14- الأحكام الشرعية للدماء الطبيعية (الحيض ـ الاستحاضة ـ النفاس)

الثلاثاء 27 جمادى الآخرة 1445هـ 9-1-2024م

 

14- الأحكام الشرعية للدماء الطبيعية (الحيض ـ الاستحاضة ـ النفاس) – pdf

 

 

 

الأحكام

الشرعية للدماء الطبيعية

(الحيض ـ الاستحاضة ـ النفاس)

 

تأليف

أ. د/ عبدالله بن محمد أحمد الطيار

الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم

 

علق عليه

سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

ومعالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

 

 

 

تقديم

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز

إلى حضرة الأخ المكرم صاحب الفضيلة الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار وفقه الله لما فيه رضاه وزاده من العلم والإيمان ..آمين

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فقد وصلني كتابكم الكريم وصلكم الله بهداه، وما أشرتم إليه حول مؤلَّفكم في الدماء كان معلوماً.

وقد قرأته كله وأصلحت ما رأيت الحاجة تدعو إلى إصلاحه وقد أحسنتم فيما جمعتم زادكم الله توفيقاً وهداية وبارك في جهودكم وجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين إنه سميع قريب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                                                                             مفتي عام المملكة العربية السعودية

                                                                                                     ورئيس هيئة كبار العلماء

                                                                                                  وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

              

تقديم

فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد:

فقد قرأت الرسالة التي هي بعنوان: (الأحكام الشرعية في الدماء الطبيعية) من تأليف الدكتور عبد الله الطيار فوجدتها جيدة في موضوعها، قوية في مبناها، واضحة في معناها، تتناول مسائل جديرة بالاهتمام، طالما أشكلت على كثير من الناس.

فجزاه الله خيراً على هذا المجهود العلمي. وزاده علماً وعملاً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وأله وصحبه.

                                                                                                 صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

                                                                                                               16/ 5/ 1418هـ   

  

شكر وتقدير

قال صلى الله عليه وسلم: (لم يشكر الله من لا يشكر الناس)([1]).

وإني أحمد الله الذي يسر وأعان على إتمام هذا البحث، وأسأله سبحانه أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يعفو عن التقصير والزلل فيه.

كما أسأله سبحانه أن يجزل المثوبة والأجر لشيخيَّ الكريمين سماحة الشيخ الوالد العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء.

وفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء اللذين تكرما بقراءة الكتاب وعلقا عليه بوضع التعليقات النافعة، وتفضلا بالتقديم له، وإني على يقين أن ذلك منهما ـ حفظهما الله ومتعهما بالصحة والعافية ـ من باب التشجيع لطلابهما فجزاهما الله عني خير الجزاء وجمعني بهما ووالدينا في جنات النعيم. آمين.

وقد رمزت لتعليقات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في الهامش بنجمة واحدة هكذا (*).

ورمزت لتعليقات فضيلة الشيخ صالح الفوزان في الهامش بنجمتين هكذا (**).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

مقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

[يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ]([2]) [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً]([3])،[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً] ([4])، أما بعد:

فقد قال الله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ]([5]) .  يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (علموا أنفسكم وأهليكم الخير) ([6]).

فمن الخير كل الخير أن نتعلم أحكام ديننا وأن نعلم من نعول ما يلزمهم من أحكام الدين، لأننا مسئولون عنهم أمام الله يوم القيامة.

وإن ممن يجب أن نعتني ونهتم به المرأة المسلمة ــ مربية الأجيال وصانعة الرجال ــ في تعليمها أحكــام دينها خاصة الطهارة التي ينبني عليهـا ثاني أركان الإسلام وهي الصلاة بل لها صلة قوية بثلاثة أركان من أركان الإسلام، الصلاة والصيام والحج.

ونظراً لخفاء كثير من الأحكام المتعلقة بالدماء الطبيعية ــ الخاصة بالنساء ــ على بعض المؤمنين والمؤمنات،رأيت أن أكتب هذه الرسالة عن الدماء الطبيعية والأحكام الشرعية المتعلقة بها لما لها من أهمية خاصة وبالغة من الناحية الشرعية، فإنه يتعلق بها أكثر من عشرين حكماً من أحكام العبادات كالصلاة والصوم والحج وغيرها.

ولأهميتها من الناحية الطبية؛ حيث إن هذه الدماء باختلاف أنواعها من حيض ونفاس وغيرها تتعلق بسلامة الجهاز التناسلي للمرأة واضطرابات الحيض تتعلق بالحالة الصحية العامة للمرأة، بل إن حالتها النفسية تؤثر تأثيراً بالغاً في الحيض وانتظامه.

إلى جانب أن الحيض هو أول علامة من علامات البلوغ لدى المرأة وتوقفه عند سن اليأس هو أول علامة من علامات انتهاء الحياة التناسلية. كل هذا الأمر هو الذي دعاني للكتابة في هذا الموضوع لكي تزداد المرأة وعياً بالأحكام الخاصة بها، ولتقف عند حدود الله في تصرفاتها ولتكون على بينة من الأحكام المطلوب منها اتباعها في كل شئونها.

يقول ابن عابدين رحمه الله: (اعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصاً المتحيرة وتفاريعها؛ ولهذا اعتنى به المحققون وأفرده محمد ــ صاحب أبي حنيفة ــ في كتاب مستقل، ومعرفة مسائله من أعظم المهمات لما يترتب عليها من أحكام كثيرة.

وكان من أعظم الواجبات؛ لأن عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به، وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها فيجب الاعتناء بمعرفتها) ([7]).

لذا وجب على المرأة أن تتعلم ما تحتاج إليه من أحكام الدماء الطبيعية كالحيض والنفاس والاستحاضة وغيرها.

وعلينا أن نفتح أبواب المعرفة أمامها حتى يتسنى لها ما يسهل عبادة ربها وطاعته لكي تعبد الله على بصيرة فتنجو من عذاب الله يوم القيامة. وهي تحتاج لمن يعلمها ويرشدها إلى أحكام دينها من أب أو أخ أو زوج أو غيرهم لسؤال العلماء، ويحرم على الزوج منعها من ذلك إلا أن يسأل هو ويخبرها فتستغني بذلك ([8]).

يقول ابن الجوزي رحمه الله : (وما زلت أحرض الناس على العلم؛ لأنه النور الذي يهتدى به، إلا أني رأيت النساء أحوج إلى التنبيه من هذه الرفدة من الرجال لبعدهن عن العلم وغلبة الهوى عليهن بالطبع فإن الصبية في الغالب تنشأ في مخدعها لا تلقن القرآن ولا تعرف الطهارة من الحيض، ولا كيف تتطهر، ولا تعلم أيضاً أركان الصلاة ولا تحدث قبل التزويج بحقوق الزوج، وربما رأت أمها تؤخر الغسل من الحيض إلى حين غسل الثياب)([9]).

وإني لأعجب من نابته تسيء إلى العلماء الذين خدموا هذا الدين وخلفوا لنا ثروة فقهية هائلة فتتهم هؤلاء الأعلام بأنهم علماء حيض ونفاس وقد كان لهذه النابتة سلف فيما سبق.

قال الشاطبي رحمه الله:(عن إسماعيل بن علية قال: حدثني اليسع قال: تكلم واصل بن عطاء يوماً ـ يعني المعتزلي ـ فقال عمرو بن عبيد: ألا تسمعون؟ ما كلام الحسن وابن سيرين ـ عندما تسمعون إلا خرقة حيض ملقاة. وروي أن من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه فكان يقول: إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة. وهذا كلام هؤلاء الزائغين قاتلهم الله) ([10])

وقد بينت كل ما تحتاج المرأة المسلمة من هذه الأحكام في رسالتي هذه معتمداً فيها ــ بعد الله جل وعلا ــ على القرآن والسنة الصحيحة اللذين إذا استنبط منهما الفقيه الأحكام اطمأنت النفس وانشرح الصدر وتحققت براءة الذمة إن شاء الله تعالى.

وقد اجتهدت في إعداد هذه الرسالة لتكون وافية في شمولها وسلامتها وصحة منقولها في هذا الموضوع الهام بالنسبة للمرأة المسلمة.

وأسأل الله جل وعلا أن ينفع بها وأن يُثيبني عليها وأن يجعل كل حرف مما كتبت في ميزان حسناتي. إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

وصلَّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

                                                                                                  وكتبه أبو محمد

                                                                                  أ.د/ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

                                                                           الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

                                                                                                      فرع القصيم

                                                                                       الزلفي ــ غرة رمضان عام 1417هــ

                                        

تعريف الحيض لغة واصطلاحاً

الحيض في اللغة: يقال: حاضت المرأة من باب باع فهي حائض وحائضة، ونساء حُيض وحوائض، والحيضة المرة الواحدة، والحيضة بالكسر الاسم والجمع الحيَض، واستُحيضت المرأة استمرت بها بعد أيامها فهي مستحاضة، وتحيضت قعدت أيام حيضها عن الصلاة ([11]).

ومعناه لغة: السيلان تقول: حاض الوادي إذا سال وسمي دم الحيض حيضاً لسيلانه من رحم المرأة في أوقاته المعتادة.

وفي الاصطلاح: دم طبيعة وجبلة يعتاد الأنثى إذا بلغت يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة.

وهذا التعريف جامع مانع؛ لأنه أخرج كل دم ما عدا دم الحيض وبين مكان الحيض وهو قعر الرحم.

وبيّن وقت الحيض وأنه يكون عند البلوغ كما بين مدة الحيض وهي الأوقات المعلومة.

 

أسماء الحيض

للحيض أسماء متعددة منها:

1ـ الحيض أو المحيض: قال تعالى:[وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى]([12]). قال المبرد: سمي الحيض حيضاً ومحيضاً من قولهم: حاض السيل، وأنشد لعمارة بن عقيل:

أجالت حصاهن الذواري وحيّضت *** عليهن حيضات السيول الطواحم([13])

 2ـ الطمث: والمرأة طامث، قال الفراء: الطمث: الدم؛ ولذا قيل: إذا افتض البكر طمثها أي أدماها. وقال تعالى في وصف الحور العين:[لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ]([14]). قال الكلبي: يعني لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان([15]).

3ـ العراك: والنساء عوارك ([16]).

4ـ الضحك: قال تعالى عن سارة زوجة خليل الله إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام:[وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ]([17]).  

قال مجاهد: ضحكت: يعني حاضت([18] ).

ومنه أيضاً: ضحكت الأرنب إذا حاضت، ومنه قول الشاعر:

وإني لآتي العرس عند طهــــورها  *** وأهجرهـا يومــاً إذا تــك ضاحكـــاً

قال الشوكاني: وقد أنكر بعض اللغويين أن يكون في كلام العرب ضحكت بمعنى حاضت([19]).

5ـ الأكبار: أي الأحياض. يقول الله تعالى:[فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ]([20]). قيل: أكبرنه بمعنى: حضْن. وقد أنكر ذلك أبو عبيدة وقال: يجوز أن يكنَّ حضن من شدة إعظامهن له، وقد تفزع المرأة فتسقط ولدها أو تحيض. قال الزجاج: يقال: أكبرنه، ولا يقال: حضنه؛ فليس الإكبار بمعنى الحيض.

وأجاب الأزهري فقال: يجوز أكبرت بمعنى حاضت؛ لأن المرأة إذا حاضت في الابتداء خرجت من حيِّز الصغر إلى الكبر.

وقال ابن الأنباري: إن الهاء في [أَكْبَرْنَهُ] كناية عن مصدر الفعل أي أكبرن إكباراً بمعنى حضن حيضاً([21]).

وينكر على المؤذن الذي يمد لفظ “أكبر” في الأذان من جملة “الله أكبر”؛

لأنه بمده إياها تصير “أكبار” أي أحياض، واللفظة ليس بها حرف من حروف المد، وبذلك تخرج جزءاً وكلاً عن معناها الأصلي الذي وضعت له.

تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

ولكن معنى الكلمة الحقيقي لغوياً: أي الله أكبر وأعظم من كل شيء([22]).

6ـ الإعصار: المعصر: التي بلغت عصر شبابها وأدركت، وقيل: أول ما أدركت وحاضت يقال: أعصرت، ويقال هي التي قاربت الحيض، والمعصر: ساعة تطمث أي تحيض؛ لأنها تحبس في البيت. وقال ابن الأثير: المعصر: الجارية أول ما تحيض لانعصار رحمها([23]).

7ـ القرء: ويطلق على الحيض وعلى الطهر، وذلك على خلاف بين أهل اللغة والفقهاء. قال الله تعالى:[الْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ]([24]).

8ـ فراك: ومنه حديث: نهى عن بيع الحب حتى يفرك؛ أي يشتد فتقول: فركت الفتاة أي بلغت وحاضت واشتد عودها فأصبحت امرأة، وقال مرتضى الزبيدي: الفراك من أسماء الحيض نقله شيخنا([25]).

9ـ دارس: درست المرأة تدرس درساً أي حاضت، وخص اللحياني به الجارية، وفي التهذيب: الدروس: دروس الجارية إذا طمثت أي حاضت. قال الأسود بن يعفر يصف جواري حين أدركن أي بلغن:

الــلات كالبيض لما تعـدُ أن درســت *** صُفر الأنامـــل من نقف القواريــر([26])

10ـ طمس: بالسين المهملة: منه الدروس وهو السابق ذكر معناه([27]).

 

الحيض من الناحية الطبية

إن البلوغ في الفتاة لا يعرف سببه على وجه التحقيق، ولكن من المعلوم أن جميع غدد الجسم بما فيها الغدد التناسلية تخضع للغدة الحاكمة المسماة بالغدة النخامية والواقعة في أسفل المخ في حفرة في قاع الجمجمة، وملكة الغدد نفسها واقعة تحت تأثير منطقة هامة بالمخ تدعى المهاد، ولا تزال هذه المنطقة من المخ ترسل أوامرها إلى ملكة الغدد في أثناء الطفولة تمنعها من إرسال هرموناتها المنشطة والمغذية للغدد التناسلية، حتى إذا قدر الله أن تبلغ الفتاة، أمر هذه المنطقة من المخ أن توقف رسائلها المثبطة للغدد النخامية عندئذ ينطلق العقال الذي يكبت الغدة النخامية ويجمح جماحها فتفرز عدة هرمونات تتحكم في جميع الغدد الصماء في الجسم وترسل هرمونتها إلى المبيض وهذه الهرمونات نوعان:

1ـ الهرمون المنشط والمنمي للخلايا التناسلية الموجودة بالمبيض حتى تفرز البويضة فتنمو الخلايا الجرثومية والتناسلية وتحاط بمجموعة من الخلايا وتزداد كمية السائل فيما بين البويضة والخلايا المحيطة به حتى تتكون حويصلة تسمى حويصلة جراف، ويزداد نمو هذه الحويصلة أو الكيس ويمتلئ بالماء الأصفر ويقترب من سطح المبيض حتى ينفجر فتخرج منه البويضة فتتلقفها أهداب البوق وتنتقل إلى القناة الرحمية وتبقى هناك حتى يأتيها الحيوان المنوي السعيد الحظ فيلقحها ويخصبها لتصبح البويضة المخصبة أو النطفة الأمشاج.

2ـ الهرمون المنمي والمنشط للجسم الأصفر عندما تخرج البويضة من حويصلة جراف يندمل جرحة ويصفر لونه حزناً على فراق البويضة، ويسمى عندئذ الجسم الأصفر الذي يفرز هرمون الحمل الذي يهيئ الرحم للحمل، فإذا تم الحمل وعلقت البويضة الملقحة بجدار الرحم استمر هذا الجسم الأصفر ليواصل المحافظة على الجنين، أما إذا لم يحصل الحمل هنا يحزن الرحم وله طريقته الخاصة في التعبير عن حزنه إنه لا يبكي دموعاً بل هو يبكي دماً هو دم الحيض وهو الأسود محتدم حار كأنه محترق كما ذكره الإمام الشيرازي([28]).

وهو أول علامة من علامات البلوغ ويصحب بدايته تغيرات كاملة في جسم المرأة؛ فتتحول من طفلة بريئة تلهو وتلعب إلى فتاة يانعة يافعة يعتدل قوامها ويمتلئ جسمها ويتسع الحوض متخذاً شكلاً مناسباً يتفق مع العمل الذي خصص له، ويكتمل نمو أعضاء التناسل الباطنة كالرحم والمبيض، ويظهر شعر في منطقة الزهرة والشفرين والإبطين، وينعم الصوت بعد أن كان مصبوغاً بصبغة الطفولة، ولا تكتفي هرمونات الأنوثة بكل هذه التغيرات ولكنها تشكل أيضاً نفسيتها وشخصيتها وتعطيها شيئاً من الدلال وتجعل لها نصيباً من الرقة والنعومة التي تتفق مع طبيعة المرأة.

ومن الجدير بالذكر أن كل هذه التغيرات الهائلة ليست إلا نتيجة لهرمون تفرزه حويصلة جراف بناء على أوامر الغدة النخامية ومما لا شك فيه أن معرفة علامات البلوغ ومعرفة وقت البلوغ ومتى بدأ بالتحديد له أهمية كبرى وعظمى في حياة كلا الجنسين الإناث والذكور؛ لما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات وما ينبني من أحكام دنيوية وأخروية وضحها الشارع وبينها.

من هذا المنطلق وجب على الآباء والأمهات أن ينتبهوا لهذا الأمر ويتابعوه بدقة ليروا هل دخل أبنائهم دائرة التكليف الشرعي أم لا؟([29]).

 

متعلق الحيض

المبتدأ ــ المنتهى

مبتدأ الحيض:

إن أقل سن يبدأ فيه الحيض عند المرأة هو تسع سنين، معنى ذلك أنه لا يقع حيض شرعاً قبل تسع سنين وإن كان يقع حساً، فلو حاضت قبل تمام التسع فليس بحيض حتى وإن حاضت حيضاً بالعادة المعروفة وبصفة الدم المعروف فإنه ليس بحيض بل هو دم عرق ولا تثبت له أحكام الحيض.

والحيض يكون بعد انتهاء السنة لا بدخولها؛ حيث ذكرنا سابقاً أنه لا يقع قبل تسع سنين أي قبل انتهاء التسع سنين([30]). والصغيرة لا تحيض بدليل قول الله تعالى:[وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ]([31])، لأن المرجع فيه إلى الاستقرار والتتبع حيث إن الشرع لم يبين سناً تبلغ به المرأة. فليس ما يمنع أن تبلغ الأنثى عشرين سنة أو ثماني عشرة أو ثلاثين ولا أثر للبلوغ الطبيعي عندها وهو نزول دم الحيض. ومن هنا لزم أن نحدد سناً معيناً إذا وصلتها الفتاة قلنا:

إنها بلغت البلوغ الحكمي الذي به يمكن أن تحاسب عن التكاليف الشرعية، وهذا الزمن غالبه عند الأئمة خمسة عشر عاماً سواء كان ذلك للذكر أو الأنثى، وهذا التقدير الزمني إنما يكون كائناً عند فقدان البلوغ الطبيعي المعروف حسياً بالحيض للجارية وإمكانية الحبل، وبالاحتلام(*) للغلام، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء.

ودم الحيض إنما خلقه الله لحكمة تربية الحمل به، فمن لا تصل للحمل لا توجد فيها حكمته فينتفي لانتفاء هذه الحكمة كالمني فهما متقاربان في المعنى فإن أحدهما يخلق منه الوالد والآخر يربيه ويغذيه وكل منهما لا يوجد من صغير.

ومما يدل على أن أقل سن تحيض له الجارية هو تسع سنين ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قالت: (إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة)([32]).

والمراد بذلك أنه يصير حكمها حكم المرأة وهذا هو قول الشافعي([33]).

وقد أثر عن الشافعي رحمه الله أنه قال: (رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة)([34]).

وقد يقع هذا بأن تحيض لتسع وتلد لعشر وبنتها تحيض لتسع وتلد لعشر فهذه عشرون سنة وسنة للحمل فتضع مولوداً فهذه إحدى وعشرون سنة.

وإن رأت الدم لدون تسع فهو دم فساد على كل حال؛ لأنه لا يجوز أن يكون حيضاً([35]).

منتهى الحيض “الإياس”:

اختلف الرواية عن الإمام أحمد في يأس المرأة من الحيض، وقال الخرقي: إنها لا تيأس من الحيض يقيناً إلى ستين سنة وما تراه فيما بين الخمسين والستين مشكوك فيه لا تترك له الصلاة ولا الصوم.

وروي عنه رحمه الله ما يدل على أنها لا تحيض بعد الخمسين وكذلك قال إسحاق بن راهويه: لا يكون حيضاً بعد الخمسين ويكون حكمها فيما تراه من الدم حكم المستحاضة؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (إذا بلغت خمسين سنة خرجت من حد الحيض)، وروي عنها أيضاً أنها قالت: (إذا بلغت لن ترى المرأة ولداً بعد الخمسين).

وإن كان الاستقرار والتتبع والوجود يخالف ذلك فقد قال الزبير بن بكار في كتاب النسب: (إن هنداً بنت أبي عبيدة بن عبد الله ولدت موسى بن عبد الله بن حسين بن حسن بن علي أبي طالب ولها ستون سنة).

وقال الإمام أحمد في امرأة من العرب رأت الدم بعد الخمسين:(إن عاودها مرتين أو ثلاثة فهو حيض)([36]).

والعادة غالباً لها أثر في الشرع، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة:”امكثي قدر ما تحبسك حيضتك…([37])، فردها إلى العادة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لو قدر أن زاد الدم المعروف من الرحم بعد ستين أو سبعين لكان حيضاً، واليأس المذكور في الآية في قوله تعالى: [وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ]([38]). ليس هو بلوغ سن، فلو كان بلوغ سن لبينه الله ورسوله وإنما هو أن تيأس المرأة نفسها من أن تحيض ولو كانت بنت أربعين، ثم إذا تربصت وعاد الدم تبين أنها لم تكن آيسة، وإن عاودها بعد الأشهر الثلاثة فهو كما لو عاد غيرها من الآيسات، والمستريبات، ومن لم يجعل هذا هو اليأس فقوله مضطرب إن جعله سناً وقوله مضطرب إن لم يحد اليأس لا بسن ولا بانقطاع طمع المرأة في الحيض، وبنفس الإنسان لا يعرف)([39]).

ومعنى ذلك أنه متى وجد الحيض ثبت حكمه، ومتى لم يوجد لم يثبت له حكم، ويمكن أن يوجد قبل تسع سنين وبعد الخمسين وهذا يشهد له الواقع.

فإن قيل: هل جرت العادة أن يذكر القرآن السنوات بأعدادها؟ فالجواب على ذلك: نعم؛ قال الله تعالى:[حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً]([40]).

ولو كانت مدة الحيض معلومة بالسنوات لبينه الله تعالى؛ لأن التحديد بالخمسين أوضح من التحديد بالإياس([41]).

 

خصائص دم الحيض

اتفق العلماء على أن اللون الأحمر هو الأصل في الدم، إلا أنه قد يغلب عليه السواد فيصير دم الحيض أسود. ويتميز دم الحيض بأنه غليظ لا ذع كريه الرائحة ولكن قد يتغير لون الدم على حسب اختلاف الطبيعة والبيئة من مكان إلى مكان.

واتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على ألوان أربعة هي الأسود والأكدر والأصفر والأحمر. وإن كان المالكية قد ذكروا الثلاثة الأولى منها ولم يذكروا اللون الرابع وهو الأحمر، وزاد الأحناف الخضرة والتُّرِْبيَّة([42]).

والخضرة: هي نوع من الكدرة، ولعل السبب فيه فساد المنبت أو أن المرأة ربما أكلت قصيلاً أو نوعاً من البقول.

أما التربية: فهو ما يكون لونه كلون التراب وهو نوع من أنواع الكدرة([43]).

أما ما فيه خلاف فهو الصفرة والكدرة: وقبل أن نذكر أقوال أهل العلم فيهما نعرفهما أولاً: فالصفرة: ماء أصفر كماء الجروح.

والكدرة: ماء ممزوج بحمرة وأحياناً يمزج بعروق. وقيل: ما هو بلون الماء الوسخ الكدر([44]).

آراء أهل العلم فيهما:

1ـ أنهما ليسا بحيض مطلقاً: واستدلوا بما ثبت عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً)([45]).

ومعنى قولها: شيئاً؛ أي شيئاً من الحيض، وظاهر اللفظ العموم.

2ـ أنهما حيض مطلقاً: ودليلهم ما ثبت عن علقمة عن أمه مولاة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض يسألنها عن الصلاة فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء…)([46]). وقالوا: إنهما خارجان من الرحم رائحتهما كريهة فيأخذان حكم الحيض.

3ـ إن كان في زمن العادة فهما حيض: ودليلهم على ذلك قول الله تعالى: [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى]([47] ). فالصفرة والكدرة داخلة في عموم الآية، فهما حيض في زمن العادة، وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: (كنا لا تعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً)([48] ). فهذا القيد الذي ذكرته أم عطية يدل دلالة واضحة على أن هذا الدم إن كان قبل الطهر فهو حيض أي في أيامه، وما عداها لا يكون حيضاً وهذا هو الرأي الراجح؛ حيث إن الدلالة التي ساقها أصحابه هي التي يعول عليها في هذه المسألة.

 

مدة الحيض 

أقله ــ أكثره:

لكي تنقطع المرأة عن العبادات وتلتزم بالأحكام المترتبة على الحيض عليها أن تعرف ما هي مدة الحيض التي في أثنائها تفعل ذلك ومتى تطهر فتعود لما تركت؟  لذا يجب على المرأة أن تعرف أقل الحيض وأكثره.

أولاً: أقل الحيض:

اختلف الفقهاء في أقل الحيض اختلافاً كبيراً، وسأجمل الخلاف مبيناً القول الراجح بدليله:

الرأي الأول: أقل مدة الحيض يومان والأكثر من الثالث، هو قول لأبي يوسف.

الرأي الثاني: أقل مدة الحيض ثلاثة أيام بليلتيها المتخللتين بينهم، وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف.

الرأي الثالث: أقل مدة الحيض ثلاثة أيام بلياليها، وهو قول أبي حنيفة([49]).

الرأي الرابع: لا تحديد لأقل الحيض فالدفعة واللمعة تعتبر حيضاً في العبادة، وأما في العدة والاستبراء فيوم واحد، وهذا هو قول الإمام مالك وما عليه أصحابه([50]).

