54 – كتاب: كيف تتخلص من السحر؟
54 – كتاب: كيف تتخلص من السحر؟ pdf
كيف
تتخلص من السحر؟
تأليف
أ.د/ عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {102}(آل عمران).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {1}(النساء).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70}يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71}(الأحزاب). وبعد:
فقد شاع بين الناس ظلم بعضهم لبعض ومن أعظم الظلم الذي نراه بأم أعيننا ونسمع عنه بآذاننا هو الظلم الناتج عن السحر والشعوذة والدجل وخاصة في عصرنا الذي يموج بالفتن ليل نهار ، والمعصوم من عصمه الله تبارك وتعالى .
ونتج عن هذا الانحراف الديني أن ابتلي المسلمون فيه بمصائب كثيرة أعظمها الذهاب إلى الدجالين والمشعوذين والعرافين والسحرة وسؤالهم الشفاء أو سؤالهم طلب الحاجات وغيرها مما هو من خصائص الرب تبارك وتعالى .
ولما كانت هذه الأمور محرمة في ديننا وشريعتنا كانت هذه البلاد حفظها الله ورعاها لها بالمرصاد ؛ فقامت بمحاربتها بشتى الوسائل والطرق ، وهذا كله نابع من حرصها على تطبيق شرع الله الذي به تحيا القلوب وتطمئن النفوس ويأمن الإنسان على أهله وماله .
وانطلاقاً من مبدأ النصح لكل مسلم ودعوة الناس إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة كتبت هذا البحث الذي يتناول قضية السحر وقد تناول الموضوعات التالية :
- تعريف السحر .
- أدلة وقوعه من الكتاب والسنة .
- حكم من قام بالسحر في شريعتنا .
- أقسام السحر .
- سؤال في حكم مشاهدة ألعاب السيرك المتضمنة للسحر .
- العلامات التي يعرف بها الساحر .
- هل يجوز حل السحر بسحر مثله ؟ .
- كيفية إبطال السحر .
- ضرر السحر على الفرد والمجتمع .
- تسلط السحرة في هذا الزمان .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذا البحث وأن يجعله في ميزان الحسنات وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه أبو محمد
عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
أولاً : تعريف السحر :
في اللغة :
يطلق السحر في اللغة على عدة معان منها :
الخداع، والصرع، والاستمالة، والتمويه، وكل ما لطف ودق وخفي سببه فهو سحر .
أما في الاصطلاح :
فقد تعددت أقوال العلماء في تعريفه اصطلاحاً وكل التعريفات ترجع إلى معنىً واحد وخلاصة هذه التعريفات وأوضحها معنىً هو أن يقال :
هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه الساحر أو يعمل به شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له عليه وله حقيقة فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ومنه ما يبغض المرأة إلى زوجها أو العكس أو يحبب بين اثنين كل هذه الأشياء واقعة بين الساحر والشيطان الموكل بعمل ذلك وذلك لا يتم إلا بحصول منفعة بينهما فيقوم الساحر بفعل المحرمات والشركيات والكفريات في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه .
وقد يسأل سائل فيقول هل من الممكن ذكر بعض الشركيات أو الكفريات التي يقوم بها الساحر لكي يساعده الشيطان على سحره؟ نقول : نعم نذكر شيئاً من ذلك لنبين للقارئ الكريم خطورة السحرة وبيان كفرهم بالله رب العالمين، فمن هذه الأشياء :
أولاً : يجب أن يعلم أن الساحر لكي يساعده الشيطان لابد له من الكفر بالله إما أن يأتي بذلك بالقول كأن يقول كفرت بالله وأنا مشرك وغير ذلك من الألفاظ الكفرية والشركية أو يأتي بأعمال صريحة في ردته في كفره منها :
1ـ أنه يرتدي المصحف في قدميه ويدخل به الخلاء .
2ـ ومنهم من يكتب القرآن الكريم بالقذارة أو بدم الحيض .
3ـ ومنهم من يكتب آيات القرآن على أسفل قدميه .
4ـ ومنهم من يكتب الفاتحة معكوسة .
5ـ ومنهم من يؤدي الصلاة بلا وضوء .
6ـ ومنهم من يذبح للشيطان فلا يذكر اسم الله على المذبوح ويرمي به في مكان يحدده له شيطانه .
7ـ ومنهم من يسجد للكواكب ويخاطبها .
8ـ ومنهم من يأتي أمه أو ابنته نعوذ بالله من ذلك كله .
وبالجملة كل ما كان الساحر أشد كفراً بالله كان الشيطان أكثر طاعة له وذلك بتنفيذ أمره وبسرعة في ذلك .
ثانياً : أدلة وقوع السحر :
لما ضل من ضل من المعتزلة وغيرهم في إنكار حقيقة السحر كان ولابد من إثبات أدلة وقوع السحر حقيقة لا تخيلا كما زعمه أولئك .
فقد ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة وسنذكر أدلة ذلك من الكتاب والسنة .
1ـ من أدلة الكتاب :
- ¨ قوله تعالى:{وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (البقرة: 102).
- قوله تعالى:{فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (الأعراف: 116).
- وقوله تعالى:{فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}(يونس: 81) .
- وقوله تعالى في بيان ما قاله سحرة فرعون:{إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}(طه: 73).
والآيات التي جاءت في ثبوت السحر كثيرة .
2ـ أدلة السنة في ثبوت ذلك ومن هذه الأدلة :
- ¨ حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِي دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ ثُمَّ قَالَ: «أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ». قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «جَاءَنِي رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ثُمَّ قَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ. قَالَ: فِي مَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ . قَالَ: فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ: «لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللَّهُ وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا». وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ”([1]).
- ¨ ومنها أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هي؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”([2]).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد “([3]).
فهذه الأدلة وغيرها تدل على وقوعه وأن السحر له حقيقة وهي أدلة تدل أيضاً على تحريمه فقد حكم أنه يكفر من قام بعمله وجعله النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات التي أمرنا باجتنابها .
وخلاصة القول في حكمه: أنه حرام بنص الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم من الصحابة وغيرهم.
ثالثاً : وإذا كان السحر حراماً:
وأنه من الكفر فما حكم من قام به في شريعتنا ؟ وهل تقبل توبته في إسقاط الحد عنه؟.
لاشك أن شريعتنا الإسلامية كلها مبناها على الرحمة بالعباد وذلك بحفظ نفوسهم وأرواحهم وأجسادهم ولذا شددت على من يرتكب هذه الفعلة الشنيعة وأمرت بقتله .
