنك يقوم باستثمار هذه الودائع، وعائد الربح بينه وبين المودعين حسب الاتفاق المبرم مسبقاً([218]).
ثانياً: موارد الصناديق:
هناك عدة أنواع من الصناديق في البنك الإسلامي تتجمع فيها حصيلة مالية كبيرة تعتبر مصدراً من مصادر الأموال الخارجية سواء كانت هذه الصناديق خاصة، أم كانت صناديق موضوعة تحت رقابة نظّارة البنك.
ثالثاً: الهبات والتبرعات:
تعتبر الهبات والتبرعات مصدراً من مصادر الأموال الخارجية للبنك الإسلامي سواء تقدم بها أفراد أم جماعات وسواء كانت لغرض معين أم للصالح العام للمسلمين.
يقول الأستاذ محمد باقر الصدر: (تتكون الموارد المالية للبنك عادة من رأس المال الممتلك للبنك ـ أي رأس المال المدفوع مضافاً إليه الأرباح المتراكمة غير الموزعة ـ ومن الودائع التي يحصل عليها، ويتمثل فيها الجزء الأكبر من موارده)([219]).
ويقول صاحب كتاب 100 سؤال: (أهم موارد البنك الإسلامي هي:
1_ الحسابات الجارية.
2_ الأموال المودعة بغرض الاستثمار.
3_ الودائع.
5_ الزكاة وتنفق أموالها في مصارفها الشرعية([220]).
الفصل الثاني
العقود الحاكمة للتعامل المصرفي في الإسلام
وتحته سبعة مباحث:
المـبحـث الأول: عقد الوديعة.
المبحث الثانـي: عقد الإيجار.
المبحث الثالـث: عقد القرض.
المبحث الرابـع: عقد الحوالة.
المبحث الخامس: عقد الشركة.
المبحث السادس: عقد الوكالة.
المبحث السابـع: عقد الضمان.
المبحث الأول: عقد الوديعة([221]).
تعريفها لغة واصطلاحاً:
الوديعة في اللغة ما استودع لحفظ، يقال استودعه مالاً وأودعه إيَّاه، دفعه إليه لحفظه.
قال في القاموس المحيط: (الوديعة واحدة الودائع، والوديع العهد، والجمع ودائع.
وودع الثوب بالثوب كوضع صانه. وأودعته مالاً دفعته إليه ليكون عنده وديعة، وأودعته قبلت مت أودعته. واستودعته وديعة استحفظته إياها وتوادعا تصالحا)([222]).
وقال في لسان العرب: (استودعه مالاً وأودعه إياه دفعه إليه ليكون عنده وديعة، وأودعه أي: قبل منه الوديعة، جاء به الكسائي في باب الأضداد.
قال الشاعر:
استودع العلم قرطاساً فضيعه | *** | فبئس مستودع العلم القراطيس([223]). |
الوديعة في اصطلاح الفقهاء:
هي تسليط المالك غيره على حفظ ماله صراحة أو دلالة.
الأصل في مشروعية الوديعة:
الوديعة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
فالكتاب قوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا]([224]).
وقوله تعالى: [فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ]([225]).
والسنة قوله ص: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك)([226]).
الإجماع:
هو ما نراه من إيداع المسلمين أموالهم بعضهم من غير نكير من أحد، وهذا بمثابة إجماع العلماء في كل عصر على جواز الإيداع والاستيداع، والعبرة تقتضيها، فإن بالناس إليها حاجة إذ يتعذر على جميعهم حفظ أموالهم بأنفسهم([227]).
صفتها:
تعتبر الوديعة أمانة يجب حفظها وردها عن الطلب.
حكمها:
عقد جائز بين الطرفين، متى أراد المودع أخذ وديعته لزم المستودع ردها، وليس على المستودع ضمان إذا أتلفت إلا الخيانة أو تفريط فتضمن([228]).
ركنها:
الإيجاب صريحاً أو كناية أو فعلاً، والقبول من المودع صريحاً أو دلالة، ولا يتم إلاَّ بالقبض، أي بتسليم العين للمستودع تسليماً حقيقياً أو حكمياً([229]).
شروطها:
اشترط الفقهاء للوديعة شرطين أساسين:
الأول: أن يكون كل من المودع والمستودع عاقلاً مميزاً.
الثاني: أن تكون الوديعة قابلة لوضع اليد عليها، فلو لم تكن كذلك كطير في هواء لم تصح، ولا يشترط العلم بجنسها أو قدرها أو لونها أو كميتها، بل أودعه ما في هذا الصندوق لجاز.
الإنفاق على الوديعة:
يجب على المودع الإنفاق على الوديعة لأنه هو الذي ينتفع بها.
انفساخ عقد في الوديعة:
يجوز للمودع والمستودع أن يفسخا عقد الوديعة في أي وقت شاءا.
أحكام عامة في الوديعة:
1_ يجب على المستودع حفظ الوديعة، فإن هلكت بتعد أو تفريط منه ضمن وإلا فلا ضمان عليه.
2_ يجب على المستودع رد الوديعة عند طلب المودع، ولا يجوز تسليمها لغيره. يقول تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا]([230]).
3_ لا يجوز للمستودع أن يتصرف بالوديعة بأي نوع من أنواع التصرفات إلا بإذن صاحبها.
4_ لا يجوز للمستودع خلط الوديعة بشيء من ماله إلا بإذن صاحبها. من خلال هذا العرض الموجز لأحكام الوديعة يتبين لنا أنه يسوغ للبنوك الإسلامية مباشرة العمليات المتعلقة بالوديعة بمختلف أقسامها سواء كانت ودائع نقدية مخصصة لغرض معين أم ودائع مستندية أم ودائع نقدية عادية شريطة ألاّ تعطي البنوك فوائد على الإيداع بأي حال من الأحوال.
المبحث الثاني: عقد الإجارة
تعريفها لغة واصطلاحاً:
الإجارة في اللغة مشتقة من الأجر وهو العوض ومنه سمي الثواب أجراً.
وفي الاصطلاح: عقد على المنافع مدة معلومة بثمن معلوم.
مشروعيتها:
الإجارة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع. فمن الكتاب قوله تعالى: [لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً]([231])، وقوله تعالى: [قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ]([232]).
ومن السنة ما ورد (أن النبي ﷺ استأجر رجلاً من بني الديل يقال له عبدالله بن الأريقط، وكان هادياً خريتاً أي ماهراً)([233]).
وما روى ابن عباس (أنَّ النبي ﷺ احتجم وأعطى الحجام أجره) ([234]).
وما ورد أن رسول الله ﷺ قال: قال الله تعالى: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر بي ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره)([235]).
الإجماع:
أجمعت الأمة على مشروعية الإجازة ولا عبرة بمن خالف هذا الإجماع من العلماء لأن النصوص من كتاب الله وسنة رسوله ص صحيحه صريحة في مشروعيتها.
حكمة مشروعية الإجارة:
شرعت الإجارة لرفع الحرج والمشقة عن الناس، إذ قد لا يتمكن الإنسان من شراء ما يريد الانتفاع به لعدم توفر الثمن لديه، ولا تأتيه العين عن طريق الهبة والعارية، فيحتاج إلى استئجارها مدة معلومة، فمراعاة لهذه الحاجة شرعت الإجارة.
فالشرع المطهر جعل لكل حاجة عقداً يختص بها، فشرع لتمليك العين بعوض عقداً هو البيع، وشرع لتمليكها بغير عوض عقداً وهو الهبة. وشرع لتمليك المنفعة بغير عوض عقداً، وهو الإعارة وشرع لتمليك المنفعة بعرض عقداً، وهو الإجارة.
ركنها:
تنعقد الإجارة بالإيجاب والقبول بلفظ الإجارة والكراء وما اشتق منهما وبكل لفظ يدل عليها.
شروط العاقدين:
يشترط في كل من العاقدين الأهلية، بأن يكون كل منهما عاقلاً مميزاً، وزاد الشافعية والحنابلة شرط البلوغ، فلا يصح عندهم عقد الصبي ولو كان مميزاً.
شروط صحة الإجارة:
1_ رضا العاقدين.
2_ معرفة المنفعة المعقود عليها معرفة تامة تمنع من المنازعة.
3_ القدرة على تسليم العين المستأجرة مع اشتمالها على المنفعة، فلا يصح تأجير طائر في الهواء ولا سمك في الماء.
4_ أن تكون المنفعة مباحة.
5_ أن تكون الأجرة مالاً منقولاً معلوماً بالمشاهدة أو الوصف لأنها ثمن المنفعة، وشرط الثمن أن يكون معلوماً.
استحقاق الأجرة:
تستحق الأجرة بما يأتي:
1_ الفراغ من العمل.
2_ استيفاء المنفعة أو التمكن من استيفائها ولو يستوفها.
3_ اتفاق المتعاقدين على تعجيل الأجرة.
هلاك العين المستأجرة:
العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لأنه قبضها ليستوفي منها منفعة يستحقها، فإذا هلكت لم يضمن إلا بالتعدي أو التقصير في الحفظ.
فسخ الإجارة:
تنفسخ الإجارة بالآتي:
1_ حدوث العيب في العين المؤجرة.
2_ هلاك العين المؤجرة.
3_ استيفاء المنفعة المعقود عليها، أو إتمام العمل أو انتهاء المدة ولو لم تستوف المنفعة.
من هذا العرض الموجز لأحكام الإجارة في الفقه الإسلامي يتبين لنا أن عقد الإجارة ينصب في البنوك الإسلامية على بيع المنفعة ـ أي الخدمة ـ، وهي تتمثل في قيام البنك بأداء خدمة ـ منفعة ـ لعميله من حيث توليه حفظ النقود أو المستندات المودعة بمعرفة العميل وإعادتها إليه عند الطلب، أوفي الأجل المحدد حسب الاتفاق، وهذا لا شيء فيه من الناحية الشرعية لأنه يندرج تحت أحكام الإجارة التي قررنا مشروعيتها مسبقاً.
المبحث الثالث: القرض
تعريفه لغة واصطلاحاً: القرض في اللغة بمعنى القطع.
واصطلاحاً: دفع مال لمن ينتفع به ثم يرد بدله.
أركانه: للقرض ركنان، الإيجاب والقبول، وكما ينعقد باللفظ ينعقد بالكتابة وبالإشارة المفهومة للأخرس.
حكمه: القرض مستحب بالنسبة للمقرض لقوله تعالى: [مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ]([236]). ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ق قال: (من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه)([237]).
وأما بالنسبة للمقترض فهو جائز مباح لا حرج فيه، إذ قد استقرض رسول الله ص بكراً من الإبل، ورد جملاً خياراً وقال: (إن من خير الناس أحسنهم قضاء)([238]).
حكمة مشروعية القرض:
شرع القرض لتنفيس الكرب ومساعدة المحتاجين وتوثيق عرا المودة والائتلاف بين الناس.
شروط القرض:
1_ أن يعرف قدر القرض بكيل أو وزن أو عدد.
2_ أن يعرف وصفه وسنه إن كان حيواناً.
3_ أن يكون القرض ممن يصح تبرعه فلا يصح ممن لا يملك ولا من غير رشيد.
ما يصح فيه القرض:
يصح القرض في الثياب والحيوان وفي كل مكيال وموزون وسائر عروض التجارة، كما يصح قرض الخبز والخمير.
كل قرض جر نفعاً فهو ربا:
شرع القرض للرفق بالناس وليس هو وسيلة من وسائل الكسب ولا أسلوباً من أساليب الاستغلال، ولهذا لا يجوز أن يرد المقترض إلى المقرض إلاَّ ما اقترضه منه أو مثله تبعاً للقاعدة الفقهية القائلة: كل قرض جر نفعاً فهو ربا، والحرمة مقيدة هنا بما إذا كان نفع القرض مشروطاً أو متعارفاً عليه.
فإن لم يكن مشروطاً ولا متعارفاً عليه فللمقترض أن يقضي خيراً من القرض.
روى أبو رافع قال: (استلف رسول الله ﷺ من رجل بكراً فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكراً، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً([239]) رباعياً، فقال النبي ﷺ: أعطه إياه، فإن خيركم أحسنكم قضاء) ([240]). وقال جابر بن عبدالله: (وكان لي رسول الله ﷺ حق، فقضا لي وزادني)([241]).
من خلال هذا العرض الموجز لأحكام القرض يتضح لنا أن ما تقوم به البنوك التجارية من الإقراض والاقتراض بفائدة إنما يكون ربا محرم، وأن على البنوك الإسلامية لكي تحقق الحكمة التشريعية الكامنة في تشريع عقد القرض أن تقوم بالإقراض دون فائدة توسعة على الناس وتسهيلاً عليهم في شتى معاملاتهم مع البنوك.
المبحث الرابع: عقد الحوالة
تعريفها لغة واصطلاحاً:
الحوالة في اللغة: مأخوذة من التحويل بمعنى الانتقال، ويجوز فيها فتح الحاء وكسرها والفتح أفصح.
واصطلاحاً: نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.
حكمها:
الحوالة جائزة وقد شرعت للحاجة إليها. وأطرافها أربعة: محيل، ومحال، ومحال عليه، ومحال به.
دليلها:
ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (مطل الغنى ظلم وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع)([242]).
شروط صحتها:
يشترط لصحة الحوالة الشروط التالية:
1_ رضا المحيل والمحال والمحال عليه([243]).
2_ تماثل الحقين في الجنس والقدر والحلول والتأجيل والجودة والرداءة.
3_ استقرار الدين، فلو أحاله على من لم يستقر عليه الدين بعد فلا تصح الحوالة.
4_ أن يكون كل من الحقين معلوماً.
وهكذا يتضح من خلال هذا العرض المختصر لأحكام الحوالة أن البنوك الإسلامية تؤدي ـ في حدود ما بينه الفقهاء في باب الحوالة ـ دوراً كبيراً في مجال الخدمة المصرفية. فالتحويلات المصرفية وخصم وتحصيل الكمبيالة وتحصيل الشيكات وتحصيل الأوراق التجارية وأوراق البضائع والاعتماد المستندي كل هذه الأمور من ألوان التعامل المصرفي المتعلقة بالحوالة والبنك الإسلامي يؤيد هذه الخدمات الجليلة شريكة أن يطهرها من دنس الربا الذي تتعاطاه البنوك الربوية، وسوف نتكلم عن هذه المعاملات بمزيد من الإيضاح عند الكلام على وظيفة البنوك الإسلامية إن شاء الله.
المبحث الخامس: عقد الشركة:
تعريفها لغة واصطلاحاً:
الشركة في اللغة الاختلاط، وفي الاصطلاح: عقد بين المتشاركين في رأس المال والربح.
الأصل في مشروعيتها:
الشركة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: [وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ]([244]).
ومن السنة ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:(إن الله تعالى يقول: أنا ثالث الشر الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما)([245]).
وما ورد عن زيد بن أرقم، قال: كنت أنا والبراء شريكين([246]). وقد أجمع المسلمون على صحة الشركة في الجملة وإنما اختلفوا في أنواع منها([247]).
اقسام الشركة:
الشركة قسمان:
الأول: شركة أملاك.
الثاني: شركة عقود.
القسم الأول: شركة الأملاك:
وهي أن يتملك أكثر من شخص عيناً من غير عقد، وهي قسمان: اختيارية، أو جبرية؛ فالاختيارية مثل أن يوهب شخصان هبة أو يوصى لهما بوصية فيقبلان، وهنا يكون الموهوب والموصى به ملكاً لهما على سبيل المشاركة.
والجبرية هي التي تثبت لأكثر من شخص جبراً دون أن يكون لهم أثر في إحداثها كما في الميراث.
حكمة هذه الشركة:
لا يسوغ لواحد من الشريكين أن ينصرف بنصيب الآخر دون إذنه لأنه لا ولاية لأحدهما في نصيب الآخر.
القسم الثاني: شركة العقود:
وهي أن يعقد اثنان فأكثر عقداً على الاشتراك في المال وما ينتج عنه من ربح.
وأنواعها هي:
1_ شركة العنان.
2_ شركة المعاوضة.
3_ شركة الأبدان.
4_ شركة الوجوه.
5_ شركة المضاربة.
أولاً: شركة العنان([248]):
وهي أن يشترك اثنان في مال لهما على أن يتجرا فيه، والربح بينهما، ولا يشترط فيها المساواة في المال ولا في التصرف ولا في الربح، ويكون الربح فيها بين الشريكين بحسب أسهمهم في رأس المال كما تكون الوضيعة ـ الخسارة ـ بحسب الأسهم كذلك، ولكل واحد من الشركاء التصرف فيما هو من مصلحة الشركة بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن شركائه.
ثانياً: شركة المفاوضة([249]):
هي التعاقد بين اثنين فأكثر على الاشتراك في عمل.
وتعتبر أوسع الشركات نطاقاً، إذ فيها يفوض كل واحد من الشريكين للآخر كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة، فيبيع ويشتري ويوكل ويضارب ويخاصم ويرتهن ويسافر بالمال، ويكون الربح بينهما على ما اتفقا عليه، والخسارة بحسب نصيب كل واحد منهما في الما.
ثالثاً: شركة الأبدان([250]):
هي أن يتفق اثنان فأكثر على أن يقبلا عملاً من الاعمال على أن تكون أجرة هذا العمل بينهما حسب الاتفاق. وكثيراً ما يحدث هذا بين النجارين والحدادين والحمالين والخياطين والصاغة وغيرهم من المحترفين، وتصح هذه الشركة سواء اتحدت حرفتها أم اختلفت، كنجار مع نجار أو نجار مع حداد. وسواء عملا جميعاً أو عمل أحدهما دون الآخر منفردين ومجتمعين وتسمى هذه الشركة بشركة (الأبدان) أو الأعمال أو الصنائع أو التقبل.
رابعاً: شركة الوجوه([251]):
هي أن يشترك اثنان فأكثر في شراء سلعة بجاههما، ويبيعانها، وما يحصلان عليه من ربح فهو بينهما، والخسارة ـ إن كانت ـ فعليهما بالسوية كالربح.
خامساً: شركة المضاربة:
تعريفها لغة واصطلاحاً:
المضاربة في اللغة: يسميها أهل العراق مضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة قال الله تعالى: [وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ]([252]). ويحتمل أن يكون من ضرب كل منهما في الربح بسهم.
ويسميها أهل الحجاز القراض فقيل هو مشتق من القطع يقال: قرض الفأر الثوب إذا قطعه فكأن صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل واقتطع له قطعة من الربح، وقيل اشتقاقه من المساواة والموازنة يقال تقارض الشاعران إذا وازن كل واحد منهما الآخر بشعره. وههنا من العامل العمل ومن الآخر المال فتوازنا.
وفي الاصطلاح: عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما ماله إلى الآخر ليتجر له فيه على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه.
الأصل في مشروعيتها:
أجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة ذكره ابن المنذر وقد ثبت أن الرسول ق ضارب بمال خديجة رضي الله عنها وسافر به إلى الشام قبل البعثة وقد كان معمولاً بها في الجاهلية ولما جاء الإسلام أقرها([253]).
حكمة مشروعية المضاربة:
شرع الإسلام عقد المضاربة تيسيراً على الناس فقد يكون البعض منهم مالكاً للمال ولكنه غير قادر على استثماره وقد يكون هناك من لا يملك المال لكنه يملك القدرة على استثماره.
فأجاز الشارع هذه المعاملة لينتفع كل واحد منهما بما عند الآخر فرب المال ينتفع بخبرة المضارب، والمضارب ينتفع بالمال ويتحقق بهذا تعاون المال والعمل.
والله جلا وعلا ما شرع العقود إلا لتحقيق المصالح ودفع المضار.
شروط المضاربة:
يشترط في عقد المضاربة ما يأتي:
1_ أن تكون بين مسلمين جائزي التصرف ولا بأس أن تكون بين مسلم وكافر إذا كان رأس المال من الكافر والعمل من المسلم إذ المسلم لا يخشى معه الربا ولا المال الحرام.
2_ أن يكون رأس المال معلوماً.
3_ أن يعين نصيب العامل من الربح فإن لم يعيناه فللعامل أجرة عمله ولرب المال الربح كله.
4_ إن اختلفا في الجزء المشروط للعامل هل هو الثلث أو الربع مثلاً فالمقبول قول رب المال مع يمينه.
5_ لا يقسم الربح مادام العقد باقياً إلا إذا رضى الطرفان بالقسمة واتفقا عليه.
وبعد:
فمن خلال هذ العرض الموجز لأحكام عقد الشركة يتبين لنا أن البنك الإسلامي يعتمد اعتماداً كبيراً في كثير من معاملاته على ما رسمه فقهاء الشريعة لهذا العقد من معالم.
وإذا كانت البنوك الإسلامية تقوم أساساً على إلغاء فكرة الربا المحرم فإنها لابد أن تأخذ بمبدأ المشاركة ولاسيما عقد المضاربة كبديل للقرض بفائدة وعائد هذا النوع من التجارة ـ عقد المضاربة ـ يفوق بأضعاف مضاعفة القرض بفائدة غير أنه خاضع لمبدأ الربح والخسارة، وهذا ضروري لتكون المعاملة سائرة في الإطار الشرعي الصحيح.
المبحث السادس: عقد الوكالة
تعريفها لغة واصطلاحاً:
الوكالة في اللغة: بمعنى التفويض، تقول: وكلت أمري إلى الله أي فوضته إليه وتطلق على الحفظ.
وفي الاصطلاح: استنابة الإنسان غيره فيما يقبل النيابة.
الأصل في مشروعيتها:
الوكالة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع. فمن الكتاب قوله تعالى: [قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً]([254]).
ومن السنة لجاءت الأحاديث الكثيرة تفيد صحة الوكالة، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأنيس: (اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)([255]).
وأجمع المسلمون على جوازها بل على استحبابها لأنها نوع من التعاون على البر والتقوى الذي دعا إليه الإسلام([256]).
أركانها:
الوكالة عقد من العقود فلا تصح إلا باستيفاء أركانها من الإيجاب والقبول ولا يشترط فيها لفظ معين بل تصح بكل ما يدل عليها من القول والفعل.
شروطها:
يشترط في الوكالة ما يأتي:
1_ أن يكون الوكيل والموكل جائزي التصرف.
2_ أن يكون الموكل فيه معلوماً أو مجهولاً جهالة لا تضر إلا إذا وكله وكالة عامة كأن يقول اشتر لي ما شئت.
ضابط ما تجوز فيه الوكالة:
وضع الفقهاء رحمهم الله ضابطاً لما تجوز فيه الوكالة فقالوا: كل عقد جاز أن يعقده الإنسان لنفسه جاز أن يوكل به غيره أما ما لا تجوز فيه الوكالة فكل عمل لا تدخله النيابة مثل الطهارة والصلاة.
انتهاء الوكالة:
تنتهي الوكالة بما يأتي:
1_ موت أحد المتعاقدين أو جنونه.
2_ انتهاء العمل المقصود من الوكالة.
3_ عزل الموكل للوكيل.
4_ عزل الوكيل نفسه.
5_ خروج الموكل فيه عن ملك الموكل.
وبعد:
فإنه من خلال هذا العرض لأحكام الوكالة يتبين لنا أن للبنوك الإسلامية أن تقوم بالوكالة عن غيرها في قبض الأموال والديون وتسليمها لأصحابها، ولها أن تأخذ أجرة عن هذا العمل تقل وتكثر حسب نوعية ما تقوم به من عمل وهذا لا محذور فيه من الناحية الشرعية متى ما توفرت فيه شروط الوكالة الآنفة الذكر.
المبحث السابع: عقد الضمان
تقول العرب ضمنت الشيء أي أحرزته وحفظته وتكفلت فيه، مشتق من الضم وقيل من الضمين لأن ذمة الضامن تتضمن الحق.
وفي الاصطلاح:
ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما.
الأصل في مشروعيته:
الأصل في مشروعية الضمان الكتاب والسنة والإجماع.
فأما الكتاب فقول الله تعالى: [وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ]([257]).
وأما السنة فما روى عن سلمة بن الأكوع (أن النبي ﷺ أتي برجل ليصلى عليه فقال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، ديناران. قال: هل ترك لهما وفاء؟ قالوا: لا، فتأخر، فقيل: لم لا تصلّي عليه؟ فقال: ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة، إلاَّ إن قام أحدكم فضمنه، فقام أبو قتادة. فقال: هما عليَّ يا رسول الله، فصلى عليه النبي ﷺ )([258]).
وأجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة.
أركان الضمان:
أركان الضمان خمسة هي:
1_ الضامن. 2_ المضمون عنه. 3_ المضمون له
4_ الحق المضمون. 5_ الصيغة.
أقسام الضمان:
أقسام الضمان ثلاثة:
1_ ضمان المال، وهو التزام الإتيان بالمثل في وقته المحدد.
2_ ضمان الوجه، وهو التزام الإتيان بالمدين في وقت الحاجة.
3_ ضمان الطلب وهو التزام طلب الغريم والتفتيش عنه والدلالة عليه من غير إحضار ولا غرم على الضامن فيه إذا فرط في الدلالة عليه.
ما يبطل الضمان:
يبطل الضمان بالآتي:
1_ شراء الخيار للضامن.
2_ التوقيت بوقت محدد أو التعليق على أمر معين كضمنت إلى رجب، أو إن لم يؤد المدين غداً فقد ضمنت.
أسباب الضمان:
أسباب الضمان ثلاثة:
1_ العقد كالبيع والإجارة.
2_ اليد مؤتمنة ـ كالوديعة والشركة، أو غير مؤتمنة ـ كالغصب.
3_ الإتلاف نفساً كان أو مالاً.
أحكام الضمان:
1_ يعتبر في الضمان رضا الضامن فقط على الصحيح من أقوال أهل العلم.
2_ لا تبرأ ذمة المضمون إلاَّ بعد أن تبرأ ذمة ضامنه.
3_ لا تعتبر في الضمان معرفة المضمون عنه، إذ يجوز أن يتضمن الرجل من لا يعرفه لأن الضمان تبرع وإحسان.
4_ لا ضمان إلاَّ في حق ثابت في الذمة.
5_ لا بأس بتعدد الضمناء.
وهكذا يتضح بعد هذا العرض الموجز لأحكام الضمان أن عقد الضمان يعتبر حجر الأساس لكثير من العقود في الفقه الإسلامي وبالذات العقود التي لها مساس كبير بالتعامل المصرفي، فعلى البنك الإسلامي مراعاة أحكام هذا العقد لئلا يفرط في معاملاته على نحو يكثر فيه ضمانه للأشخاص والهيئات فيفتح على نفسه باباً في التعامل هو في غنى عنه.
الباب الرابع
وظيفة البنوك الإسلامية
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: الخدمات التي تقوم بها البنوك الإسلامية.
الفصل الثاني: الاستثمار في البنوك الإسلامية.
الفصل الأول
الخدمات التي تقوم بها
البنوك الإسلامية
وتحته عشرة مباحث:
المبحث الأول: الودائع.
المبحث الثاني: الأوراق التجارية.
المبحث الثالث: الاعتماد المستندي.
المبحث الرابع: خطابات الضمان.
المبحث الخامس: التحويلات المصرفية.
المبحث السادس: تأجير الصناديق الحديدية.
المبحث السابع: إدارة الممتلكات والتركات والوصايا والزكاة.
المبحث الثامن: بيع الأسهم والسندات والعملات الأجنبية.
المبحث التاسع: عملية الاكتتاب وحفظ الأوراق المالية.
المبحث العاشر: القروض.
المبحث الأول: الودائع
يختلف الإيداع المصرفي عن الإيداع بمفهومه اللغوي المعروف بمعنى الأمانة المحفوظة، وقد يرى بعضهم أن الإيداع لدى البنوك تغلب عليه فكرة الحفظ التي تقرب عقد الوديعة المصرفية من عقد الوديعة المعروف، غير أن هذا التكييف يتعارض مع النتائج العلمية التي تترتب على الإيداع المصرفي، ومن أهمها استعمال البنك للنقود المودعة لمصلحته، ومن هنا فإن المبادئ الخاصة بعقد الوديعة لا تنطبق على الوديعة المصرفية، لأنه فيما عدا الحالة الاستثنائية إيداع نقود بذاتها ـ وهذا أمر نادر عملياً ـ فإن البنك لا يقصد أبداً المحافظة على النقود التي تلقاها بعينها بل يقصد استخدامها على أن يرد مثلها، وهذا بالإضافة إلى أنه مادام البنك مأذوناً له في استعمال الوديعة فقد سقط عنه التزام الحفظ حيث الوديعة تهلك بالاستعمال.
وإذا نظرنا إلى تكييف الوديعة في الفقه الإسلامي فهي رغم أنها ـ كما يفهم من كلام الفقهاء ـ لا تخرج عموماً عن كونها توكيلاً أو استنابة في حفظ المال إلا أنها إذا كان مأذوناً فيها باستعمال الشيء المودع والانتفاع به تصبح عارية، وإذا كان هذا الشيء نقوداً أو شيئاً مثلياً مما يهلك باستعماله فإن العارية تنقلب إلى قرض.
ولكي تتضح الصورة أكثر أذكر أقسام الوديعة وآتي عليها بشيء من التفصيل ذاكراً الحكم الشرعي لكل نوع فأقول وبالله التوفيق:
تنقسم الوديعة المصرفية إلى أربعة أقسام هي:
أولاً: الوديعة الادخارية ـ الحساب الادخاري.
ثانياً: الوديعة تحت الطلب ـ الحساب الجاري.
ثالثاً: الوديعة الاستثمارية.
رابعاً: وديعة الوثائق والمستندات.
وهاك أيها القارئ نبذة عن كل نوع من أنواع الوديعة وحكمها الشرعي.
أولاً: الوديعة الادخارية:
تحتاج عملية فتح الحساب الادخاري إلى أعباء مادية كثيرة يقوم بها البنك وتتمثل تلك الأعباء في حملات التوعية الادخارية، وإتاحة الوسائل الادخارية المختلفة، وإعداد النماذج، واستلام الإيداعات وقيدها في الحساب، وتزويد العميل بدفتر ادخار؛ ولهذا فمن المنطق والمعقول أن يتقاضى البنك أجراً عن هذه الخدمات، ولو تقاضاها البنك الإسلامي لم يكن عليه في ذلك غضاضة، غير أنه ينظر إلى تنمية الوعي الادخاري ونشر السلوك الادخاري على أنه واجب إسلامي. ومن ثم فإنه يؤدي هذه الخدمات دون مقابل للعملاء تشجيعاً لهم، بل قد يقوم البنك الإسلامي لتحقيق هذا الهدف بابتكار حوافز بريئة من الشبهة يقدمها لأصحاب الودائع الادخارية تشجيعاً لهم.
يقول الدكتور عمر المترك: (فإن كان القصد منها([259]) الإيداع لمجرد حفظها فعلى المصرف قبولها أمانة لديه، ويحفظها، ويأخذ عليها أجراً على الحفظ)([260]).
ثانياً: الوديعة تحت الطلب:
تمثل عملية فتح الحساب بداية العلاقة بين البنك وعملية في نطاق الإيداع المصرفي حيث يتم ذلك في الغالب بعقد يكون على صورة نموذج معد بشكل عام لكي يوقعه العميل الذي يرغب في التعامل مع البنك ذي العلاقة، ويتصل بعملية فتح الحساب عدد من الخدمات التابعة، وذلك مثل تسلم المدفوعات لقيدها في الحساب وتأدية الشيكات المسحوبة وتنفيذ حالات النقل المصرفي وأوامر الدفع، كما تشمل الخدمة أيضاً على قيام المصرف بتزويد عميله بالكشوفات الدورية التي تبين حركة الحساب المفتوح خلال المدة المبينة، ويجوز للبنك في هذه الحالة يعتبر البنك أجيراً كالأجير المشترك الذي يتقبل العمل من كثير من الناس في وقت واحد سواء عمل لشخص واحد فعلاً أم عمل لكثيرين.
والمحذور في هذا النوع من التعامل هو أن يعطي البنك فوائد ثابتة عن هذه الودائع، أما إذا قام البنك الإسلامي بفتح هذا الحساب لعملائه ولم يعطهم عليه فوائد ثابتة فله أن يأخذه أجرة على ما يقوم به من خدمة مصرفية، يقول الدكتور سامي حمود: (إذا وجدت المنفعة المعتبرة من جانب والعمل المؤدى من الجانب الآخر فإن الأجر يكون وله سبب شرعي خاصة، وإن المصرف في مثل هذه الحالات باعتباره مودعاً لديه يكون مديناً وليس دائناً، وإذا كان كذلك فليس هناك مجال للشبهة في اختلاط الأجر بالربا لأن الربا هو الزيادة التي يتقاضاها الدائن من المدين.
وبناء على ذلك فإن المصرف اللاربوي يستطيع أن يؤدي هذه الخدمة كاملة وأن يتقاضى أجوراً تتناسب مع ما يتحمله من تكاليف)([261]).
ثالثاً: وديعة الاستثمار:
الودائع التي يودعها أصحابها لدى البنك الإسلامي لأجل يطلق عليها البنك وديعة استثمار، ويعمل فيها البنك على أساس المضاربة. وصورتها:
أن يكون رأس المال من شخص والعمل من شخص آخر، يقال للأول صاحب رأس المال، ويقال للثاني مضارب، وهي من العقود الدائرة بين النفع والضرر كسائر أنواع الشركة، وهي تنقسم إلى قسمين: مطلقة ومقيدة؛ فالمضاربة المطلقة هي التي لا تتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع ولا تجارة ولا تعيين من يعامله المضارب ولا بأي قيد كان. والمضاربة المقيدة هي ما قيدت ببعض ذلك أو كله، والدخول مع البنك في هذا النوع من الإيداع يكون بإحدى طريقتين:
الأولى: الاتفاق مع البنك على وفق أحكام المضاربة بنسبة يتفق عليها من الربح، بمعنى أن يكون لرب المال نصيب شائع معين من الربح كالنصف أو الثلث ونحو ذلك، والخسارة عليه إن وجدت.
الثانية: أن يقوم البنك الإسلامي بدور الوسيط بين صاحب المال والشركات المستثمرة في وجوه مشروعة، بمعنى أن يقوم البنك نيابة عن صاحب المال بتوظيف ماله بطريقة المضاربة مع إحدى الشركات أو الأفراد، أو شراء أسهم له مقابل عمولة معينة، وتلك العمولة تكون خاضعة لشروط الجعالة أو الإجازة في الفقه الإسلامي.
رابعاً: إيداع الوثائق والمستندات:
هو عقد يتم بتسليم المودع الوثائق إلى البنك لحفظها بأعيانها بعد ضبطها بقائمة يراجعها البنك، ويعطي صاحبها إيصالاً بها يثبت حقه، ثم يقوم البنك بردها ـ الوثائق والمستندات ـ عند طلبها أو في نهاية الأجل المحدد بينهما، وذلك مقابل أجرة يتفقان عليها، وقد يستتبع هذا الإيداع عمليات أخرى يقوم بها البنك وكيلاً عن المودع في تحصيل أرباحها أو بيع محتوياتها مقابل عمولة يتفقان عليها.
وهذا النوع من الإيداع يعتبر عقد إجارة على حفظ ودائع حقيقية بأجرة معلومة للطرفين، فإذا فوض المودع البنك في تحصيل أرباح الوثائق أو بيع محتوياتها كان هذا التفويض عقد وكالة يستحق البنك على القيام بالواجب نحو ذلك عمولة ـ أجرة لعمله ـ، وكلاهما عقد صحيح في نفسه([262]).
من خلال هذا العرض يتضح أن البنك الإسلامي يقوم بخدمة عملائه، وذلك بقبول مختلف الودائع منهم، وله أن يأخذ عنها عمولة مقابل ما يقدمه لهم من خدمة شريطة ألا يدفع لهم فوائد ثابتة، إذ تنقلب هذه الخدمة من كونها تعاملاً جائزاً إلى كونها عقوداً ربوية محرمة، علماً أنه لا يسوغ للبنك الإسلامي أن يأخذ عمولة على ودائع الاستثمار التي يستثمرها بنفسه، لأنه في هذه الحالة يكون مضارباً يأخذ حصة مشاعة من الربح.
ولا يفوتني وأنا أتحدث عن أحكام الإيداع أن أنوه بحكم صندوق التوفير الذي صدرت بخصوصه فتاوى بعيدة عن الحق وإنما لمجاراة الأوضاع القائمة، فأقول ومن الله العون:
صندوق التوفير:
هو حساب جار للتشجيع على الادخار، وذلك بأن يودع الشخص نقوده في هذا الحساب نظير فائدة، ولا ريب أن هذا النوع من التعامل هو من الربا الذي لا شك في حرمته لأنه قرض مشروط بالفائدة، ولكن مع هذا الحكم الواضح ذهب أقوام في هذا العصر يحاولون تبرير أنواع من الربا بضروب من تأويل للنصوص مسايرة منهم للأوضاع الاقتصادية المعاصرة، وهنا أقرر
وأنا مطمئن البال مرتاح الضمير أنه لا يسوغ للبنك الإسلامي الذي ارتضى منهج الله واحتكم إلى شرعه في معاملاته كلها أن يتعامل بهذا النوع من التعامل، فلا يفتح صناديق التوفير، ويعطي عليها فوائد مشروطة، بل يقوم بنشر الوعي الادخاري وقبول الودائع الادخارية، وله أن يأخذ عليها أجرة مقابل ما يقوم به من خدمات كما قررنا سابقاً.
المبحث الثاني
الأوراق التجارية
وتحته مطالب:
المطلب الأول: تعريف الأوراق التجارية.
المطلب الثاني: تحصيل الأوراق التجارية.
المطلب الثالث: خصم الأوراق التجارية.
المطلب الرابع: محاولات لتخريج خصم الأوراق التجارية ومناقشتها.
المطلب الأول: تعريف الأوراق التجارية
الأوراق التجارية صكوك ثابتة للتداول تمثل حقاً نقدياً وتستحق الدفع بمجرد الاطلاع أو بعد أجل قصير، ويجري العرف على قبولها كأداة للوفاء([263]).
أنواع الأوراق التجارية:
أهم أنواع الأوراق التجارية القابلة للتداول ثلاثة أنواع:
1_ الكمبيالة.
2_ السند الإذني.
3_ الشيك.
وإليك أيها القارئ نبذة عن كل منها:
أولاً: الكمبيالة:
هي عبارة عن صك مكتوب يتضمن أمراً صادراً من الساحب إلى المسحوب عليه بدفع مبلـغ معيــن في تـاريـــخ معيــن أو قابـــل للتعييــــن لإذن شخــــص ثالـــــث أو للحامــــل
يسمى المستفيد، ويذكر فيه أن القيمة وصلت ويوضح عيله تاريخ السحب.
وصورتها:
الرياض في / / 500 ريال سعودي إلى السيد/ …………………………………………….
ادفعوا لأمر السيد/ …………………….. (أو لحامله) المبلغ الموضح أعلاه، وقدره خمسمائة ريال سعودي في أول شهر ………. سنة ………. والقيمة وصلت (نقداً أو بضاعة أو حساباً)
إمضاء الساحب
………………
ثانياُ: السند الإذني أو السند لحامله:
وهو عبارة عن ورقة تجارية صادرة من المدين في شكل إقرار من جانبه، حيث يتعهد بدفع مبلغ معين في تاريخ معين لشخص معين أو لإذنه أو لحامله.
وصورته:
الرياض في / / 500 ريال سعودي في يوم ……… شهر ……….. سنة ……………..
أتعهد أنا فلان بن فلان بأن أدفع لأمر السيد…………………(أو لحامله) المبلغ الموضح أعلاه، وقدره خمسمائة ريال سعودي، والقيمة وصلتني (نقداً أو بضاعة أو حساباً).
الإمضاء
……………..
ثالثاً: الشيك:
وهو أمر من العميل إلى المصرف ليدفع إلى شخص ثالث المبلغ المدون في الشيك من حسابه الجاري في المصرف.
وصورته:
الرياض / / …………………. شركة الراجحي للصرافة ادفعوا لأمر السيد………………………. (أو لحامله) مبلغاً وقدره خمسمائة ريالا فقط لا غير.
إمضاء الساحب
……………….
وجوه الاتفاق والاختلاف بين الكمبيالة والسند الإذني والشيك:
1_ يتفق الشيك مع الكمبيالة في أن كلا منهما له أطراف ثلاثة: (الساحب) و (المسحوب عليه) و (المستفيد). أما السند الإذني فهو ورقة ثنائية ذات طرفين:
الأول: المحرر الذي يتعهد بالوفاء في وقت معين.
الثاني: المستفيد، وهو الدائن.
2_ تتفق الكمبيالة والسند الإذني في أن كل واحد منهما يجب دفعه بعد أجل معين، أمَّا الشيك فهو أمر بالدفع في الحال.
3_ المسحوب عليه في الشيك عادة هو المصرف الذي يحتفظ فيه الساحب برصيد يدفع منه مبالغ الشيكات التي يسحبها للآخرين. أما الكمبيالة فالمسحوب عليه قد يكون مصرفاً وقد يكون غيره.
حكم تحرير هذه الأوراق:
الذي يظهر لي أنه لا محذور شرعاً في تحرير هذه الأوراق لأنها إما وثيقة بدين كما في السند الإذني، وتحريرها مطلوب شرعاً لمزيد الاستيثاق، وقد أمرنا الله بذلك في محكم التنزيل، يقول تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ]([264]).
سواء كان الأمر للوجوب أم للاستحباب.
وإما حوالة كما في الكمبيالة، وإما الحوالة أو وكالة كما في الشيك فالأمر فيه دائن والمصرف مدين، والشخص الثالث إما محال على مدين أو موكل في الاستيفاء لحقه أو حق غيره، وهذا مشروع في الجملة([265]).
المطلب الثاني: تحصيل الأوراق التجارية
المقصود من التحصيل إنابة ـ البنك ـ في جمع الأموال الممثلة في الأوراق التجارية من المدينين وتسليمها إلى العميل (الموكل). وينقسم إلى قسمين:
الأول: تحصيل محلي وهو ما يتم في نفس المدينة التي بها البنك.
الثاني: تحصيل غير محلي، وهو الذي يكون بلد المحسوب عليه في عملية التحصيل غير بلد البنك([266]).
ويعتبر تحصيل الأوراق التجارية من أبرز الخدمات التي يقوم بها البنك نيابة عن أصحابها ـ الدائنين، ويتقاضى في نظير ذلك عمولة قليلة قد تكون أقل من المصاريف التي كان العميل سينفقها لو قام بنفسه أو بواسطة أحد وكلائه بتحصيلها.
التكييف الشرعي لعملية التحصيل:
هذه العملية ظاهر فيها الجواز شرعاً لأن العمولة التي يأخذها البنك هي أجرة له على التحصيل، فهو وكيل مفوض من قبل أصحاب هذه الأوراق علماً أن تحصيلها يتطلب جهداً كبيراً من البنك، ويكلفه مصاريف انتقال المحصلين وإرسال الإخطارات للمدينين والإشعارات بسدادهم، يقول الأستاذ الهمشري: (وبالتأمل في مفهوم كل من التحصيل للأوراق التجارية والوكالة أستطيع أن أقرر أنَّ عملية التحصيل للأوراق التجارية لا تخرج عن كونها عملية توكيل للبنك بأجر، وإذا أجزنا للمحامي الأجر مقابل وكالته في الدفاع سواء أكسب القضية أم خسرها فإن الوكيل ـ البنك ـ في عملية التحصيل للدين يستحق الأجر سواء تم التحصيل أم لا؛ لأنه قام بالوكالة، وحقق المطالبة بسداد الدين في ميعاد الاستحقاق، واتخذ كافة وسائل التحصيل الممكنة، والمانع إنما من المدين لعسر أو مماطلة)([267]).
بعد هذا العرض أستطيع أن أقرر أن عائد البنك من عملية التحصيل لا يتجاوز أمرين:
الأول: أمر معنوي وهو ثقة العميل وتوليته نيابة عنه في التحصيل مع الناس لأنه بهذه السمعة يكسب العملاء وبالتالي يكسب الأموال الطائلة التي يستثمرها في الحلال.
الثاني: أمر حسي وهو العمولة التي يتقاضاها ـ البنك ـ من العميل مقابل قيامه بتحصيل قيمة الأوراق التجارية وهذان أمران ليس فيهما محظور شرعي البتة ولهذا فبإمكان البنك الإسلامي أن يقوم بهذه العملية دون حرج لأنها لا تخرج ـ حسب ما أرى ـ عن الحدود الشرعية لتعامل البنك الإسلامي.
المطلب الثالث: خصم الأوراق التجارية
الخصم أو القطع عملية مصرفية بموجبها يقوم حامل الورقة التجارية بنقل ملكيتها عن طريق التظهير إلى البنك قبل ميعاد الاستحقاق مقابل حصوله على قيمتها مخصوما منها مبلغ يسمى ـ الخصم.
تصوير عملية الخصم:
التجارة في الوقت الحاضر معظمها قائم على الائتمان، أي أن التاجر يبيع بضاعته بثمن مؤجل فلا يتسلم قيمتها نقداً، وإنما يتسلم سنداً بوفاء قيمتها بعد مدة تتراوح ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، وهذا السند هو ما يسمى بالكمبيالة أو السند الإذني، ولكن التاجر ـ البائع ـ قد يحتاج إلى نقود حاضرة قد تضطره إلى عدم انتظار مواعيد السداد، لذا فإنه يذهب إلى البنك لخصم الكمبيالة أو السند الإذني، فيتسلم من البنك قيمتها نقداً قبل الفائدة تحسب من تاريخ عملية السداد من البنك إلى تاريخ الاستحقاق، وهذا الفائدة تسمى سعر الخصم أو القطع.
عائد البنك من عملية الخصم:
في حالة الخصم يتقاضى البنك مقابل قيامه بهذه العملية الأمور التالية:
أ _ الفائدة.
ب _ العمولة.
ج _ المصاريف.
لكن ما هو الحكم الشرعي لعملية الخصم، هل هي جائزة فيسوغ للبنك الإسلامي القيام بها أم هي ممنوعة فنظهر معاملات البنك الإسلامي منها.
هذا ما سأتحدث عنه تفي المطلب الرابع إن شاء الله.
المطلب الرابع: محاولات لتخريج خصم الأوراق التجارية ومناقشتها
خصم الأوراق التجارية ـ الكمبيالة ـ والسند الإذني ـ شكل رئيسي من أشكال التسليف أو الإقراض المصرفي، ويعتبر العملية المثلى للبنوك التجارية في العالم حتى سميت (بنوك الخصم)، وهي العملية الأولى في نشاط تجارة التصدير والاستيراد، وبما أن عائدها من الفوائد عائد ربوي محرم فقد جرت محاولات متعددة للعدول عن الفائدة في خصم الأوراق التجارية باتخاذ تدابير أخرى يمكن تخريجها على وجه شرعي، واتخذت هذه المحاولات عدة وجوه نفرد لكل وجه فرعاً فيما يأتي، ثم نختم بالرأي المختار.
الفرع الأول: تخريجها عن طريق الجعالة
تقوم هذه المحاولة على أساس التوكيل من المستفيد من الورقة التجارية لشخص آخر (أو للبنك) على تحصيل الدين الذي تضمنته الكمبيالة مثلا مقابل جعل للشخص أو البنك كعمولة على القيام بالتحصيل، وعلى أن يقرض بذلك الشخص([268]) أو البنك الموكل بالتحصيل ـ المستفيد من الورقة التجارية ـ في نفس الوقت مبلغاً مساويا لمبلغ الدين، وعند حلول أجل الدين يحصله ذلك الشخص أو البنك لحساب الدائن،ثم يأخذه ـ البنك أو الشخص ـ سداد لدينه، فإن تعذر عليه تحصيل الدين حتى بالإجراءات القانونية، كأن أفلس المدين عاد ذلك الشخص أو البنك على الدائن بقيمة القرض فقط، ولم يستحق جعلا([269]).
مناقشة هذا التخريج:
محاولة تخريج خصم الأوراق التجارية بهذا الوجه لا يمكن أن تدخل في باب الجعالة، ذلك أن من شروط صحة الجعالة ما يأتي:
أ_ ألا تكون محددة الأجل، وخصم الكمبيالة محدد بأجل استحقاقها.
ب _ ألا يستحق شيء من الجعل ـ العمولة ـ إلا بعد تمام العمل، والخصم تؤخذ فيه العمولة قبل حلول الأجل عند تقديم القرض، ثم إن هذا الارتباط العضوي الذي لا فكاك منه بين عملية التوكيل على اقتضاء الدين وتحصيله عند حلول أجله وبين تقديم قرض بقيمته في نفس الوقت مخصوما منها جعالة أو عمولة على التحصيل مقدما يجعل المسألة في حقيقتها ـ كما كانت ـ قرضاً مؤجلا بفائدة ربوية وإن سميت جعالة أو عمولة، فالتسمية لا تغير من حقيقة الأمر شيئا لأن العبرة ف الشريعة بالحقائق والمعاني لا بألفاظ والمباني
كما هو مقرر في القواعد الفقهية([270]).
الفرع الثاني: تخريجها عن طريق القرض المماثل
يقول أصحاب هذا الاتجاه إذا أردنا أن نلغي من عملية خصم الكمبيالة التي تقع فعلا ما ينافي الشريعة الإسلامية فيجب أن نلغي ما يخصمه البنك من قيمة الكمبيالة إلا ما كان منه لقاء خدمته ولقاء تنازله عن مكان معين، ونستبدل الخصم الذي ألغيناه بأسلوب القرض المماثل، وذلك بأن يشترط البنك على صاحب الكمبيالة المخصومة أن يقدم له قرضاً يساوي الفائدة الملغاة باجل يتفقان عليه، وقد يمتد إلى خمس سنوات مثلا، وبذلك يحصل البنك على مبلغ مساوٍ لما ألغاه من الفائدة، ولكنه لا يمكنه بل يعيده إلى أصحابه بعد انتهاء المدة المتفق عليها بعد أن يكون البنك قد استفاد منه من خلال استثماراته الكثيرة، وعاد إليه ربح كثير يفوق غالبا الفائدة التي ألغاها، ويقول أصحاب هذا الاتجاه: ليس في ذلك أي مانع شرعي لأنه ليس من الربا([271]).
مناقشة هذا التخريج:
يقوم هذا التخريج على أساس أن المستفيد من خصم الكمبيالة يقدم قرضا للبنك يساوي الفائدة الملغاة، ولا شك أن هذا النوع من التعامل من قبيل القروض التي تجر منافع، وهذا لا يجوز عند عامة أهل العلم، يقول ابن قدامة في المغني: (وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف، قال ابن المنذر أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا)([272]).
ثم يقول: (وإن شرط في القرض أن يؤجره داره أو يبيعه شيئاً أوأن يقرضه المقترض مرة أخرى لم يجز)([273]).
ولهذا أقرر دون حرج أن هذا التخريج لا يصح ولا يمكن أن يكون منفذاً للبنك الإسلامي يتأتى من خلاله تفادي الربا في عملية خصم الأوراق التجارية.
الفرع الثالث: تخريجها على أساس البيع
هناك اتجاه فقهي يدعو إلى تكييف عملية خصم الكمبيالة على أساس البيع، وذلك بأن يقوم حامل الورقة ببيعها على البنك بقيمة أقل مما تحمله الورقة، فإذا كانت تحمل ألف ريال يبيعها بتسعمائة ريال. يقول أصحاب هذا الاتجاه: وعلى أساس هذا التكييف لعملية الخصم نقول بالجواز لأنه محظور فيها شرعاً لأن بيع الدين بأقل منه جائز شرعاً([274]).
مناقشة هذا التخريج:
الذي أراه أن هذا التخريج غير صحيح لأن هذه العملية تؤدي إلى الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النساء، إذ ما تحمله الأوراق التجارية هو العملات التي يجري فيها الربا، وهنا في عملية البيع تفاعل ونساء فكيف يصح هذا.
الفرع الربع: تخريجها على أساس القرض الحسن لمن له حساب جار في البنك
ذهب بعض الباحثين في الاقتصاد الإسلامي إلى أن عملية خصم الأوراق التجارية يمكن أن يقوم بها البنك الإسلامي على أساس القرض الحسن، وهؤلاء قالوا لا تخلوا الورقة التجارية من إحدى حالتين:
الأولى: الورقة التجارية في النطاق الداخلي.
الثانية: الورقة التجارية في النطاق الخارجي.
ولكل واحدة منهما حكمها.
قالوا أما في النطاق الداخلي فإذا تقدم المستفيد ـ من الورقة التجارية ـ وأراد صرف قيمتها قبل موعد الاستحقاق، وكان هذا المستفيد عميلا للبنك، وله حساب جار، فعلى البنك، أن يصرف قيمتها له دون أن يخصم من قيمتها مقدار الفائدة عن مدة الانتظار وليس في هذا أي ظلم أو غبن للبنك لأن البنك يستثمر الحساب الجاري لهذا العميل، ولا يدفع له فوائد عن هذا الاستثمار. وأما في النطاق الخارجي فالأمر محمول فيه على الضرورة، إذ لا يمكن أن نفرض على البلاد غير الإسلامية أن تتعامل معنا بغير الربا، ولهذا مادمنا مضطرين إلى التعامل مع هذه البلاد في عقد قروض لتمويل بعض نشاطنا الإنتاجي وفي استيراد سلع لم نصل إلى إنتاجها بعد فلا مناص من التغاضي عن وزر الربا الذي يشوب معاملاتنا معهم، وذلك تطبيقاً للقاعدة الشرعية ـ الضرورات تبيح المحظورات([275]).
مناقشة هذا التخريج:
هذا التخريج غير سليم في نظري.
أما في النطاق الداخلي فالأمران هما:
1_ هذا الحل قاصر لأن القائلين به اشترطوا لأن يكون لطالب الخصم حساب جار، فإن لم يكن له حساب جار فما العمل؟ وهناك لم يذكروا وجها يخرج عليه الخصم.
2_ البنك الإسلامي مؤسسة استثمارية، فما هي الفائدة التي يجنيها من عملية الخصم هذه وهي عملية بر وإحسان فقط؟ ولو كانت في حالات خاصة أو قليلة لقلنا لا بأس في ذلك ولكنها جزء كبير من عمليات البنك.
وأما في النطاق الخارجي فالذي يظهر لي أن المسألة لم تصل إلى حد الضرورة التي يباح معها ما أجمعت الأمة قاطبة على حرمته، والبنك الإسلامي إذا قام على قدميه فعليه أن ينطلق في تعامله مع البلاد غير الإسلامية من عل ولا يخضع لما تميله الدول الكافرة عليه من شروط، وقضية التحريم هنا صريحة لا لبس فيها ولا غموض، فكيف نسوغ لأنفسنا أن نتخطى الحكم الشرعي ونلوذ بالضرورة؟ ثم إن الواقع العملي لبعض البنوك الإسلامية يصادم هذا التخريج، ذلك أن بيت التمويل الكويتي حينما أراد التعامل مع شركات وبنوك أجنبية اشترط عليها أن تتعامل معه على غير أساس الربا أخذا وعطاء، فوافقت تلك الشركات والبنوك وهي راغمة([276]).
الفرع الخامس: تخريجها على أساس (ضع وتعجل)
ذهب الأستاذ سعود الدريب والدكتور عمر المترك إلى أن عملية خصم الورقة التجارية لا يخلو إما أن تكون دينا على المصرف الذي يتولى الخصم أو لا.
فإن كانت الأوراق التجارية على المصرف الخاصم فإن هذه المعاملة تعتبر في حكم الصلح عن المؤجل ببعضه حالا وعلى هذا فالراجح ـ عندهما ـ جوازها.
وإن كانت الأوراق التجارية على غير الجهة التي تولت الخصم فإن الخصم يعتبر غير صحيح شرعاً([277]).
مناقشة هذا التخريج:
هذا التخريج مكون من شرطين:
أ_ إذا كانت الديون على البنك الخاصم فهي جائزة.
ب _ إذا كانت الديون على غير البنك الخاصم فهي محرمة.
وأنا أوافق الأخوين في الشطر الأول فإني أرى أنها ليست مسألة ـ ضع وتعجل ـ لأن المخصوم من الورقة التجارية خاضع لحساب معروف في النظم المحاسبية إذ يأخذ البنك الخاصم فائدة معلومة عن مدة الانتظار تزيد وتنقص حسب طول المدة وقصرها. ثم إن مسألة ضع وتعجل الغالب فيها أن يأتي المدين بعد يوسر الله عليه ويجد سداد الدين فيقول للدائن ضع شيئاً من الدين وتعجل الوفاء مني حالا وهنا الذي يأتي هو الدائن طالباً التعجيل بالوفاء من المدين.
الفرع السادس: الرأي المختار
الحل الأمثل في نظري ـ لعملية خصم الكمبيالة وغيرها ـ هو العمل تحت مظلة العقود الصحيحة شرعاً كعقد المضاربة والشركة وبيع المرابحة وإيضاح ذلك كالتالي:
أولا: في النطاق الداخلي:
لا يخلو الشخص إما أن يكون له حساب جار عند البنك الخاصم أو لا.
أ_ فإن كان له حساب جار فعلى البنك الإسلامي أن يصرف لهذا المستفيد قيمة الكمبيالة كاملة من غير خصم شيء منها وذلك لأنه يقوم باستثمار أموال هذا العميل ولا يدفع له عنها شيئا فعملية الخصم من البنك رد للجميل الذي يستفيده من صاحب الحساب الجاري.