الرأي الخامس: لا حد لأقل الحيض، ولا فرق في ذلك بين العبادة والعدة والاستبراء، وهذا هو قول ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله  (إن الله عز وجل علق بالحيض أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لأقله بشيء أو يحده بحد ـ فالحيض لا حد لأقله ولا لأكثره، بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض وقد تحيض المرأة في الشهر ثلاث حيَضٍ وإن قدر أنها حاضت ثلاث حيض في  أقل من ذلك أمك)([51]).

الرأي السادس: أقل الحيض يوم بلا ليلة، وهو قول بعض الشافعية ورواية عن الإمام أحمد.

الرأي السابع: أقل مدة الحيض يوم ليلة. دليل هذا الرأي من القرآن: قول الله تعالى: [فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ]([52]).

فالآية مطلقة لم تحدد وقتاً لأقل الحيض وأكثره والرجوع في ذلك إلى العادة والعرف بين النساء، وثبت من عادة النساء أن أقل الحيض عندهن يوم وليلة.

ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها:”دم الحيض أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة([53]).

وهذه الصفة موجودة في اليوم والليلة، وبما أن أقل الحيض غير محدد شرعاً فوجب فيه الرجوع إلى الوجود، وقد ثبت الوجود في اليوم والليلة([54]).

ومن أقوال الصحابة: قول علي رضي الله عنه:(ما زاد على خمسة عشر استحاضة، وأقل الحيض يوم وليلة)([55]). ودليلهم من الوجود: أن الذي لا ضابط له في اللغة ولا في الشرع يرجع فيه إلى المتعارف عليه بالاستقراء([56]).  

وهذا هو الرأي الراجح لقوة أدلته. والله أعلم.

ثانياً: أكثر الحيض:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: أن أكثر الحيض لا حد له حيث إن كل ما استقر عليه عادة المرأة فهو حيضة([57]).

وذكر الحنابلة والشافعية والمالكية بأن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً.

واستدلوا على ذلك بما يلي:

ما روي عن ابن عمر مرفوعاً أنه قال:(النساء ناقصات عقل ودين)، قيل: وما نقصان دينهن؟ قال:(تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي)([58]).

ويقصد بذلك زمن الحيض، والطهر والحيض يجتمعان في الشهر عادة للمرأة، وقد جعل الله تعالى عدة الآيسة والصغيرة ثلاثة أشهر مكان ثلاثة قروء فيتعين شطر كل شهر للحيض وهو خمسة عشر يوماً، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ما زاد على الخمسة عشر استحاضة)([59]).  وقد أجمع على ذلك كثير من التابعين([60]).

وثبت بالاستقراء عن الإمام الشافعي رحمه الله أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوماً([61]).

وبذلك يتضح أن الرأي الراجح في مدة الحيض: أن أقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً. والله أعلم.

 

الطُّـهْــر 

تعريفه: الطهر هو زمن نقاء المرأة من دم الحيض والنفاس.

علاماته: إن للطهر علامتين تدلان عليه وبهما يتحدد للمرأة إن كان يصح لها الرجوع إلى ما تركته في الحيض أم لا.

1ـ العلامة الطبيعية: وهذه العلامة تشتمل على أمارتين حسيتين هما:

أـ القصة البيضاء: وهي ماء أبيض يعقب الحيض كما يطلق عليه البياض الخالص. ويستدل على ذلك بما ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أنها قالت اللاتي بعثن إليها بالدرجة ([62]) فيها الكرسف([63]) فيه الصفرة من دم الحيض: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد الطهر من الحيضة)([64]).

ب ـ الأثر الجاف: فالحائض تتعرف على طهرها بإدخالها خرقة في فرجها فإذا وجدت عليها أثراً كالخيط الأبيض. فهذه هي القصة البيضاء وهي العلامة الطبيعية الأصلية على طهارة الرحم، فإن لم تر القصة البيضاء تكتفي برؤية الأثر الجاف على القطن وهو الذي حُشي به الفرج فخرج جافاً لا شيء عليه([65]).

2ـ العلامة الزمنية: وهي المدة التي خلالها تكون المرأة طاهراً، والأصل أن الحالة التي تصحب المرأة هي الطهر وأن الحيض شيء عارض فربما مكثت المرأة عشرات السنين لا تحيض وربما مكثت عمرها كاملاً بدون حيض.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن من النساء من لا تحيض بحال([66]).

ولكي تعرف المرأة التي تحيض متى تصبح طاهراً من خلال المدة الزمنية فعليها أن تعرف:

أولاً: ما هو أقل الطهر وما أكثره:

وثانياً: ماذا تفعل في الطهر الذي يقع بين الدَّمين، كما سنوضحه فيما يلي:

أقل الطهر: وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً، وهذا هو قول الإمام أحمد بن حنبل كما نقله عنه صاحب الفروع([67]).

وقيل: خمسة عشر يوماً.

وقيل أنه لا حد لأقله وذلك رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام([68]). ومال إليه صاحب الإنصاف.

وقد استدل الحنابلة على قولهم: أقل الطهر ثلاثة عشر يوماً بما روي عن علي رضي الله عنه: (أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيَض طهرت عند كل قرء وصلت، فقال علي لشريح: قل فيها. فقال شريح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة. فقال علي: قالون. وهذا بالرومية معناه جيد)([69]).

وهذا لا يقوله إلا توقيفاً ولأنه قول صحابي انتشر ولم نعلم خلافه([70]).

وقال أبو بكر: أقل الطهر مبني على أكثر الحيض، فإن قلنا: أكثره خمسة عشر يوماً فأقل الطهر خمسة عشر، وإن قلنا: أكثره سبعة عشر فأقله ثلاثة عشر.

ويتضح من ذلك أن بناءه هذا على أن شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يوماً يجتمع فيه حيض وطهر. وهكذا يعرف أقل الطهر، وقيل: إنه لا حد لأقله كما ذكره شيخ الإسلام.

أكثر الطهر: لا خلاف بين الفقهاء بأنه لا حد لأكثر حيث إن ذلك لم يرد تحديده في الشرع ومن النساء من لا تحيض([71]).

يقول شيخ الإسلام رحمه الله:(فمن قدر في ذلك حداً فقد خالف الكتاب والسنة حيث إن الطهر لا حد لأكثره9([72]).

ماذا تفعل المرأة في الطهر بين الدَّمين:

متى رأت المرأة الطهر فهي طاهر تغتسل وتلزمها الصلاة والصيام سواء رأته في العادة أو بعد انقضائها، ولم يفرق الحنابلة بين قليل الطهر وكثيره لقول ابن عباس:(أما رأت الطهر ساعة فلتغتسل)([73]).

وقيل: عن انقطاع الدم متى نقص عن يوم فليس بطهر وهذا هو الصحيح وإيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة فيه حرج ينتفي بقوله الله تعالى: [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ]([74]). ولو أصبح انقطاع الدم ساعة طهراً ولا تلتفت المرأة إلى ما بعده من الدم لأدى ذلك إلى أنه لن يستقر لهذه المرأة حيض.

إذن فانقطاع الدم أقل من يوم لا يعد طهراً، إلا أن ترى ما يدل عليه لكي يعد طهراً بعلامة من علامات الطهر المعروفة والتي ذكرناها سابقاً.

فلا بد أن يكون الانقطاع كبيراً فإذا وجد هذا الانقطاع وأمكن منه الصلاة والصيام والعبادة وجبت على المرأة لعدم المانع من وجوبها فإن ما تراه المرأة من نقاء بين الدمين حيضُ، كحال النظر إلى نصاب الزكاة، وذلك إذا كان هذا النقاء أقل من يوم.

والراجح أن الطهر إذا كان أقل من يوم وليلة فهو حيض أما إن كان يوماً وليلة فهو طهر.

 

عاودها الدم في أثناء العادة أو بعدها 

الحالة الأولى: عاودها الدم في أثناء العادة:

إن عاود الدم المرأة في عادتها ففيه قولان:

1ـ إنه من حيضها؛ لأنه صادف زمن العادة فأشبه ما لو لم ينقطع، وهذا مذهب الثوري والشافعي.

2ـ ليس بحيض، وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار ابن أبي موسى ومذهب عطاء؛ لأنه عاد بعد طهر صحيح فأشبه ما لو عاد بعد العادة. وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله: إذا كانت أيامها عشراً فقعدت خمساً ثم رأت الطهر فإنها تصلي فإذا كان اليوم التاسع أو الثامن فرأت الدم صلت وصامت وتقضي الصوم، وهذا على سبيل الاحتياط لوجود التردد في هذا الدم.

فإن رأته في العادة وتجاوز العادة لم يخل من أن يعبر أكثر الحيض أو لا يعبر؛ فإن تجاوز أكثر الحيض فليس بحيض؛ لأن بعضه ليس بحيض فيكون كله استحاضة لأنه متصل به فكان أقرب إليه. وإن انقطع لأكثره فما دون فمن قال: إن لم يعبر العادة ليس بحيض فهذا أولى ألا يكون حيضاً([75]).

ومن قال هو حيض ففيه ثلاثة أوجه:

1ـ أن جميعه حيض بناءً على أن الزائد على العادة حيض ما لم يعبر أكثر الحيض.

2ـ ما وافق العادة حيض لموافقته العادة، وما زاد عليها ليس بحيض لخروجه عنها.

3ـ الجميع ليس بحيض ما لم يتكرر.  ويرى كثير من الفقهـــاء أنه ليس بحيض ولم يشترطوا التكرار، والراجح أنه حيض.

الحالة الثانية: عاودها الدم بعد العادة:

إذا طهرت المرأة ثم رأت بعد ذلك الدم ولم يجاوز أكثر الحيض كأن كانت عادتها سبعة أيام وطهرت وبعد يومين رأت الدم واستمر بها ولكن لم يجاوز أكثر الحيض، فإن كان الدم بضمه إلى الدم الأول لا يكون بين طرفيها(**) أكثر من خمسة عشر يوماً عند الجمهور وعشرة أيام عند الحنفية كان الكل حيضاً واشترط الحنابلة التكرار.

وقيل: ليس بحيض بل الكل استحاضة.

ومثاله: لو كانت عادتها عشرة من أول الشهر فرات خمسة منها دماً وطهرت خمسة ثم رأت خمسة دماً، وتكرر ذلك فالخمسة الأولى والثانية حيضة واحدة نلفق الدم الثاني إلى الأول([76]).

وإن رأت الثاني ستة أو سبعة لم يمكن أن يكون حيضاً؛ لأن بين طرفيها أكثر من خمسة عشر يوماً وليس بينهما أقل الطهر.

وإيضاحاً لما سبق أقول: إن المرأة لا تلتفت إلى ما رأته بعد الطهر فيما خرج عن العادة إلا بشرطين: تكراره، وإمكان جعله حيضاً حتى يتكرر مرتين أو ثلاثاًَ. فإن تكرر وأمكن جعله حيضاً فهو حيض، وإلا فلا وهذا هو الذي يظهر، والله أعلم.

 

غالب الحيض 

إن غالب الحيض ستة أو سبعة أيام([77]).

والدليل على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش:”تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة، ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوماً أو ثلاثة وعشرين يوماً كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن([78]).

والحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم رد المستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز إلى غالب عادة النساء وهي ستة أو سبعة أيام وهذا ما قال به العلماء([79]).

وهذا نص يجب الوقوف عنده والأخذ به.

 

سبب الحيض 

إن للرحم غشاء يبطنه من الداخل، ولا تزيد ثخانة هذا الغشاء عن نصف مليمتر وأوعيته الدموية وغدده بسيطة كذلك، فإذا ابتدأت دورة الرحم فإنه يمر بثلاث مراحل:

1ـ مرحلة النمو: ينمو فيها الغشاء المبطن للرحم حتى يتضاعف حجمه أكثر من خمس مرات كما يزداد عدد الغدد وسبب هذا النمو هرمون تفرزه حويصلة جراف يسمى الاستروجين.

2ـ مرحلة الإفراز: وفيها يزداد نمو الرحم ازدياداً ملحوظاً وتنمو الغدد الرحمية وتنمو الخلايا فيما بين الغدد، والسبب في ذلك إفراز هرمون البروجسترون من حويصلة جراف، وهذا الهرمون يجعل الرحم والجهاز التناسلي؛ بل جسد المرأة كله يستعد للحمل.

3ـ مرحلة الطمث: إذا قدر الله ولم يحصل الحمل حزن لفقدان فرصته في أداء وظيفته وعبر عن هذا الحزن بنزول دم الحيض ويعتبر بمثابة البكاء حتى إنه من شدة حزنه ينزل هذا الدم أسود محتدماً محترقاً. وينزل هذا الدم محتوياً على قطع من الغشاء المبطن للرحم مفتته([80]).

الحكمة من الحيض:

إن دم الحيض دم يعتاد المرأة في أوقات معلومة من الشهر و لما كان الجنين في بطن أمه بعد حدوث الحمل لا يمكن أن يتغذى بما يتغذى به من كان خارج البطن حينئذ جعل الله تعالى في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه بدون حاجة إلى أكل وهضم تنفذ إلى جسمه من طريق السرة حيث يتخلل الدم عروقه فيتغذى به. فسبحان الله أرحم الراحمين.

 

حيض الحامل 

 إن الحامل لا تحيض وما تراه من دم هو دم فساد، وهو قول جمهور التابعين منهم سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وغيرهم.

وقال مالك والشافعي والليث: ما تراه من الدم حيض إذا أمكن؛ لأنه صادف عادة فكان حيضاً كغير الحامل.

استدل المانعون لاجتماع الحيض مع الحمل بقول الله تعالى:[وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ]([81]).  

فدل هذا على أن الحامل لا تحيض؛ إذ لو حاضت لكانت عدتها ثلاث حيَضٍ، وهذه عدة المطلقة بينما عدة الحامل بوضع الحمل لا بالحيض([82]).

واستدل القائلون بأن الحامل تحيض: بأن الحيض أذى فمتى وجد ثبت حكمه، وهو اختيار شيخ الإسلام حيث قال: “والحامل إذا رأت الدم على الوجه المعروف لها فهو دم حيض بناءً على الأصل([83]).

والراجح أن الحامل إذا رأت الدم المطرد الذي يأتيها على وقته وشهره، وحاله فإنه حيض تترك من أجله الصلاة وغير ذلك.

إلا أنه يختلف عن الحيض في هذه الحالة بأنه لا عبرة به في العدة؛ لأن الحمل أقوى منه.

ويجب أن يعلم أن الحائض غير الحامـل يحـرم طلاقهـــا بل لا بد أن يكون في طهر بينما الحائض الحامل لا يحرم طلاقها حيث إن انقضاء عدتها بوضع الحمل لا بغيره لأن الحمل هو أم العدد([84])(**).

 

الطواري على الحيض

1ـ الزيادة والنقصان :

كأن تكون عادة المرأة ستة أيام فيستمر بها الدم إلى سبعة، أو تكون عادتها سبعة أيام فتطهر لستة، فإن حاضت سبعة وعادتها ستة فتجلس(*) ستة فقط(**) ثم تغتسل وتصلي وتصوم، فإن حاضت خمسة وعادتها سبعة ثم طهرت فإن ما نقص طهر يجب عليها أن تغتسل وتصلي وتصوم  ولزوجها أن يجامعها كباقي الطاهرات.

والدليل على ذلك في كلا الحالتين قول الله تعالى:[وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ]([85]).

وقال تعالى:[وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ]([86]). وقوله صلى الله عليه وسلم:”.. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم..([87]).

2ـ التقدم والتأخر: كأن تكون عادتها في آخر الشهر فجاءتها في هذا الشهر في أوله، فيرى بعض أهل العلم أنها تنتظر فإذا تكرر ثلاثاً فحيض وإلا فليس بشيء.

والصحيح أنه حيض، وأنه لو كانت عادتها في آخر الشهر ثم جاءتها في أوله في الشهر الثاني وجب عليها أن تجلس ولا تصلي ولا تصوم ولا يأتيها زوجها.

أما التأخر: كأن تكون عادتها في أول الشهر فتتأخر إلى آخره فالراجح أنه إذا تأخرت عادتها وجب عليها أن تجلس لكونه حيضاً؛ لأنه معلوم بوصف الله إياه بأنه أذى كما وضحنا بالاستدلال سابقاً.

وقد اختلف أهل العلم في حكم هذين النوعين، ورجح بعضهم أنها متى رأت الدم فهي حائض ومتى طهرت منه فهي طاهر سواء زادت عن عادتها أم نقصت، وسواء تقدمت أم تأخرت([88])

بشرط ألا تتجاوز أكثر الحيض. والله أعلم.

3ـ الصفرة والكدرة: وقد تحدثنا عنهما سابقاً.

4ـ تقطع الدم: وهو أن ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً وقد تحدثنا عنه أيضاً بحالتيه.

5ـ جفاف في الدم: بحيث ترى الأنثى مجرد رطوبة، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهذا حيض، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض لأن غاية الأمر أن يلحق هذا النوع بالصفرة والكدرة.

 

حكم استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه 

استعمال ما يمنع حيض المرأة جائز، ولكن بشرطين:

1ـ ألا يكون فيه ضرر على المرأة: قال تعالى:[وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ]([89])، وقال تعالى:[وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً]([90])

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:”لا ضرر ولا ضرر“.

2ـ أن يكون ذلك بإذن الزوج إن كان له تعلق به؛ مثل أن تكون معتدة منه على وجه تجب عليه فيه نفقتها. فتستعمل ما يمنع الحيض لكي تطول المدة ومن ثم تزداد على زوجها نفقتها. فلا يجوز لها أن تستعمل ما يمنع الحيض حينئذٍ إلا بإذنه.

وإذا ثبت من خلال أطباء مسلمين عدول موثوق فيهم أن منع الحيض يمنع الحمل فلا بد من إذن الزوج، وحيث ثبت الجواز فالأولى عدم استعماله إلا لحاجة؛ لأن ترك الطبيعة على ما هي عليه أقرب إلى اعتدال الصحة فالسلامة.

أما استعمال المرأة لما يجلب الحيض فهو جائز أيضاً بشرطين :

1ـ ألا تتحيل به على إسقاط واجب مثل أن تستعمله قرب شهر رمضان من أجل أن تفطر، أو تستعمله من أجل أن تسقط به الصلاة أو عبادة أخرى من العبادات، ومثل هذا الفعل لا يتفق ومبادئ الشرع الحكيم المطهرة.

2ـ أن يكون ذلك بإذن الزوج؛ فحصول الحيض يمنعه من كمال الاستمتاع بزوجته فلا يجوز استعمال ما يمنع حقه إلا برضاه.

وإن كانت مطلقة فإن فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرجعة إن كان له رجعة.

وقد بين الشارع الحكيم أن المرأة لا يحل لها أن تفعل ما يسقط حق زوجها عليها كصيام بدون إذنه؛ فجاء في ذلك نهي صريح. يقول صلى الله عليه وسلم:”لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه…([91])

 

حكم استعمال ما يمنع الحمل أو يسقطه

أولاً: استعمال المرأة لما يمنع الحمل:

وهو على نوعين:

1ـ أن يمنع الحمل منعاً باتاً: فهذا لا يجوز قطعاً؛ لأنه يقطع الحمل وبه يقل النسل وهو خلاف مقصود الشارع من تكثير الأمة الإسلامية، ولأنه لا يؤمن أن يموت أولادها الموجودون فتبقى أرملة لا أولاد لها.

وكم من أسرة حاولت عصيان الله عز وجل بهذا الأمر وهو إيقاف الإنجاب نهائياً بدون عذر ليس إلا لقلة الرزق والمعيشة حسب مفهومهم الضيق لقضية التوكل على الله ، مع الأخذ بالأسباب المنبثقة من الإيمان بالله سبحانه وتعالى من خلال عقيدة صحيحة قوية صافية بها يدرك العبد عظمة الخالق وقدرته على رزق كل من خلق ورحمته العظيمة بعباده.

وعدم فهم هؤلاء لقضية الرزق المقدر والمكتوب في اللوح المحفوظ لكل عبد وهو داخل بطن أمه ليس هذا فحسب بل أن الرزاق سبحانه وتعالى أقسم بأن هذا الرزق مضمون عنده سبحانه، قال تعالى [فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ]([92]).

فلما حادت عقول بعض الناس عن هذه المفاهيم السليمة وعصوا الله تعالى بإيقاف الإنجاب كانت النتيجة أن الله تعالى حرمهم هذه النعمة وهي نعمة الأولاد والتي تعد من أعظم نعم الله على العبد.

نعم الإلــــه على العبـــــــــاد كثيــرة *** وأجـلـهــــــــــن(*) نجابـــــة الأولاد

ولقد وقفت على حالة شخص أمر زوجته بعدم الحمل بعدما أنجب منها ثلاثة أولاد فمات أبناؤه الثلاثة في أسبوع واحد وكان أصغرهم يبلغ من العمر خمس سنوات فندم وحزن وتمنى أنه لم يأمر زوجته بعدم الإنجاب.

2ـ أن يمنع الحمل منعاً مؤقتاً: كأن تكون المرأة كثيرة الحمل والحمل يرهقها، فتحب أن تنظم حملها كل سنتين مرة أو نحو ذلك، فهو جائز بشرط أن يأذن زوجها في ذلك وألا يكون به ضرر عليها.

ومنع الحمل في هذه الحالة يتم بأكثر من طريقة منها:

1ـ طرق تمنع وصول الحيوانات المنوية إلى عنق الرحم، ولها مظاهر:

أ ـ الجماع بدون إيلاج: وهذه الطريقة ليست شائعة الاستعمال رغم أنها قديمة إلا أنها لا تزال موجودة، وقد سجلت حالات حمل كثيرة حتى مع عدم الإيلاج والإنزال خارج الفرج، وهذا فيه ضرر على الزوجة لشوقها للجماع.

ب ـ العزل: وهو إحدى الطرق القديمة التي عرفها الإنسان وباشرها لتنظيم النسل، وهو أن يباشر الرجل المرأة ولكن عند الإنزال يلقي بمائه خارج المهبل.

وجود هذه الطريقة مشروط بموافقة الزوجة على ذلك، حيث ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن المرأة لها حق في الولد ولها حق في الاستمتاع بالجماع، ومن المعلوم أن العزل قد يسبب توتراً للزوج وينتج عنه سرعة الإنزال قبل أن تقضي الزوجة وطرها فيكون في ذلك نوع إيذاء لها، و قد نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها.

وإن إنزال الرجل خارج الفرج فيه تفويت لمتعة المرأة ولذتها الحاصلة لها من الجماع، وبذا يكون الرجل قد حاد عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل فيه: “… حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك([93]).

جـ ـ استعمال “الرفال”، وهو جلد يغطي الإحليل يضعه الرجل على إحليله قبل الجماع فإذا ما تم الإنزال نزلت الحيوانات المنوية داخل هذا الجلد المسمى الرفال ولم ينزل منها شيءُ في الفرج، وهذا أيضاً يحصل فيه مشقة للزوجة لعدم استمتاعها بالجماع وهذه الحالة نسبة الفشل فيها لمنع الحمل قليلة قد تصل إلى ستة بالمائة فقط.

د ـ استعمال الحواجز والقلنسوة لتغطية عنق الرحم بحيث لا يستطيع الحيوان المنوي الوصول إلى جدار الرحم لكي يتعلق به.

هـ ـ استعمال المراهم واللبوس القاتلة للحيوانات المنوية، وغالباً ما تستعمل هذه المراهم مع الموانع الميكانيكية مثل الحواجز والقلنسوة وتصل نسبة فشل هذه الطرق في منع الحمل إلى ثلاثين بالمائة.

2ـ طرق تمنع المبيض من إفراز البويضة: وإذا أفرزت تمنع وصول الحيوانات المنوية بسبب لزوجة إفراز عنق الرحم وأهم هذه الطرق استعمال حبوب منع الحمل.

وحبوب منع الحمل لها أضرار كثيرة منها الجلطات في الساقين وفي القلب وزيادة الإصابة بمرض السكر وإصابة الكبد، وضغط الدم، والاضطرابات النفسية والغثيان والقيء والاضطرابات الهضمية، والسبب في ذلك هو ارتفاع نسبة الاستروجين في هذه الحبوب ونسبة الفشل بهذه الطريقة في منع الحمل كبيرة جداً.

3ـ تنظيم الجماع: بحيث يقع في أول الدورة الشهرية وآخرها ويتجنب وسطها الذي تخرج فيه البويضة من المبيض وهو عادة اليوم الرابع عشر قبل بدء الحيض من الدورة التالية، والبويضة لا تفرز إلا مرة واحدة في الشهر وذلك هو الغالب فعندما يتجنب الزوج زوجته في وسط الدورة فإن احتمال الحمل يكون ضئيلاً ونسبة فشل هذه الطريقة لمنع الحمل تصل إلى ثلاثين بالمائة وربما أقل من ذلك([94]).

4ـ استعمال اللولب: ورغم أن الوسيلة التي يعمل بها هذا الجهاز مجهولة إلا أن الدوائر الطبية تظن أن منع الحمل يتم بمنع انغراز البويضة الملقحة بالرحم، ويرى بعضهم أن وجود اللولب يزيد في تقلصات الرحم وقناة الرحم مما يؤدي إلى سرعة تحرك البويضة من قناة الرحم إلى الرحم ومن ثم إلى الخارج.

وأضرار هذا اللولب كثيرة منها النزيف المتكرر للمرأة التي تضع هذا الجهاز في رحمها، ومنها الآلام التي قد تكون مبرحة للرحم، ومنها اختراق هذا اللولب للرحم مما ينتج عنه انثقاب الرحم وهو أمر خطير، ومنها الإنتان المتكرر الذي يصطحب بقاء هذا اللولب في الرحم، ويقوم الرحم بطرد هذا الجسم الغريب عن جسد المرأة. وقد حدثت حالات حمل كثيرة مع وجود هذا الجهاز داخل رحم المرأة.

والعرب هم أول من استعملوا هذه الطريقة حين كانوا يدخلون أنابيب بها أحجار صغيرة إلى رحم الناقة عندما يريدون السفر الطويل ويمنعونها بذلك من الحبل.

5ـ التعقيم: ويكون إما بتعقيم الرجل عن طريق خصي الأولاد أو الرجال وهذه الطريقة معهودة منذ القدم، وفي العصر الحديث أصبح يتم تعقيم الرجل عن طريق ربط الحبل المنوي وقطعه وذلك لا يؤدي إلى العقم مباشرة بل لا بد من مرور ثلاثة شهور على الأقل قبل التأكد من أن الرجل أصبح عقيماً.

ومع ذلك فتوجد نسبة لا يستهان بها من الرجال الذين ربطت حبالهم المنوية، ومع ذلك بقيت خصوبتهم وأنجبوا أطفالاً؛ وذلك لان الأنابيب المقطوعة والمربوطة تتصل بأمر الله تعالى ثم تتفتح تلك الرباطات ويتصل ما بينها وتعود الحيوانات المنوية تسبح في الحبل المنوي بعد قطعه وربطه، فالله عز وجل إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون، قال تعالى:[إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ]([95]).