فقد اتفق الأئمة الأربعة على قتل الساحر حفاظاً على أفراد الأمة ومجتمعاتها .
فالحاصل أن الساحر حده في شريعتنا القتل.
ولكن هل يستتاب أم لا على خلاف بين أهل العلم ولأحمد رحمه الله روايتان ، المشهور في مذهبه أنه يقتل من غير استتابة وبهذا قال مالك لأن الصحابة لم يستتيبوا السحرة الذين حكموا بقتلهم .
والخلاف بين الأئمة رحمهم الله هو في إسقاط الحد عند التوبة أي هل إذا تاب من سحره يُقتل أم لا يُقتل ؟ والصحيح ما ذكرناه أنه يُقتل حتى وإن تاب وذلك لشناعة فعله وتحذيراً لغيره من ارتكاب هذه الفعلة فما شرعت إقامة الحدود إلا للحفاظ على الحياة البشرية ولذا قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 179).
ففي قتله حياة للبشرية وتخلص من شره وتنبيه لغيره .
أما توبته فيما بينه وبين ربه سبحانه وتعالى فمن ذا الذي يحول بينه وبينها فإن كانت توبته صادقة، واستوفت شروطها فلا شك إن شاء الله بقبولها .
مسألة في ساحر أهل الكتاب:
اختلف أهل العلم في ساحر أهل الكتاب هــل يقتل بسحره أم لا ؟.
فذهب أبو حنيفة إلى القول بقتله وذلك للآتي :
أولاً : لعموم الأخبار التي جاءت بقتل الساحر .
ثانياً : لأن السحر جناية أوجبت قتل المسلم فأوجبت قتل الذمي كالقتل .
وذهب مالك رحمه الله إلى القول بأنه لا يقتل إلا أن يقتل بسحره فيقتل .
وقال أيضا: أنه إذا أدخل بسحره ضرراً على مسلم لم يعاهد عليه نقض العهد بذلك فيحل قتله.
وذهب الشافعي رحمه الله إلى ما قاله مالك أولاً بأنه لا يقتل إلا أن يقتل بسحره فيقتل.
والصحيح أنه يقتل بسحره إذا تسبب في قتل أحد أو ضرره لأن تعاطيه السحر نقض للعهد فيقتل به .
رابعا: أقسام السحر :
ذكر الرازي أقساماً ثمانية للسحر وكل هذه الأقسام أدخلها الرازي بناءاً على التعريف اللغوي لأن السحر في اللغة كما بينَّا هو عبارة عما لطف وخفي سببه ولكن هنا الذي يعنينا من أقسامه هي التي تتعلق بالسحر حقيقة والتي سببها ظاهر ويستعين الساحر فيها بالجن والشياطين بغرض الإفساد في الأرض والإضرار بالبشرية فمن هذه الأقسام :
1-سحر يؤثر من تلقاء نفسه وهو ما يصدر عن الشيطان أو من يعاونه على ذلك وهو أقواها أي أقوى أنواع السحر .
2-سحر يقوم الساحر بمساعدة الأرواح الشريرة وهو أضعفها ولا يدوم مفعوله إلا إذا تكرر عمله ومن السهل علاجه وإبطال مفعوله .
3-سحر يستعين فيه الساحر بقوة الحروف الهجائية والأعداد و الكواكب والأجرام السماوية وهو أصعب أنواع السحر ويستلزم الحيطة والحذر منه وهذا يجهله أكثر الناس ولكن هنا في النوع الأخير من أقسام السحر ينبغي أن ننبه على أنه إن صح هذا القسم من الاستعانة بالكواكب والحروف الهجائية ونحوها فينبغي أن يُعلم أن التأثير الذي يحدث للمسحور لا يكون من تأثير الكواكب ولكن من تأثير الشياطين وذلك لإضلال السحرة وفتنتهم”([4]).
سؤال: كثيراً ما نسمع عما يقوم به المشعوذون من أعمال يشاهدها أبناء المسلمين إما عن طريق التلفاز أو المشاهدة عياناً في بعض البلدان الأخرى وذلك بقيام المشعوذ بعمل أعمال خفية فتصرف الأبصار إليها كإماتة طير وإحيائه أو إخراج الطائر من البيضة على يديه وهكذا فما حكم مشاهدة هذه الأشياء وهل هي من السحر؟.
نقول: نعم هذه الأشياء ضرب من ضروب السحر ويسمى سحر التخييل وهو قسم من أقسام السحر الذي هو يشبه سحر سحرة فرعون الذي قال الله فيه:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(طه: 66) .
وقال فيه أيضا: {قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}(الأعراف: 116).
وهذه الأشياء التي يقوم بها المشعوذون في هذا النوع من السحر لا حقيقة لها بل هي خداع وتخيلات يقوم بفعلها المشعوذ لكي يصرف أبصار الناس عما يتعاطاه بخفة يده.
أما كونها سحراً لأن الله سبحانه وتعالى سماها بذلك فقال في سحرة فرعون:{وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (الأعراف: 116).
لكن هنا ما حكم رؤية هذه الأعمال؟.
لا شك أنه لا يجوز ويحرم على الإنسان رؤيتها وينبغي عليه أن يحذر أبناءه من مشاهدة هذه الأشياء. ودليل ذلك قوله تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(الأنعام: 68).
وقوله تعالى للمؤمنين:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}(النساء: 140).
فرؤية المنكر مع عدم القدرة على الإنكار نهينا عن الجلوس مع من يقوم به لأن الجلوس معه يوحي بالرضى به .
والسحر: منكر عظيم ينبغي البعد عن أماكنه وعن من يقوم به.
وكذلك في هذه الألعاب شركيات وكفريات كما هو معلوم فالمشعوذ الذي يقوم بعمل هذه الأشياء يدعي صفة الربوبية وهي القدرة على الإحياء بعد الإماتة ومن ادعى ذلك كفر لأن هذا من خصائص ربوبية الرب سبحانه وتعالى .
فالمهم هنا أننا نقول بأنه لا يجوز رؤية الألعاب التي يقوم بها المشعوذون وتشتمل على سحر التخييل المتضمن لأشياء كفرية أو شركية أو محرمة سواء كان من خلال أجهزة الإعلام أو غيرها .
خامساً: العلامات التي يعرف بها الساحر:
إن من رحمة الله بعباده أنه أوضح لهم، بل كشف لهم خبايا أهل الزيغ والضلال من السحرة والمشعوذين ليكونوا منهم على حذر حتى أصبح العامي والجاهل يعرف الساحر من غيره .
فمن العلامات التي يمكننا أن نستدل بها على الساحر :
- أنه يسأل المريض عن اسمه واسم أمه .