ب _ إذا لم يكن لطالب الخصم حساب جار في البنك فعلى البنك أن يدفع قيمة الكمبيالة كاملة يتفق مع المدين على أساس أن المال تمويل من البنك يقوم الساحب باستثماره والناتج بينهما على ما يتفقان عليه في إطار أحد العقود الصحيحة في الإسلام([278]).
أو يقوم صاحب الكمبيالة ببيعها للبنك بعوض ـ غير نقد ـ يستلمه في الحال ثم يذهب ويبيع العوض بنقد وهنا يحصل صاحب الكمبيالة على مقصوده ويحل البنك محله في تحصيلها. .
ثانياً: في النطاق الخارجي:
على البنك أن يتعامل مع الشركات الأجنبية في الإطار الذي ارتضاه وهو تنزيه معاملاته من شوائب الربا وغيره من المعاملات المحظورة شرعاً.
وإذا صدق البنك الإسلامي في تعامله ونجح في استثماراته وصلب عوده استطاع أن يرغم تلك الشركات للخضوع لنوعية تعامله وهذا ما نراه قد تحققت بوادره ولله الحمد.
المبحث الثالث: الاعتماد المستندي
الاعتماد المستندي عملية هامة تعرفها التجارة الناشئة فإذا كانت هناك عملية استيراد للبضائع من الخارج ويراد تسديد القيمة إلى المصدر، فهنا تقوم البنوك بدورها في تسهيل هذه المهمة إذ تعترض كلا من البائع والمشتري في التجارة الخارجية صعوبات ترجع إلى وجود كل منهما في دولة تختلف عن الأخرى إذ لكل دولة نظامها الخاص، إضافة إلى أن الإنسان لا يضمن المستقبل وما يجد فيه من حوادث فإذا كان من الممكن أن يؤمن المصدر بضاعته ويطمئن لوصولها ويأمن أيضاً المستورد وصولها إليه ووصول الثمن إلى المورد فهذا أمر ييسر عملية التعامل ويخدم كلا من البائع والمشتري، وقد قامت البنوك بهذا الدور أتم قيام وذللت الصعوبات وحققت غرض كل طرف بما يساعد على إتمام الصفقة وهما في حالة من الطمأنينة والارتياح النفسي ولنضرب لذلك مثلا:
تاجر في مصر باع بضاعة لتاجر في الرياض ولمزيد من الحيطة والحذر طلب البائع من المشتري توسيط بنك يتعهد بتأدية الثمن المحدد للبضاعة إلى البائع تعهداً معلقاً على تقديم البائع إلى البنك الوثائق المستندية التالية:
1_ مستندات شحن البضاعة في الميعاد المتفق عليه.
2_ وثيقة تأمين على البضاعة تمكن المشتري من الحصول على التعويض في حالة هلاك البضاعة أو تلفها.
3_ القائمة ـ الفاتورة ـ تثبت كمية البضاعة ووصفها وكيفية حساب ثمنها وتكون مطابقة لما ورد في الاعتماد مطابقة تامة([279]).
سبب التسمية:
سمي التعهد الذي يفتحه البنك (الاعتماد المستندي) لأنه يتطلب تقديم مستندات تثبت انتقال الملكية للسلع موضوع المبادلات.
عائد البنك من فتح الاعتماد المستندي:
يعود للبنك من عملية فتح الاعتماد ما يأتي:
( أ ) ما يعتبر أجراً على ما قام به البنك من الخدمات العملية والتكاليف الإدارية من الاتصال بالمصدر ومطالبته بتسليم مستنداته وفحصها ثم إيصالها إلى المشتري.
( ب ) ما يعتبر فائدة عن المبلغ غير المغطى الذي يقوم بتسديده البنك إلى المصدر من قيمة البضاعة ـ وهو بلا شك قرض من البنك للمستورد.
الحكم الشرعي لهذا الاعتماد:
يمكن أن تخرج عملية فتح الاعتماد المستندي على ثلاثة عقود شرعية هي:
أولاً: الوكالة:
على معنى أن البنك نائب عن العميل ـ معطي الأمر ـ في فحص كل المستندات بدقة وأن يستوثق بأنها وفق شروط الاعتماد قبل دفع الثمن وذلك لأن الخطاب الذي يوجهه العميل إلى البنك لفتح الاعتماد ما هو إلا توكيل بدفع قيمة الاعتماد متى تحققت شروطه.
ثانياً: الحوالة:
من حيث إن بائع البضاعة لم يقبل التخلي عنها لمشتر لا يعرفه ولا يطمئن إليه والذمة المالية للبنك يطمئن إليها كلا الطرفين ـ البائع والمشتري ـ بائع البضاعة باستيفاء ثمنها من البنك الذي تحددت العلاقة بينه وبين المشتري وبقبول بائع البضاعة ينتقل الثمن من ذمة المشتري إلى ذمة البنك.
ثالثاً: الضمان:
وذلك أن البنوك تصرف ذمتها المالية المعروفة بيسارها ضماناً لكل من الطرفين فيما له من حقوق متفرعة من عقد البيع فلا ولا يسار البنك وسمعته وجاهه وقبوله التدخل لضمان الحقوق لما تمت الصفقة بين الطرفين ـ البائع والمشتري ـ أو المصدر والمستورد([280]). وبناء على هذه التخريجات أستطيع أن أقرر ما يأتي:
1_ الذي يظهر لي أن هذا التعهد من البنك بوفاء دين المشتري للبائع صحيح ولا محذور فيه من وجهة نظر الفقه الإسلامي.
2_ ما يأخذه البنك كأجر له على خدماته الكثيرة التي يقوم بها من بدء فتح الاعتماد حتى تسليم البضاعة للمستورد لا شيء فيه وهو أجر نظير عمل وجهد قام به.
3_ ما يعتبر فائدة عن المبلغ غير المغطى الذي يقوم بتسديده البنك إلى المصدر من قيمة البضاعة فهذه الفائدة تعتبر ربا لأن ما يقدمه البنك هو قرض للمستورد وأخذ الفائدة على القرض ربا دونما شك.
وعليه فلا حرج من قيام البنوك الإسلامية بهذا النوع من التعامل شريطة تجنب الفائدة الربوية والله أعلم.
المبحث الرابع: خطابات الضمان
تعريفها:
خطابات جمع خطاب، وهو تعهد من البنك بقبول دفع مبلغ معين لدى الطلب إلى المستفيد في ذلك الخطاب نيابة عن طالب الضمان عند عدم قيام الطالب بالتزامات معينة قبل المستفيد([281]). وتنشأ الحاجة إلى الخطاب الضمان في العادة عندما يجد الإنسان نفسه مضطراً إلى تقديم ضمان نقدي إلى جهة معينة عندما يريد الدخول في مناقصات عامة، أو يحتاج إليه حينما يرتبط فعلاً بالمشروع، ويرسو عليه، فتطلب منه الجهة المختصة تقديم ضمان نقدي في حال عدم التزامه بالشروط المتفق عليها أو نكوصه عن إتمام المشروع.
أقسام خطابات الضمان:
تنقسم خطابات الضمان إلى قسمين:
( أ ) ابتدائي. ( ب ) نهائي.
( أ ) خطابات الضمان الابتدائي: هو تعهد موجه إلى المستفيد من هيئة حكومية أو غيرها بضمان دفع مبلغ من النقود من قيمة العملية التي يتقدم طالب الضمان للحصول عليها، ويستحق الدفع عند قيام الطالب باتخاذ الترتيبات اللازمة عند رسو العملية عليه.
( ب ) خطاب الضمان النهائي: هو تعهد للجهة الحكومية أو غيرها بضمان دفع مبلغ من النقود يعادل نسبة أكبر من قيمة العملية التي استقرت على عهدة العميل، ويصبح الدفع واجباً عند تخلف العميل عن الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في العقد النهائي للعملية بين العمل والجهة التي صدر خطاب الضمان لصالحها([282]).
الفرق بين خطاب الضمان والاعتماد المستندي:
الاعتماد المستندي عبارة عن قيام البنك بدفع مبالغ نقدية لمصدر البضاعة بناء على طلب معطي الأمر ـ المستفيد ـ فهو وسيلة لتنفيذ الوفاء بالثمن بين البائع والمشتري.
أما خطاب الضمان فليس الغرض منه دفع النقود بناء على طلب معطي الأمر، وإنما الغرض منه مجرد ضمانه لإثبات جدية الرغبة في تقديم العطاء أو تنفيذ الالتزام الذي أخذه على نفسه صاحب خطاب الضمان.
عائد البنك من خطاب الضمان:
يعود للبنك من هذه العملية أمران:
1_ المصاريف التي يأخذها البنك مقابل خدماته لإصدار خطاب الضمان.
2_ عمولة يأخذها البنك تتفاوت حسب نوعية خطاب الضمان.
الحكم الشرعي لخطاب الضمان:
اختلف العلماء في أخذ الجعل على الضمان، والذي عليه جماهير العلماء أن لا يجوز لأن الضامن ملزم في حال نكوص المضمون عنه بدفع المبلغ كاملاً، ثم على الضامن أن يسترجعه من المضمون عنه، وهنا كأنه قرض مالي، فلو قلنا بأخذ الجعل لكان قرضاً جر نفعاً، وهو محرم بلا جدال، ولأن الضمان معروف وإحسان، وأخذ العوض على المعروف سحت.
وبناء على هذا فإني أقرر أن ما يأخذه البنك من عمولة على الخطابات الضمان لا يجوز البتة، وبإمكان البنك الإسلامي أن يؤدي هذه الخدمة بالشروط التالية:
1_ أن يكون لطالب خطاب الضمان وديعة لدى البنك تغطى قيمة الخطاب بالكامل.
2_ أن يكفل طالب خطاب الضمان عميل لدى البنك، ويشترط أن تغطى وديعة ذلك الكفيل قيمة المبلغ المنصوص عليه في خطاب الضمان بالكامل.
3_ إذا لم يكن الغطاء كافياً من طالب الخطاب ولم يقدم عميلاً آخر لدى البنك يكفله فإن البنك الإسلامي يستطيع أن يقدم خطاب الضمان لطالبه على شروط المشاركة، وهنا يكون الربح بين البنك وبين العميل حسب الاتفاق، ويقدم هذا التعامل تحت كظلة (عقد الشركة) وهو جائز شرعاً كما قررنا ذلك مسبقاً([283]).
المبحث الخامس: التحويلات المصرفية
تقوم البنوك الحديثة بعملية التحويلات المصرفية، وهي خدمة هامة تقدمها البنوك لعملائها، وتدر عليها عائداً من الربح لا بأس به وتلك التحويلات المصرفية أنواع هي:
النوع الأول:
يتكون أطرافه من ثلاثة:
( أ ) بنك مدين للشخص (محيل).
( ب ) شخص دائن للبنك الأول (محال).
( ج ) بنك مدين للبنك الأول (محال عليه).
وهذه حوالة حقيقية.
النوع الثاني:
يتكون أطرافه من ثلاثة:
( أ ) بنك مدين ـ أصلي ـ (محيل).
( ب ) شخص دائن للبنك الأصلي (محال).
( ج ) فرع للبنك ـ الأصلي ـ (محال عليه).
وهذه ليست حوالة حقيقية، وإنما إذن في الاستيفاء لأن الفرع بمثابة الأصل، فليس فيها ذمتان.
النوع الثالث:
يتكون أطرافه من ثلاثة:
( أ ) بنك مدين لشخص (محيل)
( ب ) شخص دائن للبنك الأول (محال).
( ج ) بنك غير مدين للبنك الأول (محال عليه).
وهذه ليست حوالة حقيقية عند جمهور الفقهاء، وإنما هي وكالة، فلا يلزم المحال عليه الأداء، ولا يلزم المحال القبول، وذلك لأن الحوالة ـ كما مر علينا ـ تحويل الحق من ذمة إلى ذمة والبنك الثاني ليس في ذمته شيء وإنما تعتبر وكالة في اقتراض.
النوع الرابع:
يتكون أطرافه من ثلاثة:
( أ ) بنك غير مدين (محيل).
( ب ) شخص غير دائن (محال).
( ج ) بنك مدين للبنك الأول (محال عليه).
وهذه ليست حوالة وإنما هي وكالة بالقبض تثبت فيها أحكامها، لأن الحوالة مأخوذة من تحول الحق وانتقاله، ولا حق ههنا ينتقل ويتحول.
النوع الخامس:
يتكون أطرافه من ثلاثة:
( أ ) شخص دفع مبالغاً إلى البنك يطلب تحويله إلى شخص آخر في بلد آخر.
( ب ) بنك يقوم بتحويل المبلغ المطلوب تحويله من بلد إلى بلد.
( ج ) شخص في بلد غير بلد المحيل يقبض المبلغ المحال، وهنا يقوم بتحرير سند يسمى في العرف المصرفي في حوالة، أو خطاب اعتماد يتضمن أمراً من البنك آخر فرع له أو عميل أو وكيل له في بلد آخر بأن يدفع إلى شخص معين مبلغاً محدداً من المال، ويتسلم الشخص ـ طالب التحويل ـ السند بيده، وتأخذه البنوك عادة عمولة على هذه العملية([284]).
وهذه التحويلات في جملتها تنقسم إلى قسمين:
الأول: التحويل الداخلي.
الثاني: التحويل الخارجي.
وإليك أيها القارئ نبذة عن كل منهما:
أولاً: التحويل الداخلي:
يقوم البنك بتحويل النقود داخل حدود الدولة خدمة لعملائه وأداء لوظيفته.
طريقة التحويل:
تتم التحويلات داخل حدود الدولة بأحد الطرق الآتية:
( أ ) عن طريق التحويلات الخطابية.
( ب ) التحويلات التلفونية أو البرقية.
( ج ) الشيكات المصرفية.
عائد البنك من عملية التحويل الداخلي:
يأخذ البنك مقابل عملية التحويل ما يأتي:
1_ عمولة.
2_ مصاريف التلفون أو البرق أو البريد.
3_ أجر تحويل المبلغ المرسل.
ثانياً: التحويل الخارجي:
من الخدمات التي يقوم بها البنك تحويل النقود خارج حدود الدولة، سواء كان هذا النقد وفاء لثمن بضاعة أو المقصود منه الانتفاع أو الإنفاق.
طريقة التحويل:
تتم التحويلات خارج حدود الدولة بأحد الصور الآتية:
( أ ) التحويلات الخطابية.
( ب ) التحويلات التلفونية أو البرقية.
( ج ) الشيكات المصرفية.
( د ) شيكات السياح([285]).
عائد البنك من عملية التحويل الخارجي:
يتقاضى البنك مقابل قيامه بهذه الخدمات ما يأتي:
1_ عمولة تحويل.
2_ مصاريف بريدية أو برقية أو تلفونية.
3_ أجر التحويل لهذه المبالغ.
4_ فرق السعر بين العملتين ـ العملة الداخلية والعملة الأجنبية ـ([286]).
الحكم الشرعي لعملية التحويل:
عندما نريد الحكم على هذه العملية لابد أن نبحث ما يأخذه البنك ـ العائد ـ على عملية التحويل ونرى مدى تمشيه مع الشرع أم لا.
( أ ) عملية تحويل النقود يبرز فيها صورة الوكالة والإنابة، والوكالة بأجر جائزة شرعاً والعمولة التي يأخذها البنك عبارة عن أجر، فهي جائزة.
( ب ) المصاريف التي يأخذها البنك من العميل لا تعدو أن تكون مصاريف فعلية تكبدها البنك، وليست داخلة في نطاق العمولة، وقد أنفقها البنك تسهيلاً لمهمة العميل.
( ج ) ما يأخذه البنك من مصاريف البرق أو البريد أو التلفون لا بأس به لأن هذه مصالح منفصلة عن إدارة البنك، وبناء على هذا أستطيع أن أقرر أن البنك الإسلامي يمكن أن يقوم بهذه العملية من خدمات البنوك الحديثة، ويأخذ عليها أجراً([287]).
المبحث السادس: تأجير الصناديق الحديدية
تعريفه:
ما هية إيجار الصناديق الحديدية عبارة عن مقدم يلتزم البنك بمقتضاه أن يضع في العقار الذي يشغله خزانة حديدية تحت تصرف العميل وحده مقابل أجر يختلف باختلاف حجم الخزانة ومدة انتفاع العميل بها([288]).
فوائد عقد إيجار الصناديق الحديدية:
يتميز هذا العقد عن غيره من عقود المعاملات المصرفية بأنه عقد مستقل بالعميل نفسه لا يعود للبنك منه أية فائدة تبعية سوى أنه عامل من عوامل اجتذاب العملاء، وإذا كان البنك يأخذه أجرة على تأجيره الصناديق فإن هذه الأجرة في الغالب ى تتناسب مع تكاليف إنشاء هذه الخزائن ولا مع المسئولين في الحفاظ عليها بعد استئجارها، أما العميل فله فوائد أهمها ضمان سلامة وحفظ الأشياء التي أودعها في الخزانة الحديدية وضمان سريتها بحكم أن مفتاحها بيده وحده، ولا يمكن أن يتعدى عليها أحد لمحافظة البنك عليها.
طابع هذا العقد:
لعقد إيجار الصناديق الحديدية طابع شخصي يبدو في حرص البنك على اختيار عملائه المستأجرين في أن يكونوا من ذوي المؤهلات الخلقية ممن يعرفون باستقامتهم وحسن معاملاتهم ونزاهة تصرفاتهم في مختلف شئون الحياة من تجارية وسياسية، كل ذلك ليتفادى البنك ما قد ينجم من التعامل مع من هم في مستوى أخلاقي منحط في تعاملهم مع الآخرين في مختلف شئون الحياة.
آثار هذا العقد:
لعقد إجارة الصناديق الحديدية آثار تتضح في الالتزامات المتبادلة بين طرفيه،
فالعقد يلزم البنك لعمليه بأمور أهمها ما يلي:
1_ محافظة البنك على الخزانة من السرقة والحريق وغيرهما من أسباب التلف.
2_ تمكين المستأجر من الانتفاع بالخزانة ومساعدته على السرية التامة في عملية الانتفاع.
3_ التحقق من شخصية المستأجر قبل السماح له بدخول الخزانة.
4_ احتفاظ البنك بمفتاح آخر للخزنة يستعمله عند الضرورة كإنقاذ الخزانة من الحريق أو غيره.
كما أن العقد يلزم العميل للبنك بأمور أهمها ما يلي:
1_ دفعه الأجرة المتفق عليها.
2_ احتفاظه بمفتاح الخزانة ورده بعد انتهاء مدة العقد.
3_ في حالة فقده لمفتاح الخزانة عليه إبلاغ البنك في أسرع وقت ممكن ليتمكن من منع دخول أحد إليها نهائياً.
4_ احترامه للائحة تأجير الخزائن وتقيده بمواعيد الزيارة([289]).
تكييف عقد إيجار الصناديق الحديدية في نظر القانون:
قيل: إنه عقد وديعة حقيقية بناء على أن ما تحتويه الخزانة من ممتلكات العميل في عهدة البنك وحراسته، فتجري عليه أحكام الودائع.
وقيل: إنه عقد إجارة نظراً إلى استئجار العميل الخزانة من البنك لاستخدامها في المحافظة على ممتلكاته وعلى سريتها.
تكييف هذا العقد في الفقه الإسلامي:
يمكن أن يعتبر تأجير الخزائن عقد إجارة بالنسبة لاستئجار العميل الخزانة من البنك لحفظ ما يضعه فيها، ويعتبر عقد وديعة بالنسبة لوضع الخزانة التي ملك منافعها ووضع ما فيها من ممتلكات تحت يد البنك لحفظها. فهما عقدان إجارة وعقد وديعة، ويمكن أن يقال إن كلا منهما عقد إجارة. فالأول إجارة، والثاني إجارة على الحراسة وحفظ ما تحتويه الخزانة([290]).
حكم تأجير الصناديق الحديدية في الشريعة الإسلامية:
يعتبر هذا العقد عقد إجارة أو عقد وديعة أو هما معاً، وعلى كل حال فهذه عقود صحيحة شرعاً.
وبناء على هذا أقرر أن البنك الإسلامي له أن يقوم بهذه الخدمة لعملائه ويتقاضى عنها أجرة معلومة، ولا غضاضة عليه في هذا التعامل مادام تحت مظلة عقدي الإجارة والوديعة في الفقه الإسلامي.
المبحث السابع: إدارة الممتلكات والتركات والوصايا والزكاة
تقوم البنوك الحديثة بهذا النوع من الخدمات سعياً وراء مصلحتها الشخصية ومحاولة لكسب العملاء وخدمتهم، وهذا العمل من البنك يحقق مصلحة مزدوجة لكل من العميل والبنك.
أما بالنسبة للعميل فإنه يتخفف من أعباء متابعة أمور ممتلكاته ـ إذا كانت له أملاك متعددة تتطلب ذلك ـ والأهم في هذا الجانب هو مسألة التركات التي يتسبب عن تفاصيل اقتسامها بين الورثة في كثير من الحالات ـ قيام منازعات عائلية لا نهاية لها.
وأما بالنسبة للبنك فإن ذلك يحقق له دخلاً منتظماً ويوسع مجال علاقاته واتصالاته مع العملاء. كذلك فإن البنك يقوم بجمع الزكاة ممن يرغب طواعية في أداء هذه الفريضة، وذلك عن طريق تكوين اللجان الشعبية وبذل المساعي والجهود الكبيرة من قبل المسئولين عن البنك، ثم يقوم البنك بدوره في توزيع ما يتحصل عليه من الزكاة على المصارف المحددة شرعاً في قوله تعالى: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]([291]).
وهنا أستطيع أن أقرر أن البنك الإسلامي يمكنه أن يتولى هذه المهمة، فيدير الممتلكات نظير أجر مقطوع، أو نظير عائد من الربح شريطة أن تكون هذه الأموال في طرق مشروعة، وكذلك له أن يتولى الوصايا والتركات، ويقوم بجمع الزكاة في صندوق خاص بها بحيث لا تختلط مع الأموال البنك الأخرى.
وهنا يحصل تساؤل هو: هل للبنك أن يأخذ شيئاً من أموال الزكاة نظير قيامه عليها، فهو بمثابة العامل عليها، وهذا أحد المصارف الشرعية لها؟
الذي يظهر لي أنه لا مانع من أخذ البنك جزءاً من أموال الزكوات المدفوعة شريطة أن يكون ذلك تحت رقابة شرعية تحدد للبنك مقدار ما يأخذه حتى لا تتوسع البنوك الإسلامية في هذه العملية فتقارب المحذور.
المبحث الثامن
بيع الأسهم والسندات والعملات الأجنبية
وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: بيع الأسهم.
المطلب الثاني: بيع السندات.
المطلب الثالث: بيع العملات الأجنبية.
المطلب الأول: بيع الأسهم
تعريف الأسهم:
الأسهم جمع سهم وهو حصة في رأس مال شركة ـ ما ـ سواء كانت شركة تجارية أم عقارية أم صناعية شركة أملاك أم شركة عقود.
حكم بيع الأسهم:
يقوم معظم تعامل الناس في الوقت الحاضر على تداول الأسهم وغيرها من الأوراق التجارية الخفيفة ولا سيما التجار الذين يتعاملون بالملايين في مختلف العملات.
ولهذا لا بد من معرفة الحكم الشرعي لبيع الأسهم لنرى مدى إمكانية قيام البنك الإسلامي بهذا النوع من الخدمات المصرفية.
والأسهم قسمان:
القسم الأول:
أسهم في مؤسسات محرمة تتعامل بالحرام فمكسبها حرام وذلك كالبنوك التي تتعامل بالمعاملات الربوية وكمؤسسات نوادي القمار ودور اللهو والفسق والمجون فهذه بيعها وشراؤها حرام لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ولأن شراءها من المشاركة في الإثم والتعاون عليه والله جل شأنه يقول: [وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ]([292]).
القسم الثاني:
أسهم في مؤسسات مباحة كالشركات التجارية المباحة أو المؤسسات الصناعية فهذه الأسهم بيعها وشراؤها جائز بشروط:
(أ) أن تكون الشركة معروفة ومعلومة عند الناس بحيث يتضح سلامة تعاملها ونزاهته.
(ب) خلو تعامل الشركة أو المؤسسة من الغرر والجهالة الفاحشة والغش والتدليس وغير ذلك من المحاذير الشرعية.
(ج) أن توظف الشركة أو المؤسسة أموالها في الأمور المباحة كالأراضي والصناعات واستخراج الأسماك وعمليات الإنشاء والتعمير وغير ذلك من الأمور المباحة.
شبهتان على القول بإباحة بيع الأسهم الشركات ودفعهما:
الشبهة الأولى:
أن المشتري والبائع لأسهم الشركات في الغالب أنهما لا يعلمان بجميع ممتلكات الشركة وعلى هذا يكون فيها نوع من الجهل والغرر.
دفع هذه الشبهة:
نقول إنه وإن كان يحصل في الشركات نوع من الجهالة إلا أن مثل هذه الجهالة لتغتفر حيث إنها لا تقضي إلى النزاع.
والجهالة التي تؤثر في صحة العقد هي الجهالة التي تؤدي إلى عدم إمكان تنفيذ العقد أو إلى نزاع فيه كبيع شاة من قطيع تتفاوت آحاده دون تعيين، ثم إن الناس محتاجون إلى هذا النوع من التعامل والقول بعدم جوازه يؤدي إلى الحرج والضيق والشارع الحكيم لا يحرم ما يحتاج إليه الناس لأجل نوع يسير من الغرر.
الشبهة الثانية:
أن من موجدات الشركة ورأس مالها نقوداً فإذا بيعت أسهم تلك الشركة بنقود من جنسها يكون البيع من باب بيع الربوي بجنسه.
دفع هذه الشبهة:
الذي يظهر أن هذا البيع من باب بيع الربوي بجنسه لأن السهم الذي يحمله من له حق في الشركة يمثل جزءاً مشاعاً من أملاك الشركة سواء كانت عقاراً أم زراعة أم مصانع أم غير ذلك، ثم لو سلمنا أن من أملاك الشركة النقود التي يمكن أن تباع الأسهم بنقود مثلها فإنا نقول إن النقود ليست مقصورة في البيع فليس المقصود بيع ربوي وإنما مقصود المشتري امتلاك عدد من الأسهم في الشركة أيا كان نوعها ومما يدل على الجواز ما روى ابن عمر أن رسول الله ص قال: (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع)([293]). قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن المبتاع إذا اشترط مال العبد فهو له نقداً كان أو ديناً أو عرضاً([294]).
المطلب الثاني: بيع السندات
تعريف السند:
هو صك يتضمن تعهداً من البنك والشركة ونحوهما لحامله بسداد مبلغ مقرر في تاريخ معين نظير فائدة مقدرة غالباً بسبب قرض عقدته شركة مساهمة أو هيئة حكومية أو أحد الأفراد.
إيضاح ذلك:
قد تحتاج شركة ـ ما ـ إلى المبلغ من المال لتمويل مشاريعها، ونظراً لأنها لا تملك رصيداً من المال فإنها تلجأ إلى حيلة للحصول على ما تريد من الجمهور وذلك بإصدار سندات بالمبلغ الذي يحتاج إليه، وتعرض هذه السندات على الجمهور لشرائها، على أن يكون لكل سند فائدة محددة إلى أن ينقضي الأجل فترد له قيمة سنداته.
الفرق بين الأسهم والسندات:
هناك بضعة فوارق بين الأسهم والسندات أهمها ما يلي:
1_ السهم يعتبر جزءاً من رأس مال الشركة أما السند فهو جزء من دين على الشركة.
2_ السند له وقت محدد لسداده أما السهم فلا يسدد إلا عند تصفية الشركة أو بيع الجزء الذي يتعلق به السهم.
3_ صاحب السهم شريك في الشركة يتعرض للربح والخسارة أما صاحب السند فله فوائد ثابتة.
4_ عند تصفية الشركة تكون الأولوية لحامل السند لأنه دائن للشركة، أما صاحب السهم فلا يأخذ نصيبه إلا بعد تصفية السندات وقضاء ديون الشركة.
حكم بيع السندات:
ظهر لنا من خلال عرض السند أنه قرض بفائدة لأنه يمثل ديناً على الشركة ويستحق صاحبه فائدة ثابتة سواء ربحت الشركة أم خسرت فهو داخل في نطاق المعاملات الربوية الصريحة، وبناء على هذا فحكمها واضح أنها حرام إصدارها وبيعها وشراؤها لأنها ربا صريح وهنا قد يبدر تساؤل فيقال لنفرض أن السند يحمل ديناً مشروعاً فهل يصح والحالة هذه بيعه؟
الذي يظهر لي أنه يصح من قبيل بيع الدين فيجوز بيعه على من هو عليه بشرط أن يقبض عوضه في المجلس([295]).
المطلب الثالث: بيع العملات الأجنبية
تقوم البنوك بعمليات بيع وشراء العملات الأجنبية بغرض توفير قدر كاف منها لمواجهة حاجة العملاء ولأجل الحصول على ربح فيها إذا كانت أسعار الشراء أقل من أسعار البيع.
ولكن هذا مشروط كما أسلفنا في الحديث عن الربا بشروط:
فإن كان من باب بيع الجنس بجنسه فلا بد من:
1_ التساوي في البدلين.
2_ الحلول.
3_ التقابض في المجلس.
وإن كان من باب بيع الجنس بغير فلابد من:
1_ الحلول.
2_ التقابض في مجلس العقد.
وبناء على هذا فمتى توفرت هذه الشروط صحت عملية بيع وشراء العملات الأجنبية.
وبعد هذا العرض لأحكام الأسهم والسندات والعملات الأجنبية أستطيع أن أقرر:
أن للبنك الإسلامي أن يقوم ببيع وشراء الأسهم الحلال في الشركات المباحة، وعليه أن يبتعد كل البعد عن شراء وبيع الأسهم المحرمة التي تدر عائداً محرماً. أما بالنسبة للسندات فلا يجوز للبنك الإسلامي بيعها ولا شراؤها لأنها داخلة في العمليات الربوية إلا إذا كانت سندات تحمل ديناً مشروعاً فهنا يجوز بيعها على من هي عليه لأنها من باب بيع الدين، وأما العملات الأجنبية فيسوغ للبنك الإسلامي أن يبيعها ويشتريها بالشروط السابقة.
المبحث التاسع
عملية الاكتتاب وحفظ الأوراق المالية
وتحته مطلبان:
المطلب الأول: عملية الاكتتاب.
المطلب الثاني: حفظ الأوراق المالية.
المطلب الأول: عملية الاكتتاب
تقوم البنوك الحديثة نيابة عن الشركات الكبيرة بعملية الاكتتاب في أسهم الشركات وذلك تيسيراً على الناس من وجهة وحرصاً من الشركات على كسب عملاء البنوك من جهة ثانية، وللدقة المتناهية التي تتميز بها أعمال البنوك وخدماتها من جهة ثالثة.
والبنك الإسلامي بإمكانه أن يقوم بهذه العملية ومناط قيامه بدور الوسيط في عملية اكتتاب الأسهم لبعض الشركات مرتهن بصحة تركيب الشركة من الناحية الشرعية ومشروعية النشاط الذي تقوم به.
تكييف عملية الاكتتاب في الفقه الإسلامي:
الذي يظهر لي أن البنك الإسلامي في قيامه بعملية إصدار الأسهم يعتبر وكيلاً عن الشركة وهنا له أخذ الأجرة مقابل قيامه بالعمل الذي وكلته الشركة فيه.
المطلب الثاني: حفظ الأوراق المالية
تقوم البنوك الحديثة بحفظ الأوراق المالية وخدمتها أحياناً حسب طلب العميل فتقوم بصرف المستهلك منها واستبدال الأوراق المحدد إصدارها وتحصيل
ما فيها نيابة عن العميل.
والبنك الإسلامي بإمكانه القيام بهذه العملية غير أن مناط الجواز في قيام البنك الإسلامي بهذا النشاط مرتهن بمشروعية الربح فإذا كان ربح هذه الأوراق مشروعاً جاز قيام البنك الإسلامي بهذه الخدمة وإن كان ربحاً ربوياً كفائدة القروض التي تمثلها السندات فلا يجوز للبنك الإسلامي القيام بخدمتها وتحصيلها.
تكييف عملية حفظ الأوراق المالية في الفقه الإسلامي:
الذي يظهر لي أن هذه العملية كسابقتها توكيل من العملاء للبنك بحفظ هذه الأوراق وتحصيلها وللبنك مقابل هذه الخدمة أجرة يتفقان عليها فيصبح العقد وكالة بأجر ولا مانع من ذلك شرعاً إن شاء الله.
المبحث العاشر: القروض
تعتمد البنوك الحديثة في عملية كسب الأموال الطائلة على إعطاء القروض للآخرين بفوائد ثابتة وهذا هو الربا الصريح، ولهذا صدق على هذه البنوك أنها بنوك ربوية والآن سنلقي ضوءاً على هذه العملية من عمليات البنوك الحديثة ونرى إمكانية قيام البنك الإسلامي بها فنقول:
تعريف القروض:
القروض جمع قرض والقرض عقد اختياري تجاري يسلم البنك بمقتضاه للعميل أو من يعينه العميل نقوداً مباشرة أو يضعها تحت تصرفه ويتضمن تحت سعر الفائدة وأجل الوفاء وبيان ما قد يشترط من ضمان.
تكييف هذا العقد في الفقه الإسلامي:
1_ يمكن أن يقال إن هذا العقد يسمى قرضاً غير أنه يرد عليه بأن القرض إنما هو دفع مال من شخص لآخر على وجه الإرفاق المحض على أن يرد مثله إليه دون شرط زيادة أو جريان عرف بها.
2_ ويمكن أن يقال إنه عقد بيع لأنه يتضمن معاوضة مالية بين نقدين أحدهما عاجل والآخر آجل على وجه المغالبة والتنمية والاستثمار.
الحكم الشرعي لعقد القرض:
لا شك في حرمة هذا العقد لأن فيه الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النساء أما الأول: فالزيادة التي يدفعها المقترض بناء على الشرط المتفق عليه مع البنك.
أما الثاني: فلتأجيل الوفاء بدين القرض. وعلى فرض أن هذا العقد يسمى قرضاً فهو محرم أيضاً لأنه جر نفعاً وقد سبق أن أوضحنا حرمته.
كيف يمكن للبنك الإسلامي القيام بهذه الخدمة:
يمكن للبنك الإسلامي أن يقدم هذه الخدمة وذلك بأن يتفق مع أصحاب الودائع على استثمارها نيابة عنهم إما استثماراً مباشراً بمعرفته أو بدفعها إلى متقدمين للبنك من أصحاب الخبرة ليعملوا فيها بأجر مقابل عملهم فالبنك الإسلامي يختلف عن البنك الربوي في عملية القروض إذ يهم البنك الربوي أن يعطي أصحاب الودائع فوائد ثابتة أقل مما يأخذه ممن يقرضهم وفارق الفائدتين يأخذه, وهذا ربا من جهة العملاء ومن جهة البنك.
أما البنك الإسلامي فهو بدل أخذ الفوائد الثابتة يستخدم هذه الودائع في الاستثمارات المختلفة التي تدر عائداً من الربح يأخذ جزءاً منه ويعطي العميل جزءاً حسب الاتفاق بينهما.
حكم أخذ الأجرة على القرض:
ذهب بعض الباحثين الاقتصاديين إلى جواز الأجرة على القروض. يقول الدكتور شوقي شحاته: (ولا خلاف من حيث المبدأ في أن للبنك الإسلامي أن يتقاضى أجراً أو عمولة مقابل إدارته للقرض وضماناته وخدمته على ألا يتعدى ما يحصل عليه البنك مصاريف الإدارية الفعلية)([296]).
وقد يتعرض أصحاب الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية لأخذ الأجرة على القرض وقرروا جوازها بناء على أن البنك هيئة فيها موظفون يحتاجون إلى أجور كما أن البنك يتحمل نفقات كثيرة من إضاءة وسجلات وملفات إلى غير ذلك من أجور المباني وإصلاح ما يتلف منها كل ذلك يخسره البنك ويكون في حكم التالف وعليه فهناك فرق بين القرض من البنك والقرض من الفرد فالقرض من البنك لا مانع من أخذ الأجرة عليه مقابل الخدمات الكثيرة أما القرض من الفرد فلا يصح أخذ الأجرة عليه([297]).
الراجح عندي:
الذي يظهر لي أنه لا ينبغي للبنك أخذ الأجرة على القرض لما يأتي:
1_ أن تقدير الأجرة تختلف فيه آراء الناس وقد يقع البنك في المحظور المتفق عليه في حالة أخذه أكثر من مصاريفه على القرض.
2_ أن القرض قليله وكثيره مصاريفه واحدة من حيث القيام بخدمته من قبل البنك.
3_ أن فيه شبهة جر القرض منفعة وقد عرفنا تحريم ذلك مسبقاً.
والبديل في نظري لعملية الإقراض بفائدة أو أخذ الأجرة على القروض هو القرض الحسن فعلى البنوك الإسلامية أن تضعه في الحسبان فتخصص له بنداً في نشاطها خاصة إذا عرفنا أنها تحصل على كثير من المال الذي تستخدمه في أنشطتها وأعمالها من غير أن تلتزم نحو أصحاب بشيء من عائد أرباحها كما في الودائع الجارية ومادام أخذ الأجرة فيه أدنى شبهة فعلى البنوك الإسلامية الابتعاد عنه لأنا نريد معاملاتها نزيهة من كل وجه فتبين أنه حيثما يوجد القرض فإنه ليس هناك أي حق أو باب يسمح فيه للبنك الإسلامي بتقاضي أية فوائد ربحية أو أجور مبنية على نسبة مئوية من قيمة القرض دفعاً لشبهة الربا.
وأما أخذ الأجرة المقطوعة على القرض مقابل خدمات البنك ففيها نظر، والذي أفضله ابتعاد البنك الإسلامي عن مواطن الشبه لئلا يكون عليه مدخل في معاملاته والله أعلم.
الفصل الثاني
الاستثمار في البنوك الإسلامية
عنى الفقه الإسلامي ـ في جميع مذاهبه ـ عناية فائقة بالأموال والمعاملات بين البشر ووضع الأسس العامة والضوابط الشرعية التي تحكم معاملات الناس أجمعين ـ المسلمين وغير المسلمين ـ، وقام الفقهاء رحمهم الله بدور عظيم في تقرير العقود وتطبيقها على ما جدّ في عصورهم من قضايا ومعضلات بل سبقوا أزمانهم إذ فرضوا وقائع ومشكلات وذكروا لها حلولاً مناسبة.
ولكننا في مجال استثمار الأموال نجد الفقهاء القدامى رحمهم الله لم يتوسعوا في طرق الاستثمار بل ركزوا على الشركة بما فيها المضاربة كأسلوب ثنائي في تنمية المال واستثماره، وقد أبدعوا في عرض أحكام هذا العقد وتفصيل جزئياته على أكمل وجه، ومساهمة مني في توسيع هذه الثروة الفقهية أحاول أن أستقصي ما أمكن من أوجه استثمار المال في الإسلام ولا سيما نحن نتصدى للحديث عن الاستثمار في البنوك الإسلامية الذي يعتبر هو عصبها في الحياة، وهو البديل الشرعي لعمليات الإقراض بالفائدة التي تتعاطاها البنوك الربوية، وقد جعلت هذا الفصل في خمسة مباحث:
المبحث الأول: التكاليف التي تحكم استثمار الأموال في الإسلام.
المبحث الثاني: الأسس التي تقوم عليها استثمار رأس المال في الإسلام.
المبحث الثالث: أشكال الاستثمار في البنوك الإسلامية.
المبحث الرابع: تكييف العلاقة بين المستثمرين والبنك الإسلامي.
المبحث الخامس: أهداف الاستثمار في الإسلام.
المبحث الأول: التكاليف التي تحكم استثمار الأموال في الإسلام
هناك تكاليف ثلاثة تفرضها الشريعة الإسلامية على مالك المال في استثمار أمواله ـ إذا قضت بذلك ظروف العصر والضروريات المحيطة بالمجتمع الإسلامي. وهذه التكاليف هي:
التكليف الأول: مداومة استثمار مالك المال ماله.
التكليف الثاني: وجوب اتباع أرشد السبل في استثمار هذا المال.
التكليف الثالث: وجوب توجيه استثمار المال إلى جميع المسالك التي تتطلبها ضرورات المجتمع([298]).
ولمزيد من الإيضاح أتحدث عن هذه التكاليف بإيجاز فأقول:
التكليف الأول: مداومة استثمار مالك المال ماله:
أول ما ينبغي للمسلم إذا أعطاه الله شيئاً من المال هو شكر المنعم جلّ وعلا على نعمائه، إذ أتاح الانتفاع بهذا المال وأودعه بين يديه ليستثمره ويتصرف فيه، ومن أولى علامات الشكر أن يوجه نشاطه وكفايته إلى استثمار هذا المال ـ مهما كانت طبيعته ـ في نطاق الوجوه المشروعة للاستثمار على نحو يفي بحاجاته وحاجات من يعولهم وفاء طيباً وبغير عدوان على مصلحة الجماعة، ومعلوم أن المسلم كلما حسن مركزه المادي استطاع أن يكون أحسن في إسلامه وأقدر على أداء فرائض الله حتى إن العبادات التي أوجبها الله لا ينبغي أن يكون أداؤها تكأة للتراخي عن النشاط والحيوية وابتغاء فضل الله، يقول جل وعلا: [فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ]([299])، وبهذا يتبين أن الشارع الحكيم يحرص كل الحرص على مداومة استثمار المالك للمال الذي بين يديه لأنه أصلاً مال الله، ومداومة استثمار المالك له تعود بالنفع على ذاته أولاً وعلى المجتمع ثانياً.
التكليف الثاني: وجوب اتباع أرشد السبل في الاستثمار:
تكررت التعاليم الإسلامية التي تفرض على المسلم عندما يباشر عملاً أن يتقنه ويحسنه، واستثمار مالك المال لماله لم يخرج عن كونه عملاً له وزنه في سجل العمل الصالح، ومن هنا كان عليه واجب اختيار الأساليب الناجحة لاستثمار أمواله لئلا يعود الضرر عليه، ومن ثم على المجتمع في ضآلة الإنتاج أو تلف رأس المال.
التكليف الثالث: وجوب توجيه استثمار المال إلى جميع المسالك التي تمليها ضرورات المجتمع:
إذا توفرت الأموال بيد مجموعة من الناس فإنه ينبغي لهم أن يوظفوها في متطلبات المجتمع ومشاريعه الحيوية بحيث تعود عليهم بالنفع في ذواتهم، ومن ثم يعود النفع على المجتمع، وإذا كانت الصناعة والتجارة والزراعة هي الأمور الأساسية التي توظف فيها الأموال فما على أصحاب الثروات إلا توجيه ما يملكونه إلى هذه الحقول لتعم الفائدة، وهم بما يقومون به من عمل لن ينقص من عائداتهم شيء، ولن يؤخذ منهم أي قدر من المال اللهم إلا ما يتبرعون به لغيرهم من الفقراء والمحتاجين، ومع ذلك فإنهم يحققون مطالب أساسية للمجتمع لأن استخدام المال حيث يعود له الربح العميم ـ بإذن الله ـ، وعلى المجتمع حيث يستفيد الكثيرون من ناتج الاستثمارات، هذه هي التكاليف اللازمة ـ في نظري ـ لضبط عملية الاستثمار وقد يكون هناك أمور أخرى تتفرع عنها.
المبحث الثاني: الأسس التي يقوم عليها استثمار رأس المال في الإسلام
أحاول في هذا المبحث أن أحدد الأسس الرئيسية لاستثمار رأس المال في الاقتصاد الإسلامي، ومع أن هذا الموضوع له أبعاده الكبيرة إلا أني أحاول إيجاز الحديث في عرضي لتلك الأسس التي يعتبر أهمها ما يلي:
1_ الأساس الأول: تحريم الربا في المعاملات المصرفية الإسلامية.
2_ الأساس الثاني: عدم قصر التمويل على نوع معين من المقترضين “أو الأنشطة أو القطاعات دون الآخر.
3_ الأساس الثالث: حبس الاستثمار المصرفي عن الاحتكارات.
4_ الأساس الرابع: توافر الشرعية في المشروعات الاستثمارية.
5_ الأساس الخامس: اعتبار عملية تمويل المشروعات في مجال الاستثمار ضمن القروض التعبدية.
6_ الأساس السادس: المشاركة في العمل أو في رأس المال.
7_ الأساس السابع: إهمال المدين المعسر ـ في حالة القرض الحسن.
وإليك أيها القارئ إيضاحات لهذه الأسس السبعة.
الأساس الأول: تحريم الربا في المعاملات المصرفية الإسلامية
هذا التحريم التزام بأمر الله تعالى إلى عباده المؤمنين حيث يقول: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ]([300]).
وذلك لئلا ندخل في حرب مع الله جل وعلا ومع رسوله ص، يقول تعالى: [فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([301]). والله جل وعلا هو مالك كل شيء ـ وقد حدد له المعاملات التي يمكن أن يتعاطاها، وهي ما كان وفق منهج الله ومتمشياً مع شريعته، والربا تعاقد خارج على منهج الله لأن فيه سحق الناس وإشقاءهم أفراداً وجماعات ودولاً لمصلحة حفنة من المرابين.
والربا المحرم يشمل كلا من نوعي الربا؛ ربا الفضل وربا النسيئة، كما أنه يشمل أيضاً ما إذا كانت الزيادة قد اشترطت عند العقد أو اشترطت عند طلب التأجيل، ويشمل كذلك ما إذا كان القرض للإنتاج أو للاستهلاك.
الأساس الثاني: عدم قصر التمويل على نوع معين من المقترضين أو الأنشطة أو القطاعات ـ دون آخر.
لابد في مجال استثمار المال من امتداد التمويل إلى مختلف المقترضين والأنشطة والقطاعات دون استئثار نوع منها بالتمويل مخافة وجود طبقة تمتلك رؤوس الأموال الطائلة على حساب طبقات أخرى تعيش في الحضيض لا تملك شيئاً، وهذا له أثره الكبير في خلخلة بناء المجتمع وإيجاد روح التباغض والتحاسد وقتل المودة والرحمة بين أفراد المجتمع.
الأساس الثالث: حبس الاستثمار المصرفي عن الاحتكارات
منع الإسلام بعض المعاملات التي لا تعود بالنفع على المجتمع، وطالما أنها ممنوعة من وجهة النظر الشرعية فلا ينبغي تمويلها من جانب البنك الإسلامي، ودونما شك إن الاحتكار داخل ضمن هذه المعاملات غير المشروعة، ونعني بالاحتكار في الفقه الإسلامي جمع السلعة التي يحتاجها الناس أو حبسها عنهم، وذلك بقصد رفع سعرها.
الأساس الرابع: توافر الشرعية في المشروعات الاستثمارية
لابد من الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في مجالات الاستثمار، ولذلك ينبغي للبنوك الإسلامية تمويل الأنشطة التي تنفق مع الشريعة الإسلامية ورفض تمويل المشروعات التي تختلف مع هذه الشريعة كمشروعات المقامرة، وصناعة الخمور والمخدرات والصناعات المرتبطة بلحم الخنزير والمشروعات التي تنطوي على الاستغلال السيء وتحقيق الأرباح الفاحشة، والمشروعات التي تقوم على الغش والتضليل أو أكل أموال الناس بالباطل، يقول تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ]([302]). وما يؤسف له أننا في زمن لا يكترث فيه الكثيرون بمعيار الحلال والحرام في تحقيق الربح، بل الهدف الأساسي لمعظم الناس هو تحقيق الربح بأية وسيلة سواء كانت حلالاً أم حراماً، وهذا بلا شك مصداق للحديث الشريف الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ق أنه قال: (يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام)([303]). وتفادياً للوقوع في المحظور الشرعي يجب أن تكون الشريعة الإسلامية أساساً لكل قرار تمويلي يتخذه البنك الإسلامي([304]).
الأساس السادس: المشاركة مع العمل أو مع رأس المال
من المعلوم أن المال لا يلد المال وإنما يجلب المال عن طريق الجهد والعمل، وذلك بتوظيفه في مختلف أوجه النشاط المشروعة، والبنوك الإسلامية تقوم سواء كان العمل منها ورأس المال من الآخرين ـ وهنا تكون البنوك ـ هي المضاربة ـ أم كان التمويل منها والعمل من أشخاص يوثق بهم، ويكونون ممن عرفوا في هذا المجال بالخبرة الواسعة والكفاية العالية.
الأساس السابع: إمهال المدين المعسر ـ في حالة القرض الحسن
يترفق الإسلام بالمدين ويعامله معاملة كريمة لئلا يشعر بثقل الدين، ولذا نرى الإسلام يأمر المقرض بالانتظار حتى يتحقق يسر المقترض، بل يحض المقرض على عدم المطالبة بالدين ليحصل له الأجر الجزيل من الله، يقو تعالى: [وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ]([305]). وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ق قال: (كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنَّا فتجاوز عنه)([306]).
المبحث الثالث: أشكال الاستثمار في البنوك الإسلامية
تقوم البنوك بعمليات مختلفة تساعد على تدعيم تنمية المجتمع كعمليات الاستثمار للأموال المودعة فيها ابتغاء الربح، والاستثمار عمل مشروع يرغب فيه الإسلام ولكن بالوسائل والأساليب المشروعة، ومن هنا نشأ الاختلاف بين البنوك الإسلامية والبنوك الربوية، فالأولى تلتزم أحكام الشرع في جميع معاملاتها، ومنها المعاملات الاستثمارية في نظري الذي يمكن أن تقوم به البنوك الإسلامية ما يأتي:
1_ المضاربة.
2_ المشاركة.
3_ المشاركة المنتهية بالتمليك.
4_ بيع السلم.
5_ بيع المرابحة.
6_ بيع المرابحة للآمر بالشراء.
7_ البيع بالتقسيط.
وسأتحدث فيما يأتي عن هذه الأساليب الاستثمارية المعروفة في الفقه الإسلامي، والتي يصلح كل واحد منها أن يكون بديلاً لشكل من أشكال الاستثمار الممنوعة شرعاً التي تمارسها البنوك الربوية.
أولاً: المضاربة([307]):
يتميز الأسلوب المصرفي بالنسبة لأعمال الاستثمار المالي بانه الأسلوب الذي أمكن من خلاله تحويل الموارد المالية المتحركة ـ باعتبارها أرصدة حسابية قابلة للزيادة والنقصان ـ إلى مصدر للتمويل المستقر بشكل أتاح إمكان استخدام هذه الأموال لسد حاجة التجارة والصناعة وسائر وجوه النشاط الاقتصادي في البلاد المختلفة([308]).
وهكذا نجحت المصارف الحديثة في أن تكون الوعاء الذي تتجمع فيه الأموال التي كانت ستبقى ـ لولا هذا الأسلوب الفريد ـ مبعثرة متفرقة في البيوت والخزائن الخاصة والجيوب، فانقلبت هذه الأموال إلى قوة كبيرة تتمول منها المشاريع العامة والخاصة، غير أن ارتكاز الأسلوب المصرفي لاستثمار المال بالطريق الربوي قد جعل من هذا الأسلوب الرائع أداة تساعد على تعميق الظلم وإيجاد طبقة من الناس تملك الأموال الطائلة على حساب طبقات أخرى لا تجد لقمة العيش، وإذا كان الأسلوب المصرفي الحديث قد أفلح في تغطية عاطلاً لا يستفاد منه إلا أنه أوجد نوعاً من الضغينة بين أفراد المجتمع، فكثر الحسد، وطغى الشح وأصبح أصحاب الأموال هم المسيطرين على الأمور الاقتصادية في معظم البلاد الإسلامية. ونحن إذ نبارك قيام البنوك الإسلامية ونجاحها نجاحاً طيباً نؤكد على القائمين عليها أن يسعوا إلى استثمار المال عن طريق المضاربة الشرعية التي يستفيد منها طبقة كبيرة من الناس؛ فلرجل الذي يمتلك الخبرة الكافية والقدرة على إدارة الأموال واستثمارها، وباجتماع رأس المال من جانب والعمل من جانب تنجح المضاربات الشرعية سواء كانت البنوك الإسلامية طرفاً فيها أم كانت وسيطاً بين الطرفين (أصحاب الأموال والمضاربين)، فقد يتقدم تاجر للبنك بطلب تمويل صفقة تجارية محددة سواء كان تمويلاً كاملاً أم جزئياً، ويتفق مع البنك على اقتسام عائد الربح من هذه الصفقة التجارية بالنسبة التي يتفقان عليها بعد استيراد البضاعة وتصريفها وخصم المصروفات عليها.
يقول الدكتور عبد العظيم شرف الدين: (… ولابد من تطويع العمليات المصرفية التي يشوبها الربا بحيث تتفق مع عقد المضاربة المشروع في الفقه الإسلامي والذي يضمن تحقيق مصلحة كل من أرباب الأموال ومن هم في حاجة إلى الأموال لاستثمارها بطريق مشروع. وإذا استجيب لهذه الدعوة فإننا نوفر لمجتمعنا التقدم الاقتصادي المنشود في إطار ما شرعه الله من أحكام كفيلة بتحقيق مصالح البشر دون أن تشوبها شائبة الربا المحرم)([309]).
ثانياً: المشاركة:
تعتبر المشاركة أحد الأساليب المشروعة للاستثمار، والمشاركة المقصودة هنا هي ما يعرف في الفقه الإسلامي بشركة العنان، وهي بين اثنين فأكثر على أن يتجروا برأس مال مشترك بينهم ويكون الربح بينهم بنسبة معلومة، وقد نص الفقهاء ـ رحمهم الله ـ على جواز هذا النوع من الشركة، واستدلوا له بما روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: يقول الله تعالى: (أنا ثالث الشريكين ما لم أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما)([310]).
والفرق بين شركة العنان والمضاربة أن المضاربة يكون فيها المال من جانب والعمل من الجانب الآخر، لأما شركة العنان فرأس المال والعمل مشتركان من الجانبين، وهذه الشركة مبنية على الأمانة والوكالة، فكل شريك أمين على مال شريكه ووكيل عنه فيما يباشر من تصرف في رأس مال الشركة في حدود ما تضمنه العقد من شروط. ومن هنا يتأكد على البنوك الإسلامية أن تأخذ بهذا الأسلوب من أساليب الاستثمار فتشارك الآخرين في مختلف المجالات لتحصل على عائد من الربح يقوي مركزها المالي ويعمق ثقة عملائها بها كمنشأة مصرفية لا تتعامل بالحرام.
ثالثاً: المشاركة المنتهية بالتمليك:
للبنوك الإسلامية أن تقوم بالمشاركة في أدوات الإنتاج لمن يعملون عليها، وهذا النوع غالباً ما يقوم في الأشياء المنتجة للدخول بطريق العمل عليها مشاركة بين البنك ومن يعمل على تلك الآلة المنتجة للدخل كعربات النقل والمحاريث والحاصدات الزراعية وغيرها، وهي نوع من المشاركة غالباً ما ينتهي بتمليك تلك الآلة المنتجة للدخل إلى العامل عليها، وذلك بترتيب يقسم على أساسه عائد نتاج العمل عليها إلى ثلاثة أقسام: قسم للبنك، وقسم للعامل كأجرة له على عمله على الآلة، وقسم يحفظ كمقابل لقيمة الآلة، وذلك بعد تنزيل نفقات الوقود، والصيانة حتى إذا ما بلغ ذلك الجزء المحفوظ مقدار قيمة الآلة المنتجة قام البنك من جانبه بالتنازل عن ملكيتها للعامل عليها([311]).
وهذا النوع من الاستثمار له فوائد كبيرة، فمع أنه أحد مصادر الربح للبنك كذلك فإن فيه تنشيطاً للحركة الزراعية والصناعية والعمرانية، وذلك بتمويل القائمين بشئونها من أصحاب القدرات الكافية.
يمكن ضبطه وتعيينه قدراً ووصفاً كالمكيلات والموزونات والمزروعات والعدديات المتقاربة، وله شروط منها:
1_ بيان جنس المسلم فيه.
2_ بيان نوعه.
3_ بيان وصفه.
4_ بيان قدره.
5_ بيان الأجل.
6_ بيان قدر رأس المال إن تعلق العقد مقداره كالمكيل والمزون.
7_ بيان مكان الإيفاء فيما له حمل ومؤونة.
وعلى ذلك فكل بيع فيه الثمن عاجلاً والسلعة المشتراة آجلة فهو السلم بعينه مهما اختلف الأسماء.
ومن هنا كان المسلم أحد أوجه الاستثمار الكثيرة التي تقوم بها البنوك الإسلامية ويحقق لها ربحاً جيداً فضلاً عن كونه يعود بالنفع على عملاء البنك من ناحية زيادة إنتاجهم وتوفير النواحي المالية لهم، وهم في أمس الحاجة إليها. ولقد أخذ بنك دبي الإسلامي هذا النوع من العقود كأساس لممارسة بعض أنشطته التجارية معتمداً على الشروط التي أوردها الفقهاء في هذا النوع من البيوع، ولقد نجح البنك بشكل واضح في استلهام روح هذا النوع من البيوع في بعض الأنشطة التي يقوم بها حالياً، ولعل ذلك تأكيد على روح الشريعة السمحة سمت واتسعت فاحتوت كل ما يمارسه البشر وما سوف يمارسونه في المستقبل تحت ضوابط معينة مما وضعه الفقهاء لكل نوع من أنواع تعامل الناس.