وأما تعقيم المرأة فيتم بإزالة المبيض والرحم، ولكن هذه الطرق لا تستعمل إلا إذا كان المبيض والرحم مريضين، والطريقة الشائعة للتعقيم هي قطع قناتي الرحم وربطهما وتسمى هذه العملية بربط الأنابيب، ويتم ذلك عن طريق العمليات الجراحية ونسبة الفشل فيها قد تصل إلى خمسة وخمسين بالمائة، إلى جانب أنها تعود بأضرار جانبية على المرأة بعد ذلك([96]).

6ـ الرضاعة: فالمرأة المرضعة عادة تتوقف عادتها الشهرية ويمتنع المبيض نتيجة الإرضاع عن إفراز بويضته المعهودة في كل شهر، وقد قرر الإسلام حق المولود في الرضاعة حولين كاملين لمن أراد أن يتمها، قال تعالى:[وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ]([97]).

ولذا قال بعض أهل العلم: إن هذه القاعدة تنحرف كما تنحرف قواعد وسنن كونية كثيرة أمام إرادة الله عز وجل ومشيئته مستندين بالحديث الذي ينهى عن وطء الغلية أي وطء المرضع حيث يقول صلى الله عليه وسلم:”لا تقتلوا أولادكم سراً فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثرة عن فرسه(*).

ومعنى ذلك أن الضعيف في بنية المولود الذي حملت به أمه أثناء رضاعها لأخيه أو أخته قد تدركه أثناء شبابه وقوته وهو على فرسه([98]).

فالرضاعة في حد ذاتها تمنع الحمل إلا إذا أراد الله، والصحيح أن وطء الغيلة لا يضر بالطفل الذي تحمل به أمه أثناء الرضاع؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم شيئاً([99]).

وبالجملة أقول: إن جميع أساليب منع الحمل منعاً مؤقتاً لا بأس في استعمالها ما دام أن الزوج قد أذن في ذلك وأنه لا يوجد من وراء استعمالها ضرر يعود على المرأة.

ولكني أنبه إلى أن هذه الأساليب مع أن لها تأثيراً ملحوظاً في منع الحمل وقد نتج عنها حالات ظاهرة منع فيها الحمل، إلا أن الله عز وجل إذا أراد أن يحدث الحمل سيحدث بإذنه وقدرته سبحانه حتى وإن استعملت هذه الأساليب مجتمعة. وهنا يظهر أثر حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي يعد إعجازاً في حد ذاته الذي يقول فيه:”ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يعجزه شيء([100]).

ثانياً: استعمال المرأة لما يسقط الحمل:

إن استعمال المرأة لما يسقط الحمل على نوعين:

1ـ أن يقصد من هذا الإسقاط الإتلاف: فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام بلا ريب؛ لأنه قتل نفس محرمة بغير حق، وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى:[وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ]([101]).

وعن عبد الله بن سعيد رضي الله عنه قال:”سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله ؟ قال:”أن يجعل لله نداً وهو خلقك“، قال: قلت له: إن ذلك لعظيم ، قال: قلت: ثم أي؟ قال:”ثم أن تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك“، قال: قلت: ثم أي؟ قال:”ثم أن تزاني حليلة جارك([102]). فأنزل الله تعالى: [وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً]([103]).

يتضح من الحديث السابق أن من أعظم الذنوب عند الله تعالى أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، والله عز وجل قد نهانا عن ذلك في كتابه الكريم قال تعالى:[وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً]([104]).

والإجهاض قد انتشر في الدول الغربية انتشاراً كبيراً، والسبب في ذلك انتشار الإباحية والفساد والفاحشة في هذه الدول حتى إن الدولة الواحدة من هذه الدول ربما وصلت حالات الإجهاض فيها في السنة الواحدة إلى عدة ملايين حالة، فمن يتحرك ويعيش من غير دين فكأنه ليس بحي بل حياته كلها غم وهم وكرب. قال الله تعالى:[وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ]([105]).

ومما يصدق على بلاد الكفر التي أصبح الحرام عندهم مباحاً وتدنو في حياتهم إلى أدنى مستوى أخلاقي قول بعضهم:

لقد جرّب الغرب ما تدعون….

وها هم كما زرعوا يحصدون….

حصاد الهشيم….

ترى البنت عندهم تخرج من بيتها قبيل الغروب….

فترجع تحمل في بطنها نتاج اللقاح….

فتجهضه لتعيد اللقاء….

وحيناً تدعه يلاقي الحياة….

فتلقيه في ملجأ أو حضانة….

فيخرج يبحث عن أمه أو أبيه لكي يرضعوه….

لكي يرحموه .. لكي يطعموه .. لكنه لا يرى ما يريد…

فيخرج يحمل للكون حقداً دفيناً … لكل الوجود …

فيضرب هذا .. ويسلب هذا .. ويغصب تلك بغير حدود…

هكذا هو حال من يبارز الله بالمعصية ويحاربه ويقضي على نعمة من أعظم نعم الله تعالى على العبد وهي نعمة الأولاد، فهل ينتبه المسلمون؟!!

فإسقاط الحمل إن كان قبل نفخ الروح فيه اختلف العلماء في جوازه فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، ومنهم من قال: يجوز ما لم يكن علقة؛ أي ما لم يمضِ عليه أربعون يوماً، ومنهم من قال: يجوز ما لم يتبين فيه خلق إنسان.

والأحوط المنع من إسقاطه إلا لحاجة كأن تكون الأم مريضة لا تتحمل الحمل أو نحو ذلك، فيجوز إسقاطه إلا إذا مضى عليه زمن يمكن أن يتبين فيه خلق إنسان فيمنع([106]).

2ـ ألا يقصد من إسقاطه الإتلاف:

وذلك بأن تكون محاولة إسقاطه انتهاء مدة الحمل وقرب الوضع فهذا جائز، بشرط ألا يكون في ذلك ضرر على الأم وأن يكون ذلك بموافقة الزوج، وألا يحتاج

الأمر إلى عملية، فإن احتاج إلى عملية فله حالات أربع:

أ ـ تكون الأم حية والحمل حياً فلا تجوز العملية إلا لضرورة بأن تتعسر ولادتها فتحتاج إلى عملية؛ وذلك لأن الجسم أمانة عند العبد فلا يتصرف فيه بما يخشى منه إلا لمصلحة عظيمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:”لا ضرر ولا ضرار([107]).

ب ـ أن تكون الأم ميتة والحمل ميتاً، فلا يجوز إجراء هذه العملية لإخراجه؛ حيث إنه لا توجد فائدة من ذلك.

جـ ــ أن تكون الأم حية والحمل ميتاً، فيجوز إجراء العملية لإخراجه إلا أن يخشى الضرر على الأم؛ حيث إن الحمل إذا مات لا يكاد يخرج بدون العملية وإلا تعفن في بطن الأم وربما أودى بحياتها، بل إن وجوده في بطن أمه على هذه الحالة يمنعها من الحمل مرة ثانية لذا جاز إخراجه لدفع الضرر.

د ـ أن تكون الأم ميتة والحمل حياً، فإن كانت لا ترجى حياته لم يجز إجراء العملية، وإن كانت ترجى حياته، فإن كان قد خرج بعضه شق بطن الأم لإخراج باقيه، وإن لم يخرج منه شيء فقد قال الحنابلة: لا يشق بطن الأم لإخراج الحمل؛ لأن ذلك ُمثُلة والصواب أنه يشق البطن إن لم يمكن إخراجه بدونه، وهذا اختيار ابن هبيرة([108]) وهو أولى.

  

غسل الثوب الذي أصابه دم حيض 

المرأة إذا أصاب ثوبها شيء من دم الحيض وجب غسله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بذلك عندما سألته امرأة فقالت: يا رسول الله، أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه([109]).

فالحديث يبين أن على المرأة إذا رأت دم الحيض أن تحتَّه أي تحكه، والمراد بذلك إزالة عينه. وأن تقرصه بالماء، ويكون قرص موضع الدم بأطراف الأصابع ليتحلل بذلك ويخرج ما يشربه الثوب منه، وقد سئل الأخفش عن القرص فبين المراد منه بأن ضم أصبعيه الإبهام والسبابة وأخذ شيئاً من ثوبه بهما وقال: هكذا تفعل بالماء في موضع الدم([110]). ثم تنضحه، وقال الخطابي: إن المراد بالنضح الغسل.

وقال القرطبي: النضح المراد به الرش؛ لأن غسل الدم استفيد من قوله: تقرصه([111]). قلت: تبين مما سبق وجوب غسل الثوب الذي أصابه دم الحيض حيث إن دم الحيض نجس بإجماع المسلمين([112]).

صلاة الحائض في الثوب الذي حاضت فيه:

لا يلزم المرأة تغيير ملا بسها التي حاضت فيها وطهرت وأرادت الصلاة فيها مادام أن هذه الملابس لم يصبها من دم الحيض وتجزئها الصلاة فيها حتى وإن أصاب هذه الملابس دم الحيض بشرط أن تقوم بغسل موضع الدم.

 

هل يجب على الحائض غسل في أثناء الحيض؟ 

 يتفرع عن ذلك ثلاثة مسائل:

1ـ حائض احتلمت وأنزلت أثناء الحيض، هل عليها غسل؟

ذكر أهل العلم أن المرأة إذا احتلمت وأنزلت وهي حائض استحب لها أن تغتسل من الجنابة وهي الاحتلام، وهذا الغسل لا يرفع عنها الاغتسال عند توقف دم الحيض حيث إن لكل منهما سببه.

2ـ باشرها زوجها وهي حائض فيما دون الفرج وأنزلت فهل تغتسل؟

ذكر أهل العلم أيضاً أن الغسل في هذه الحالة في حق المرأة مستحب؛ وذلك لكي لا يبقى عليها أثر الجنابة، لأنه لا ينبغي للمرأة أن تظل بجنابتها مادام أنها مستطيعة للغسل.

3ـ جامعها زوجها ثم حاضت قبل أن تغتسل فهل عليها غسل؟

يرى أهل العلم أن الغسل في حق هذه المرأة مستحب؛ حتى لا يبقى عليها أثر الجنابة.

وعندما تطهر من الحيض تغتسل مرة ثانية من أجل الحيض.

 

متى يجب الغسل على الحائض؟ 

اتفق العلماء على أربعة أسباب توجب الغسل، وهي:

1ـ خروج المني من مخرجه دفقاً بلذة.

2ـ التقاء الختانين بتغيُّب الحشفة.

3ـ الحيض.

4ـ النفاس.

واختلفوا في أمور ثلاثة هل هي موجبة للغسل أو لا؟ وهي:

1ـ الموت.

2ـ إسلام الكافر.

3ـ الولادة ولو علقة أو مضغة ولو بلا بلل.

إذن فالحيض من الأمور الموجبة للغسل، قال تعالى:[وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ]([113]). وقال ابن نجيم: يلزم المرأة تمكين الزوج من الوطء ولا يجوز ذلك إلا بالغسل وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب([114]). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم:”إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي([115]).

وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل، وممن نقل هذا الإجماع الكاساني([116])، والنووي عن ابن المنذر([117]).

ولكن متى يجب الغسل؟ هل يجب بخروج الحيض وأن الانقطاع شرط؟ أو أن الانقطاع هو الموجب؟ أم أنه يجب إذا أرادت المرأة القيام إلى الصلاة ونحوها؟ كل ذلك محل نظر عند أهل العلم.

والراجح والله أعلم أن الموجب للغسل هو خروج الدم وأن الانقطاع شرط للصحة، وإرادة القيام إلى الصلاة ونحوها شرط للغسل على الفور.

لأن وجود الدم مانع من مباشرة العبادات فهذا هو سبب الحدث فيستقر الغسل في ذمتها ولكنها لا يمكن أن تؤدي هذا الغسل إلا بعد انقطاع دمها فيسمح لها بالاغتسال، ولكن لا على الفور وإنما يتأتى الفور إذا ترتب على عدم الغسل فوات واجب من الواجبات فحينئذ تبادر بالغسل مثل الصلاة، فإذا طهرت المرأة بالليل ولكنها أخرت الغسل سواء كان من جنابة أو حيض واغتسلت بعد طلوع الشمس وقضت الصلاة فإن ذلك حرام بالإجماع.

والواجب عليها أن تبادر بالغسل وتصلي قبل طلوع الشمس؛ لأن الصلاة لا يجوز إخراجها عن وقتها عمداً بالإجماع وأن ذلك من الكبائر، وإذا علم الزوج وسكت عن إنكاره فهو شريكها في الإثم إن كانت عالمة بالتحريم.

ولا عبرة بقول إحداهن: إنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت، وهذا الكلام ليس بحجة ولا عذر؛ لأنه يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل من أجل أن تؤدي الصلاة في وقتها ثم إذا حصل لهذه المرأة وقت سعة اغتسلت الغسل الكامل.

 

كيفية غسل المرأة الحائض 

تنوي ثم تسمي وتغسل يدها ثلاثاً، وتغسل ما بها من أذى سواء أكان على الفرج أم على سائر البدن.

قال ابن مفلح في النية: تنوي رفع الحدث أو استباحة ما لا يشرع إلا به كقراءة القرآن ونحوها([118]).

ثم بعد أن تغسل ما بها من أذى تتوضأ وضوءً كاملاً ثم تحثي الماء على رأسها ثلاثاً حتى تروي أصول الشعر، ثم تفيض الماء على بدنها ثلاثاً وتبدأ بشقها الأيمن ثم الأيسر؛ وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في شأنه كله.

وأن تتعاهد معاطف البدن كالإبطين وداخل الأذنين والسرة وما بين الإليتين وأصابع الرجلين وغيره. ثم تغسل قدميها مرة أخرى في مكان آخر([119]).  

فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه)([120])

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثتني خالتي ميمونة رضي الله عنها قالت: (أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً ثم أدخل يده في الإناء ثم أفرغ به على فرجه وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه ثم أتيته بالمنديل فرده)([121])

وهذا هو الغسل الكامل، وغسل الحيض كغسل الجنابة تماماً.

أما الغسل المجزئ:

فهو الذي لا بد منه لتحقيق إزالة الحدث، وإذا نقص عن الكيفية التالية لا يجزئ.

وكيفيته: أن تغسل ما بها من أذى وتنوي وتعم بدنها وشعرها بالماء([122]).

 

هل يجب على الحائض

أن تنقض ضفائرها عند الغسل 

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

أحدهما: وهو قول الجمهور: أنه لا فرق بين غسل المرأة من الحيض وغسلها من الجنابة، وأنه لا يجب على المرأة نقض ضفائرها إذا وصل الماء إلى أصول الشعر([123]).

واختلف أصحاب هذا الرأي فيما بينهم في إيصال الماء إلى باطن الضفائر والذوائب وما استرسل من الشعر؛ فمنهم من يرى أن ذلك واجب على المرأة، ومنهم من يرى أنه ليس بواجب.

القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وقول الباجي من المالكية وابن حزم([124]).

وقد فرق أصحاب هذا الرأي بين غسل الجنابة وغسل الحيض فأوجبوا على الحائض نقض شعرها في غسل الحيض، ولم يوجبوه في غسل الجنابة قائلين بأن نقض المرأة لشعرها في غسل الحيض ليس فيه مشقة؛ حيث إنه يحدث في الشهر مرة بخلاف غسل الجنابة الذي يتكرر كثيراً.

والذي يظهر ـ والله أعلم ـ رجحان الرأي الأول ؛ لأن أدلة الرأي الثاني ضعيفة وقد رد عليها الجمهور من عدة وجوه، فتبين أن غسل الحيض كغسل الجنابة وأن المرأة الحائض لا يجب عليها نقض شهرها إذا وصل الماء إلى أصول الشعر، فإن كان يوجد ما يمنع وصول الماء إلى الأصول وجب النقض؛ لما ثبت في صحيح مسلم رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، إني أشد شعراً أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة؟ قال:”لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين([125]).

 

تطيب الحائض عند الغسل من الحيض 

يستحب للمرأة عند الغسل من الحيض أن تستعمل السدر؛ وذلك لما روته أسماء: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلمعن غسل الحيض فقال:”تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر…([126]). وقد أوجب ذلك الميموني وابن عقيل([127]).

والأصح أنه للاستحباب؛ حيث إن الأمر في الحديث للندب وليس للوجوب لأن الواجب في الغسل تعميم الجسد بالماء.

ويستحب للمرأة في غسل الحيض أن تتبع أثر الدم بمسك أو طيب؛ وذلك بأن تجعله على قطنة أو غيرها كخرقة وتدخلها فرجها، والنفساء كالحائض في ذلك([128]).

قال الشافعي:(الحائض في الغسل كالجنب، إلا أني أحب للحائض إذا اغتسلت من الحيض أن تأخذ شيئاً من مسك فتتبع به أثر الدم فإن لم يكن مسك فطيب)([129]).

والمرأة تفعل هذا سواء كانت بكراً أم ثيباً أم عجوزاً، ولا تفعله المحرمة لأن الطيب بأنواعه يمتنع عليها فتستعمل الطين، وأما المحدة فإنها تتبع أثر الدم بنحو أظفار([130]).

فقد ثبت عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: قالت: “كنا ننهى أن نحد إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أو أظفار…”([131]).

  ومما يدل على استحباب المسك والطيب ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل قال:”خذي فرصة من مسك فتطهري بها“، قالت: كيف أتطهر؟ قال: “تطهري بها“، قالت: كيف؟ قال:”سبحان الله تطهري“، فاجتذبتها إلي فقلت: تتبعي بها أثر الدم([132]). فإن لم تجد المرأة مسكاً فيستحب لها أن تستخدم الطيب، فإن لم تجد الطيب فتستخدم الطين وإلا فالماء يكفيها.

وقد اختلف العلماء في الحكمة من استعمال المسك: والصحيح المشهور أن المقصود من استعماله  تطييب المحل ودفع الرائحة الكريهة ـ وليس لسرعة علوق الولد كما قال بعضهم.

قال النووي:(وأما قول من قال: إن المراد من استعمال المسك هو الإسراع في العلوق فضعيف باطل؛ فإنه على مقتضى قوله ينبغي أن يخص به ذات الزوج الحاضر الذي يتوقع جماعه في الحال وهذا شيء لم يصر إليه أحد نعلمه، وإطلاق الأحاديث يرد على من التزمه، بل الصواب أن المراد من استعماله تطييب المحل وإزالة الرائحة وأن ذلك مستحب لكل مغتسلة من الحيض أو النفاس سواء ذات زوج أو غيرها)([133]).

أما وقت استعمال الطيب فعلى القول الصحيح من أن الحكمة من استعمال الطيب تطييب المحل فيكون بعد الغسل([134]).

ومما يؤيد ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت يزيد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض فقال:”تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر وتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ قرصة ممسكة فتطهر بها([135]).

وحيث إن الحكمة من استعمال الطيب هي تطييب المحل وإزالة الرائحة الكريهة، فإذا استعملت المرأة في عصرنا الحاضر صابوناً له رائحة طيبة أو أي مستحضر له رائحة فإنها تكون قد أصابت السنة؛ إذ يتحقق باستعمال هذه الأنواع ما يتحقق طيبة بالطيب بل قد تكون أكثر فاعلية منه حسب قوة رائحتها ونفوذها.

 

هل يجبر الزوج زوجته على الغسل من الحيض

لقد اتفق العلماء على أن الزوج المسلم له أن يجبر زوجته المسلمة على الاغتسال من الحيض.

واختلفوا فيما لو كانت الزوجة ذمية، فهل لزوجها المسلم إجبارها على الغسل من الحيض؟ قال الشافعية([136]) والحنابلة([137]) والمالكية([138]) في رواية: إن الزوج المسلم له أن يجبر زوجته الذمية على الغسل من الحيض.

وقال الحنفية([139]) والمالكية والحنابلة في رواية أخرى: إن الرجل ليس له أن يجبر زوجته الذمية على الغسل من الحيض.

واستدل الجمهور بما يلي:

1ـ قال الله تعالى:[وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ]([140]).  فالآية الكريمة لم تخص المسلمة من غيرها فهي تشمل المسلمة والذمية والحرة والمملوكة فأوجب الله بذلك التطهر على الجميع.

وإن عدم الاغتسال من الحيض يمنع الاستمتاع الذي هو حق للزوج فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه.

ويترجح لي ــ والله أعلم ــ رأي الجمهور القائل: بأن الرجل له أن يجبر زوجته الذمية على الغسل من الحيض؛ وذلك لقوة أدلته.

 

أقسام النساء من حيث الحيض

عندما يزيد دم الحيض عن أقصى مدته فإنه يحتاج إلى الحكم الشرعي فيه ولا يمكن الحكم في هذا الأمر إلا بالنظر إلى حالات المرأة المتعددة حين نزول الدم عليها، وهذا ما سيتضح خلال الحديث عن أقسام النساء من حيث الحيض وهي ما يلي:

1ـ مبتدأة مميزة:

مثالها: بلغت بالحيض واستمر بها الدم إلى أن عبر أقصى المدة، وحالها أنها متمكنة من تمييز الدم عن بعضه البعض فتعرف القوي منه بثخنه ونتنه وشدة لونه، فما كان منه على هذه الصفات فهو حيض وما كان ضعيفاً فهو استحاضة أي دم فساد، والمراد بالضعيف الضعيف المحض([141]).

وقد اشترط الشافعية لذلك شروطاً ثلاثة هي:

أ ـ أن لا ينقص القوي عن أقل الحيض.

ب ـ أن لا يزيد القوي عن أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوماً.

جـ ـ أن لا ينقص الضعيف عن أقل الطهر وهو خمسة عشر يوماً.

ويتضح ذلك بالمثال الآتي:

امرأة أتاها الدم في أول شهر رجب واستمر بها وتجاوز أقصى المدة وهي خمسة عشر يوماً، ولم يثبت على هيئة واحدة من الضعف والقوة وذلك إلى نهاية اليوم الخامس من شهر شعبان. فإذا قلنا: إنه من بداية شهر رجب إلى خمسة عشر يوماً من نفس الشهر بها سبعة أيام قوة ومن ستة عشر من شهر رجب إلى خمسة عشر من شهر شعبان عددها عشرون يوماً.

والمرأة قد لاحظت دمها عقب الحد الأقصى فرأت ثلاثة أيام الدم خلالها قوي وما بقي ضعيف فتكون مدة حيضتها سبعة أيام بالإضافة إلى ثلاثة أخرى يكون مجموعها عشرة أيام. أما الباقي فهو ثمانية أيام بالإضافة إلى سبعة عشر يوماً يكون مجموعها خمسة وعشرين هي دم فساد.

وقد وافق الحنابلة والمالكية والشافعية في هذا المنطلق التمييزي بين الدمين، إلا أن الحنابلة أوجبوا الجلوس عليها في الدم القوي، أما في الضعيف فقالوا: إنها تغتسل([142])  وتقوم بما عليها من واجبات كالصلاة والصيام وغيرهما، ويتضح من كلام الحنابلة في ذلك بأن المرأة تقوم بأداء الفرائض من الصلاة والصيام حيث إن ذلك من باب الاحتياط، وليس مرادهم أداءها للنوافل أيضاً.

فالنوافل ليس فيها احتياط، ولأن الإنسان لا يأثم بتركها فلا حاجة للاحتياط فيها، والأصل أن هذا الدم دم حيض والفرائض يخشى على المرأة أن تأثم بتركها.

وذكر صاحب المغنى([143]): أن الأحناف يقولون: لا اعتبار بالتمييز إنما الاعتبار بالعادة خاصة مستدلين بما روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب لتصل فيه([144]).

2ـ معتادة غير مميزة:

وهي التي عبر دمهــا أكثر الحيــض ولها عادة معروفة سابقة ولا يتميز بعضـــه من بعض وكذلك إن كان منفصلاً إلا أن الدم الذي يصلح للحيض دون أقل الحيض أو فوق أكثره فهذه لا تمييز لها فإن كانت لها عادة قبل أن تستحاض جلست أيام عادتها واغتسلت عند انقضائها ثم تتوضأ بعد ذلك لوقت كل صلاة وتصلي.

وما زاد عن هذا القدر فهو استحاضة، وهذا القول قول الحنابلة والشافعية والحنفية([145])، وقد خالفهم في ذلك المالكية حيث قالوا: لا اعتبار بالعادة إنما الاعتبار بالتمييز.

والقول بالعادة المعروفة مبني على ما ورد من نصوص صريحة، منها: 

ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأن أم حبيبة:”امكثي قدر ما كنت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي([146]).

وما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش وقد اشتكت من استحاضتها:”…تترك الصلاة قدر أقرائها….([147]).

وما ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تهراق الدم فقال:”لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فتدع الصلاة ثم لتغتسل ولتستثفر ثم تصلي([148]).

والعادة على ضربين:

1ـ عادة متفقة:

وهي أن تكون أيامها متساوية كأربعة في كل شهر فإذا استحيضت جلست الأربعة فقط.

2ـ عادة مختلفة: وهي نوعان:

أ ـ عادة مختلفة على ترتيب: كأن ترى في شهر ثلاثة، وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة، ثم تعود إلى ثلاثة إلى أربعة على ما كانت، فهذه إذا استحيضت في شهر وعرفت نوبته عملت عليه ثم على الذي يليه وهكذا على العادة([149]).

وإذا نسيت نوبته حاضت على اليقين وهو ثلاثة أيام ثم تغتسل وتصلي بقية الشهر.

وإن أيقنت أنه غير الأول وأصبح عندها شك هل هو الثاني أو الثالث؟ جلست أربعة؛ لأنها اليقين ثم تجلس من الشهرين الآخرين ثلاثة ثلاثة، ثم تجلس في الرابع أربعة ثم تعود على الثلاثة بعد ذلك.

ويجزئها حينئذ غسل واحد عند انقضاء المدة التي جلستها كالناسية إذا جلست أقل الحيض؛ لأن ما زاد على اليقين مشكوك فيه.

ب ـ عادة مختلفة على غير ترتيب:

كأن تحيض من شهر ثلاثة، ومن الثاني خمسة، ومن الثالث أربعة فإن كان هذا يمكن ضبطه ويعتاده على وجه لا يختلف ولا يتغير فإنه يأخذ حكم المختلف على ترتيب.

أما إن كان غير مضبوط جلست الأقل من كل شهر وهي الثلاثة.

إن لم يكن لها أقل منها، وتغتسل عقبه.