- أنه يأخذ أثراً من آثار المريض مثل ثوب ،شماغ ، غترة، منديل، فانيلة، سروال، طاقية وغيرها من ملابس أو غيرها مما يستخدمه المصاب .
- أحيانا يطلب حيواناً بصفات معينة ليذبحه ولا يذكر اسم الله عليه، وربما لطخ بدمه أماكن الألم من المريض أو يرمي به في مكان خرب .
- كتابة الطلاسم والتعوذات الشركية .
- تلاوة الطلاسم و العزائم غير المفهومة .
- إعطاء المريض حجاباً يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام .
- أن يأمر المريض أن يعتزل الناس فترة معينة في غرفة لا تدخلها الشمس ويسميها العامة “الحجبة” .
- أحيانا يطلب من المريض ألا يمس الماء مدة معينة غالباً تكون أربعين يوما .
- يعطي المريض أشياءً يدفنها في الأرض .
- يعطي المريض أوراقاً يحرقها ويتبخر بها .
- يتمتم بكلام غير مفهوم وخارج تماماً عن اللغة العربية .
- أحيانا يخبر الساحر المريض باسمه واسم بلده ومشكلته التي جاء من أجلها بدون أن يذكر له المريض ذلك .
- يكتب للمريض حروفاً مقطعة في ورقة “حجاب” أو في طبق من الخزف الأبيض ويأمر المريض بإذابته وشربه .
- أنه عدو لدود لجميع الأديان ويظهر سخطه عليها واستهزاءه بها في كل مناسبة ولا يدخل بتاتاً أي محل للعبادة إلا بقصد تدنيسه أو تلويث معداته متبرئاً من دينه ومن جميع الكتب المنزلة مع تمزيقها وحرقها واستعمالها في أغـراض دنيئة .
- يقضي معظم الأوقات بعيداً عن الناس ولا يعاملهم ولا يتصل بهم لأنه دائماً يخلو بشيطانه الذي يسخره لأعمال سحرية أو إلحاق الضرر بالناس فإذا جاء إليـه من يريـد منه سحراً قام إليه .
فهذه جملة من العلامات التي يُستدل بها على الساحر فعلى كل مسلم ومسلمة أن يتنبهوا لهذه العلامات وإلا وقعوا في المحظور وهو قوله صلى الله عليه وسلم :” من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد “([5]).
سادساً: هل يجوز حل السحر بالسحر؟.
كثير من الناس يخفى عليهم هذا الحكم فتجده إذا عجز عن الشفاء من السحر الذي ألم به يذهب إلى السحرة والمشعوذين بل تجده من أول وهلة أصابته يذهب إلى أولئك الكفرة ويستعين بهم في حل سحره ولخطورة هذا الأمر أحببنا أن ننبه على هذا الحكم.
هل يجوز الذهاب للسحرة بغرض حل السحر عن المسحور؟.
اختلفت أقوال الناس في ذلك فمنهم من قال بالجواز إذا كان الغرض الإصلاح لا الإفساد ومنهم من قال بأنه لا يجوز إطلاقاً الذهاب إليهم بأي شكل من الأشكال .
وإذا نظرت إلى نصوص الشريعة تجد أنها جاءت واضحة في بيان النهي عن الذهاب للسحرة سواء كان للإفساد أو الإصلاح وعندئذ نقول لا نلتفت إلى أقوال من قال بجواز حل السحر عن المسحور باستخدام السحرة والمشعوذين لأن ذلك عارٍ عن الدليل .
أما دليل ذلك فهو :
1ـ أدلة النهي عن الذهاب إلى السحرة مطلقاً ومن هذه الأدلة: قوله صلى الله عليه وسلم : “مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ”([6]).
وقوله : ” مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً “([7]).
فقوله صلى الله عليه وسلم ( فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ) يحتمل أن يسأله الشفاء أو يسأله الإضرار لأن كلمة شَيْءٍ نكرة تحتمل هذا وهذا فلما كان الاحتمال موجودا كان استثناء الإصلاح يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك .
ومما احتج به من قال بجواز ذلك حديث ” النُّشْرَةِ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ “([8]).
وهذا الحديث في الحقيقة حجة لمن قال بعدم جواز النشرة إلا ما جاء الدليل بجوازه ولذا قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيان تعريف النشرة وحكمها: النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان:
أحدهما : حله بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن البصري فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور .
والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات المباحة فهذا جائز([9]).
سابعاً: كيفية إبطال السحر:
قد يسأل سائل فيقول ذكرتم فيما سبق أنه لا يجوز الاستعانة بالسحرة في حل السحر عن المسحور إذاً فما هي طرق إبطال السحر أعني بها الطرق الشرعية التي يمكن للمسحور استخدامها لكي يذهب عنه ما هو فيه .
نقول وبالله التوفيق .
يجب أن يعلم أن الله ما أنزل من داء إلا وجعل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ولاشك أن السحر مرض يصاب به الإنسان ولقد جاءت نصوص السنة تبين كيفية العلاج منه.
وسنذكر هنا بعض الطرق التي يمكن استخدامها في علاج المسحور منها.
أولاً: أول هذه الطرق هو التوجه إلى رب العالمين الذي بيده ملكوت كل شيء، ولذا قال إبراهيم عليه السلام : {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (الشعراء: 80).
فالتوجه إلى الرب سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع بين يديه لاشك أنه من أعظم الأمور التي تنفع في ذهاب ما ألم بالإنسان من سحر .
ثانيا: التعرف على مكان السحر وإبطاله، ويكون ذلك بدعاء رب العالمين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما سحره لبيد بن الأعصم وفيه أنه صلى الله عليه وسلم لما سحر سأل ربه في ذلك فدل عليه فاستخرجه من بئر فكان في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال([10]).
قال ابن القيم رحمه الله : ” فهذا أبلغ ما يعالج به المطبوب وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ([11]).
وقد يقول قائل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على السحر بطريقة الوحي فكيف ندل عليه؟.
نقول الإجابة على ذلك تكون بما يلي :
1-الرؤيا في المنام. فبعد أن يدعو العبد ربه بمعرفة مكان السحر فيراه في منامه هذا من تمام رحمة الله بالعبد .
2-أن يوفق لرؤيته أثناء البحث و التنقيب .
3-أن يعرف مكان السحر عن طريق الجن وذلك بالقراءة على المسحور فيتكلم الجن على لسان المريض فيعرف من خلاله مكان وضع السحر. غير أنني أنبه إلى أن أكثر حال الجن الكذب فلا بد من التثبت منه والتأكد لئلا يظلم أحد بسببهم .