خامساً: بيع المرابحة:
البيع إما أن يكون عن طريق التفاوض بين البائع والمشتري من غير نظر إلى رأس المال الذي قامت به السلعة على البائع، ويسمى المساومة وإما أن يكون على أساس رأس المال ويسمَّى بيع الأمانة. وفي بيع الأمانة قد يكون البيع برأس المال فقط، ويسمَّى تولية إذا أخذ المشتري كل السلعة، أما إذا أخذ جزءا منها بما يقابله من الثمن، فيسمى إشراكاً، وقد يكون بربح معلوم، ويسمى مرابحة، وقد يكون بخسارة، ويسمى وضيعة ومواضعة ومحاطة ومخاسرة([312]).
وعلى أساس هذا البيع يقوم البنك الإسلامي بشراء السلعة التي يحتاج إليها السوق بناء على دراسته لأحوال السوق وبناء على طالب يتقدم به أحد زبائنه يطلب فيه من البنك شراء سلعة معينة أو استيرادها من الخارج مثلاً ويبدي رغبته في شرائها من البنك بعد وصولها، فإذا اقتنع البنك بحاجة السوق إليها وقام بشرائها فله أن يبيعها لطالب الشراء الأول أو لغيره مرابحة، وذلك بأن يعلن البنك قيمة شراء السلعة مضافاً إليها ما تكلفه من مصروفات بشأنها، ويطلب مبلغاً معيناً من الربح على من يرغب فيها ـ زيادة على ثمنها ومصاريفهاـ.
سادساً: بيع المرابحة للآمر بالشراء:
وذلك بأن يتقدم العميل إلى البنك طالباً منه شراء سلعة معينة بالمواصفات التي يحددها على أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة اللازمة له فعلاً مرابحة بالنسبة التي يتفق عليها، ويدفع الثمن مقسطاً حسب إمكانياته التي يساعده عليها دخله. وهذا أحد الأوجه التي يمكن أن يستثمر فيها البنك الإسلامي أمواله، فالبنك مع أنه يستفيد عائداً من الربح كذلك فهو يوسع على الآخرين من عملائه، ويؤمن لهم متطلباتهم التي يعجزون عن تأمينها إما لقلة ذات اليد عندهم أو لعدم تمكنهم من استيراد السلعة بالطرق النظامية المعروفة.
والذي يظهر أنه لا يسوغ أن يكون العقد ملزماً للطرفين بل يكون الآمر بالشراء بالخيار إذا رأى السلعة إن شاء قبل وإن شاء رده.
يقول الدكتور سامي حمود: (فهذه العملية مركبة من وعد بالشراء وبيع المرابحة، وهي ليست من قبيل بيع الإنسان ما ليس عنده لأن المصرف لا يعرض أن يبيع شيئاً ولكنه يتلقى امراً بالشراء، وهو لا يبيع حتى يملك ما هو مطلوب، ويعرض على المشتري الآمر ليرى ما إذا كان مطابقاً لما وصف، كما أن هذه العملية لا تنطوي على ربح ما لم يضمن لأن المصرف وقد اشترى فأصبح مالكاً يتحمل تبعة الهلاك، فلو عطبت الأجهزة المشتراة أو تكسرت قبل تسليمها للطبيب الذي أمر بشرائها فإنها تهلك على حساب المصرف وليس على حساب الطبيب)([313]). انتهى.
سابعاً: البيع بالتقسيط:
البيع بالتقسيط أو البيع إلى أجل قد يكون بالسعر الذي تباع به السلعة نقداً، وهذا جائز بالاتفاق، ويؤجر عليه البائع لما فيه من التوسعة على الناس وسد احتياجاتهم، وقد يكون البيع إلى أجل بسعر أكثر من الثمن الحال وذلك أن يقول البائع للمشتري هذه السلعة ثمنها مائة إذا دفعت الثمن الآن ومائة وعشرة إذا دفعته بعد سنة، فيقول المشتري بمائة وعشرة إلى سنة، ويتم البيع على هذا([314]).
والذي أراه أن البنوك الإسلامية تعمل بالطريقتين معاً، فتبيع للناس المحتاجين حاجة ضرورية ـ كحاجة المسكن والمأكل والمركب ـ بسعر التكلفة، ولا تأخذ منهم زيادة في القيمة لأن هذه البنوك تخدم أغراضاً اجتماعية نبيلة.
وتبيع لغير المحتاجين كالتجار وغيرهم بزيادة في القيمة نظير الأجل، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، وقد قام بيت التمويل الكويتي بتطبيق هذا النموذج من الاستثمار، ونجح في ذلك نجاحاً منقطع النظير، إذ صار يبيع بربح ضئيل جداً، فقطع الخط على التجار الذي لا يرحمون المحتاجين ولا يرقون لحالهم بل يبيعونهم بأسعار باهظة استغلالاً لفرصة عوزهم وحاجتهم.
المبحث الرابع: تكييف العلاقة بين المستثمرين والبنك الإسلامي
العلاقة التي نريد أن نكيفها هي العلاقة بين ـ أصحاب الودائع المؤجلة أو ودائع الادخار ـ وهم المستثمرون ـ وبين البنك الإسلامي ـ وهو المضارب.
يرى بعضهم([315]) أن العلاقة بين المستثمرين وبين البنك الإسلامي هي علاقة بين رب المال والمضارب، فالمدعون في مجموعهم لا فرادى يعتبرون (رب المال) والبنك هو (المضارب) مضاربة مطلقة؛ أي يكون له حق توكيل غيره في استثمار مال المودعين، وعلى هذا النحو يمضي البنك في تقديم المال لأصحاب المشروعات موجهاً كل ما لديه من فطنة ودراية مالية أو خبرة سوقية في تخير المشروعات والقائمين بها، لأنه أمين على هذا المال، فيجب عليه أن يتحمل أعباء هذه الأمانة على الوجه الأكمل، وهذه المشروعات الاستثمارية بعضها قد ينجح نجاحاً كبيراً، وبعضها قد ينجح نجاحاً معتدلاً، وبعضها قد يفشل فلا يؤتي أي ربح، وفي كل سنة مالية يقوم البنك بحساب أرباحه وخسائره، ثم يخرج من صافي الربح مصاريفه العمومية، وما بقى يقتسمه مع أصحاب الودائع حسب النسبة المتفق عليها بينهما.
وهناك رأي([316]) آخر اتجه إلى أن تطبيق شروط المضاربة الخاصة تتعذر في نظام البنك الإسلامي وطبيعة عمله، كما أنها لا تنطبق على طبيعة نشاط البنك، ومن ثم فقد اتجه إلى الاستفادة من الأحكام الخاصة بالأجير المشترك، وحول تكييف العلاقة بين أشخاص المضاربة يقول الدكتور سامي حمود: (تضم المضاربة المشتركة ثلاثة فرقاء ممن تختلف العلاقات القائمة بين كل فريق والفريق الآخر تبعاً لاختلاف شكل التعاقد بين الفريقين.
ويتمثل الفريق الأول في المضاربة المشتركة بجماعة المستثمرين أصحاب الودائع ـ ويتمثل الفريق الثاني بجماعة المضاربين. ويتمثل الثالث في الشخص أو الجهة التي تكون مهمتها التوسط بين الفريقين ـ المستثمرين من جهة والمضاربين من جهة أخرى ـ) ([317]).
وهكذا يذهب صاحب هذا الرأي إلى أن المضاربة بشكلها المعروف يتعذر تطبيقها في مجال الاستثمار الإسلامي، وذلك لأنها علاقة ثنائية بين فردين هما صاحب المال والمضارب، وفي مجال الاستثمار عندنا ثلاثة أطراف كما أن عندنا مجموعة من أصحاب الأموال، كل يريد استثمار ماله في أمور خاصة فكيف يقوم المضارب الواحد بهذا العمل، وقد رد الدكتور سامي حمود على الدكتور محمد عبدالله العربي، وقال إنه لا يمكن استثمار الأموال من أشخاص ـ متعددين ـ إلا بخلطها، وخلطها متعذر ـ شرعاً ـ كما يقرر سامي حمود، وعليه فإن تطبيق نظام المضاربة المعروف لا يمكن بحال([318]).
ومن هنا ارتضى الدكتور سامي حمود منهج المضاربة المشتركة قياساً منه على الأجير المشترك، وقال إن فيها مخرجاً شرعياً لعمليات الاستثمار التي يقوم بها البنك الإسلامي وبناء على هذا أوجب ـ صاحب هذا الرأي ـ الضمان على البنك الإسلامي قياساً على الأجير المشترك.
أقول: صحة القياس أن يكون الحكم الشرعي المراد تعديته للأصل قد ثبت بنص أو إجماع، وذلك غير متوفر في الأجير المشترك. والذي أراه في هذا المجال هو صلاحية المضاربة بمعناها الواسع عند الفقهاء للتطبيق في مجال الاستثمار سواء كانت العلاقة ثنائية بين طرفين فقط أم كانت غير ثنائية، كأن تكون بين أطراف ثلاثة، أو كانت بين جماعة المستثمرين ـ المودعين ـ وبين البنك، كل ذلك يمكن معه تطبيق المضاربة الشرعية بمفهومها عند الفقهاء، ولكن هذا مرهون في نظري بأن يشترط البنك الإسلامي على أصحاب الأموال أن يتصرف بالمال كيف يشاء في حدود المصلحة العامة، وذلك بأن يضارب به في نفسه أو يدفعه إلى غيره أو يخلطه مع الأموال أخرى، المهم أن يكون البنك حراً في هذه المضاربة المطلقة، يتصرف فيها حسب ما يراه مناسباً لاستثمار المال. وعلى هذا يكون تكييف العلاقة كالتالي:
(أ) إذا قام البنك الإسلامي بالمضاربة بنفسه تكون العلاقة ثنائية بين رب المال والمضارب، فالمستثمرون بمجموعهم هم ـ رب المال ـ والبنك هو ـ المضارب.
(ب) إذا أسند البنك الإسلامي المضاربة إلى غيره تكون العلاقة بين البنك بأنه رب المال في علاقته مع المضاربين الآخرين، لأنه ليس مالكاً للمال في الحقيقة، وفي هذه المضاربة يكون عندنا رب مال ومضارب ووسيط، ولا يخرج هذا على أحكام المضاربة المعروفة، وبهذا التكييف بين العلاقات ليسوغ للبنك الإسلامي القيام بعمليات الاستثمار في ظلال عقد المضاربة دون حرج ـ إن شاء الله ـ.
المبحث الخامس: أهداف الاستثمار الإسلامي
إن الهدف الأسمى للاستثمار باعتباره الأداة الرئيسية للبنك الإسلامي والمؤسسات المالية الإسلامية هو إقامة الاقتصاد الإسلامي والنهوض بالمجتمعات الإسلامية، بمعنى أن تعظيم الربح ليس الهدف الأساسي من الاستثمار الإسلامي في البنوك الإسلامية، وبناء على هذا يجب أن يكون الاستثمار الإسلامي استثماراً تنموياً، أي أنه لابد أن يتصدى لقضية التنمية بأبعادها المختلفة، وليس مجرد استثمار لإنماء المال فقط.
ولعل مجمل أهداف الاستثمار الإسلامي في البنوك الإسلامية ما يأتي:
1_ تعاون رأس المال وخبرة العمل في التنمية الاقتصادية.
2_ حصول المستثمر على الربح العادل الذي يتكافأ مع الدور الفعلي الذي أداه ماله في التنمية الاقتصادية.
3_ تحرير الفرد من نزعة السلبية التي يتسم بها المودع المنتظر للفائدة الربوية.
4_ تنشيط عمليات التنمية في المجتمع والنهوض باقتصادياته([319]).
وهذه الأهداف لا تتحقق غالباً إلا بعد كفاح طويل من البنك في تقويم مشروعاته قبل الإقدام عليها، ولهذا يتولى الخبراء والاختصاصيون بقطاع الاستثمار بالبنك الإسلامي دراسة المشروعات، ومن بين ما تتناوله الدراسة النواحي الاقتصادية والاجتماعية ومنها:
1_ مدى ربحية المشروع والطلب على منتجاته.
2_ عدم تعارض أهداف المشروع ونتائجه مع خطة التنمية بالدولة الكائن فيها.
3_ الانتعاش والعائد الاجتماعي والإنساني على أهالي المنطقة.
4_ مدى مساهمة المشروع في تشغيل أيد عاطلة وحل مشكلة البطالة.
كل هذه الأمور تحكم أي مشروع يقدم عليه البنك، لهذا ليس كل من تقدم بطلب تمويل مشروع ـ ما ـ يوافق عليه من قبل البنك الإسلامي بل لابد من دراسة المشروع والنظر في جدواه الاقتصادية والاجتماعية ثم إقراره، وذلك كله في حدود ما تسمح به الشريعة المطهرة([320]).
وبعد فإن البنوك الإسلامية تقوم باستثمار أموالها وأموال المودعين في مشروعات بقطاعات الاقتصاد المختلفة.
وهكذا يدخل كل من لديه فائض من مال في زمرة الذين يجاهدون بأموالهم لمنفعتهم ومنفعة أمتهم ووطنهم، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.
والبنوك الإسلامية تقوم بإقراض المودعين والمساهمين دون تقاضي أية فوائد، بل أحياناً تشاركهم في الربح وأحياناً لا تشاركهم بل يكون القرض حسناً، وهذا هو الأسلوب الشرعي لاستثمار أموال البنوك الإسلامية بدلاً عن إقراضها بالربا كما هو حادث بالنسبة للبنوك الربوية، ويمثل هذا الأسلوب تجربة رائدة ولا شك لتطبيق الشرع الحنيف في عالم المال والاعمال، فالدين الإسلامي دين عمل وجهاد، وما فرط في شئون الحياة من شيء([321]).
وفي كل هذا تقوم البنوك الإسلامية بدفع عجلة الاقتصاد الإسلامي فيعم النفع أكبر عدد من المواطنين، وتسعد الأمة فينشأ بين أفرادها علاقات مودة ورحمة وإخاء في الله وجهاد في سبيله.
وهكذا نجحت البنوك الإسلامية ـ ولله الحمد ـ في مجالات الاستثمار، وأصبحت نداً للبنوك الربوية، ترتفع منها صيحات الحق منادية أيها الهلكى والغرقى في الحرام أفيقوا قبل فوات الأوان.
نسأل الله أن يوفق العاملين للخير في كل مكان وزمان، وأن يشد عضدهم ويحقق على أيديهم الخير لأمتهم لتحتل مكانتها القيادية كما كانت في السابق أمة القيادة. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الباب الخامس
البنوك الإسلامية في تجاربها الأولى
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الأول: بنوك الادخار.
الثاني: البنك الاجتماعي الإسلامي ـ بنك ناصر الاجتماعي ـ.
الثالث: البنك الإسلامي للتنمية.
الفصل الأول
بنوك الادخار
وتحته أربعة مباحث:
الأول: التفكير في إنشائها وكيف تم قيامها بعملها.
الثاني: الأعمال التي تقوم به بنوك الادخار.
الثالث: العقبات في طريق بنوك الادخار وأسباب توقف هذه البنوك.
الرابع:الآثار التي خلفتها بنوك الادخار.
المبحث الأول
التفكير في إنشائها وكيف تم قيامها بعملها
وتحته أربعة مطالب:
الأول: المناخ الذي عاصر بنوك الادخار.
الثاني: وضع الخطوات لأول مصرف غير ربوي.
الثالث: مبررات إنشاء بنوك الادخار في الريف.
الرابع: مرحلة التوسع في بنوك الادخار.
المطلب الأول: المناخ الذي عاصر تجربة بنوك الادخار
قبل البدء بعرض تجربة بنوك الادخار الإسلامية لا بد من التعرف على المناخ العام الذي عاصر هذه التجربة لأن له الأثر الكبير في حياة التجربة أو موتها، ونظراً لصعوبة الإحاطة بهذا المناخ من جميع جوانبه فإنني سأكتفي بعرض العناصر([322]) وثيقة الصلة بالتجربة والتي كان لها التأثير المباشر عليها.
1_ يعتبر الوقت الذي بدأ التفكير فيه بالبنوك الإسلامية وقت تبعية في الفكر من قبل المسلمين لأعدائهم ولا سيما في مصر لأنها كانت في ذلك الوقت أكثر البلاد الإسلامية ثراء فكرياً، ولهذا يصعب كثيراً أن يولد في هذا المجتمع تفكير يناقض مناقضة كلية ما درج عليه الغرب وما تلقاه أبناء الشرق عن الغربيين. وقد كان الجهد الذي يقوم به أصحاب الفكر من المسلمين هو استيراد ما عند أساتذتهم، وإذا أرادوا التغيير غيروا في الشكل([323]) دون المضمون، ومما يؤسف له أن هؤلاء هم المثقفون في البلاد، وهم الذين يتربعون على المناصب القيادية، ولا يقبل الناس قولاً غير قولهم، والويل كل الويل لمن حاول مناقشة آرائهم أو نقدها لأنهم يسخرون كل طاقاتهم لإلصاق التهم والشائعات به، فهو الرجعى المتخلف عدو التقدم والحرية.
2_ العنصر الثاني هو عنصر الجمود والخوف من الإقدام على تغيير الأمور التي تعارف عليها الناس وألفوها فيما بينهم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك المصارف، فالناس لم يعرفوا البنوك بشكلها الحالي قبل مجيء الاستعمار الذي عمل جاهداً على بقائه في بلاد المسلمين، وكانت خطته في ذلك إبعاد المسلمين عن عقيدتهم وتراثهم الفكري، وذلك بالوسائل التي استعان بها المستعمر ليضمن وجوده في المنطقة، إذ أصبح الناس يعيشون في تناقض بين الواقع الأليم الذي يحتم عليهم التعامل بالربا وبين بقايا الإيمان في نفوسهم تلك التي تحرم الربا وتمقته.
وهنا عجز أصحاب الفكر من المسلمين عن تغيير هذا الواقع والإتيان بنظام جديد يتمشى مع شرع الله ويحي نظام الزكاة الذي مات مع انتشار البنوك الربوية، وذلك بسبب جمودهم وخوفهم من الإقدام على تغيير الواقع المألوف.
3_ العنصر الثالث: هو المشكلية والمظهرية، فقد كان الاهتمام بالمظهر هو كل شيء لتغطية القصور الواضح في المشاريع التي تنظمها السلطة، ولقد طغى الاهتمام بالشكل على جميع المستويات، وأصبح المسئولون لا يلقون بالاً للجوهر، لأنهم يكتفون بالدعاية الإعلامية لنجاح أي مشروع ولو كان فشله واضحاً للعيان. وليس هناك مجال للنقد أو تقديم وجهات النظر لأن من يفعل هذا رجعي متخلف ويعارض السلطة، فكان لا بد من الخضوع والخنوع للسلطة وقبول ما تنفذه، وأنه الحق الذي لا يقبل النقاش.
وهذا الأمر جعل الناس يزهدون فيما عند السلطة حتى إن الفلاحين لفي مصر آنذاك رفضوا المعونات التي تقدمها الدولة لعدم الثقة في أعطياتها، ولعلمهم أن ما تقدمه بمثابة الشراك لاصطيادهم.
4_ العنصر الرابع: هو التمزق الذي ساد المجتمع للصراع المحتدم بين سلوك يجد أنه مجبر عليه وسلوك آخر تتجه إليه فطرته السليمة، وهذا التمزق جعل المجتمع غير مستعد لقبول الجديد مما يتمشى مع روح الإسلام وتعاليمه لأنه فقد الثقة في كل شيء نتيجة لنوعية التعامل الذي تعامله به السلطة، ولهذا حرص المجتمع في هذه الآونة على الهروب من الواقع بأي مظهر من مظاهر الهروب، حتى ولو كان الضرر محدقاً به في النهاية.
يقول الدكتور أحمد النجار: (لقد استلفت نظري في أوائل الستينات ظاهرة الإقبال المجنون في المجتمع المصري على الشراء بالتقسيط، وعندما تناولت هذه الظاهرة بشيء من التحليل وجدت أن هذا الاندفاع اللاهث على الشراء بالتقسيط إنما يعبر في النهاية عن مظهر هروبي([324]).
كانت هذه أبرز العناصر التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة في بنوك الادخار الإسلامية والتي كان يموج بها المناخ العام في مصر، وقد كان هذا المناخ موحياً باليأس والاستسلام للواقع المرير، ولكن الله هيأ بعض العاملين([325]) بروح إسلامية صادقة وعزيمة قوية من أبناء الأمة الإسلامية فنفضوا الغبار الذي ران على الناس، وفتشوا في إسلامهم عن بديل للبنوك الربوية فوجدوا ضالتهم واستسهلوا كل عقبة في سبيل نجاح المشروع، وكان أن وفقوا أتم التوفيق وأكمله، وبدأت بذرة الخير التي نرى امتدادها هذه الأيام، وهي تثبت نجاحها يوماً بعد يوم رغم أنوف الحاقدين.
المطلب الثاني: وضع الخطوات لأول مصرف لا ربوي
حرص أصحاب مشروع بنوك الادخار المحلية على تنفيذ المشروع في مصر، وكانت فكرة البنوك كطبقة في ألمانيا الغربية ولهذا بذلوا جهدهم لنقل الفكرة من ألمانيا الغربية إلى مصر، وقد واجهتهم صعوبات كثيرة من الحكومتين الألمانية والمصرية، ووضعت في طريقهم العراقيل، ولكن العزم الأكيد المنبعث من الإيمان الراسخ دفعهم ليتخطوا هذه العقبات ويستسهلوها في سبيل نجاح مشروعهم. وقد تطلب الأمر منه السفر المتكرر إلى المانيا ووضع بعض الترتيبات اللازمة، وانتهى الأمر بالموافقة على مساعدتهم في نقل المشروع إلى مصر، ولكن التخوف بدا واضحاً على كثير من الأوساط الإسلامية، وكأن إقامة نظام مصرفي على أسس إسلامية أمر صعب أو مستحيل، وذلك لأنه لا يوجد لدينا علماء متخصصون في الاقتصاد الإسلامي، إذ الدارسون في مجال الاقتصاد تعوزهم الدراسات الإسلامية العميقة، فهم عالة على الغرب في دراساتهم، غير أن أصحاب المشروع أصروا على تنفيذه في مصر، ووضعوا له شروطاً سبعة([326]) لابد من توافرها لنجاح المؤسسة في مصر:
1_ ينبغي أن تقوم فكرة بنوك الادخار على أسس محلية على مستوى المدينة أو القرية.
2_ إن فكرة هذا المشروع ينبغي أن تكون منبثقة من رغبة الأهالي وحرصهم، لا أن تكون قراراً يفرض من الأعلى.
3_ إثارة وتنمية الوعي الادخاري عند الأهالي واستثمار الودائع تحت مراقبتهم لتحصل القناعة التامة.
4_ تقوية العلاقة بين بنك الادخار والسلطات المحلية لأن دعم هذه السلطات له الأثر الكبير في نجاح البنك.
5_ الاستقلال الإداري والمالي لهذه البنوك بحيث يتصرف القائمون عليها تبعاً للمصلحة العامة.
6_ تدريب العاملين في هذه البنوك تدريباً مناسباً لفكرة المصرف.
7_ مهمة البنك الأساسية تجميع المدخرات، وهذا لا يعني اقتصاره عليها بل لابد من قيامه بسائر العمليات المصرفية التي يحتاجها سكان البلد.
وبعد أن تيقن أصحاب المشروع من توافر هذه الشروط استصدروا مرسوماً لإنشاء أو مصرف غير ربوي في منطقة (ميت غمر) ([327]) وذلك ف عام (1961).
وقد أجريت كثير لمن الدراسات لهذه المنطقة وحصل الاتصال المباشر بسكانها لشرح تفاصيل الفكرة والتعرف الكامل على ما يحيك في صدورهم حول هذا المشروع، وقد تم اختيار العاملين في البنك من العناصر القادرة على تلبية مطلبين:
الأول: التكوين الثقافي والفني المناسب للعمل والفن المصرفيين.
الثاني: التكوين الشخصي الذي يمكن من اندماج موظف البنك في الوسط الريفي وإجادته التعامل الطيب مع أهل القرية، لأنهم مهتمون كثيراً بالنواحي السلوكية للشخص، وهذا ما جعل القائمين على المشروع يختارون تسعة عشر عاملاً فقط (19) من بين أربعمائة واثنين وستين مرشحاً (462) تقدموا بطلبات توظيف إلى البنك الاول من بنوك الادخار المحلية.
يقول الدكتور أحمد النجار: (وفي 25 يونيو 1963م تحرك فريق العاملين وعددهم تسعة عشر إلى مدينة (ميت غمر) التي استقر الأمر على أن تبدأ فيها التجربة واستأجرنا في (ميت غمر) شقة لا يزيد عدد حجراتها على أربع لتكون مقراً للعمل، وأطلقنا في بداية الأمر على التجربة (مراكز الادخار المحلية)، وكانت الصعوبة الأولى التي واجهتها المجموعة أنه ليست أمامهم نماذج سابقة يقيسون عليها أو يستمدون منها خبرة العمل. . . حقاً لقد كانت صورة رائعة أسفر عنها أن بلغ عدد المتعاملين مع البنك في الشقة التي أشرنا إليها نيفاً([328]) وأربعة آلاف عميل خلال شهر واحد)([329]).
وقد عهد بإدارة المشروع للدكتور أحمد النجار وعدد من مساعديه، وهم على رأس كل أعمال التنظيم والإدارة منذ ولادة الفكرة وحتى المرحلة الأخيرة من التنفيذ، ومهمة هؤلاء الأساسية هي:
1_ فحص طلبات إنشاء البنوك المحلية.
2_ تقديم الإشارة والنصح والمساعدة الفنية لمختلف البنوك المحلية.
3_ إجراء الدراسات المتكاملة لمشاريع الاستثمار لمعرفة جدواها الاقتصادية قبل الإقدام عليها.
4_ إيجاد الصلة بين البنك المحلي والسلطات الإدارية المحلية من أجل تشجيع التجربة ودفع عجلتها إلى الأمام.
وإليك أيها القارئ هذا الجدول([330]) الذي يبين مخصصات رأس المال لأول مصرف غير ربوي (بنك ميت غمر).
التسلسل | السنة | المبلغ بالجنيهات المصرية |
(1)
(2) (3) (4) |
1962ـ 1963م
1963ـ 1964م 1964ـ 1965م 1965ـ 1966م |
10000عشرة آلاف جنيه
78000([331]) ثمانية وسبعون ألف جنيه 49000 تسعة وأربعون ألف جنيه 165000خمسة وستون ومائة ألف جنيه |
المطلب الثالث: مبررات إنشاء بنوك الادخار في الريف
رأى القائمون على بنوك الادخار المحلية إنشاءها في الريف بادئ ذي بدء، وذلك لأن عامل الفائدة لا يمثل في الريف عاملاً ذا وزن كبير ف جذب المدخرات، ثم إن الفلاحين مدخرون بطبعهم، والحاجة للادخار عندهم أكثر من غيرهم، إلا أنهم يدخرون بطريقة تقليدية لا تفيد اقتصاديات المنطقة التي يعيشون فيها، بمعنى أن ادخارهم غالباً ما يأخذ صورة الاكتناز عن طريق شراء الذهب. كما أنهم غالباً ما ينفقون ما ادخروه في نواح غير مفيدة، كحفلات العرس وسرادقات الجنائز، أو في صور أخرى من صور الاستهلاك غير الاقتصادي.
كما أن الفلاحين في الريف يقترضون على أسس غير سليمة مما يجعل المقرض يفرض أقسى الشروط وأشدها إجحافاً بهم.
ولهذا كان من أبرز عوامل إنشائها في الريف أن تضطلع بمهمة تدريب الناس وتعليمهم كيف يدخرون وكيف يقترضون بطريقة اقتصادية سليمة تسهم في تنمية المجتمع ودفع عجلة تقدمه الاقتصادي.
المطلب الرابع: مرحلة التوسع في بنوك الادخار
لقد قطع البنك الادخاري في مدينة (ميت غمر) شوطاً كبيراً في عملية الترشيد الاقتصادي وتنمية الوعي الادخاري، وكذلك قطع شوطاً مناسباً في عمليات الاستثمار والتمويل بالمشاركة وجمع الزكاة.
وبعد أن ثبت نجاحه وصلب عوده وعرف عنه المتعاملون معه وغيرهم نزاهة المعاملة وطهارتها من رجس الربا اشرأبت أعناقهم لفتح المزيد من الفروع، وقد لاقت هذه الرغبة هوى في نفس أصحاب البنك لأنهم يرغبون في توسيع المشروع وتكثير فروعه وذلك للأمور التالية:
1_ لكي يكسب القائمون على المشروع مواقع جديدة في خريطة بنوك الادخار المحلية.
2_ ولتأكيد سلامة النظام وصحته نظرياً وعملياً في أي مكان.
3_ ولإثراء الفكر النظري.
4_ ولأن كثرة الفروع وانتشارها يكسبها مناعة وقوة وتستطيع الدفاع عن نفسها من خلال واقعها العملي.
5_ لتكوين كيان يمكن أن تشكل وحداته فيما بعد اتحاداً يحمي هذه الوحدات ويدعمها.
6_ وكذلك قصد من وراء إنشاء فروع متعددة إحداث تكامل تنموي واستثماري بين المدن بعضها مع بعض.
يقول الدكتور أحمد النجار بعد أن ذكر الأسباب السابقة: (وهذه هي الأسباب الحقيقية التي دعتني لقبول عرض محافظ الدقهلية بإنشاء خمسة([332]) تجارب مماثلة لتجربة (ميت غمر) في خمس مدن أخرى من مدن المحافظة ولم أتلق عرض المحافظ بالقبول فحسب بل وجدت أن هذا العرض يتفق تماماً مع ما أسعى إليه وييسره)([333]).
وبعد أن تم فتح الفروع الخمسة في محافظة الدقهلية وقامت بعملها على خير ما يرام فكر القائمون على مشروع بنوك الادخار المحلية في بث الفكرة وغرسها في محافظة أخرى غير الدقهلية، وفي هذه الأثناء أنشئ فرع جديد في مدينة (زفتى)([334]). بمحافظة الغربية.
ثم أنشئ فرع آخر في القاهرة وذلك في منطقة (القصر العيني) ومقره كلية الطب نفسها ثم كثرت الطلبات على أصحاب المشروع، ولكنها قوبلت بالاعتذار خشية التورط في سرعة الانتشار، إلا أن طلباً قدم من بعض الشخصيات([335]) الكبيرة لم يتمكن أصحاب المشروع من رده، وتم فتح فرع جديد في مصر الجديدة، وقد تعاونت هذه الفروع في عملياتها المصرفية، ونشط القائمون عليها واكتسبوا مزيداً من الخبرة والدربة على العمل، وزاد اقتناع الناس بها، ولكن الصدام بين أصحاب المشروع وبين السلطة بدأ يظهر للعيان.
وهنا لنا أن نتسأل هل فتح الفروع الجديدة ولا سيما في محافظة العاصمة كان سبباً في سرعة صدام بين أصحاب المشروع وبين السلطة؟ أم أنها السنة الكونية في الصراع الدائم بين الحق والباطل؟ والذي لا نشك فيه أن لإنشاء الفروع في القاهرة أثراً يسيراً لجلب الصدام وتسلط الدولة على المشروع، غير أن الأثر الكبير الذي لا مراء فيه هو أن السلطة بدأت تكتشف هوية هذه البنوك فأرادت قبرها في مهدها لئلا يعظم أمرها وتعم مناطق مصر، ووقتذاك يصعب القضاء عليها [وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ]([336]).
وإليك أيها القارئ الجداول([337]) الذي يوضح فروع مشروع بنك الادخار المحلي في (ميت غمر):
التسلسل | البنوك | المحافظة | تاريخ الإنشاء |
(1) | ميت غمر | الدقهلية | 5/7/1963م |
(2) | شربين | الدقهلية | 14/8/1965م |
(3) | المنصورة | الدقهلية | 11/9/1965م |
(4)
(5) (6) |
دكرنس
قصر العيني زفتى |
الدقهلية
القاهرة الغربية |
9/10/1965م
14/10/1965م 9/10/1965م |
(7) | مصر الجديدة | القاهرة | 23/7/1966م |
(8) | ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ | القاهرة | 24/7/1966م |
(9) | بلقاس | الدقهلية | 1/10/1966م |
المبحث الثاني
الأعمال التي تقوم بها البنوك الادخار
وتحته ثلاثة مطالب:
الأول: جمع المدخرات.
الثاني: الحسابات الداخلية.
الثالث: القروض التي يقدمها البنك.
المطلب الأول: جمع المدخرات
إن الهدف الرئيسي للبنك هو جمع أقصى ما يمكن من المدخرات الحلية لتوجيه استعمالها وفق برنامج اقتصادي واجتماعي يتحدد وفق الحاجات المحلية للسكان.
ولجذب أقصى ما يمكن من المدخرات إلى صناديق البنك كان لابد للقائمين عليه من أن يدرسوا دوافع الادخار عند سكان الريف.
ولقد تبين لأصحاب مشروع بنوك الادخار المحلية أن الفلاح المصري مدخر بطبيعته إلا أنه لا يحسن عملية الادخار وكذلك لا يحسن استعمال المدخر بطريقة اقتصادية سليمة.
فالادخار في الريف غالباً ما يكون في شكل اكتناز أو في شكل مخزون من الحبوب أو قطع من المعدن الثمين، وبهذه الطريقة لا يفيد هذا النوع من الادخار الاقتصادي المحلي، بل وجوده وعدمه سواء، ومن أجل هذا حرص أصحاب المشروع على توعية الناس وترشيدهم وبيان محاسن الادخار في البنك المحلي، وقاموا بالاتصالات مباشرة بمعظم شخصيات مدينة ميت غمر التي لها تأثير مباشر على مجموعات كبيرة من السكان، ووضحوا لهم فوائد الادخار التي تعود على المجتمع عموماً، وبدأت النقود تتدفق على البنك بشكل عجيب، ففي السنة الأولى بلغ عدد المتعاملين مع بنك (ميت غمر) (17560) ستين وخمسمائة وسبعة عشر ألف عميل.
وبلغ مجموع المدخرات في البنك (40944) أربعة وأربعين وتسعمائة وأربعين ألف جنيه مصري.
وهذا يدل دلالة واضحة على الأثر الذي تركه اتصال أصحاب المشروع بالأهالي، وحثهم على الادخار في بداية عمل البنك.
وإليك أيها القارئ هذا الجداول([338]) الذي يبين عدد المدخرين في بنك (ميت غمر).
الرقم | السنة | عدد المدخرين | المبالغ المدخرة بالجنيه المصري |
(1)
(2) (3) (4) |
1963ـ 1964م
1964ـ 1965م 1965ـ 1966م 1966ـ 1967م |
17560
30404 151998 251152 |
40944
191235 789750 1828375 |
المطلب الثاني: الحسابات
قام أصحاب مشروع بنوك الادخار المحلية بإجراء دراسة حول دوافع الادخار، كانت نتيجتها أن هناك ثلاث فئات من المدخرين:
( أ ) فئة تبحث عن الأمان والطمأنينة فتدخر شيئاً من دخلها تحسباً لحوادث المستقبل، وهذه الفئة هي الكثرة الكاثرة من الناس، وهي أقل الناس دخلاً.
( ب ) فئة تتمتع بدخل أكثر من السابقة، ودافع الادخار عندها هو رفع مستوى معيشتها لتواكب مطالب العصر وما يستجد من وسائل الراحة والرفاهية.
( ج ) فئة غنية تهدف من وراء الادخار إلى استثمار أموالها وتنميتها لتحصل على أكبر قدر من الربح.
وبعد أن تبينت هذه النتيجة لأصحاب المشروع فتحوا في بنك (ميت غمر) ثلاثة أنواع من الحسابات:
1_ حساب ادخار.
2_ حساب استثمار.
3_ حساب اجتماعي.
أولاً: حساب الادخار
هذا الحساب يغطي رغبة الفئتين الأولى والثانية لأن المال فيه جاهز تحت الطلب، والحد الأدنى للوديعة فيه خمسة قروش مصرية، ومن أجل هذا الحساب يحرص البنك على تأمين رصيد نقدي مستمر لتلبية طلبات السحب في أي وقت.
والودائع في هذا الحساب مجانية لا تدر على صاحبها شيئاً إلا أن الوديعة تمنح صاحبها أفضلية في حق الاقتراض من البنك.
ثانياً: حساب الاستثمار
هذا الحساب يلبي حاجة الفئة الثالثة من المدخرين الذين يريدون تنمية أموالهم عن طريق المشاركة في مشاريع اقتصادية نافعة تدر عليهم أرباحاً وفيرة، والحد الأدنى للوديعة في حساب الاستثمار جنيه مصري واحد، وهذه الوديعة ليست تحت الطلب بل لأجل، ولا يمكن سحبها قبل نهاية الدورة المالية، وجميع الودائع تستثمر في مشروعات اقتصادية مفيدة للمنطقة، والبنك إما أن يقوم بالمشروع مباشرة وحده أو بالاشتراك على أساس عقد المضاربة.
ثالثاً: الحساب الاجتماعي
تمتاز بنوك الادخار بخصائص عدة أبرزها عدم تعاطي الفائدة ـ الرباـ، وكذلك خدمة المجتمع الذي يوجد بنك الادخار المحلي. ولهذا يوضع في هذا الحساب صندوق خاص مستقل لتلقي التبرعات والهبات والزكوات السنوية من الأفراد، فإذا كان لدى أحد الأشخاص فضل من مال يريد أن يقدمه على سبيل الصدقة والإحسان فإما أن يقوم بهذا العمل الخيري بنفسه أو يوكل عنه البنك، ويدفع له المبالغ التي يغذي بها هذا الحساب الاجتماعي.
وتستخدم موارد الحساب الاجتماعي أساساً في أغراض اجتماعية في المنطقة التي يوجد بها البنك كمساعدة أحد المودعين إذا أصابته كارثة طبيعية، ومساعدة المثقلين بالديون، وبناء المدارس، وإيواء اليتامى، وفتح المكتبات العامة.
المطلب الثالث: القروض التي يقدمها بنك الادخار المحلي
يقدم البنك المحلي للادخار نوعين من القرض هما:
أولاً: قروض غير استثمارية، وهي التي يرد المقترض أصل المبلغ دون أية فوائد، وهذه القروض تقدم لصغار المدخرين من أجل الحصول على سلعة لا يستطيعون شراءها، أو تحسين مستواهم المعيشي، أو تسديد ديونهم، ويمكن تصوير هذا القرض في حالة فلاح صغير ليس لديه إلا عربة صغيرة يحمل عليها بضائعه، وذات يوم فقد حصانه، وهنا يكون فقد وسيلة رزقه وكسبه، ولو كان هذا الفلاح الصغير أما البنوك التجارية لوجدها عديمة الجدوى والفائدة في مثل هذه المواقف، وتتخلص من المواقف بأن هذا ليس من شئونها أو بإمكانها إعطاؤه قرضاً تأخذ عليه فائدة. أما البنك الادخار المحلي فقد جعل جزءا من مهمته لمساعدة مثل هؤلاء الضعفاء المحتاجين الذين يريدون مد يد العون ولو عن طريق قرض إلى أجل دون أخذ فائدة ترهق كاهل الفلاح
الضعيف.
ثانياً: قروض استثمارية أو قروض بالمشاركة، وهي التي يشارك البنك المستثمر في رأس المال، وفي نسبة من الغنم أو الغرم، كل بمقدار نصيبه. والضمان الشخصي يكاد يكون هو الضمان الوحيد الذي يطلبه البنك ولا يقف البنك عند منح القروض الاستثمارية، بل إنه يقدم إلى جانب القرض المعونة الفنية اللازمة للمقترض والتي تمكنه من تطوير عمله.
المبحث الثالث: العقبات في طريق بنوك الادخار وأسباب توقف هذه البنوك
منذ بدأ مشروع الادخار المحلية وأصحاب الاتجاهات المنحرفة في مصر يكيدون له، ولما رأوا نجاحه وفتح فروعاً له متعددة أقض مضاجعهم هذا الأمر. ففكروا في القضاء المبرم عليه، وهنا استعدوا السلطة التي تقف وراء كل عمل إسلامي لاجتثاثه والتنكيل بالقائمين عليه. وكان أن قضى على بنوك الادخار وهي في أوج مجدها وعزها.
وإليك أيها القارئ أهم العقبات التي واجهت هذه البنوك إلى أن تم دمجها مع البنوك التجارية عام 1387هـ ـ 1967م.
أولاً: تمسك الألمان بسعر الفائدة ـ الربا ـ
منذ بدأت الترتيبات الأولى بين الجانبين المصري والألماني حرص الألمان على كشف هويتهم، إذ تمسكوا بسعر الفائدة ـ الربا ـ ولكن الجانب المصري أصر على نبذ الربا وطرحه جانباً، لأن هذه الخاصية هي الأساس الذي بنيت عليه بنوك الادخار، وهنا بدأ الصدام بين الجانبين، وتمسك كل فريق برأيه، وأخذ الألمان من ذلك الوقت يكرسون لهذه التجربة جهدهم لإزالتها وإدخال عامل الربا عليها. وقد تنبه أصحاب التجربة فحرصوا على البدء في عملية الاستثمار لتدر على التجربة الأرباح التي تغنيهم عن الربا، وفعلاً تم ذلك، ونجحت عملية التمويل بالمشاركة، وقالوا إن البنك يقدم القروض دون ضمانات، وفي هذا ما فيه من الخطر على أموال المستثمرين. وإذا كانت الأمور تسير بادئ ذي بدء سليمة فإنها في مرحلة التوسع في المشروعات ستتعثر ويتبين فشلها، غير أن القائمين على التجربة لم يهتموا بهذه الزوبعة وأبانوا أن الثقة التي هي إحدى القيم الإسلامية الأصيلة نوع من أنواع الضمانة التي يصعب تجاهلها.
ثانياً: تهديد الألمان لأصحاب التجربة بأنهم لا يعترفون إلا بفرع (ميت غمر)
بعد أن فشل الجانب الألماني في تغيير مسار التجربة وجعل البنوك تتعامل بالربا رغم كل المحاولات التي بذلوها، وتبين لهم أن خطة الانتشار وتعدد الفروع في مختلف القرى تزيد من تضاؤل الفرضة أمامهم للوصول إلى غرضهم، وهو ضرب بنوك الادخار المحلية في مهدها ـ بعد هذا ـ قاموا فكتبوا إلى إدارة المشروع أنهم لا يعترفون إلا ببنك (ميت غمر) لأنه هو الذي نصت عليه الاتفاقية المبرمة بين دولتي ألمانيا ومصر، والألمان يرمون من وراء هذا الأمر إلى تهديد القائمين على المشروع لمخالفتهم نص الاتفاقية، ولهذا عملوا جاهدين على غرس بذور التشكيك في الفروع التي أنشئت دون دراسة اقتصادية متكاملة، وادعوا بأن تعدد فروع المشروع إيذان بفشله لا محالة، ولكن أحبط كيدهم ورد شرهم إلى نحورهم.
ثالثاً: كيد بعض المنافقين للمشروع
منذ بداية التفكير الجدي في المشروع والأعداء في الداخل والخارج يكيدون له، وكلما أخفقت محاولة من محاولاتهم لجأوا إلى أخرى ومن العقبات التي واجهها القائمون على المشروع تلك التي أتت ممن هم في مستوى المسئولية من الحاقدين على الإسلام جملة وتفصيلاً، أولئك الذين كانوا يتابعون مراحل المشروع مرحلة بعد مرحلة، ويتحينون الفرص لضرب المشروع دون هوادة، وقد لجأوا أكثر من مرة إلى استعمال سلطتهم، فطلبوا من مدير المشروع الاجتماع بهم وتقديم تقارير مفصلة عن المشروع وسير عمله ليتسنى لهم وضع المخطط الجهنمي لهدم هذا المشروع بطرقهم الملتوية والتي يلجؤون إليها عند طلب أسيادهم، وفعلاً أصدروا القرار تلو القرار حتى أبعدوا القائمين على المشروع وجعلوا للبنوك التجارية التصرف الكامل في إدارة المشروع.
رابعاً: الصراع بين وزارة الاقتصاد وأصحاب المشروع
حرصت وزارة الاقتصاد على أن يسري النظام السائد فيها على بنوك الادخار من حيث ترشيح الموظفين وفصلهم، ولكن أصحاب المشروع رفضوا كل المساومات وانطلقوا من مبدأ الموضوعية في اختيار الموظفين لأن لهم الأثر الكبير في نجاح المشروع أو فشله، وقد فصلت ذات مرة إحدى الموظفات في أحد فروع المشروع نظراً لمخالفات إدارية أوجبت فصلها فاتصلت بوزير([339]) الاقتصاد آنذاك واستصدر منه أمراً بعودتها إلى العمل، ولكن مدير المشروع رفض هذا الأمر لما فيه من خلل في إدارة المشروع التي أصدرت قرار الفصل.
وقد دعا هذا الرفض الوزير إلى استعمال صلاحيته في هدم المشروع ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
خامساً: عزل القائمين على المشروع وإسناد إدارته إلى البنوك التجارية:
بعد أن تعددت أطراف الهجوم على بنوك الادخار المحلية، وكثر الذين يكيدون لها، وتحركت في نفوس المسؤولين شهوة القضاء على هذا المشروع العملاق أصدروا قراراً يقضي بتنحية مدير المشروع (الدكتور أحمد النجار) وبعض القائمين على المشروع، وأسندت إدارة المشروع إلى البنوك التجارية التي حرصت منذ البداية على طمس معالم صرح بنوك الادخار، لأن الأولى رأت الثانية منافساً لها دون الاعتماد على الربا الذي هو عنوان حياة البنوك التجارية، وهكذا وصل الحاقدون إلى هدفهم، ولكن التجربة أثبتت نجاحها رغم كل العقبات السابقة، وحصلت القناعة التامة من الناس بهذا النوع من البنوك الذي يتمشى مع معتقداتهم الإسلامية.
المبحث الرابع: الآثار التي خلفتها بنوك الادخار
لقد أثبتت بنوك الادخار أنها قادرة لا على تحقيق المزيد من الرخاء لسكان الريف، فمن آثارها الاقتصادية أنها تقدم المساهمات الكبيرة للقضاء على الاختناقات التي قد تعترض طريق تكوين رأس المال. فهناك القروض قصيرة الأجل التي تقدمها بنوك الادخار لأصحاب المشاريع الاستثمارية لتكون عوناً لهم في تكوين رؤوس أموال ضخمة لهم، والبنك يشترك غالباً معهم بجزء من الربح، كما أن البنك ينظم عملية الاستثمار ويتولاها للعاجزين عن القيام بها، فيأخذ منهم رؤوس الأموال ويتولى إدارتها بجزء من الربح. ومن آثار الادخار الاجتماعية أنها دفعت سكان الريف إلى ادخار الفائض من المال عن حاجاتهم فبدلاً من أن يكنز على شكل قطع ذهبية أصبح الفلاحون يدخرون في البنك، وإذا اجتمع لهم شيء من المال انتقلوا إلى عملية الاستثمار، وهذا الأثر يعتبر من أبرز آثار بنوك الادخار، ثم إن بنوك الادخار شجعت سكان الريف على البقاء في قراهم لتجنب المخاطر الاجتماعية التي تترتب على انتقالهم إلى المدن. ومن الآثار الاجتماعية إلى الفقراء والمحتاجين، فتعطيهم من هذه الأموال ما يسد حاجتهم، وقد تهيئ لهم فرصة العمل لإيجاد مصدر رزق لهم.
هذه نماذج موجزة عن آثار بنوك الادخار وهي كافية لجعلها تجربة ناجحة في مضمار الاقتصاد الإسلامي.
الكسب والخسارة في بنوك الادخار
بعد أن انتهت من عرض ما يتعلق ببنوك الادخار أستطيع أن أقرر أن فكرة بنوك الادخار فكرة ناجحة وأنها في مجال التطبيق قد أدت بعض الثمار المرجوة منها، بل وأستطيع القول بأن بنوك الادخار نموذج مصغر للبنك الإسلامي غير أنه ينقصها تكثيف النشاط الاستثماري والقيام بمختلف المعاملات المصرفية التي تقوم بها البنوك الأحرى دون خدش لحرمة الشريعة الإسلامية باقتراف أي نوع من أنواع التعامل المحرمة.
وأسجل هنا كسباً كبيراً حصلت عليه بنوك الادخار رغم توقفها عن طريق الأيدي الآثمة التي امتدت إليها، ذلك الكسب هو أن الفكرة ازدادت رسوخاً، وازدادت المؤمنون بها معرفة بطبيعة الوسائل الماكرة التي استخدمها الحاقدون لتحطيمها. كما أسجل الخسارة الفادحة التي لحقت بالمجتمع الإسلامي عموماً والمجتمع المصري خصوصاً، فلقد دفعت فئات متعددة من المجتمع ثمن الخسارة، دفعها العامل المسكين والفلاح الفقير وصاحب المال الذي ينشد الاستثمار.
كل هؤلاء تضروا بسبب توقف بنوك الادخار لأنهم لمسوا النتائج الإيجابية لها.
لمسوها عن طريق التعامل مع هذه البنوك التي حققت لهم الشيء الكثير سواء في النواحي العامة التي تعم المجتمع كله، أو فيما يخص الأفراد كل حسب نوع المعاملة التي تعامل بها مع البنك.
الفصل الثاني([340])
البنك الاجتماعي الإسلامي
(بنك ناصر الاجتماعي)
وتحته ثلاثة مباحث:
الأول: نشأة البنك وأهدافه.
الثاني: رأس مال البنك وموارده.
الثالث: أوجه نشاط البنك.
المبحث الأول: نشأة البنك وأهدافه
وضعت اللبنة الأولى التي يرتكز عليها البنك الإسلامي ـ بنك ناصر الاجتماعي ـ في سنة 1971م، وقد صدر في 27/9/1971م القانون رقم66 لسنة 1971م بإنشاء هيئة عامة باسم (بنك ناصر الاجتماعي)، يكون لها الشخصية الاعتبارية، ويكون مقرها مدينة القاهرة، وتتبع وزارة الخزانة، قد بدأ البنك أعماله اعتباراً من: 25/7/1971م، وقد حددت المبادئ التي يقوم عليها المصرف وهي كالتالي:
1_ إجراء تأمين لكل الذين لا تنطبق عليهم قوانين المعاشات.
2_ معاونة صغار الحرفيين الذين يواجهون مخاطر في الشيخوخة تعرض حياتهم للمرض أو الخطر.
3_ تقديم العون للمواطنين عن طريق منحهم قروضاً بغير فوائد على الإطلاق.
4_ لا يجوز التعامل مع الغير بنظام الفائدة ـ الربا ـ أخذاً أو عطاء.
وتعتبر فكرة البنوك الاجتماعية من أحداث ما نادى به المصلحون الاجتماعيون بعد أن أدركوا الأثر الكبير الذي يمكن أن تؤديه في مضمار الخدمات الاجتماعية.
والبنك الاجتماعي الإسلامي ـ بنك ناصر الاجتماعي ـ كواحد من البنوك الاجتماعية يؤدي وظائف مصرفية، كقبول الودائع، وتنظيم استثمارها، ومنح القروض، وإلى جانب هذه الوظائف المصرفية يؤدي خدمات اجتماعية متعددة كتقديم القروض لمن هم في حاجة إليها بدون فوائد، وأيضاً يساعد من تحل بهم الكوارث فيواسيهم ويقدم العون لهم. هذا عن نشأة البنك.
أمَّا عن أهدافه:
فالهدف الأصيل للبنك الاجتماعي هو العمل على تحقيق مجتمع الكفاية والعدل.
كما عبروا عنه، وذلك عن طريق توسيع قاعدة التكافل الاجتماعي لتشمل أكبر عدد من المواطنين بغرض أن تتاح لهم الفرص الكفيلة للاشتراك في حياة تضمن للإنسان
كرامته واطمئنانه إلى حاضره ومستقبله.
وللبنك في سبيل ذلك اتخاذ الوسائل التالية:
1_ تقرير نظام للمعاشات وللتأمين وعلى الأخص التأمين التعاوني.
2_ منح قروض للمواطنين.
3_ قبول الودائع وعلى الأخص الودائع الادخارية وتنظيم استثمارها.
4_ استثمار أموال البنك في المشروعات العامة والمشروعات الخاصة.
5_ منح إعانات ومساعدة للمستحقين لها من المواطنين.
6_ تنظيم عمليات مساعدة طلاب الجامعات والمعاهد العليا([341]).
المبحث الثاني: رأس مال البنك الاجتماعي وموارده
مكونات رأس البنك الاجتماعي الإسلامي هي:
1_ المبالغ التي تخصص بقرار من رئيس الجمهورية من موارد خارج موازنة الدولة لهذا الغرض.
2_ الأموال التي تخصص لهذا الغرض في موازنات الدولة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية.
من هذين الأمرين يتكون رأس المال للبنك الاجتماعي بالإضافة إلى ما حصل عليه البنك من موارد كثيرة تتكون من الآتي:
1_ نسبة من صافي أرباح الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة قبل التوزيع تحدد بقرار من رئيس الجمهورية.
2_ اشتراكات المنتفعين بأحكام نظام التأمين والمعاشات.
3_ ما تخصصه الدولة للبنك سنوياً من اعتمادات الموازنة العامة للدولة.
4_ الاعتمادات المدرجة في ميزانية الجهات العامة التي تباشر نشاطاً مماثلاً ويتقرر نقلها على ميزانية البنك.
5_ المبالغ التي تخصصها وزارة الأوقاف للبنك من إيرادات الأوقاف الخيرية لاستخدامها للقروض والمساعدات.
6_ أموال الزكاة والتبرعات والوصايا التي يتقبلها مجلس إدارة البنك بما يتعارض وأغراض البنك.
7_ الموارد الأخرى الناتجة عن نشاط البنك والأعمال والخدمات التي يؤديها للغير([342]).
المبحث الثالث: أوجه نشاط البنك
يقوم البنك الاجتماعي بخدمات جليلة يعود نفعها على المجتمع عموماً، فهو يستثمر جزءاً من أمواله بنفسه أو بالاشتراك مع غيره لإتاحة فرص العمل خدمة للأفراد والمجتمع.
كما أنه يوظف جزءاً من أمواله في منح قروض بدون فوائد. وأيضاً فهو يعمل على نشر نظام التأمين التعاوني لما يشتمل عليه من معان إنسانية كريمة يدعو إليها الإسلام ويرغب فيها.
وإليك أيها القارئ خلاصة ما يقوم به البنك الاجتماعي من الأنشطة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية:
أولاً: التأمين الاجتماعي
الذين يستفيدون من نظام التأمين الاجتماعي هم أولئك الذين لا يستفيدون من نظم التأمين والمعاشات والتأمينات الاجتماعية ويشترك في هذا التأمين من تزيد أعمارهم على سنة (45)سنة ـ الخامسة والأربعين ـ.
ويعتبر الاشتراك بمبلغ قدره 200م اجنيه (جنيه ومائتا مليم) سنوياً يسدد على دفعه واحدة أو على دفعات. ويشترط لاستحقاق معاش الشيخوخة سداد اشتراكات (20) سنة ـ عشرين سنة ـ. فإذا بلغ المشترك الخامسة والستين من عمره استفاد من نظام التأمين الاجتماعي بمعدل شهري، أدنى حد له (3 جنيهات) ثلاثة جنيهات، وفي حالة المرض أو العجز أو الوفاة يشترط سداد اشتراك سنة على الأقل لاستحقاق الحد الأدنى للمعاش.
ثانياً: القروض الاجتماعية
يقدم البنك الاجتماعي الإسلامي قروضاً اجتماعية لأولئك الذين يستفيدون من المعاشات أو التأمينات الاجتماعية شريطة ألا تزيد أعمارهم عن (65)سنة (خمس وستين سنة)، ويكون لهم دخل من هذه المعاشات يسددون منه قيمة القرض، والحد الأعلى للقروض هو (300)جنيه مصري (ثلاثمائة جنيه)، كما يقوم البنك بمنح القروض في حالات أخرى أو زواج بناته أو إحدى قريباته اللاتي يعولهن بشرط تقديم وثيقة الزواج على ألا يكون قد مضى عليها أكثر من سنة.
ومن هذه الحالات أيضاً حالات العمليات الجراحية والأمراض التي تتطلب مصاريف غير عادية، ويرد القرض خلال مدة لا تزيد على خمس سنوات من تاريخ صرف القرض، وفي حالة وفاة المقترض يوقف تحصيل القرض، ويتقاضى البنك نسبة ضئيلة جداً تبدأ من 1% في السنة الأولى وتتضاعف حتى تصل إلى 5% في السنة الأخيرة لسداد القرض.
والبنك في جميع هذه القروض لا يتقاضى أية فوائد على القروض الممنوحة.