والمرأة لا تكون معتادة إلا عندما تعرف شهرها ووقت حيضتها وطهرها، وشهر المرأة عبارة عن المدة التي لها فيها حيض وطهر ويتضح لها فيه الأقل والأكثر فيهما.

والغالب أنه الشهر المعروف بين الناس، فإذا عرفت أن شهرها ثلاثون يوماً وأن حيضها منه خمسة وطهرها خمسة وعشرون وعرفت أوله فهي معتادة.

وإن عرفت أيام طهرها وأيام حيضها فقد عرفت شهرها وإن عرفت أيام طهرها ولم تعرف أيام حيضها أو عرفت أيام حيضها ولم تعرف أيام طهرها فليست بمعتادة.

ومتى جهلت شهرها ردت إلى الغالب وحاضت من كل حيضة وذلك مثلما ترد في عدد أيام الحيض إلى ستة أيام أو سبعة أيام، لكون ذلك هو الغالب والعادة لا تثبت بمرة ، وفي رواية عن الإمام أحمد أنها تثبت بمرتين.

والراجح أنها تثبت بثلاث مرات لظاهر الأحاديث، ولأن العادة لا تطلق إلا على ما كثر، وأقله ثلاثة([150]).

3ـ لها عادة وتمييز:

وهي من كانت لها عادة فاستحيضت ودمها متميز بعضه أسود وبعضه أحمر، فإن كان الأسود في زمن العادة فقد اتفقت العادة والتمييز في الدلالة فيعمل بهما.  

وإن كان أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضاً ففيه قولان:     

أ ـ يقدم التمييز فيعمل به وتدع العادة، وهذا هو ظاهر مذهب الشافعي حيث يقول:(إن التمييز علامة في الدم وأمارة قائمة به وهو علامة حاضرة لكن العادة علامة قد انقضت)([151]) . إلى جانب أنه خارج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني. 

ب ـ تقدم العادة لأنها قد ثبتت واستقرت، وصفة الدم بصدد الزوال، والنبي  صلى الله عليه وسلم قد رد أم حبيبة والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة ولم يفرق ولم يستفصل بين كونها مميزة أم لا ؟([152]).  وهو رواية عن الإمام أحمد.

فمن كان حيضها مثلاً خمساً من أول شهر فاستحيضت فصارت ترى خمسة أسود ثم يصير أحمر ويتصل فالأسود حيض بلا خلاف؛ لأنه وافق زمن العادة والتمييز.

وإن رأت مكان الأسود أحمر ثم صار أسود وعبر سقط حكم الأسود لعبوره أكثر الحيض وكان حيضها هو الدم الأحمر؛ لأنه وافق زمن العادة.

وإن رأت المرأة مكان عادتها أحمر ثم خمسة ثم صار أحمر واتصل.

نقول: إن هذه المرأة تحيض بأيام عادتها وذلك على رأي من قدم العادة ويكون دمها الأسود وحده حيضاً على رأي من قدم التمييز، ولا شك أن الأولى تقديم العادة على التمييز مادامت منضبطة؛ لأن النصوص ظاهرة في ذلك، والله أعلم.

4ـ ليس لها عادة ولا تمييز:

                      الناسية                                                                   من لا عادة لها ولا تمييز

تنسى وقتها  ـ تنسى عددها ـ تنسى وقتها  

وتذكر عددها  ـ وتذكر وقتهــــا ـ وعددها         المحيرة: وهي التي حيرت الفقيه في أمرها.

1ـ المرأة الناسية لزمن عادتها وموضعها من الشهر، والناسية أيضاً عدد أيامها، يرى بعض أهل العلم أنها تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وهو غالب الحيض([153]).

مستدلين بما روت حمنة بنت جحش قالت:”كنت أُستحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة فما تأمرني فيها ؟ قد منعتني الصيام والصلاة. قال:”أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم“، قلت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم:”سآمرك أمرين أيهما صنعت أجزأ عنك، فإن قويت عليهما فأنت أعلم، فقال لها: إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله ..([154]).

والأخذ بهذا الرأي يتفق مع مبدأ التيسير الذي جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة، قال تعالى:[يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ]([155]).

وقال تعالى:[وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ]([156]).

ويرى أصحاب هذا الرأي أن المرأة في هذه الحالة يجب عليها الغسل مرة واحدة فقط عند توقيف الدم ولا يلزمها الغسل لكل صلاة.

ويرى بعض الفقهاء أن الناسية لوقتها وعددها وهي المحيرة لها أن تتحرى ولها أن تختار، واختيارها يقع عن طريق الاجتهاد أو يكون من أول الشهر، لكن صاحب الإنصاف (ذكر أن ذلك ضعيف؛ لأنه يؤدي إلى أن لها الخيرة في وجوب العادة الشرعية وعدمه)([157]).

وفي رواية للحنابلة: أنها تجلس أقل الحيض وهو يوم وليلة([158]).

وذهب الشافعية إلى أنها تفعل ما تفعله المبتدأة مميز كانت أو غير مميزة كما سبق في الحديث عن المبتدأة([159]).

وقد ذكر بعض أصحاب الشافعي: أن هذه المرأة تغتسل وجوباً لكل فرض([160]). وتصلي وتصوم ولا يأتيها زوجها، وقد استدلوا على وجوب الغسل بما روي عن عائشة رضي الله عنها:(أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل لكل صلاة)([161])

وليس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بالاغتسال لكل صلاة، فلفظ رواية البخارية هو ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي([162])

ولفظ رواية مسلم هو ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: استفتيت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني استحاض فقال: “إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلي“. فكانت تغتسل عند كل صلاة، قال الليث بن سعد: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي([163])

فالأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا ما ورد الشرع بإيجابه، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها كما مر في قوله:”إذا أدبرت فاغتسلي“. وليس في هذا ما تقتضي تكرار الغسل.

أما الأحاديث الواردة في سنن البيهقي وأبي داود وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بالغسل فليس فيها شيء ثابت وقد بين البيهقي ومن قبله ضعفها قال الشافعي رحمه الله:(إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي ولم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولعل أن غسلها كان تطوعاً)([164]).

2ـ تنسى عددها وتذكر وقتها:

كالتي تعلم أن حيضها في العشر الأول من الشهر ولا تعلم عدده فهي في قدر ما تجلسه كالمتحيرة؛ تجلس ستاً أو سبعاً على أصح الأقوال، إلا أن تجلس من العشر دون غيرها. فإن قالت: أعلم أنني كنت أول الشهر حائضاً ولا أعلم آخره أو إنني كنت آخر الشهر حائضاً ولا أعلم أوله، فإنها تحيض اليوم الذي علمته وتتم بقية حيضتها مما بعده في الحالة الأولى. وتحيض اليوم الذي علمته وتتم بقية حيضها مما قبله في الحالة الثانية.

فإن قالت: لا أعلم هل كان ذلك أول الحيض أو آخرها، أحيلت إلى التحري، أو مما يلي أول الشهر.

3ـ تنسى وقتها وتذكر عددها:

وهذه لها حالات أبينها فيما يلي:

أ ـ قد لا تعلم لها وقتاً أصلاً مع معرفتها لعدد أيام الحيض كخمسة أيام من كل شهر من أوله أومن آخره أو بالتحري([165])

ب ـ قد تعلم وقت معلوماً من فترة زمنية من مراحل الشهر كالعشر الأوائل أمثال هذه تجلس الأيام المعلومة من هذه الفترة المعلومة، كأن يكون عدد الأيام ستة فتجلس ستة أيام من العشر الأوائل من الشهر، والمشهور عن الإمام أحمد رحمه الله في هذه المسالة ثلاث روايات:

الأولى: أنها تجلس عند رؤية الدم، فإن زاد عن اليوم وليلة اغتسلت عقب اليوم والليلة وقامت بالعبادة.

الثانية: في حال انقطاع الدم لأكثر الحيض فما دون؛ أي ما بين الخمسة عشر واليوم، فإنها تغتسل وتفعل ذلك لمدة شهرين، فإن تساوت أيام الدم صارت عادة وعلمنا بذلك أنه حيض.

الثالثة: تلتزم بقضاء ما صامته في الأيام السابقة؛ لأنه صيام في وقت لا يجوز فيه الصيام. وفي رواية أخرى: تبني على غالب الحيض ستة أيام أو سبعة وفي رواية ثالثة: تجلس أكثر الحيض([166]).

 2ـ من لا عادة لها ولا تمييز:

وهذا هو النوع الثاني من القسم الرابع من أقسام النساء بالنسبة للحيض. والتي ليس لها عادة ولا تمييز هي التي بدأ بها الحيض ولم تكن قد حاضت قبله، وهذه تحيض بعادة نساء قومها والغالب بينهن وهو ستة أيام أو سبعة أيام.

وهذا القول المالكية و الحنابلة والوجه الظاهر عند الشافعية مستندين إلى ما ورد من أمر حمنة بنت جحش في استفتاء الرسول صلى الله عليه وسلم في استحاضتها الشديدة الكثيرة؛ حيث قال لها:”إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله([167]) .

والأظهر عند الشافعية أن تمكث يوماً وليلة، وما تبقى من الشهر تعتبر طاهرة، وقيل: يجب عليها قضاء ما صامت من الفرض. والراجح أنها لا تقضيه([168]) .

  

الاستحاضة 

تعريفها في اللغة:

الاستحاضة: استفعال من الحيض، وهو أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد حيضتها المعتادة.

يقال: استُحيضت المرأة فهي مستحاضة، والمستحاضة التي لا يرقأ دم حيضها ولا يسيل من المحيض ولكنه من عرق يقال له العاذل، وقيل هو دم غالب ليس بالحيض([169]).

تعريفها في الشرع: عرفها الدسوقي من المالكية بأنها: خروج الدم بسبب علة وفساد في البدن([170]).

وعرفها الشربيني من الشافعية بأنها: دم علة يسيل فمه في أدنى الرحم يقال له: العاذل، وزاد بعض الشافعية قائلاً سواء خروج أثر حيض أم لا([171]). وعرفها الحجاوي من الحنابلة بأنها: سيلان الدم في غير أوقاته من مرض وفساد من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل([172]).

وعرفها ابن نجيم من الأحناف بأنها: اسم لدم خارج من الفرج دون الرحم([173]).

ومما يظهر أن أصح التعاريف تعريف الشربيني من الشافعية والحجاوي من الحنابلة؛ لأنه موافق لما جاء في الأحاديث، وقيل: إن المستحاضة هي التي يتجاوز دمها أكثر الحيض.

وقيل: هي التي ترى دماً لا يصلح أن يكون حيضاً ولا نفاساً([174]).

وعلى هذا التعريف تدخل من زاد دمها على يوم وليلة وهي مبتدأة؛ لأنه ليس حيضاً ولا نفاساً فيكون دم استحاضة([175]).

 

لون دم الاستحاضة 

 دم المستحاضة أحمر، رقيق، لا رائحة له ([176]) .

ولكي يتبين الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة أجري المقارنة التالية:

دم الحيض دم الاستحاضة
أسود غليظ محتدم بحراني له رائحة كريهة. رقيق أحمر لا رائحة له.
يخرج من أقصى الرحم. يخرج من أدنى الرحم من عرق يقال له العاذل.
دم صحة يخرج في أوقات معلومة. دم فساد وعلة ليس له أوقات معلومة.
لا يتجمد لأنه تجمد في الرحم ثم انفجر وسال. يتجمد لأنه دم عرق.

وهذه المقارنة جاءت واضحة في كثير من الأحاديث منها:

* عن فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تستحاض، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:“إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق([177]).

* وعن عائشة رضي الله عنها قالت: استحيضت فاطمة بنت أبي حبيش فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما ذلك عـرق ليست بالحيضــة فإذا أقبلـت الحيضــة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي([178]).

مدة دم الاستحاضة:

إن الاستحاضة لا حد لأقلها ولا حد لأكثرها، فالمرأة متى عبر دمها أكثر الحيض فهو استحاضة يجري عليه أحكام الاستحاضة، وهي تميزه بأنه رقيق أحمر لا رائحة له، وإذا لم تستطيع التمييز رجعت إلى غالب عادة أقاربها من النساء وهو ستة أيام أو سبعة أيام حيث إن ذلك الغالب في الحيض لتعرف هل هو حيض أو استحاضة؟

وقد أوضحت قبل ذلك ما الذي يجري على المرأة فعله وإن طال بها دم الاستحاضة، وذكرت حديث أم حبيبة التي استمرت استحاضتها إلى سبع سنين.

 

أحوال المستحاضة

1ـ لها حيض معلوم:

فهذه ترجع إلى مدة حيضها المعلومة وتجلس فيها ويثبت لها أحكام الحيض وما عداها استحاضة يثبت لها أحكام المستحاضة.

2ـ ليس لها حيض معلوم:

بأن تكون الاستحاضة مستمرة بها من أول ما رأت الدم من أول أمرها، فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غلظة أو رائحة تدور عليه أحكام الحيض، وما عداه فهو استحاضة تدور عليه أحكام الاستحاضة([179]).

3ـ ليس لها حيض ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة:

وذلك من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً، فهذه تعمل بعادة غالب النساء فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة أيام من أول المدة التي ترى فيها الدم، وما عداه يكون استحاضة.

وقد فصلت القول في ذلك عند الحديث عن أقسام النساء من حيث الحيض.

 

بيان حال من تشبه المستحاضة 

كأن يحدث للمرأة سبب يوجب نزيف الدم من فرجها كعملية في الرحم أو فيما دونه، وهذه لها حالتان:

1ـ أن يعلم أنها لا يمكن أن تحيض بعد العملية: مثل أن تكون العملية استئصال الرحم كله أو سده بحيث لا ينزل منه دم، فهذه يثبت لها أحكام المستحاضة ويكون حكمها حكم من ترى الصفرة والكدرة أو الرطوبة بعد الطهر، فلا تترك الصلاة ولا الصيام ولا يمتنع جماعها ولا يجب عليها غسل من هذا الدم ولكن يلزمها عند الصلاة أن تغسل موضع هذا الدم وأن تعصب على فرجها خرقة ليمتنع خروج الدم ثم تتوضأ   وتصلي ([180]).

2ـ أن لا يعلم حيضها بعد العملية: بل يمكن أن تحيض فهذه حكمها حكم المستحاضة. فقد قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش:”إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة([181]).

 

مقارنة بين المستحاضة والطاهرات 

 المستحاضة مثل الطاهرات إلا فيما يأتي:

1ـ وجوب الوضوء لكل صلاة للمستحاضة، والطاهرة لا يجب عليها ذلك بل يكون في حقها تجديد الوضوء مستحباً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش:”..ثم توضئي لكل صلاة وصلي..(*).

2ـ المستحاضة إذا أرادت الوضوء فإنها تغتسل أثر الدم وتعصب على الفرج خرقة على قطن ليستمسك الدم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة:”أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم، قالت: فإنه أكثر من ذلك، قال: فاتخذي ثوباً، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فتلجمي…([182]).

3ـ الجماع: بالنسبة لوطء المستحاضة فهي تعامل معاملة الحائض في أيام حيضها، وفي غير ذلك تعامل معاملة الطاهرات.

الذي تفعله المستحاضة إذا أرادت الصلاة:

يستحب للمستحاضة أن تغتسل لكل صلاة، ويقال بالاستحباب ولا يقال بالوجوب؛ حيث إنه ليس في الشرع ما يوجبه، ويكون هذا الغسل مستحباً إذا  قويت عليه لكل صلاة، وإلا جاز في حقها أن تجمع بالغسل الواحد بين صلاتين إلى جانب أن فيه فائدة عظيمة وهي نظافة المحل دوماً باستمرار مما يعود على المرأة براحة نفسية كبيرة وربما منع كثرة الاغتسال نزول الدم لما يفعله من تقلص لأوعية الدم.

وقد ذكرت سابقاً: أن المستحاضة عليها أن تغسل فرجها قبل الوضوء والتيمم إن كانت تتيمم وتحشو فرجها بقطنة أو خرقة رفعاً للنجاسة أو تقليلاً لها، فإن كان دمها قليلاً يندفع بذلك وحده فلا شيء عليها غيره، وإن لم يندفع شدت مع ذلك على فرجها وتلجمت وذكرت الحديث الذي يدل على ذلك سابقاً.

ويحسن هنا أن نبين معنى التلجم، وهو:

أن تشد على وسطها خرقة أو خيطاً أو نحوه على صورة التكة، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفين فتدخلها بين فخذيها وإليتيها وتشد الطرفين بالخرقة التي في وسطها أحدهما قدامها عند سرتها والأخرى خلفها وتحكم ذلك الشد، وتلصق هذه الخرقة المشدودة بين الفخذين بالقطنة التي على الفرج إلصاقاً جيداً.

فإن كانت المرأة صائمة فتترك الحشو في نهار رمضان وتقصر على الشد وإن كان يضرها الشد والتلجم فإنها تتركه، فإن خرج الدم بعد الوضوء لتفريط في الشد أعادت الوضوء؛ لأنه حدث أمكن التحرز منه، وإن خرج لغير تفريط فلا شيء عليها؛ لما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:(اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي)([183]). ولأنه لا يمكن التحرز منه فسقط، وتصلي بطهارتها ما شاءت من الفرائض والنوافل…([184]).

 

وطء المستحاضة 

اختلف أهل العلم في وطء المستحاضة على قولين:

1ـ يجوز وطؤها: وإن كان الدم جارياً وهو قول أكثر العلماء وأكثر الصحابة وهو قول الشافعية والحنفية([185]). وأدلتهم هي:

من الكتاب: قول الله تعالى:[قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ]([186]).

والمستحاضة قد تطهرت من الحيض فيجوز وطؤها مطلقاً، وأن دم الاستحاضة دم عرق فلا يمنع من الوطء كالناسور.

وذكر ابن حجر جواز الوطء قائلاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للمستحاضة الصلاة، فالوطء من باب أولى جائز([187]) لأن الوطء أهون. وقد روي عن عكرمة عن حمنة بنت جحش رضي الله عنها: أن زوجها كان يجامعها وهي مستحاضة([188]).

2ـ لا يجوز وطؤها: وهو قول النخعي، وقال أحمد في رواية له: لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف العنت([189]). وأدلتهم هي:

من الكتاب: قول الله تعالى[قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ]([190]).

فقالوا: إن المستحاضة بها أذى فيحرم وطؤها كالحائض؛ لأن وطء الحائض معلل بالأذى، والأذى موجود في المستحاضة فيثبت التحريم في حقها.

من السنة: ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (المستحاضة لا يغشاها زوجها)([191]).

وقد قال الإمام أحمد بجوازه في حالة خوفه من العنت؛ لأن الزمن يطول فيشق التحرز منه وحكمه أخف في هذه الحالة لعدم ثبوت أحكام الحيض فيه([192]).

ويترجح لي مما سبق قول من قال: بأن وطء المستحاضة جائز وأن حكمها حكم الطاهرات في كل شيء غير أيام حيضها فإنه يحكم لها في أيام حيضها بحكم الحائض، وفيما عدا أيام حيضها يحكم لها بحكم الطاهرات.

  

النفاس 

 تعريف النفاس في اللغة: النفاس بالكسر: ولادة المرأة فإذا وضعت فهي نفساء، ونفست المرأة ونفست بالكسر نفساً ونفاسةً وهي نُفساء ونَفَساء: ولدت.

وقال ثعلب: النفساء الوالدة والحامل والحائض، وليس في الكلام فعُلاء يجمع على فعال غير نُفسَاء وعُشَراء، ويجمع أيضاً على نُفساوات وعُشروات وفي الحديث: أن أسماء بنت عميس نُفست بمحمد بن أبي بكر؛ أي وضعت. والمنفوس هو المولود. ونُفست بالبناء للمفعول وهو من النفس وهو الدم، ومنه قولهم: لا نفس له سائلة؛ أي لا دم له يجري([193])

تعريف النفاس في الشرع: عرفه المالكية بأنه:”الدم الخارج للولادة”.

وعرفه الحنابلة بأنه:(دم يرخيه الرحم للولادة وبعدها إلى مد معلومة)([194]).

وعرفه الأحناف بأنه:(الدم الخارج من الرحم عقيب الولادة)([195]).

وعرفه الشافعية بأنه:(الدم الخارج عقب فراغ الرحم من الحمل)([196]).

 

حالات النفاس 

 1ـ أن تضع نطفة، وهذا ليس بحيض ولا نفاس.

2ـ أن تضع ما تم له أربعة أشهر ويخرج معه دم، فهذا نفاس قولاً واحداً نفخت فيه الروح، وتيقنا أنه بشر.

3ـ أن تضع علقة، وهذا خلاف بين أهل العلم على قولين: 

أ ـ وهو المشهور: إنه ليس بحيض ولا نفاس ولو رأت الدم.

ب ـ يرى بعض أهل العلم أنه نفاس، وعللوا ذلك بأن الماء الذي هو النطفة انقلب من حاله إلى أصل الإنسان وهو الدم، فتيقنا أن هذا النازل إنسان.

4ـ مضغة غير مخلقة: والمشهور أنه ليس بنفاس ولو رأت الدم، وقال بعض أهل العلم: أنه نفاس([197]).

5ـ مضغة مخلقة: وهذه الحالة سأبين الحكم فيها عند البحث عن السقط وحكمه لارتباطها به ارتباطاً وثيقاً.

 

السقط وحكمه 

تعريف السقط في اللغة: هو الولد الخارج من بطن أمه لغير تمام، ويقال: أسقطته أمه فهي مُسقط([198]).

تعريفه في الشرع: هو الذي يسقط من بطن أمه ميتاً([199]).

والجنين يمر بثلاث مراحل في بطن أمه بينهما القرآن الكريم في قوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ]([200]).

وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذه المراحل في حديثه الذي رواه عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق:”إن أحدكم ليجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم  يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتب أربع كلمات: رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد …([201]).

ولقد حاول الأطباء أن يضعوا مصطلحات ومسميات طبية لكل مرحلة من هذه المراحل بألفاظ غير واردة بالآية والحديث فلم يجدوا ألفاظ تتناسب وهذه المراحل إلا الكلمات في الآية والحديث، وهذا يدل دلالة واضحة على إعجاز القرآن وفصاحته ويدل أيضاً على فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتى جوامع الكلم والذي لا ينطق عن الهوى.

والنطفة: هي: القليل من الماء أو القطرة.

والعلقة: تحول هذه النطفة إلى قطعة من دم جامد.

والمخلقة: هي: أن تكون غير مستبينة الخلق وغير ظاهرة التصوير.

فالمدة الزمنية التي يستقر بها الجنين في الرحم مائة وعشرون يوماً  ولا تنفخ فيه الروح إلا بعد انتهاء هذه المدة([202]).

وأقل ما قال به أهل العلم أنه يتخلق به الإنسان هو واحد وثمانون يوماً، فإذا تخلق كان له حكمه.

حكم السقط:

يرى الشافعية أن الدم الخارج عقيب الولادة نفاس، حتى ولو كان الملقى علقة أو مضغة([203]).

ويرى الأحناف: أن السقط الذي تبين بعض خلقه تصير به المرأة نفساء؛ كأن تظهر له يد أو رجل أو أصبع أو أظفر، وكذلك كل ما يدل على تشكيل فيه أو تخطيط. أما إذا لم يظهر فيه شيء فلا تصير المرأة به نفساء، ويكون حيضاً إن دام ثلاثاً وتقدمه طهر تام وإلا فهو استحاضة([204]).

ويرى الحنابلة: أن المرأة إذا رأت الدم بعد وضع شيء يتبين فيه خلق الإنسان فهو نفاس، وإن رأته بعد إلقاء نطفة أو علقة فليس بنفاس.

وإن كان الملقى مضغة لم يتبين فيها شيء من خلق الإنسان ففيها قولان:

1ـ إن هذا الدم نفاس، لأنه بدء خلق آدمي فكان نفاساً كما لو تبين فيها خلق آدمي.

2ـ ليس بنفاس؛ لأنه لم يتبين فيها خلق آدمي فأشبهت النطفة([205]).

والغالب أنه إذا تم للحمل تسعون يوماً تبين فيه خلق الإنسان، وعلى(*).

هذا إذا وضعت لتسعين يوماً فهو نفاس على الغالب وما قبل التسعين يحتاج إلى تثبت؛ لأنها لا تكون مضغة إلا بعد الثمانين.

والمضغة قسمها الله إلى مخلقة وغير مخلقة.

وإذا أسقطت لأقل من ثمانين يوماً فلا نفاس، والدم حكمه حكم سلس البول([206]).

 

الولادة الجراحية 

 إذا ولدت المرأة بعملية جراحية، وهي ما تسمى بالولادة القيصرية، ولم تر دماً فلا تكون نفساء وإنما ذات جرح.

لكن يثبت لها بهذه الولادة انقضاء العدة، وتصير الأمة أم ولد، ولو علق طلاقها بولادتها وقع لوجود الشرط.

وإذا ولدت بهذه الطريقة ونزل الدم من فرجها فإنها تصير نفساء؛ لأنه وجد خروج الدم من الرحم عقيب الولادة([207]).

ومتى ولدت المرأة ولم تر دماً أبداً عقيب أو أثناء الولادة فهي طاهر، سواء كانت الولادة من الفرج وهي الولادة الطبيعية أو من البطن بالعملية الجراحية([208]).

 

أكثر النفاس 

يرى الأحناف: أن أكثر النفاس أربعين يوماُ، وما زاد على الأربعين فهو استحاضة بالنسبة للمبتدة([209]).

وللمالكية في أكثر النفاس قولان:

أ ـ أكثر ستون يوماً على المشهور.

ب ـ تسأل النساء وأهل المعرفة فتجلس أبعد ذلك.

وقال ابن الماجشون: لا يسأل النساء عن ذلك لتقاصر أعمالهن وقلة معرفتهن([210]).

واتفق الشافعية على أكثره ستون يوماً وأغلبه أربعون([211]).

وللحنابلة في أكثر النفاس ثلاثة أقوال:

أ ـ أكثره أربعون يوماً.

ب ـ أكثره ستون يوماً([212]).

جـ ـ لا حد لأقله ولا حد لأكثره، ولو زاد على أربعين أو الستين أو السبعين وانقطع فهو نفاس، والأربعون هي الغالب، وهذا هو قول شيخ الإسلام  ابن تيمية([213]) .

فالواجب على النفساء وقوف أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك([214])(*) فإن لم تر  الطهر وعبر الدم الأربعين فإنها تغتسل بعد تمام الأربعين ويكون حكمها حكم الطاهرات، إلا إذا وافق الدم عادتها فيكون حيضاً وإلا فحكمه حكم الاستحاضة.