4-ومن الأمور التي يمكن من خلالها إبطال السحر .
إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض هذا إذا كان هناك جني موكل بالمريض في أذيته مثلا فإن استطاع الراقي للمريض إخراج الجني من جسد المريض فإن السحر يبطل بإذن الله تعالي .
5-الاستفراغ .
وذلك بأن يكون في المحل الذي يصل إليه أذى السحر، قال ابن القيم رحمه الله ” فإن للسحر تأثيراً في الطبيعة وهيجان أخلاطها وتشويش مزاجها فإذا ظهر أثر في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جدا ومن الاستفراغات النافعة بإذن الله تعالى في دفع السحر الحجامة([12]).
6-النشرة .
والمراد بها هنا النشرة الشرعية والمراد بها قراءة القرآن والأدعية التي وردت في ذلك وسوف نوفي الرقية الشرعية مع ذكر الأحاديث التي وردت فيها أن شاء الله عند كلامنا عن التحصينات الشرعية من السحر .
ثامناً: ضرر السحر على الفرد والمجتمع :
مما لاشك فيه أن الله تعالى حينما حرم السحر حرمه لما فيه من مفاسد دينية ودنيوية لا تصل إلى حد الفرد وحده و إنما تصل هذه المفاسد إلى المجتمعات بأسرها .
فلما كان السحر من أكبر الكبائر ومن أخطر الأمراض التي تصيب الأفراد والمجتمعات حرمه الله سبحانه وتعالى وسنذكر هنا طرفاً من أضرار السحر على الفرد والمجتمع ؛ لبيان خطورته و التحذير منه وتتبع خطوات القائمين به لتقديمهم إلى العدالة لكي يستريح الأفراد والمجتمعات من أفعالهم الشريرة .
أولاً: خطر السحر على الفرد :
- و أولها إمراضه وجعله طريح الفراش وقد يكون مرضه سبباً في قتله أو سبباً في جنونه ونحوه .
- أنه قد يكون سبباً في تركه منزله وأسرته وبيته وتصبح الأرض فراشه والسماء غطاءه والشوارع مثواه .
- أنه يؤدي إلى العداوة الأسرية فتجد أن العداوة تقوم بين الزوج و زوجته على أتفه الأسباب وبالتالي يؤدي إما إلى طلاقها أو هجرها أو ضربها ونحوه .
- أنه قد يؤدي إلى فشل الطالب في دراسته كما رأينا ذلك وسمعنا عنه فبعد أن يكون الطالب نجيبا في دراسته إذا به يتحول إلى طالب فاشل لا هدف له فيترك الدراسة بسبب ذلك.
- أنه قد يكون سببا في قتل بعض الأفراد .
- أنه يؤدي بالإنسان إلى الوقوع في المحظورات الشرعية كالذهاب إلى الكهنة والعرافين للنظر في شكواه وبالتالي يأمره هؤلاء السحرة إما بالشرك كأن يأمروه بالذبح للجن وسدنته وهذا كله من الشرك الأكبر وإما بفعل المعاصي أعاذنا الله وإياكم منها .
- أنه يؤدي إلى كثرة الوسواس في حياة الفرد فتجده في حياته موسوساً إما في عباداته أو عاداته فلا يستقيم للإنسان حال ولا يهدأ له بال .
- أنه يلقي الشكوك بين الفرد وأفراد عائلته سواء كانوا أبناءه أو زوجاته.
وهناك الأمراض الكثيرة التي تحمل في طياتها خطورة هذه الفعلة الشنيعة في حياة الفرد.
ثانياً: أما عن ضرر السحر في حياة المجتمع :
إذا أردت أن تتعرف على خطورة السحر فانظر إلى حال من يصاب به من أفراد المجتمع ثم تخيل أن كل المجتمع مصاب به فماذا يكون حال المجتمع لاشك أنه يكون مجتمعاً تسوده أعلى درجات الفوضوية والانحلال والتخلف فمن ضرره على المجتمع :
- أنه يورث العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع وكذا الحقد والحسد .
- أنه يزرع الشكوك والشبه بين أفراده .
- أنه يدعو إلى الانتقام بكل وسيلة متاحة لاسيما إذا عرف المسحور من سحره وبالتالي يكثر القتل بين أفراد المجتمع .
- أنه يحل مكان الأمن والطمأنينة والأخلاق الجميلة الخوف والزعزعة وحب الجريمة.
- أنه ينشر الرذيلة بين أفراد المجتمع .
- أنه يضعف كيان الأمة في توكلها على رب العالمين وكمال اليقين به وذلك من ذهاب أفراد المجتمع إلى السحرة والمنجمين ونحوهم والاستعانة بهم وترك رب العالمين.
- أنه يحوِّل المجتمع المسلم المحافظ على دينه وعرضه إلى مجتمع يسوده الإشراك بالله وكثرة الموبقات والمهلكات .
- وبالجملة فإن السحر من أخطر الأمراض التي تصاب بها المجتمعات فتقوض بنيانها وتهد أركانها وينتشر بسببه العدوان وانتهاك الأعراض وقتل الأبرياء وسرقة الأموال فضلاً عن الشرك بالله والكفر به، وبالتالي يكون المجتمع ليس له هدف ولا غاية يصير مجتمعاً همه معالجة أفراده مما ألم بهم، نسأل الله تعالى أن يحمي مجتمعنا ومجتمعات أمة الإسلام من كيد الحاقدين من السحرة والمنجمين إنه سميع قريب .
تاسعاً : تسلط السحرة في هذا الزمان :
إذا نظر المرء إلى أحوال الناس والمجتمعات في هذه الفترة التي تمر بها أمتنا وغيرها من أمم الكفر يجد أنه لا يمر بمدينة أو قرية إلا وجد فيها عدداً من السحرة والمشعوذين، فلقد جلست مع بعض الإخوان من بعض البلدان الإسلامية فحكى لي ما أكاد لا أصدقه عن حال السحرة عندهم لدرجة أنهم يصفون من لم يعمل بهذا العمل يعني (السحر) متزمتاً بل الأدهى من ذلك أنهم وللأسف تجدهم إما مؤذنين أو أئمة مساجد والسحر عندهم كشرب الماء وأكل الطعام ، هذا في بعض البلدان الإسلامية فما بالك في دول الكفر كيف يكون السحرة فيهم .
إن تسلط السحرة في هذا الزمان يرجع إلى أمور عدة نجملها فيما يأتي :
1-كثرة الجهل وقلة العلم .