ثانياً: القروض الإنتاجية
يقوم المصرف الاجتماعي بمنح القروض الإنتاجية لمساندة النشاط الاقتصادي شريطة ألا تتعارض هذه القروض مع الخطة العامة للدولة ومع أهداف البنك التي أنشئ من أجلها، والحد الأقصى للقرض الإنتاجي(500) جنيه مصري (خمسمائة جنيه)، يسدد في مدة لا تزيد على خمس سنوات، ويشترط أن تتوافر في المقترض الخبرة الكافية والسمعة الطيبة.
رابعاً: الاستثمارات
يقوم البنك الاجتماعي بتوظيف جزء من أمواله في استثمارات مباشرة تكون ملكيتها له وحده، أو في استثمارات بالمشاركة، ويحدد عقد المشاركة مسئولية وحقوق كل من البنك وشريكه ويوزع عائد المشروعات وفقاً لنصوص العقد المبرم في هذا الشأن.
خامساً: المساعدات الاجتماعية
يقبل البنك الاجتماعي أموال الزكاة والتبرعات بأنواعها المختلفة من كل من يتقدم بها سواء كان شخصاً عادياً أم هيئة من الهيئات، ويقوم بتوزيع هذه الأموال على المستحقين لها شرعاً، كما أنه يقوم أيضاً بمنح إعانات مادية للمواطنين الذين يتعرضون للكوارث والأزمات.
سادساً: إقراض الطلاب
يقوم البنك بمساعدة طلاب الجامعات والدراسات العليا شريطة ألا يكون قد رسب الطالب أكثر من مرتين خلال مدة دراسته. ويرتب البنك الاجتماعي الأولوية في منح القروض على النحو التالي:
1_ الأقل دخلاً.
2_ من لا يوجد له عائل.
3_ الذي يقيم بعيداً عن مقر إقامة أسرته.
4_ طلبة السنوات النهائية.
سابعاً: الودائع الادخارية
يقبل البنك الودائع الادخارية من الأفراد أو الهيئات، ويمنح المودع دفتر ادخاره، ويكون للمودع أو لمن له حق السحب أن يسحب الوديعة في أي وقت، ويتمتع المدخر المنتظم لدى البنك بالمزايا والخدمات التي يقدمها وعلى الأخص:
1_ أفضلية الحصول على القروض متى توافرت لدى المدخر الشروط اللازمة.
2_ ما يحدده البنك من مزايا مادية أو جوائز أو هدايا في نهاية السنة المالية.
والحد الأدنى للإيداع 100م (مائة مليم)، ولا حد لأكثره. ويتعامل البنك مع الذين لم يبلغوا سن الرشد شريطة موافقة الأب أو الوصي على ذلك.
ثامناً: الودائع الاستثمارية
يقبل البنك الاجتماعي الودائع الاستثمارية بغرض استثمارها، ولا يحق للمودع استرداد وديعته الاستثمارية إلا بعد مضي سنة كاملة من الإيداع. ويعتبر المودع شريكاً للبنك في عملية الاستثمار يتفق معه على النسبة التي يأخذها كل منهما بعد تصفية الأرباح.
والحد الأدنى للإيداع في حساب الاستثمار جنيه مصري (واحد)، ولا حد لأكثره. ويحق لصاحب الوديعة الاستثمارية الاقتراض بضمان وديعته في حدود 50% من قيمتها.
تاسعاً: بيت المال
صدر قرار يقضي بضم بيت المال إلى البنك الاجتماعي الإسلامي ـ بنك ناصر الاجتماعي ـ، وترتيباً على ذلك فإن كافة حقوق وأموال وموجودات بيت المال تؤول إلى هذا البنك لاستغلالها في المشروعات الاستثمارية.
وبيت المال تؤول إليه التركات التي لا وارث لها سواء كانت عقارات كالأراضي الزراعية والأراضي البور والأراضي المخصصة للبناء، أو كانت منقولاً كالمجوهرات والكمبيالات والسندات الإذنية، وشهادات الاستثمار، والأسهم، والسندات، والأثاث المنزلي، وبهذا يعتبر بيت المال مورداً من موارد البنك الأساسية التي تمول مشروعاته الاستثمارية بصفة خاصة([343]).
عاشراً: الزكاة
يقبل البنك أموال الزكاة ويجمعها في حساب خاص سواء كانت نقوداً أم أوراقاً مالية أم عروضاً للتجارة أم زروعاً وثماراً أم ماشية أم عقاراً. ثم يقوم بتوزيعها على مستحقيها شرعاً متحرياً الدقة في ذلك، لأن مصارف الزكاة محددة شرعاً، ولا يجوز صرفه في غير مصارفها بإجماع علماء المسلمين، وقد ذكر الله مستحقيها ـ وهم ثمانية أصناف ـ في قوله تعالى: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]([344]).
رأيي في البنك الاجتماعي الإسلامي
بعد أن أعطينا فكرة موجزة عن البنك وأوجه نشاطه نستطيع أن نقول:
إن هذا البنك يؤدي خدمات جليلة ولا سيما في النواحي الاجتماعية، فما أجمل تلك المساعدات التي يقدمها لمن تحل بهم الكوارث والأزمات، وما أنبل تلك المعونات التي يقدمها للطلبة لمواصلة دراستهم وشحذ هممهم للتحصيل العلمي، إنه بهذه الأعمال يحاول أن يعيد للمجتمع تكامله المنشود وتوازنه الضروري في إطار من التعاون المثمر البناء، ومعلوم أنه متى اختل ميزان المجتمع دب إليه الضعف ومزقه التفرق، ولكننا مع هذا الاعتزاز والفخر، بمثل هذا النوع من البنوك الإسلامية نبدي تحفظاً شرعياً فيما يأخذه البنك على القروض الممنوحة، وهي نسبة 1% لمقابلة مصاريفه الإدارية، إذ هذه النسبة فيها رائحة الربا، ونحن نريد أن تكون معاملات البنوك الإسلامية نزيهة100%، ولو كلفنا ذلك الكثير وتحملنا في سبيله المصاعب والمتاعب.
الفصل الثالث
بنك التنمية الإسلامي
وتحته ستة مباحث:
الأول: نشأة البنك.
الثاني: أهداف البنك ووظائفه.
الثالث: عضوية البنك.
الرابع: مصادر البنك المالية.
الخامس: هيكل البنك الإداري.
السادس: الطابع الدولي للبنك.
المبحث الأول: نشأة البنك
عقد في الرباط في: 25/9/1969م مؤتمر القمة الإسلامي الأول، وقد قرر المؤتمر أن يتم اجتماع وزراء خارجية البلاد الإسلامية المشاركة بجدة في الشهر الثالث من سنة 1970م لبحث نتائج العمل المشترك، ولبحث موضوع إقامة أمانة دائمة يكون من بين واجباتها الاتصال بالدول المشتركة بالمؤتمر متى دعت الحاجة إلى ذلك.
وخلال الفترة من 23إلى 25/3/1970م عقد بجدة المؤتمر الأول لوزراء خارجية البلاد الإسلامية، ومن بين ما تضمنه البلاغ المشترك الصادر عن المؤتمر تأكيد قيام الدول المشتركة بالتعاون فيما بينها في المجالات الاقتصادية والفنية والعلمية والثقافية والروحية المنبثقة من تعاليم الإسلام الخالدة لمصلحة المسلمين والبشرية جمعاء.
ثم في خلال المدة من 26 حتى 28/12/1970م عقد بكراتشي المؤتمر الثاني لوزراء خارجية البلاد الإسلامية،ـ وفي هذا المؤتمر تقدمت مصر باقتراح مؤداه إنشاء بنك إسلامي على المستوى الدولي أو اتحاد للبنوك الإسلامية، وقد وافق المؤتمر على هذا الاقتراح، وكلف وفد مصر للقيام بدراسة متكاملة لموضوع البنك الإسلامي، ومن ثم قام الوفد المصري بدراسة مستفيضة لملامح البنك الإسلامي، وعرضت هذه الدراسة على المؤتمر الثالث لوزراء الخارجية في البلاد الإسلامية المنعقد بجدة في الفترة ما بين 29/2/إلى 4/3/1972م، وتمت الموافقة عليها، وخلاصة الدراسة ما يلي:
1_ المدخل:
عرض المدخل لعدد من المسلمات التي لا خلاف حولها مثل:
( أ ) البلاد الإسلامية تعرضت ومازالت تتعرض لصنوف الغزو متعدد الأشكال من الغرب والشرق على حد سواء.
( ب ) من نتائج الغزو تخلف البلاد الإسلامية في المجال الاقتصادي.
( ج ) انتبهت الشعوب الإسلامية من غفوتها، وأدركت أبعاد مخططات الأعداء، ولذا فهي تبحث جاهدة عن طريق الخلاص.
( د ) مواكبة التقدم الاقتصادي يتطلب من الشعوب الإسلامية تنمية اقتصادية واستثماراً رشيداً للموارد الكبيرة التي تمتلكها البلاد الإسلامية.
( هـ ) التنظيمات الاقتصادية الوضعية لن تسد حاجة العالم وليست هي المخرج من الكوارث والأزمات التي منيت بها الشعوب الإسلامية، ولهذا لابد من البحث عن بديل ينبع من روح التشريع الإسلامي الحنيف.
المبحث الثاني:
شمل المبحث الضمانات التي تكفل سلامة استخدام أموال البنوك الإسلامية وأموال المودعين فيها، ومن هذه الضمانات:
(أ) اختيار المشروعات التي يضارب فيها البنك ومتابعتها ورعايتها لتعطي عائداً أكبر من الفوائد على القروض.
( ب ) المودع المشارك للبنك غنماً وغرماً يجعل من نفسه رقيباً على مشروعات البنك الاستثمارية.
( ج ) إيمان العاملين في البنك برسالته وحسن تدريبهم.
( د ) الاستفادة من صندوق الزكاة كضمان إضافي لمواجهة الصعوبات غير المقدرة التي تحول دون سداد القروض (مصرف الغارمين).
وقد أشارت الدراسة المصرية إلى عمليات البنوك القائمة حالياً، وأوضحت البديل الإسلامي عنها، وذكرت مصارف الزكاة وإدارة شئونها، كما اقترحت إنشاء هيئتين تعاونان البنك الإسلامي على المستوى الدولي: إحداهما: هيئة الاستثمار والتنمية للدول الإسلامية، الثانية: هيئة للاقتصاد الإسلامي وللمصارف الإسلامية. وبعد الموافقة على هذه الدراسة من قبل وزراء الخارجية في البلاد الإسلامية عرضت على المؤتمر الأول لوزراء المالية في البلاد الإسلامية الذي عقد بجدة في 21، 22/11/1963هـ. الموافق 15،16/12/1973م، وقد شكلت لجنة تحضيرية لهذا الغرض، وانتهت من صياغة بنود الاتفاقية التي صادق عليها مؤتمر وزراء المالية الثاني الذي عقد بجدة في 22/7/1394هـ، الموافق 10/8/1974م.
وقد باشر البنك أعماله في 15/10/1395هـ، الموافق 20/10/1975م. ومقر البنك الرئيسي في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وله الحق في فتح مكاتب وفروع في أماكن أخرى([345]).
المبحث الثاني: أهداف البنك ووظائفه
يهدف البنك الإسلامي للتنمية إلى الإسهام في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودعمها في الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية بغية النهوض بمستوى المعيشة لشعوب البلاد الإسلامية طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يقوم البنك بالوظائف التالية:
1_ المشاركة في رؤوس أموال المشروعات والمؤسسات الإنتاجية في الدول الأعضاء.
2_ الاستثمار في مشروعات البنيان الاقتصادي والاجتماعي في الدول الأعضاء عن طريق المشاركة أو طرق التمويل الأخرى.
3_ منح قروض لتمويل المشروعات والبرامج الإنتاجية في القطاعين الخاص والعام في الدول الأعضاء.
4_ إنشاء وإدارة صناديق لأغراض معينة من بينها صندوق لمعاونة المجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء.
5_ النظارة على صناديق الأموال الخاصة.
6_ قبول الودائع واجتذاب الأموال بأية وسيلة أخرىا من الوسائل التي لا تتعارض مع التشريع الإسلامي.
7_ المساعدة في تنمية التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء وخاصة السلع الإنتاجية.
8_ استثمار الأرصدة التي لا يحتاج إليها البنك في عملياته بالطرق المختلفة التي تمتاز بكثرة العائد وقلة التكاليف.
9_ تقديم المعونات الفنية للدول الأعضاء.
10_ توفير وسائل التدريب للمشتغلين في مجال التنمية بالدول الأعضاء.
11_ إجراء الأبحاث اللازمة لممارسة النشاطات الاقتصادية والمالية المصرفية في البلاد الإسلامية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
12_ التعاون مع جميع الهيئات والمنظمات والمؤسسات ذات الأهداف المماثلة بالطرق التي تعود على البنك ومن يتعاون معه بالنفع الكثير لتحقيق الخير الوفير لشعوب البلاد الإسلامية.
13_ القيام بأية نشاطات أخرى تساعد البنك على تحقيق هدفه.
المبحث الثالث: عضوية البنك
الأعضاء المؤسسون للبنك هم الدول الأعضاء في المؤتمر الإسلامي التي وقعت اتفاقية إنشاء البنك، ويجوز لأية دولة أخرى عضو في المؤتمر الإسلامي أن تطلب الانضمام للبنك بعد سريان اتفاقية الإنشاء، ويقبل طلب عضويتها بالشروط التي يحددها قرار من البنك، يصدر بأغلبية المحافظين الممثلين لأغلبية أصوات جميع الأعضاء. وقد انضمت إلى عضوية البنك الدول التالية:
السعودية، ليبيا، الإمارات العربية، الكويت، مصر، الجزائر، الباكستان، أندونيسيا، قطر، ماليزيا، السودان، تركيا، بنجلاديش، المغرب، البحرين، عُمان، الأردن، سوريا، لبنان، تونس، اليمن، أفغانستان، موريتانيا، الصومال، غينيا، النيجر، تشاد، مالي، الكاميرون.
وإليك أيها القارئ هذا الجداول الذي يوضح الدول الأعضاء في البنك ووقت عضوية كل منها ومقدار الاكتتاب لها:
جدول يوضح الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية وتاريخ الانضمام.
ومقدار الاكتتاب:
الرقم | الدولة | تاريخ الانضمام | مقدار الاكتتاب
(مليون دينار إسلامي)([346]). |
1
2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 |
السعودية
الإمارات العربية الكويت مصر الباكستان الجزائر أندونيسيا قطر ماليزيا السودان تركيا بنجلاديش المغرب عُمان الأردن تونس اليمن موريتانيا الصومال غينيا النيجر ليبيا البحرين سوريا لبنان أفغانستان تشاد السنغال مالي الكاميرون |
24/7/1394هـ
24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 24/7/1394هـ 6/8/1394هـ 6/10/1394هـ 6/10/1394هـ بدون تاريخ بدون تاريخ بدون تاريخ بدون تاريخ بدون تاريخ بدون تاريخ |
200.0
110.0 100.0 25.0 25.0 25.0 25.0 25.0 16.0 10.0 10.0 10.0 5.0 5.0 4.0 2.5 2.5 2.5 2.5 2.5 2.5 125.0 5.0 2.5 2.5 2.5 2.5 2.5 2.5 2.5([347]). |
المبحث الرابع: موارد البنك المالية
للبنك موارد كثيرة أهمها ما يلي:
أولاً: رأس المال
يبلغ رأس المال المصرح به للبنك (2000000000) ألفي مليون دينار إسلامي مقسمة إلى (200000) مائتي ألف سهم، والقيمة الاسمية للسهم الواحد(10000) عشرة آلاف دينار إسلامي معروضة لاكتتاب الدول الأعضاء في بنك التنمية الإسلامية، والحد الأدنى لاكتتاب الدولة العضو هو (250) مائتان وخمسون سهماً، ورأس المال المكتب فيه مبدئياً هو 50% خمسون في المائة من رأس المال المصرح به.
ثانيا: الودائع
وتشمل ما يأتي:
( أ ) الإيداعات التي يقبلها البنك، وهذه الأموال وتدار وفقاً للقواعد واللوائح التي يضعها البنك.
( ب ) الودائع التي يحصل عليها البنك سداداً للقروض والأموال التي يحصل عليها من بيع حصته في رأس مال المشروعات أو من عائد استثماراته الناشئة عن عمليات البنك العادية.
( ج ) أية مبالغ أخرى يحصل عليها البنك وتوضع تحت تصرفه أو أي دخل يرد للبنك، ولا يكون جزاءً من موارد الصناديق الخاصة أو الصناديق الموضوعة تحت النظارة.
ثالثاً: موارد الصناديق الخاصة:
وتشمل ما يلي:
( أ ) المبالغ التي يسهم لها الأعضاء لصندوق خاص.
( ب ) المبالغ التي يخصصها البنك لأي من هذه الصناديق من صافي دخله الناتج عن عملياته العادية.
( ج ) الأموال المحصلة عن عمليات قام البنك بتمويلها من موارد صندوق خاص.
( د ) أية موارد أخرى توضع تحت تصرف أي صندوق خاص.
رابعاً: موارد الصناديق الموضوعة تحت نظارة البنك
وتشمل ما يلي:
( أ ) موارد يتسلمها البنك ليتولى إدارتها وفق شروط النظارة.
( ب ) مبالغ حصلت أو سلمت نتيجة عمليات خاصة بهذه الصناديق.
( ج ) الدخل الناتج عن عمليات استخدمت في تمويلها مبالغ من الصناديق تحت النظارة.
المبحث الخامس: هيكل البنك الإداري
يتكون الهيكل الإداري للبنك من مجلس المحافظين ومجلس المديرين التنفيذيين والرئيس ونائب أو أكثر للرئيس والعدد اللازم من الموظفين للقيام بأعمال البنك.
1_ تمثل كل دولة عضوية في مجلس المحافظين وتعين محافظاً واحداً ونائباً له، ويختار المجلس في اجتماعه السنوي احد المحافظين ليكون رئيساً له ويستمر في منصبه حتى يأتي الاجتماع القادم ويرشح غيره أو يعاد ترشيحه.
2_ لا يدفع البنك رواتب أو مكافآت للمحافظين أو من ينوب عنهم، ويجوز أن يعوضهم عن بعض المصاريف الناشئة عن حضور الجلسات.
3_ يتكون مجلس المحافظين من وزراء مالية الدول الأعضاء أو من ينوب عنهم، وهو السلطة العليا للبنك.
وقد عقد مجلس المحافظين اجتماعه الافتتاحي بمدينة الرياض في الفترة ما بين 17 إلى 19/7/1395هـ.
سلطات مجلس المحافظين:
( أ ) تتركز كل سلطات البنك في مجلس المحافظين.
( ب ) يجوز لمجلس المحافظين أن يفوض مجلس المديرين التنفيذيين في كل أو بعض اختصاصاته فيما عدا الاختصاصات التالية:
1_ قبول أعضاء جدد وتحديد شروط قبولهم.
2_ زيادة أو تخفيض رأس مال البنك المصرح به.
3_ إيقاف العضوية.
4_ الموافقة على عقد اتفاقيات عامة للتعاون مع منظمات دولية أخرى.
5_ انتخاب المديرين التنفيذيين للبنك.
6_ تقرير مكافآت المديرين التنفيذيين وشروط العقد الخاص بالرئيس.
7_ المصادقة على الميزانية العامة للبنك وحساب الأرباح والخسائر بعد استعراض تقرير مراجعي الحسابات.
8_ تحديد الاحتياطي وتوزيع أرباح البنك.
9_ تعديل اتفاقية البنك.
10_ تقرير إنهاء عمليات البنك وتوزيع أصوله.
11_ ممارسة السلطات الخاصة الممنوحة لمجلس المحافظين بنص صريح في هذا النظام.
( ج ) يتولى مجلس المحافظين ومجلس المديرين التنفيذيين في حدود اختصاصيه وضع النظم واللوائح الخاصة اللازمة أو الملائمة لإدارة أعمال البنك بما في ذلك النظم واللوائح الخاصة بالموظفين والتقاعد والامتيازات الأخرى.
( د ) لمجلس المحافظين كامل السلطة في أن يمارس صلاحياته بالنسبة لأي أمر من الأمور التي فوضها لمجلس المديرين التنفيذيين طبقاً لما ورد في نظام البنك.
إجراءات مجلس المحافظين:
1_ يعقد مجلس المحافظين اجتماعاً سنوياً عدا الاجتماعات التي تدعو الحاجة إليها بحسب تقدير المجلس أو بدعوة من مجلس المديرين التنفيذيين إذا طلب ذلك ثلث الدول الأعضاء في البنك.
2_ النصاب المقبول لصحة اجتماع مجلس المحافظين هو أغلبية أعضائه، وذلك بأن تكون هذه الأغلبية ممثلة الثلثين فأكثر من مجموع أصوات الأعضاء.
3_ لمجلس المحافظين وضع القواعد والأسس التي بموجبها يسهل على مجلس المديرين التنفيذيين دعوة مجلس المحافظين أو أخذ رأيهم دون دعوتهم للاجتماع.
4_ لمجلس المحافظين ولمجلس المديرين التنفيذيين في حدود اختصاصات كل منهما إنشاء أجهزة فرعية تكون ضرورية لسير اعمال البنك.
تشكيل مجلس المديرين التنفيذيين:
1_ يتكون مجلس المديرين التنفيذيين من عشرة ([348]) أعضاء، ويشترط فيهم ألا يكونوا أعضاء في مجلس المحافظين، ويجب أن يكونوا على درجة عالية من التأهيل والكفاية في الشؤون المالية والاقتصادية، كما يجري انتخابهم من قبل مجلس المحافظين.
2_ يقوم مجلس المحافظين بإعادة النظر في حجم وتكوين مجلس المديرين التنفيذيين من حين لآخر وله زيادة عدد المديرين التنفيذيين إلى الحد الذي يراه مناسباً بشرط أن يكون الراغبون في ذلك يمثلون ثلثي أصوات المجموع الكلي للمحافظين.
3_ يكون انتخابات المديرين التنفيذيين لمدة ثلاث سنوات، ويجوز إعادة انتخابهم ويستمر المدير في وظيفته إلى أن يتم انتخاب خلف له أو يعاد ترشيحه.
سلطات مجلس المديرين التنفيذيين:
مجلس المديرين التنفيذيين مسؤول عن إدارة الأعمال العامة للبنك، ومن أجل تحقيق هذا الغرض يمارس المجلس كافة صلاحياته بموجب نظام البنك بالإضافة إلى الصلاحيات المفوضة من مجلس المحافظين، ومن أهم صلاحياته ما يأتي:
1_ إعداد ما يعرض على مجلس المحافظين.
2_ اتخاذ القرارات المتعلقة بنشاط البنك وعملياته بما يتمشى مع السياسة العامة لمجلس المحافظين وتوجيهاته.
3_ تقديم الحسابات عن كل سنة مالية للتصديق عليها في الاجتماع السنوي لمجلس المحافظين.
4_ التصديق على الميزانية التقديرية للبنك.
إجراءات مجلس المديرين التنفيذيين:
1_ يمارس مجلس المديرين التنفيذيين أعماله في المركز الرئيسي للبنك ويجتمع المجلس كلما دعت حاجة العمل إلى ذلك.
2_ النصاب المقبول لصحة انعقاد مجلس المديرين التنفيذيين هو حضور الأغلبية شريطة ألا تقل عن ثلثي الأصوات للمجموع الكلي للأعضاء.
رئيس البنك:
1_ ينتخب مجلس المحافظين رئيساً([349]) للبنك بأغلبية العدد الكلي للمحافظين بشرط أن يكون تمثيل هذه الأغلبية لا يقل عن ثلثي أصوات جميع الأعضاء، ولا يجوز لرئيس البنك أثناء رئاسته أن يكون محافظاً أو مديراً تنفيذياً.
2_ يكون انتخاب رئيس البنك لمدة خمس سنوات، ويجوز أن يعاد انتخابه، ويعفى الرئيس بناء على قرار يصدر من مجلس المحافظين بأغلبية عدد المحافظين الذين يمثلون ما لا يقل عن ثلثي مجموع أصوات الأعضاء.
3_ يرأس الرئيس مجلس المديرين التنفيذيين دون أن يكون له حق التصويت فيما عدا حقه في الترجيح عند تساوي الأصوات، ويجوز له أن يشترك في اجتماعات مجلس المحافظين دون أن يكون له الحق في التصويت.
4_ يعتبر الرئيس الممثل القانوني للبنك.
5_ يرأس رئيس البنك الجهاز الإداري للبنك ويتولى إدارة العمل وتسييره في ضوء توجيهات مجلس المديرين التنفيذيين، ولرئيس البنك سلطة تنظيم وتعيين وفصل الموظفين وفقاً للنظم واللوائح التي يصدرها البنك.
6_ على رئيس البنك أن يراعي تأمين أفضل المستويات والكفايات الفنية في من يقوم بتعيينهم، وأن يراعي ما أمكن التمثيل الجغرافي.
نائب الرئيس:
1_ يعين مجلس المديرين التنفيذيين نائباً أو أكثر للرئيس بناء على ترشيح الرئيس، ويكون من مواطني إحدى الدول الأعضاء ويكون تحديد مدة نائب الرئيس وسلطاته وصلاحياته في إدارة البنك حسبما يحددها مجلس المديرين التنفيذيين من حين لآخر، ولا يجوز لنائب الرئيس أثناء مدة خدمته أن يكون محافظاً أو مديراً تنفيذياً.
2_ يجوز لنائب الرئيس الاشتراك في اجتماعات مجلس المديرين التنفيذيين دون أن يكون له حق التصويت، ويكون لنائب الرئيس الصوت المرجح في حالة قيامه بأعمال الرئيس.
الهيكل التنظيمي للبنك
مجلس المحافظين
مجلس المديرين التنفيذيين
الرئيس
نائب الرئيس
مكتب المراجعة مكتب الأمانة العامة
1_ المراجع 1_ الأمين العام.
2_ ضابط العلاقات العامة والأعلام.
3_ مترجمون.
إدارة وضع السياسيات شعبة الإدارة إدارة عمليات البنك والمشاريع الإدارة المالية والخزينة مكتب المستشار العام
والتخطيط الاقتصادي 1ـ مدير الإدارة. 1ـ مدير العمليات والمشاريع 1-أمين المال 1ـ المستشار القانوني العام
1ـ كبير الاقتصاديين. 2ـ ضابط شؤون الموظفين 2ـ ضابط العمليات 2ـ ضابط مالي 2ـ مستشار المشاريع
3ـ ضابط إداري 3- مهندسو مشاريع 3ـ ضابط حسابات
4ـ ضابط التخطيط والميزانية 4ـ اختصاص تنمية
5ـ محلل مالي
6ـ اقتصاديو مشاريع
المبحث السادس: الطابع الدولي للبنك:
1_ البنك الإسلامي للتنمية منظمة دولية ذات أهداف ووظائف متعددة، تتجاوز في ذلك أهداف ووظائف البنوك المعروفة.
2_ والصيغة الدولية للبنك الإسلامي لتنمية ثابتة في اتفاقية تأسيسه، حيث ورد بها أن الموقعين عليها حكومات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.
3_ كما نص على أن مدة المحافظ أو نائبه في مجلس المحافظين متوقفة على رغبة الدولة التي يمثلها.
4_ والدول الأعضاء هي التي تعين المحافظين ونوابهم، ومعلوم أن مجلس المحافظين هو السلطة الرئيسية التي تتخذ القرارات الهامة في إدارة البنك بما في ذلك الرئيس وإعفاءه من منصبه.
5_ ويتجلى الطابع الدولي للبنك في مركز موظفيه، فالرئيس هو الذي يعينهم وإن كان يتقيد في ذلك بالنظم واللوائح التي يضعها البنك، ومن هذه الأسس مراعاة الكفاية الفنية والتمثيل الجغرافي ما أمكن ذلك.
6_ ولاء رئيس البنك ونائبه وجميع الموظفين للبنك فقط كما نص على ذلك في اتفاقية تأسيسه ولا علاقة لهم بأية سلطة أخرى أثناء قيامهم بأعمالهم، ويجب على كل دولة عضو في البنك أن تحترم الصفة الدولية لهذا العمل، وأن تمتنع عن أي محاولة للتأثير على أي من العاملين فغي أداء عمله.
7_ البنك مؤسسة دولية مستقلة يتمتع بالشخصية المعنوية والأهلية والقانونية الكاملة وخاصة بالنسبة إلى:
(أ) التعاقد.
(ب) تملك الأموال الثابتة والمنقولة والتصرف فيها.
(ج) اتخاذ الإجراءات القانونية والتقاضي.
8_ لا يقبل البنك قروضاً أو مساعدات يكون من شأنها على أي صورة أن تضر أو تحد أو تقلل أو تعدل عن غرض البنك ووظائفه.
وبهذا يتبين أن اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية قد أكدت الطابع الدولي له في الكثير من نصوص الاتفاقية، وأخذت بالعديد من الضوابط المقررة بالنسبة للمنظمات الدولية الحكومية.
الباب السادس
البنوك الإسلامية بعد تجاربها الأولى
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: بنك دبي الإسلامي.
الفصل الثاني: بنوك فيصل الإسلامية.
الفصل الثالث: بيت التمويل الكويتي.
الفصل الأول
بنك دبي الإسلامي([350])
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نشأة البنك.
المبحث الثاني: الخدمات التي يؤديها بنك دبي الإسلامي.
المبحث الثالث: مقارنة بين ميزانيتي البنك في سنته الاولى والثانية.
المبحث الأول: نشأة البنك
عقد التأسيس:
إنه في يوم الاثنين الموافق27/2/1395هـ ـ 10/3/1975م قد تأسست شركة مساهمة عربية محدودة عنوانها واسمها القانوني (بنك دبي الإسلامي) بمدينة دبي وهي من المذكورين بعد، موهم مؤسسو الشركة:
م | الاسم | عدد الأسهم | القيمة |
1 | سعيد أحمد لوتاه | 4125(أربعة آلاف ومائة وخمسة وعشرون سهماً) | 2062500(مليونان واثنان وستون ألفاً وخمسمائة درهم) |
2 | ناصر راشد لوتاه | 1400(ألف وأربعمائة سهم) | 700000(سبعمائة ألف درهم) |
3 | سلطان أحمد لوتاه | 2475(ألفان وأربعمائة وخمسة وسبعون سهماً) | 1237500(مليون ومائتان وسبعة وثلاثون ألفاً وخمسمائة درهم) |
4 | محمد ناصر لوتاه | 1000(ألف سهم) | 50000(خمسمائة ألف درهم) |
5 | عبدالله سعيد | 1000(ألف سهم) | 500000(خمسمائة ألف درهم) |
جملة ذلك عشرة آلاف سهم، قيمتها خمسة ملايين درهم، دفعها المؤسسون بالكامل عند هذا العقد، وجميع المؤسسين من رعايا دولة الإمارات العربية المتحدة.
رأس المال:
رأس مال الشركة خمسون مليون درهم مقسمة على مائة ألف سهم، كل سهم قيمته خمسمائة درهم، وجميع الأسهم اسمية ومتساوية الحقوق.
الاكتتاب العام:
يطرح في الاكتتاب العام تسعون ألف سهم قيمتها خمسة وأربعون مليون درهم.
المدة:
مدة الشركة ثلاثون عاماً، تبدأ من تاريخ نشر المرسوم المرخص في إنشائها، ويجوز مدها وتجديدها.
المركز الرئيسي للشركة:
المركز الرئيسي للشركة في دبي، ويجوز لها أن تفتح فروعاً وتوكيلات وأن تتخذ المراسلين وفقاً للعرف المصرفي.
إدارة الشركة:
للشركة مجلس للإدارة وجمعية عمومية للمساهمين ومراقب للحسابات وفقاً للأنظمة المعمول بها في شركات المساهمة.
السنة المالية للشركة:
السنة المالية للشركة هي السنة الميلادية.
أغراض الشركة:
تباشر الشركة أعمالها على أساس طرح الربا المحرم من جميع معاملاتها، واستبداله بعمليات الاستثمار التي تدر عائداً من الربح يفوق ما تدره القروض بفائدة.
وإليك أخي القارئ موجزاً لأغراض هذه الشركة:
1_ القيام بجميع الخدمات والعمليات المصرفية لحسابها أو لحساب غيرها.
2_ القيام بأعمال الاستثمار مباشرة أو بشراء مشروعات أو بتمويل مشروعات وأعمال مملوكة للغير، وللشركة أن تتعاون مع غيرها من الهيئات التي تقوم بنشاط مماثل على أي صورة من الصور شريطة استبعاد الربا المحرم، كون التعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
3_ قبول الودائع النقدية على اختلاف صورها للحفظ أو للاستثمار.
4_ شراء وبيع السبائك الذهبية والعملات الخارجية وبيع وشراء حوالاتها,
5_ التمويل لآجال قصيرة بضمان أوراق تجارية.
6_ فتح الاعتمادات التقديم وكافة التسهيلات المصرفية لقاء كفالة شخصية وأحياناً بدونها.
7_ الكفالات لمنفعة شخص ثالث بضمان أو بدونها.
8_ تحصيل بدلات الحوالات والكمبيالات والصكوك وتخليص بوالص الشحن والمستندات الأخرى لحساب العميل أو لحساب شخص ثالث مقابل أتعاب لصالح الشركة.
9_ تلقى الاكتتابات بالنسبة لعمليات تأسيس الشركة المساهمة وشراء وبيع الأسهم لحساب الشركة أو لحساب شخص ثالث.
10_ حفظ جميع النقود والمعادن الثمينة والسندات والطرود وتأجير الخزائن الخاصة.
11_ القيام بأعمال الأمين والوكيل وقبول الوكالات وتعيين الوكلاء.
12_ استخدام الآلات الحديثة التي تمكن الشركة من سرعة إنجاز العمليات وتوفير الوقت وتحقيق الدقة في التنفيذ.
وعلى وجه العموم للشركة القيام بسائر الأعمال والخدمات المصرفية في حدود ما تسمح به الشريعة الإسلامية، كما أن للشركة ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ أن تقوم بالأعمال الآتية تحقيقاً لأغراضها الاستثمارية، وذلك بإقامة المنشآت أو بتمويل القائم منها:
1_ القيام بكافة أعمال الاستثمار والاستقصاء المتعلقة بتوظيف رؤوس الأموال وتقديم كافة الخدمات الخاصة بهذه العمليات للغير، ومنها الاستشارات والتوصيات.
2_ القيام بكافة أعمال المقاولات الإنشائية والصناعات الهندسية المرتبطة بها، وكذلك القيام بالأعمال الكهربائية والميكانيكية وما تصل بها.
3_ تأسيس الشركات التجارية والتعامل في بيع وشراء أسهمها.
4_ إنشاء أو شراء المصانع وأدواتها وتسويق منتجاتها.
5_ إنشاء المصارف وشركات الاستثمار على اختلاف أنواعها والقيام بكافة الأعمال المرتبطة بها أو المشابهة لها.
6_ القيام بالأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والزيوت وغيرها من موارد الثروة الطبيعية.
7_ القيام بكافة أعمال الاستثمار الزراعي.
8_ شراء الأراضي والعقارات بقصد بيعها بحالتها الأصلية أو بعد تجزئتها أو بقصد تأجيرها.
9_ القيام بجميع عمليات الاستيراد والتصدير الخاصة بالسلع على اختلاف أنواعها.
10_ شراء السلع وغيرها من الأموال المنقولة بقصد بيعها أو تأجيرها.
11_ القيام بكافة الأعمال المتعلقة بالملاحة البحرية والجوية والنقل البري وبناء الطرق وتعبيدها وإقامة الجسور والسدود والأحواض الجافة وصيانتها وإقامة الخزانات والمستودعات بأرصفة الموانئ وفي داخل البلاد.
12_ تخزين السلع والمحاصيل والمنقولات بوجه علم.
13_ إنشاء أنظمة تعاونية أو تبادلية تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية لتأمين أموالها الخاصة والودائع النقدية وسائر القيم المنقولة والثابتة.
مع العلم أن الشركة تلتزم بصفة أساسية بأن تقوم بجميع أعمالها طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية أخذاً وعطاء.
المبحث الثاني: الخدمات التي يؤديها بنك دبي الإسلامي
(1) الحساب الجاري:
هذا الحساب يفتح باسم الشركات أو المؤسسات أو الهيئات الحكومية أو الأفراد، ويودع هؤلاء جميعاً المبالغ التي يريدون إيداعها سواء عن طريق النقود أو بموجب أوامر تحويل أو شيكات للتحويل أو أوراق قبض، ولهم أن يسحبوا بواسطة الشيكات التي يزودهم بها البنك أي مبلغ يشاءون في أي وقت في حدود المبالغ المودعة في حسابهم، والبنك لا يدفع أية أرباح عن الأموال المودعة، والعملاء لا يدفعون أية مصاريف على أموالهم.
(2) حساب التوفير:
تفتح هذه الحسابات باسم الأفراد أو الهيئات الحكومية أو المؤسسات التجارية أو الشركات، وفي هذا الحساب يعطى العميل دفتراً خاصاً للتوفير يسجل فيه كل ما يودعه أو يسحبه من أمواله، وهنا العميل لا يحق له أن يسحب أكثر من مرة في الشهر، وله مقابل هذا الحساب أرباح يأخذها من البنك حسب النسبة التي يتفق مع البنك عليها، لأن البنك يقوم باستثمار هذه الأموال ويوزع الأرباح ويوزع الأرباح في آخر السنة المالية.
(3) حساب الاستثمار ـ ودائع الاستثمارـ:
هذا الحساب على نوعين:
( أ ) الإيداع مع التفويض بالاستثمار، وهنا يخول العميل البنك أن يستثمر مبلغه المودع في أي مشروع يختاره البنك، ويأخذ العميل في هذا الحساب حصته من الربح في نهاية السنة المالية للبنك.
( ب ) الإيداع بدون تفويض بالاستثمار، وهنا يختار العميل مشروعاً معنياً، ويوظف أمواله فيه، ويترك إدارة المشروع للبنك ويأخذ حصته من الربح بعد تمام هذا المشروع.
(4) السحب على المكشوف:
يقوم البنك في بعض الحالات الخاصة بالسماح لبعض عملائه أن يسحبوا من حساباتهم الجارية أكثر من الرصيد الموجود، وهنا يصبح حسابهم مكشوفاً حسب التعبير المصرفي، ولا يأخذ البنك مقابل هذا العمل أي فوائد بل يعتبره من قبيل القرض الحسن.
(5) بيع المرابحة:
هناك حالتان لبيع المرابحة في بنك دبي الإسلامي:
(أ) يطلب العميل من البنك شراء سلعة معينة يحدد جميع أوصافها، ويحدد ثمنها، ويدفع الثمن إلى البنك بالإضافة إلى أجر معين مقابل قيام البنك بهذا العمل.
(ب) يطلب العميل من البنك شراء سلعة معينة ويحدد جميع أوصافها ويحدد مع البنك الثمن الذي سيشتريها به البنك، وكذلك الثمن الذي سيشتريها العميل من البنك بعد إضافة الربح الذي سيتفق عليه الطرفان ـ البنك والعميل ـ، وهذا الوعد ـ في نظر ـ القائمين على بنك دبي الإسلامي ـ ملزم للطرفين، فيجب على كل منهما أن يفي بوعده ويكمل البيع والشراء وفقاً للشروط التي يتفقان عليها.
(6) التمويل من البنك:
هناك نوعان للتمويل من البنك:
(أ) المشاركة الثابتة: هذه المشاركة تعني أن البنك يشارك مع عميل أو أكثر في إحدى مؤسسات تجارية أو مصنع أو بناء أو زراعة وغير ذلك عن طريق التمويل في المشروع المشترك، وفي آخر السنة المالية يقتسمان الربح.
(ب) المشاركة المنتهية بالتمليك: هذه المشاركة تعني أن البنك يشترك مع عميل أو أكثر في أي نوع من المشاركات التجارية والزراعية والصناعية، ويقوم البنك بدوره في المساهمة في رأس المال، ويتفقان على النسبة المعينة للربح، ويعطي البنك من جانبه للشريك وعداً بالتنازل عن حقه في الشركة متى استوفى نصيبه الذي دفعه في البداية كرأس مال الشركة، وبالتالي يقوم العميل بامتلاك السلعة موضع الشركة بينه وبين البنك، وهذا النوع من الخدمات له أهميته الكبرى في تأمين المتطلبات للمحتاجين وتيسير وسائل الإنتاج لهم.
(7) خطابات الضمان والكفالات:
بناء على طلب العميل يصدر البنك بعد الاستقصاء والاستيثاق خطاب الضمان والكفالات المطلوبة من جهات رسمية أو غير رسمية، يضمن بها أو يكفل العميل مقابل عمولة وتأمين يحدد وفقاً لمركز العميل المالي ونوع العملية.
(8) خطابات الاعتماد:
لا يخلو مال العميل المتقدم لفتح الاعتماد من حالات ثلاث:
الحالة الأولى:
يكون للعميل رصيد لدى البنك يغطي كامل القيمة، ويسمى هذا النوع (الاعتمادات المفتوحة نقداً).
أسلوب العمل في هذه الحالة:
يقدم العميل طلب فتح الاعتماد إلى البنك لاستيراد بضائع من الخارج على أن يسدد القيمة فوراً خصماً من حسابه مع العمولة المستحقة، والبنك يقوم بدوره ويتخذ الإجراءات اللازمة مع البنك المراسل بالخارج، ويسدد قيمة السلع إلى المصدر مقابل استلام مستندات الشحن وإخطار البنك.
يقوم البنك بخصم قيمة البضائع من حساب العميل دون أن يتقاضى فوائد ما بين الفترتين.
الحالة الثانية:
كما في الحالة الأولى غير أن رصيد العميل لا يغطي قيمة البضائع، وهنا يتحمل البنك الجزء المتبقي من قيمة البضاعة على أن يكون شريكاً للعميل في البضاعة بنسبة يتفقان عليها.
الحالة الثالثة:
لا يكون للعميل رصيد في حسابه لدى البنك.
وهذا النوع من الاعتماد يسمى ـ الاعتمادات المفتوحة بالأجل ـ.
أسلوب العمل في هذه الحالة:
يقدم العميل الطلب إلى البنك يحدد فيه نوع وكمية البضاعة المراد استيرادها من الخارج وقيمتها من واقع الفاتورة المبدئية مع وعد بشرائها إما بعد تحميلها على ظهر الباخرة أو بعد وصولها إلى الميناء المطلوب، وفي هذه الحالة يقوم البنك بشراء البضائع المطلوبة على حسابه ومسئوليته وفتح الاعتماد باسمه، ومن ثم ينفذ ما اتفق عليه مع العميل من شروط البيع والمدة لتسديد القيمة على قسط واحد أو أقساط.
(9) إجراء التحاويل الخارجية (من وإلى الخارج):
بناء على طلب عملاء البنك يصدر لهم شيكات مسحوبة على مراسله بالخارج، كما يقوم بإجراء التحاويل البريدية والبرقية في أنحاء العالم، كما يتلقى البنك التحاويل الخارجية لصالح عملائه ويسددها لهم، ويأخذ منهم المصاريف التي أنفقها في عملية التحويل.
(10) بيع وشراء العملات:
يقوم البنك ببيع وشراء العملات الأجنبية إما لحسابه الخاص أو لحساب عملائه على أساس المعاملة الحاضرة ـ يداً بيد ـ.
(11) بيع السلم([351]):
يقوم البنك ببيع عملائه سلعاً مؤجلة التسليم، ويقبض منهم الثمن حاضراً أو العكس، أي يشتري من عملائه سلعاً مؤجلة ويعطيهم الثمن حاضراً، وهذا هو بيع السلم المعروف في الفقه الإسلامي.
المبحث الثالث
مقارنة بين ميزانيتي البنك في سنتيه الأولى والثانية
سنلقى الضوء في هذا المبحث على الميزانية العامة لبنك دبي الإسلامي في سنتيه الأولى والثانية ليأخذ فكرة عن واقع التطبيق العملي ـ وبالأرقام ـ ليرى بنفسه مدى النجاح الذي حققه هذا البنك، وليتبين ثقة جماهير المسلمين في البنك وإقبالهم على التعامل معه.
إليك أيها القارئ حسابات الميزانية الختامية في نهاية سنة 1976م ونهاية سنة 1977م، وسنترك الأرقام تعبر عن نفسها لأنها لا تحتاج منا إلى تعليق.
م | 1976م | 1977م | |
1_ | 157740 | 214457 | مجموع الميزانية |
2_ | 37705 | 75197 | ودائع الاستثمار وصناديق التوفير |
3_ | 890 | 1693 | عدد حسابات الاستثمار وحسابات التوفير والحسابات الجارية. |
4_ | 29121 | 61071 | حقوق الملكية: رأس المال+ الاحتياطات + الأرباح المرحلة. |
5_ | 846 | 1051 | إيرادات النشاط المصرفي. |
6_ | 53671 | 132111 | الاستثمارات في عمليات مشاركة ومرابحة وأسهم ومشروعات تابعة. |
7_ | 9750 | 11556 | أرباح وإيرادات نشاط الاستثمار. |
8_ | 7018 | 8490 | صافي الربح. |
9_ | 2597 | 4115 | الأرباح الموزعة على المساهمين. |
10_ | 2193 | 14 | الأرباح المرحلة للسنة المالية القادمة. |
11_ | 361 | 589 | الزكاة. |
12_ | 16 | 31 | عدد المراسلين. |
هذه الأرقام تعطينا صورة متكاملة عن وضع البنك المالي ومدى نجاحه، وهو في تجاربه الأولى، وهذا دليل ولا شك على أصالة النظام الذي قام عليه ومدى صلاحيته للتطبيق في كل عصر ومصر، والأمة الإسلامية هي المصابة بالضعف والخور، أما الإسلام فلا زال وسيبقى أبد الدهر شامخ الرأس عالي الهمة لأن الله ضمن له البقاء والخلود والهيمنة مهما تنكب عنه أبناؤه وتكاثر عليه أعداؤه.
ملاحظات حول بنك دبي الإسلامي:
أولاً:
لا يفوتني أن أشيد بالخطوة المباركة التي تبنتها إدارة البنك، وهي البدء في حساب توزيع الأرباح بخصم الزكاة المستحقة على جميع أموال البنك قبل توزيع الأرباح، وتلك خطوة مباركة تؤكد الأساس الذي يقوم عليه البنك، وهو الالتزام الكامل بمبادئ الشريعة الإسلامية، ولقد قصرت بعض البنوك الإسلامية دون هذه الخطوة فلم تخرج الزكاة إلا على أموال من يرغب في إخراجها فقط، أما من لم يبد الرغبة في إخراجها فلا تخرج زكاة أمواله، وإني أؤيد ما درج عليه بنك دبي الإسلامي من خصم الزكاة على جميع الأموال لأن البنك الإسلامي ارتضى منهج الله، ومن أولويات وأساسيات هذا المنهج أداء الزكاة المستحقة دون نظر للرغبة من أصحاب الأموال في إخراجها أو عدم إخراجها.
ثانياً:
يقوم البنك بخصم جميع المصاريف الإدارية وتكاليف السياسة الإدارية كأحد بنود التكلفة من الإيرادات في حساب الأرباح والخسائر للوصول إلى صافي الربح القابل للتوزيع، وهو في نفس الوقت شريك في عمليات الاستثمار، لأنه مضارب، فعائد الربح قسمة بينه وبين المستثمرين حسب الاتفاق المبرم بينهم.
والذي أراه هنا أن البنك لا حق له في أخذ المصاريف الإدارية على الأموال المستثمرة لأنه يأخذ مكان هذه المصاريف ـ أي مقابل عمله كمضارب ـ عائداً من الربح، ومعلوم أن مصاريف المضاربة تخصم من نصيب المضارب من الأرباح إلا في حالة واحدة، وهي اشتراط المضارب أخذ المصاريف من صافي الربح، والله أعلم.
ثالثاً:
الوعد بالشراء ملزم للطرفين في نظر البنك:
يقوم البنك ببيع المرابحة لعملائه على ما مر معنا ويعتبر الوعد ملزماً لا يحق لهما النكوص عنه.
وقد سبق أن أشرت أن الذي يظهر لي أن الوعد غير ملزم بل يكون العميل والبنك بالخيار متى ما وصلت السلعة ورآها العميل، فلهما أن يبرما عقد البيع أو يرجعا عن الوعد.
الفصل الثاني
بنوك فيصل الإسلامية
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: بنك فيصل الإسلامي المصري.
المبحث الثاني: بنك فيصل الإسلامي السوداني.
بنوك فيصل الإسلامية
قامت في ميدان المصارف خلال السنوات القليلة الماضية مجموعة من المصارف الإسلامية تحمل اسم ـ بنوك فيصل الإسلامية ـ، وهذه البنوك التي قامت منها بالفعل وباشر أعماله المصرفية بنكان حتى الآن؛ هما بنك فيصل الإسلامي المصري وبنك فيصل الإسلامي السوداني، تعتبر باكورة خير وطالع يمن في مجال دعم التعاون والتضامن بين أبناء الأمة الإسلامية، وهي في نفس الوقت كسب جديد وتجسيد وتأكيد لصلاحية البنوك الإسلامية ونجاحها لتتكفل بأعباء الاقتصاد الإسلامي لبلاد العالم الإسلامي، وإنها وسيلة موفقة لتجميع فائض أموال المسلمين وتوجيهها وجهة نافعة ومثمرة لأمة الإسلام، وللحيلولة دون أن تأخذ هذه الأموال طريقها إلى بنوك أجنبية يسيطر على سياستها المصرفية من لا يتعاطفون مع العالم الإسلامي بل منهم من يظهر العداء السافر له.
المبحث الأول:
بنك فيصل الإسلامي المصري([352]):
وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: نشأة البنك.
المطلب الثاني: الموارد المالية للبنك.
المطلب الثالث: الأعمال التي يقوم بها البنك.
المطلب الأول: نشأة البنك
استجابة للأمل الذي ظل يراود المسلمين طوال هذا القرن، ونادى به جميع المصلحين وتوافر أهل الفتوى من علماء الشرع على بحثه في جميع البلاد الإسلامية، استجابة لهذا كله صدر القانون رقم 48 لسنة 1977م مرخصاً في تأسيس بنك إسلامي لا يتعامل بما حرم الله باسم (بنك فيصل الإسلامي المصري)، ومقر المركز الرئيسي مدينة القاهرة، ويجوز له أن ينشئ فروعاً أو توكيلات بجمهورية مصر العربية.
الغرض من إنشاء البنك:
الغرض من إنشاء البنك القيام بجميع الأعمال المصرفية المالية وأعمال الاستثمار وإنشاء مشروعات التصنيع والتنمية والعمران والمساهمة فيها في الداخل والخارج، وكل هذه الأعمال يقوم بها البنك وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
رأس المال:
رأس مال البنك ثمانية ملايين دولار أمريكي، قيمة السهم الواحد مائة دولار أمريكي: 51% للجانب المصري، 49% للجانب السعودي.
مدة البنك:
حددت مدة البنك بخمسين سنة قابلة للتجديد.
إدارة البنك:
يتكون الجهاز الإداري للبنك من:
(أ) مجلس الإدارة.
(ب) هيئة الرقابة الشرعية.
(ج) الجمعية العمومية للبنك.
فالبنك يشرف عليه جهاز إداري منظم، يتم اختيار العاملين فيه من قبل الجمعية العمومية، كما أن هناك هيئة للرقابة الشرعية تقوم بدارسة أعمال البنك ومدى تمشيها مع أحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى الجمعية العمومية التي تمثل جميع المساهمين، فلكل مساهم الحق في حضور الجمعية العمومية بنفسه ويكون له صوت واحد عن كل سهم، وله أن ينيب من يمثله في الحضور.
المطلب الثاني: الموارد المالية للبنك
أهم الموارد المالية للبنك هي:
(1) رأس المال.
(2) الأسهم.
(3) الودائع.
(4) الهبات والتبرعات.
وسوف نتحدث عنها فيما يأتي بإيجاز:
(1) رأس المال:
حدد رأس المال البنك بمبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي، مقسمة إلى ثمانين ألف سهم، قيمة كل سهم مائة دولار أمريكي موزعة بين الجانبين المصري والسعودي على النحو التالي:
(أ) الجانب المصري له أربعون ألف وثمانمائة سهم تمثل 51% من رأس المال، تدفع بالجنيه المصري أو بالدولار الأمريكي أو بأية عملة قابلة للتحويل، ويخصص من هذه الأسهم 25% على الأقل من عددها تطرح للاكتتاب العام، ويقتصر الاكتتاب على المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة الإسلامية والمبتعدين عن التعامل بالربا.
(ب) تكون حصة الجانب السعودي تسعة وثلاثين ألفا ومائتي سهم، تمثل 49% من رأس المال، تدفع بالدولار الأمريكي. ويحق للجانب السعودي أن يطرح جزءاً من حصته للاكتتاب العام للعرب والمسلمين من غير المصريين.
(2) الأسهم:
يجوز زيادة رأس المال وإصدار أسهم جديدة بناء على اقتراح مجلس الإدارة بقرار من الجمعية العمومية يبين مقدار الزيادة وسعر إصدار الأسهم.
ويكون للمساهمين حق الأولوية في كل أو بعض أسهم الزيادة، ويتم في جميع الأحوال بالدولار الأمريكي وبالجنيه المصري، وقد حددت بعض الأمور المتعلقة بالأسهم وأهمها:
(أ) تكون جميع أسهم البنك اسمية، ولا تقبل التجزئة، ويكون تملكها وتداولها مقصوراً على المسلمين المؤمنين بفكرة البنك الإسلامي.
(ب) تستخرج الصكوك الممثلة للأسهم من دفتر ذي قسائم، وتعطى أرقاماً مسلسلة، ويوقع عليها عضوان من أعضاء مجلس الإدارة وتختم بختم البنك.
(ج) لا يجوز لأي من المؤسسين نقل كل أو بعض أسهمه التي اكتتب فيها إلى شخص آخر طوال مدة البنك دون موافقة باقي المؤسسين.
(3) الودائع:
يقبل البنك الودائع من الحكومات والبنوك والهيئات والأفراد من الداخل والخارج على إحدى الصور الآتية:
(أ) ودائع الادخار.
(ب) ودائع الاستثمار.
(ج) الودائع الأخرى والحسابات الجارية.
(4) الهبات والتبرعات:
يقبل البنك الهبات والتبرعات والإعانات التي يتقدم بها الأفراد والهيئات، ولهؤلاء المتبرعين الحق في تخصيص هباتهم لغرض معين، وعلى البنك أن يجعل لهذه الأنواع من الأموال حساباً مستقلاً يراعي فيه ضبطها وتوجيهها للغرض الذي خصصت له.
المطلب الثالث: الأعمال التي يقوم بها بنك فيص الإسلامي المصري)
تشمل أعمال البنك ما يلي:ـ
أ _ الودائع
ب_ الاستثمار والتمويل بالمشاركة.
ج_ الخدمات المصرفية الأخرى.
د_ القروض الحسنة.
هـ_ إدارة صندوق الزكاة.
وإليك أيها القارئ نبذة موجزة عن هذه الأعمال:
أولاً: الودائع:
يتم إيداع الأموال في بنك فيصل الإسلامي المصري بالعملة وجميع العملات الأجنبية.
وتختلف الودائع بحسب الغرض منها، فهناك الحسابات الجارية والودائع الادخارية، وودائع الاستثمار العام وودائع المشاركة محددة المدة أو الغرض.
وإليك إيضاح هذه الأنواع من الودائع:
أ_ الحسابات الجارية.
يمتاز المودعون لهذا النوع من الإيداع بما يأتي:ـ
1_ الإيداع والسحب دون أي قيد أو شرط.
2_ الحصول على دفتر شيكات.
3_ دفع الالتزامات نيابة عن العملاء بموجب تعليمات منهم.
4_ تحصيل الشيكات لحسابهم.
ب_ الودائع الادخارية:
وتمتاز هذه الودائع بما يأتي:ـ
1_ ودائع التوفير قابلة للسحب والإيداع في أي وقت.
2_ لا يدفع عنها عائد ولا يتحمل المودع أية مصاريف.
3_ ليس لها حد أدنى أو أقصى.
ج_ ودائع الاستثمار العام:
هذا النوع من الإيداع يرغب أصحابه في المشاركة في جميع عمليات البنك، ولهذا النوع من الإيداع ضوابط أهمها:
1_ يقبل البنك الودائع من العملاء الراغبين في الحصول على عائد مناسب عليها، ويقوم البنك باستخدام هذه الودائع في عمليات المشاركة بأنواعها أو في مشروعات استثمارية قصيرة أو متوسطة الأجل.
2_ المودع في هذا الحساب شريك في مجمل نشاط البنك الاستثماري بمقدار وديعته ومدة استمرارها.
3_ يشترط البنك استمرار الوديعة لمدة معينة فإذا قام العميل بسحبها قبل الميعاد المحدد لا تستفيد من العائد المحقق فعلا.
4_ في نهاية السنة المالية يعلن البنك عن العائد المحقق فعلا، ويكون من حق المودع سحب مبلغ العائد أو إضافته إلى وديعته.
د_ ودائع المشاركة محددة المدة أو الغرض:
يودع العملاء أموالهم بغرض المشاركة في إحدى العمليات أو المشاركات أو المشروعات التي يقوم البنك بتنفيذها، وهذه الودائع ذات أجل محدد لأنها ترتبط بفترة تنفيذ العملية، وهذا النوع من الإيداع لا تتعدى مشاركة المودع فيه العملية أو المشروع الذي أودع أمواله للمشاركة فيه، وبعد نهاية المشروع توزع عوائد عمليات التمويل بالمشاركة على المودعين المشاركين بنسب بالتمويل في هذه العمليات.