 

ما تتفق فيه النفساء مع الحائض 

حكم النفاس كحكم الحيض فيما يحرم ويجب ويسقط به([215]). والنفاس حيض مجتمع احتبس لأجل الحمل([216]). وتتفق النفساء مع الحائض فيما يلي:

أولاً: في الطهارة:

1ـ سؤرها وما تختلي به من الماء كسؤر الحائض([217]).

2ـ النفاس حدث أكبر كالحيض يوجب الغسل([218]).

3ـ دم النفاس نجس كالحيض والإزالة فيهما واحدة([219]).

4ـ كيفية الغسل في النفاس كالحيض([220]).

ثانياً: في العبادة:

1ـ لبثها في المسجد والمرور فيه كالحائض.      

2ـ قراءة القرآن.

3ـ الصلاة لا تجب عليها، ولا يجب عليها قضاؤها.   

4ـ الصوم لا تفعله ويجب عليها قضاؤه.     

5ـ الطواف في الحج([221]).

ثالثاً : في أحكام الزواج:

فهي تستوي مع الحائض في استمتاع الزوج بها([222])(*).

 

ما تختلف فيه النفساء عن الحائض 

1ـ العدة والاستبراء:

لأن انقضاء العدة بالقروء، والنفاس ليس بقرء فلا يتناوله قوله الله جل وعلا:[وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ]([223]).

والعدة تنقضي بوضع الحمل لا بالنفاس، فلو طلقت بعد وضع الحمل فلا بد لها من الاعتداد بالقروء ولا يحتسب النفاس في العدة.

2ـ البلوغ:

فالحيض يوجب البلوغ والنفاس لا يوجبه لثبوته بالحمل قبل النفاس.  وهذان الأمران محل اتفاق بين أهل العلم([224]).

وهناك أمور محل خلاف أذكر منها ما يلي:

3ـ الحيض تسقط بأقله الصلاة بخلاف النفاس فإنه لا تسقط الصلاة بأقله؛ وذلك لأن وقت النفاس قد لا يستغرق وقت الصلاة.

4ـ لا يحتسب النفاس في مدة الإيلاء أي الأربعة أشهر التي تضرب للمولي لطول مدته؛ ولأنه ليس بمعتاد بخلاف الحيض، وأنه إذا طرأ على مدة الإيلاء قطعها بخلاف الحيض فإنه يحسب ولا يقطع مدة العدة([225]).

5ـ النفاس يقطع التتابع في صوم الكفــارة في رأي للشافعيــة والحنـــابلة، بخلاف

الحيض فإنه لا يقطعه، وفي رأي آخر أن النفاس لا يقطع التتابع([226]).

6ـ لا حد لأقله، وأن أكثره أربعون يوماً.

7ـ لا يحصل به الفصل بين طلاق السنة والبدعة([227])(*).

 

امرأة ولدت توأمين في أيهما تحسب مدة النفاس 

إن أول النفاس وآخره يكون من أول التوأمين، ولو قدر أنها ولدت الأول في أول يوم من الشهر والثاني في العاشر من الشهر فإنه يبقى لها ثلاثين يوماً لأن أول النفاس من الأول([228]).

ولو قدر أنها ولدت الأول في أول الشهر وولدت الثاني في الثاني عشر من الشهر الثاني فلا نفاس للثاني؛ لأن النفاس من الأول وانتهت الأربعون يوماً.

والنفاس لا يزيد على الأربعين يوماً على الغالب لأن الحمل وجد والنفاس واحد، فإذا كان ذلك كذلك فلا يزيد على أربعين يوماً ولو تعدد المحمول.

والراجح أنه إذا تجدد دم للثاني فإنها تبقى في نفاسها ولو كان ابتداؤه من الثاني إذ كيف يقال: ليس بشيء وهي قد ولدت وجاءها دم([229]).

  

الطهر مدة النفاس 

لو رأت المرأة الدم عقب الولادة مدة سبعة أيام ثم رأت الطهر أياماً، فإما أن ترى عودة الدم قبل انتهاء مدة النفاس أو بعدها أو أن النقاء يبلغ الحد الزمني الأدنى للطهر وهو خمسة عشر يوماً.

وقد ذهب كل من المالكية والشافعية([230])  وبعض أصحاب أبي حنيفة([231]) إلى أن ما يطرأ على المرأة النفساء من طهارة، وانقطاع دم وامتد حتى بلغ الحد الزمني الأدنى للطهر فهو طهر. وأن مدة النفاس ما سبق من دم قبل هذا النقاء، وأن مدة النقاء تعتبر مدة نفاس تابعة لما سبق من نفاس.

ويرى أبو حنيفة([232]) والحنابلة([233]): أن الاعتبار لأول المدة وآخرها، وما تخلل من نقاء بين الدمين نفاس سواء بلغ الحد الزمني الأدنى للطهر أم لم يبلغ.

وقيل: يكره للزوج وطؤها إذا طهرت قبل الأربعين، والدليل على ذلك أن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه لما طهرت زوجته قبل الأربعين وأتت إليه : قال لا تقربيني([234]). وهو من الصحابة وقوله: لا تقربيني، نهي وأقله الكراهة.

والراجح أنه يجوز وطؤها قبل الأربعين إذا طهرت، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا وصلت حلت، أي : إذا استباحت الصلاة فكيف لا يستباح الوطء؟

وقول عثمان بن أبي العاص مقابل بقول ابن عباس رضي الله عنهما، وابن عباس أفقه منه وقد يتنزه عنه دون أن يكون مكروهاً عنده فلا يدل على الكراهة.

وربما فعله من باب الاحتياط فقد يخشى أنها رأت الطهر وليس بطهر([235]).

 

حكم النفساء التي تطهر خلال الأربعين 

متى طهرت المرأة قبل الأربعين فإنها تطهر وتغتسل وتصلي الفرائض وجوباً والنوافل استحباباً.

ويستحب لزوجها ألا يقربها في الفرج حتى تتم الأربعين، وقيل: يكره، وقيل: يحرم مع عدم خوف العنت.

ويكون مكروهاً إن أمن العنت وإلا فلا([236]).

لما روي: أن عثمان بن أبي العاص  رضي الله عنه لما طهرت زوجته قبل الأربعين قال لها: لا تقربيني، عندما أتت إليه([237]).

والراجح أنه يجوز وطؤها قبل الأربعين إذا طهرت لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (إذا صلت حلت؛ أي استباحت الصلاة فكيف لا يستباح الوطء)([238]).

 

عاودها الدم بعد الطهر خلال الأربعين 

 هذه المسألة فيها خلاف بين أهل على قولين:

1ـ أنه نفاسها تدع له الصوم والصلاة وإن طهرت أيضاً اغتسلت وصلت وصامت؛ لأنه دم في زمن النفاس فكان نفاساً كالأول([239]).

2ـ أنه مشكوك فيه تصوم وتصلي ثم تقضي احتياطاً، وهذه هي الرواية المشهورة عن الإمام أحمد بن حنبل([240]).

ولا يأتيها زوجها، وإنما ألزمت فعل العبادات لأن سببها متيقن، وسقوطها بعد هذا الدم مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك.

وللشافعي فيما إذا رأت الدم يوماً وليلة بعد طهر خمسة عشر يوماً روايتان:

أ ـ إنه حيض.

ب ـ إنه نفاس.

لكن الحنابلة قالوا: هو دم صادف زمن النفاس فهو نفاس، ولا فرق بين قليله وكثيره فحكم الحيض والنفاس واحد.

 

عاودها الدم بعد الطهر بعد الأربعين 

يرى الأحناف([241]) والمالكية: أن هذا الدم دم فساد ولا اعتبار له، ووافقهم على ذلك الحنابلة، لكنهم اشترطوا عدم مصادفة الدم زمن العادة وإلا فهو حيض.

وإن لم يصادف عادة فهو استحاضة، يأتيها زوجها وتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي إن أدركها رمضان ولا تقضي.

أما إن كان في أيام حيضها الذي تقعده أمسكت عن الصلاة ولم يأتها زوجها([242])(*).

وهذا هو القول الأظهر عند الشافعية، وإذا أشكل الأمر ترد إلى أحكام المتحيرة([243]).

والذي يتضح من كلام الشافعي ردها إلى أحكام المتحيرة بأقسامها ما عدا المتحيرة المطلقة؛ حيث إن ذلك غير متصور بناءً على مذهبه.

وقال الحنفية: إذا كان لها عادة نفاسية معروفة، فما زاد على هذه المدة فهو دم فساد ولو كان قبل انتهاء الحد الأقصى للنفاس([244]) .

 

الأحكام الشرعية للحائض والنفساء والمستحاضة

الصلاة 

اتفق العلماء على أن الحائض يسقط عنها فعل الصلاة ولا يجب عليها قضاؤها إذا طهرت؛ لأن ذلك فيه مشقة عليها حيث الصلاة تتكرر كثيراً عكس الصيام الذي لا يكون إلا مرة واحدة في العام([245]).

ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو أفطر إلى المصلى فمر على النساء فقال:”يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار“، فقلن: وبمَ يا رسول الله؟ قال:”تكثر اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن“، قلن: ما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال:”أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل“، قلن: بلى. قال:”فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم” قلن: بلى، قال:”فذلك من نقصان دينها([246]).

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش:”…فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي([247]). وعن معاذة أن امرأة سألت عائشة فقالت:(أتقضي إحدانا الصلاة أيام محيضها؟ فقالت عائشة: أحرورية أنت؟ قد كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا تؤمر بالقضاء)([248]).  وفي روايـــة:(كان يصيبنــا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)([249])

ومن الإجماع: فقد أجمع المسلمون على منع الحائض من الصلاة وسقوط فرضها عنها ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد برأيهم([250]).

أما الخوارج الذين يرون قضاء الصلاة على الحائض فهم على خلاف إجماع الأمة سلفاً وخلفاً([251]).

ومن العقل: أن قضاء الصلاة على الحائض فيه حرج عليها؛ وذلك لتكرر الصلاة في كل يوم وتكرر الحيض في كل شهر، وهذا على عكس الصيام حسبما ذكرناه، والله تعالى يقول:[وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ]([252]).

وقال الإمام الشافعي رحمه الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للخائف أن يؤخر الصلاة؛ لقول الله تعالى:[فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً]([253]).

وأرخص أن يصليها كيفما أمكنه سواء كان راجلاً أو راكباً؛ لأن الله تعالى قال:[إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً] ([254]).

فكل من عقل الصلاة من البالغين يكون عاصياً بتركها إذا جاء وقتها وذكرها وكان غير ناس لها، ولما كانت الحائض بالغة عاقلة ذاكرة للصلاة قادرة عليها، فكان حكم الله عز وجل ألا يقربها زوجها حائضاً، فدل حكم الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه إذا حرم على زوجها أن يقربها في الحيض حرم عليها أن تصلي كان في هذا دلائل على أن فرض الصلاة في أيام الحيض زائل عنها، فإذا زال عنها وهي ذاكرة عاقلة لم يكن عليها قضاء الصلاة، وكيف تقضي ما ليس بفرض عليها بزواله فرضه([255]).

والنفساء تأخذ نفس الحكم في عدم قضاء الصلاة؛ لأنها تتفق مع الحائض في الأحكام الشرعية.

والمستحاضة تجلس غالب عادة نسائها والغالب كما جاء في الحديث ستة أيام أو سبعة أيام، كما قال صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحيش:”…تحيض في علم الله ستاً أو سبعاً ثم اغتسلي..([256]).

وهي لا تقضي هذه الفترة من الصلاة التي لم تصلها فيها وذلك على الراجح، وأما غير هذه المدة فتجب عليها الصلاة في وقتها كما مر معنا سابقاً.

 

الصــــــيام

الحيض: يمنع الصيام على الحائض، وكذلك النفاس: يمنع الصيام على النفاس.

والمستحاضة: تترك الصيام مدة ما ينزل عليها فيه دم ما دام أنه بصفات الحيض ثم تقضي هذا الصيام. وقد ذكرنا قبل ذلك أن الحائض والنفساء متفقان في ذلك، فما يقال في الحائض يقال في النفساء.

فالحيض يمنع صحة الصوم وجوازه، ولكن لا يسقط فرضه أي: إن الصوم باقٍ في ذمتها وتقضيه([257]). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”أليست إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصلَّ“، قلن: بلى….([258]). وعن معاذة أنها قالت: (سألت عائشة فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بالحرورية، ولكني أسأل، قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)([259]).

ومن الإجماع: فقد انعقد الإجماع على أن الحائض لا تصوم ولا تصلي ولم يحالف في ذلك أحد من المسلمين([260]).

وقال في الروض المربع: يمتنع على الحائض والنفساء الصوم إجماعاً([261]).

ومن العقل: قضاء الصوم على الحائض ليس فيه حرج لها؛ فالحيض لا يتكرر في الشهر إلا مرة واحدة، والصوم لا يجب في السنة إلا مرة واحدة([262]).

فعلى هذا لو أفطرت المرأة عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً فلن تجد حرجاً في قضائها في أحد عشر شهراً من مجموع اثني عشر شهراً في السنة.

الحكمة من منع الحائض من الصوم: أن منعها من الصوم أمر تعبدي لا يعقل معناه؛ لأن الطهارة فيه ليست بشرط بدليل صحته من الجنب.

وقيل: إن خروج الدم من الحائض مضعف للبدن والصوم كذلك مضعف للبدن، خاصة وأن نزول دم الحيض تصحبه آلام للمرأة الحائض، فلو صامت مع الحيض لاجتمع عليها مضعفان.

والشارع ناظر لصحة الأبدان ما أمكن بجانب صحة الأديان([263]).

وقت قضاء الصيام: تقضي الحائض والنفساء والمستحاضة صوم رمضان في أي يوم من أيام السنة ويجوز تأخيره ما لم يأت رمضان آخر، ولا يجوز تأخيره لغير عذر أكثر من ذلك عند الحنابلة([264]). واستدلوا على ذلك بأن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان يكون عليَّ الصيام من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان..)([265]).

قال ابن قدامة: (لو كان التأخير جائزاً أكثر من ذلك لفعلته السيدة عائشة رضي الله عنها)([266]).

وذهب الشافعية إلى: جواز التأخير مع الإثم لكن يجب عليها فدية الـتأخير عن كل يوم مد، وتتكرر الفدية بتكرر السنين ويجب مع الفدية القضاء([267]). واستدلوا بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من أدركه رمضان فأفطر لمرض ثم صح ولم يقضه حتى أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه ثم يقضي ما عليه ثم يطعم عن كل يوم مسكيناً([268]).

ولا شك أن الأولى المبادرة بالقضاء براءة للذمة وأداءً للواجب، وكيف تطيب نفس المؤمن أن يؤخر قضاء الواجب لاسيما وأنه ستمر عليه أيام فاضلة يستحب صيامها، وهل سيصوم النفل مع وجوب الفرض عليه أو أنه سيترك صيام النفل طوال العام لأن عليه صياماً واجباً، ولعل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عذراً خاصاً في هذا التأخير. والله أعلم.

حكم التتابع في قضاء رمضان:

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

1ـ أن التتابع شرط، ولا يجوز القضاء إلا متتابعاً. وهو قول النخعي والشعبي وغيرهم([269]).

2ـ أنه مستحب ولا يجب ويجزئ متفرقاً، فإن أخرت القضاء إلى شعبان  وبقي من الوقت بقدر ما عليها من قضاء وجب التتابع، وهو قول جمهور الفقهاء([270]).

والذي يظهر أن التتابع ليس بواجب بل الأمر فيه سعة، والحمد لله والمنة.

 

أعمـال الحــج

اتفق الفقهاء على أن المرأة الحائض تؤدي جميع المناسك وهي حائض إلا الطواف([271])؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال:”مالك؟ لعلك نفست؟“قلت: نعم، قال:”هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت..([272]).

والنفساء إذا نفست في اليوم الثامن من ذي الحجة فلها أن تحج وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة، ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار والتقصير ونحر الهدي وغير ذلك ويبقى عليها الطواف، والسعي تؤجله حتى تطهر، فإذا طهرت بعد عشرة أيام أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلّت وصامت وطافت وسعت.

وليس لأقل النفاس حد محدود فقد تطهر في عشرة أيام أو اقل من ذلك أو أكثر لكن نهاية الدم أربعون فإذا تمت الأربعون ولم ينقطع الدم فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات تغتسل وتصلي وتصوم، وتعتبر الدم الذي بقي معها على الصحيح دم فساد تصلي معه وتصوم وتتوضأ لكل صلاة.

وتحل لزوجها، لكنها تجتهد في التحفظ منه بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس بأن تجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، وصومها وصلاتها وحجها صحيح ولا يعاد منه شيء.

وتمنع الحائض والنفساء من الطواف ليس لحرمة البيت فحسب؛ بل لأن الطواف أشبه بالصلاة فهو عبادة لا تصح بدون طهارة على الصحيح من كلام أهل العلم؛ لذا لا بد أن تنتظر حتى تطهر.

ولكن إذا عجزت الحائض ومن فى حكمها عن هذا الشرط يسقط عنها ويصح الطواف.

يقول ابن تيمية رحمه الله(**):(إن الحائض إذا لم تستطع أداء الطواف إلا بالحيض فقد صح طوافها و لا شيء عليها؛ لأن أصول الشريعة مبنية على أن ما عجز عنه العبد من شروط العبادات يسقط عنه، كما لو عجز المصلي عن ستر العورة واستقبال القبلة أو تجنب النجاسة، فإنه يصلي على حسب حاله، والصلاة أعظم من الطواف فيكون الطواف إذًا أولى بإسقاط شرائطه عند العجز عنها، وينبغي للحائض إذا طافت أن تغتسل وتستثفر أي تستحفظ كما تفعله عند الإحرام. وقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم عن الحائض طواف الوداع كما أسقط عن أهل السقاية والرعاية المبيت بمنى لأجل الحاجة ولم يجب عليهم دم فإنهم معذورون في ذلك، فكذلك الحائض معذورة في حيضها فلا يجب عليها دم لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها)([273]). وإن كان مثل هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين وذلك لأن أمراء الحج في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحتبسون للحيض حتى يطهرن ويطفن، عن عائشة رضي الله عنها: أن صفية بنت حيُي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”أحابستنا هي؟” فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:”فلتنفر([274]).

فكانت الطهارة مقدوراً عليها في عهده صلى الله عليه وسلم لانتظار الركب حتى تطهر وتطوف، ولكن اختلفت الأزمان وتعذر في كثير من الأحيان إقامة الركب لأجل الحيض.

وعلى كل فالرخصة في حال الضرورة فقط كمن لا تستطيع العودة لمكة ولا تستطيع البقاء فيها إلى أن تطهر، أما من تستطيع ذلك فيحرم عليها أن تدخل البيت وأن تطوف وهي حائض.

واعترض البعض على هذا الأمر وقال: إن هناك عدة طرق يمكن للحائض اتباعها تغنيها عن الطواف وهي حائض ومنها:

1ـ أن تقيم في مكة وحدها وإن رحل الركب حتى تطهر وتطوف، وهذا القول مردود؛ لما فيه من التعرض للفساد في الدين والدنيا لترك الحائض وحدها بدون محرم.

2ـ أن تذهب مع الرحل ويسقط عنها طواف الإفاضة، وهذا قول لا يمكن قبوله، فإن الطواف ركن الحج وهو ركن مقصود لذاته، والوقوف بعرفة وتوابعه مقدمات له.

3ـ عليها أن تقدم طواف الإفاضة على وقته إن كانت تعلم أن الحيض يأتيها في وقت طواف الإفاضة.

وهذا القول مردود؛ لأن القول به كالقول بتقديم الوقوف بعرفة على يوم عرفة.

4ـ إذا كانت تعلم أنها لا تستطيع أن تطوف وهي طاهرة لمجيء الحيض في وقت الطواف، فإنها لا تؤمر بالحج لا إيجاباً ولا استحباباً، ففرض الحج يسقط عنها.

والقول بهذا الرأي يقتضي أن يسقط الحج عن كثير من النساء أو أكثرهن فإنهن يخفن من الحيض وخروج الركب قبل الطهر وهذا باطل؛ فإن العبادات لا تسقط بالعجز عن شرائطها ولا عن بعض أركانها. وهذه الحائض عجزت عن الطواف طاهرة وقدرت على بقية الأركان والشروط، فلا يسقط عنها الحج، قال تعالى: [فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ]([275]).  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”… إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم([276]).     

5ـ على الحائض أن ترجع مع الركب إلى بلادها بإحرامها إلى أن يمكنها الرجوع مرة أخرى، وإذا لم يمكنها الرجوع تبقى على إحرامها إلى أن تموت وهذا القول غير مسلَّم به من ثلاثة أوجه:

أ ـ أن الله تعالى لم يأمر أحداً أن يبقى محرماً إلى أن يموت، فالمحصر بعدو له أن يتحلل باتفاق العلماء، وإذا حكمنا على هذه المرأة أن تبقى محرمة فإنها بالتالي تمنع من الوطء دائماً وتمنع من مقدمات الوطء في أحد قولي العلماء، بل ومن النكاح. والشريعة الإسلامية لا تأتي بما فيه مثل هذا الحرج.

ب ـ أن هذه المرأة إذا عادت في السنة المقبلة فربما أصابها ما أصابها في السنة الأولى، وهكذا كل عام، ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية مشتملة على الرحمة والحكمة والمصلحة والإحسان، وأن الله تعالى لم يجعل على الأمة مثل هذا الحرج ولا ما هو قريب منه.

جـ ـ أن قولنا لها بالعودة مرة أخرى فيه إيجاب سفرين كاملين على الإنسان للحج من غير تفريط منه ولا عدوان، وهذا خلاف الأصول فإن الله لم يوجب على الناس الحج إلا مرة واحدة، وإذا أوجب القضاء على المفسد فذلك بسبب جنايته على إحرامه، وإذا أوجبه على من فاته الحج فذلك بسبب تفريطه، بخلاف الحائض فإنها لم تفرط؛ ولهذا أسقط النبي صلى الله عليه وسلم عنها طواف الوداع وطواف القدوم.

6ـ أن عليها أن تتحلل كما يتحلل المحصر، فإن الحائض منعها خوف المقام من إتمام الغسل فهي كمن منعها عدو عن الطواف بالبيت. وهذا القول ضعيف؛ فإن الإحصار أمر عارض للحاج يمنعه من الوصول إلى البيت في وقت الحج، والحائض متمكنة من البيت ومن الحج من غير عدو ولا مرض ولا ذهاب نفقة، وإذا جعلت هذه كالمحصر أوجبنا عليها الحج مرة ثانية مع خوف وقوع الحيض منها، والعذر الموجب للتحلل بالإحصار إذا كان قائماً به منع من فرض عليها ابتداءً؛ كتعذر النفقة وإحاطة العدو بالبيت، وهذه عذرها لا يسقط عنها فرض الحج ابتداءً فلا يكون عروضه موجباً للتحلل كالإحصار.

إذاً فكل الأقوال السابقة مردودة، ويبقى القول بأن الحائض إذا لم تستطع الطواف بالبيت إلا وهي حائض وأصبح ذلك ضرورة فإنه يصح منها ولا شيء عليها. فإن قيل: كيف تدخل المسجد وهي ممنوعة من دخوله؟ أجيب بأن الضرورة تبيح دخول المسجد للحائض والجنب، فإنها لو خافت العدو، أو من يستكرهها على الفاحشة أو أخذ مالها ولم تجد ملجأ إلا الدخول في المسجد جاز لها الدخول مع الحيض وهذه تخاف ما هو قريب من ذلك فإنها تخاف إن أقامت بمكة وليس معها محرم أن يؤخذ مالها، وقد تخاف إن أقامت في مكة ممن يتعرض لها وليس لها  من يدافع عنها([277]) (*)(**).

 

قراءة القرآن ومسه

أولاً: قراءة القرآن: إن قراءة القرآن للحائض والنفساء ومن في حكمهما محل خلاف بين أهل العلم، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال:

* قول بالتحريم مطلقاً.   

* وقول بالجواز مطلقاً.

* وقول بالتفصيل:

إن احتاجت إليه كمُعلَّمة تعلم الطالبات أو متعلمة تحتاج إلى قراءته في الاختبار فإنه لا بأس به، وإن كان لغير حاجة كأن يكون من أجل الحصول على الأجر فهذا منهي عنه هذا إن كان عن ظهر قلب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس في السنة حديث صحيح صريح في منع الحائض من قراءة القرآن، ولها عنه عوض بالتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد([278]). والنزاع ليس في قراءتها (**) للقرآن ولكن في مسها للقرآن.  

ثانياً: مس المصحف: لا يجوز لمن عليه حدث أكبر سواء كان جنابة أو حيضاً، أو نفاساً أن يمس المصحف وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:”لا يمس القرآن إلا طاهراً([279]). وهذا باتفاق الأئمة الأربعة، ولا يجوز ذلك إلا من وراء حائل ككيس ونحوه، لكن مسه مباشرة لا يجوز، أما كتب التفسير والفقه وغيرها فلا بأس من مسها والقراءة فيها؛ لأن منع الناس من مسها فيه مشقة وحرج عظيم على الناس.

 

المكث في المسجد والعبور منه

يرى الشافعية: حرمة لبث الحائض والنفساء في المسجد، أما عبورها أو مرورها في المسجد من غير لبث فقد كرهه الشافعي([280]).

ويرى الأحناف: أنه يحرم على الحائض والنفساء ومن في حكمهما دخول المسجد سواء كان للمكث فيه أو العبور. وقالوا: إن سطح المسجد له حكم المسجد، وجوزوا للحائض والجنب دخول المسجد للضرورة وذلك إن كان في المسجد ماء ولا يوجد في غيره، أو إذا خافت الحائض سبعاً أو لصاً أو برداً أو إذا كان باب بيتها إلى المسجد ولا يمكنها تحويل بابها إلى غير المسجد ولا تقدر على السكنى في غيره([281]).

وقال بعضهم: يجب التيمم للمرور في المسجد تعظيماً له([282]).

ويرى المالكية: حرمة دخول الحائض والنفساء المسجد المعد للصلاة، ولو كان غير جامع، وكذا مرورها فيه وقت نزول الدم أو بعد انقطاعه ولو بالتيمم حتى تطهر بالماء طهارة تصح بها الصلاة، وأجازوا لها دخوله والمكث فيه للضرورة كأن خافت على نفسها أو مالها من لص ونحوه([283]).

ويرى الحنابلة: حرمة لبث الحائــض في المسجد قبل انقطـاع الدم([284])، ولو  كان الليث بوضوء ومع أمن التلويث([285])، وقيل: لا يحرم لبثها بالمسجد إذا كان بوضوء([286]).