ونعني بالجهل هنا جهل العبودية برب العالمين وكذا الجهل بأحكامه المنزلة فجهل العبودية برب العالمين المراد به جهل الناس بخالقهم وذلك يتم بجهلهم في ربو بيته وألوهيته وأسمائه وصفاته. فأكثر الناس يجهلون الخالق سبحانه وتعالى من كونه جل وعلا خالقهم وراز قهم ومدبر شئون حياتهم بل هو سبحانه بيده كل شئ . قال تعالى في بيان ذلك : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ}( يونس: 107).
وقال عز وجل في بيان صفته وأن أمور الدنيا كلها بيده : {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ} (الأنعام: 13، 14 )، إلى أن قال سبحانه:{وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ}(الأنعام: 17).
فأين الناس من عبودية الرب بما ذكرناه وغيرها من الآيات .
إن جهل السواد الأعظم من البشرية بهؤلاء الكهان والعرافين الذين يسعون إلى إفساد عقائدهم وصرفهم عن التوحيد الخالص لله رب العالمين وذلك بجهلهم ، بأن يتعلقوا بهم بدلاً من تعلقهم بالله تعالى أدى إلى تسلط هؤلاء السحرة في هذا الزمان الذي كثر فيه الجهل وقل فيه العلم .
إن الكهان والعرافين يدركون تماماً أن جهل الناس بأمور العبودية هو أعظم سلاح يستخدم في الضحك على عقولهم والاستخفاف بهم وإيهامهم أن الأمور بيدهم فمن أراد السعادة على زعمهم ذهب إليهم ومن أحس بالشقاوة والتعاسة ذهب إليهم وهكذا .
إن هؤلاء الدجالين والكهان والمشعوذين وغيرهم من السحرة لا يفعلون ذلك من أجل ابتزاز أموال الناس فحسب بل من أجل أن يعيثوا أيضا في الأرض فساداً ويتكبروا فيها بغير الحق. والتدليس بالحيل طريقة قديمة معروفة يضل بها شياطين الإنس عباد الله عن الحق الذي بين أيديهم([13]). وخلاصة القول في ذلك أن جهل الناس بالمعبود جل وعلا وجهلهم يما يستحقه من صفات الكمال والجمال والإجلال وصرفهم عبادتهم لغيره جعل هؤلاء السحرة يتسلطون عليهم .
أما النوع الثاني من الجهل هو جهل الحكم بهؤلاء السحرة وجهل الحكم بالإتيان إليهم، فأكثر الناس لا يعلمون أن نصوص الشريعة جاءت بكفر السحرة، بل لا يدركون أيضا أن من جاء إليهم مصدقاً لما يقولونه أنه أيضا كافر مثلهم وقد بينا فيما سبق حكم الساحر وحكم من أتى إليه .
فالسحرة لم ينتشروا في هذا الزمان إلا عندما رأوا جهلاً عميقاً من الناس وبعد الناس عن دين الله عز وجل وتركهم للكتاب والسنة ـ إلا من رحم الله ـ ولجوئهم لغير الله بعدما ماتت قلوبهم وأصبحوا أشد حرصاً على الدنيا وكراهية الموت .
ومن الأمور التي أدت أيضا إلى تسلط السحرة .
2-غياب شرع الله وتحكيمه في غير هذه البلاد حفظها الله ورعاها .
إذا نظرت إلى أحوال أمة الإسلام وما تمر به من فتن متلاحقة وتسلط أمم الشر عليها بما فيهم من الكهان والمشعوذين وأمعنت النظر في ذلك وجدت أن أهم عامل أدى إلى انتشار السحر وتسلطه على أفراد هذه الأمة ومجتمعاتها هو غياب تطبيق الشريعة في بلاد الإسلام وتنحيها واستبدال قوانين الكفر والإلحاد مكانها .
فلما غابت أحكام الشريعة وأمن السحرة على نفوسهم وأرواحهم إذ ليس هناك تطبيق حد ولا قصاص بل ليس هناك ردة ولا كفر يحكم عليهم وبالتالي غاب حكمهم بين أفراد المجتمعات الإسلامية ومن هنا تسلط هؤلاء الأعداء عليهم .
ولما كانت هناك عمالة تفد إلى بلادنا فلاشك أنه لابد من إتيان هؤلاء المشعوذين من السحرة والمنجمين بطرق خفية يلبسون بها لباس التقوى والورع فإذا ما حصل لهم الوصول إلى هذه البلاد تعاملوا بهذا السحر فيذهب إليهم ضعاف النفوس من أبناء الوطن وغيرهم من الوافدين يسألونهم النفع والضر وغيرها من الأمور مع اشتراط المداراة عليهم من قبل القادمين إليهم ، ولكن ولله الحمد ما أن يلبث هذا السحر في بلادنا إلا ويعرف لدى السلطات فيقدم إلى عدالة تشريع رب العالمين ويقام عليهم الحكم في ذلك .
عاشراً : ما الواجب علينا تجاه تسلط السحرة في هذا الزمان ؟ .
هذا سؤال مهم جداً لا يخرج إلا من إنسان يعظم شعائر دينه محب لها محب لأفراد أمته ومجتمعاتها وللإجابة على هذا السؤال نقول : إن الواجب علينا مع تسلط السحرة في هذا الزمان الآتي :
أولاً : الواجب على الأفراد :
1ـ يجب علينا أولاً أن نقيم التوحيد الخالص لله رب العالمين بأنواعه الثلاثة الربوبية والألوهية والأسماء والصفات وذلك لا يتم إلا بدراستها وتعلمها والتعبد لله تعالى بها إذ لا غاية من معرفتها إلا للتعبد ، كما ذكرنا ذلك عند ذكر أسباب تسلط السحرة ومنها قلة العلم وكثرة الجهل .
2ـ الاعتصام بالكتاب والسنة وتحكيمهما بين الأفراد والمجتمعات والأمم؛ فإن الاعتصام بهما هو طريق النجاة كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم :” تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي “([14]). فإنه من اعتصم بهما لا يعرف الضلال لعقله طريقا .
3ـ اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والاستعانة به ليفرج كربنا وهمنا وغمنا ولا يتحقق ذلك إلا عند صدق اللجوء إليه ومراقبته وتقواه التي من خلالها ترق قلوبنا وتصفوا أرواحنا وتزكوا نفوسنا .
4ـ أما واجبنا نحو هؤلاء السحرة، أن نفضح أمرهم ونكشف حيلهم ونحقر من شأنهم ونجتنبهم اجتناباً تاماً من قبل المجتمع كله صغيره وكبيره ونسد عليهم كل باب شر يفتحونه على الناس ليرتد كيدهم إلى نحورهم وشرهم إلى نفوسهم وألا نذهب إليهم ولا نستشيرهم في أي شيء صغير أو كبير متذكرين حديث النبي صلى الله عليه وسلم :” من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة”([15]). هذا من جانب عوام الناس .