وتنقسم الوديعة بحسب مجال استخدامها إلى ما يلي _ على سبيل المثال:
1_ وديعة بغرض المشاركة في عمليات تجارية.
2_ وديعة بغرض المشاركة في عمليات زراعية.
3_ وديعة بغرض المشاركة في عمليات عقارية.
4_ وديعة بغرض المشاركة في عمليات صناعية.
و قد وضع البنك حوافز طيبة للمودعين أهمها: أنه يحق لأصحاب الودائع الاقتراض بدون فائدة بضمان ودائعهم، وذلك وفقاً للقواعد التي تضعها إدارة البنك.
ثانياً: الاستثمار والتمويل بالمشاركة:
يقوم البنك بتوظيف الأموال المتاحة لديه سواء من موارده الذاتية أم من أموال المودعين بالمشاركة وفقاً لأحد الأساليب الآتية:
(1) التمويل بالمشاركة:
هو البديل الشرعي لنظام الإقراض بفائدة ثابتة ـ الربا ـ في البنوك الربوية، ويستمد هذا البديل أصوله من عقد المضاربة الإسلامي، إذ يعتبر البنك (رب مال) ويعتبر العمل ـ طالب التمويل ـ مضاربا بالعمل.
ولابد من تحديد حصة البنك في التمويل وكذا حصة العميل المشارك بالنسبة للمشروعات التي يقتنع البنك بجدواها وربحيتها، وعلى أساس حصص التمويل تحدد حصة كل من البنك والعميل المشارك في الربح والخسارة بعد نزع حصة من العائد مقابل إدارة العملية أو خدمتها لمن قام بذلك، سواء كان العميل المشارك أم البنك علما بأن عمليات التمويل بالمشاركة التي يقوم بها بنك فيصل الإسلامي المصري نوعان هما:
أ_ مشاركات تجارية قصيرة الأجل.
ب_ مشاركات استثمارية متوسطة وطويلة الأجل.
(2) الاستثمار المباشر:
يقوم البنك باستثمار جزء من أمواله وأموال المودعين بشتى أنواع الاستثمار المباشر الذي يتولاه البنك بنفسه وإليك ضوابط هذا النوع من الاستثمار:
أ_ يمول البنك مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ب_ تتفق المشروعات مع الهدف الإسلامي للبنك، وتلبي احتياجات المجتمع.
ج_ يوظف البنك أمواله في مشروعات استثمارية مباشرة يقوم عليها بنفسه.
د_ يقوم بتأسيس شركات، ويحتفظ بإدارتها أو يطرح أسهمها لاكتتاب الجمهور.
هـ _ يختار البنك مشروعاته بعد دراسة دقيقة بأحداث أساليب تقويم المشروعات ودراسات الجدوى الاقتصادية.
و_ يحرص البنك على أن يكون للمشروع عائد مناسب وأن تكون فترة استرداد أمواله مناسبة.
ثالثاً: الخدمات المصرفية الأخرى:
يقوم البنك بجميع الأعمال المصرفية التي تقوم بها البنوك الربوية بشرط ألا تتعارض مع الأساس الأصيل الذي يقوم عليه البنك وهو الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.
ومن أهم خدمات البنك المصرفية ما يأتي:ـ
1_ الاعتمادات المستندية بجميع أنواعها.
2_ قبول الصكوك والأسهم وخدمتها.
3_ عمليات الصرف الأجنبي.
4_ التحويلات الداخلية والخارجية.
5_ خطابات الضمان بأنواعها.
6_ تأجير الخزائن للعملاء.
7_ حفظ الأمانات (صكوك ـ ذهب ـ أحجار كريمة ـ مستندات).
8_ أعمال أمناء الاستثمار.
9_ تحصيل مستحقات العملاء وسداد التزاماتهم الدورية.
10_ تمثيل المصارف والمؤسسات المالية المماثلة لأعمال المراسلين.
11_ قبول الاكتتاب في أسهم الشركات وخدماتها.
رابعاً: القروض الحسنة:
يمنح البنك قروضا حسنة بدون فوائد، وذلك في حالات خاصة ووفقاً للقواعد التي يقررها مجلس الإدارة.
خامساً: صندوق الزكاة:
يقتطع البنك من صافي أرباحه السنوية زكاة المال المفروضة شرعاً على رأس ماله، ويتم إضافتها لحساب خاص للزكاة يتم الصرف منه في المصارف الشرعية للزكاة، وتعتبر موارد هذا الصندوق مستقلة مالياً ومحاسبيا عن موارد البنك الأخرى.
كما أن موارد هذا الصندوق تخضع لإشراف شرعي دقيق من شيخ الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي مصر بالإضافة إلى هيئة الرقابة الشرعية.
(ملاحظات حول بنك فيصل الإسلامي المصري)
أولاً_ حول إخراج الزكاة:
لعل من أبرز إيجابيات البنك إخراجه الزكاة على جميع أمواله، وأموال عملائه التي يدور عليها الحول، وذلك قبل قسمة الأرباح، وهذا أمر يؤكد الأساس الذي قام عليه البنك وهو السير في معاملاته في حدود ما أباحها الشرع المطهر.
ثانياً: الرقابة بالشرعية للبنك:
إيجابية أخرى تذكر للبنك، وهي خضوع معاملاته للرقابة الشرعية الدقيقة من قبل شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وهيئة الرقابة الشرعية للبنك، تلك الرقابة التي تستلزم متابعة أعماله ومجالات استثمارية بما يتفق مع أحكام الشريعة، ثم التصديق عليها. وما خالفها رفض من أساسه، لعل من أوضح الدلائل على هذا عرض ميزانية البنك قبل إقرارها على هيئة الرقابة الشرعية، والتي بدورها تصدر قراراً بالموافقة عليها، وإليك أيها القارئ نص ما أصدرته هيئة الرقابة الشرعية للبنك لإقرار ميزانية البنك في إحدى السنوات المالية له:ـ
تقرير هيئة الرقابة الشرعية للبنك
اجتمعت هيئة الرقابة الشرعية للبنك وراجعت الأعمال المصرفية والاستثمارات التي قام بها البنك على النحو الموضح بالميزانية حتى 30/ من ذي الحجة سنة 1399هـ ، فوجدت أن الأعمال والاستثمارات التي قام بها البنك تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وأنها من بين الأعمال والاستثمارات التي سبق أن وافقت عليها هيئة الرقابة الشرعية، والله ولي التوفيق.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية
فضيلة الشيخ محمد خاطـر
ثالثاً: حول تمويل بعض الأفلام:
أثيرت في الآونة الأخيرة قضية تمويل البنك لبعض المشاريع التي تتصل بالإعلام وذلك كالأفلام التي يقوم ببثها التلفاز، ويستفاد منها في (السينما).
ونحن لا نشك في نزاهة معاملات البنك وسلامتها من المحاذير الشرعية، ولكن تمويل مثل هذه المشروعات له آثاره السلبية من حيث ثقة الجماهير بالبنك إضافة إلى ما في هذه الأفلام من المحاذير الشرعية كالاختلاط والتفسخ، والأولى بالبنك أن يستثمر أمواله في المشروعات النزيهة، والتي يرغبها أصحاب الأموال، وتتفق تماماً مع أحكام الشريعة ومع الآداب الإسلامية السامية.
رابعاً: حول بيع المرابحة:
يقوم البنك بالتعامل ببيع المرابحة لعملائه، ويعتبر الوعد الذي يقطعه البنك على نفسه والعميل على نفسه ملزما للطرفين، وقد سبق أن ذكرت أن الأولى عدم الإلزام وأن الطرفين بالخيار بعد حضور السلعة، إن شاءا أبرما عقد البيع، وإن شاءا رجعا عن الوعد الذي قطعاه على نفسيهما في بداية الأمر.
المبحث الثاني([353]):
بنك فيصل الإسلامي السوداني
وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: نشأة البنك.
المطلب الثاني: أهداف البنك.
المطلب الثالث: الخدمات التي يقوم بها بنك فيصل الإسلامي السوداني.
المطلب الأول: نشأة البنك
ظل المسلم في حيرة من أمره وهو يصرف أموالاً استخلفه الله فيها، فهو متردد بين تنميتها وسط تيار المعاملات الربوية المتفشية وبين حصرها في حدود ضيقة، فكانت الصحوة والمبادرة من علماء مجتهدين في الاقتصاد الإسلامي، وكان ميلاد المصرف الإسلامي وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وخروجاً بها إلى ميدان التطبيق العلمي، وإيماناً بالدور الهام الذي يقوم به البنك في الحياة الاقتصادية، وهكذا جاء المصرف طوق نجاة لأموال غرقى في الحرم، فهي دولة بين الأغنياء تارة وأضعاف مضاعفة من الربا تارة أخرى، ويعتبر بنك فيصل الإسلامي السوداني إحدى هذه التجارب الرائدة للمصارف الإسلامية النزيهة، فقد صدر القانون القاضي بإنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني في سنة 1397هـ، وتم العمل بموجبه اعتباراً من 15/4/1397هـ، وقد نص القانون على أن البنك يسجل شركة مساهمة عامة ويكون مركزه الرئيس الخرطوم، وللبنك أن ينشئ فروعاً له في جميع أنحاء القطر.
رأس مال البنك:
حدد رأس مال البنك بألا يقل عن ستة ملايين جنيه سوداني مقسمة إلى (ستمائة ألف سهم)، قيمة السهم الواحد عشرة جنيهات سودانية، يخصص 40% من رأس مال البنك للمؤسسين من غير السودانيين، ويخصص 20% من رأس مال البنك للمؤسسين السودانيين، ويطرح باقي الأسهم للاكتتاب العام لمواطني السودان وباقي العالم الإسلامي.
إعفاءات خاصة للبنك:
تعفى أموال وأرباح البنك من جميع أنواع الضرائب بما في ذلك الأموال المودعة في البنك بغرض الاستثمار، وكذا مرتبات ومعاشات وأجور العاملين في البنك.
هيئة الرقابة الشرعية للبنك:
تم تشكيل هيئة الرقابة الشرعية للبنك من خمسة أعضاء من خيرة علماء الشرع وفقهاء الاقتصاد، وحددت مهمة هذه الهيئة بالمشورة وإبداء الرأي لمجلس الإدارة فيما يحال إليها من مسائل لتقرر مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية أو تعارضها معها.
المطلب الثاني: أهداف البنك
يعمل البنك وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية على تدعيم تنمية المجتمع، وذلك بالقيام بجميع الأعمال المصرفية والمالية والتجارية وأعمال الاستثمار، كما يجوز له لتحقيق أغراضه إنشاء شركات تأمين تعاوني، أو أية شركات أخرى، كما يجوز له المساهمة في منشط التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل الجمهورية السودانية وخارجها.
وإليك أيها القارئ أبرز الأهداف التي من أجلها أسس البنك:
1) القيام بجميع الأعمال المصرفية والتجارية والمالية وأعمال الاستثمار والمساهمة.
2) قبول الودائع بمختلف أنواعها.
3) تحصيل ودفع الأوامر وأذونات الصرف وغيرها من الأوراق ذات القيمة والتعامل في النقد الأجنبي بكل صوره.
4) سحب واستخراج وقبول وتظهير وتنفيذ وإصدار الكمبيالات والشيكات، سواء كانت تدفع في جمهورية السودان أم في الخارج، وبوالص الشحن وأية أوراق قابلة للتحويل أو النقل أو التحصيل، والتعامل بأية طريقة في هذه الأوراق.
5) التسليف بضمانات عينية أو شخصية أو مختلطة أو بأي نوع من أنواع الضمانات كالأوراق التجارية وسندات الملكية وسبائك الذهب والفضة والأسهم وغيرها.
6) الاتجار بالمعادن الثمينة وتوفير خزائن لحفظ الممتلكات الثمينة.
7) العمل كمنفذ وأمين للوصايا الخاصة بالعملاء وغيرهم، وتعهد الأمانات بكل أنواعها والعمل على تنفيذها والدخول كوكيل لأية هيئة أو سلطة عامة أو خاصة.
8) تمثيل الهيئات المصرفية المختلفة.
9) قبول الأموال من الأفراد والأشخاص الاعتباريين سواء كانت بغرض توفيرها أم استثمارها.
10) القيام بتمويل المشروعات والأنشطة المختلفة التي يقوم بها عملاء البنك.
11) فتح خطابات الاعتماد والضمان وتقديم الخدمات التي يطلبها العملاء في المجال المالي والاقتصادي.
12) تقديم الاستثمارات المصرفية والمالية والتجارية والاقتصادية للعملاء وغيرهم.
13) قبول الهبات والتبرعات وتوجيهها وفق رغبة دافعيها، أو بما يعود بالنفع على المجتمع، وكذلك قبول أموال الزكاة وتوجيهها وفق المصارف الشرعية المحددة.
14) يقوم البنك بالاقتراض من الداخل والخارج، ولكن بدون فوائد إطلاقاً.
15) الاشتراك بأي وجه من الوجوه مع هيئات أو شركات أو مؤسسات تزاول أعمالاً شبيهة بأعماله كالاستثمار ومشروعات الإنشاء والتعمير والمشاريع والإنمائية المختلفة.
16) امتلاك واستثمار العقارات والمنقولات تحقيقاً لأغراضه السامية.
17) القيام بالبحوث والدراسات الاقتصادية التي تهم البنك في المجالات المختلفة ـ الاقتصادية والتجارية والزراعية وغيرها.
المطلب الثالث: الخدمات التي يقوم بها بنك فيصل الإسلامي السوداني
يقوم البنك بخدمات جليلة لا تقل عن نظائره من البنوك الإسلامية الأخرى.
ومن أبرز خدماته ما يأتي:
أولاً: الودائع:
يقبل البنك الودائع بمختلف أنواعها ـ الودائع الادخارية، الودائع الجارية، وودائع الاستثمار.
والبنك يقدم خدماته بالسبة لودائع الادخار دون أجر والودائع الجارية مقابل أجر بسيط، وكلاهما لا يأخذ عنهما العميل أرباحاً مع أن البنك يدخل جزءا من هذه الودائع في مجالات الاستثمار المختلفة.
أما بالنسبة لودائع الاستثمار فإن العميل شريك للبنك في الأرباح، وتستغل هذه الودائع في المشاريع الاستثمارية مع بقية أموال البنك التي تتكون من رأس المال وجزء من ودائع الادخار والودائع الجارية والاستثمارية.
وهذه الأموال تستغل كلها كوحدة واحدة، ويقسم الناتج بحيث يكون منه جزء من نصيب شركاء البنك من التجار وأصحاب الأعمال الذين يدخل معهم البنك في أنواع مختلفة من المشاركات، وجزء من نصيب البنك نفسه يوزع للمساهمين، وآخر من نصيب أصحاب حسابات المشاركات التي تتخذ في الغالب صورة وديعة بطريقة المضاربة المطلقة، وفي هذا النوع من المضاربة يقوم العميل بتفويض البنك تفويضاً كاملاً ليستثمر له بالطريقة التي يراها ويأخذ العميل 4/3 الأرباح والبنك4/1 الأرباح.
ثانياً: أنواع من المشاركات يقوم بها البنك:
يقوم البنك بأنواع من المشاركات مثل الشراكة العادية، والتي تسمى شركة العنان، وفيها يدخل كل من البنك والشريك بجزء من رأس المال وجزء من العمل، ويحاول البنك بقدر الإمكان إعطاء الشريك حرية الإدارة بقدر يمكنه من تحقيق الغرض من الشراكة بحكم خبرته في ذلك المجال.
ثالثاً: أنواع من البيوع يتعامل بها البنك:
يتعامل البنك بأنواع من البيوع:
مثل:
أ_ بيع المرابحة، إذ يشتري البنك سلعاً معينة حسب طلبات الزبائن، وعند وصول هذه السلع يقوم البنك ببيعها لهم باتفاق مسبق يكون قد تحدد فيه الربح بنسبة معينة من التكاليف.
ولمزيد الإيضاح نلقى الضوء على هذا النوع من البيع:
بيع المرابحة:
بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح، وذلك كأن يشتري إنسان ثوباً بمبلغ خمسين جنيها، وبعد ذلك يبيع لآخر مرابحة على أن يكون الربح عشرة جنيهات، أي يبيعه بمبلغ ستين جنيها، وهو الثمن الأول مع زيادة الربح، وهو عشرة جنيهات، فما حصل بين المشتري الأول ومن اشترى منه الثوب ـ المشتري الثاني ـ يسمى عقد مرابحة، لأنه بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح.
شروط بيع المرابحة:ـ
1_ أن يكون الثمن الأول معلوماً للمشتري الثاني.
2_ أن يكون الربح معلوماً لأنه بعض الثمن.
3_ أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات، فإن كان مما لا مثل له كالزراعيات للم يجز بيعه مرابحة.
4_ ألا يكون الثمن الأول في العقد الأول مقابلا بجنسه من أموال الربا.
5_ أن يكون العقد الأول صحيحاً، فلو كان فاسداً لم تجز المرابحة.
ب_ بيع السلم:ـ
من البيوع التي يتعامل بها بنك فيصل الإسلامي السوداني بيع السلم. وإليك أيها القارئ نبذة عن هذا النوع من البيوع.
السلم والسلف بمعنى واحد، سمى سلماً لتسليم رأس المال في المجلس وسلفا لتقديم رأس المال وتأخير السلعة.
والسلم بيع شيء موصوف في الذمة بثمن مقبوض في مجلس العقد، والأصل فيه قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ]([354]). قال ابن عباس أراد به السلم.
وما ورد أن النبي ق قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين، وربما قال السنة والسنتين والثلاث فقال: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) ([355]). ولأن أصحاب الحرف قد يحتاجون إلى ما ينفقون على حرفهم ولا مال لهم، وأرباب الأموال ينتفعون برخص الثمن، فجوز السلم رفقاً بهما ـ وإن كان فيه نوع غرر ـ لمسيس الحاجة إلى هذا النوع من التعامل.
شروط صحة بيع السلم:
1_ أن يكون المسلم فيه مضبوطاً بالصفة التي تنفي عنه الجهالة.
2_ أن يكون معلوم الأجل.
3_ أن يكون موجودا عند الاستحقاق.
4_ أن يعلم موضع السلم ـ أي مكان التسليم.
5_ أن يكون معلوم الثمن.
6_ أن يسلم الثمن في مجلس العقد.
7_ أن يكون معلوم المقدار بالكيل والوزن.
رابعاً: تمثيل الهيئات المصرفية المختلفة.
خامساً: تقديم الاستشارة المالية والمصرفية والتجارية لسابق خبرة البنك في هذه المجالات.
سادساً: الإقراض بضمانات عينية أو شخصية في حالات خاصة تحددها إدارة البنك وفق شروط معينة، وهذه القروض لا يأخذ عنها البنك أية فوائد ربوية.
سابعاً: القيام على شئون الزكاة:
بنك فيصل الإسلامي السوداني ليس بنكاً تجارياً فقط، وإنما هو بنك ذو أهداف اجتماعية، ومن أهم هذه الأهداف إحياء فريضة الزكاة بدورها التكافلي الذي شرعت له، وهذا التكافل يجب أن تقوم به الدولة، وإذ لم تقم به فالمصرف على استعداد تام للقيام به، وقد وضع قسماً خاصاً لشئون الزكاة لتولي جبابة الزكاة وجمعها، وخلاصة ما يقوم به البنك حول الزكاة ما يأتي:ـ
أ_ تقبل الزكاة من شخص يخرج الزكاة عادة ويجب أن يكون البنك وكيله في التوزيع.
ب_ مساعدة شخص لا يعرف كيفية استخراج الزكاة، وذلك بعد استعانته بالبنك، فيقوم بشرح الكيفية ثم حصر الأموال التي تجب عليه تزكيتها.
ج _ يسمح البنك لمن لهم حسابات لديه أن يقدموا توكيلات يحددون فيها الشهر العربي الذي يستخرجون فيه الزكاة عادة، ثم يقوم البنك بحساب اموالهم ومقدار زكاتها، ويبلغهم في وقت الوجوب، فمن فوض منهم البنك في إخراجها عنه قام البنك بجمعها ووضعها في صندوق الزكاة.
د _ سلك البنك خطة جديدة ـ في توزيع أموال الزكاة الموجودة عنده ـ وذلك بحصر المستحقين عن طريق لجان الزكاة في الأحياء، ثم توزيع الزكاة عليهم، فمن كان منهم عنده كفاءة وقدرة على العمل يوفر له البنك وسائل الإنتاج المناسبة له، ثم يدفعه للعمل ليكتسب بنفسه ولا يعتمد دائماً على أموال الزكاة.
أما الأرمل والأيتام الصغار فالبنك يعطيهم مرتبات دورية تعفهم عن سؤال الناس والاحتياج إليهم.
ملاحظات حول بنك فيصل الإسلامي
أولاً: قيام البنك على شئون الزكاة:
قيام البنك على شئون الزكاة أمر محمود، ويؤكد الأساس الذي يقوم عليه البنك، وهو الالتزام الكامل بأحكام الشريعة الإسلامية. ولكننا نتسأل عن كثير من الأموال المودعة في البنك كيف لا يزكيها البنك، ويكتفي بنشر أهمية الزكاة ووجوب إخراجها.
والذي أراه أن يقوم البنك كغيره من البنوك الإسلامية بإخراج الزكاة من رأس المال مع الأرباح قبل توزيعها في نهاية كل سنة مالية، وإذا التزم البنك بهذا أن المبدأ فمن رغب التعامل معه على هذا الأساس فمرحباً، ومن نكف فهو وأمواله، أما أن توجد أموال في البنك يقوم عليها ويستثمرها ويعطي أصحابها أرباحاً في نهاية كل سنة، ومع ذلك لا يقومون بتزكيتها، فهذا أمر يسئ إلى البنك في نظري.
ثانياً: حول الرقابة الشرعية:
نص القانون القاضي بإنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني على تشكيل هيئة للرقابة الشرعية على معاملات البنك، وهذا أمر ضروري لتتابع هذه الهيئة أعمال البنك ومدى التزام القائمين عليه بأحكام الشريعة التي هي الأساس لجميع معاملاته، وهذا ولاشك أمر يحمد عليه البنك، نسأل الله أن يكلل الأعمال بالنجاح.
ثالثاً: حول بيع المرابحة:
يقوم بنك فيصل الإسلامي السوداني بالتعامل ببيع المرابحة التي سبق بيانه، ولكنه يرى أن العقد بالنسبة للآمر بالشراء غير ملزم، فهو بالخيار بعد شراء البنك السلعة، إن شاء اشتراها بالثمن المتفق عليه، وإن شاء ردها، وهذا أسلم في نظري مما تقوم به بعض البنوك الإسلامية من إلزام بالشراء ـ الصادر منه الوعد بالشراء ـ بالسلعة، ولا تجعل له الخيار، وهذا فيه من المحاذير الشرعية ما يأتي:ـ
أ_ بيع الإنسان مالا يملكه.
ب_ فيه شيء من الغرر والجهالة لأن بالشراء يقول للبنك إن اشتريت على كذا أربحك فيه كذا.
الفصل الثالث([356]):
بيت التمويل الكويتي
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نشأة بيت التمويل الكويتي.
المبحث الثاني: الأعمال المصرفية والاستثمارية التي يقوم بها لبيت التمويل الكويتي.
المبحث الثالث: الوضع المالي لبيت التمويل في سنة 1978م _ وسنة 1979م.
المبحث الأول: نشأة بيت التمويل الكويتي
يقوم النشاط المالي والتجاري في الكويت على مجموعة من القواعد القانونية، وهي في جملتها أحكام تساير النظم المعاصرة التي تفسخ لتقاضي الفوائد بين المتعاملين حيزاً كبيراً في الحياة التجارية، وبخاصة في المعاملات التي تجرى بين المصارف وعملائها. وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد حرمت التعامل بالربا عملا بقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ]([357])، لذلك فقد بادرت حكومة الكويت إلى تأسيس شركة مساهمة كويتية، تقوم بالنشاطات المالية وأوجه الاستثمار المختلفة مع استبعاد عنصر الربا. وقد صدر القانون القاضي بإنشاء هذه الشركة في 3/4/1397هـ، وأصبح اسمها ـ بيت التمويل الكويتي([358]) ـ شركة مساهمة كويتية، والمؤسسون لبيت التمويل الكويتي هم وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ووزارة المالية، ووزارة العدل ـ إدارة شئون القصر ـ بدولة الكويت.
المركز الرئيسي لبيت التمويل الكويتي:
مركزه الرئيسي الكويت، ويجوز لمجلس الإدارة أن ينشئ له فروعاً أو مكاتب أو توكيلات في الكويت أو في الخارج.
مدة بيت التمويل الكويتي:
مدة الشركة غير محدودة، وتبدأ من تاريخ صدور المرسوم المرخص بتأسيسها 3/4/1397هـ.
رأس مال بيت التمويل الكويتي:
تحدد رأس مال بيت التمويل الكويتي بعشرة ملايين دينار كويتي مقسمة إلى عشرة ملايين سهم، كل سهم دينار واحد.
وقد اكتتب المؤسسون في رأس المال على الوجه الآتي:ـ
1_ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية: تسعمائة ألف دينار كويتي.
2_ وزارة المالية: مليونان فقط (دينار كويتي).
3_ ادارة شئون القصر مليونان فقط (دينار كويتي). ويطرح باقي الأسهم وهو خمسة ملايين ومائة ألف دينار كويتي للاكتتاب العام في الكويت، ولايحق لأي شخص أن يكتتب بأكثر من خمسين سهماً، كما لا يجوز أن يمتلك في أي وقت أكثر من أربعة آلاف سهم بغير طريق الميراث أو الوصية.
الأغراض التي من أجلها أسس بيت التمويل الكويتي:
أولاً: القيام بجميع الخدمات والعمليات المصرفية لحسابها أو لحساب غيرها على غير أساس الربا.
ثانياً: القيام بأعمال الاستثمار أو بشراء مشروعات أو بتمويل مشروعات أو أعمال مملوكة لغيرها، وذلك أيضاً على غير أساس الربا.
ويجوز لبيت التمويل الكويتي التعاون مع الهيئات التي تزاول أعمالا شبيهة بأعمالها أو التي قد تساعدها على تحقيق أغراضها، ولها أن تشترك مع هذه الهيئات، أو ترتبط معها بأي صورة من الصور كالوكالة والتفويض، ولها أن تدخل في أي تنظيم معتمد قانون أو عرفاً شريطة أن يكون كل هذا موافقاً لأحكام الشريعة المطهرة.
إدارة بيت التمويل الكويتي:
لبيت التمويل الكويتي جهاز إداري قادر يتمتع أصحابه بالكفاءة العالية والخبرة
الطويلة، وبفضل الله جل وعلا ثم بفضل جهود القائمون عليه أثمرت الجهود في الأعوام الماضية، فجاءت الأرباح على غير المتوقع ولله الحمد.
الجمعية العامة:
لبيت التمويل جمعية عامة يشترك فيها جميع المساهمين، ولكل مساهم من الأصوات في الجمعية عدد أسهمه في بيت التمويل وتنعقد هذه الجمعية مرة في السنة على الأقل، كما أنها تنعقد بدعوة من مجلس إدارة البنك في أي وقت.
المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي:
لبيت التمويل مستشار شرعي يراقب أعماله ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية أو مخالفتها لها، فيقر ما يراه جائزاً ويمنع ما يراه ممنوعاً، ولا يمكن أن يباشر البنك معاملة جديدة إلا بعد عرضها على المستشار الشرعي وإقرارها من قبله.
المبحث الثاني: الأعمال المصرفية والاستثمارية التي يقوم بها بيت التمويل الكويتي
تنقسم نشاطات وأعمال بيت التمويل الكويتي إلى قسمين:
القسم الأول: الأعمال المصرفية.
القسم الثاني: الاستثمارات العامة.
وإليك أيها القارئ بيانها بالتفصيل.
القسم الأول: (الأعمال المصرفية)
تشتمل الأعمال المصرفية على ما يأتي:
أولاً: فتح حساب جارً (للأفراد والشركات):
لا يتقاضى العميل ربحاً على هذا النوع من الحسابات، ولا يتحمل خسارة، ويستطيع أن يودع في هذا الحساب أي مبلغ يشاء ويسحب في أي وقت يشاء، وذلك عن طريق دفتر الشيكات الذي يزوده به بيت التمويل.
ثانياً: حساب التوفير مع التفويض بالاستثمار:
يودع العميل أي مبلغ يشاء في حساب التوفير مع التفويض بالاستثمار، ويصرف له دفتر توفير مبين فيه حركة الحساب والرصيد، ويحق له إيداع أي مبلغ أو سحب أي مبلغ من رصيده في أي وقت يشاء، ويحسب العائد من الربح أو الخسارة على أقل رصيد شهري، وتدفع الأرباح وتخصم الخسائر في فترات تحددها الإدارة، ويجوز فتح حساب توفير دون التفويض بالاستثمار ويكون حكمه حكم الحساب الجاري، ويمنح المودع فقط دفتر توفير.
ثالثاً: الودائع الاستثمارية:
الحد الأدنى لقبول هذه الوديعة دينار كويتي، ومدتها سنة، تجدد تلقائياً لنفس المدة ما لم يخطر العميل بيت التمويل برغبته في عدم التجديد خطياً قبل ثلاثة أشهر من تاريخ انتهائها، يدفع عائد الوديعة حسب الأرباح المحققة وبالنسبة التي تحددها الإدارة في نهاية السنة المالية.
رابعاً: الحوالات:
يقوم بيت التمويل الكويتي بإصدار الحوالات الخارجية وقبولها وفق أحدث الطرق بمعظم العملات الرئيسية من وإلى كافة أنحاء العالم، كما يقوم أيضاً ببيع وشراء العملات الأجنبية وإصدار الشيكات ـ الشيكات السياحية ـ المسحوبة على البنوك العالمية بالمعاملات الرئيسية، ويتم بيع العملات بما يعادلها على أساس البيع النقدي بالأسعار اليومية السائدة خدمة للزبائن في هذا المجال.
خامساً: الاعتمادات المستندية:
يقوم بيت التمويل الكويتي بفتح الاعتمادات المستندية ويتقاضى عنها عمولة (بدل أتعاب) كوكيل على فتح الاعتماد، ويقوم بيت التمويل بتسديد قيمة البضاعة عند تقديم المصدر في الخارج مستنداته لمراسل بيت التمويل ومن تاريخ تسديد المبلغ في الخارج حتى تاريخ وصول هذه المستندات إلى بيت التمويل عمولات إضافية على تسديد الاعتماد. ويتم ذلك باتفاق مسبق لكل اعتماد عند فتحه.
سادساً: شراء وبيع السبائك الذهبية وتوفير العملات الأجنبية وبيع وشراء حوالاتها.
سابعاً: تبقى الاكتتابات في مراحل تأسيس الشركات المساهمة وزيادة رأس المال.
ثامناً: شراء الأسهم وشهادات الاستثمار وما في حكمها من أوراق مالية ـ على غير أساس الربا، وذلك لحساب الشركة أو لحساب غيرها.
تاسعاً: حفظ جميع أنواع النقود والمعادن الثمينة والجواهر والوثائق والطرود وتأجير الخزائن الخاصة.
عاشراً: القيام بأعمال الأمين والوكيل وقبول التوكيلات وتعيين الوكلاء بعمولة أو بدون عمولة.
القسم الثاني: الاستثمارات العامة
طرق بيت التمويل الكويتي مجالات عديدة لاستثماراته، وأهم هذه المجالات هي:
أولاً: الاستثمار العقاري:
يقوم بيت التمويل الكويتي باستثمار جزء من أمواله وودائعه بالعقار، وذلك ببيعها أو تأجيرها أو تقسيمها على شكل أراض لبيعها إلى الأفراد.
ثانياً: الاستثمار التجاري:
يمارس بيت التمويل الكويتي التجارة مباشرة بالبيع أو الشراء، وله أن يمول ذلك عن طريق البيع الآجل أو بيع المرابحة.
أ_ البيع الآجل:
يتفق مبيت التمويل الكويتي مع العميل على بيعه بضاعة ما ـ بسعر معين لمدة محدودة على أن يقوم البيت بتسليم البضاعة للعميل الذي يتصرف بها كاملاً، وعند حلول المدة يدفع العميل الثمن.
ب_ بيع المرابحة:
يكلف العميل بيت التمويل أن يشتري بضاعة ما، ويعطيه وعداً بشرائها منه مرابحة ـ أي بربح معلوم، وقد سبق أن تحدثنا عن هذا النوع من البيوع.
ثالثاً: الاستثمار الصناعي:
يقوم بيت التمويل الكويتي بتنمية الصناعة وتمويلها حسب نظامه بعد دراسة مستفيضة من الجوانب كافة.
رابعاً: تأسيس شركات جديدة أو الاشتراك فيما هو قائم منها أو تمويله.
خامساً: القيام بكافة الدراسات وأعمال الخبرة والاستقصاء وتقديم المشورة المتعلقة بتوظيف رؤوس الأموال وتقديم كافة الخدمات الخاصة بهذه العمليات للآخرين من الأفراد والهيئات والحكومات.
سادساً: القيام بالأعمال المتعلقة بالنقل البري وبالملاحة البحرية والجوية على اختلاف أنواعها أو تمويلها في مراحل إنشاء الأساطيل وتشغيلها.
سابعاً: إنشاء أنظمة تعاونية أو تبادلية تتفق مع أحكام الشريعة لتأمين أموالها الخاصة والودائع النقدية وسائر القيم المنقولة والثابتة وإنشاء هيئات تأمين تبادلي لصالح الآخرين.
ثامناً: التمويل الاستثماري في أعمال المقاولات الإنشائية والصناعات الهندسية المرتبطة بها وفي الأعمال الكهربائية والميكانيكية وما يتصل بهذه الأمور.
تاسعاً: التمويل الاستثماري في الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والزيوت واستغلال المحاجر وحقول الأسمدة وغيرها من موارد الثروة الطبيعية.
عاشراً: التمويل الاستثماري في الزراعة بجميع صورها كالمحاصيل التقليدية والفواكه والغابات والثروة الحيوانية ومشروعات الصوف والألبان.
حادي عشر: التمويل الاستثماري في إنشاء المدن وترميمها وإعادة تخطيطها، وما يتبع ذلك من مرافق النقل داخل المدن ومرافق الإسكان.
ثاني عشر: التمويل في مصايد الأسماك واستخراج اللؤلؤ وغيره من ثروات البحار والأنهار.
ثالث عشر: التمويل الاستثماري في حفر القنوات وتوسيعها وتطهيرها وصيانتها.
خامس عشر: التمويل الاستثماري في مجالات الإعلام الإسلامي وأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار وعرضها.
المبحث الثالث: الوضع المالي لبيت التمويل الكويتي
في سنتي 1978م، 1979م
أولى بيت التمويل الكويتي اهتماماً خاصاً في سنواته الأولى لتطوير جهازه المصرفي والاستثماري، وقد حرصت الإدارة على مؤهلات الشخصية الجيدة لتتحقق لها الأهداف والأغراض المنشودة.
وقد تعين على بيت التمويل الكويتي في آن واحد أن يخطوا في عمله خطوات موازية في استثمار الموارد وفي العمل على استكمال الجهاز التنظيمي في القطاعين المصرفي والاستثماري.
ففي القطاع المصرفي: تعمل سبع إدارة وهي:
1) إدارة القاعة المصرفية:
وتشمل قسم الحسابات الجارية، وقسم التوفير، وقسم التحويلات، وقسم النقد.
2) إدارة الاعتمادات المستندية:
وتشمل الاعتمادات المستندية، والكفالات.
3) إدارة العملات الأجنبية:
وتشمل المتاجرة في العملات الأجنبية.
4) الرقابة المالية:
وتشمل قسم المحاسبة العامة للبيت بفروعه، وتسويات حسابات البنوك المحلية والخارجية ومتابعتها.
5) إدارة الائتمان.
6) إدارة الكمبيوتر.
7) إدارة الفروع.
وفي القطاع الاستثماري تعمل ثلاث إدارات هي:ـ
1) الدائرة العقارية.
2) الدائرة التجارية.
3) إدارة المشاريع.
وقد حرص بيت التمويل على تنويع الاستثمار في المجالات العقارية والتجارية والمصرفية.
وإليك أيها القارئ بياناً بحساب الأرباح والخسائر وتوزيع الأرباح لبيت التمويل الكويتي في عامي 1978م و1979م، ولن أعقب عليها إطلاقا لأن الأرقام أصدق دلالة على نجاح البنك نجاحاً هائلاً، الأمر الذي أذهل أصحاب البنوك الربوية، فأقدموا على دراسة نظامه الأساسي بغية الاطلاع على سر نجاحه وما عملوا أن شرع الله ضامن لمتبعيه الخير كل الخير إن هم ساروا على المنهج السليم، وسلكوا الصراط المستقيم.
حساب الأرباح والخسائر وبيان توزيع الأرباح للسنتين الماليتين
لبيت التمويل الكويتي
التسلسل | الـبيـان | 1979م دينار كويتي | 1978م دينار كويتي |
1_ | الإيرادات
أ_ العمليات المصرفية. ب_ أرباح من بيع استثمارات. ج_ ربح الاستثمارات. د_ إيرادات أخرى. المجموع |
370.531
3.589.922 691.712 20.638 |
26.287
281.020
|
4.672.803 | 916.427 |
حساب الأرباح والخسائر وبيان توزيع الأرباح للسنتين الماليتين
لبيت التمويل الكويتي
م | البيان | 1979م دينار كويتي | 1978م دينار كويتي |
1 | المصروفات الإدارية والعمومية
أ_ رواتب وأجور. ب_ مصروفات إدارية عامة ج_ مخصص هبوط أسعار الاستثمارات. د_ مخصص عام للديون. |
675.860
267.191 250.000
|
166.751
140.433 79.586
|
المجموع
|
1.193.051
4.672.803 1.193.051 |
386.770
916.427 386.770 |
|
2 | صافي ربح السنة | 3.479.752 | 529.657 |
3 | بيان توزيع الأرباح
أ_ احتياطي إجباري. ب_ احتياطي اختياري. ج_ مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. د_ مكافأة أعضاء مجلس الإدارة. هـ _ مخصص التوزيع على المودعين. و_ أرباح المساهمين لهذه السنة |
343.975
343.975 31.056 40.000 2.474.650 246.096 |
25.966
52.966 16.529 15.000 146.100 246.096 |
الإجمالي | 3.479.752
|
529.657
|
ملاحظات حول نبيت التمويل الكويتي
أولاً: حول المستشار الشرعي:
لبيت التمويل الكويتي مستشار شرعي يراقب أعماله ومدى انسجامها مع أحكام الشريعة أو معارضتها لها، وهذا أمر طيب في حد ذاته ولكني أرى أن المستشار الشرعي لا يكفي لأن هناك أعمالاً كثيرة يقوم بها بيت التمويل، إضافة إلى أن هناك أعمالاً اقتصادية معقدة تحتاج إلى اجتهاد لكبار رجال الفقه والاقتصاد، فحبذا لو اتخذ بيت التمويل الكويتي كغيره من البنوك الإسلامية هيئة للرقابة الشرعية تتكون من خمسة أعضاء فأكثر لتتضافر جهودهم وليتمكنوا من الإحاطة بما يعرض عليهم وإبداء الرأي السليم فيه.
ثانياً: حول بيع المرابحة:
يتعامل بيت التمويل بأنواع كثيرة من البيوع ومنها بيع المرابحة، ويرى أنه ملزم للطرفين أي العميل ـ وبيت التمويل، وقد سبق أن ذكرت أن الأولى عدم الإلزام للطرفين لما فيه من بيع الإنسان مالا يملكه، وأيضا لما فيه من المخاطرة، إذ العقد المبرم مع العميل قبل شراء السلعة من قبل بيت التمويل.
وهذا هو نص الاتفاقية التي يبرمها بيت التمويل مع عملائه في بيع المرابحة.
عقد وعد بالشراء مرابحة
إنه في يوم …………………………….. الموافق
تم الاتفاق بين كل من:ـ
أولا بيت التمويل الكويتي ……………………. ويمثله …………… طرف أول
ثانيا …………………………………………………………… طرف ثاني
المقدمة
حيث إن الطرف الثاني يرغب في شراء البضاعة الموردة المواصفات والكمية على النحو المبين يطلب الشراء المؤرخ في ……………… والمرقم ………………… الملحق بهذا العقد………………… ونظراً لرغبات الطرف الثاني في الحصول على البضاعة من قبل الطرف الأول وسداد قيمتها بطريق الدفع الآجل.
لذا سيقوم الطرف الأول بشرائها ومن ثم بيعها للطرف الثاني إيفاء بوعد الشراء، هذا وفقاً للشروط التالية:ـ
…………………………………………………………………………..
ثالثاً: حول بيع التورق (بيع الأجل):
أخذ بعضهم على بيت التمويل الكويتي بيعه السلع بثمن آجل أكثر مما تباع به نقدا، وهذه المسألة تسمى ـ بيع التورق ـ لأن مقصود المشتري الورق، وهو الفضة، فهو يشتري السلعة من بيت التمويل بثمن مؤجل أكثر مما تساويه نقدا، ثم يبيعها نقدا ليحصل على قيمتها.
وهذه المسألة اختلف فيها العلماء والأظهر لي جوازها عند الحاجة لأنه بيع عن تراض، فيدخل في عموم قوله تعالى [وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]([359])، وقوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ]([360]).
هذا وقد ثبت لي خلال لقائي بالأستاذ أحمد بزيع الياسين رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي أن البيت يتعامل مع عملائه في هذه المسألة على أساس ربح يسير جداً علما أن التجار يأخذون مكاسب طائلة، وزيادة في الاحتياط قام بيت التمويل مشكوراً بمكاتبة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ حفظه الله ـ مستفتياً عن حكم هذه المسألة فأصدر لهم الشيخ فتوى بجواز مثل هذا التعامل.
رابعاً:
تنص المادة (46) من النظام الأساسي لبيت التمويل الكويتي على ما يأتي:
تحسب أرباح الودائع مع التفويض بالاستثمار على أساس التسوية بينها وبين رأس مال الشركة‘ فإذا زاد التوزيع على نسبة 20% جاز توزيع ربح إضافي لرأس المال في حدود 10% منه، ويضاف ما زاد على ذلك إلى الاحتياطيات.
وهنا يحصل إشكال، إذ بأي وجه شرعي يؤخذ جزء من أرباح المودعين ويضاف إلى رأس المال، وجزء آخر من الربح يضاف إلى الاحتياطي، مع أن رأس المال والاحتياطي خاصان بالمساهمين لاحق فيهما للمودعين.
ولكن هذا الإشكال زال ـ بالنسبة لي ـ حينما التقيت بالأستاذ أحمد بزيع الياسين رئيس مجلس إدارة البيت، إذ أوضح لي أن هذه المادة خاصة بالمساهمين وأنه لا يعمل بها عندهم ـ في بيت التمويل ـ بالنسبة للمودعين.
وهنا أضع العهدة على أستاذ أحمد فيما نقله إليَّ والله أعلم.
الباب السابع
الخطط الجديدة للبنوك الإسلامية
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: المشاريع الجديدة للبنوك الإسلامية.
الفصل الثاني: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
الفصل الثالث: ملاحظات عامة حول البنوك الإسلامية.
الفصل الأول
المشاريع الجديدة للبنوك الإسلامية
وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار.
المبحث الثاني: بنك البحرين الإسلامي.
المبحث الثالث: الشركات الإسلامية للاستثمار.
المبحث الرابع: دار المال الإسلامي.
المبحث الأول([361])
البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار
وتحته مطلبان:
المطلب الأول: نشأة البنك.
المطلب الثاني: الخدمات التي يقوم بها البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار.
المطلب الأول: نشأة البنك
صدر القانون المؤقت رقم (13) لسنة 1978م بالجريدة الرسمية للمملكة الأردنية الهاشمية بشأن قنون البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار.
ومقره مدينة ـ عمَّان ـ، ويحق له طبقا لقانون تأسيسه أن ينشئ الفروع والوكالات والمكاتب في داخل الأردن وخارجه، وأن يكون التزام البنك باجتناب الربا ـ في الأخذ والعطاء ـ التزاماً مطلقاً في جميع الأحوال والأعمار.
دواعي إنشاء البنك الأردن:
إما عن دواعي إقامة البنك الإسلامي الأردني فإنها تستند للاعتبارات التالية:
1_ وجود العديد من اصحاب الأموال والمدخرات الذي لا يستسيغون أن يستثمروا أموالهم بطريق الإيداع نظير الفائدة، وهو ما يترتب عليه إبقاء هذه الأموال بعيدة عن المشاركة الاستثمارية.
2_ وجود الفريق الآخر من المواطنين الذين يحول نظام الإقراض المصرفي المستند للفائدة دون إقبالهم على الإفادة من التسهيلات المصرفية المتاحة لمن هم في مثل إمكانياتهم المالية.
3_ إحجام البنوك القائمة عن تمويل الأفكار والقدرات على أساس المشاركة التي تشجع المواطنين لإقامة المشاريع الجديدة أو المساعدة على تكون رؤوس الأموال.
أهداف البنك وغاياته:
يهدف البنك إلى تغطية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية في ميدان الخدمات المصرفية وأعمال التمويل والاستثمار المنظمة على غير اساس الربا، وتشمل تلك الغايات على وجه الخصوص ما يلي:ـ
أ_ توسيع نطاق التعامل مع القطاع عن طريق تقديم الخدمات المصرفية غير الربوية مع الاهتمام بإدخال الخدمات الهادفة لإحياء صور التكافل الاجتماعي المنظم على أساس المنفعة المشتركة.
ب_ تطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار بالأسلوب المصرفي غير الربوي.
ج_ توفير التمويل اللازم لسد احتياجات القطاعات المختلفة ولا سيما تلك القطاعات البعيدة عن إمكان الافادة من التسهيلات المصرفية المرتبطة بالربا.
المطلب الثاني: الخدمات التي يقوم بها البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار
يقوم البنك الإسلامي الأردني بمختلف العمليات المصرفية ويغطي احتياجات عملائه في شتى المجالات المصرفية والاستثمارية وهذه خلاصة ما يقوم به البنك من خدمات:ـ
أولاً: الأعمال المصرفية غير الربوية:
يمارس البنك سواء لحسابه أو لحساب غيره في داخل الأردن وخارجه جميع أوجه النشاط المصرفي المعروفة أو المستحدثة مما يمكن للبنك أن يقوم به في نطاق التزامه المقرر، ويدخل في نطاق هذا النشاط ما يلي:ـ
أ_ قبول الودائع النقدية وفتح الحسابات الجارية وحسابات الإيداع المختلفة، وتأدية قيمة الشيكات المسحوبة، وتحصيل الأوراق التجارية، وتحويل الأموال في الداخل والخارج، وفتح الاعتمادات المستندية وتبليغها، وإصدار الكفالات المصرفية وخطابات الضمان وكتب الاعتماد الشخصي وبطاقات الائتمان وغير ذلك من الخدمات المصرفية.
ب_ التعامل بالعملات الأجنبية في البيع والشراء على أساس السعر الحاضر دون السعر الآجل، ويدخل في نطاق التعامل المسموح له به حالات الإقراض المتبادل ـ دون فائدة ـ للعملات المختلفة الجنس حسب الحاجة.
ج_ تقديم التسليف المحدد الآجل باعتباره خدمة مجردة من الفائدة إما بطريق خصم الكمبيالات التجارية قصيرة الأجل أو بطريق الإقراض المقسط. ويمتنع على البنك من جميع الأحوال أن يقدم هذه الخدمة نظير مقابل لأنه في هذه الحالة تأتي شبهة الربا.
د_ إدارة الممتلكات وغير ذلك من الموجودات القابلة للإدارة المصرفية على أساس الوكالة بالأجر.
هـ_ القيام بدور الوصي لإدارة التركات وتنفيذ الوصايا وفقاً لأحكام الشريعة.
و_ القيام بالدراسات الخاصة لحساب المتعاملين مع البنك وتقديم المعلومات والاستشارات المختلفة.
ثانياً: الخدمات الاجتماعية:
يقوم البنك بدور الوكيل الأمين في مجال تنظيم الخدمات الاجتماعية الهادفة إلى توثيق أواصر الترابط والتراحم بين مختلف الجماعات والأفراد، وذلك عن طريق الاهتمام بالنواحي التالية:
أ_ تقديم القرض الحسن لمساعدة المحتاجين على تحسين أوضاعهم المعيشية.
ب_ إنشاء وإدارة الصناديق المخصصة لمختلف الغايات الاجتماعية المعتبرة.
ثالثاً: أعمال التمويل والاستثمار:
يقوم البنك بجميع أعمال التمويل والاستثمار على غير أساس الربا، وذلك من خلال الوسائل التالية:
أ_ تقديم التمويل اللازم ـ كليا أو جزئيا ـ في مختلف الأحوال كالمضاربة والمشاركة وبيع المرابحة وغير ذلك من الصور المماثلة.
ب_ توظيف الأموال التي يرغب أصحابها في استثمارها المشترك مع سائر الموارد المتاحة لدى البنك وذلك وفق أحكام المضاربة.
ج_ سلك البنك طريقة جديدة تعتبر بمثابة التجربة ف عمليات تمويل المشاريع، إذ قام البنك بإصدار سندات مقارضة من نوعين:
النوع الأول: سندات المقارضة المشتركة (مضاربة).
النوع الثاني: سندات المقارضة المخططة (مضاربة).
وهذه السندات لا يدفع عنها البنك أية فوائد وإنما يشارك حامل السند في الأرباح التي تحققها المشروعات التي يستثمر فيها البنك أمواله مع اختلاف في طريق المشاركة في النوعين:
ففي النوع الأول:
يصدر البنك سندات بفئات معينة، ويطرحها في السوق، ومن حصيلة هذه السندات يقوم البنك بتمويل الاستثمارات التي يراها، ومن صافي الأرباح يأخذ البنك نصيبه باعتباره شريكاً مضاربا ـ لحاملي السندات ـ أصحاب رؤوس الأموال ـ والباقي لأصحاب الأموال.
وفي النوع الثاني:
يقوم البنك بدراسة عدة مشاريع، ويمول ما يقع اختياره عليه عن طريق طرح سندات لكل مشروع على حدة ويكتتب الراغبون في هذه المشروعات كل حسب اختياره، وهنا يكون لأصحاب الأموال الحرية الكاملة في اختيار ما يناسبهم من المشاريع، وبعد تواجد السندات يمول البنك ما يراه مناسباً لأصحاب الأموال، ومن صافي الربح يأخذ البنك نصيبه كشريك مضارب ـ، ويعطي حاملي السندات ـ أصحاب الأموال ـ نصيبهم.
المبحث الثاني: بنك البحرين الإسلامي
يعتبر بنك البحرين الإسلامي إضافة جديدة للشبكة المتسعة دوما من المصارف الإسلامية التي تتقدم بخطى حثيثة نحو قيادة العمل المصرفي في الوطن الإسلامي.
وقد تم افتتاح البنك في26/1/1400هـ .
رأس مال البنك:
اشترك في رأس ماله عدد من الأشخاص الطبيعيين بنسبة 10% والاعتباريين بنسبة 31%، والباقي وقدره 59%، ويطرح للاكتتاب العام وممن شارك في هذا الاكتتاب بنك التنمية الإسلامي، وبيت التمويل الكويتي، وبنك دبي الإسلامي.
وقد حدد رأس مال البنك المصرح به بمبلغ عشرين مليون دينار بحريني موزعاً على عشرة ملايين سهم، والقيمة الاسمية للسهم الواحد ديناران، كما حدد رأس مال الصادر بمبلغ عشرة ملايين دينار بحريني موزعة على خمسة ملايين سهم، القيمة الاسمية للسهم الواحد ديناران.
أهداف البنك وأعماله:
ينص النظام الأساسي على أن البنك يهدف إلى القيام بجميع وجوه النشاط التي تمارسها البنوك الأخرى وشركات الاستثمار والبنوك الصناعية والزراعية والتعاونية والعقارية، وذلك بالتوظيف المباشر لأموال البنك أو بتمويل عملائه من أصحاب المشروعات على أسس من العقود الشرعية كالمضاربة والوديعة والكفالة والإجارة والوكالة، وللبنك أن يؤسس الشركات الشقيقة والتابعة، وأن يساهم في غيره من الهيئات والشركات القائمة التي تتفق أغراضها مع أغراضه، أو تكملها. وللبنك أن يباشر القيام بجميع الخدمات والعمليات المصرفية لحسابه أو لحساب غيره، والقيام بأعمال الاستثمار مباشرة أو بشراء مشروعات أو بتمويل مشروعات أو أعمال مملوكة لأصحابها، وقبول الودائع على اختلاف صورها للحفظ أو للاستثمار، والتمويل لآجال قصيرة بضمان أوراق تجارية، وفتح الاعتمادات وتقديم سائر التسهيلات المصرفية لقاء كفالة شخصية أو عينية، وإصدار الكفالات لمنفعة شخص ثالث بضمانه أو بدونها، كما أن للبنك أن يتولى إقامة المنشآت، أو يمول القائم منها، ويقوم بكافة أعمال المقاولات الإنشائية والصناعية والهندسية المرتبطة بها وكذلك له القيام بالأعمال الكهربائية والميكانيكية وما تصل بها، وتأسيس الشركات التجارية والتعامل في بيع وشراء أسهمها، وإنشاء أو شراء المصانع وإدارتها وتسويق منتجاتها، وإنشاء شركات الاستثمار التي تزاول أعمالا استثمارية تكمل ما يهدف إليه البنك، وكذلك له القيام باستخراج الثروة الطبيعية على اختلاف أنواعها وتسويقها، وشراء العقارات وتخطيطها وعمارتها حسب طلبات العملاء، كل هذه الأعمال للبنك أن يقوم بها وفق أحكام الشريعة الإسلامية، والذي يتعارض معها يجب على البنك أن يطرحه جانبا ولو كان عائده من الأرباح كثيراً جداً.
الودائع في بنك البحرين الإسلامي:
يقبل البنك الودائع على أحد هذين الأساسين:
أ_ ودائع بدون تفويض بالاستثمار، وهذه تأخذ صورة الحسابات الجارية، فللعميل سحبها متى شاء جملة أو مفرقة، وله الإضافة عليها كيفما شاء، وعملية السحب عن طريق دفتر الشيكات الذي يزود به العميل من قبل البنك.
ب_ ودائع مع التفويض بالاستثمار، ويكون التفويض مقيداً أو غير مقيد، وتأخذ هذه الودائع صورة عقد المضاربة المعروف في الفقه الإسلامي، فمتى انتهت المشاريع التي توظف فيها هذه الودائع اقتسم البنك والعميل الأرباح حسب النسبة التي يتفقان عليها في البداية.
الاعتبارات التي يتم بها تقويم طلبات التمويل:
هناك اعتبارات عديدة تقوم بها طلبات التمويل أهمها ما يأتي:ـ
1_ الملاءة المالية التي يتمتع بها الطالب.
2_ مدى صحة وكفاية الكفالة المالية المقدمة من طرف ثالث.
3_ درجة أهمية المشروع المطلوب تمويله أو ولويته على غيره ممن حيث المصلحة العامة للأمة الإسلامية.
4_ التقديرات الدقيقة لتكاليف المشروع.
5_ التقسيم الاقتصادي والفني بما في ذلك دراسة إمكانية نجاح المشروع.
6_ التأكد من توافر القدر المناسب من المال اللازم لتنفيذ المشروع لدى أصحاب المصلحة فيه بالإضافة إلى تمويل البنك له.
7_ توافر الجهاز الإداري والفني الكفء للمشروع.
8_ عدم تعارض المشروع مع المصالح العامة للدولة التي سينفذ فيها([362]).
وأخيراً فإن البنك يلتزم بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل ما يتصل بنشاطه من عقود ومعاملات، وإنا لنبارك لهذا البنك الوليد خطواته الجبارة، ونسأل الله أن يوفق العاملين فيه لمزيد من الإخلاص والتضحية لكي يعطي البنك صورة رائعة تعكس ما تحمله الشريعة الإسلامية في مجال الاقتصاد من نظام متكامل غفل عنه المسلمون حقبة من الزمن.
وهنا أود أن أنبه أن البنك يقتطع 10% من صافي الأرباح كاحتياطي إجباري، وقد سبق أن ذكرت أنه لاحق للبنوك الإسلامية بإقطاع هذا الجزء لأن الأرباح ملك للمساهمين في البنك وغيرهم من المودعين، والاحتياطي يؤول في ملكيته إلى المساهمين فقط، والأجدر في بنك البحرين الإسلامي أن يقتطع هذه النسبة بعدما يقسم الأرباح، ويعطي المودعين نصيبهم، فيأخذها من نصيب المساهمين لأنها ستعود إليهم فيما بعد.