أما بالنسبة لمرور الحائض من المسجد فلهم في ذلك قولان:

1ـ لا تمنع من المرور منه، وهو المذهب مطلقاً ([287]) إذا أمنت التلويث، ويباح للحاجة، وغير ذلك لا يجوز.

2ـ تمنع من المرور إن خافت تلويث المسجد؛ لأن تلويثه بالنجاسة محرم والوسائل لها حكم المقاصد([288]).

ويرى الظاهرية: جواز دخول الحائض والنفساء المسجد، وقال بهذا أيضاً المزني وابن المنذر([289]).

ويترجح لي ـ والله أعلم ـ قول من قال بحرمة مكث الحائض والنفساء في المسجد وجواز مرورها منه للحاجة إن أمنت التلويث(*).

 

الوطء والمباشرة والاستمتاع

لقد بينا سابقاً حكم النفساء والمستحاضة بالنسبة للوطء والاستمتاع، ونبين هنا حكم الحائض فيها: الوطء: أجمع الفقهاء على أنه يحرم على الزوج وطء زوجته الحائض في الفرج، واستثنى الحنابلة من به شبق بشرطه وهو الذي لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج ولا يوجد عنده ثمن أمة([290])(*).

الاستمتاع: لقد أجمع العلماء على أنه يجوز للزوج أن يباشر زوجته قيما دون الفرج، وله أن يفعل معها ما شاء فوق السرة وفيما تحت الركبة بالوطء أو المعانقة أو اللمس أو النظر أو غيرها.

فعن ميمونة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حُيَّض)([291]).

ولا حرج أن ينام الرجل مع زوجته الحائض في لحاف واحد، ويؤاكلها ويشاربها  ويجالسها، ولكن  يحرم  عليه أن  يجامعها  بعد  انقطاع  دمها  قبل الاغتسال؛ لأن في ذلك تنزهاً عن مخالطة النجاسات.

أما إذا انقطع دمها وأرادت الاغتسال وفقدت الماء فتيممت جاز له وطؤها على الراجح.

والحائض إذا انقطع دمها ولم تغتسل يبقى كل شيء على تحريمه بالنسبة لها إلا الصيام والطلاق .

 

أحـكـام الطــــلاق

حكم النفاس الحيض في الطلاق، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:”مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً([292]).

والنفساء ليست طاهراً، والصحيح أن طلاق النفساء ليس بحرام؛ لأن النفاس لا دخل له في العدة وإذا كان ذلك كذلك فإن طلاقها في النفاس أو بعده على حد سواء لأنها ستشرع في العدة من حين الطلاق لأن عدتها متيقنة وهي الأقراء، والحكم في الحديث السابق خاص بالطلاق في الحيض دون النفاس فلا ينطبق عليه([293])(*).

طلاق الحائض:

أجمع الفقهاء على أن طلاق الحائض المدخول بها طلاق بدعي محرم مخالف للسنة([294]). وهو أن يطلقها في طهر جامعها فيه أو يطلقها وهي حائض وهو محرم لما يأتي:

1ـ ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال لعبد الله بن عمر حين طلق امرأته  في حال الحيض: “يا بن عمر، ما هكذا أمر الله إنك قد أخطأت السنة([295]).

2ـ طلاق الحائض في حال الحيض تطويل لعدتها؛ لأن الحيضة التي وقع فيها الطلاق غير محسوبة من العدة وهذا إضرار بها، وقد ثبت ذلك بقوله تعالى:[فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ]([296])، وقال العلماء: إن النهي عن الطلاق إنما هو أمر تعبدي غير معقول المعنى([297]).

الحكمة من منع الطلاق البدعي:

اختلف الفقهاء في علة منع الطلاق البدعي:

فقال الأحناف: إن علة المنع أمران:

1ـ عدم تطويل العدة.

2ـ لئلا يكون في زمن الفتور.

فتطويل العدة فيه ضرر على المرأة؛ لأنه إذا طلقها في الحيض ولم تحتسب هذه الحيضة فستطول العدة بدون فائدة سوى طول المقام وهذا الإضرار لا يجوز وإذا أراد الاحتراز عنه فليؤخر الطلاق إلى آخر الطهر الذي لم يجامعها فيه([298]).

أما لكونه حال الفتور والزهد فلأن الطلاق إنما أبيح للحاجة، والطلاق للحاجة لا يكون في زمن الرغبة عنها، وزمان الحيض لا رغبة فيه فلا يكون الإقدام على الطلاق فيه دليل حاجة إلى الطلاق([299]).

ويرى الشافعية: أن العلة هي إضرار الزوجة بتطويل العدة.

وقال النووي: إن سألته الطلاق في الحيض لم يحرم لرضاها([300]).

وقال الحنابلة: العلة تطويل العدة، وخالفهم أبو الخطاب في أنها لكونه في زمن رغبته عنها([301]).

وللمالكية في ذلك قولان:

1ـ أن علة المنع عدم التطويل واستدلوا على ذلك بجواز طلاق الحامل في الحيض، جواز طلاق غير المدخول بها في الحيض.

2ـ المنع ليس بمعلل؛ لأنه أمر تعبدي واستدلوا على ذلك بمنع الخلع في الحيض مع أنه جاء بناءً على طلب الزوجة، ومنع الطلاق في الحيض ولو رضيت بذلك الزوجة([302]).

 

هل يقع الطلاق البدعي

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

1ـ جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد ابن حنبل، هؤلاء يرون وقوع الطلاق البدعي([303]).

2ـ الظاهرية وطاووس ورواية عن الإمام أحمد واختارها شيخ الإسلام  ابن تيمية([304])، وهؤلاء يرون عدم وقوع الطلاق البدعي ومنه الطلاق الذي يقع في الحيض.

أدلة القائلين بعدم الوقوع:

من القرآن: قول الله تعالى:[يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ]([305]).

وجه الاستدلال: أن المطلق في حال الحيض لا يكون مطلقاً للعدة؛ لأن الطلاق المشروع المأذون فيه أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه فلا تحرم به والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه والفاسد لا يثبت حكمه([306]).

من السنة: عن عبد الرحمن مولى عروة أنه سأل ابن عمر ــ وأبو الزبير ــ يسمع ــ: (كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضاً؟ فقال ابن عمر: طلق ابن عمر امرأته وهي حائضاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، قال عبد الله: فردها عليّ ولم يرها شيئاً، وقال: إذا طهرت فليطلق إذا شاء أو ليمسك ([307]).

وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:[يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ])([308]). وجه الاستدلال: الحديث صريح في أن الطلاق لا يقع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الطلقة شيئاً، والآية تأمر بالطلاق حالة أن تكون المرأة مستقبلة العدة وهذا لا يكون في الحيض([309]).

من العقل: أن الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه بدعة، وقد اتفق الجميع على ذلك فكيف يجوز الحكم بتجويز البدعة([310]).

أدلة القائلين بوقوع الطلاق البدعي ونفاذه وهم الجمهور من الفقهاء:

من القرآن:

قوله تعالى:[الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ]([311]).

وقوله تعالى:[فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ]([312]).

وقوله تعالى:[وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ]([313]).

وجه الاستدلال: أن الآيات بعمومها تدل على وقوع الطلاق في أي وقت ممن له وقوعه، ولم تفرق بين أن يكون الطلاق في حال حيض أو طهر ولم يخص حال دون حال، فوجب أن تحمل الآيات على عمومها ولا يجوز تخصيصها إلا بالكتاب أو السنة أو الإجماع ولا يوجد ما يخصصها([314]).

من السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما حين طلق امرأته وهي حائض، وسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:”مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس..([315]). وجه الاستدلال: قوله:”مره فليراجعها”. دليل على أن الطلاق يقع؛ إذ لا تكون مراجعة إلا بعد الطلاق الذي يعتد به، والمراجعة بدون وقوع الطلاق محال([316]).

من العقل : طلاق الحائض وقع من مكلف في محله فوقع كطلاق الحامل، ولأنه ليس بقربة فيعتبر لوقوعه موافقة السنة بل هو إزالة عصمة وقطع ملك فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظاً عليه وعقوبة له([317]).

  

المستثنى من الطلاق حال الحيض 

1ـ طلاق الحامل:

لا بدعة في طلاق الحامل؛ لأن الوقت المشروع للطلاق هو استقبال العدة ولا عدة للحامل المطلقة إلا بوضع الحمل، قال الله تعالى:[وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ]([318]). فالحامل تستقبل العدة في أي وقت طلقت فيه، وهي لا تتضرر بإطالة العدة مادامت محددة بزمن لا دخل لزوجها فيه.

2ـ طلاق من لا يحضن من النساء :

فإذا كانت المرأة لا تحيض لصغر سنها أو كبره فإن عدتها تبدأ بعد طلاقها مباشرة؛ إذ لا حيض لها حتى يمتنع الرجل عن طلاقها بل هي في طهر دائم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:”وإن كانت المرأة ممن لا تحيض لصغرها أو كبرها فإنه يطلقها متى شاء، سواء كان وطئها أو لم يكن يطؤها، وهذه عدتها ثلاثة أشهر وهي لا تعتد بقروء ولا بحمل، ومن العلماء من يسمي هذا الطلاق سنة، ومنهم من لا يسميه طلاق سنة ولا طلاق بدعة”([319]).

3ـ طلاق غير المدخول بها:

فمن طلق زوجته قبل الدخول بها فلا عدة عليها، قال الله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً]([320]).

وهؤلاء النساء المطلقات قبل الدخول بهن لا يشملهن النص القرآني في قوله تعالى:[يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ]([321]). وهؤلاء ليس لهن عدة.

 

شروط الطــلاق السني 

تحدثنا عن الطلاق البدعي وما يتعلق به وما هي الأمور التي إذا وقع فيها الطلاق أصبح بدعياً.

ونتحدث الآن عن الشروط التي إذا توافرت أصبح الطلاق سنياً صحيحاً موفقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الشروط هي:

1ـ أن يطلقها واحدة.

2ـ أن تكون المرأة ممن تحيض.

3ـ أن تكون طاهراً.

4ـ ألا يمسها في ذلك الطهر.

5ـ ألا يتقدم هذا الطهر طلاق في حيض.

6ـ ألا يتبعه طلاق يتلوه.

7ـ أن يخلو عن العوض([322]).

وقد ذكر القرطبي أن الإجماع قد حصل على أن الطلاق في الحيض ممنوع، وفي الطهر مأذون فيه([323]).

وهذه الشروط السبعة السابقة مستقرأة من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما حين طلق زوجته وهي حائض.

 

عقد النكاح على الحائض والنفساء 

عقد النكاح على المرأة وهي حائضاً عقد جائز صحيح(*) ولا بأس به؛ وذلك لأن الأصل في العقود الحل والصحة إلا ما قام الدليل على تحريمه، ولم يقم دليل على تحريم عقد النكاح في حال الحيض، وإذا كان كذلك فالعقد على الحائض صحيح ولا بأس به.

ويجب أن نفرق بين عقد النكاح وبين الطلاق، فالطلاق لا يحل في حال الحيض بل هو حرام، وقد تغيظ فيه النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق امرأته وهي حائض، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها وأن يدعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمسها، وذلك لقول الله تعالى:[يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ]([324]).

وإذا تبين أن عقد النكاح على المرأة وهي حائض عقد جائز صحيح فالأولى ألا يدخل عليها حتى تطهر؛ ذلك أنه إذا دخل عليها قبل أن تطهر فإنه يخشى أن يقع في المحظور وقت المحيض، وهو جماعها وهي حائض، وحكم النفساء حكم الحائض في تحريم الجماع فيه.

 

هل تشهد الحائض العيدين 

للحائض أن تشهد العيدين وتفرح مع أخواتها المسلمات وتنئهن بالعيد ويهنئنها، وتشهد الخير العظيم لإدخال الفرح والسرور على قلبها ولكنها تعتزل المصلى كما أوضح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روته أم عطية رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”تخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيض، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى“، فقالت حفصة(*): آلحيض؟ فقالت: أليس تشهد عرفة وكذا وكذا([325]).

حكم الذكر والتسبيح والتحميد والتسمية على الأكل:

ما عليه جمهور العلماء من السلف والخلف أن الحائض ليس عليها وضوء ولا ذكر ولا تسبيح في أوقات الصلاة ولا في غيرها. وقد قال بذلك الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور([326]). وذكر الحسن البصري وأبو جعفر: أن الحائض لها أن تتوضأ في وقت الصلاة وتجلس وتذكر الله عز وجل وتسبح.

قال النووي: إن ما ذكره الحسن البصري وأبو جعفر هو محمول على الاستحباب عندهما، واستحباب التسبيح لا تؤمر به الحائض وإن كان لا أصل له على هذا الوجه المخصوص. أما الوضوء فلا يصح لها بل تأثم به إن قصدت العبادة، وعلى كل فالحائض لا يحرم عليها شيء من الذكر والتسبيح وغيره، فقد روي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجر عائشة وهي حائض ويقرأ القرآن)([327]).

 

تكريم الإسلام للمرأة

من خلال منع مباشرتها وهي حائض أو نفساء

لقد كرم الإسلام المرأة تكريماً عظيماً حين منع مباشرتها في الفرج حائضاً أو نفساء، ولكن في الوقت ذاته لم يمنع معاملتها والقرب منها فلم يعتبرها نجسة كما هو المقرر عند الكثير من الأمم السابقة، حيث كانوا لا يؤاكلونها ولا يشاربونها بل ويعزلونها عزلاً تاماً عن المنزل فلا تلمس شيئاً بيدها حتى لا تنجسه. ففي سفر اللاويين من الإصحاح الخامس عشر من التوراة التي يتعبد بها اليهود والنصارى إلى اليوم:”إذا كانت المرأة ولها وسيلها دماً في لحمها فسبعة أيام تكون في طمثها، وكل من مسها يكون نجساً إلى المساء وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجساً سبعة أيام وكل فرش يضطجع عليه يكون نجساً”، هذا هو كلام اليهود الذين يدعون تكريم المرأة. لكن رسول الرحمة رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يُقبل نساءه في حيضهن ويتودد إليهن ويضطجع معهن في لحاف واحد فإن انسلت إحداهن دعاها إليه وقربها منه ولاطفها، وتودد إليها بل إنه ليقرأ القرآن وهو في حجر إحداهن وهي حائض، وترك لها شعر رأسه ترجله وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها وهي حائضاً، بل أكثر من ذلك يقول لها:”اتزري” ثم يباشرها من فوق الإزار فيما دون الفرج([328]).

فبين التفريط والإفراط تضيع كرامة المرأة وصحتها، ويبقى الإسلام وحده على الجادة في وسط الطريق، لا يلغي الفطرة ولا الغرائز ولكن يهذبها ويرتفع بها ويوجهها وجهتها السليمة، يأمر باعتزال النساء حتى يطهرن وذلك في قوله تعالى:[فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ]([329]).ويقول تعالى في موضع آخر:[ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ]([330]).

فالإسلام دين الفطرة لا يلغي الغرائز ولا يكبتها ولكن يوجهها إلى غايتها النبيلة ويرتفع بها إلى القمة السامقة دون إفراط أو تفريط، وبذلك يصون للمرأة كرامتها ويحفظ لها صحتها.

الأضرار المترتبة على مباشرة المرأة وهي حائض:

أولاً: ما يتعلق بالإثم والكفارة:

إن الذي يطأ زوجته وهي حائض في الفرج وهو مستحل لهذا الفعل فقد كفر، وفي قول: لا يكفر([331]).

فإن وطئها عالماً عامداً مختاراً؛ ففيه قولان:

1ـ قيل: يكون آثماً مرتكباً لكبيرة، ولا كفارة عليه، وعليه الاستغفار والتوبة، وهذا قول الأحناف والمالكية والمذهب الجديد للشافعي ورواية عن الإمام أحمد، وحكاه الخطابي عن أكثر العلماء([332]).

2ـ وقيل: يكون آثما وتجب عليه الكفارة.

واختلف في الكفارة على أقوال:

أ ـ أن عليه أن يتصدق بدينار أو نصف دينار على التخيير، وقيل: الدينار في إقبال الدم والنصف في إدباره، وهو قول الشافعي في القديم ورواية عن الإمام أحمد([333]).

ب ـ عليه ما على عتق رقبة: حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وقتادة والحسن والأوزاعي وأحمد في رواية وعن سعيد بن جبير([334]).

جـ ـ عليه ما على المجامع في رمضان([335]).

أما إن كان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه، وهذا قول للشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد.

ويترجح لي ـ والله أعلم ـ أنه لا تجب كفارة(*)على من وطئ امرأته وهي حائض ولكن تستحب في حقه ويجب التوبة والاستغفار.

وتحمل الأحاديث على الاستحباب في إخراج الكفارة، والذي يدل على ذلك التخيير بين الدينار ونصفه؛ إذ لا تخيير في جنس واحد بين الأقل والأكثر.

أما قياس الرقبة فلم يصح، وكذا القياس على الكفارة الظهار فإنه قياس مع نص وهو أيضاً لا يصح.

وقد ذكر من قال بالكفارة ثلاثة شروط لتكون واجبة عليه وهي:

1ـ أن يكون عالماً.

2ـ أن يكون ذاكراً.

3ـ أن يكون مختاراً.

فإن كان جاهلاً أو ناسياً أو حصل الحيض في أثناء الجماع فلا كفارة عليه وإن كان الإكراه لا يتصور في الجماع؛ لأن الجماع لا يحدث بدون انتشار والانتشار لا يكون إلا برغبة من المرء ذاته([336]).

ثانياً: ما يتعلق بالنواحي الصحية للرجل والمرأة:

إن المباشرة في تلك العلاقة الزوجية وسيلة لتحقيق هدف أعمق في طبيعة الحياة هدف النسل وامتداد الحياة ووصلها كلها بعد ذلك بالله، والمباشرة في أثناء الحيض قد تحقق اللذة الحيوانية مع ما ينشأ عنها من أذى وأضرار صحية للرجل والمرأة، ولكنها لا تحقق الهدف الأسمى فضلاً عن انصراف الفطرة السليمة النظيفة عنها في تلك الفترة؛ لأن الفطرة السليمة تنفر من المباشرة في حالة لا يمكن أن ينبت فيها غرس ولا يتحقق غرض شرعي مطلوب. والمباشرة في الطهر تحقق اللذة الطبيعية وتحقق معها الغاية الفطرية، ومن ثم جاء ذلك النهي إجابة عن ذلك السؤال في قوله تعالى: [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى]([337]).  ومن الأضرار الصحية التي تلحق بالرجل والمرأة أثناء الجماع في هذه الحالة ما يلي:

الرحم يتقرح تماماً كما يكون الجلد مسلوخاً وهو معرض بسهولة لعدوان البكتريا الكاسح، ومن المعلوم طبياً أن الدم هو خير بيئة لتكاثر الميكروبات ونموها، وتقل مقاومة الرحم للميكروبات الغازية نتيجة لذلك ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً على الرحم، ومقاومة المهبل لغزو البكتريا تكون في أدنى مستواها في أثناء الحيض؛ إذ يقل إفراز المهبل الحامض الذي يقتل الميكروبات، ويكون أقل حموضة إذا لم يكن قلوي التفاعل.

وتمتد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدها أو تؤثر على شعيراتها الداخلية التي لها دور كبير في دفع البويضة من المبيض إلى الرحم، وذلك يؤدي إلى العقم أو الحمل خارج الرحم، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق؛ لأنه يكون في قناتي الرحم الضيقة ذاتها، وسرعان ما ينمو الجنين وينهش في جدار القناة الرقيق حتى تنفجر القناة الرحمية فتنفجر الدماء أنهاراً إلى أقتاب البطن، وإن لم تتدارك الأم في الحال بإجراء عملية جراحية سريعة فإن حياتها تكون في خطر. ثم يمتد الالتهاب إلى قناة مجرى البول فالمثانة فالحالبين فالكلى وأمراض الجهاز البولي خطيرة مزمنة.

ومن هذه الأضرار أيضاً: أنه يصاحب الحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة لأخرى، وأكثر النساء يصبن بآلام وأوجاع في أسفل الظهر وأسفل البطن، والجماع والحالة هذه لا يحقق الأغراض المرجوة منه.

ومنها: أنه تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض؛ ولهذا نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن تطليق المرأة في أثناء الحيض خاصة أنها في هذه الحالة تكون متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، وحالتها العقلية والفكرية في أدنى مستواها.

ومنها: أنه تصاب بعض النساء بالصداع النصفي “الشقيقة” قرب بداية الحيض وتكون الآلام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء.

ومنها: أنه تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة خاصة عند بداية الطمث، بل إن كثيراً من النساء يكن عازفات عن الاتصال الجنسي أثناء الحيض ويملن إلى العزلة والسكينة، وهو أمر فسيولوجي طبيعي؛ لأن فترة الحيض هي فترة نزيف دموي من قعر الرحم، وتكون الأجهزة التناسلية بأكملها في حالة شبه مرضية، فالجماع في هذه الآونة يؤدي إلى كثير من الأذى.

ومنها: أنه تنخفض درجة الحرارة في جسم المرأة ويقل مستوى العمليات الحيوية التي تسمى الاستقلاب مما ينتج عنه قلة إنتاج الطاقة من الجسم كما تقل عملية التمثيل الغذائي داخل الجسم([338]).

ومنها: أنه تزداد شراسة الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان.

ومنها: أنه تصاب الغدد الصماء بالتغيير أثناء الحيض فتقل إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم.

ومنها: أن الوطء في الحيض لا يمكن مطلقاً أن ينتج عنه الحمل، ذلك لأن خروج البويضة لا يمكن أن يتم أثناء الحيض، بل يكون خروجها قبل الحيض بأسبوعين كاملين تقريباً قد تقل أو تزيد يوماً أو يومين فقط حيث إن فترة التلقيح والإخصاب بعيدة كل البعد عن الحيض.

ومنها: أنه نتيجة لانخفاض درجة الحرارة يبطئ النبض وينخفض ضغط الدم فيسبب الشعور بالدوخة والفتور والكسل.

أما بالنسبة للرجل، فإنه يمكن أن يتعرض للمرض أيضاً نتيجة انتقال الالتهاب بالتماس فقد يصاب بالتهاب المجرى البولي، ومنه تمتد الإصابة إلى سائر الجهاز البولي والتناسلي، وعند إصابة الحويصلتين المنويتين يشتد الألم في العجان ويتضاعف الألم عند التبول([339])، والتغوط، وأثناء المشي أو عند الجلوس كما يمكن أن يصاب البربخ والخصيتان بآلام شديدة وقد يصل الأمر إلى العقم.

أخي القارئ: تلك هي الأضرار الصحية التي يمكن أن تعود على الرجل والمرأة من جراء الجماع أثناء الحيض، لكننا نقول: من أراد أن يستمتع بزوجته أثناء الحيض فلا بأس في ذلك، ولكن فيما فوق الإزار، كما كان يفعل النبيصلى الله عليه وسلم، ولا يفعل ذلك إلا الواثق من نفسه؛ لأن الذي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ومن منا يملك إربه كالنبي صلى الله عليه وسلم!!!.

 

مسائل فرعية 

* طهرت في رمضان بعد الفجر مباشرة، هل تمسك أو تفطر وتقضي؟

اختلف في ذلك أهل العلم على قولين:

1ـ يلزمها الإمساك بقية هذا اليوم ولكنه لا يحسب لها، بل يجب عليها القضاء.

2ـ لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم؛ لأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام، ومن ثم لم يبق للإمساك فائدة وهذا القول أرجح من سابقه، وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم ([340])(*).

* حكم استمرا دم الاستحاضة طوال شهر رمضان:

المستحاضة حكمها حكم الطاهرات في الصلاة والصيام وقراءة القرآن ومس المصحف وحمله وسجود التلاوة ووجوب العبادات عليها، وهذا مجمع عليه في الأيام التي يحكم عليها بالاستحاضة([341]).  وبذلك يكون صيام المستحاضة صياماً صحيحاً وإن استمر معها طول شهر رمضان.

وقد أخبر النبيصلى الله عليه وسلم فاطمة بنت أبي حبيش أن ذلك عرق وليس بالحيضة([342]).  وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: (إنما هذه النقط كرعاف الأنف ليست بحيض).  والخــلاف الواضح في المستحاضة على طهارتها للصلاة هل عليها الوضوء لكل صلاة أو الغسل؟ وهل الوضوء واجب أو مندوب؟ وليس الخلاف في صيامها.

* صيام من طهرت قبل الفجر ولم تغتسل:

اختلف أهل العلم في هذه المسالة على قولين:

1ـ إذا طهرت الحائض قبل الفجر فأخرت غسلها حتى طلع الفجر فيومها يوم فطر؛ لأنها في بعضه غير طاهر. وليست كالذي يصبح جنباً فيصوم، فالاحتلام لا ينقض الصوم بينما الحيض ينقضه، وهو رواية عن الحنابلة وبعض المالكية([343])(*).

2ـ صيامها صحيح وهو قول الجمهور من الشافعية والأحناف وبعض الحنابلة ورواية عن المالكية([344]). فالغسل شرط في صحة التلاوة دون الصوم([345]). ووجوب الغسل لا يمنع فعل الصيام كالجنب([346]).

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه:”كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم”([347]).

والصحيح في هذه المسألة قول الجمهور لاستدلالهم بفعل الرسول  صلى الله عليه وسلم.

فيستحب لمن لزمه الغسل ليلاً أن يغتسل قبل طلوع الفجر الثاني، ولو أخره واغتسل بعده صح صومه وكذا إن أخره يوماً لكن يأثم بترك الصلاة([348]).

* صيام من رأت الدم في نهار رمضان ولم تجزم أنه حيض:

صيام هذه المرأة صحيح فالأصل عدم الحيض حتى يتبين أنه حيض. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:”ذكر طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما أن هذا الدم لا يترجح فيه أحد الأمرين فهو مشكوك فيه، وهذا خلاف ما عليه الأصحاب من أن الأصل في الشريعة أنها ليس فيها إيجاب الصلاة مرتين ولا الصيام مرتين إلا بتفريط من العبد كالمسيء صلاته حيث إن القائلين بأنه دم مشكوك فيه أوجبوا على المرأة أن تصوم وتصلي ثم تقضي … إلى أن يقول: إن الله سبحانه وتعالى قد بين للمسلمين ما تفعله مثل هذه المرأة، والله تعالى يقول:[وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ]([349]). والشريعة ليس فيها شك والعبد يتقي الله ما استطاع، وصيام هذه المرأة صحيح([350]).