ثانياً : أما من جانب العلماء والفقهاء وأهل الحسبة :
فالواجب عليهم أن يحذروا الناس من الذهاب إليهم ويبينوا لهم أن الذهاب إليهم قد يؤول بصاحبه إلى الكفر كما قال صلى الله عليه وسلم: “من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم “([16]). فطريق الكهان والسحرة هو طريق الشيطان المؤدي إلى جهنم وهذا لا يكفي في التحذير بل عليهم أن يوضحوا للناس أن أعظم الطرق لجلب النفع ودفع الضر تكون في الاعتصام بالله وبكتابه وسنة رسوله فمن ابتلي منهم بسحر فيبينوا له أن العلاج يكمن في القرآن الكريم والأدعية المأثورة الواردة في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى في ذلك:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}(الإسراء: 82).
وقال أيضا : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}(يونس: 57).
فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أن القرآن شفاء ولم يذكر أنه دواء، لأن الدواء ربما يشفي أو لا يشفي أما القرآن فالشفاء به حتمي إذا ما قرئ بإخلاص ويقين وحسن ظن بالله تعالى واعتقاد تام أن الله هو الشافي .
فالخلاصة هنا أنه يجب على العلماء والفقهاء وأهل العلم وطلبته وأهل الحسبة جميعاً أن يتكاتفوا لمحاربة هؤلاء السحرة والتنبيه على خطرهم والتحذير من شرهم .
ثالثاً : أما واجب ولاة الأمور في هذا الجانب:
فهو واجب مهم جداً يتمثل في الأخذ على أيدي هؤلاء السحرة الأشرار ويطبق فيهم حد الله عز وجل الذي وضحناه سابقاً وهو القتل ويحاربونهم في كل مكان ليستأصلوا شأفتهم ويضيقوا عليهم الخناق في جميع أنشطتهم الضارة ويراقبوهم في جميع أعمالهم لكي تسلم الأفراد والمجتمعات من شرورهم .
رابعاً: ثم هناك واجب آخر في حق أصحاب المؤسسات والشركات والأعمال التي تقوم بإحضار العمالة من خارج البلاد:
فهؤلاء أيضاً عليهم واجب التحري فيمن يقومون بإحضاره إلى بلادنا فيجب عليهم أن لا يحضروا إلى ديارنا إلا من عرف ديانته بدين الإسلام واستقامته عليها واستعمال الدقة في ذلك ، فإنه للأسف الشديد كان لهذه العمالة القادمة من الخارج دور كبير في نشر هذه السموم رغبة في تحبيب الكفلاء لهم أو حرصاً على إيقاع الضرر بالآخرين لأي سبب من الأسباب، وكم كانت هذه العمالة سبباً في تشتيت أسر وتفريقها وحلول أمراض صعب اكتشافها في كثير من الأحيان فالعاقل الحصيف يتحرى إذا اضطر لهذه العمالة بألا يحضر إلا الموثوقين منهم في دينهم وأمانتهم واستقامتهم على هذا الدين رجالاً كانوا أو نساءً ليسلم دينه وصحته وماله .
الحادي عشر: جهود المملكة العربية السعودية في محاربتها للسحر والسحرة:
مما لا شك فيه أن بلاد الحرمين الشريفين تتميز على جميع بلاد العالم بتطبيق شرع الله عز وجل في مناحي الحياة .
ومن ذلك الموقف الصارم المنطلق من الكتاب والسنة حول السحر والسحرة ، مسترشدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم :” إقامة حد في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين ليلة”([17])، فكم قبض على سحرة ومشعوذين ولقوا جزاءهم الصارم علانية أمام الملأ ليكونوا عظة وعبرة للمؤمنين .
ولكن المهم في كبح جماح هؤلاء السحرة ورد كيدهم إلى نحورهم هو دور المواطن والمقيم بالإبلاغ عنهم وتتبعهم ومساعدة أجهزة الحسبة والأمن الذين يلاحقونهم ويتتبعون خطواتهم.
لكن الكثيرين من المواطنين لا يتعاونون في ذلك، بل منهم من يذهب إلى هؤلاء السحرة والمشعوذين ويعطيهم الأموال الطائلة ويتضرر منهم بالغ الضرر ومع ذلك لا يقوم بإبلاغ المسؤولين عنهم وإذا نوقش في ذلك قال : أخاف من ضررهم وأخشى أن يصنعوا لي شيئاً وهكذا ونسي هذا المسكين أن الله قادر على كل شيء وأن الجن والإنس لو اجتمعوا على إيقاع الضرر عليه لم يقدروا والله على ذلك ولو اجتمعوا على دفع الضر عنه وقد قدره الله عليه لم يقدروا على دفعه فالنفع والضرر بيد الله سبحانه وتعالى وأيضاً من نعم الله على هذه البلاد تضافر الجهود على ملاحقة هؤلاء المشعوذين من قبل الأجهزة العامة المتمثلة في أجهزة الأمن وكذا وزارة الشؤون الإسلامية وغيرها من المؤسسات العاملة في الأخذ برقي هذا المجتمع والعمل على حماية أفراده من شرور هؤلاء السحرة .
فهذه وزارة الشؤون الإسلامية من خلال العاملين فيها من علماء وخطباء وأئمة يتصدون لهذا المنكر العظيم والجريمة الإنسانية بكل ما يملكونه .
فالخطباء يحذرون الناس في خطب الجمعة ويوضحون ضرر السحرة وخطورة الذهاب إليهم وكذلك وزارة التربية والتعليم لها دورها الفعال في هذا الموضوع يتمثل في مناهجها الكثيرة التي تبين للطلاب خطورة السحرة وحرمة الذهاب إليهم وتوضح الطريق الشرعي لمن أصيب بشيء من الأمراض الحسية والمعنوية وترشدهم إلى كيفية العلاج الصحيح من هذه الأمراض .
وهذه أيضاً الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر مراكزها المنتشرة في كل بلد تتابع هؤلاء السحرة وتلقي القبض عليهم وتحيلهم إلى الجهات المختصة ليلقوا جزاءهم الرادع المستمد من القرآن والسنة .
ولاشك أنه لا يخفى على الجميع ما تقوم به إدارة البحوث العلمية وعلى رأسها سماحة المفتي العام وهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء فلها دورها في هذا الأمر حيث كانت ولاتزال جهودها المتواصلة لمتابعة السحر والسحرة وقمع شرهم ودفع باطلهم عن طريق الفتاوى التي تصدرها الهيئة والرسائل النافعة والكتابة للمسؤولين وجهات الاختصاص .