المبحث الثالث([363]): الشركات الإسلامية للاستثمار
قامت مجموعة من رجال الأعمال المسلمين وبخاصة من علماء الشريعة وخبراء الاقتصاد والمال بدراسات مستفيضة بهدف التطبيق المبدئي للمبادئ الإسلامية في مجال الاقتصاد المعاصر بعيداً عما حرمه الله عز وجل من معاملات وأنشطة ربوية، وذلك لتمكين المسلمين من تجسيد اقتصادهم من خلال مؤسسات مالية إسلامية لتحقيق الرخاء للفرد والجماعة في أمة الإسلام.
وقد تبلور التنفيذ المبدئي في ثلاثة قطاعات ضرورية للحياة المعاصرة، فكان لكل منها أنموذج لمؤسسة إسلامية.
أولاً: قطاع الاستثمار:
يسمح بمشاركة الجمهور في الأنشطة التجارية والإنمائية دون التعرض للأعمال الربوية، وقد تولت الشركة الإسلامية للاستثمار دور المؤسسة الرائدة في هذا المجال دولياً ومحلياً.
ثانياً: قطاع الخدمات المصرفية:
يسمح لكبار وصغار رجال الأعمال والمؤسسات من إنجاز ضروريات التعامل بالمال بعيداً عن العمليات الربوية والمعاملات المحرمة وقد جاء العديد من البنوك الإسلامية لخدمة هذا القطاع على الصعيد المحلي لمنطقة عملها وبالتعاون مع الشركة الإسلامية للاستثمار أو مثيلاتها من الشركات في المستقبل.
ثالثاً: قطاع التكافل:
ليسمح للمسلمين أفراد ومؤسسات وحكومات من التكافل إسلامياً لمواجهة أخطار الحياة المعاصرة، وذلك بديل لنظم التأمين الغربية التي حرّمها الإسلام لما تحتوي عليه من قمار وغرر وربا، وقد قامت الشركة الإسلامية للاستثمار من خلال مضاربات التكافل بالبدء في تغطية هذا الميدان.
ولعل أبرز الشركات الإسلامية التي تقوم باستثمار أموال المسلمين حاليا شركتان هما:ـ
أولاً :ـ الشركة القابضة ـ الشركة الإسلامية للاستثمار المحدودة ـ لهامس ـ .
ثانياً: ـ الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي ـ بالشارقة ـ، وتعتبر الثانية فرعاً للأولى وتابعة لها. وسوف أتحدث عنهما بإيجاز من خلال النشرات التي تصدر عنهما، فأقول وبالله التوفيق:
الشركة القابضة
الشركة الإسلامية للاستثمار المحدودة ـ بهامس
تأسست برأس مال بلغ 11.25 مليون دولار ـ بهامس ـ بتاريخ أول يونيه سنة 1977م في جزر البهامس المستقلة المحايدة، والكائنة في المحيط الأطلنطي، ليتمكن أي مسلم أيا كانت جنسيته من المساهمة في هذا النشاط بالإضافة إلى تمتع الشركة بالإعفاء الضريبي الكامل وابتعادها عن مخاطر التيارات السياسية التي تهب بين دول الأمة الإسلامية، وذلك ضمان لأموال المسلمين التأميم والمؤسسات الإسلامية وبعض كبار رجالات الأمة الإسلامية مما كان له الأثر في جدية معاملاتها ونزاهتها من الناحية الشرعية.
الرقابة الشرعية:
قامت الشركة بتنظيم مطلق السلطات في الإشراف على أنشطتها لهيئة الرقابة الشرعية، والتي تجمع بين أعضائها الكبار من رجال الشريعة الإسلامية ولا يتم أي تعامل في الشركة إلا بعد الحصول مسبقاً على موافقة هذه الهيئة كتابياً، وتنشر هيئة الرقابة تقارير ربع سنوية في الصحف اليومية لتبلغ جمهور المسلمين ويكونوا على علم أكيد بحكم ما تقوم به الشركة من معاملات.
مراقب الاستثمار:
قامت الشركة بوضع مراقب للاستثمار لإخراج ما يرزقه الله به من ربح حلال، أو ما يقدره من خسارة، وهذا المراقب ينشر تقارير كل ثلاثة أشهر يبين فيها الأرباح والخسائر ليكون المساهمون على علم بما تحمله أسهمهم في حالة البيع والشراء والتداول.
هيئة التحكيم الاقتصادية الإسلامية:
نظراً لانتشار القوانين الوضعية في أغلب البلاد الإسلامية، حتى يتسنى فض المنازعات التي قد تنشأ من خلال أنشطة الشركة على أسس من هدى شريعتنا الغراء لذا فقد أسست الشركة هيئة للتحكيم في الشارقة.
(الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي ـ بالشارقة ـ)([364])
تأسست برأس مال قدره ثلاثة ملايين درهم بتاريخ 12 يونيه 1978م بموجب مرسوم أميري صادر بالشارقة، وهي مملوكة ملكية كاملة للشركة القابضة.
أهداف الشركة:
1_ تحقيق الربح الحلال لرأس مال المسلم عن طريق الاشتراك في استثمارات تجيزها الشريعة الغراء من خلال الشركة الإسلامية للاستثمار.
2_ مضاعفة رأس مال المسلم وأرباحه عن طريق شراء مزيد من حصص المضاربة الإسلامية بصفة مستمرة.
3_ توفير السيولة النقدية للمستثمرين في حالة الاحتياج إليها عن طريق استرداد حصص المضاربة الإسلامية.
مضاربات الشركة:
قامت الشركة منذ تأسيسها وحتى الآن بطرح عشر مضاربات عالمية قامت
فيها بدور المضارب ـ العامل ـ، وقد وجهت المضاربات على النحو الآتي:
أ_ مضاربات الجمهور:
(1) المضاربة الإسلامية الأولى سنة واحدة (يناير 1979 إلى يناير 1980م):
وهي صكوك لحاملها قابلة للتداول بهدف الاستثمار في عمليات التجارة والصرف والشراء وإيجار المعدات محلياً ودولياً، وقد تم صرف رأس المال 10% أرباح خلال يناير 1980م.
(2) المضاربة الإسلامية الأولى ثلاث سنوات (يناير1979م إلى يونيو1984م):
وهي صكوك لحاملها قابلة للتداول يدفع رأس المال والأرباح في نهاية المدة، وتستمر الأموال في التجارة والصرف وشراء وإيجار المعدات محليا ودوليا.
(3) المضاربة الإسلامية الثانية خمس سنوات (يونيو1979م إلى يونيو1984م):
وهي صكوك لحاملها قابلة للتداول تدفع أرباحها سنويا، ويعاد رأس مالها في نهاية السنة الخامسة وتستثمر الأموال في عمليات التجارة والصرف وشراء وإيجار المعدات محلياً ودولياً.
(4) المضاربة الإسلامية الثالثة للاستثمار والادخار والتكافل بين المسلمين عشرون سنة (أكتوبر 1979م إلى أكتوبر1999م):
وهي صكوك اسمية غير قابلة للتداول، وهذه المضاربة بالإضافة إلى أهدافها الاستثمارية الادخارية هي بديل إسلامي للتأمين الغربي على الحياة والذي حرمه الإسلام، ويدفع المشترك فيها عن كل صك ألف دولار سنوياً، يعاد استثمارها وأرباحها لصالحه ويحق للمشترك فيها نهاية مدة المضاربة أن يحصل على رأس ماله وما يرزقه الله به من ربح، كما يحق له أن ينسحب من المضاربة ويستعيد رأس ماله وأرباحه عند الطلب، ويحق لورثة رب المال في هذه المضاربة أن يحصلوا على رأس مال الفقيد وأرباحه ثم تقدم المضاربة تبرعاً دون مقابل وعن طيب ورضا نفس بدفع مجمل الأقساط السنوية المتبقية على الفقيد حتى نهاية مدة المضاربة من واقع أرباح المساهمين في المضاربة فقط تكافلا إسلامياً مع أسرة الفقيد لا يشوبها قمار أو غرر أو ربا.
(5) المضاربة الإسلامية الرابعة للاستثمار الجاري(من يناير 1980م لمدة خمسين سنة):
وهي صكوك اسمية غير قابلة للتداول، يقوم رب المال بالاشتراك في هذه المضاربة في أي وقت يشاء كما يمكنه حسب طلبه إضافة مزيد من المال لمشاركته، أو سحب بعض ماله وأرباحه أو كلها حيث تدار المضاربة في دورة شهرية باستعمال العقل الإلكتروني لتحديد الأرباح وتسجيل المصاريف يومياً، وتستثمر الأموال في هذه المضاربة في التجارة والصرف وشراء وإيجار المعدات محلياً ودولياً.
(6) المضاربة الإسلامية الخامسة مدتها سنة وهي مشابهة للمضاربة الإسلامية الأولى (لمدة سنة).
(7) المضاربة الإسلامية الخامسة ثلاث سنوات مشابهة للمضاربة الإسلامية الأولى ثلاث سنوات.
ب _ مضاربات المؤسسات المالية:
(1) المضاربة الشهرية للمؤسسات المالية الإسلامية (يونيو1979م).
وهي صكوك لحاملها من المؤسسات قابلة للتداول، وتستثمر الأموال في التجارة والصرف وشراء وإيجار المعدات محلياً ودولياً، وتتمتع المؤسسات حاملة الصك بعائد استثماري يدفع شهرياً، كما يحق لها استرداد رأس مالها عند الطلب.
(2) المضاربة ربع السنوية للمؤسسات المالية الإسلامية(يوليو1979م):
وهي مشابهة للمضاربة الشهرية سابقة الذكر إلا أن أرباحها تدفع كل ربع سنة.
ج _ مضاربات حكومات البلاد الإسلامية:
مضاربة حكومات البلاد الإسلامية، ويتم الآن الاستعداد لطرحها بصورة صكوك لحاملها من حكومات البلاد الإسلامية بهدف استثمار الفائض من الأموال حسب الشريعة الإسلامية على المدى القصير أو المتوسط والطويل لما فيه نفع الأمة الإسلامية.
هذه هي المضاربات العشر التي طرحتها أو تستعد لطرحها شركة الاستثمار الخليجي، وهي تعطينا الدليل القاطع على سلامة ونزاهة ما تقوم به هذه الشركة من معاملات.
فروع شركة الاستثمار الخليجي:
لهذه الشركة فروع كثيرة في البلاد الإسلامية ومن فروعها في السعودية: جدة، مكة المكرمة، الرياض، الدمام، الأحساء، حائل، بريدة، وفي الإمارات العربية: الشارقة، أبوظبي، وفي: الدوحة، وفي مصر: القاهرة.
ملاحظات حول الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي:
أولا: (حول اقتطاع جزء من رأس المال عند المساهمة في المضاربات)
تقوم الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي باقتطاع جزء من المال عند المساهمة في إحدى مضارباتها، ولا أدري ما هو المسوغ لأخذ هذا المال مع أن الشركة تأخذ المصاريف الإدارية عند تصفية المضاربة، وتأخذ عشر الربح كمضارب، والذي أراه ألا تقطع الشركة جزءاً من المال إطلاقاً، وإذا كانت المصاريف الإدارية التي تأخذها لا تفي بالغرض، فلتضاعف هذه المصاريف وتسلم من هذا الإشكال.
ثانياً: (حول تجميع الأموال للمضاربة):
يستشكل بعض المسلمين من ظاهرة تجميع الأموال في المضاربات، فيقولون: كيف يساهم زيد من الناس في أول الشهر بعشرة آلاف ريال ويساهم بكر في آخره بعشرة آلاف ريال ويقسم الربح في الأخيرة عليهما على حد سواء، ولكن هذا الاستشكال يزول حين يعلم هؤلاء أن الشركة تصنف الأموال حسب الوحدات الاسمية، وهذه الوحدات تكبر قيمتها كلما تمادى بها الزمن، فالذي يساهم في أول الشهر يساهم على وحدة أقل سعراً، والذي يساهم في آخره تكون وحداته أكبر وبالتالي عددها أقل، وعند توزيع الأرباح يتبين الفرق لأن الربح يوزع حسب الوحدات الاسمية، فمثلا شخص ساهم بعشرة آلاف ريال في أول محرم، وكان سعر الوحدة آنذاك ألف ريال يكون له من الوحدات عشر وحدات، وآخر ساهم في آخر محرم، وكان سعر الوحدة آنذاك ألفا ومائتي ريال، تكون عدد وحداته ثمانية وثلث وحدة فقط 8.30 وحدة. وعند توزيع الأرباح يأخذ أقل من الشخص الأول.
ثالثاً: حول مضاربة التكافل
تثار شبهة حول هذا النوع من المضاربات، ونظراً لصدور فتوى من هيئة كبار العلماء في الرياض بجواز هذه المضاربة، فإني أتوقف في ذلك علماً أنني لا أرى مسوغاً لحسم 5% من حقوق المنسحبين عن المضاربة عن الأعوام الأولى، وتبرير ذلك بالتأثير على الحجم الاستثماري للمضاربة غير كاف في نظري، والله أعلم.
المبحث الرابع([365]): دار المال الإسلامي
نشأة دار المال الإسلامي:
تم تنظيم دار المال الإسلامي وإصدار مذكرة الاكتتاب الخاصة بالدار بناء على عهد ونداء للأمة الإسلامية صادر عن المؤسسين، وينفذ اعتباراً من يوم أول فبراير سنة 1981م، وسيكون مقر الدار في جنيف عاصمة سويسرا.
مبادئ المؤسسين:
أجمل مؤسسو دار المال الإسلامي مبادئهم الأساسية في عهد ونداء صادر للأمة الإسلامية على الوجه التالي:
أ_ الإيمان بالله جلت قدرته، وبما جاء به القرآن الكريم واحتوته السنة المطهرة وقررته أحكام الشريعة الغراء.
ب_ يقرر المؤسسون بأن التزامهم الديني يحتم عليهم تنظيم حياتهم وسلوكهم وما استخلفهم الله فيه من أموال وفق أحكام الشريعة الغراء، وأن الواجب الديني يقتضيهم العمل على تحقيق ذلك بالنسبة لحياة سائر المسلمين.
ج_ يقرر المؤسسون بأنهم قد أعلنوا الجهاد في سبيل الله لرفع بلوى الربا عن الأمة الإسلامية، فقد حرمه الله جل شأنه وفصلت أحكامه الشريعة الغراء.
د_ يقرر المؤسسون أن وقد منحهم الله جل شأنه الرزق الواسع من المال أن واجب الشكر يقتضيهم أن يحققوا لإخوانهم المسلمين في جميع بقاع العالم الحماية من الوقوع في الربا وأضراره، وذلك بإنشاء المؤسسات المالية التي تعمل في المال في الإطار الحلال.
هـ_ يعلن المؤسسون أن الخير العميم سيشمل الأمة إذا ما توسعت في تطبيقها للنظم المالية الإسلامية القائمة على الأسس الأخلاقية والعدالة الاجتماعية.
و_ يؤيد المؤسسون هذه الصحوة الإسلامية في أمة الإسلام ويعترفون بما هو حاصل من سخط عام صادر من جمهور المسلمين على النظم الاقتصادية الربوية.
ز_ يقرر المؤسسون أنهم سيقومون بتطبيق النظم المالية الإسلامية على أساس من النظم الإدارية الحديثة الواعية والتي تقرها أحكام الشريعة الغراء.
ج_ يعلن المؤسسون أنهم سيملون جاهدين على تحقيق كل خير لجمهور المتعاملين في هذه المؤسسات ويحدوهم الأمل بأن الله سيرزقهم بالخير الوفيرـ إن شاء الله ـ في كل استثماراتهم.
ط_ يقرر المؤسسون أنهم أوجدوا البديل الإسلامي في مجال الاستثمار، فلم يبق أمام المسلمين عذر يتعللون به، كما يدعون سائر المسلمين للتعاون معهم لنجاح هذه المؤسسات لينال الجميع خيرى الدنيا والآخرة.
الأغراض التي يتوخاها المؤسسون لدار المال الإسلامي
1_ يشترك المؤسسون معاً من أجل تنظيم دار المال الإسلامي بغية القيام بأعمال من خلال هيئات فرعية تسير أعمالها طبق أحكام الشريعة الإسلامية، وتقوم على أحدث التنظيمات الإدارية في الإطار الإسلامي، وتتولى دار المال الإسلامي تنظيم وشراء وتشغيل شركات الاستثمار الإسلامية وشركات التكافل الإسلامية، التي تحقق الربح الحلال، وتؤكد التعاون بين المسلمين فيما يصيبهم والمصارف الإسلامية وغيرها من الشركات التي تمارس الأعمال التجارية والمالية وفقاً لمبادئ الإسلام.
2_ نظر لما ستواجهه دار المال الإسلامي من منافسات كثيرة عن طريق المؤسسات الربوية، لذا فإن المؤسسين يدعون جمهور المسلمين لمساعداتهم في تكوين رأس المال بحيث يكون له ثقله في مواجهة التحديات الكثيرة.
3_ يقترح المؤسسون تمويلا مبدئياً لا يقل عن مائتين وخمسين مليوناً من الدولارات الأمريكية، وهذا المبلغ يجمع عن طريق الاكتتاب الخاص بدعوة كبار الشخصيات للمساهمة فيه، وبعد تكامله يطرح الاكتتاب العام لجمهور المسلمين إلى أن يبلغ رأس مال دار المال الإسلامي ألف مليون دولار أمريكي.
العمليات التي تقوم بها دار المال الإسلامي([366]):
تقوم دار المال الإسلامي بالعمل في إطار النظام المالي الإسلامي من خلال إنشاء أو شراء الشركات الإسلامية للاستثمار وشركات التكافل الإسلامي والمصارف الإسلامية، ويجوز كذلك للدار أن تتولى إنشاء شركات فرعية عاملة أخرى لإدارة أنشطة مالية أو تجارية على أساس مبادئ أحكام الشريعة الإسلامية.
التنظيم الإداري لدار المال الإسلامي:
يتكون الهيكل الإداري لدار المال الإسلامي من:
مجلس المشرفين، وهيئة الرقابة الشرعية، وموظفي التنظيم الإداري، وهذه نبذة عن كل منها:
أولاً: مجلس المشرفين:
يتألف مجلس المشرفين الرسمي من ثمانية عشر عضواً، تم اختيار ستة منهم حتى الآن وهم:
1_ اصاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل آل سعود.
2_ صاحب السمو الملكي سعود العبدالله الفصيل.
3_ دكتور إبراهيم مصطفى كامل.
4_ دكتور يوسف فاضل الصباح.
5_ السيد حسن الترابي.
6_ دكتور عبد العزيز الفدا.
وسوف يتم اختيار باقي الأعضاء في غضون الأيام المقبلة إن شاء الله.
ثانياً: هيئة الرقابة الشرعية:
تخضع جميع عمليات دار المال الإسلامي لرقابة هيئة الرقابة الشرعية التي تتكون من خمسة أعضاء من بين كبار علماء الفقه الإسلامي المع8روفين بخبرتهم وعمق فهمهم لأحكام الشريعة الإسلامية، ويعينون من قبل مجلس المشرفين، ولقد اتخذ مجلس المشرفين الاجراءات التنفيذية التي من شأنها أن تكفل عدم القيام بأي شكل من أشكال الاستثمار أو النشاط مالم تقره مقدمات هيئة الرقابة الشرعية.
ثالثاً: موظفو التنظيم الاداري:
في سبيل ايحاد موظفين للإدارة تتوافر لديهم الخبرة والمعرفة بأمور النظام المالي الإسلامي ستبرم دار المال الإسلامي عقود توظيف مع مجموعة من كبار الموظفين الذين تتوافر لديهم الخبرة في هذا المجال، وذلك بعد استكمال عملية طرح الاكتتاب الخاص ليتسنى الاستفادة منهم في عملية طرح الاكتتاب العام إن شاء الله([367]).
الفصل الثاني
الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نشأة الاتحاد.
المبحث الثاني: الأجهزة العاملة في الاتحاد.
المبحث الثالث: الإنجازات التي حققها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
المبحث الأول([368]): نشأة الاتحاد
تكون الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في 7/9/1397هـ بعد أن تم التصديق على اتفاقية إنشائه والتوقيع عليها من رؤساء البنوك الإسلامية القائمة وقتئذ بوصفهم مفوضين عنها.
وقد تم الاعتراف دوليا بالاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في الاجتماع التاسع لوزراء خارجية البلاد الإسلامية المنعقد في ـ داكار ـ بجمهورية السنغال في الفترة ما بين 17 ـ 21/5/1398هـ، وصدر في ذلك القرار رقم(1) جاء فيه: (يعرب المؤتمر عن ارتياحه وترحيبه بإنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ونشاطه من أجل النهوض باقتصاديات الشعوب الإسلامية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية)([369]).
مقر الاتحاد:
تكون مدينة مكة المكرمة مقر لرئاسة الاتحاد، ويجوز أن تنشئ الأمانة العامة للاتحاد مكاتب فرعية لها في البلدان الإسلامية على أن يكون ذلك تلبية لضرورات ملحة يتطلبها الصالح العام. ويتم ذلك بموافقة مجلس الإدارة. هذا وقد أنشأ الاتحاد فرعاً له في القاهرة نظراً لكثافة النشاط الاقتصادي الإسلامي هناك، ولحاجة الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية للكوادر العاملة في مختلف الأنشطة الاقتصادية التي يزاولها الاتحاد أو يشرف عليها.
أهداف الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية:
يهدف الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية إلى دعم الروابط بين البنوك الإسلامية، وتوثيق أواصر التعاون بينها، والتنسيق بين نشاطاتها وتأكيد طابعها الإسلامي تحقيقاً لمصالحها المشتركة ودعماً لأهدافها في تحقيق قواعد ونظم المعاملات الإسلامية في المجتمع وعلى الخصوص:
1_ تقديم المعونة الفنية والخبرة للمجتمعات الإسلامية التي ترغب ف يإنشاء بنوك إسلامية عندما تطلب ذلك.
2_ متابعة إجراءات البنوك الإسلامية على المستوى المحلي والدولي وتشجيع نشاطها والمساعدة على تطويرها.
3_ وضع أسس التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات بين البنوك الإسلامية، ومعاونة البنوك الأعضاء في تذليل الصعوبات، والتغلب على المشاكل التي تعترضها دون التدخل في شئونها التنفيذية.
4_ تمثيل المصالح المشتركة للبنوك الإسلامية على جميع المستويات والدفاع عن مصالح البنوك الأعضاء.
5_ السعي لتحقيق ضمان حرية انتقال الأموال بين البنوك الإسلامية.
6_ العمل على تنسيق وتوحيد نظم العمل والنماذج المصرفية والقواعد الخاصة بأنشطة البنوك الإسلامية الأعضاء.
7_ إبداء المشورة وإعداد الدراسات فيما يتعلق بالمشروعات الخاصة بالبنوك الإسلامية واقتراح وسائل تدبير الموارد ودور البنوك الإسلامية في ذلك.
8_ القيام بهمة الوساطة أو التحكيم بين البنوك الإسلامية وفقاً لنظام يضع صيغته مجلس إدارة الاتحاد.
9_ بحث مشاكل النقد والائتمان في البنوك على الصعيدين المحلي والدولي، وتقديم المقترحات المناسبة لتتمكن البنوك الإسلامية من تقديم الحلول لمواجهة هذه المشاكل.
10_ النهوض بمستوى العاملين بالبنوك الإسلامية الأعضاء.
الوسائل التي يتخذها الاتحاد لتحقيق أهدافه:
للاتحاد أن يتخذ من الوسائل ما يراه كفيلاً بتحقيق أهدافه، ومن وسائله الخاصة ما يلي:
1_ تبادل الخبرات بين البنوك الإسلامية الأعضاء.
2_ إعداد وتدريب وتنمية القوى البشرية العاملة بالبنوك الإسلامية واللازمة لها.
3_ إنشاء معاهد أو مراكز للتدريب والدراسات التي تتعلق بنشاط البنوك الإسلامية.
4_ جمع الوثائق اللازمة للبحث والدراسة وتزويد البنوك الإسلامية الأعضاء بما تطلبه من بيانات متاحة.
5_ تكوين لجان فرعية متخصصة لدراسة ما يحال إليها من موضوعات معينة.
6_ تكوين مجموعات فنية تتبع الاتحاد مباشرة وتختص بتقديم المشورة في مجالات عمل البنوك الإسلامية.
7_ التعاون مع الهيئات والمنظمات المعينة بالشئون التي تتصل بمجال عمل البنوك الإسلامية وتبادل الخبرات معها.
8_ إصدار مجلة للدراسات المتعددة والإحصائيات الخاصة بنشاط البنوك الإسلامية.
9_ تنظيم المؤتمرات والإعداد لها لتدعيم أهداف البنوك الإسلامية.
عضوية الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية:
تكون العضوية في الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، ويقصد بالبنوك الإسلامية في هذا النظام تلك البنوك أو المؤسسات المالية التي ينص قانون إنشائها ونظامها الأساسي صراحة على الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية، وعلى عدم التعامل بالربا أخذاً أو من يرشحه البنك، وعلى كل عضو دفع الانضمام لعضوية الاتحاد، ودفع المساهمة السنوية للعضو في كل عام.
الانسحاب من العضوية في الاتحاد:
لكل عضو الحق في الانسحاب من عضوية الاتحاد، ولكن ذلك مشروط بإبلاغ الأمين العام للاتحاد قبل الدورة التالية بستة أشهر، وبإمضاء دورة كاملة، ومدتها خمس سنوات.
فقدان العضوية:
يجوز بقرار من مجلس الإدارة ـ وبأغلبية الأصوات ـ حرمان العضو من العضوية في الحالات الآتية:
أ_ التخلف عن أداء التزاماته المالية نحو الاتحاد.
ب_ الإخلال بأي من الالتزامات المفروضة بموجب نظام الاتحاد.
ج_ القيام بأي عمل من شأنه الإضرار بالاتحاد أو بأي من الأهداف التي يقوم على تحقيقها.
موارد الاتحاد:
تتكون موارد الاتحاد من:
أ_ رسوم العضوية.
ب_ اشتراك البنوك الأعضاء.
ج_ أتعاب الاستشارات الفنية التي يقوم بها الاتحاد.
د_ الإعانات والتبرعات والهبات التي يقبلها مجلس الإدارة من المصادر المناسبة.
هـ_ عائدات استثمار أموال الاتحاد.
و_ غير ذلك من الإيرادات المتنوعة.
المبحث الثاني: الأجهزة العاملة في الاتحاد
يباشر الاتحاد مهامه وصلاحياته بواسطة الأجهزة التالية:
أولاً: مجلس الإدارة.
ثانياً: الأمانة العامة.
ثالثاً: هيئة الرقابة الشرعية العليا.
وهذه نبذة عن كل واحد منها:
أولاً: مجلس الإدارة:
حدد النظام الأساسي للاتحاد الضوابط الأساسية لمجلس الإدارة وهذه أهمها:
1_ مجلس الإدارة هو السلطة العليا للاتحاد، ويتألف من رؤساء مجالس إدارات البنوك الإسلامية الأعضاء أو من يمثلونهم.
2_ يعقد مجلس الإدارة اجتماعاً عادياً مرة كل ستة أشهر على الأقل.
3_ يجوز لممثلي المنظمات الأساسية الاقليمية والدولية وذوي الخبرة حضور اجتماعات مجلس الإدارة بوصفهم مراقبين.
4_ مدة مجلس الإدارة خمس سنوات.
5_ ينتخب مجلس الإدارة من بينهم الرئيس ونائبه.
6_ يكون انعقاد مجلس الإدارة صحيحا بحضور الأغلبية العادية.
7_ يصدر قرار مجلس الإدارة بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء الحاضرين، وفي حالة تساوي الأصوات يكون رأي الرئيس مرجحاً.
اختصاصات مجلس الإدارة
مجلس الإدارة هو السلطة العليا للاتحاد، وله صلاحيات تسيير أموره وتنظيمه، ومن سلطاته ما يلي:
1_ تعديل نظام الاتحاد بأغلبية ثلثي الأعضاء.
2_ انتخاب رئيس الاتحاد.
3_ إقرار اللوائح المنظمة لعمل الاتحاد ونشاطاته.
4_ تعيين الأمين العام بناء على ترشيح رئيس الاتحاد.
5_ اعتماد لموازنة التقديرية السنوية والتصديق على الميزانية والحسابات الختامية.
6_ النظر في القرير الدوري الذي يعده الأمين العام للاتحاد واتخاذ القرارات اللازمة حياله.
7_ تعيين مراقبي الحسابات وتحديد أتعابهم والنظر في تقاريرهم.
8_ تحديد أسس مساهمات البنوك الإسلامية.
الرئيس([370]):
يختار مجلس إدارة الاتحاد رئيساً لمدة خمس سنوات، يجوز إعادة انتخاب الرئيس لمدة أخرى أو أكثر.
اختصاص الرئيس:
يتولى الرئيس الاختصاصات الآتية:
أ_ يرأس الاتحاد وله دعوة المجلس للاجتماع.
ب_ يتولى إدارة المجلس ومناقشاته.
ج_ يتولى الاختصاصات الأخرى التي يعهد إليه بها عن طريق مجلس الإدارة أو يفوضه.
ثانياً: الأمانة العامة للاتحاد:
الأمانة العامة هي الجهاز الفني والإداري للاتحاد وتشكل من أمين عام وأمناء مساعدين ـ إذا تطلب الأمر ـ، ومن عدد كاف من الموظفين الفنيين والإداريين، ويجوز أن يلحق بالأمانة العامة أجهزة متخصصة يرى مجلس الإدارة إنشاءها من أجل تحقيق أهداف الاتحاد.
الأمين العام([371]):
يتعين مجلس الإدارة الأمين العام بناء على ترشيح رئيسه لمدة خمس سنوات لدورة أو أكثر.
ويعتبر الأمين هو الإدارة التنفيذية لمجلس الإدارة، ويتولى الاختصاصات الآتية:ـ
أ_ اقتراح الهيكل الوظيفي للاتحاد.
ب_ تعيين الموظفين والخبراء وإنهاء خدماتهم وفقاً للأنظمة التي يقرها مجلس الإدارة.
ج_ يرأس الجهازين الإداري والفني للاتحاد ويتابع تنفيذ قرارات مجلس الإدارة.
د_ التعاقد باسم الاتحاد بما يتفق مع الأنظمة واللوائح.
هـ_ اقتراح تعديل نظام الاتحاد على مجلس الإدارة.
و_ يتولى إصدار القرارات اللازمة لتسيير أعمال الاتحاد في ضوء الأنظمة واللوائح الإدارية.
ز_ الإشراف على تنظيم مؤتمرات البنوك الإسلامية وغيرها من المؤتمرات التي لها صلة بنشاط الاتحاد.
ثالثاً: هيئة الرقابة الشرعية العليا:
تشكل هيئة الرقابة الشرعية العليا للاتحاد من رؤساء هيئات الرقابة الشرعية لكل بنك، ولمجلس الإدارة الحق في أن يضم لها من يراه من الفقهاء والعلماء في مختلف المذاهب الإسلامية المعتبرة، وتضطلع هذه الهيئة بعدد من المهام على رأسها:
1_ الفتيا فيما يعرض عليها من صور وأشكال المعاملات من البنوك الأعضاء أو من مجلس إدارة الاتحاد.
2_ بحث مدى ملاءمة الممارسات العملية التي تقوم البنوك الإسلامية بتطبيقها للشريعة الإسلامية.
3_ تغذية البنوك الإسلامية بما يتفق عليه من آراء حول المعاملات المصرفية التي تقوم بها البنوك الإسلامية.
4_ العمل على إيجاد فكر شرعي موحد حول صور وأشكال المعاملات.
5- النظر في مدى شرعية معاملات معينة قد يقوم الاتحاد بعرضها على الهيئة.
6_ تجميع الفتاوى التي تصدرها هيئات الرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية بهدف نشر هذه الفتاوى على البنوك الإسلامية القائمة أو التي تنشأ.
7_ العمل على رعاية البنوك الإسلامية للاستمرار في إطار أحكام الشريعة الإسلامية ومساعدتها على السير في المجرى الصحيح للشريعة.
8_ إصدار البحوث الشرعية بما يمكن من دعم الحركة الفكرية التي تهدف إلى صياغة النظرية الإسلامية في المال والاقتصاد.
9_ النظر فيما تعده لجان الاتحاد من بحوث تتعلق بالمسائل المالية والاقتصادية للتأكد من مسايرتها للشريعة الإسلامية([372]).
المبحث الثالث([373]): الإنجازات
التي حققها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية
قام الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية بأنشطة متعددة في مختلف أوجه الحياة، وكان موفقاً إلى حد كبير في جهاده وكفاحه للوصول إلى نظام اقتصادي شامل من أحكام الشريعة الإسلامية، وهذه أهم أنشطة الاتحاد خلال الفترة الماضية:
أولاً: في مجال تقديم المعونة الفنية والخبرة للمجتمعات الإسلامية التي ترغب في إنشاء بنوك إسلامية:
ساهم الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في تقديم المعلومات اللازمة والدراسات الكافية لإقامة بنوك إسلامية في كل من جمهورية موريتانيا الإسلامية، السنغال، الفلبين، لوكسمبرج، باكستان، بنجلاديش، قطر، لبنان.
وجميع هذه البلاد تشهد المراحل الأخيرة لإقامة بنوك إسلامية، نسأل الله أن يكلل المساعي بالنجاح وأن يوفق القائمين على الاتحاد لإتمام جهودهم على أحسن حال.
ثانياً: في مجال متابعة إجراءات إنشاء البنوك الإسلامية بتشجيع نشاطاتها والمساعدة على تطويرها:
يكثر الاتحاد اتصالاته المستمرة بالبنوك الإسلامية القائمة لتقديم المشورة والمساعدة في تطوير النظم، كما يتم في الاجتماعات الدورية التي يعقدها الاتحاد كل ستة أشهر لرؤساء مجالس إدارات البنوك الإسلامية استعراض أوجه نشاطات هذه البنوك والصعوبات التي تكون قد واجهتها في أداء وظائفها.
ثالثاً: في مجال العمل على توحيد النظم والقواعد الخاصة بأنشطة البنوك الإسلامية الأعضاء:
بدأ الاتحاد جهوده في هذا المجال بالبدء في إصدار موسوعة علمية عملية للبنوك
الإسلامية تقدم إلى جانب الأسس النظرية دليل وإجراءاته في البنوك الإسلامية، وكذلك الوسائل والأساليب العملية التي تساعد البنوك الإسلامية في القيام بأعمالها، ويقوم الاتحاد حالياً بإعداد مصنف باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية للمصطلحات الفنية التي تستخدم في مجال أنشطة البنوك الإسلامية، وذلك بهدف توحيد هذه المصطلحات.
رابعاً: في مجال النهوض بمستوى العاملين بالبنوك الإسلامية الأعضاء:
يقوم الاتحاد بمعاونة البنوك الإسلامية الأعضاء في اختيار العاملين الذين يمثلون الطليعة بالنسبة للبنوك لكي يتوافر لدى البنوك أفضل العناصر البشرية وأكفؤها، وفي هذا المجال قام الاتحاد بعملية اختيار العاملين ببنك فيصل الإسلامي السوداني، وبنك فيصل الإسلامي المصري، وعقد الدورات اللازمة لتدريب العاملين ليكونوا على مستوى عال في معرفة التطبيقات الحديثة للمعاملات المصرفية، كل ذلك في إطار عام لأحكام الشريعة الإسلامية.
خامساً: حول تنظيم برنامج الاستثمار والتمويل بالمشاركة:
قام الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية بالتعاون مع جامعة الملك عبد العزيز بجدة بتنظيم برنامج الاستثمار والتمويل بالمشاركة، وذلك في الفترة من 23/1 إلى 4/2/1401هـ، وذلك في مدينة جدة في مقر الجامعة.
وأهمية هذا البرنامج تأتي من كون نشاط الاستثمار يعتبر محدداً هاماً لنجاح البنك الإسلامي، وعليه يتوقف العديد من مناشط البنك الأخرى، وهذا البرنامج هو الأول من نوعه بين البرامج التدريبية المختلفة في العالم، ولم يسبق تنفيذه من قبل.
الهدف من البرنامج:
يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق النتائج الآتية:ـ
1_ تعريف المشتركين بكيفية تكوين استراتيجية الاستثمار والتمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية.
2_ تحسين مهارات المشتركين في تقويم مشروعات الاستثمار في البنوك الإسلامية.
3_ تفهم أعمق للمتطلبات الشرعية في الاستثمار وأساليب تطوير المعاملات لكي تتمشى مع قواعد الشريعة.
4_ استيعاب أدق لبعض المشكلات المحاسبية للاستثمار وأساليب تطوير المعاملات لكي تتمشى مع قواعد الشريعة.
5_ تحقيق مزيد من التعارف بين المشتركين في البنوك الإسلامية.
6_ التعرف على المشكلات التي تواجه العاملين في البنوك الإسلامية في مجالات الاستثمار والتمويل بالمشاركة.
المشتركون في البرنامج:
1) مديرو الإدارات ورؤساء الأقسام وكبار الاختصاصيين في نشاط الاستثمار والتمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية.
2) الأساتذة والخبراء والباحثون في الجامعات ومراكز البحث العلمي.
3) المهتمون بالاستثمار الإسلامي.
نتائج البرنامج:
الواقع أن البرنامج نجح نجاحاً كبيراً، ولقد استفاد المشتركون فيه فائدة كبرى ولا سيما من الندوات المفتوحة التي كان يجيب فيها كبار رجال البنوك الإسلامية على جميع استفسارات الحاضرين، وإننا لنبارك للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية هذه الخطوة الكبيرة ونطلب منه المزيد من هذه اللقاءات المثمرة، والله من وراء القصد([374]).
سادساً: حول تأسيس المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي:
من أهم أنشطة الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ـ بالتعاون مع الجامعات الإسلامية والمؤسسات الاقتصادية ـ إنشاء المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي ـ في دولة قبرص التركية، وقد حدث الاجتماع الكبير لإنشاء هذا المعهد في قبرص خلال الفترة من 19/5 إلى 21/5/1401هـ نتائج الاجتماعات المكثفة طيبة تبشر بالخير الكبير إذ أعلن عن إنشاء المعهد في نهاية الاجتماعات لتكون دولة قبرص التركية مقراً له، وقد حدد أهداف المعهد بالتالي:
1) استنباط المنهج الاقتصادي الإسلامي المتكامل.
2) إعداد جيل من المتخصصين الذين يجمعون بين الثقافة الشرعية والخبرة العملية في المجال الاقتصادي إعداد يمكنهم من النهوض بمستويات التطبيق الصحيح للمنهج الاقتصادي الإسلامي.
3) الإسهام في إعداد عناصر صالحة للاضطلاع بأعباء البحث العلمي والتدريب في الأقسام المتخصصة في الاقتصاد الإسلامي في الجامعات الإسلامية وغيرها.
4) وضع الضوابط العلمية والأخلاقية التي تضمن التزام المؤسسات الإسلامية المالية بالشريعة الإسلامية في ممارستها التطبيقية.
إدارة المعهد:
اختير في نهاية الاجتماع سمو الأمير محمد الفيصل رئيساً للجمعية التأسيسية للمعهد والدكتور عبدالملك الحمد محافظ البنك المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة نائباً للرئيس، والدكتور أحمد النجار مديراً للمعهد.
الفصل الثالث
ملاحظات عامة حول البنوك الإسلامية
وتحته سبعة مباحث:
المبحث الأول: المآخذ على البنوك الإسلامية القائمة.
المبحث الثاني: البنك الإسلامي البديل.
المبحث الثالث: علاقة البنك الإسلامي بالبنوك الربوية.
المبحث الرابع: شبه معوقات حول البنك الإسلامي وردها.
المبحث الخامس: عوامل نجاح البنك الإسلامي.
المبحث السادس: إلى رعاة والرعية:(كيف يتم تصحيح أوضاع البنوك الربوية القائمة).
المبحث السابع: أمل تحقق.
المبحث الأول: المآخذ على البنوك الإسلامية الموجودة
تحدثت فيما سبق عن مجموعة من البنوك الإسلامية وقفت على قدميها، و”أصبحت تعمل وفق شريعة الله، ومع أنني أبارك هذه الخطوة وأحمد الله على توفيقه للقائمين عليها، إذ وصلت هذه البنوك إلى مستوى يثلج الصدر، ويبهج الخاطر، إلا أن هذا لا يمنعني من أن أبدي ما أراه من ملاحظات عليها، وهي في الواقع مجرد رأى لي، قد يوافقني عليه الآخرون، وقد يخالفونني، ولكنني أعرضها وفيها مجال خصب للنظر الشرعي، فإن حالفني التوفيق فيما ذهبت إليه فذلك من الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
ومجمل ما نأخذه على البنوك الإسلامية القائمة ـ بمجموعها ـ ما يأتي:ـ
1_ أخذ المصاريف على القروض الحسنة.
2_ تمويل بعض الأفلام لعرضها في التلفاز أو السينما.
3_ اقتطاع جزء من الربح للاحتياطي قبل توزيع الأرباح في العمليات الاستثمارية.
4_ أخذ المصاريف الإدارية قبل قسمة الربح في العمليات الاستثمارية.
5_ بيع المرابحة للآمر بالشراء واعتبار العقد ملزماً للطرفين.
6_ اقتطاع جزء من رأس المال في المضاربة يأخذه المضارب مع أن له حصة مشاعة من الربح.
7_ التصرف في توزيع الزكاة بأشكال مستحدثة.
8_ حسم 5% من المنسحبين في مضاربة التكافل التي هي بديل عن التأمين على الحياة.
9_ التوسع في عملية بيع التورق بحيث يقترن بها بعض المحاذير الشرعية.
وإليك أيها القارئ توضيحاً عاماً لهذه المآخذ على ضوء ما تبين لي خلال كتابة هذا البحث.
أولاً: أخذ المصاريف على القروض الحسنة:
تقوم البنوك الإسلامية بإعطاء القروض الحسنة، وهذا أمر طيب، ويعتبر إحدى الدعائم التي تقوم عليها هذه البنوك، وواجب على القائمين عليها أن يضعوا هذا الأمر في الحسبان، ولكن هذه البنوك تتقاضى مصاريف إدارية بحجة ما تقوم به من أتعاب وخدمات ومع احترامي لآراء من نصوا على جواز أخذ هذه المصاريف من الباحثين المعاصرين إلا أنني أقرر وأنا مرتاح الضمير أنه لا يسوغ للبنك الذي ارتضى منهج الله وشريعته أن يأخذ شيئاً على القروض إطلاقاً، ومادام البنك الإسلامي ضحى بالفائدة التي تأخذها البنوك التجارية فأحرى به أن يضحى بالمصاريف الإدارية وهي شيء يسير جداً هذا وقد قطع بحرمة هذه المصاريف غير واحد من طلبة العلم([375]).
ثانياً: تمويل بعض الأفلام في مجال الإعلام:
تقوم بعض البنوك الإسلامية بتمويل أنواع من الأفلام الإعلامية وذلك بهدف إيجاد نوع من الأفلام يخدم الإسلام عن جهة ويحقق عائداً من الربح من جهة أخرى، ومع نبل المقصد عند هؤلاء الإخوة وسلامة النية إلا أن هذه الخطوة لم يحالفهم فيها الصواب ـ في نظري ـ لأن هذه الأفلام ما دامت تعرض في الواقع المعاشي، فإنه سينتابها الشيء الكثير من المحاذير الشرعية كالاختلاط والسفور، إضافة إلى أن من يقومون بالأدوار المختلفة تظهر آثار المعاصي، ومع ذلك يتمثلون بالسلف فيسيئون من حيث يريدون الإحسان والنفع، لذا ينبغي على البنوك الإسلامية أن تتجنب هذا النوع من التمويل في مشاريعها القادمة، اللهم إلا إذا أعدت أفلاما كثيرة تتولاها بنفسها تحت رقابة شرعية مشددة لئلا يحصل فيها شيء من المحاذير الشرعية([376]).
ثالثاً: اقتطاع جزء من الأرباح قبل توزيعها لاحتياطي في العمليات الاستثمارية:
تقوم بعض البنوك الإسلامية حال توزيع الأرباح باقتطاع جزء منها قبل قسمتها وإضافته إلى الاحتياطي، ومعلوم أن الاحتياطي خاص بالمساهمين لأنهم هم الذين يملكون موجودات البنك وأما المودعون الذين أودعوا أموالهم في فترة معينة ليحصلوا على عائد من الربح بعد استثمارها فما ذنبهم يؤخذ من أرباحهم ويضاف لغيرهم.
وبناء على هذا يجب على البنوك الإسلامية أن تقسم الربح من البداية، وبعد تعيين نصيب المساهمين يقتطع جزء من أرباحهم ويضاف على الاحتياطي أما الأرباح المودعين فلا تمس بسوء بل يأخذونها كاملة.
وقد تولى الدكتور رفيق المصري طرح هذه المشكلة على صفحات مجلة الأمان اللبنانية تحت عنوان:
(أصول توزيع الأرباح واقتطاع الاحتياطيات في البنوك الإسلامية) وكان من ضمن كلامه قوله: (تتلخص المشكلة المطروحة في هذا البحث بأن هناك أي في بيت التمويل الكويتي بل وفي سائر البنوك الإسلامية المفتتحة):
1_ مودعين يشتركون في الأرباح بودائعهم التي يفوضون الشركة باستثمارها، وشركة هؤلاء المودعين تنحصر في الأرباح فلا تتعدى إلى رأس المال وإلى موجودات الشركة.
2_ مساهمين يشتركون في الأرباح وفي رأس المال، وفي موجودات الشركة كلها.
3_ معنى ذلك أن أي ربح يدخل إلى الاحتياطي يكون ضمن ملك الشركة، وبالتالي يعود للمساهمين مع أن للمودعين حقاً فيه.
ثم يقول الدكتور رفيق المصري: (والنتيجة:ـ أنني أرى يجب اقتطاع الأرباح للاحتياطي بعد توزيعها ومعرفة نصيب كل من المساهمين والمودعين)([377]).
وقد تولى الدكتور توفيق العمار ـ أحد العاملين في بيت التمويل الكويتي ـ الرد على الدكتور رفيق المصري وأوضح أن أخذ جزء من الأرباح للاحتياطي خاص بالمساهمين لا دخل للمودعين فيه([378]).
رابعاً: أخذ المصاريف الإدارية مع أن البنك شريك في عمليات الاستثمار:
تقوم بعض البنوك الإسلامية باحتساب مصاريفها الإدارية على العمليات الاستثمارية وتعزلها من صافي الربح، ثم الباقي تقتسمه مع أصحاب الأموال حسب النسبة المتفق عليها، والذي أراه أنه لا يسوغ لأخذ المصاريف قبل قسمة الربح لأن ما يقوم به المضارب من أعمال من صميم عمله، فهو ينفق على المضاربة مما يحصل عليه من الربح اللهم إلا إذا اشترط البنك الإسلامي مقدماً جزءا من المال يأخذه للمصاريف الإدارية عدا حصته المشاعة من الربح، فهذا لا شيء فيه إن شاء الله.
يقول ابن قدامة في المغني: (وإذا اشترط المضارب نفقة صحَّ سواء كان في الحضر أو السفر)([379]).
خامساً: بيع المرابحة للآمر بالشراء:
تقوم جميع البنوك الموجودة بإبرام عقود البيع مرابحة للآمرين بالشراء وذلك بأن يتقدم العميل طالباً سلعة معينة من البنك يحدد أوصافها تحديداً منضبطا، ويدفع البنك لشرائها ليقوم هو بشرائها من البنك لاحقاً، وتعتبر البنوك الإسلامية هذا العقد ملزما للطرفين ـ البنك والعميل ـ، ولكنني من خلال قراءتي حول بيع المرابحة لم أجد مسوغاً شرعياً لجعل هذا العقد ملزما للطرفين، إذ تحول حوله شبهتا بيع الإنسان ما ليس عنده، والمخاطرة في شراء السلعة.
ولعل مما يعضد ما ذهبت إليه ما رواه حكيم بن حزام، قال قلت (يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع، ليس عندي ما أبيعه منه ثم أبتاعه من السوق، فقال لا تبع ما ليس عندك)([380]).
وبناء على هذا إني أرى أن العقد غير ملزم للطرفين بل هما بالخيار بعد شراء البنك السلعة، فإن شاءا أبرما عقد البيع، وإن شاءا رجعا عن الوعد السابق، ويؤيد هذا ما روى عن زيد بن ثابت قال: (نهى رسول الله ص أن تباع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)([381]).
وهنا نص لأحد علماء السلف وفتوى لأحد العلماء المعاصرين، كلاهما يؤيد ما ذهبت إليه من كون طرفي بيع المرابحة بالخيار إذا وجدت السلعة في يد البنك، يقول الإمام الشافعي: (وإذا أرى الرجل السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعاً وإن شاء تركه)([382]).
ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في إجابة له حول هذا البيع: (وإذا كانت السلعة ليست في ملك الدائن أو في ملكه، وهو عاجز عن التسليم فليس له أن يبرم عقد البيع مع المشتري وإنما لهما أن يتواطأ أعلى السعر، ولا يتم بينهما بيع حتى تكون السلعة في حوزة البائع)([383]).
ولقد ثبت لي أن المعمول به في بنك فيصل الإسلامي السوداني هو أن العقد ملزم للبنك فقط، أما العميل فهو غير ملزم له بل هو الخيار، إذا رأى السلعة إن شاء أبرم عقد البيع وإن شاء رجع عن وعده، وهذا أخف بكثير مما عليه العمل في البنوك الإسلامية الأخرى.
سادساً: اقتطاع جزء من رأس المال في المضاربة يأخذه المضارب:
تقوم بعض شركات الاستثمار الإسلامية باقتطاع جزء من رأس المال عند تسليمه احتساباً للمصاريف العامة على المضاربة مع أن لها بجزءا مشاعاً من الربح تأخذه بعد تصفية المضاربة.
الذي يظهر لي أنه لا يسوغ للمضارب أخذ شيء من رأس المال، لأنه لا بد من سلامته، ولو خسرت المضاربة لزم جبران رأس المال حتى يسلم، ثم الزائد عنه يكون أرباحاً يقتسمها المضارب ورب المال حسب الاتفاق المبرم بينهما، ولو أن هذه الشركات اشترطت أخذ شيء من الربح قبل قسمته مقابل المصاريف على المضاربة لساغ ذلك حسب ما قررناه سابقاً.
يقول ابن قدامة: (لا يستحق المضارب أخذ شيء من الربح حتى يسلم رأس المال إلى ربه، ومتى كان في المال خسران وربح جبرت الوضيعة من الربح سواء كان الخسران والربح في مرة واحدة، أو الخسران في صفقة والربح في أخرى، أو أحدهما في سفرة والآخر في أخرى، لأن معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال وما لم يفضل فليس بربح ولا نعلم في هذا خلافاً)([384]).
سابعاً: التصرف بتوزيع الزكاة بأشكال مستحدثة:
تتولى معظم البنوك الإسلامية القائمة شئون الزكاة من حيث قبضها من أصحابها وتوزيعها على مستحقيها، وتفرد لها صناديق خاصة لئلا تختلط أموال الزكاة بغيرها من أموال البنك والمودعين فيه. وهذا أمر تحمد عليه البنوك الإسلامية غير أن بعضها أخذ يوزعها بطرق مستحدثة تؤدى في بعض الأحايين إلى منع مستحقيها منها، وهذا فيه ما فيه من الناحية الشرعية، فمثلاً تقوم بعض البنوك الإسلامية بتصنيف أهل الزكاة:
إلى نساء أرامل وأطال أيتام، وهؤلاء تجعل لهم رواتب دورية طول العام من مال الزكاة، وهذا أمر طيب وخطوة جليلة يحمد عليها البنك.
وإلى فقراء ومساكين من الشباب القادرين على العمل، فهؤلاء يبحث البنك عن سبب فقرهم، وييسر لهم وسائل إنتاجية تتناسب وأحوالهم المعيشية ـ زراعية أو صناعية ـ لكي يقوموا بالإنتاج فيوجدوا لهم مصدر للرزق يتعيشون منه، ومع نبل المقصد عند القائمين على هذه البنوك وبعد نظرهم إلا أن هذه الطريقة قد تؤدى إلى حرمان من هو من أهل الزكاة، وذلك كأن يرفض الفقير إعطاءه وسيلة إنتاج، ويطلب نقوداً، فهنا إن رفض البنك الإسلامي إعطاءه فقد منع أهل الزكاة حقوقهم وإن أعطاه لم يثبت على قاعدته التي سار عليها في توزيع الزكاة، والذي أراه أن يجعل البنك الإسلامي هذا الأمر اختياراً فمن أراد تهيئة وسائل الإنتاج له توفر لكي يعف نفسه ومن تحت يده، ومن رفض إلا النقود فيعطى لأنه من أهل الزكاة، وبهذا نسلم من المحذور الشرعي إن شاء الله.
ثامناً: مضاربة التكافل وحسم 5% من المنسحبين في الأعوام الأولى:
حرصت بعض الشركات الاستثمار الإسلامي على إيجاد البديل للتأمين على الحياة للذي ينتابه الغرر والجهالة والمخاطرة، وبالتالي فلا يسوغ للمسلم أن يشترك فيه، وقد وفقت هذه الشركات إلى حد كبير، إذ أوجدت مضاربة التكافل بين المسلمين، ومع أن الشركة حرصت على إيجاد المخارج الشرعية لنظام هذه المضاربة إلا أنه ما يزال حولها علامات استفهام لا سيما أن إحدى مواد نظامها الأساسي تنص على سحب 5% من رأس مال المشترك الذي ينسحب في الأعوام الأولى.
أقول ما هو المبرر لسحب هذا المبلغ، فما دام يؤخذ من المشتركين في هذه المضاربة 5% من الأرباح سنوياً، وذلك بطيب نفس منهم، فلماذا نلزمهم في حال الانسحاب بدفع 5% من رأس المال، أظن هذا لا يليق في عمل أقام أساسه على البر والتراحم والتعاون بين المسلمين.
تاسعاً: التوسع في عملية بيع التورق:
مسألة التورق هي شراء السلعة بثمن مؤجل أكثر مما تساويه حالة ثم بيعها على غير من صدرت منه، وعادة يكون مقصود المشتري هو الورق ـ الفضة ـ، ولهذا سميت تورقا، وهذه المسألة اختلف العلماء، والذي يظهر جوازها([385]) استناد إلى النصوص العامة القاضية بجواز البيع والتجارة مادامت عن تراض، والبنوك الإسلامية حرصاً منها على توسيع أعمالها التجارية أخذت تتعامل بهذا النوع من البيع لأن فيه توسعة على الناس من جهة وجلبا للربح من جهة أخرى.
غير أن بعض هذه البنوك توسع في هذا النوع من البيع إلى درجة أنه لابسه بعض المحاذير الشرعية كبيع السلعة قبل قبضها وبيعها قبل تملكها، وهذه الأمور تصرف البيع من الجواز إلى الحرمة، والذي أراه أن تأخذ البنوك الإسلامية بهذا النوع من البيع، ولكن في حدود التوسعة على الناس وضبط تعاملها بالضوابط الشرعية اللازمة، وأظن هذا الأمر أولاً وأخيراً من مهمة الرقابة الشرعية لكل بنك إسلامي.
المبحث الثاني: البنك الإسلامي البديل([386])
البنك الإسلامي الذي ينبغي أن يكون بديلا للبنوك الربوية يجب أن يكون مؤسسة مالية واقتصادية واستثمارية وتنموية واجتماعية تعمل وفق الشريعة الإسلامية.
وهذا البنك لابد أن يقوم على الأسس التالية:ـ
1_ ألا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
2_ أن يكون قادراً على الحركة والنجاح ضمن إطار الواقع المعاشي بوصفه مؤسسة تجارية تتوخى الربح.
3_ أن تمكنه صيغته الإسلامية من النجاح بوصفه بنكاً، ومن ممارسة الدور الذي تتطلبه الحياة الاقتصادية والصناعية والتجارية من البنوك.
وبناء على ما سبق تحدد المعالم الأساسية للسياسة المصرفية الجديدة بما يلي:
1_ الاتجاه إلى إبراز عنصر العمل البشري في النشطات المصرفية بوصفه مصدر دخل، والحد نوعا ما من دخل رأس المال.
2_ الأخذ بمبدأ شركة المضاربة وغيرها من العقود التي مرت معنا كأسلوب من أساليب تنمية المال وكسب الربح بديلاً للإقراض بفائدة الذي تقوم عليه البنوك الربوية.
3_ الاحتفاظ ما أمكن بروح الوساطة في الدور الذي يمارسه البنك الإسلامي بين المودعين والمستثمرين.
4_ إقامة صندوق الزكاة وإدارته شرعياً ومصرفياً.
5_ إنشاء بيت أموال المسلمين على المستوى المحلي والدولي ليتولى البنك الإسلامي إدارته.
6_ استعداد البنك الإسلامي لتحمل أعباء التجربة الجديدة، وذلك بالتضحية بشيء من الربح حين يتطلب الأمر ذلك.
من خلال هذه المعالم يتضح أن للبنك الإسلامي صفات لابد أن تتوافر فيه أهمها ما يأتي:ـ
1) الصفة العقيدية.
2) الفة التنموية.
3) الصفة الاستثمارية.
4) الصفة الإيجارية.
5) الصفة الاجتماعية.