* الأكل والشرب للحائض والنفساء في نهار رمضان:

للحائض والنفساء الأكل والشرب في نهار رمضان لكن ذلك يكون سراً وحدها داخل البيت؛ حتى لا يراها أحد فيشكل عليه لأن الإجهار بالإفطار لا يجوز لحرمة الشهر. وإذا كنا نلزم أهل الذمة بعدم إظهار الأكل في رمضان فالمسلمة الحائضة أو النفساء من باب أولى([351]).

* طهرت وقت العصر فهل يلزمها صلاة الظهر مع العصر؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

1ـ يلزمها العصر دون الظهر، وهو قول الحنفية والأوزاعي والحسن والثوري وداود الظاهري ([352])

2ـ يلزمها الظهر والعصر، وهو قول الحنابلة والمالكية والشافعية([353]).

وقد اختلف هؤلاء في القدر الذي تجب به الصلاة على قولين:

أ ـ المالكية والشافعية يرون أن تكبيرة الإحرام قدر تجب به الصلاة؛ لأن ما دون الركعة بجامع إدراك ما يسع ركناً([354]).

ب ـ الحنابلة يرون القدر الواجب به الصلاة ركعة، لحديث:”من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح..([355]).

والذي يظهر والله أعلم صحة(*)القول القائل بأن القدر الواجب به الصلاة تكبيرة الإحرام لما فيه من الاحتياط وإبراء الذمة، ولعل التقييد في الحديث بركعة خرج مخرج الغالب، ومن ذلك يتضح أن هذه المرأة الأولى لها أن تصلي الظهر والعصر لما فيه من الاحتياط وإبراء الذمة.

* صيام الحائض والنفساء في رمضان إذا تحفظتا وهل تأثمان بهذا الصيام؟

أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصيام ويفطران رمضان ويقضيان وإذا صامتا لم يجزئهما الصوم. ومتى نويا الصيام وأمسكتا مع علمهما بتحريم ذلك أثمتا ولم يجزئهما ذلك([356]). وهذا يحدث كثيراً عند أول البلوغ تخفي البنت الأمر على والديها وتصوم، وهذا خطأ كبير فلتنتبه المؤمنات لهذا الأمر. عن معاذة قالت:(سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: كان ذلك يصيبنا فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة)([357]). وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:”أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم، قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها([358]).

* اغتسلت وصلت وصامت، ثم تبين لها أنها حائض:

إذا تطهرت المرأة وصلت وصامت ثم تبين لها أنها مازالت حائضاً فإن الصلاة وإن لم تصح منها إلا أنها لا تقضيها؛ لأن الحائض لا تجب عليها الصلاة وهي لم تصل إلا تعبداً لله واحتياطاً. فهي لا تأثم بفعل هذه الصلاة([359]). لكنها تقضي الصوم(*)؛ لأنه لا يصح مع الحيض، عن معاذة قالت:(سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: كان ذلك يصيبنا فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة)([360]). والأمر هنا من الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الصيام يقضى إذا وقع في رمضان أو كان صياماً واجباً كالنذر والكفارة.

* صيام من أحست بالدم ولكنه لم يخرج منها إلا بعد الغروب:

إذا أحست المرأة الطاهرة بآلام العادة ولم يخرج منها دم إلا بعد الغروب فصيامها صحيح، وليس عليها إعادة ذلك اليوم إذا كان الصيام فرضاً ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلاً . لكن إذا كان الدم قد خرج منها قبل الغروب بقليل فإن صيامها لا يكون صحيحاً، وعليها إعادة هذا اليوم إن كان فرضاً، لأنها لم تصم اليوم كاملاً وهي طاهرة. ولا يلزمها الإمساك بعد نزول الدم لاتفاق العلماء على حرمة صيامها ما دام أنه قد نزل منها دم الحيض المعروف بوصفه([361]).

وتعليق الحكم هنا على الغروب، أما مسألة الأذان فقد يتساهل في الدقيقة والدقيقتين؛ لأن المؤذنين عادة يحتاطون في الوقت.

* صيام من أجهضت فينهار رمضان ونزل منها دم:

إذا كان الجنين لم يخلق فإن دمها هذا ليس دم نفاس، وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي وصيامها صحيح.

أما إذا كان الجنين قد خلق(*) فالدم دم نفاس لا يحل لها أن تصلي فيه ولا أن تصوم، ويحرم عليها في هذه الحالة ما يحرم على النفساء.

* صيام الحامل التي نزل عليها دم في نهار رمضان:

الحامل لا تحيض، وما تراه من دم هو دم فساد لا يؤثر على صيامها ولا على صلاتها. فالحيض علامة على براءة الرحم من الحمل، بينما الحمل علامة على توقف الحيض عند غالب النساء، وهذا هو قول الشافعي ومالك([362]).

وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الدم رزقاً للولد([363]).

* صلاة من حاضت بعد أذان الظهر بساعة هل تقضي هذه الصلاة؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

1ـ عليها قضاء هذه الصلاة التي حاضت فيها وهو قول الجمهور([364]).

وقد اختلف هؤلاء في الوقت الذي إذا أدركته وجب عليها القضاء إلى ثلاثة أقوال:

أ ـ إذا أدركت من الوقت قدر تكبيرة الإحرام وحاضت وجبت عليها الصلاة وهذا هو قول الحنابلة.

ب ـ إذا أدركت ما يسع الصلاة وجبت وهو قول الشافعية.

جـ ـ إذا تضيق عليها الوقت بحيث لا تستطيع أداء الصلاة وذلك بأن يوجد مانع من أدائها وجب عليها قضاؤها.

2ـ ليس عليها القضاء وهو قول الأحناف وأبي داود الظاهري([365]).

قائلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه صلى في أول الوقت وفي آخره، والمؤخر لها إلى آخر وقتها ليس عاصياً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل المعصية. فإذا كانت هذه المرأة ليست عاصية فلم تتعين الصلاة عليها بعد، ولها تأخيرها([366]).

ويترجح لي ـ والله أعلم ـ قول القائلين بأن عليها القضاء إذا تضيق الوقت، ثم وجدت المانع؛ وذلك لتفريطها في أداء الصلاة.

وذلك لأن المرأة لو أخرت الصلاة تأخيراً أدى إلى تفويتها وجبت عليها.

* حامل أو شكت أن تلد ورأت الدم:

الحامل التي ترى الدم(*) قبل الولادة إن كان ذلك قبل الولادة بيومين أو ثلاثة فهو نفاس، أما كان قبلها بمدة كبيرة فلا يخلو الأمر من حالتين:

1ـ معتادة ينزل عليها الدم بمواصفات دم الحيض فهذا الدم يعتبر على ذلك دم حيض، ويترتب عليه كل الأحكام الشرعية الخاصة بالحيض.

2ـ ليست معتادة والدم الذي ينزل عليها ليس فيه مواصفات الحيض فلا يعد حيضاً، ولكنه دم فساد وبالتالي لا تمنع من شيء من العبادات أو الأمور المباحة لها([367]).

* أصابها نزيف واستمر معها سنوات ماذا تفعل؟

هذه المرأة تترك الصلاة مدة عادتها المعلومة وتغسل فرجها غسلاً تاماً وتعصبه وتتوضأ، وتفعل ذلك بعد دخول وقت كل صلاة ويجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ولكن بدون قصر؛ وذلك من أجل المشقة التي تحدث لها إذا فعلت ذلك عند كل صلاة من طهارة ووضوء، وهي لا تصلي ولا تصوم إلا إذا انتهت مدة عادتها([368]).

* حكم طهارة السائل الأبيض والأصفر في أيام الطهر، وهل يجب فيه الوضوء:

هذا السائل(*) إن كان يخرج من الرحم فهو طاهر، لكنه ينقض الوضوء مثل الريح عند خروجه من الدبر.

فإذا كان مستمراً فلا ينقض الوضوء ولكن على المرأة في هذه الحالة تتوضأ للصلاة إذا دخل وقتها.

فإن كان متقطعاً فإنه ينقض الوضوء، فإذا كان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش خروج الوقت.

فإن خشيت خروج الوقت فإنها تتحفظ وتتوضأ وتصلي.

ولها أن تفعل من النوافل ما شاءت من صلاة وذكر وقراءة للقرآن وغير ذلك مما هو مباح لها.

وقد قال أهل العلم نحو هذا في من به سلس بول([369]).

 

الخاتمـــــة

الحمد لله الذي وفقني لإتمام هذه الرسالة التي بينت فيها للمرأة المسلمة ما تحتاج إلى معرفته عن الحيض، وسببه وابتدائه وانتهائه وأقله وأكثره والطوارئ التي تطرأ عليه، والأحكام الشرعية المتعلقة به، وكيف تتطهر منه.

وبينت أيضاً في هذه الرسالة أحوال المستحاضة وكيف تتطهر وكيف تصلي والأحكام الشرعية المتعلقة بها. ثم بينت حالات النفاس، وكيف تتطهر منه المرأة، والأحكام الشرعية المتعلقة به. ثم بينت مدى تكريم الإسلام للمرأة، حين منع مباشرتها وهي حائض أو نفساء، والأضرار المترتبة على ذلك.

وتحدثت أخيراً عن بعض المسائل الفرعية التي تهم المرأة في هذا الباب. وختمت رسالتي بأهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث في هذا الموضوع الهام، وأهم القواعد التي يجب على المرأة المسلمة معرفتها في هذا الخصوص، ومنها:

1ـ الحيض أول علامة من علامات البلوغ.

2ـ يرى كثير من أهل العلم أن أقل سن تحيض فيه المرأة هو تسع سنين.

3ـ لا حد لمنتهى الحيض، أو لسن اليأس فمتى وجد الحيض ثبت حكمه، ومتى لم يوجد لم يثبت.

4ـ الأصل في دم الحيض أن يكون أحمر وقد يكون أسود وهو غليظ لاذع

كريه الرائحة، والصفرة والكدرة في أيام العادة حيض وفي غير العادة ليست حيضاً.

5ـ أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً وغالبه ستة أو سبعة أيام، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً وهذا ما يراه كثير من أهل العلم.

6ـ الحيض من موجبات الغسل.

7ـ للحائض أن تقرأ القرآن، ويحرم عليها مس المصحف.

8ـ يحرم على الحائض المكث في المسجد أو العبور منه(*)  .

9ـ دم الحيض نجس ويجب إزالته.

10ـ للزوج أن يجبر زوجته على الغسل من الحيض مسلمة كانت أو ذمية.

11ـ سؤر الحائض وما تختلي به طاهر.

12ـ الحائض يحرم عليها فعل الصلاة في وقت الحيض، ولا قضاء عليها.

13ـ تأتي الحائض والنفساء بجميع أعمال الحج ما عدا الطواف.

14ـ للزوج أن يستمتع من زوجته الحائض والنفساء بكل شيء ما عدا الفرج.

15ـ من وطئ زوجته وهي حائض في الفرج عليه أن يتوب ويستغفر، والكفارة في حقه مستحبة(*)([370]).

16ـ الزوج لا يجامع زوجته الحائض إذا انقطع دمها إلا بعد أن تغتسل.    

17ـ الطلاق البدعي حرام كطلاق الحائض وهل يقع أم لا، محل خلاف بين أهل العلم ويستثني من طلاق الحائض، طلاق الحامل(*)([371])، وطلاق المدخول بها، وطلاق من لا تحيض.

18ـ لا حد لأقل النفاس، وأكثره أربعون يوماً.

19ـ من ولدت بعملية جراحية ليست نفساء، ولكنها ذات جرح فإن نزل الدم من فرجها فهي نفساء.

20ـ العادة تثبت إذا تكررت.

21ـ النفساء كالحائض فيما يجب ويحرم ويسقط به، لكن العدة والاستبراء والبلوغ لا دخل للنفاس فيها.

22ـ عقد النكاح على الحائض والنفساء جائز إذا لم تكن الحائض في عدة وفاة أو طلاق.

23ـ دم الاستحاضة دم فساد وليس دم حيض أو نفاس.

24ـ إذا نسيت المرأة وقتها وعادتها واستحاضت عملت بالتمييز، فإن لم تستطع أن تميز عملت بعادة نساء قومها، وإلا عملت بالغالب منهن أو تحيضت بالغالب ستة أو سبعة.

25ـ الاستحاضة لا حد لأقلها، ولا حد لأكثرها.

26ـ إذا طهرت المرأة اغتسلت، وعملت ما يجب على الطاهرات.

27ـ لو طهرت قبل تمام عادتها ثم عاودها الدم في العادة فهو حيض.

28ـ لو طهرت قبل تمام عادتها ثم عاودها الدم في العادة واستمر ولم يجاوز أكثر الحيض فالكل حيض.

29ـ النقاء الذي يتخلل بين الدمين طهر.

30ـ علامة الطهر القصة البيضاء أو جفاف الفرج.

31ـ تتوضأ المستحاضة لكل صلاة.

32ـ المستحاضة حكمها حكم الطاهرات في غير أيام حيضها ولا يحرم وطؤها.

33ـ متى رأت الدم فهي حائض، ومتى انقطع فهي الطاهر، سواء زادت عن عادتها أو نقصت وسواء تقدمت عادتها أو تأخرت.

34ـ يباح استعمال ما يمنع الحيض، أو يجلبه بشرط أن تكون ذلك بإذن الزوج، وألا ينتج ضرر، وأن يكون هناك داع لذلك سبب.

35ـ ما يمنع الحمل مطلقاً لا يجوز، أما ما يمنعه مؤقتاً فجائز بشرط إذن الزوج، وأن لا ينتج عنه ضرر، وأن يكون لذلك سبب.

36ـ يحرم الصيام على الحائض، ولكن يجب عليها قضاؤه.

37ـ قضاء الصيام للحائض يكون متتابعاً أو متفرقاً فالكل جائز.

38ـ الدم قبل الولادة بيوم أو يومين نفاس(*)([372])، وكذلك الدم الذي يعقب الولد.

39ـ إذا تبين خلق الإنسان في الحمل فلا يجوز إسقاطه إلا لضرورة قصوى، كالخوف على أمه إذا قرر ذلك طبيب مسلم ثقة، ويشترط فيه موافقة الزوج، وألا يكون في إسقاط ضرر على الأم.

40ـ إذا قصد من إسقاط الحمل الإتلاف بعد نفخ الروح فيه فهو حرام قطعاً، أما الذي لم يتبين فيه نفخ الروح فهو محل خلاف، والصحيح عدم إسقاطه إلا بالضوابط السابقة.

41ـ للحائض أن تصلي في الثوب الذي يكون عليها أثناء دم الحيض ما دام أنه لم يصبه دم، وإن أصابه فلها أن تغسله وتصلي فيه.

42ـ ما يطرأ على الحائض في أثناء حيضها، ويكون من موجبات الغسل فالغسل بسببه في حقها مستحب.

43ـ لا يجب على الحائض نقض ضفائرها أثناء الغسل.

44ـ النفاس من موجبات الغسل.

45ـ استعمال الحائض للطيب أثناء غسلها مستحب.

46ـ العادة تقدم على التمييز ما دامت منضبطة.

47ـ من تشبه المستحاضة كمن أجرت عملية في رحمها فإن علم أنها لا يمكن أن تحيض بعد العملية فلا يثبت(*)([373]).

48ـ من ولدت توأمين يحسب لها النفاس من أولهما.

49ـ السقط إذا سقط لأقل من ثمانين يوماً فليس بنفاس، والدم حكمه على الغالب؛ لان الحمل إذا نزل لتسعين يوماً تبين فيه خلق الإنسان(*)([374]).

50ـ للحائض أن تشهد العيدين ودعوة الخير ولكن تعتزل المصلى.

51ـ إذا استمر دم الاستحاضة طوال شهر رمضان فحكمها حكم الطاهرات ويكون صومها صحيحاً.

52ـ من طهرت في رمضان بعد الفجر لا تمسك بقية(*)([375]) اليوم ويلزمها قضاؤه.

53ـ من طهرت في رمضان قبل الفجر ولم تغتسل فصيامها صحيح.

54ـ من نزل منها الدم بعد الغروب في رمضان صيامها صحيح، ولا يلزمها الإعادة.

55ـ من رأت الدم في نهار رمضان ولم تجزم أنه حيض صيامها صحيح.

56ـ يباح للحائض والنفساء الأكل والشرب في نهار رمضان لكن ذلك يكون سراً تعظيماً لحرمة الشهر، ولئلا يقتدي بهما الجاهل أو يتهمها أحد بالفطر.

57ـ من طهرت وقت العصر الأولى لها أن تصلي الظهر والعصر؛ لما فيه من الاحتياط وبراءة الذمة (*)([376]).

58ـ لا يجوز الصيام للنفساء وعليها قضاؤه.

59ـ من اغتسلت وصلت وصامت ثم تبين لها أنها حائض لا يلزمها إعادة

الصلاة؛ لأن الحائض لا تجب عليها الصلاة ولا تقضيها ولكن عليها أن تقضي الصيام.

60ـ الصفرة والكدرة إن كانا في زمن الحيض فهما حيض وإلا فلا.

61ـ الحامل لا تحيض، وما تراه من دم فهو دم فساد ولا يؤثر على صلاتها ولا صيامها.

62ـ طلاق النفساء ليس بحرام (*)([377]) .

63ـ من حاضت قبل الغروب بقليل فصيامها ليس بصحيح وعليها الإعادة.

64ـ المرأة الحائض طاهرة في ذاتها فيباح مؤاكلتها ومضاجعتها والتناول من يدها وفمها، بل وريقها، والممنوع هو الجماع في الفرج.

  

فهرس الموضوعات

الموضوع الصفحة
تقديم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز 
تقديم فضيلة الشيخ صالح بن عبدالله الفوزان 
شكر وتقدير 
مقدمة 
تعريف الحيض لغة واصطلاحاً
أسماء الحيض
الحيض من الناحية الطبية
متعلق الحيض ـ ابتداءً وانتهاءً
خصائص دم الحيض
مدة الحيض
الطهر: علاماته ـ أقله ـ وأكثره
عاودها الدم في أثناء العادة
غالب الحيض
سبب الحيض
حيض الحامل
الطوارئ على الحيض
حكم استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه
حكم استعمال ما يمنع الحمل أو يسقطه
غسل الثوب الذي أصابه دم حيض
هل يجب على الحائض غسل في أثناء الحيض
احتلمت أثناء الحيض هل عليها غسل
باشرها زوجها وهي حائض فيما دون الفرج فهل تغتسل
باشرها زوجها ثم حاضت قبل أن تغتسل فهل عليها غسل
متى يجب الغسل على الحائض؟ 
كيفية غسل المرأة الحائض
هل يجب على الحائض أن تنقض ضفائرها عند الغسل
تطييب الحائض عند الغسل من الحيض
هل يجبر الزوج زوجته على الغسل من الحيض
أقسام النساء من حيث الحيض:
الاستحاضة وتعريفها
لون دم الاستحاضة
أحوال المستحاضة
بيان حال من تشبه المستحاضة
مقارنة بين المستحاضة والطاهرات
وطء المستحاضة
النفاس
حالات النفاس
السقط وحكمه
الولادة الجراحية
أكثر النفاس
ما تتفق فيه النفساء مع الحائض
ما تختلف فيه النفساء مع الحائض
امرأة ولدت توأمين، في أيهما تحسب مدة النفاس
الطهر مدة النفاس
حكم النفساء التي تطهر خلال الأربعين
عاودها الدم بعد الطهر خلال الأربعين
عاودها الدم بعد الطهر بعد الأربعين
الأحكام الشرعية للحائض والنفساء والمستحاضة
الصلاة
الصيام
أعمال الحج
قراءة القرآن ومسه
المكث في المسجد والعبور منه
الوطء والمباشرة والاستمتاع
أحكام الطلاق
طلاق الحائض
الحكمة من منع الطلاق البدعي
هل يقع الطلاق البدعي؟
المستثنى من الطلاق حال الحيض
طلال الحامل
طلاق من لا يحضن من النساء
طلاق غير المدخول بها
شروط الطلاق السني
عقد النكاح على الحائض والنفساء
هل تشهد الحائض العيدين؟
تكريم الإسلام للمرأة من خلال منع مباشرتها حائضاً أو نفساء
الأضرار المترتبة على ذلك فيما يتعلق “بالإثم والكفارة”
ما يتعلق بالناحية الصحية للرجل والمرأة
مسائل فرعية
ومنها: طهرت في رمضان بعد الفجر فهل تمسك؟
حكم استمرار دم الاستحاضة طوال شهر رمضان
صيام من طهرت في رمضان قبل الفجر ولم تغتسل
صيام من رأت الدم في نهار رمضان ولم تجزم أنه حيض
الأكل والشرب للحائض والنفساء في نهار رمضان
طهرت وقت العصر فهل يلزمها صلاة الظهر مع صلاة العصر؟
صيام الحائض والنفساء في رمضان وهل تأثمان بهذا الصيام؟
اغتسلت وصلت وصامت ثم بان لها أنها حائض
صيام من أحست بالدم ولكنه لم يخرج منها إلا بعد الغروب
صيام من أجهضت في نهار رمضان ونزل منها دم
صيام الحامل التي نزل عليها الدم في نهار رمضان
صلاة من حاضت بعد أذان الظهر بساعة هل تقضي هذه الصلاة؟
حامل أوشكت أن تلد ورأت الدم
أصابها نزيف واستمر معها سنوات ماذا تفعل؟
حكم طهارة السائل الأبيض أو الأصفر في أيام الطهر وهل يجب فيه الوضوء
الخاتمة:
فهرس الموضوعات:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه الترمذي (4/339) رقم (1955)، وقال الألباني: صحيح لغيره.

([2])  سورة آل عمران: الآية 102.

([3]) سورة النساء: الآية  1.

([4]) سورة الأحزاب: الآيتان70، 71.

([5]) سورة التحريم: الآية 6.

([6]) رواه الحاكم (4/494)، وقال:”صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه”.

([7])  حاشية رد المحتار (1/282، 283).

([8])  الإقناع (1/94).

([9])  أحكام النساء لابن الجوزي، ص4.

([10])  الاعتصام (2/239).

([11])  لسان العرب (7/142)، القاموس المحيط (2/129).

([12])  سورة البقرة: الآية 222.

([13])  لسان العرب (7/142)، باب الضاد فصل الحاء، مادة:”حيض”.

([14])  سورة الرحمن: الآية 56.

([15])  تفسير البغوي (4/275).

([16])  البحر الرائق لابن نجيم (1/200).

([17])  سورة  هود: الآية 71.

([18])  الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/82).

([19])  فتح القدير (2/510).

([20])  سورة يوسف: الآية 31.

([21]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (9/180)، ولسان العرب (5/126)، باب الراء فصل الكاف، مادة:”كبر”.

([22]) لسان العرب (5/126)، باب الراء فصل الكاف، مادة:”كبر”.

([23]) لسان العرب (4/567، 577)، باب الراء فصل العين، مادة:”عصر”.

([24]) سورة البقرة: الآية 228.

([25]) تاج العروس (13/624 ،625)، باب الكاف فصل الفاء، مادة:”فـرك”.

([26]) لسان العرب (6/80) باب السين فصل الدال، مادة:”درس”.

([27]) مغني المحتاج (1/108).

([28])  المجموع شرح المهذب (2/402، 403).

([29])  بتصرف يسير من الأرحام، محمد علي البار، ص 25ـ 27.

([30])  الشرح الممتع (1/401).

([31])  سورة الطلاق: الآية 4.

(*) إذا نزل المني، وهكذا لو أنزله بشهوة في غير الاحتلام لحديث أم سليم المتفق عليه.

([32])  انظر سنن البيهقي (3/418) ح (1109).

([33])  مغني المحتاج (1/108).

([34])  أخرجه البيهقي في سنته (1/319، 320) كتاب الحيض ـ باب السن التي إذا وجدت حاضت فيها المرأة.

([35])  المغني (1/447).

([36])  المغني (1/446).

([37])  رواه مسلم (1/264) ح (334).

([38])  سورة الطلاق: الآية 4.

([39])  فتاوى ابن تيمية (19/240).

([40])  سورة الأحقاف: الآية 15.

([41])  الشرح الممتع (1/403).

([42]) حاشية رد المحتار (1/189).

([43]) تبيين الحقائق (1/55).

([44]) عون المعبود شرح سنن أبي داود (1/499) ح (304).

([45])  رواه البخاري (1/84)، كتاب الحيض ـ باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض.

([46])  رواه الإمام مالك (1/59)، كتاب الطهارة ـ باب طهر الحائض.

([47])  سورة البقرة: الآية 222.

([48])  رواه البخاري (1/84)، كتاب الحيض ـ باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض، ورواه أبو داود (1/215) ح (307)، واللفظ له.

([49])  بدائع الصنائع (1/40، 41).

([50])  الشرح الصغير لأحمد الدردير (1/73).

([51])  فتاوى ابن تيمية (19/237، 238).

([52])  سورة البقرة: الآية 222.

([53])  رواه أبو داود (1/197) ح (286)، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/55) برقم (263)، حديث حسن.

([54])  المجموع شرح المهذب (2/382).

([55])  تلخيص الحبير (1/172).

([56])  حاشية البيجوري (1/114).

([57])  فتاوى ابن تيمية (19/237).

([58])  المقاصد الحسنة، ص 194، وأخرجه ابن حجر في تلخيص الحبير (1/162) وقال: باطل لا أصل له.

([59])  كشاف القناع (1/203)، شرح منتهى الإرادات (1/108).

([60])  المجموع شرح المهذب (2/383).

([61])  مغني المحتاج (1/109).

([62]) الدرجة: خرقة أو قطنة تدخلها المرأة في فرجها ثم تخرجها لتنظر هل بقي شيء من أثر الدم أو لا؟ فالدرجة هي المشاقة والخرق  وغير ذلك. انظر لسان العرب (26/269) باب الجيم فصل الدال، مادة: “درج”.

([63])  الكرسف: القطن. انظر العرب (9/297) باب الفاء فصل الكاف، مادة:”كرسف”.

([64])  رواه البخاري معلقاً، انظر صحيح البخاري (1/82) كتاب الحيض.

([65])  الحيض وأحكامه، ص 34.

([66])  فتاوى ابن تيمية (19/238).

([67])  الفروع (1/267).

([68])  فتاوى ابن تيمية (19/237).

([69])  انظر: صحيح البخاري (1/84)، كتاب الحيض، وقد رواه البخاري معلقاً.

([70])  المغني (1/310).

([71])  منار السبيل (1/56).

([72])  فتاوى ابن تيمية (19/237).

([73])  المغني (1/355).

([74])  سورة الحج: الآية 78.

([75])  المغني (1/356، 357).