نسأل الله بمنه وكرمه أن يبارك في جهود الجميع وأن ينفع بها إنه سميع قريب مجيب .
الثاني عشر : في بيان التحصينات الشرعية من السحر :
شرع الله لعباده المؤمنين أموراً يتحصنون بها من هؤلاء السحرة والمشعوذين سنذكر طرفاً من ذلك :
1ـ تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى:
وذلك بأقسامه الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فتوحيد الربوبية المراد به: العلم والإقرار بأن الله رب كل شيء ومليكه والمدبر لأمور الخلق جميعهم([18]).
فهذا الكون بسمائه وأرضه وأفلاكه ودوابه، وشجره، ومدره، وبره وبحره، وملائكته وجنه وإنسه خاضع لله مطيع لأمره الكوني كما قال تعالى:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}(آل عمران: 83)، فإذا حقق العبد هذا التوحيد عرف أن كل شيء بأمر الله فلا يقع أمر ولا يحل خير ولا يرفع شر إلا بأمره سبحانه وتعالى وهذا يجعل العبد يدعوه في كل نائبة قال الله تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}( يونس: 107).
وتوحيد الألوهية المراد به: إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ويتعلق بأعمال العبد وأقواله الظاهرة والباطنة([19]).
وهذا النوع من التوحيد هو أول دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}(النحل:36).
فلا يكون العبد موحداً حتى يشهد ألا إله إلا الله وحده ويقر أنه وحده الإله المستحق للعبادة .
وهذا النوع من التوحيد يقتضي بأنه على العبد أن يجعل دعاءه ونذره وذبحه ورجاءه وخوفه وتوكله وغيرها من العبادات إلى الله وحده لا شريك له .
فصرف أي شيء من ذلك أو غيره فيما يتعلق بأفعال العباد على وجه التقرب لغير الله يكون شركا كمن يذبح للجن وينذر لهم، وكمن يجعل اعتماده على الساحر والكاهن.
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات والمراد به أن يوصف الرب تبارك وتعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. قال الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(الشورى: 11).
وحقيقة التعبد لله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يعرف العبد أن لله سبحانه وتعالى أسماء وصفات تليق بجلاله وعظمته فإذا عرف ذلك فإن الواجب عليه أن يؤمن بما تدل عليه هذه الأسماء والصفات على الوجه الصحيح من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تمثيل ولا تشبيه فمتى عرف العبد ذلك فإن ذلك يعرفه بربه فيخضع له ويخشع ويخافه ويرجوه ويتضرع إليه في دفع الكربات والشرور ويدعوه ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته كما قال سبحانه وتعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(الأعراف: 180).
فمتى حقق العبد أنواع التوحيد الثلاثة بإخلاص وتعبد لله سبحانه وتعالى كان ذلك له أثر كبير في دفع الشرور وجلب الخير بإذن الله .
2ـ الإخلاص :
فتحقيق الإخلاص هو سبيل الخلاص من الشيطان باعترافه هو حيث يقول الله تعالى على لسانه:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}(الحجر: 39، 40).
والمخلص: هو الذي يبتغي بعمله وجه الله فقط ولا ينتظر محمدة الناس له على ما يفعل بل هو يخفي جميع أعماله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .
3ـ التزام الجماعة:
فالتزام الجماعة يرضي الرحمن ويطرد الشيطان فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد”([20]).
فإن أردت أن تسافر سفراً طويلاً فاصطحب معك غيرك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب “([21]).
ومن التحصينات الشرعية من السحر:
4ـ المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجر:
قال الله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ}(البقرة: 238).
فالتهاون عن الصلاة في جماعة يسهل غواية الشيطان لابن آدم لأنه بذلك يكون قد اتبع طريق الشيطان وترك طريق الرحمن فالشيطان يزين للإنسان ترك الطاعات ويجعله يتساهل فيها ولا يحافظ عليها ومن أعظمها وأشرفها الصلوات الخمس فمتى استطاع هذا العدو اللدود أن يجعل العبد تاركاً لها أو متساهلاً فيها فلا يؤديها في أوقاتها مع جماعة المسلمين فقد نال الحظ الأوفر منه، فالمحافظة على الصلوات الخمس حماية عظيمة للإنسان من أن يهم به الشيطان.
قال صلى الله عليه وسلم :” مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِى قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَة “([22]).
5ـ الاعتصام بالكتاب والسنة:
فإن من أعظم سبل الحماية من الشيطان الالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً. وذلك لأن الكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم، والشيطان يعمل جاهداً ليل نهار لكي يخرج العبد عن هذا الصراط المستقيم . فقد روى أحمد والنسائي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات مرة مع أصحابه وخط خطاً بيده ثم قال: “هذا سبيل الله مستقيما” وخط عن يمينه وشماله ثم قال : هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام: 153) ([23]).
فمتى التزم العبد بكتاب الله وسنة رسوله علماً وعمــــلاً فإن الشيطان لا يستطيع أن يغويه أو يضره في شيء .
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ في تلبيس إبليس بعد أن ساق الإسناد إلى الأعمش قال يعني الأعمش : ” حدثنا رجل كان يكلم الجن قال: ليس علينا أشد ممن يتبع السنة، وأما أصحاب الأهواء فإنا نلعب بهم لعبا “([24]).
6ـ تقوى الله تعالى :
فلتقوى الله تعالى ومراقبته في كل كبيرة وصغيرة واستشعار معية الرب سبحانه وتعالى أثر كبير في تفريج الكربات ودفع الشرور ورفعها عن العبد، فالعبد كلما اتقى الله تعالى وراقبه في السر والعلن رفع الله عنه البلاء والشرور بإذنه سبحانه وتعالى .
قال الله تعالى:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً}(الطلاق: 2).
وقال أيضاً:{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}(فصلت: 18).
7ـ التوبة النصوح والتخلص من الإثم :
يقول الله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى” 30)، فإن كثيراً من الشرور التي تقع إنما تكون بسبب الذنوب والمعاصي وبسبب ظلم العبد .
فمتى تاب العبد إلى الله وأناب إليه وتخلص من الإثم فإن ذلك إن شاء الله سيكون سبباً في استبدال همه فرجا وبلائه عافية. قال الله تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(النور:31).