الدوائر التي ينبغي أن تعمل في البنك الإسلامي:
أقترح أن يكون هناك عدة دوائر لتنظيم العمل في البنك الإسلامي المقترح ليسهب على البنك القيام بمهمته على أكمل وجه، ولتتحدد المسئولية على كل دائرة تختص بنوع من العمل، والدوائر المقترحة كالتالي:ـ
أولاً: الدائرة المصرفية:
وهي التي تتولى جميع الأعمال المصرفية كفتح الحسابات الجارية وتقبل الودائع والتحويلات المصرفية.
ثانياً: الدائرة الصناعية:
وهي التي تتولى دراسة وتنفيذ جميع المشاريع الصناعية.
ثالثاً: الدائرة التجارية:
وهي التي تتولى النشاط الواسع في التجارة العامة.
رابعاً: دائرة الزراعة والثروة المعدنية والمائية:
وهي التي تتولى دراسة المشاريع الزراعية والطرق المجدية لاستثمار الثروة السمكية والمعدنية في البلد الموجود فيه البنك.
خامساً: الدائرة العمرانية.
وهي التي تتولى إنشاء المساكن والمباني إما بالمشاركة مع الآخرين أو بتمويلها من البنك، ثم تكون من ممتلكاته يتولى تأجيرها لتدر عائداً من الربح.
سادساً: دائرة الإقراض الحسن:
وهي التي تتولى منح القروض ـ بدون فائدة ـ لمن هم في حاجة ماسة، كمن يريد بناء مسكن له، أو يريد أن يتزوج أو يكون عائلاً لأشخاص كثيرين ولا دخل له يكفي.
سابعاً: دائرة الزكاة والتبرعات:
وهي التي تتولى تنظيم شئون الزكاة وتوزيعها على مصارفها الشرعية، وتتولى قبول الهبات والتبرعات لتضمها إلى أموال البنك المخصصة للإقراض الحسن.
ثامناً: دائرة الأوقاف الإسلامية:
وهذا النوع قد يكون غريباً على البنوك الإسلامية، ولكني أقول من خلال دراستي لأنظمة هذه البنوك ومعاملاتها أرى أنها أصلح من يقوم بهذه المهمة لا سيما قد حصل التلاعب في كثير من البلاد الإسلامية بأموال الأوقاف، وصارت تصرف في غير ما حددت له، وهذا يضاعف المسؤولية على البنك الإسلامي الذي نذر نفسه لخدمة الأموال الإسلامية في شتى المجالات.
تاسعاً: دائرة البيع والتأجير:
تتولى هذه الدائرة أنواع البيوع المختلفة كبيع المرابحة وبيع التأجيل، وهذان النوعان من البيوع يدران مكسباً لا بأس به للبنك يستفيد منه في تغطية مشاريعه الكثيرة.
عاشراً: دائرة التعاون مع المؤسسات الأخرى:
لا بد أن تكون هذه الدائرة في حسبان البنك الإسلامي لأنه يقوم بتعاون كبير مع المؤسسات الإسلامية الأخرى التي تخدم نفس الغرض، وتتجه نفس الاتجاه، وكذلك تتولى التنسيق في عمليات البنك المشتركة مع بنك آخر أو شركة أخرى.
حادي عشر: دائرة البحوث والدراسات الاقتصادية:
وتتولى هذه الدائرة جميع الدراسات اللازمة لأي مشروع يزمع البنك القيام به، وتقدم البحوث المتلاحقة عن عمليات البنك ومدى نجاحها او إخفاقها ليتسنى للبنك بناء مستقبل زاهر له في ضوء أحداث النظم المصرفية في العالم.
ثاني عشر: دائرة الرقابة الشرعية:
لابد أن يكون للبنك الإسلامي المقترح هيئة للرقابة الشرعية تشرف على جميع معاملاته، وتتأكد من سلامتها ونزاهتها وموافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
أنواع العمليات في البنك الإسلامي المقترح
البنك الإسلامي الذي نقترحه بنك متعدد الأغراض، فهو ليس مجرد بنك تجاري بالمعنى التقليدي، وليس مجرد شركة استثمار، وليس مجرد مؤسسة تمويل، ولكنه كل ذلك، إنه مؤسسة استثمارية وتمويلية وتجارية ومصرفية واجتماعية.
فهو يخدم مجال الاستثمار والمشاركات، ويخدم مجال الاعمال المصرفية المختلفة، ويخدم مجال التكافل الاجتماعي.
وهنا أقرر ان البنك الإسلامي يقوم بجميع الأعمال التي مرت معنا في الباب الرابع شريطة أن يتجنب المآخذ التي لاحظناها ـ في المبحث الأول من هذا الفصل ـ على البنوك الإسلامية القائمة حاليا([387])، وبذلك تسلم معاملات البنك الإسلامي من الشبهة إن شاء الله.
الآثار المترتبة على ما يقوم به البنك الإسلامي من عمليات
(منهج الصحوة لأحمد النجار ص60)
م | النشاط | مجال التطبيق في البنك | الآثــار |
1 | عدم التعامل بالفائدة | كل أنشطة البنك | أ) وضع أمر الله بتحريم الربا موضع التنفيذ.
ب) تحقيق العدالة. ج) منع الاستغلال. د) إبراز عنصر العمل البشري في النشاطات المصرفية بوصفه مصدر الدخل. هـ) الحد من دخل رأس المال. و) القضاء على التناقض بين العقيدة والواقع العملي في المجتمعات الإسلامية. ز) العمل على سيادة معيار العمل والإنتاج كسبب للكسب وزيادة رأس المال. |
2
|
التشجيع على الادخار.
|
حسابات الادخار
|
ح) تحقيق التوجيهات والتعاليم الإسلامية.
ط) تكوين رأس المال في المجتمع. ى) تنمية المجتمع الإسلامي. ك) ربط الأفراد بالتوجيهات الإسلامية. ل) ترشيد الإنفاق ومحاربة الإسراف. م) الإسهام في التربية السليمة للفرد. |
تابع
الآثار المترتبة على ما يقوم به البنك الإسلامي من عمليات
(منهج الصحوة لأحمد النجار ص60)
م | النشاط | مجال التطبيق في البنك | الآثـــار |
3 | الاستثمار والتمويل المشاركة
|
حسابات الاستثمار والتمويل بالمشاركة | أ) إيجاد البديل العملي عن سعر الفائدة.
ب) تحديد الأسلوب العملي لتنفيذ التوجيهات الإسلامية. ج) توجيه التنمية إلى ما يتفق ومصالح المجتمع المسلم. د) الربط بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. هـ) تحقيق التوازن في مجالات الاستثمار في المجتمع. و) توفير فرض العمل. ز) تفجير الطاقات. ح) إيجاد التنفس العملي للحرية السياسية ط) حصر الإنتاج وكل عملياته السابقة واللاحقة في دائرة الحلال. |
4
|
التكافل الاجتماعي | حساب الزكاة | أ) إقامة الركن الرابع من أركان الإسلام
ب) إشاعة الأخوة والمحبة ونزع الأثرة والحقد من المجتمع الإسلامي. ج) محاربة الفقر والرذيلة. د) تقديم العلاج لعدد لا حصر له من المشكلات الاقتصادية. |
المبحث الثالث: علامة البنك الإسلامي بالبنوك الربوية
لابد من أن تنشأ علاقات تعامل بين البنك الإسلامي المستجد في أي بلد وبين البنوك الربوية القائمة، فالبنك الإسلامي في مزاولته للعمل المصرفي الجائز سيتلقى شيكات وأوراقا تجارية مسحوبة على بنوك ومناطق أخرى، وسيجرى تحويلات، ويصدر شيكات مصرفية وغير ذلك من العمليات مما يقتضيه بحكم الواقع الفعلي الاتصال بالبنوك الربوية والتعامل معها لإنجاز ما يطلبه العملاء.
وهذا لا مانع منه في نظري شريطة أن يكون تعامل البنك الإسلامي مع هذه البنوك بعيداً عما حرمه الله، ولنا أسوة برسول الله ص، فقد كان يتعامل مع اليهود، ومعلوم أن أكثر أموالهم ربا، وفقهاء الإسلام قرروا جواز التعامل مع من ماله خليط من الربا وغيره.
وبناء على هذا ففي حالة إقراض البنك الإسلامي للبنوك الأخرى أو اقتراضه منها، لا يحل له أن يأخذ أو يعطي عن ذلك فائدة، وفي حالة امتناع هذه البنوك عن إقراض البنك الإسلامي على البنك أن يعمد إلى الإعلان عن زيادة رأس ماله لمواجهة ما يتطلبه من الأموال لتغطية المشاريع الكثيرة.
ولقد كان بنك دبي الإسلامي رائداً في هذا المجال، فقد كتب لإلى طائفة من البنوك الأمريكية والإنجليزية والسويسرية، كما كتب إلى بعض الفروع الموجودة في دولة الإمارات وبعض البلاد الإسلامية، وكانت الإجابات مشجعة، إذا قبل الكثير من هذه البنوك الدخول في التجربة ـ أي تجربة المعاملة بالمثل ـ، فالبنك الإسلامي يقدم الخدمة المصرفية مبرأة من الفوائد، وذلك لصالح عملاء البنوك الربوية، وفي مقابل ذلك تقوم البنوك الربوية بخدمة عملاء البنك الإسلامي في غير مقابل.
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:ـ
هل يمكن اشتراك البنك الإسلامي مع أحد البنوك في تمويل مشروعات مشتركة؟
وللإجابة عن هذا السؤال أقول:
لا مانع ـ في نظري ـ من اشتراك البنك الإسلامي مع أحد البنوك الربوية شريطة أن يكون التمويل للمشروع على أساس المشاركة في رأس المال وفي الربح الناتج، سواء كانت المشروعات تجارية أو صناعية أو زراعية، وهنا يكون البنكان شريكين في الغنم، والغرم على حساب ما يتفقان عليه في ظلال عقد الشركة المعروف في الفقه الإسلامي.
المبحث الرابع: شبه ومعوقات حول البنك الإسلامي وردها
أثيرت حول البنك الإسلامي مجموعة من الشبه، بعضها صدر من أشخاص عن حسن نية، وبعضها أثير من قبل أعداء فكرة البنوك بقصد الحد من انتشارها والتشكيك في صلاحيتها للتطبيق، وها أنذا أعرض أهم هذه الشبه، وأرد عليها بما يفتح الله عليَّ، فأقول:
أولاً: دعا بعض الباحثين المعاصرين إلى إنشاء بنوك إسلامية بفوائد ربوية، وقال إن أخذ الربا اليسير لا شيء فيه، وبرر دعواه بما ورد عن بعض فقهاء الشافعية من إجازة يسير الربا([388]).
الرد على هذا الرأي: ونحن نقول لصاحب هذا الرأي إنه لا داعي للجوء إلى يسير الربا، فلنا مندوحة عنه، وذلك بطرق أبواب المعاملات المشروعة التي تدر عائداً من الربح يفوق ما تعود به المعاملات الربوية. مع أننا لا نشك في حرمة قليل الربا وكثيره، وقد ذكرنا مسبقاً الإجماع([389]) على حرمة الربا بكل أنواعه وأثبتنا رجوع ابن عباس عن رأيه في إباحة ربا الفضل، ثم نحن أمام الواقع العملي للبنوك الإسلامية التي قامت وأثبتت وجودها في عالم المال والأعمال، مع أنها تتنزه عن قليل الربا وكثيره ولله الحمد.
ثانياً: يرى بعض الباحثين المعاصرين أن للبنك الإسلامي أن يتقاضى الفوائد عن الأموال التي يودعها في البنوك الربوية، يقول صاحب هذا الرأي إن المبرر الواقعي لذلك هو أن الوضع الفعلي لهذه البنوك هو المسؤول عن الحرج الذي يلقاه البنك المؤمن في ممارسة نظامه اللاربوي([390]).
الرد على هذا الرأي:
لا نرى مسوغاً شرعياً لأخذ الفوائد عن الودائع في البنوك الربوية، فالبنك الإسلامي الذي يلتزم شرع الله نظاماً ومنهجاً يجب عليه أن يطهر معاملاته من الإقراض والاقتراض بفائدة، وإلا كيف يمكن وصف هذا البنك بأنه إسلامي، ونحمد الله أن البنوك الإسلامية القائمة حالياً لم تأخذ بهذا الرأي ـ المتطرف في نظري ـ، بل طرحت الربا بكل أنواعه أخذا أو عطاء، ونسأل الله أن يكتب لها النجاح والتوفيق.
ثالثاً: هناك من اتهم البنوك الإسلامية في مجالات الاستثمار فقال إن المضاربة التي يقوم عليها الاستثمار في البنوك الإسلامية ستؤدي في النهاية إلى تسلط رؤوس الأموال وحرمان الضعاف المساكين.
الرد على هذا الرأي:
ونقول رداً على هذا الرأي إنَّ نظام المضاربة نشأ أساساً لخدمة أغراض معينة كأن يكون هناك شخص ضعيف أو مريض أو عاجز أو قاصر ـ طفل أو امرأة ـ، وله مال يعتمد عليه في معيشته، فلابد له من شخص يستثمر له هذا المال نيابة عنه.
أما كون أصحاب رؤوس الأموال يستغلون نظام المضاربة ويتسلطون على غيرهم، فهذا غير صحيح لأن البنك الإسلامي يفتح أبوابه لكل الناس مهما كانت دخولهم وودائعهم، فهو يقبل القليل والكثير لأنه يخدم أغراضاً نبيلة، ويحاول إيجاد التوازن بين طبقات المجتمع بقدر ما يستطيع من الوسائل المشروعة.
رابعاً: ذهب بعض الباحثين الاقتصاديين إلى أن الشركة المضاربة التي يعتمد البنك الإسلامي على التعامل بها في الاستثمار ليتجنب الربا ستؤدي في المدى الطويل إلى وصول إلى نسبة أرباح لرأس المال تتفق مع نسبة الفائدة السائدة في الأسواق.
الرد على هذا الرأي:
هذا الرأي مردود بسبب أن شركة المضاربة لا يفترض فيها الربح دائماً في جميع المعاملات، ولكنها تحتمل الربح والخسارة دائماً، فأحيانا تربح المضاربة ربحاً عظيماً، وأحيانا ربحاً عادياً، وأحيانا تخسر حسب العرض والطلب على السلع وحسب قدرة المضارب وخبرته ومعرفته لقضايا البيع والشراء.
أما الفوائد الربوية فالربح فيها مضمون دائماً ومعروف مسبقاً لأنه يشترط حين إبرام عقد القرض، وعلى هذا فالمضاربة والفوائد الثابتة نقيضان لا يمكن أن يلتقيا بحال.
خامساً: ذهب بعض الباحثين إلى أن البنوك الإسلامية لا يمكن أن تحقق تقدماً اقتصادياً في عالم المال لأنها تقوم في مجال الاستثمارات على المضاربة، وهذا النوع من الاستثمار معرض للخسارة، وعليه فإن خسارة البنك الإسلامي محتملة إلى حد كبير([391]).
الرد على هذا الرأي:
يتبين من استعراض هذا الرأي أنه على النقيض من الرأي الرابع، ونقول رداً عليه إنَّ البنوك الإسلامية القائمة تأخذ بمختلف أنواع المعاملات المصرفية الحديثة وبأحداث النظم والأساليب المعروفة في عالم الاقتصاد، ثم إن البنك الإسلامي لابدَّ أن تكون مشاريعه معرضة للربح والخسارة، ولولا هذا الأمر لما كانت معاملاته مشروعة، ولعل من أهم الوسائل التي تقي البنك الإسلامي من الخسارة تكثيف الودائع لديه بحيث يكسب العملاء إلى جانبه ليكون رأس المال الكبير وقاية لما قد يقع من خسارة محتملة.
سادساً: ذهب بعض المعارضين لفكرة البنوك الإسلامية إلى أن الأعمال البنكية ينبغي ألاَّ تتدخل في العمليات التجارية أو الصناعية أو الزراعية وإنما تتخصص بالأعمال المالية فقط.
الرد على هذا الرأي:
هذا الرأي ينطلق من أفواه المرابين الذين يريدون أن يمتصوا أرباح المستثمرين وعرق جبينهم مقابل الإقراض بفائدة وإلا فما المانع من قيام البنك الإسلامي بمختلف المعاملات المصرفية بالإضافة إلى قيامه بشئون الاستثمار وخدمة عملائه في هذا المجال، ولعل الواقع العملي للبنوك الإسلامية القائمة يعتبر صفعة لهؤلاء الحاقدين على كل البشر الذين لا يهمهم إلاَّ أنفسهم، ولو كانت أرباحهم على حساب الآخرين وبدون أي جهد أو عمل من قبلهم.
سابعاً: يقول بعض المشككين في البنوك الإسلامية كيف تجيزون البيع بالثمن المؤجل بسعر يزيد على سعر البيع بالثمن المعجل وهذا مثل الربا فلا يكون مشروعاً.
الرد على هذا الرأي:
لا وجه لقياس هذا النوع من البيع على الربا لأن التبادل في القرض بين شيئين متماثلين، واضح فيه الرباـ أمَّا البيع ففيه سلعة وثمن فلا مانع، ثم إنَّ البائع حر في تقدير ثمن سلعته، ولا يعقل أن يبيعها حاضرة بمائة ـ مثلا ـ ويبيع مثلها تماماً بمائة تدفع بعد سنة إلاَّ إذا كان هذا على سبيل الإرفاق ويريد الأجر والتوسعة على الناس، والزيادة نظير الأجل مختلف فيها بين الفقهاء، والذي يظهر لي جوازها كما مر معنا في الفصل الثاني من الباب الأول.
الباب الخامس
عوامل نجاح البنك الإسلامي
هناك أمور عديدة تساعد على نجاح البنك الإسلامي المقترح، هذه الأمور منها ما يتعلق بإدارة البنك، ومنها ما يتعلق بأعمال، ومنها ما يتعلق بعملائه، وهذه أهم الأمور المساعدة على نجاح البنك الإسلامي ـ في نظري :
أولاً: لابدَّ من اختيار مدير البنك وكبار موظفيه اختيار دقيقاً بحيث يكونون من المتمتعين بثقة الناس واحترام المجتمع، لأنَّ الأشخاص الذين يحسنون الاتصال بالناس والتعرف عليهم هم مكسب كبير للبنك الإسلامي، لأن صلتهم بالناس ومعرفتهم لهم يعود نفعها على البنك نفسه.
ثانياً: على البنوك الإسلامية أن توعى جماهير المسلمين بحقيقة رسالة البنوك الإسلامية وأنهَّا تمثل التحرر من بقايا التبعية للنظام الغربي الذي فرض على بلادنا في غفلة من المسلمين النظام الربوي الجائر.
إنَّ وعي الجماهير إحدى الركائز الأساسية لنجاح البنوك الإسلامية، فيجب أن يعي المسلمون أن الإسهام في هذه البنوك بالمال أو بالجهد أو بالفكر عبادة وقربة، بل هو فريضة شرعية للتحرير من رجس الربا ووبائه الخطير.
ثالثاً: على البنوك الإسلامية أن تستخدم أحدث أساليب العصر لإنجاز معاملات الناس وتوفير الراحة والوقت لهم حتى يفهم الناس أنَّ الارتباط بتعاليم الإسلام ليس عقبة في طريق التقدم.
رابعاً: أن تستوثق البنوك الإسلامية من صحة أعمالها شرعاً، وذلك بعرضها على هيئة رقابتها الشرعية الخاصة لئلاَّ يكون الأهل الأهواء والأغراض السيئة مدخل على البنوك في التشكيك في بعض معاملاتها لأنَّ أعداء فكرة البنوك الإسلامية لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تلك الصروح الشامخة التي تؤكد سمو تعاليم الإسلام وشموله لمناحي الحياة المختلفة.
خامساً: أن يكون بين البنوك الإسلامية ـ مهما اختلفت البلدان الواقعة فيها ـ تعاون وتنسيق مشترك، بحيث يستفيد بعضها من خبرة بعض، ويتعلم بعضها من الأخطاء، ويشد بعضها أزر بعض، وتكون جبهة اقتصادية قوية قادرة على تنفيذ المشروعات الكبرى، وعلى الوقوف في وجه البنوك الربوية التي تحارب الله ورسوله في قلب البلاد الإسلامية.
سادساً: يجب أن يقوم بجوار البنوك الإسلامية مؤسسات اقتصادية إسلامية أخرى تكمل دور البنوك، وتساعدها، مثل شركات الاستثمار الإسلامية. ونحن ولله الحمد نرى البنوك الإسلامية القائمة أخذت بكثير من العوامل، فأثبتت وجودها في عالم الاقتصاد، وأصبحت مضرب المثل في الربح الحلال([392]).
المبحث السادس: إلى الرعاة والرعية
الناظر في هذا البحث لابدَّ أن يتبادر إلى ذهنه سؤال مفاده؛ هل يمكن تصحيح أوضاع البنوك الربوية الموجودة بحيث تصبح بنوكاً نزيهة تسير وفق الشريعة الإسلامية أو أنَّ الأمر غير ممكن ويكون دورنا هو تكثيف البنوك الإسلامية التي أثبتت نجاحها خلال السنوات القليلة الماضية؟.
وللإجابة عن هذا السؤال أقول:
إنَّ البنوك أجهزة استلزمتها المدنية الحديثة، وقد شاركت في معظم حالات التعامل بين الأفراد والهيئات داخل الدولة وخارجها، وأصبحت بمثابة أوعية تتجمع فيها النقود والمدخرات على هيئة ودائع، ثم تخرج في شكل منظم في مشاريع وخدمات حسب احتياجات المجتمع، وتحقيقاً للربح والمنفعة وحاجة الناس إلى هذه البنوك لا تدانيها حاجة، لأنهم تعودوا على التخفف من أعباء أموالهم الكثيرة، وأسندوا إدارتها إلى هذه البنوك مقابل ربح مضمون، يحصلون عليه وهم في بيوتهم دون تعب أو عناء، وتالله لولا المعاملات الربوية التي تتعامل بها هذه البنوك لكانت نموذجاً رائعاً للتعاون المثمر البنّاء لا سيما أنها أصبحت ضرورية في عالم الاقتصاد. والذي أرى أنه يكتنفه الغموض والشبهة من معاملات البنوك الحديثة هو:
1_ القرض بفائدة. 2_ فتح الاعتمادات بفائدة.
3_ الإيداع بفائدة. 4_ خصم الكمبيالة.
هذا هو الوباء الخطير الذي يهدد أمن الناس في أوطانهم وتصرفاتهم في ظلال عقيدتهم السمحة، ولكن هل نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا النوع اليسير من التعامل ونترك البنوك الحديثة تسرح وتمرح في البلاد الإسلامية أو نجتهد لتصحيح وضعها ولو كلفنا ذلك الكثير؟ إنَّ الطبيب الحاذق يستطيع أن يزيل بمبضعه الحواجز والشوائب، ورجل العلم الغيور والاقتصادي المخلص وغيرهما ممن لهم القيادة والتوجيه يجب أن يعملوا جاهدين على تنقية التعامل من الخبث والرجس ـ الربا([393]).
ولقد آثرت في بحثي هذا منهج تصحيح البنوك التجارية، وها أنذا أرسم طريق الخلاص من الشوائب العالقة، فنحن إذ أردنا أن يسلم مسار البنوك الربوية يجب أن تتخذ الخطوات التالية:
1_ عدم فوائد للمودعين، ومن طلب منهم ربحاً فيعمل معه تحت مظلة عقد الشركة.
2_ عدم تقاضي البنوك فوائد من عملائها مقابل إقراضهم، وفي أسلوب المضاربة بديل لهذا النوع من التعامل.
3_ عدم أخذ فوائد على فتح الاعتمادات بل يكفي البنك ما يأخذه من أجرة مقابل خدماته.
4_ خصم الكمبيالة يجب أن تتجنبه البنوك الحديثة، وتسلك مكانه عملية التمويل بالمشاركة، أو عملية بيع الكمبيالة بعوض، ثم يباع العوض بنقد ليحصل صاحب الكمبيالة على مقصوده وهو النقد.
5_ تطهير جميع معاملات البنوك الحديثة من أدنى شائبه تشوبها لكي يكون مسارها صحيحاً([394]).
ولقد أعجبني اقتراح طرحه الأستاذ محمد محمود الصواف في كتابه نداء الإسلام حول تصحيح مسار البنوك الربوية حيث يقول: (أرى أن يلحق موظفو البنوك بوزارة المالية أو بوزارة التجارة ويصبح البنك دائرة من دوائر إحدى هاتين الوزارتين، ويقوم بنفس الأعمال التي تقوم بها الآن ولكن بعد تجريده من كل تعامل ربوي([395]).
وبعد فنحن إذا نظرنا إلى البلاد الإسلامية وجدناها تنفق الأموال الطائلة لتأسيس فرق المطافئ في كل مدينة وقرية وذلك، خشية أن يحترق عش من الأعشاش، أو تحترق دار بأخشابها وأثاثها، أو تحترق الأسواق أو يصاب أحد بسوء من نار تصيبه، أو دار تسقط عليه، وهذا أمر جميل ومحمود وضروري فعله لتلافي المخاطر والأضرار، ولكن حرق الأخلاق أهم وأضر من حرق الأسواق، والنار التي تأكل الدين أشد فتكاً وأسوأ أثراً من النار التي تأكل الأثاث، والنار التي تعدها فرق المطافئ نار محتملة الوقوع، وقد لا تقع إلاَّ نادراً، ونار الربا قاتلة، وهي نار موقودة، ونار حرب وفتيل فتن تأكل الدين، وهي الحالقة والماحقة والساحقة، إذ تحارب الله ورسوله والويل ثم الويل لمن حارب الله ورسوله.
ولو أنفقنا على البنوك بقدر ما ننفقه على فرق المطافئ لأغنينا الناس عن الحرام وأنقذناهم مما هم فيه من المنكر والزور.
وبعد فهذا نداء ورجاء أوجههما إلى القائمين على الأمور في البلاد الإسلامية، وإلى الشعوب الإسلامية لكي ينقذوا السفينة قبل الغرق، ويستدركوا الأمر قبل فوات الأوان، وقبل أن نندم ولا ينفع الندم.
إنه نداء أرجو أن يجد آذاناً صاغية وعقولاً واعية، ولعله إن شاء الله يتحقق على أيدي المصلحين في البلاد الإسلامية الذين يسعون لوقاية أنفسهم ورعاياهم من عذاب الله وسخطه، فهل يتحقق هذا الرجاء؟.
لعل الله يأذن بذلك إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.
المبحث السابع: أمل تحقق
إنَّ قيام البنوك الإسلامية وانتشارها في آفاق العالم الإسلامي يسقط حجة هؤلاء الذين كانوا يتلمسون الأعذار لأنفسهم لاستثمار أموالهم في البنوك الربوية بحجة الضرورة التي تلجئهم إلى ذلك، وهي عدم وجود بنوك إسلامية، لقد سقطت مثل هذه الذرائع الواهية وبلا رجعة إن شاء الله بعد قيام البنوك الإسلامية العملاقة التي تتبنى بقوة وبعزيمة صادقة صرح اقتصاد إسلامي شامخ.
إنَّ قيام البنوك الإسلامية يعتبر كسباً جديداً وتجسيداً وتأكيداً لصلاحية رسالة الإسلام، لقد حرصت البنوك الإسلامية أن تتكفل بأعباء الاقتصاد للبلاد الإسلامية، وتكون وسيلة لتجميع فائض أموال المسلمين وتوجيهها وجهة نافعة ومثمرة لأمة المسلمين بدل أن تأخذ هذه الأموال طريقها إلى البنوك الربوية التي يسيطر عليها أعداء المسلمين الذين يستخدمون أرباح أموال المسلمين في قتل المسلمين وتشريدهم.
وتالله لقد ضاقت بنوك الغرب بأموال المسلمين الذين أعمى الشره والبطر عيونهم، وقتل الغي الحمية فيهم، فلم يعودوا يفكرون إلا في ذواتهم، أمَّا من حولهم من الفقراء والمعوزين فلا شأن لهم بهم.
إن هذه الأموال الطائلة التي تتكدس في بنوك الغرب لترفع كفيها صباح مساء تسأل الله أن ينقذها مما هي غرقى فيه من الحرام، كما تدعوه أن يهيأ لها قارب النجاة الذي تعبر عليه إلى شواطئ السلامة والأمان، وها هي قوارب النجاة قد كثرت وتوفرت بفضل الله، ثم بجهد المخلصين ـ وفقهم الله وسدد خطاهم ـ، فهل يثوب أولئك المفتونون بحب الغرب والكافر وأنظمته إلى رشدهم، ويراجعون حساباتهم ويحرمون الغرب من هذه الأموال الطائلة، ويضعونها في البنوك الإسلامية لكي ينتفع منها المسلمون، ولو بالمشاريع العامة، لعل ذلك يتحقق إن شاء الله.
يقول الدكتور غريب الجمال: (فبوحي من التطلعات الروحية لأمتنا الإسلامية وبأملها في أن ترى مجتمعها الإسلامي وقد أعاد بناءه على أسس مثالية شرعية واقتصادية، بناءه يرجى لهذا المجموعة من المصارف الإسلامية التوفيق والتقدم بخطوات واثقة في ميدان المال والمعاملات حتى يرى العالم الإسلامي وقد احتل مركزه الطبيعي والبناء على أساس العقيدة التي يعيش عليها أكثر من ألفي مليون من البشر معظمهم ينقلب نظره بين الأمل والرجاء وفيما بين الواقع وما يجب أن يكون([396]).
الخاتمة
في نهاية هذا البحث أحمد الله الذي وفقني وأمد في عمري حتى فرغت منه كما أحمده، وهو أهل الحمد وحده، أن وفقني للخروج منه بمكاسب عظيمة لا تقدر بثمن، وهذه المكاسب منها ما سطرته بين ثنايا البحث، ومنها ما هو خاص بي كالصبر وطول النفس في القراءة وتتبع النصوص ما أمكن وقراءة مواضيع كثيرة خارجة عن نطاق البحث، وإنه ليجدر بي وأنا أسطر آخر هذا البحث أن أنبه على أمر اعتاده كثير من الباحثين فيما يقدمونه من بحوث ورسائل علمية، ذلك أنهم يأتون بملخص للبحث أو الرسالة في الخاتمة وهذا أمر لا يتمشى مع منهج البحث العلمي الأصيل، ولهذا فقد ارتضيت أن أسطر في هذه الخاتمة الاقتراحات التي أراها ضرورية لتمام هذا البحث، وما أقترحه اليوم قد يطرأ عليه شيء من التعديل في المستقبل، ولكنها بنات الفكر تسجل في وقتها. أسأل الله أن أكون موفقاً فيما أقدمه من اقتراحات، كما أسأله أن تجد التجاوب التام من المعنيين بها.
ومقترحاتي([397]) كالتالي:
1_ أقترح إنشاء بنوك إسلامية في كبريات المدن في البلاد الإسلامية ليتسنى لفئات كثيرة من المسلمين الانتفاع بخدمات هذه البنوك، ولا إخال المهتمين بشئون الاقتصاد في البلاد الإسلامية يعجزون عن ذلك متى تضافرت الجهود وحسنت النيات ووجدت التعاون من جماهير المسلمين.
2_ أقترح أن تقوم الحكومات في البلاد الإسلامية بتصحيح أوضاع البنوك الربوية، وذلك بجعل هذه البنوك دوائر حكومية كغيرها من الدوائر التي تؤدي خدمات للناس، ويعطي الموظفون في هذه البنوك رواتب شهرية كغيرهم من الموظفين في مختلف المصالح الحكومية، وتبقى هذه البنوك تؤدي مهمتها كاملة مبتعدة عن الربا بجميع صوره وأشكاله، وما أيسر ذلك إذا وجد الإيمان الصادق والعزائم القوية.
3_ فكرة البنوك الإسلامية لا تزال غامضة لدى عامة المثقفين في البلاد الإسلامية.
ولإزالة الغموض عن هذه البنوك ولمزيد شرح فكرتها وبيانها للناس أقترح ما يأتي:
( أ ) تكثيف النشرات التي ترسم خطوات البنوك الإسلامية وكيفية نشأتها، وتوضح أعمالها المصرفية والاستثمارية.
( ب ) تكثيف الكتيبات التي تبحث في البنوك الإسلامية وما حققته من إنجازات وما ستقدم عليه من خطوات لتكون المنجزات أما الناس فيطلعون على الماضي المشرف والمستقبل المرسوم لهذه البنوك.
(ج) القيام بمحاولة استقصاء لما كتب حول الاقتصاد الإسلامي وبالذات بنوك الإسلامية لتكون سهلة التناول بيد الباحثين والمهتمين بشئون الاقتصاد الإسلامي، ولقد أحسن الدكتور نجاة الله الصديقي صنيعاً حينما وضع القائمة ـ الببلوجرافية ـ لمراجع الاقتصاد الإسلامي.
(د) تشجيع الباحثين في المجالات المختلفة التي لها علاقة بالاقتصاد الإسلامي وتقديم كافة التسهيلات لهم ليكون العطاء كثيراً والإنتاج وافراً.
(هـ) التعاون مع بعض الجامعات الإسلامية لتفريغ بعض الباحثين المؤهلين للكتابة في القضايا المختلفة التي تتعلق بالبنوك الإسلامية([398]).
(و) مجلة البنوك الإسلامية من أنجح الوسائل ـ في نظري ـ للتعريف بالبنوك الإسلامية، ولكن مما يؤسف له أن هذه المجلة غير معروفة عند كثير من مثقفي البلاد الإسلامية لقلة انتشارها، والذي أراه محاولة تكثيف انتشارها بمختلف الوسائل الكفيلة بذلك ومن أهمها عرضها للبيع في الأسواق وإيصالها للمؤسسات التعليمية المختلفة لتصل إلى أيدي المثقفين في كل مكان.
(ز) تكثيف الندوات والمحاضرات لشرح فكرة البنوك الإسلامية، وليلتقي عن طريقها العاملون بالبنوك الإسلامية بجماهير الناس ويجيبوا عن أسئلتهم واستفساراتهم([399]).
(ح) تكثيف الدورات التدريبية للعاملين في البنوك الإسلامية ليتعرف بعضهم على بعض ويتدارسون مشاكلهم وقضاياهم في جو تسوده الألفة والمحبة والعمل المشترك لغاية واحدة([400]).
(ط) محاولة نشر الميزانية الختامية وتوزيع الأرباح في جميع البنوك الإسلامية بالجرائد والمجلات واسعة الانتشار في مختلف البلاد الإسلامية ليتسنى لعامة المثقفين في هذه البلاد الاطلاع على نتائج أعمال البنوك والحكم عليها من خلال نتائجها، وهذا له أثره الكبير في إقبال الناس على المساهمة في هذه البنوك وتشجيعها لتواصل رسالتها في الحياة.
4_ بعض الناس لا يزال يساوره شك في معاملات البنوك الإسلامية ولهذا أقترح أن تقوم البنوك الإسلامية كل بمفرده بنشر جميع ما تقوم به من خدمات في مجال العمل المصرفي ومجال الاستثمار بكل صوره وأشكاله، وتذكر الأصول الشرعية لهذا التعامل حسب ما أقرته هيئة الرقابة الشرعية للبنك، وباطلاع المسلم على هذه المعلومات يقطع بسلامة وصحة تعامل هذه البنوك، أو يتضح له غبشها وعدم نزاهتها وبالتالي يحدد موقفه منها.
5_ البنوك الإسلامية القائمة حالياً تجربة رائدة في الاقتصاد الإسلامي الأمثل، ومحاولة مني في تصحيح بعض الأوضاع لها أقترح أن تبتعد ابتعاداً كلياً عن الأمور التالية:
(أ) أخذ المصاريف على القروض الحسنة.
(ب) تمويل بعض الأفلام لعرضها في التلفاز أو السينما.
(ج) اقتطاع جزء من الربح للاحتياطي قبل توزيع الأرباح في العمليات الاستثمارية.
(د) أخذ المصاريف قبل قسمة الربح في العمليات الاستثمارية.
(هـ) بيع المرابحة للآمر بالشراء واعتبار العقد ملزماً للطرفين.
(و) اقتطاع جزء من رأس المال في المضاربة يأخذه المضارب مع أنَّ له حصة مشاعة من الربح.
(ز) التصرف في أموال الزكاة بأشكال مستحدثة.
(ح) حسم 5% من المنسحبين في مضاربة التكافل التي هي بديل عن التأمين على الحياة.
(ط) التوسع في عملية بيع التورق بحيث يقترن بها بعض المحاذير الشرعية([401]).
وأخيراً ليكن في علمك أيها المسلم أن العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه يتلهف لعودة المنهج الرباني وهيمنته على مجريات الأمور في كل شئون الحياة ليتفيأ الناس في ظلاله الخير كل الخير في جو تسوده المحبة، والألفة، والتعاون المثمر البناء بين شعوب العالم الإسلامي، وإن الأمة الإسلامية ما أصيبت بما أصيبت به من كوارث ونكبات وأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية إلا لبعدها عن منهج الله ويوم أن تفيء إليه ستسعد بإذن الله في العاجل والآجل: [وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ]([402]). وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تحريراً في 10/ 11/ 1401هـ
فهرس موضوعات الرسالة
الموضوع | الصفحة |
آية من القرآن | |
حديث من السنة | |
كلمات صادقة | |
الافتتاحية | |
أولاً: خطبة الكتاب: | |
ثانياً: سبب اختيار موضوع البنوك الإسلامية: | |
ثالثاً: منهجي في البحث: | |
رابعاً: المخطط الإجمالي للكتاب: | |
المقـدمــة (الاقتصاد الإسلامي بين النظم الأخرى) | |
الشيوعية والرأسمالية: | |
النظام الرأسمالي | |
النظام الشيوعي | |
النظام الإسلامي | |
الباب الأول: البنوك الربوية | |
الفصل الأول: البنوك: تعريفها، ونشأتها، ووظيفتها | |
المبحث الأول: البنوك وتعريفها ونشأتها | |
المبحث الثاني: وظيفة البنوك وأعمالها | |
المطلب الأول: تعريف البنوك | |
تعريف الصرف عند الفقهاء | |
شروط الصرف | |
المطلب الثاني: نشأة البنوك | |
1-بدء معرفة الأعمال المصرفية | |
2-العمل المصرفي في القرون الوسطى | |
3-مولد البنوك المنظمة | |
4-البنوك في البلاد الاشتراكية | |
5-النشاط المصرفي عند العرب قبل الإسلام | |
6-النشاط المصرفي في العالم الإسلامي | |
المبحث الثالث: أنواع البنوك | |
أ-البنوك التجارية | |
أ-وظيفة مصرفية | |
ب- وظيفة نقدية وائتمانية | |
ج- وظيفة رقابية | |
ب- البنوك المتخصصة | |
1-البنوك الزراعية | |
2-البنوك الصناعية | |
3-البنوك العقارية | |
الفصل الثاني الربا: | |
المبحث الأول: تعريف الربا وأنواعه | |
المطلب الأول: تعريف الربا لغة واصطلاحاً | |
المطلب الثاني: ربا الفضل | |
تعريف الربا في الشرع | |
تعريفه | |
مثاله | |
موقف العلماء من ربا الفضل | |
القول الأول | |
القول الثاني | |
أدلة الجمهور | |
الدليل من الكتاب | |
الوجه الأول | |
الوجه الثاني | |
مناقشة الدليل من الكتاب | |
دفع هذه المناقشة | |
الدلي من السنة | |
وجه الدلالة من الحديث | |
وجه الدلالة من الحديث | |
مناقشة دليل الجمهور من السنة | |
دفع هذه المناقشة | |
الدليل من الإجماع | |
مناقشة دعوى الإجماع على تحريم ربا الفضل | |
دفع هذه المناقشة | |
أدلة مذهب ابن عباس | |
الدليل من الكتاب | |
وجه الدلالة | |
مناقشة هذا الاستدلال | |
وجه الدلالة | |
مناقشة هذا الدليل | |
المطلب الثالث: ربا النسيئة | |
الترجيح | |
تعريفه | |
ومثاله | |
المبحث الثاني: أدلة تحريم الربا | |
أدلة تحريم الربا من القرآن | |
أدلة تحريم الربا من السنة | |
الدليل من الإجماع | |
المبحث الثالث: اتجاهات العلماء في تحديد منطقة الربا | |
المطلب الأول: الاتجاهات الموسعة لمنطقة الربا | |
المجموعة الأولى | |
المجموعة الثانية | |
الاتجاهات المضيقة لمنطقة الربا | |
الاتجاه الأول: | |
الاتجاه الثاني: | |
الاتجاه الثالث: | |
الاتجاه الرابع: | |
الاتجاه الخامس: | |
المطلب الأول: علة الربا | |
الفرع الأول: علة الربا في النقدين | |
الفرع الثاني: علة الربا في الأصناف الأربعة | |
المبحث الرابع: مضار الربا | |
المضار الأخلاقية | |
المضار الاجتماعية | |
المضار الاقتصادية | |
المبحث الخامس: حكمة تحريم الربا | |
المبحث السادس شبه القائلين بحل الربا والرد عليها | |
الشبهة الأولى: | |
الشبهة الثانية: | |
الشبهة الثالثة: | |
الشبهة الرابعة: | |
الشبهة الخامسة: | |
الشبهة السادسة: | |
الشبهة السابعة: | |
الشبهة الخامسة: | |
الشبه السادسة: | |
الباب الثاني: البنوك الإسلامية | |
الفصل الأول: تعريف البنوك الإسلامية ونشأتها وخصائصها | |
المبحث الأول: التعريف بالبنوك الإسلامية ونشأتها | |
نشأة البنوك الإسلامية: | |
المبحث الثاني: خصائص البنوك الإسلامية | |
الفرع الأول: المصرف الإسلامي يحفز المسلمين إلى الادخار | |
الخاصية الأولى: استبعاد التعامل بالفائدة | |
الخاصية الثانية: هي توجيه الجهد نحو التنمية عن طريق الاستثمارات | |
الخاصية الثالثة: ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية | |
الخاصية الرابعة: تجميع الأموال العالة ودفعها إلى مجال الاستثمار والتوظيف | |
الخاصية الخامسة: تيسير وسائل الدفع وتنشيط حركة التبادل التجاري | |
الخاصية السادسة: إحياء نظام الزكاة بإنشاء صندوق تجمع فيه حصيلتها | |
الخاصية السابعة: إحياء بيت مال المسلمين وإنشاء صندوق له | |
الخاصية الثامنة: القضاء على الاحتكار الذي تفرضه الشركات | |
الخاصية التاسعة: إرساء قواعد العدل والمساواة في المغانم والمغارم | |
الفصل الثاني: إسهام البنوك الإسلامية في التصحيح الإسلامي للمسار الاقتصادي | |
المبحث الأول: تخليص البلاد الإسلامية من التبعية الاقتصادية | |
1-فيما يتعلق بالمعاملات المصرفية | |
2-وفيما يتعلق بشؤون النقد | |
3-وفيما يتعلق باستثمار رؤوس الأموال | |
المبحث الثاني: تجميع فوائض الأموال واستثمارها | |
الفرع الأول: المصرف الإسلامي يحفز المسلمين على الادخار | |
الفرع الثاني: المصرف الإسلامي يوفر التمويل الاستثماري نظير مقابل عادل | |
الفرع الثالث: المصرف الإسلامي يحد من سوء التضخم | |
الفرع الرابع: المصرف الإسلامي يوسع حجم المبادلات التجارية المباشرة | |
الفرع الخامس: المصرف الإسلامي ينظم جمع واستثمار حصيلة أموال الزكاة | |
الباب الثالث: مصادر الأموال والعقود الحاكمة للتعامل المصرفي للبنوك الإسلامية | |
الفصل الأول: مصادر الأموال في الإسلامية | |
المبحث الأول: المصادر الداخلية للأموال في البنوك الإسلامية | |
أولاً: رأس المال | |
تحديد رأس المال في البنك الإسلامي والعوامل المؤثرة في حجمه | |
ثانياً: الاحتياطات | |
المبحث الثاني: المصادر الخارجية للأموال في البنوك الإسلامية | |
أولاً: الودائع | |
ثانياً: موارد الصناديق | |
ثالثاً: الهبات والتبرعات | |
الفصل الثاني: العقود الحاكمة للتعامل المصرفي في الإسلام | |
المبحث الأول: عقد الوديعة | |
تعريف الوديعة لغة واصطلاحاً | |
الوديعة في اصطلاح الفقهاء | |
الأصل في مشروعية الوديعة | |
الإجماع | |
صفتها | |
حكمها | |
ركنها | |
شروطها | |
الإنفاق على الوديعة | |
انفساخ عقد في الوديعة | |
أحكام عامة في الوديعة | |
المبحث الثاني: عقد الإجارة | |
تعريفها لغة واصطلاحاً | |
مشروعيتها | |
الإجماع | |
حكمة مشروعية الإجارة | |
ركنها | |
شروط العاقدين | |
شروط صحة الإجارة | |
استحقاق الأجرة | |
هلاك العين المستأجرة | |
فسخ الإجارة | |
المبحث الثالث: القرض | |
حكمة مشروعية القرض | |
شروط القرض | |
ما يصح فيه القرض | |
كل قرض جر نفعاً فهو ربا | |
المبحث الرابع: عقد الحوالة | |
تعريفها لغة واصطلاحاً | |
حكمها | |
دليلها | |
شروط صحتها | |
تعريفها لغة واصطلاحاً | |
المبحث الخامس: عقد الشركة | |
الأصل في مشروعيتها | |
أقسام الشركة | |
القسم الأول: شركة الأملاك | |
حكمة هذه الشركة | |
القسم الثاني: شركة العقود | |
أولاً: شركة العنان | |
ثانياً: شركة المفاوضة | |
ثالثاً: شركة الأبدان | |
رابعاً: شركة الوجوه | |
خامساً: شركة المضاربة | |
تعريفها لغة واصطلاحاً | |
الأصل في مشروعيتها | |
حكمة مشروعية المضاربة | |
شروط المضاربة | |
المبحث السادس: عقد الوكالة | |
تعريفها لغة واصطلاحاً | |
الأصل في مشروعيتها | |
أركانها | |
شروطها | |
ضابط ما تجوز فيه الوكالة | |
انتهاء الوكالة | |
المبحث السابع: عقد الضمان | |
وفي الاصطلاح | |
الأصل في مشروعيته | |
أركان الضمان | |
أقسام الضمان | |
أسباب الضمان | |
أحكام الضمان | |
الباب الرابع: وظيفة البنوك الإسلامية | |
الفصل الأول: الخدمات التي تقوم بها البنوك الإسلامية | |
المبحث الأول: الودائع | |
أقسام الوديعة المصرفية | |
أولاً: الوديعة الادخارية | |
ثانياً: الوديعة تحت الطلب | |
ثالثاً: وديعة الاستثمار | |
رابعاً: إيداع الوثائق والمستندات | |
صندوق التوفير | |
المبحث الثاني: الأوراق التجارية | |
المطلب الأول: تعريف الأوراق التجارية | |
أنواع الأوراق التجارية | |
أولاً: الكمبيالة | |
ثانياً: السند الإذني أو السند لحامله | |
ثالثاً: الشيك | |
وجوه الاتفاق والاختلاف بين الكمبيالة والسند الإذني والشيك | |
حكم تحرير هذه الأوراق | |
المطلب الثاني: تحصيل الأوراق التجارية | |
التكييف الشرعي لعملية التحصيل | |
المطلب الثالث: خصم الأوراق التجارية | |
المطلب الرابع: محاولات لتخريج خصم الأورق التجارية مناقشتها | |
تصوير عملية الخصم | |
عائد البنك من عملية الخصم | |
الفرع الأول: تخريجها عن طريق الجعالة | |
مناقشة هذا التخريج | |
تخريجها عن طريق الجعالة | |
الفرع الثاني: تخريجها عن طريق القرض المماثل | |
الفرع الثالث: تخريجها على أساس البيع | |
مناقشة هذا التخريج | |
تخريجها على أساس القرض الحسن | |
الفرع الرابع: تخريجها على أساس القرض الحسن لمن له حساب جار في البنك | |
الفرع الخامس: تخريجها على أساس “ضع وتعجل” | |
مناقشة هذا التخريج | |
تخريجها على أساس القرض الحسن | |
الفرع السادس: الرأي المختار | |
مناقشة هذا التخريج | |
أولاً: في النطاق الداخلي | |
ثانياً: في النطاق الخارجي | |
المبحث الثالث: الاعتماد المستندي | |
سبب التسمية | |
عائد البنك من فتح الاعتماد المستندي | |
الحكم الشرعي لهذا الاعتماد | |
أولاً: الوكالة | |
ثانياً: الحوالة | |
ثالثاً: الضمان | |
المبحث الرابع: خطابات الضمان | |
تعريفها | |
أقسام خطابات الضمان | |
الفرق بين خطاب الضمان والاعتماد المستندي | |
عائد البنك من خطاب الضمان | |
الحكم الشرعي لخطاب الضمان | |
المبحث الخامس: التحويلات المصرفية | |
أنواعها: | |
أولاً: التحويل الداخلي | |
طريقة التحويل | |
عائد البنك من عملية التحويل الداخلي | |
ثانياً: التحويل الخارجي | |
طريقة التحويل | |
عائد البنك من عملية التحويل الخارجي | |
الحكم الشرعي لعملية التحويل الخارجي | |
المبحث السادس: تأجير الصناديق الحديدة | |
تعريفه | |
فوائد عقد إيجار الصناديق الحديدة | |
طابع هذا العقد | |
آثار هذا العقد | |
تكييف عقد إيجار الصناديق الحديدية في نظر القانون | |
تكييف هذا العقد في الفقه الإسلامي | |
حكم تأجير الصناديق الحديدة في الشريعة الإسلامية | |
المبحث السابع: إدارة الممتلكات والتركات والوصايا والزكاة | |
المبحث الثامن: بيع الأسهم والسندات والعملات الأجنبية | |
المطلب الأول: بيع الأسهم | |
تعريف الأسهم | |
حكم بيع الأسهم | |
والأسهم قسمان | |
القسم الأول | |
القسم الثاني | |
شبهتان على القول بإباحة بيع الأسهم ودفعهما | |
المطلب الثاني: بيع السندات | |
المطلب الثالث: بيع العملات الأجنبية | |
تعريف السند | |
الفرق بين الأسهم والسندات | |
حكم بيع السندات | |
المبحث التاسع: عملية الاكتتاب وحفظ الأوراق المالية | |
المطلب الأول: عملية الاكتتاب | |
تكييف عملية الاكتتاب في الفقه الإسلامي | |
المطلب الثاني: حفظ الأوراق المالية | |
تكييف عملية حفظ الأوراق المالية في الفقه الإسلامي | |
المبحث العاشر: القرض | |
تعريف القروض | |
تكييف هذا العقد في الفقه الإسلامي | |
الحكم الشرعي لعقد القرض | |
كيف يمكن للبنك الإسلامي القيام بهذه الخدمة ؟ | |
حكم أخذ الأجرة على القرض | |
الراجح عندي | |
الفصل الثاني: الاستثمار في البنوك الإسلامية | |
المبحث الأول: التكاليف التي تحكم استثمار الأموال في الإسلام | |
المبحث الثاني: الأسس التي يقوم عليها استثمار رأس المال في الإسلام | |
المبحث الثالث: أشكال الاستثمار في البنوك الإسلامية | |
أولاً: المضاربة | |
ثانياً: المشاركة | |
ثالثاً: المشاركة المنتهية بالتمليك | |
رابعاً: بيع السلم | |
خامساً: بيع المرابحة | |
سادساً: بيع المرابحة للآمر بالشراء | |
سابعاً: البيع بالتقسيط | |
المبحث الرابع: تكييف العلاقة بين المستثمرين والبنك الإسلامي | |
المبحث الخامس: أهداف الاستثمار الإسلامي | |
الباب الخامس: البنوك الإسلامية في تجاربها الأولى | |
الفصل الأول: بنوك الادخار | |
المبحث الأول: التفكير في إنشائها وكيف تم قيامها بعملها | |
المطلب الأول: المناخ الذي عاصر تجربة بنوك الادخار | |
المطلب الثاني: وضع الخطوات لأول مصرف لا ربوي | |
المطلب الثالث: مبررات إنشاء بنوك الادخار في الريف | |
المطلب الرابع: مرحلة التوسع في بنوك الادخار | |
المبحث الثاني: الأعمال التي تقوم بها بنوك الادخار | |
المطلب الأول: جمع المدخرات | |
المطلب الثاني: الحسابات | |
أولاً: حساب الادخار | |
ثانياً: حساب الاستثمار | |
ثالثاً: الحساب الاجتماعي | |
المطلب الثالث: القروض التي يقدمها بنك الادخار المحلي | |
المبحث الثالث: العقبات في طريق بنوك الادخار وأسباب توقف هذه البنوك | |
المبحث الرابع: الآثار التي تخلفها بنوك الادخار | |
الفصل الثاني: البنك الاجتماعي الإسلامي (بنك ناصر الاجتماعي) | |
المبحث الأول: نشأة البنك وأهدافه | |
المبحث الثاني: رأس مال البنك الاجتماعي وموارده | |
المبحث الثالث: أوجه نشاط البنك | |
أولاً: التأمين الاجتماعي | |
ثانياً: القروض الاجتماعية | |
ثالثاً: القروض الإنتاجية | |
رابعاً: الاستثمارات | |
خامساً: المساعدات الاجتماعية | |
سادساً: إقراض الطلاب | |
سابعاً: الودائع الادخارية | |
ثامناً: الودائع الاستثمارية | |
تاسعاً: بيت المال | |
عاشراً: الزكاة | |
رأيي في البنك الاجتماعي الإسلامي | |
الفصل الثالث: بنك التنمية الإسلامي | |
المبحث الأول: نشأة البنك | |
المبحث الثاني: أهداف البنك ووظائفه | |
المبحث الثالث: عضوية البنك | |
المبحث الرابع: موارد البنك المالية | |
أولاً: رأس المال | |
ثانياً: الودائع | |
ثالثاً: موارد الصناديق الخاصة | |
رابعاً: موارد الصناديق الموضوعة تحت نظارة البنك | |
المبحث الخامس: هيكل البنك الإداري | |
المبحث السادس: الطابع الدولي للبنك | |
الباب السادس: البنوك الإسلامية بعد تجاربها الأولى | |
الفصل الأول: بنك دبي الإسلامي | |
المبحث الأول: نشأة البنك | |
عقد التأسيس | |
رأس المال | |
الاكتتاب العام | |
المدة | |
المركز الرئيسي للشركة | |
إدارة الشركة | |
السنة المالية للشركة | |
أغراض البنك | |
المبحث الثاني: الخدمات التي يؤديها بنك دبي الإسلامي | |
1-الحساب الجاري | |
2-حساب التوفير | |
3-حساب الاستثمار | |
4-السحب على المكشوف | |
5-بيع المرابحة | |
6-التمويل من البنك | |
7-خطابات الضمان والكفالات | |
8-خطابات الاعتماد | |
9-إجراء التحاويل الخارجية | |
10-بيع وشراء العملات | |
11-بيع السلم | |
المبحث الثالث: مقارنة بين ميزانيتي البنك في سنتيه الأولى والثانية | |
ملاحظات حول بنك دبي الإسلامي | |
الفصل الثاني: بنوك فيصل الإسلامية | |
المبحث الأول: بنك فيصل الإسلامي المصري | |
المطلب الأول: نشأة البنك | |
الغرض من إنشاء البنك | |
المطلب الثاني: الموارد المالية للبنك | |
رأس مال البنك | |
1-رأس المال | |
2-الأسهم | |
مدة البنك | |
إدارة البنك | |
المطلب الثالث: الأعمال التي يقوم بها بنك فيصل الإسلامي المصري | |
3-الودائع | |
4-الهبات والتبرعات | |
أولاً: الودائع | |
أ-الحسابات الجارية | |
ب-الودائع الادخارية | |
ج-ودائع الاستثمار العام | |
د-ودائع المشاركة محددة المدة أو الغرض | |
ثانياً: الاستثمار والتمويل بالمشاركة | |
1-التمويل بالمشاركة | |
2-الاستثمار المباشر | |
ثالثاً: الخدمات المصرفية الأخرى | |
رابعاً: القروض الحسنة | |
خامساً: صندوق الزكاة | |
ملاحظات حول بنك فيصل الإسلامي المصري | |
أولاً: حول إخراج الزكاة | |
ثانياً: الرقابة بالشرعية للبنك | |
تقرير هيئة الرقابة الشرعية للبنك | |
ثالثاً: حول تمويل بعض البنوك | |
رابعاً: حول بيع المرابحة | |
المبحث الثاني: بنك فيصل الإسلامي السوداني | |
المطلب الأول: نشأة البنك | |
المطلب الثاني: أهداف البنك | |
رأس مال البنك | |
إعفاءات خاصة بالبنك | |
هيئة الرقابة الشرعية للبنك | |
المطلب الثالث: الخدمات التي يقوم بها بنك فيصل الإسلامي السوداني | |
أولاً: الودائع | |
ثانياً: أنواع من المشاركات يقوم بها البنك | |
ثالثاً: أنواع من البيوع يتعامل بها البنك | |
بيع المرابحة | |
شروط بيع المرابحة | |
شروط صحة بيع السلم | |
رابعاً: تمثيل الهيئات المصرفية | |
تقديم الاستشارة المالية والمصرفية والتجارية لسابق خبرة البنك في هذه المجالات | |
سادساً: الإقراض بضمانات عينية أو شخصية في حالات خاصة تحددها إدارة البنك… | |
سابعاً: القيام على شؤون الزكاة | |
ملاحظات حول بنك فيصل الإسلامي السوداني | |
أولاً: قيام البنك على شؤون الزكاة | |
ثانياً: حول الرقابة الشرعية | |
ثالثاً: حول بيع المرابحة | |
الفصل الثالث: بيت التمويل الكويتي | |
المبحث الأول: نشأة بيت التمويل الكويتي | |
المركز الرئيسي لبيت التمويل الكويتي | |
مدة بيت التمويل الكويتي | |
رأس مال بيت التمويل الكويتي | |
الأغراض التي من أجلها أسس بيت التمويل الكويتي | |
إدارة بيت التمويل الكويتي | |
المبحث الثاني: الأعمال المصرفية والاستثمارية التي يقوم بها بيت التمويل الكويتي | |
أولاً: فتح الحساب الجاري (للأفراد ولشركات) | |
ثانياً: حساب التوفير مع التفويض بالاستثمار | |
ثالثاً: الودائع الاستثمارية | |
أ-وديعة استثمار مطلقة محددة الأجل | |
ب-وديعة استثمار مطلقة مستمرة | |
رابعاً: الحوالات | |
خامساً: الاعتمادات المستندية | |
سادساً: شراء وبيع السبائك الذهبية | |
سابعاً: تبقي الاكتتابات في مراحل تأسيس الشركات | |
ثامناً: شراء الأسهم وشهادات الاستثمار | |
تاسعاً: حفظ جميع أنواع النقود والمعادن الثمينة | |
عاشراً: القيام بأعمال الأمين والوكيل وقبول التوكيلات | |
أولاً: الاستثمار العقاري | |
ثانياً: الاستثمار التجاري | |
أ-البيع بالأجل | |
ب- بيع المرابحة | |
ثالثاً: الاستثمار الصناعي | |
رابعاً: تأسيس شركات جديدة | |
خامساً: القيام بكافة الدراسات وأعمال الخبرة | |
سادساً: القيام بالأعمال المتعلقة بالنقل البري | |
سابعاً: إنشاء أنظمة تعاونية أو تبادلية | |
ثامناً: التمويل الاستثماري في أعمال المقاولات | |
تاسعاً: التمويل الاستثماري في الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن | |
عاشراً: التمويل الاستثماري في الزراعة | |
حادي عشر: التمويل الاستثماري في إنشاء المدن | |
ثاني عشر: التمويل في مصايد الأسماك واستخراج اللؤلؤ | |
ثالث عشر: التمويل الاستثماري في بناء السفن | |
رابع عشر: التمويل الاستثماري في حفر القنوات | |
خامس عشر: التمويل الاستثماري في مجالات الإعلام | |
المبحث الثالث: الوضع المالي لبيت التمويل الكويتي في سنتي 78_1979م | |
حساب الأرباح والخسائر في سنتي 78_ 1979م | |
ملاحظات حول بيت التمويل الكويتي | |
أولاً: حول المستشار الشرعي | |
ثانياً: حول بيع المرابحة | |
ثالثاً: حول بيع التورق (بيع الأجل) | |
الباب السابع: الخطط الجديدة للبنوك الإسلامية | |
الفصل الأول: المشاريع الجديدة للبنوك الإسلامية | |
المبحث الأول: البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار | |
المطلب الأول: نشأة البنك | |
دواعي إنشاء البنك في الأردن | |
أهداف البنك وغاياته | |
المطلب الثاني: الخدمات التي يقوم بها البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار | |
أولاً: الأعمال المصرفية غير الربوية | |
ثانياً: الخدمات الاجتماعية | |
ثالثاً: أعمال التمويل والاستثمار | |
المبحث الثاني: بنك البحرين الإسلامي | |
رأس مال البنك | |
أهداف البنك وأعماله | |
الودائع في بنك البحرين الإسلامي | |
الاعتبارات التي يتم بها تقويم طلبات التمويل | |
المبحث الثالث: الشركات الإسلامية للاستثمار | |
أولاً: قطاع الاستثمار | |
ثانياً: قطاع الخدمات المصرفية | |
ثالثاً: قطاع التكافل | |
الشركة القابضة | |
الشركة الإسلامية للاستثمار المحدودة (بهامس) | |
الرقابة الشرعية | |
مراقب الاستثمار | |
هيئة التحكيم الاقتصادية الإسلامية | |
الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي (الشارقة) | |
مضاربات الشركة | |
أ-مضاربات الجمهور | |
ب-مضاربات المؤسسات المالية | |
ج-مضاربات حكومات البلاد الإسلامية | |
فروع شركة الاستثمار الخليجي | |
ملاحظات حول الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي | |
أولاً: حول اقتطاع جزء من رأس المال عند المساهمة في المضاربات | |
ثانياً: حول تجميع الأموال للمضاربة | |
ثالثاً: حول مضاربة التكافل | |
المبحث الرابع: دار المال الإسلامي | |
نشأة دار المال الإسلامي | |
مبادئ المؤسسين | |
الأغراض التي يتوخاها المؤسسون لدار المال الإسلامي | |
العمليات التي تقوم بها دار المال الإسلامي | |
التنظيم الإداري لدار المال الإسلامي | |
أولاً: مجل المشرفين | |
ثانياً: هيئة الرقابة الشرعية | |
ثالثاً: موظفو التنظيم الإداري | |
الفصل الثاني: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية | |
المبحث الأول: نشأة الاتحاد | |
مقر الاتحاد | |
أهداف الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية | |
الوسائل التي يتخذها البنك لتحقيق أهدافه | |
عضوية الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية | |
موارد الاتحاد | |
المبحث الثاني: الأجهزة العاملة في الاتحاد | |
أولاً: مجلس الإدارة | |
اختصاصات مجلس الإدارة | |
الرئيس | |
اختصاص الرئيس | |
ثانياً: الأمانة العامة للاتحاد | |
الأمين العام | |
ثالثاً: هيئة الرقابة الشرعية العليا | |
المبحث الثالث: الإنجازات التي حققها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية | |
أولاً: في مجال تقديم المعونة الفنية والخبرة للمجتمعات الإسلامية التي ترغب في إنشاء بنوك إسلامية | |
ثانياً: في مجال متابعة إجراءات إنشاء البنوك الإسلامية بتشجيع نشاطاتها والمساعدة على تطويرها | |
ثالثاً: في مجال العمل على توحيد النظم والقواعد الخاصة بأنشطة البنوك الإسلامية الأعضاء | |
رابعاً: في مجال النهوض بمستوى العاملين بالبنوك الإسلامية الأعضاء | |
خامساً: حول تنظيم برنامج الاستثمار والتمويل بالمشاركة | |
الهدف من البرنامج | |
المشتركون في البرنامج | |
نتائج البرنامج | |
سادساً: حول تأسيس المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي | |
الفصل الثالث: ملاحظات عامة حول البنوك الإسلامية | |
المبحث الأول: المآخذ على البنوك الإسلامية الموجودة | |
أولاً: أخذ المصاريف على القروض الحسنة | |
ثانياً: تمويل بعض الأفلام في مجال الإعلام | |
ثالثاً: اقتطاع جزء من الأرباح قبل توزيعها للاحتياطي | |
رابعاً: أخذ المصاريف الإدارية مع أن البنك مضارب | |
خامساً: بيع المرابحة للآمر بالشراء | |
سادساً: اقتطاع جزء منم رأس المال في المضاربة للمضارب | |
سابعاً: التصرف بتوزيع الزكاة بأشكال مستحدثة | |
ثامناً: حول مضاربة التكافل | |
تاسعاً: حول التوسع في عملية بيع التورق | |
المبحث الثاني: البنك الإسلامي البديل | |
الدوائر التي ينبغي أن تعمل في البنك الإسلامي | |
أولاً: الدائرة المصرفية | |
ثانياً: الدائرة الصناعية | |
ثالثاً: الدائرة التجارية | |
رابعاً: دائرة الزراعة والثروة المعدنية والمائية | |
خامساً: الدائرة العمرانية | |
سادساً: دائرة الإقراض الحسن | |
سابعاً: دائرة الزكاة والتبرعات | |
ثامناً: دائرة الأوقاف الإسلامية | |
تاسعاً: دائرة البيع والتأجير | |
عاشراً: دائرة التعاون مع المؤسسات الأخرى | |
حادي عشر: دائرة البحوث والدراسات الاقتصادية | |
ثاني عشر: دائرة الرقابة الشرعية | |
أنواع العمليات في البنك الإسلامي المقترح | |
الآثار المترتبة على ما يقوم به البنك الإسلامي وردها | |
المبحث الثالث: علاقة البنك الإسلامي بالبنوك الربوية | |
المبحث الرابع: شبه ومعلومات حول البنك الإسلامي وردها | |
أولاً: دعا بعض الباحثين المعاصرين إلى إنشاء بنوك إسلامية | |
الرد على هذا الرأي | |
ثانياً: يرى بعض الباحثين المعاصرين أن للبنك الإسلامي أن يتقاضى الفوائد عن الأموال | |
الرد على هذا الرأي | |
ثالثاً: هناك من اتهم البنوك الإسلامية في مجالات الاستثمار | |
الرد على هذا الرأي | |
رابعاً: ذهب بعض الباحثين الاقتصاديين إلى أن الشركة المضاربة التي يعتمد عليها البنك الإسلامي على التعامل بها في الاستثمار ليتجنب الربا | |
الرد على هذا الرأي | |
خامساً: ذهب بعض الباحثين إلى أن البنوك الإسلامية لا يمكن أن تحقق تقدماً اقتصادياً | |
الرد على هذا الرأي | |
سادساً: ذهب بعض المعاصرين لفكرة البنوك الإسلامية إلى أن الأعمال البنكية | |
الرد على هذا الرأي | |
سابعاً: يقول بعض المشككين في البنوك الإسلامية كيف تجيزون البيع بالثمن الآجل | |
الرد على هذا الرأي | |
المبحث الخامس: عوامل نجاح البنك الإسلامي | |
أولاً: لابد من اختيار مدير البنك وكبار موظفيه اختيارا دقيقا | |
ثانياً: على البنوك الإسلامية أن توعي جماهير المسلمين بحقيقة رسالة البنوك | |
ثالثاً: على البنوك الإسلامية أن تستخدم أحدث أساليب العصر لإنجاز معاملات الناس | |
رابعاً: أن تستوثق البنوك الإسلامية من صحة أعمالها شرعاً | |
خامساً: أن يكون بين البنوك الإسلامية – مهما اختلفت البلدان الواقعة فيها | |
سادساً: يجب أن يقوم بجوار البنوك الإسلامية مؤسسات اقتصادية إسلامية أخرى تكمل دور البنوك | |
المبحث السادس: إلى الرعاة والرعية | |
المبحث السابع: أمل تحقق | |
الخاتمة | |
فهرس الموضوعات |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) سورة البقرة: آية 278 ـ 279.