([76])  مغني المحتاج (1/119).

(**) مجموعهما.

([77])  الإقناع (1/65)، المقنع (1/20).

([78])  رواه الترمذي (1/221)، وما بعدها ح (128)، وقال : هذا حديث حسن صحيح.

([79])  فتاوى ابن تيمية (19/238).

([80])  خلق الإنسان بين الطب والقرآن، محمد البار، ص 91.

([81])  سورة الطلاق: الآية 4.

([82])  تفسير ابن كثير (4/381).

([83])  فتاوى ابن تيمية (19/239).

([84])  الشرح الممتع (1/405).

(**) في هذا نظر؛ لأن وضع الحمل جعل بدل الحيض، ولا يجوز العمل بالبدل مع وجود المبدل منه لأنه الأصل، وهذا مما يضعف القول بأن الحامل تحيض على ما رجحته.

(*) الصواب أنها تجلس الزيادة إذا كانت متصلة؛ لعموم الأدلة ولأن الحيض يزيد وينقص ما لم تتجاوز الزيادة خمسة عشر فإن جاوزتها فلها الاستحاضة وليس لها إلا عادتها المعلومة.

(**) وماذا تعمل بقول عائشة:”لا تعجلن حتى ….”.

([85]) سورة البقرة: الآية 222.

([86]) سورة البقرة: الآية 222.

([87]) رواه البخاري (1/78)  كتاب الحيض ـ باب ترك الحائض الصوم.

([88]) الشرح الممتع (1/431).

([89]) سورة البقرة: الآية 195.

([90]) سورة النساء: الآية 29.

([91]) رواه البخاري (6/150) كتاب النكاح ـ باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها إلا بإذنه.

([92]) سورة الذاريات: الآية 23.

(*) الصواب أن أجلهن نعمة الإسلام.

([93]) رواه البخاري (7/92، 93) كتاب الأدب ـ باب التبسم والضحك.

([94]) خلق الإنسان بين الطب والقرآن، محمد البار، ص 523.

([95]) سورة آل عمران: الآية 47.

([96]) خلق الإنسان الطب والقرآن، محمد البار، ص512.

([97]) سورة البقرة: الآية 233.

(*) رواه أبو داود (3/221) ح (3881). وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه وفي إسناده الهاجر أبي مسلم الشامي عن أسماء بنت يزيد وهو لا يحتج به وقد وصفة في التقريب بأنه مقبول والمقبول لا يحتج به إلا إذا ورد له شاهد مثله أو أقوى منه ويدل على ضعفه حديث جدامة بنت وهب المذكورة بعده وهو قوله صلى الله عليه وسلم:”لقد هممت …..”.

([98]) مفتاح دار السعادة (2/270).

([99])  رواه مسلم (2/1067) ح (1442).

([100])  رواه مسلم (2/1064) ح (1438).

([101])  سورة الإسراء: الآية 33، سورة الأنعام: الآية 151.

([102]) رواه مسلم (1/90) ح(86).

([103]) سورة الفرقان: الآية 68.

([104]) سورة الإسراء: الآية 31.

([105]) سورة الزخرف: الآية 36.

([106])  مجموعة فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ. محمد بن صالح العثيمين (4/332).

([107])  رواه الطبراني في معجمه الكبير (2/86) ح(1387)، والحاكم في المستدرك (2/58) وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم. 

([108])  الإنصاف (2/556).

([109])  رواه البخاري (1/79) كتاب الحيض ـ باب غسل دم الحيض.

([110])  فتح الباري (1/331). 

([111]) فتح الباري (1/331).

([112])  صحيح مسلم بشرح النووي (3/200).

([113])  سورة البقرة: الآية 222.

([114])  البحر الرائق (1/64)، المغني (1/209). 

([115]) رواه البخاري (1/85) كتاب الحيض ـ باب إذا رأت المستحاضة الطهر.

([116]) بدائع الصنائع (1/38).  

([117])  المجموع (2/148).

([118])  المبدع (1/194).

([119])  الكافي (1/59)، صحيح مسلم بشرح النووي (3/228).

([120])  رواه مسلم (1/253) ح( 316)، (1/254) ح ( 317).

([121])  رواه مسلم (1/254) ح (317).

([122])  الشرح الكبير بهامش المغني (1/214).

([123])  الإنصاف (1/256)، الأم (1/40)، الشرح الصغير (1/6)، البحر الرائق (1/196).

([124])  المحلى (1/37).

([125])  رواه مسلم، انظر: صحيح  مسلم (1/178).

([126])  رواه مسلم (1/261) ح(332).

([127])  الإنصاف (1/258).

([128])  المجموع شرح المهذب (2/188).

([129])  الأم (1/45).

([130])  الإقناع (1/47، 48).

([131])  رواه البخاري (1/80) كتاب الحيض ـ باب الطيب للمرأة عند غسلها من الحيض.

([132])  رواه البخاري (1/81) كتاب الحيض ـ باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض ، وكيف تغتسل فتأخذ فرصة ممسكة فتتبع بها أثر الدم.

([133])  صحيح مسلم بشرح النووي (4/13) بتصرف.

([134])  المجموع شرح المهذب (2/188).

([135])  رواه مسلم (1/261) ح (332).

([136])  الأم (1/45).

([137])  المغني (2/128).

([138])  الجامع لأحكام القرآن  للقرطبي (3/90).

([139]) البحر الرائق (3/11).

([140])  سورة البقرة: الآية 222.

([141])  مغني المحتاج (1/113).

([142])  المغني (1/311).

([143])  المغنى (1/311).

([144])  رواه أبو داود (1/187) وما بعدها ح (274)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/52) برقم (244).

([145])  المغني (1/315)، مغني المحتاج (1/115).

([146])  رواه مسلم (1/264) ح(334).

([147]) رواه النسائي (1/121) كتاب الطهارة ـ باب ذكر الإقراء، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (1/45) برقم (204).

([148])  رواه أبو داود (1/187) ح(274)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/52) برقم (244).

([149])  المغني (1/317).

([150])  المغني (1/316).

([151]) مغني المحتاج (1/115).

([152])  المغني (1/319، 320).

([153])  المغني (1/321).

([154])  رواه أبو داود (1/199) وما بعدها ح (287)، والترمذي (1/221) وما بعدها ح (128) وقال هذا حديث حسن صحيح.

([155])  سورة البقرة: الآية 185.

([156])  سورة الحج: الآية 78.

([157])  الإنصاف (1/365).

([158])  المغني (1/321).

([159])  مغني المحتاج (1/116).

([160])  مغني المحتاج (1/116).

([161]) رواه  أبو داود (1/205) ح (293)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/58) برقم (277).

([162]) رواه البخاري (1/79) كتاب الحيض ـ باب الاستحاضة.

([163]) رواه مسلم (1/263) ح(334).

([164]) صحيح مسلم بشرح النووي (4/19، 20).

([165]) الحيض وأحكامه الشرعية، ص86.

([166]) المغني (1/325، 326).

([167]) رواه أبو داود (1/199) وما بعدها ح (287)، والترمذي (1/221) ح (128).

([168]) المغني (1/327).

([169]) لسان العرب (7/142) باب الضاد حرف الحاء، مادة:”حيض”، والصحاح (3/1073) باب الضاد حرف الحاء، مادة:”حيض”.

([170]) حاشية الدسوقي (1/145).

([171]) مغني المحتاج (1/108).

([172]) الإقناع (1/63).

([173]) البحر الرائق (1/226).

([174]) الإقناع (1/66).

([175]) الشرح الممتع (1/436).

([176]) البحر الرائق (1/226)، والمبدع (1/274).

([177]) رواه أبو داود (1/197) ح(286)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/55) برقم (263).

([178]) رواه البخاري (1/79) كتاب الحيض ـ باب الاستحاضة.

([179]) الإنصاف (1/364، 365).

([180]) رسالة الدماء الطبيعية، لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ص 35.

([181]) رواه البخاري (1/79)  كتاب الحيض ـ  باب الاستحاضة.

(*) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في الوضوء رقم(228)،ومسلم مختصراً في الحيض رقم(333)، وأبو داود رقم (298).

([182]) رواه الترمذي (1/221) ح (128)، وقال: حديث حسن صحيح.

([183]) رواه البخاري (1/80)  كتاب الحيض ـ باب الاعتكاف للمستحاضة.

([184]) صحيح مسلم بشرح النووي (4/18)، والكافي (1/83)، والمبدع (1/290).

([185]) المجموع للنووي (2/ 372).

([186]) سورة البقرة: الآية 222.

([187]) فتح الباري (1/ 429).

([188]) رواه البيهقي (1/ 329).

([189]) الكافي (1/84).

([190]) سورة البقرة: آية 222.

([191]) رواه البيهقي (1/329).

([192]) الكافي (1/84).

([193]) لسان العرب (6/238،239) باب السين، فصل النون مادة: نفس، القاموس المحيط (2/265) فصل النون ـ باب السين، مادة: نفس.

([194]) المبدع (1/293).

([195]) بدائع الصنائع (1/41).

([196]) نهاية المحتاج (1/305).

([197]) بتصرف من الشرح الممتع (1/443).

([198]) القاموس المحيط (2/ 365)، باب الطاء، فصل السين، مادة : سقط.

([199]) شرح الدر المختار (1/ 64).

([200]) سورة الحج: الآية 5.

([201]) رواه مسلم (3/ 2036) ح(2643).

([202]) تفسير ابن كثير  (3/206).

([203]) قليوبي وعميرة (1/109).

([204]) شرح الدر المختار (1/63).

([205]) المغني (1/ 349).

(*) الصواب أنها لا تكون بهذا نفساء إلا إذا رأت ما يدل على أنه خلق آدمي من رأس أو رجل أو يد ونحو ذلك أما الحساب فلا يكفي لأن المرأة قد تغلط بالحساب.

([206]) الشرح الممتع (1/444).

([207]) البحر الرائق (1/229).

([208]) حاشية رد المحتار (1/199).

([209]) بدائع الصنائع (1/41).

([210]) مواهب الجليل (1/ 141).

([211]) روضة الطالبين (1/174).

([212]) الإنصاف (1/383)، المبدع (1/ 293).

([213]) فتاوى ابن تيمية (19/239، 240).

([214]) نيل الأوطار (1/328).

(*) هذا هو الصواب وهو أن أكثره أربعون يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي، لحديث أم سلمة رضي الله عنها الثابت في ذلك، وحكماه الترمذي عن أكثر أهل العلم. وما تراه من الدم بعد ذلك فحكمه حكم الاستحاضة تتحفظ منه وتتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة  إلا أن يوافق عادة الحيض فإن وافقها تركت الصلاة والصوم مدة العادة كغيرها من أصحاب العادة. والله ولي التوفيق.

([215]) الكافي (1/85).

([216]) كشاف القناع (1/199).

([217]) البحر الرائق (1/133).

([218]) الإقناع (1/45).

([219]) المصدر السابق.

([220]) الإقناع (1/47، 48)، صحيح مسلم بشرح النووي (3/228).

([221]) حاشية رد المحتار (1/290ـ 294)، مواهب الجليل (1/374)، المبدع (1/259، 260).

([222]) المجموع (1/361).

(*) فيما عدا الوطء ؛ فإنه لا يجوز لهما جميعاً.

([223]) سورة البقرة: الآية 228.

([224]) مغني المحتاج (1/120)، المبدع (1/262)، شرح منتهى الإرادات (1/106)، حاشية رد المحتار (1/299)، المجموع شرح المهذب (2/250).

([225]) المجموع (2/520).

([226]) المبدع (1/262)، المجموع شرح المهذب (2/520).

([227]) حاشية رد المحتار (1/199).

(*) الصواب أنه كالحيض في حكم الطلاق فيه.

([228]) الإنصاف (1/386).

([229]) الشرح الممتع (1/454).

([230]) مغني المحتاج (1/119).

([231]) حاشية رد المحتار (1/192).

([232]) شرح الدر المختار (1/62).

([233]) المغني (1/346).

([234]) رواه الدارمي (1/229).

([235]) الشرح الممتع (1/447، 448).

([236]) الإنصاف (1/384).

([237]) رواه الدارمي (1/229).

([238]) الشرح الممتع (1/448).

([239]) هذا هو الصواب الموافق للأدلة الشرعية.

([240]) المغني (1/348).

([241]) المبسوط (3/147).

([242]) المغني (1/346).

(*) هذا هو الصواب الموافق للأدلة الشرعية.

([243]) مغني المحتاج (1/120).

([244]) حاشية رد المحتار (1/189).

([245]) حاشية رد المحتار (1/291)، الكافي (1/72).

([246]) رواه البخاري (1/78) كتاب الحيض ـ باب ترك الحائض الصوم.

([247]) رواه مسلم (1/262) ح (333).

([248]) رواه مسلم (1/265) ح (335) برقم (67) في الكتاب.

([249]) رواه مسلم (1/265) ح (335) برقم (65) في الكتاب.

([250]) تبيين الحقائق (1/56)، المجموع (2/351)، فتح الباري (1/421).

([251]) البحر الرائق (1/204)، نيل الأوطار (1/328).

([252]) سورة الحج: الآية 78.

([253]) سورة البقرة: الآية 239.

([254]) سورة النساء: الآية 103.

([255]) الأم (1/59، 60).

([256]) رواه  الترمذي (1/221) وما بعدها ح (128)، وقال هذا حديث حسن صحيح.

([257]) البحر الرائق (1/203)، الكافي (1/72).

([258]) رواه البخاري (1/78) كتاب الحيض ـ باب ترك الحائض الصوم.

([259]) رواه مسلم (1/265) ح (335).

([260]) المجموع شرح المهذب (2/355)، المحلى (1/162).

([261]) الروض المربع للبهوتـي (1/35).

([262]) تبيين الحقائق (1/56)، مغني المحتاج (1/109).

([263]) البحر الرائق (1/204) ، حاشية قليوبي وعميرة (1/100).

([264]) الإقناع (1/311)، الكافي (1/358).

([265]) رواه مسلم (1/802)، (803) ح (1146).

([266]) الكافي (1/359).

([267]) الأم (2/103، 104).

([268]) رواه الدار قطني (2/196، 197)، قال: إسناده صحيح، موقوف.

([269]) منار السبيل (1/228).

([270]) المحرر (1/227)، السلسبيل (1/293).

([271]) الكافي (1/72)، فتاوى ابن تيمية (26/220).

([272]) رواه البخاري (6/237)، كتاب الأضاحي ـ باب من ذبح ضحية غيره.

(**) هل تطمئن نفسك لهذا القول والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:”لا تطوفي بالبيت حتى تطهري”. ووقتنا الآن اختلف عن وقت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بسهولة المواصلات والاتصالات والفتوى تختلف باختلاف الأحوال.

([273]) فتاوى ابن تيمية (26/243ـ 245).

 ([274]) رواه البخاري (5/125)، كتاب المغازي ـ باب حجة الوداع.

 ([275]) سورة التغابن: الآية 16.

 ([276]) رواه البخاري (8/142) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ـ باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 ([277])  فتاوى ابن تيمية (26/225ـ 230)، إعلام الموقعين (3/14ـ 19).

(*) ويمكن أن تعالج الحائض الموضوع باستعمال ما يوقف الدم فتغتسل وتطوف كغيرها من الطاهرات، وهذا علاج ممكن وميسر إن شاء الله عند الحاجة إليه.

(**) مهما قيل ، فحديث الرسول صلى الله عليه وسلم مقدم:”لا تطوفي في البيت حتى تطهري”[ومن يتق الله يجعل له مخرجاً].

 ([278]) فتاوى ابن تيمية (26/191).

(**) بل النزاع في الأمر الأول، وأما الثاني فهو محل اتفاق بين الأئمة الأربعة في أنه لا تمسه كما ذكرته.

 ([279])  رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/313، 314) ح (13217)، وقال في مجمع الزوائد (1/276)، رجاله موثقون، وللحديث شواهد يصح بها.

 ([280])  المجموع شرح المهذب (2/437).

 ([281])  الفتاوى الهندية (1/38)، البحر الرائق (1/205).

 ([282])  حاشية رد المحتار (1/291).

 ([283])  مواهب الجليل (1/374).

 ([284])  الكافي (1/58)، الإقناع (1/64).

 ([285])  شرح منتهى الإرادات (1/77).

 ([286])  المبدع (1/259).

 ([287])  الإنصاف (1/374)، الشرح الكبير (1/218).

 ([288])  كشاف القناع (1/198).

 ([289])  المحلى (2/184).

(*) وهذا الصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة رضي الله عنها أن تناوله الخمرة من المسجد ــ يعني الحصر الذي كان يصلي عليه ــ فقالت: إني حائض، فقال:”إن حيضتك ليست بيدك”.

 ([290]) البحر الرائق (1/207)، مغني المحتاج (1/110)، المبدع (1/261)، وقوانين الأحكام الشرعية، ص 55.

(*) لقول الله سبحانه وتعالى:[ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين]، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحائض:”اصنعوا كل شيء إلا النكاح” أخرجه مسلم في صحيحه، والمراد بالنكاح الجماع، وبذلك بعلم ضعف استثناء الحنابلة صاحب الشيق والصواب: أن التحريم يعمه ويعم غيره. والله الموفق.

 ([291])  رواه مسلم (1/242) ح (294).

 ([292])  رواه مسلم (2/1095) ح (1471).

 ([293])  الشرح الممتع (1/453).

(*) الصواب أنه كالحيض فلا يجوز التطليق فيه ولا يقع على الصحيح،؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:”ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً”. وفي اللفظ الآخر:”فليطلقها إذا طهرت قبل أن يمسها”، واللفظان صريحان في تحريم الطلاق حال النفاس؛ لأنها ليست طاهراً فهي كالحائض.

 ([294])  بدائع الصنائع (3/93)، قوانين الأحكام الشرعية، ص250، ومغني المحتاج (3/307)، الكافي (3/160).

 ([295]) رواه الدار قطني (4/31)، وقال: الحديث فيه عطاء الخراساني وهو مختلف فيه وقد وثقه الترمذي، وقال النسائي وأبو حاتم: لا بأس به، وضعفه غير واحد.

 ([296])  سورة الطلاق: الآية 1.

 ([297])  مغني المحتاج (3/307).

 ([298])  الهداية شرح بداية المبتدي (2/227).

 ([299])  البدائع (3/94).

 ([300])  نهاية المحتاج (6/109).

 ([301])  الإنصاف (8/449).

 ([302])  حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير (2/425).

 ([303])  بدائع الصنائع (3/93)، الجامع لأحكام القرآن (18/150)، الكافي (3/160)، صحيح مسلم بشرح النووي (10/60).

 ([304])  فتاوى ابن تيمية (33/8)، المحلى (10/161).

 ([305])  سورة الطلاق: الآية 1.

 ([306])  زاد المعاد (4/45)، نيل الأوطار (7/10).

 ([307])  رواه مسلم (2/1098) ح (1471).

 ([308])  سورة الطلاق: الآية 1.

 ([309])  زاد المعاد (4/45).

 ([310])  زاد المعاد (4/44).

 ([311])  سورة البقرة: الآية 229.

 ([312])  سورة البقرة: الآية 230.

 ([313])  سورة البقرة: الآية 238.

 ([314])  المنتقي للباجي (4/98).

 ([315])  رواه مسلم (2/1093) ح (1471).

 ([316])  الكافي (3/16)، تبيين الحقائق (2/193)، منار السبيل (2/236).

 ([317])  المبدع (7/260)، المغني (8/237).

 ([318])  سورة الطلاق: الآية 4.

 ([319])  فتاوى ابن تيمية (33/7).

 ([320])  سورة الأحزاب: الآية 49.

 ([321])  سورة الطلاق: الآية 1.

 ([322])  أحكام القرآن لابن العربي (4/1813).

 ([323])  الجامع لأحكام القرآن (18/153).

(*) ما لم تكن في العدة من زوج طلقها أو مات عنها.

([324])  سورة الطلاق: الآية 1.

([325]) رواه البخاري (1/83، 84) كتاب الحيض ـ باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلَّى.

([326])  المجموع شرح المهذب (2/353، 354).

(*) يعني بنت سرين.

([327])  المجموع شرح المهذب (2/353)، وهذا الحديث رواه مسلم (1/246) ح (301).

 ([328])  دورة الأرحام، محمد البار، ص56، 57.

 ([329])  سورة البقرة: الآية 222.

 ([330])  سورة البقرة: الآية 223.

 ([331])  نيل الأوطار (1/323).

 ([332]) مغني المحتاج (1/110)، حاشية القليوبي (1/100)، الإنصاف (1/351، 352)، والبحر الرائق(1/207)،قوانين الأحكام الشرعية،ص55،صحيح مسلم بشرح النووي(3/204).

 ([333])  المبدع (1/226)، المجموع شرح المهذب (2/359).

 ([334])  صحيح مسلم بشرح النووي (3/204).

 ([335])  المجموع شرح المهذب (2/361).

(*) الصواب وجوب الكفارة وهي دينار أو نصف دينار؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة بإسناد صحيح.

 ([336])  الشرح الممتع (1/416).

 ([337])  سورة البقرة: الآية222.

 ([338])  خلق الإنسان بين الطب والقرآن،  د. محمد علي البار، ص101ـ 104.

 ([339])  مع الطب في القرآن الكريم ــ عبد الحميد دياب ، أحمد قرقوز ص 48.

 ([340])  حاشية رد المحتار (1/296).

(*) الصواب أن وجوب إمساكها أرجح؛ لأن العذر قد زال فوجب الإمساك كما لو قامت البينة بدخول رمضان يوم الثلاثين من شعبان  فإنه يلزم الإمساك مع القضاء عند أهل العلم قاطبة إلا خلافاً شاذاً لا يقوى عليه.

 ([341])  الكافي (1/83)، صحيح مسلم بشرح النووي (4/17).

 ([342])  الكافي (1/83)، صحيح مسلم بشرح النووي (4/17).

 ([343])  الكافي لابن عبد البر (1/339).

(*) صوابه أن يومها يوم صوم إذا كانت رأت الطهر قبل الفجر ولا يضر كون غسلها بعد الفجر كما لو أصبح الصائم جنباً فإنه يغتسل ويصلي وصومه صحيح كما يأتي.

 ([344])  شرح روض الطالب (1/414).

 ([345])  سراج السالك (1/194).

 ([346])  المبدع (1/262).

 ([347])  رواه مسلم (1/781) ح (1109).

 ([348])  الإقناع (1/311).

 ([349])  سورة التوبة: الآية 115.

 ([350])  فتاوى ابن تيمية (21/632، 633).

 ([351])  الإنصاف (3/283).

 ([352])  المبسوط (3/15)، الأصل (1/331).

 ([353]) قوانين الأحكام الشرعية، ص 60، نهاية المحتاج (1/337). والمغني (1/407)، فتاوى ابن تيمية (23/334).

 ([354])  نهاية المحتاج (1/377).

 ([355])  رواه مسلم (1/424) ح (608).

(*) الصواب ما دل عليه الحديث وهو إدراك ركعة فأكثر. يقول الله تعالى: [وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا]، ولأن إدراك قدر التحريم أمر لا ينضبط ويتعسر إدراكه.

([356])  المغني (3/142).

 ([357])  رواه مسلم (1/265) ح (335).

 ([358])  رواه البخاري (1/78) كتاب الحيض ـ باب ترك الحائض الصوم.

 ([359])  الشرح الممتع (1/421).

(*) هذا فيه نظر، فالصواب أن صلاتها صحيحة وصومها صحيح إذا كانت قد رأت الطهر واغتسلت، وعود الدم إليها بعد ذلك لا يفسد صلاتها وصومها، وإنما ينظر فيه فإن اتضح أنه حيض تركت الصلاة والصوم، وإن لم يتضح أنه حيض فله حكم  الاستحاضة تصلي فيه وتصوم وتتوضأ لكل صلاة كما هو معلوم من أحكام الحيض والاستحاضة. والله ولي التوفيق.

 ([360])  رواه مسلم (1/265) ح (335).

 ([361])  المغني (3/142).

(*) بأن اتضح من ذلك رجل أو يد أو نحو ذلك مما يدل على أنه جنين، أما إن كان دماً أو لحمة لم يتضح فيها تخليق فإنها لا تكون نفساء بذلك.

 ([362]) الانتصار في المسائل الكبار(1/585)،الاستذكار (2/32)، المجموع شرح المهذب (2/361، 363).

 ([363])  سنن البيهقي (7/424).

 ([364])  الإنصاف (1/242)، مغني المحتاج (1/132ـ 133)، ومواهب الجليل (1/411).

 ([365])  المحلى (2/175)، الأصل (1/330).

 ([366])  المحلى (2/175).

(*) الصواب أن ما تراه قبل الولادة دم فساد ولا يمنع من صلاة ولا غيرها إلا إذا كان قرب الولادة ومعه أمارات الوضع فإنه يكون دم نفاس.

([367])  المستوعب (1/399)، الانتصار في المسائل الكبار ( /585).

([368])  صحيح مسلم بشرح النووي 4/17ـ 24.

(*) الصواب أن ما خرج من السبيلين من السوائل فهو نجس ناقض للوضوء ما عدا المني، لكن إن كان مستمراً أو غالباً كفى الوضوء وقت كل صلاة كالمستحاضة وإن لم يكن غالباً فإنه نجس وينقض الوضوء متى وجد.

([369])  الشرح الممتع (1/433ـ 436).

(*)   الصواب عدم تحريم العبور كالجنب لقوله تعالى:[إلا عابري السبيل].

(*)([370])  الصواب وجوبها على ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما كما تقدم.

 (*)([371])  هذه العبارة غير محررة فلتحرر والصواب أن الحامل لا تحيض وما يحصل لها من الدم فهو دم فساد كدم الاستحاضة.

(*)([372])  الصواب: مع وجود أمارة الوضع.

(*)([373])  صوابه فإنه ثبت لها أحكام المستحاضة.

(*)([374])  الصواب تقييد ذلك بعدم وجود علاقة الإنسان من رأس أو يد أو رجل  أو نحو ذلك لأن الحامل قد تغلط في حساب الأيام.

(*)([375]) الصواب: أنه يلزمها الإمساك كما تقدم لزوال العذر كما لو قامت البينة بدخول الشهر في يوم الثلاثين من شعبان فإنه يلزمها الإمساك مع القضاء.

(*)([376]) الصواب: التعبير بالوجوب؛ لأن وقت الصلاتين مجموعتين في حكم الوقت الواحد من أجل العذر كما أفتى بذلك بعض الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا لو طهرت في أثناء الليل فإنها تصلي المغرب والعشاء.

(*)([377])  الصواب تحريمه كطلاق الحائض كما تقدم.