([2]) رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم؛ انظر الجامع الصحيح للبخاري: ص3، ص73،
وصحيح مسلم ص5، ص50.
([5]) رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم انظر الجامع الصحيح: ص3، ص78. وصحيح مسلم: ص5، ص50.
([6]) رواه البخاري: انظر الجامع الصحيح ص3، ص73.
([7]) انظر ص142 من بحوث مختارة لمن المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة في 21/26 صفر 1396هـ والذي نظمته جامعة الملك عبد العزيز.
([8]) بعض النواحي الاقتصادية في الإسلام إصدار الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي بكراتشي ص54.
([9]) الفقه الإسلامي لمحمد يوسف موسى ص4.
([11]) كشف الأسرار للبردوي: ص1، ص4.
([12]) أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة لأبي الأعلى المودودي ص18.
([13]) نظام الإسلام الاقتصادي مبادئ وقواعد عامة ص157.
([14]) المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وزملائه ج2 ص71 وقد أشار أصحاب المعجم إلى أن هذه الكلمة من الكلمات الدخيلة على اللغة العربية إلا أن الناس توسعوا في استعمالها.
([15]) المرجع السابق: ج2 ص516.
([16]) الموسوعة العربية الميسرة، إشراف محمد شفيق غربال ص1708.
([17]) دائرة معارف الناشئين فاطمة محجوب ص76 ـ 77.
([18]) انظر دائرة معارف القرن العشر لمحمد فريد وجدي ج2 ص363.
([19]) مجلة الأحكام العدلية المادة (121).
([20]) تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي ج4 ص134 وبدائع الصنائع للكاساني ج7 ص3181 وتكملة المجموع ج10 ص149.
([21]) المغني لابن قدامة ج4 ص59.
([22]) انظر تبين الحقائق شرح كنز الدقائق ج4 ص134 وبدائع الصنائع للكاساني ج7 ص3181.
([23]) بضم التاء وكسر الشين وتشديد الفاء أي لا تفضلوا.
([24]) الورق بفتح الواو وكسر الراء المقصود به الفضة.
([25]) رواه البخاري ومسلم: انظر صحيح البخاري ج3 ص97. وصحيح مسلم: ج5 ص42.
([26]) قلنا: الخاصة به لأن الصرف قسم من أقسام البيع العام فما كان ركناً أو شرطاً للبيع فهو ركن وشرط للصرف ويزيد الصرف بهذه الشروط الأربعة.
([27]) رواه البخاري ومسلم؛ انظر صحيح مسلم ج5 ص42 ورواه البخاري عن أبي بكرة بلفظ (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء) انظر صحيح البخاري ج3 ص97.
([29]) رواه البخاري ومسلم؛ انظر صحيح البخاري ج3 ص97. وصحيح مسلم ج5 ص42.
([30]) انظر هذه الشروط في بدائع الصنائع ج7 ص3181، حاشية ابن عابدين ج5 ص257 والمقدمات الممهدات لابن رشد ج2 ص507، والمغني لابن قدامة ج4 ص59.
([31]) المقدمات الممهدات ج2 ص507.
([32]) المقصود ببلاد الرافدين العراق، والرافدين هما دجلة والفرات.
([33]) أشهر المعابد المقدسة عند السومريين، وقد كان أصحاب المعبد يباشرون العمل المصرفي، ونظراً لما عرفوا به من أمانة فقد وثق الناس بهم وأودعوا أموالهم لديهم.
([34]) المصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال ص15 وانظر تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية للدكتور سامي حمود ص410.
([35]) شراه: باعه، والشاري: البائع ـ والجمع شراة.
([36]) دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي ج2 ص63ـ 364
([37]) العصور الوسطى هي عصور الانحطاط في أوروبا والتي يقابلها عصر الازدهار في البلاد الإسلامية. وقد اختلف المؤرخون في تاريخ بدئها ونهايتها. وأولى الأقوال أن القرون الوسطى تبدأ من سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية سنة476م وتنتهي باكتشاف أمريكا سنة 1492م.
([38]) المعروف في المعاملات المعاصرة باسم (الشيك).
([39]) المصارف والأعمال المصرفية للدكتور غريب الجمال ص10ـ 11.
([40]) لعل خير شاهد على ما نقول ما نشاهده في واقعنا المعاصر حيث يدير اليهود أقوى دول العالم كأمريكا وروسيا وبريطانيا ويجعلونها أداة طيعة لتحقيق مطامعهم الدنيئة في شتى أنحاء العالم.
([41]) الاستثمار المصرفي في شركات المساهمة في التشريع الإسلامي لأمين مدني ص67.
([42]) المصارف والأعمال المصرفية للدكتور غريب الجمال ص26.
([43]) انظر الربا في نظر القانون الإسلامي لمحمد دراز ص9.
([44]) سيأتي تفصيل الكلام على أقسام الربا في الفصل الثاني من الباب الأول إن شاء الله.
([45]) سورة البقرة: آية 278ـ 281.
([46]) المعاملات المصرفية والربوية وعلاجها في الإسلام لنور الدين عتر ص36ـ 37.
([47]) هذه الودائع أنواع: أ ـ بعضها تحت الطلب. ب ـ وبعضها لأجل. ج ـ وبعضها ودائع ادخارية.
([48]) وهذه القروض أنواع منها طويلة الأجل، ومنها متوسطة الأجل ومنها قصيرة الأجل.
([49]) المقصود بها الكمبيالات ـ المسندات الإذنية ـ الشيكات. إذ قد يحتاج حامل هذه الأوراق إلى نقدْ فيذهب إلى البنك ليخمصها، بمعنى أنه يضع أنه جزاء من المبلغ الذي تحويه تلك الأوراق ويتسلم الباقي نقداً، ويقوم البنك بدوره بتسلمها من أصحابها ـ المدينين ـ وسيأتي إن شاء الله التعريف بهذه الأوراق في الباب الثالث حيث الكلام على الخدمات المصرفية كوظيفة من وظائف البنك الإسلامي.
([50]) المعاملات المصرفية والربوية، وعلاجها في الإسلام لنور الدين عتر ص38ـ 40.
([53]) سورة الحج: آية 5 وسورة فصلت: آية 39.
([56]) انظر لسان العرب لابن منظور ج14 ص304 والقاموس المحيط للفيروز بادي ج4 ص332.
([57]) أخذت هذا التعريف من مجموع التعريفات المختلفة عند المذاهب الفقهية انظر في ذلك:
أـ المبسوط للسرخسي ج12 ص109. ب ـ المقدمات لابن راشد ج2 ص506.
ج ـ مغني المحتاج للشربيني الخطيب ج2 ص21. د ـ المغني لابن قدامة ج4 ص3.
([58]) هذا التعريف مأخوذ من مجموع التعاريف المختلفة عند المذاهب الفقهية. انظر في ذلك:
أـ تبين الحقائق للزيلعي: ص4 ص85. ب ـ حاشية الخرشي ص5 ص36.
ج ـ حاشية الباجوري: ص1 ص343. د ـ الإنصاف للمرداوي ص5 ص11.
([59]) تعمدت بسط الخلاف والأدلة وبيان الراجح مع أن المقام يتطلب الإيجاز لأنا لا نزال نرى من لاحظ لهم من العلم يتعلقون بما ينسب لابن عباس من إباحة ربا الفضل مع أن الثابت عنه رضي الله عنه رجوعه عن ذلك.
([60]) بدائع الصنائع للكاساني: ج7 ص3116.
([61]) حديث عبادة قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عيناً بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى) رواه البخاري ومسلم. انظر صحيح البخاري: ج3 ص97 وصحيح مسلم ج5 ص42.
([62]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد ج2 ص127 وانظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج3 ص147.
([63]) تكملة المجموع للسبكي: ج10 ص22.
([64]) المغني لابن قدامة ج4 ص4. .
([65]) أفردت ابن عباس بالذكر مع أن هناك من يقول به غيره لأنه اشتهر عنه حتى صار يقال مذهب ابن عباس في الربا.
([66]) تكملة المجموع للسبكي: ج10 ص22.
([67]) المغني لابن قدامة: ج4 ص3.
([69]) الإشارة تقود إلى قوله قبل ذلك ـ ولابد في الزيادة من مزيد عليه تظهر الزيادة به.
([70]) أحكام القرآن لابن العربي: ج1 ص241.
([71]) أحكام القرآن للقرطبي: ج3 ص358.
([72]) كتاب أحكام القرآن للجصاص ج1 ص64ـ 465.
([73]) المقدمات الممهدات لابن رشد: ج2، ص505.
([74]) كتاب أحكام القرآن للجصاص: ج1 ص465.
([75]) أحكام القرآن لابن العربي ج3 ص241.
([76]) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم. انظر صحيح البخاري: ج3 ص97.
([77]) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، انظر صحيح البخاري: ج3 ص97 وصحيح مسلم ج5 ص44.
([78]) الإفصاح عن معاني الصحاح ليحي بن هبيرة: ج1 ص326.
([79]) صحيح مسلم بشرح النووي: ج4 ص93ـ 94.
([80]) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي: ج1 ص222.
([81]) أحكام القرآن للقرطبي: ج3 ص352.
([82]) لا يخفى ما في هذه العبارات من الغلظة والقسوة مما يجب أن يتنزه عنه العامة بله العلماء
([83]) ولكن ليس بمستغرب على أبي محمد، فقد عرفه بسلاطة اللسان يغفر الله لنا وله.
([84]) المحلى لابن حزم: ج9 ص537.
([86]) الضميران يعودان للصرف أي: جواز التفاضل في بيع الذهب بالذهب وقصر الربا على
([88]) تكملة المجموع للسبكي: ج10 ص34.
([89]) المبسوط للسرخسي: ج14 ص6.
([90]) المرجع السابق ج12 ص112.
([91]) رواه البخاري؛ انظر صحيح البخاري: ج3 ص98.
([92]) المغني لابن قدامة ج4 ص3.
([94]) الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ج1 ص491 بتصرف.
([95]) رواه البخاري؛ انظر صحيح البخاري: ج3 ص98.
([96]) رواه مسلم؛ انظر صحيح مسلم ج5 ص50.
([97]) رواه مسلم؛ انظر صحيح مسلم ج5 ص50.
([98]) انظر تفصيلها في تكملة المجموع للسبكي ج10 ص48، وفتح الباري لابن حجر: ج5 ص286، والنووي على مسلم: ج4 ص109.
([99]) النووي على مسلم: ج4 ص109.
([101]) توسع الفقهاء رحمهم الله في التعريف الاصطلاحي لربا النسيئة وذهبوا فيه مذاهب شتى، وقد تعمدت عدم ذكرها خشية الإطالة، ولأني سأذكر طرفاً منها عند الحديث على علة الربا بإذن الله، ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع: الحنفي: (أ) بدائع الصنائع: ج 7 ص2106، فتح القدير: ج7 ص4. المالكي: (ب) بداية المجتهد: ج2 ص132، حاشية الدسوقي: ج3 ص47. الشافعي: (ج) الزواجر للهيثمي: ج1 ص221، مغني المحتاج: ج2 ص21. الحنبلي: (د) المقنع: ج2 ص73.
([102]) أحكام القرآن للجصاص: ج1 ص465.
([103]) أحكام القرآن: ج1 ص467.
([105]) سورة البقرة آية: 278ـ 280.
([107]) سورة النساء: الآية 160ـ 161.
([108]) سورة آل عمران: آية 130ـ 134.
([109]) سورة البقرة: آية 274ـ 281.
([111]) قوله تعالى: [فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم] الآية سورة النساء:آية160.
([112]) قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعاف مضاعفة] سورة آل عمرن: الآية 130.
([113]) الربا في نظر القانون الإسلامي لمحمد عبدالله دراز: ص16ـ 18.
([114]) سورة البقرة: آية 278ـ 281.
([115]) سأكتفي بذكر ثلاثة أحاديث فقط ومن أراد الاستزادة فيلرجع إلى:
(أ) صحيح البخاري: ج3 ص97 وما بعدها.
(ب) صحيح مسلم: ج5 ص44 وما بعدها.
(ج) سبل السلام: ج3 ص47 وما بعدها.
([116]) رواه البخاري ومسلم. واللفظ لمسلم،انظر صحيح البخاري: ج4 ص73، وصحيح مسلم: ج5 ص50.
([117]) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم. انظر صحيح البخاري: ج3 ص97، وصحيح مسلم: ج5 ص44.
([118]) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم. انظر صحيح البخاري: ج3 ص97، وصحيح مسلم: ج5 ص44.
([119]) سبق أن نقلنا الإجماع من المراجع التالية:
(أ) الإفصاح لابن هبيرة: ج1 ص326.
(ب) صحيح مسلم بشرح النووي: ج4 ص93ـ 94.
(ج) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن الهيثمي: ج1 ص222.
([120]) المجموع للنووي: ج9 ص391.
([121]) سبل السلام للصنعاني: ج3 ص47.
([122]) المبسوط للسرخسي: ج12 ص109ـ 110 بتصرف كبير.
([129]) المقدمات لابن رشد: ج2 ص503.
([131]) حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزي: ج1 ص343. وانظر نحو هذا في المراجع التالية:
(أ) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ج2 ص270.
(ب) المهذب للشيرازي ج1 ص270.
(ج) تبيين الحقائق للزيلعي ج4 ص85.
( د) إعانة الطالبين للسيد البكري: ج3 ص21.
(هـ ) الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر: ج2 ص633.
([132]) سوف أذكر هذه الاتجاهات بإيجاز دون أدلة ومناقشات لأني ذكرت أهم اتجاهين فيها عند الحديث على ربا الفضل.
([133]) انظر المصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال ص112.
([134]) المبسوط للسرخسي: ج14 ص35.
([135]) ما بين القوسين عبارة للسيد خليل.
([136]) كتبت في الأصل للمديان.
([137]) الخرشي على مختصر خليل: ج5 ص230.
([138]) المهذب للشيرازي: ج1 ص304.
([139]) المغني لابن قدامة: ج4 ص354.
([140]) يعتبر الدكتور محمد عبدالله دراز رحمه الله من أنصار هذا الاتجاه في العصر الحاضر، فقد تحدث عن كون الربا ضرورة في العصور المتأخرة، وقرر أنه بعد استنفاد كل الحلول الممكنة المشروعة في الإسلام، وبعد أن يكون المرء الذي سيحدد مجال الضرورة عالماً بقواعد الشريعة له من الورع والتقوى ما يحجزه عن التوسع أو عن التسرع في تطبيق الرخصة على غير موضعها. إذا تم كل هذا فلا بد من معرفة حقيقة، وهي (أن الإسلام قد وضع إلى جانب كل قانون بل فوق كل قانون قانوناً أعلى يقوم على الضرورة التي تبيح كل محظور) قال تعالى: [وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه] سورة الأنعام آية 119؛ انظر الربا في نظر القانون الإسلامي لدراز ص39.
([141]) المحلى لابن حزم: ج9 ص503.
([142]) المحلى لابن حزم: ج9 ص563.
([143]) المغني لابن قدامة: ج4 ص354.
([144]) أعلام الموقعين: ج2 ص54ـ 155.
([145]) أوضح ابن القيم وابن رشد كثيراً من مواطن الضرورة والحاجة؛ انظر أعلام الموقعين: ج2 ص161 وما بعدها، وبداية المجتهد لابن رشد: ج2 ص139 وما بعدها.
([146]) ممن ذهب إلى هذا الاتجاه الشيخ محمد رشيد رضا، فقد نقل ذلك عن السنهوري في مصادر الحق: ج3 ص219.
([147]) ربا النسيئة عند هؤلاء هو ربا الجاهلية (زدني في الأجل وأزيدك في المال) وهو غير ربا النسيئة الوارد في الحديث (بيع الأصناف المختلفة متفاضلة نسيئة) (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد). رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، انظر صحيح البخاري: ج3 ص97، وصحيح مسلم: ص44 ج5.
([148]) مضى تفصيل القول في هذا الخلاف عند الكلام على ربا الفضل في المبحث الأول من هذا الفصل.
([149]) الفرق بين هذا الاتجاه والاتجاه الثاني أن هذا الاتجاه أشد تضييقاً لأنه يرى حل ربا الفضل بينما يرى أصحاب الاتجاه الثاني النهي عنه ولكن مرتبة النهي لا تصل إلى مرتبة النهي عن الربا الوارد في القرآن.
([150]) ممن ذهب إلى هذا الاتجاه ما الدكتور معروف الدواليبي في بحثه الذي ألقاه في مؤتمر الفقه الإسلامي المنعقد بباريس عام1371هـ. نقل ذلك عنه السنهوري في مصادر الحق: ج3 ص533.
([151]) تطالعنا الأيام بآراء غريبة في ساحة الفكر الإسلامي العريض وخصوصاً في مجال الاقتصاد، إذ هناك آراء لبعض الباحثين تقصر الربا على الربا المضاعف، وهناك من يبيح ربا القروض، وإني لأجد نفسي في غنى عن التصريح ببعض الأسماء، ولكني أنصح القارئ بمتابعة مجلة البنوك الإسلامية، إذ فيها ردود على كثير من الآراء المتطرفة، انظر مثلاً مجلة البنوك الإسلامية: العدد السابع ص58 الصادر في شهر ذي القعدة من عام 1399م.
([152]) من أراد الاطلاع على أدلة الفقهاء ومناقشاتهم حول علة الربا فليراجع المصادر التالية:
(أ) المبسوط للسرخسي: ج12 ص113 وما بعدها. تبيين الحقائق للزيلعي: ج4 ص85.
(ب) شرح منح الجليل لمحمد عليش: ج2 ص537. جواهر الإكليل للأبي الأزهري: ج2 ص17.
( ج) المجموع للنووي: ج9 ص392 إلى ص404. صحيح مسلم بشرح النووي: جدة ص92. جواهر العقود للسيوطي: ج1 ص63.
( د ) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ج29 ص471 وما بعدها. أعلام الموقعين لابن القيم ج2 ص156 وما بعدها.
([153]) كتب في الأًصل مثل ـ بالرفع ـ ولعلها تصحيف.
([154]) من حديث أبي سعيد المتفق عليه، انظر صحيح البخاري: ج3 ص97، وصحيح مسلم: ج5 ص44.
([155]) المبسوط للسرخسي: ج12 ص113.
([156]) المغني لابن قدامة: ج4 ص5.
([157]) حاشية الخراشي على مختصر خليل: ج5 ص56 بتصرف.
([158]) المجموع للنووي: ج9، ص392.
([159]) المغني لابن قدامة: ج4 ص6.
([160]) حاشية الخرشي على مختصر خليل ج5 ص56.
([161]) يلاحظ هنا تذكير الضمير ولعل الصحيح تأنيثه.
([162]) مجموع الفتاوى لابن تيمية جمع عبدالرحمن بن قاسم: ج29 ص71ـ 472.
([163]) أعلام الموقعين لابن القيم: ج2 ص156.
([164]) شرح فتح القدير لكمال بن الهمام: ص7 ص4.
([165]) الشرح الكبير على متن المقنع لأبي الفرج بن قدامة: ص4 ص105.
([166]) انظر نهاية المحتاج للرملي: ص3 ص424.
([167]) المجموع للنووي: ص9 ص395 ص397 بتصرف كبير.
([168]) الإنصاف للمرداوي: ج5 ص12.
([169]) انظر حاشية الخرشي على مختصر خليل: ج5 ص57، وبداية المجتهد لابن رشد: ج2 ص128.
([170]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ج3 ص47.
([171]) الفرق بين هذا المذهب والمذهب الثاني زيادة قيد الكيل أو الوزن في هذا المذهب، فعند أصحاب المذهب الرابع لا يجري الربا في البيض، وعند أصحاب المذهب الثاني يجري فيه الربا.
([172]) انظر روضة الطالبية: ص3773، والمغني لابن قدامة ج4 ص7، والشرح الكبير لأبي الفرج بن قدامة: ج4 ص126.
([173]) المجموع للنووي: ج9 ص397 بتصرف.
([174]) الاختيارات الفقهية لابن تيمية: ص127، ولم أشأ أن أرجح نظراً لأني لم أذكر الأدلة والمناقشات، ومع ذلك فإني أميل إلى القول الرابع لشموله.
([175]) سورة آل عمران: آية 133.
([176]) تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت: ج1 ص40ـ 141.
([178]) تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت: ج1 ص144.
([179]) انظر الربا للمودودي ص43.
([181]) تفسير آيات لسيد قطب: ص14 وهو مأخوذ من تفسيره العظيم في ظلال القرآن.
([182]) انظر مقومات الاقتصاد الإسلامي لعبد السميع المصري: ص73ـ 174.
([183]) انظر في ظلال القرآن لسيد قطب: ج1 ص471.
([184]) تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا: ج3 ص109.
([185]) تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا: ج3 ص12ـ 113.
([186]) أعلام الموقعين لابن القيم: ج2 ص154.
([187]) تفسير آيات الربا لسيد قطب: ص17 وهو مأخوذة من تفسيره في ظلال القرآن.
([189]) من مقال للشيخ عطية سالم بعنوان الحكمة الإلهية في تحريم المعاملات الربوية: نشر في ندوة المحاضرات لموسم حج 1388هـ ص42ـ 143.
([192]) سورة آل عمران/ آية 130.
([194]) ممن ذهب إلى هذا الرأي الشيخ عبدالعزيز جاويش ـ خريج كلية دار العلوم ـ وقد أعلن الشيخ جاويش رأيه في محاضرة ألقاها بكلية دار العلوم لضمن سلسلة محاضرات نظمها نادي الكلية لكبار الخرجين عام 1908م. انظر تطوير الأعمال المصرفية لسامي حسن محمود ص233.
([195]) سورة آل عمران: آية 130.
([200]) سورة آل عمران: آية 130.
([204]) تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت: ج1 ص50ـ 151.
([205]) تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت: ج1 ص150.
([206]) الربا والمعاملات المصرفية لعمر المترك،: ص64ـ 165.
([207]) مجلة البنوك الإسلامية: ص22 العدد السابع ذو القعدة 1399هـ.
([208]) لم أفصل الكلام في نشأة البنوك الإسلامية لأني سأتعرض لجميع البنوك الإسلامية القائمة فعلاً والتي تباشر أعمالها وذلك في البابين الرابع والخامس إن شاء الله.
([209]) المصارف والأعمال المصرفية للدكتور غريب الجمال: ص391.
([210]) المصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال: ص47.
([211]) كتاب مائة سؤال ومائة جواب حول البنوك الإسلامية: ص45ـ 46 من مطبوعات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
([212]) المصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال: ص56ـ 57.
([215]) سورة الشعراء: آية 183.
([216]) المغني لابن قدامة: ج5 ص57.
([217]) البنوك الإسلامية للدكتور شوقي شحاته: ص63.
([219]) البنك اللاربوي في الإسلام: ص20.
([220]) انظر كتاب 100 سؤال جواب: ص41ـ 42 للدكاترة: أحمد النجار، محمود الأنصاري، محمد سمير إبراهيم.
([221]) استعنت خلال عرضي لهذه العقود بالكتب التالية:
(أ) القاموس المحيط للفيروز آبادي: ج3.
(ب) لسان العرب لابن منظور: ج3.
(ج) المغني لابن قدامة : ج5و6.
(د) المصارف والأعمال المصرفية للدكتور غريب الجمال.
(هـ) العقود الحاكمة للمعاملات المصرفية للدكتور عيسى عبده.
(و) فقه السنة لسيد سابق: ج3.
(ز) منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري.
([222]) القاموس المحيط للفيروز أبادي: ج3 ص92.
([223]) لسان العرب لابن منظور: ج3 ص900.
([226]) رواه أبو داود في باب يأخذ حقه من تحت يده؛ انظر سنن أبي داود: ج3 ص804. ورواه الترمذي في البيوع، وقال: حديث حسن غريب؛ انظر جامع الترمذي: ج3 ص555. وقال في نيل الأوطار: الحديث أخرجه أيضاً الحاكم وصححه وفي إسناده من لا يعرف؛ انظر نيل الأوطار: ج5 ص334.
([227]) المغني: لابن قدامة ج6 ص382.
([229]) الخراشي على مختصر خليل: ج6 ص108.
([232]) سورة القصص: آية 26ـ 27.
([233]) رواه البخاري؛ انظر الجامع الصحيح: ج3 ص116.
([234]) رواه البخاري ومسلم، انظر الجامع الصحيح: ج3 ص122، وصحيح مسلم: ج5 ص39.
([235]) رواه البخاري، انظر الجامع الصحيح: ج3 ص118.
([237]) رواه مسلم؛ انظر صحيح ومسلم: ج8 ص71.
([238]) رواه مسلم والبخاري؛ انظر الجامع الصحيح للبخاري: ج3 ص153، وصحيح مسلم: ج5 ص54.
([239]) الخيار المختار والرباعي الذي استكمل ست سنين، ودخل في السابعة.
([240]) رواه البخاري ومسلم انظر الجامع الصحيح: ج3 ص153. وصحيح مسلم: ج5 ص54.
([241]) رواه البخاري؛ انظر الجامع الصحيح ج3 ص153.
([242]) رواه البخاري ومسلم؛ انظر الجامع الصحيح: ج3 ص155، وصحيح مسلم: ج5 ص34.
([243]) هذه المسألة خلافية بين العلماء لان الشافعية والحنابلة لا يرون رضا المحال عليه ورغبة في الاختصار لم أتعرض للخلاف بل أوردت ما يظهر لي.
([245]) رواه أبو داود في باب الشركة، انظر سنن أبي داود: ج3 ص677، قال في نيل الاوطار الحديث صححه الحاكم وأعله أيضاً ابن قطان بالجهل بحال سعيد بن حبان، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وأعله أيضاً ابن القطان بالإرسال فلم يذكر فيه أبا هريرة، وقال: إنه الصواب. انظر نيل الأوطار: ج5 ص297.
([246]) رواه البخاري؛ انظر الجامع الصحيح: ج3 ص184.
([247]) المغني لابن قدامة: ج5 ص3.
([248]) بكسر العين وتفتح، اشتقاقها، من عن الشيء إذا عرض، فالشريكان كل واحد منهما تعنّ شركة الآخر، وقيل مشتقة من عناني الفرسين في التساوي.
([249]) أي المساواة، وسميت بهذه التسمية لاعتبار المساواة في رأس المال والربح والتصرف، وقيل هي من التفويض لأن كل واحد يفوض شريكه في التصرف.
([250]) جمع بدن أي الذوات والاجسام.
([251]) الوجوه جمع وجه والمراد هنا الجاه والعرض.
([253]) المغني لابن قدامة: ج5 ص36.
([255]) رواه البخاري؛ انظر الجامع الصحيح: ج3 ص134.
([256]) المغني لابن قدامة: ج5 ص87.
([258]) المغني لابن قدامة: ج5 ص87.
([259]) الضمير يقصد به الوديعة.
([260]) الربا والمعاملات المصرفية؛ رسالة دكتوراه ص345.
([261]) تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية: ص369.
([262]) انظر بحث هيئة كبار العلماء بالرياض: ص41، الدورة المنعقدة في النصف الأول من صفر عام 1395هـ.
([263]) الأوراق التجارية للدكتور مصطفى كمال طه: ص9.
([265]) الربا والمعاملات المصرفية للدكتور عمر المترك: ص31.
([266]) الأعمال المصرفية والإسلام للأستاذ مصطفى عبدالله الهمشري: ص130.
([268]) أي يقوم الشخص أو البنك الموكل بتحصيل الورقة التجارية بإعطاء صاحب الورقة قرضاً مخصوماً منه الجعل، ثم إذا حل وفاء الورقة يحصّلها البنك أو الشخص لحساب صاحبها، وبعد تسليمها يأخذها البنك أو الشخص سداداً للقرض الذي أخذه صاحبها.
([269]) الدكتور علي عبد رب الرسول ـ بنوك بلا فوائد ـ بحث مقدم للمؤتمر العالي الأول للاقتصاد الإسلامي الذي عقدته جامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة سنة 1395هـ.
([270]) الودائع المصرفية في الشريعة الإسلامية للدكتور حسن عبدالله الأمين: ص263.
([271]) البنك اللاربوي في الإسلام للسيد محمد باقر الصدر/ ص71و72و157.
([272]) المغني لابن قدامة: ج4 ص285.
([274]) البنك اللاربوي في الإسلام للصدر: ص158ـ 159.
([275]) انظر المؤتمر الثاني لمجمع البحوث العلمية 1محرم 1385هـ، مقال للدكتور محمد عبدالله العربي، ص109، وكذا المدخل إلى النظرية الاقتصادية للدكتور أحمد النجار: ص167ـ 168، وكذا منهج الصحوة للنجار: ص330.
([276]) نقل لي ذلك الأستاذ أحمد بزيع الياسين رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي وذلك أثناء زيارتي لبيت التمويل.
([277]) انظر المعاملات المصرفية للأستاذ سعود الدريب ص66، والربا والمعاملات المصرفية للدكتور عمر المترك: ص312.
([278]) منهج الصحوة للدكتور أحمد النجار: ص329.
([279]) الربا والمعاملات المصرفية للدكتور عمر المترك: ص314.
([280]) أجاد وأفاد الأستاذ الهمشري حينما عرض لهذا النوع من التعامل في البنوك وكيفية تخريجه شرعاً؛ انظر الأعمال المصرفية والإسلام: ص149.
([281]) البنك اللاربوي في الإسلام للسيد محمد باقر الصدر: ص128.
([283]) منهج الصحوة للدكتور أحمد النجار: ص331.
([284]) انظر الربا والمعاملات المصرفية للدكتور عمر المترك: ص296 وما بعدها.
([285]) هي شبيهة بالشيكات العادية إلا أنها تحتوي على توقيع المستفيد ليستطيع البنك في الدولة الأخرى الموازنة بين التوقيعين.
([286]) الأعمال المصرفية والإسلام للهمشري: ص184.
([287]) من الذين قالوا بهذا الرأي:
(أ) الهمشري؛ انظر الأعمال المصرفية والإسلام ص184.
(ب) النجار؛ انظر منهج الصحوة: ص333.
(ج) سامي حمود؛ انظر تطوير الأعمال المصرفية: ص371.
([288]) الأعمال المصرفية والإسلام للهمشري: ص184.
([289]) المرجع السابق: ص267ـ 268.
([290]) بحث هيئة كبار العلماء في صفر عام 1395هـ، ص42.
([293]) رواه البخاري ومسلم؛ انظر صحيح البخاري: ج3 ص102، وصحيح مسلم ج5 ص17.
([294]) انظر موطأ مالك بشرح الزرقاني: ج3 ص253.
([295]) انظر المعاملات المصرفية لسعود الدريب ص68ـ 69، وكذا الربا والمعاملات المصرفية للدكتور عمر المترك، ص 294ـ 295.
([296]) البنوك الإسلامية للدكتور شوقي شحاته، ص90.
([297]) الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: ج1 ص30.
([298]) انظر مقال الدكتور محمد عبدالله العربي: ص124 ضمن المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد بالقاهرة في محرم من عام 1385هـ.
([303]) رواه البخاري؛ انظر الجامع الصحيح: ج3، ص71.
([304]) أسس التمويل المصرفي في البنوك الإسلامية، محاضرة للدكتور محمد علي سويلم ضمن برنامج الاستثمار الإسلامي الذي نظمته جامعة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في الفترة من 23/1 إلى 4/2/1401هـ جدة.
([306]) رواه البخاري؛ انظر صحيح البخاري: ج3 ص75.
([307]) لن أتحدث عن الأحكام التفصيلية لهذا العقد بل سأعرض له اعتباره أسلوباً من أساليب استثمار المال فقط، وذلك لأن كتب الفقه في مختلف المذاهب زاخرة بأحكام هذا العقد، ومن أحسن من كتب فيه من المتأخرين:
(أ) الدكتور عبد العظيم شرف الدين في كتابه عقد المضاربة بين الشريعة والقانون.
(ب) الموسوعة الفقهية، تصدر في الكويت عن وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (شركة المضاربة)،بحث الدكتور إبراهيم عبد الحميد.
(ج) المعاملات الشرعية المالية لأحمد إبراهيم بك.
([308]) تطوير الأعمال المصرفية للدكتور سامي حمود: ص462.
([309])عقد المضاربة بين الشريعة والقانون: ص151.
([310]) رواه أبو داود في سننه في باب الشركة، انظر السن: ج3، ص677، وقد مضى كلام العلماء فيه في عقد الشركة.
([311]) تطوير الأعمال المصرفية للدكتور سامي حمود: ص472ـ 473.
([312]) انظر أشكال الاستثمار الإسلامي للدكتور الصديق الضرير ضمن برنامج الاستثمار الذي نظمته جامعة الملك العزيز بجدة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في الفترة من 24/1 إلى 4/2/1401هـ.
([313]) تطوير الأعمال المصرفية: ص479.
([314]) هذه هي مسألة التورق عند الحنابلة سميت بذلك لأن مقصود المشتري هو الورق وهو الفضة.
([315]) هو الدكتور محمد عبدالله العربي: انظر مقاله في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد في القاهرة في شهر المحرم من عام 1385هـ ص103.
([316]) هذا الرأي للدكتور سامي حمود. انظر تطوير الأعمال المصرفية ص434.
([319]) انظر مائة سؤال ومائة جواب للدكتور أحمد النجار وآخرين: ص75.
([321]) المصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال: ص325.
([322]) ذكر هذه العناصر بشيء من التفصيل الدكتور أحمد النجار في كتابه منهج الصحوة الإسلامية: ص85.
([323]) يضرب الدكتور أحمد النجار مثلاً على ذلك فيقول حينما أعلن الحاكم في مصر أن الاشتراكية هي طريق الشعب سارع المفكرون إلى إضافة كلمة العربية وكأنهم أوجدوا نظاماً جديداً بهذه الزيادة.
([324]) منهج الصحوة الإسلامية: ص93.
([325]) من أمثال الدكتور أحمد النجار الذي كان صاحب التجربة الأولى في مصر.
([326]) انظر بنوك بلا فوائد ـ محاضرات ـ ص53.
([327]) مدينة (ميت غمر) هي عاصمة مركز بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية.
([328]) النيف: الزائد على العقد من واحد إلى ثلاثة وما كان من أربعة إلى تسعة فهو بضع، يقال: عشرة ونيف، وألف ونيف ولا يقال خمسة عشر ونيف، ولا نيف وعشرة، لأنه لا يستعمل إلا بعد العقد ولكني حافظت في النقل على الأصل.
([329]) منهج الصحوة الإسلامية: ص26ـ 127.
([330]) مصرف التنمية الإسلامي للدكتور رفيق المصري: ص325.
([331]) أخذ من هذا المبلغ ـ 50000ـ خمسون ألف جنيه ثمن البناء في (ميت غمر).
([332]) الفروع هي: 1ـ شربين. 2ـ المنصورة. 3ـ دكرنس. 4ـ قصر العيني. 5ـ زفتى.
([333]) منهج الصحوة الإسلامية ص153.
([334]) مدينة (زفتى) إحدى مدن محافظة الغربية ولا يفصلها عن (ميت غمر) سوى فرع (دمياط) أحد فرعي النيل، ويصل بين المدينتين جسر.
([335]) الطلب مقدم من سامي شرف كان يعمل مديراً لمكتب رئيس جمهورية مصر السابق ـ جمال ـ لشئون المعلومات.
([337]) الجدول منقول من كتاب مصرف التنمية الإسلامي للدكتور رفيق المصري: ص329 وبنوك بلا فوائد للنجار ص65.
([338]) هذا الجدول منقول من كتاب بنوك بلا فوائد للدكتور أحمد النجار: ص65.
([339]) وكان وقتذاك الدكتور لبيب شقير.
([340]) استقيت بعض المادة العلمية لهذا الفصل والذي يليه من النظام الأساسي لكل من البنك الاجتماعي الإسلامي وبنك التنمية الإسلامي.
([341]) المصارف والأعمال المصرفية للدكتور غريب الجمال: ص456.
([342]) البنوك الإسلامية للدكتور شوثي شحاته: ص229.
([343]) فصل الدكتور غريب الجمال أوجه نشاط البنك في كتابيه المصارف وبيوت التمويل الإسلامية: ص336، والمصارف والأعمال المصرفية: ص458.
([345]) مصرف التنمية الإسلامي للدكتور رفيق المصري: ص369، والمصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال: ص206.
([346]) يعادل الدينار الإسلامي وحدة من حقوق السحب الخاص لصندوق النقد الدولي وهي تعادل في عام 1398هـ (1.25) دولاراً.
([347]) هذا الجدول منقول من مصرف التنمية الإسلامية للدكتور رفيق المصري: ص74ـ 375.
( [348]) ضم أول مجلس للمديرين التنفيذيين كلا من دولة الإمارات العربية، السعودية، الكويت، ليبيا، الباكستان، الجزائر، غينيا، ماليزيا، مصر، النيجر، وعقد أو اجتماعاته في مدينة جدة خلال الفترة من 16 حتى 18 شعبان 1395هـ، 23 حتى 25 أغسطس 1975م.
( [349]) وقد انتخب أول رئيس للبنك من المملكة العربية السعودية، وهو معالي الدكتور أحمد محمد علي.
([350]) استعنت في بحثي لهذا الفصل بالكتب التالية:
(أ) موسوعة البنوك الإسلامية: ج1، ص252، يصدرها الاتحاد الدولي لبنوك الإسلامية.
(ب) مجلة المسلم المعاصر، العدد الثالث، رجب 1395هـ.
(ج) البنوك الإسلامية للدكتور شوقي شحاته: ص80 ـ 84.
(د) نشرات كثيرة أصدرها البنك، تتضمن أعماله الكثيرة التي يقوم بها خدمة لعملائه.
( [351]) وقد انتخب أول رئيس للبنك من المملكة العربية السعودية، وهو معالي الدكتور أحمد محمد علي.
( [352]) انظر في هذا البحث ما يأتي:
(أ) بنك فيصل الإسلامي المصري للدكتور توفيق الشاوي.
(ب) نشرات أصدرها البنك.
(ج) التقرير السنوي لمجلس الإدارة المقدم للجمعية العمومية في 6/7/1400هـ.
(أ) الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: ج1 ص231.
(ب) المصارف وبيوت التمويل الإسلامية للدكتور غريب الجمال: ص294.
(ج) مجلة الجامعة العدد الثاني، ربيع الأول 1400هـ، ص7، يصدرها اتحاد طلاب جامعة
أم درمان الإسلامية.
( [354]) سورة البقرة: آية 282.
( [355]) رواه البخاري ومسلم؛ انظر صحيح البخاري: ج3 ص111، وصحيح مسلم: ج5 ص55.
(أ) الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: ج1 ص210.
(ب) النظام الأساسي لبيت التمويل الكويتي.
(ج) نشرات صدرت عن بيت التمويل.
(د) التعامل التجاري في ميزان الشريعة للدكتور يوسف قاسم: ص191.
(هـ) التقرير السنوي الأول عام 1978م والثاني عام 1979م لبيت التمويل الكويتي.
( [357]) سورة البقرة: آية 279.
( [358]) يقول القائمون على بيت التمويل إن سبب تسمية بذلك أن كلمة بنك أجنبية، وبيت المال معاملاته محدودة. ونظراً لأن بيت التمويل الكويتي سيقوم بأعمال أوسع وأشمل مما يقوم به البنك وبيت المال، لذا رئي أن أنسب اسم له هو بيت التمويل.
( [359]) سورة البقرة: آية 275.
( [361]) انظر مادة هذا المبحث في ما يأتي:
(أ) مجلة المجتمع الكويتية العدد 344 الصادرة في الثلاثاء 16/4/1397هـ ص28، والعدد 346 الصادرة في الثلاثاء 30/4/1397هـ ص30.
(ب) مجلة البنوك الإسلامية العدد 2 الصادر في جمادى الأولى 1398هـ ص11ـ 16، والعدد 3 الصادر في ذي القعدة 1398هـ ص8.
([362]) مجلة البنوك الإسلامية: العدد (4) صفر/ ربيع الأول 1399هـ.
( [363]) استعنت في هذا البحث بالنشرات الكثيرة التي أصدرتها الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي والتي حصلت عليها من فروع الشركة في الرياض والإحساء وحائل.
( [364]) سورة البقرة: آية 279.
( [365]) أخذت مادة هذا المبحث من الكتاب الذي صدر عن الدار بعنوان دار المال الإسلامي، وقد حصلت عليه من فرع الشركة الإسلامية للاستثمار بالإحساء.
( [366]) العمليات التي تقوم بها دار المال الإسلامي هي نفس العمليات التي تقدمها البنوك الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية لان دار المال الإسلامي حصن منيع لهذه الفروع يحميها من كيد الأعداء وتآمرهم عليها، ولهذا لن أفصل القول في عمليات دار المال الإسلامي لأنها نفس عمليات البنوك التي تحدثنا عنها سابقاً.
( [367]) فصل المؤسسون لدار المال الإسلامي أنشطتهم التي سيقومون بها خلالا خمس سنوات قادمة وذلك في الكتاب الذي أصدروه بعنوان (دار المال الإسلامي). ومن الجدير بالذكر أن الدار لم تباشر أنشطتها حتى الآن، إذ لا تزال في دور التأسيس.
( [368]) انظر الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية ج1 ص163.
( [369]) انظر كتاب مائة سؤال ومائة جواب ص101 الصادر عن الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
( [370]) يرأس الاتحاد في دورته الحالية سمو الأمير محمد الفيصل آل سعود. .
( [371]) الأمين العام للاتحاد في دورته الحالية هو الدكتور أحمد النجار. .
( [372]) انظر مجلة البنوك الإسلامية: ص78 العدد السادس، شعبان 1399هـ. والعدد السابع ص18 ذو القعدة 1399هـ.
( [373]) الأمين العام للاتحاد في دورته الحالية هو الدكتور أحمد النجار. .
( [374]) كنت أحد الحاضرين لهذا البرنامج، ولقد استفدت بحق فائدة كبيرة، إذ عرضت كثيراً من العقبات التي واجهتني خلال البحث على الأساتذة والخبراء ووجدت الجواب الشافي ولله الحمد.
( [375]) قطع سماحة الشيخ عبدالله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى بحرمة المصاريف القروض ـ وذلك ـ أثناء لقاء مع سماحته في يوم الخميس الساعة العاشرة صباحاً 24/7/1401هـ.
( [376]) قطع سماحة الشيخ عبدالله بن حميد بعدم جواز هذا النوع من التمويل لما يترتب عليه من المفاسد. وذلك أثناء لقاء مع سماحته في يوم الخميس الساعة العاشرة صباحاً 14/7/1401هـ.
( [377]) أوراق مصورة عن مجلة الأمان: ص36 ـ 37، العدد التاسع عشر13/7/1399هـ حصلت عليها أثناء زيارتي لبيت التمويل الكويتي.
( [378]) أوراق مصورة لم تنشر ـ بعد ـ فيها الرد الكامل على الدكتور رفيق المصري ومناقشة فيما ذهب إليه، حصلت عليها أثناء زيارتي لبيت التمويل الكويتي.
( [379]) المغني لابن قدامة: ج5، ص70.
( [380]) رواه الخمسة: أبو داود، النسائي، الترمذي، ابن ماجه، أحمد بن حنبل، وأخرجه أيضاً ابن حبَّان في صحيحه، وقال الترمذي: حسن صحيح، انظر نيل الأوطار: ج5 ص175.
( [381]) أخرجه أحمد وأبو داود والدار قطني والحاكم وصححه وابن حبان وصححه، انظر نيل الأوطار: ج5 ص179.
( [383]) مجلة الجامعة الإسلامية العدد الأول، السنة الخامسة رجب 1392هـ، ص118.
( [384]) المغني لابن قدامة: ج5، ص57.
( [385]) انظر بحث هذه المسألة في الفصل الثالث من الباب السادس من هذا الكتاب.
( [386]) سنفصل القول في هذا البنك من حيث علاقته بالبنوك الربوية وعوامل نجاحه وما قد يرد عليه من شبه واعتراضات، ونرد عليها إلى غير ذلك مما سيأتي معنا في المباحث التالية إن شاء الله.
( [387]) تحدثنا عن وظيفة البنوك الإسلامية في خمسة عشر مبحثاً، كلها يسوغ للبنك الإسلامي المقترح القيام بها مع بعض التعديل الذي بيناه في مكانه، انظر الباب الرابع من هذا الكتاب.
( [388]) انظر بحوث في الاقتصاد الإسلامي للدكتور أحمد صفي الدين عوض: ص26/27.
( [389]) انظر الفصل الثاني من الباب الأول من هذا الكتاب.
( [390]) انظر البنك اللاربوي في الإسلام للسيد محمد باقر الصدر ص13.
( [391]) مجلة المسلمون، العدد الرابع، شهر صفر لعام 1378هـ ص86.
( [392]) مجلة البنوك الإسلامية: ص57، العدد الحادي عشر لشهر رجب من عام 1400هـ.
( [393]) انظر الأعمال المصرفية والإسلام للأستاذ مصطفى عبدالله الهمشري: ص201.
( [394]) مر معنا في الباب الرابع ذكر المعاملات التي يمكن أن يقوم بها البنك الإسلامي مع تصحيح ما تقوم به البنوك الحديثة، فليراجع.
( [396]) المصارف وبيوت التمويل الإسلامية: ص367.
( [397]) هذه المقترحات أقدمها للمهتمين بشئون الاقتصاد الإسلامي من مؤسسات وهيئات وكليات ومراكز بحث وأفراد، وأخص من هؤلاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، فله اليد الطولى في هذا المجال.
( [398]) أملنا كبير جداً في قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
( [399]) لمسنا اهتماماً بهذا الجانب في الآونة الأخيرة، إذ قام سمو الأمير محمد الفيصل رئيس الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية بعدة جولات في مختلف البلاد الإسلامية، وألقى العديد من المحاضرات المفيدة حول موضوع البنوك الإسلامية.
( [400]) لمسنا اهتماماً كبيراً طيباً في هذا المجال وذلك حينما حضرت برنامج الاستثمار والتمويل بالمشاركة الذي عقد في جدة، ونظمته جامعة الملك عبد العزيز بجدة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، وكان له أثر طيب في تعميق الروابط وحل كثير من الشاكل.
( [401]) سبق أن فصلت القول في هذه الملاحظات في الفصل الثالث من الباب السابع، فليراجع.