8ـ بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس:
إن من أعظم الوسائل والسبل التي يتقى بها الشر من سحر وغيره بذل الصدقات للفقراء والمحتاجين ، فإن في بذلها دفعاً لكثير من الشرور أو تخفيفها ، ولكن على المسلم أن يخلص البذل لله فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك :” إن صدقة السر لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء”([25])، وأيضاً “باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها وتصد سبعين باباً من السوء”([26])، ولذا كانت الصدقة نوعاً مما يتداوى به قال صلى الله عليه وسلم :” داووا مرضاكم بالصدقة”([27]).
9ـ الرقى الشرعية:
ذكرنا فيما سلف في طريق إبطال السحر أن الرقية الشرعية سبب من أسباب الشفاء بإذن الله تعالى. فماهي الرقية الشرعية؟ وماهي شروطها؟ وما كيفيتها؟ مع ذكر بعض ما يقرأ على المريض.
وللإجابة على هذا السؤال نقول وبالله التوفيق :
الرقية الشرعية: هي التي تكون بآيات من كتاب الله سبحانه وتعالى أو بأدعية مأثورة من السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والرقية الشرعية مأمور بها من النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ” أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسترقي من العين “([28]).
وعنها أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها فقال: ” عالجيها بكتاب الله “([29]).
فالحاصل أن الرقية الشرعية متى احتاج العبد إليها جاز له ذلك. قال ابن حجر رحمه الله : “أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط ” .
شروط الرقية الشرعية :
1ـ أهم هذه الشروط أن تكون خالية من الشرك فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال : ” كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى ذلك فقال :” اعرضوا علي رقاكم ، لابأس بالرقى مالم يكن فيها شرك “([30]).
2ـ أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
قلت: أو بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة الصحيحة .
3ـ أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره .
4ـ أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها ، بل بذات الله .
ومن الأمور المتحسنة للراقي عند رقيته للمريض:
أن يكون على استعداد نفسي، وقوة إرادة، وشخصية، وأن يكون متوضئاً، ويضع يده على رأس المريض .
وسنذكر هنا جملة من الرقى التي يقرأها الراقي على المصاب:
1ـ قراءة الفاتحة .
2ـ قراءة بعض هذه الآيات من سورة البقرة .
{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}( البقرة: 1-4).
{اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(البقرة: 255).
{لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: 284-286).
3ـ من سورة آل عمران :
{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(آل عمران: 18).
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}(آل عمران: 26، 27).
4ـ من سورة الأعراف :
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ * وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(الأعراف: 54-57).
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ}(الأعراف: 117-119).
5ـ من سورة يونس :
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(يونس: 79-82).
6ـ من سورة الإسراء :
{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً * نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً * وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً}(الإسراء: 45-51).
7ـ من سورة طه :
{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}(طه: 65-69).
8ـ من سورة المؤمنون :
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}(المؤمنون: 116-118).
9ـ من سورة الصافات:
{وَالصَّافَّاتِ صَفّاً * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلأ الأعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ * فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لازِبٍ * بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ * وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ}(الصافات: 1-18).
10 ـ من سورة الرحمن :
{فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ} (الرحمن: 21-35).
11ـ من سورة الحشر :
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(الحشر: 21-24).
12ـ من سورة الملك :
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ}(الملك: 1-4).
13ـ من سورة القلم :
{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}(القلم: 51، 52).
14ـ من سورة الجن :
{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً}(الجن: 3).
15ـ سورة الكافرون.
16ـ سورة الإخلاص.
17ـ المعوذتين.
أما من السنة فقراءة الآتي:
1ـ ” اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاءك شفاءً لا يغادر سقما ، أنزل رحمة من رحمتك وشفاءً من شفائك على هذا الوجع ” .
2ـ ” بسم الله آمنت بالله العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ” .
3ـ ” حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ” .
4ـ ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولافي السماء وهو السميع العليم ” .
5ـ ” أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ” .
6ـ ” أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير ” .
7ـ ” أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ” .
8ـ ” أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ” .
فهذه جملة من الآيات والآثار المروية التي يمكن للراقي أن يستخدمها عند رقيته .
ومن التحصينات الشرعية التي يتحصن بها الإنسان من السحر :
10 ـ تطهير البيت من التصاوير والتماثيل :
فالبيت الذي فيه التصاوير والتماثيل لا تدخله الملائكة وبالتالي تعشعش فيه الشياطين . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخل الملائكة بيتاً فيه تماثيل وتصاوير”([31]).
11ـ قراءة بعض السور والآيات الطاردة للشياطين ومنها :
1ـ سورة البقرة .
2ـ قراءة آية الكرسي .
3ـ قراءة آخر الآيات من سورة البقرة .
4ـ قراءة المعوذتين والإخلاص .
5ـ التسمية على كل شيء .
6ـ الاستعاذة عند وساوس الشيطان .
12ـ ومن أعظم التحصينات وأنفعها :
المحافظة على أذكار الصباح والمساء، فإنها نافعة جداً لمن أراد أن يحصن نفسه من شياطين الإنس والجن .
فهرس الموضوعات
الموضوع | الصفحة |
مقدمة | |
تعريف السحر: في اللغة والاصطلاح | |
بعض الشركيات والكفريات عند السحرة والمشعوذين | |
أدلة وقوع السحر : من الكتاب | |
أدلة وقوع السحر : من السنة | |
حكم من قام بالسحر في شريعتنا | |
مسألة في ساحر أهل الكتاب | |
أقسام السحر | |
سؤال حول حكم مشاهدة ألعاب السيرك المتضمنة على ألعاب السحرة والمشعوذين | |
العلامات التي يعرف بها الساحر | |
حكم حل السحر بسحر مثله | |
كيفية إبطال السحر | |
ضرر السحر على الفرد والمجتمع | |
أولاً : خطر السحر على الفرد | |
ثانياً : ضرر السحر في حياة المجتمع | |
تسلط السحرة في هذا الزمان : الأسباب والعلاج | |
ما الواجب علينا تجاه تسلط السحرة في هذا الزمان ؟ | |
أولاً : الواجب على الأفراد | |
ثانياً : الواجب على العلماء والفقهاء وأهل الحسبة | |
ثالثاً : واجب ولاة الأمر | |
رابعاً : الواجب على أصحاب المؤسسات والشركات | |
جهود المملكة العربية السعودية في محاربة السحر والسحرة | |
التحصينات الشرعية من السحر: | |
1ـ تحقيق التوحيد | |
2ـ الإخلاص | |
3ـ التزام الجماعة | |
4ـ المحافظة على الصلوات الخمس | |
5ـ الاعتصام بالكتاب والسنة | |
6ـ تقوى الله | |
7ـ التوبة النصوح | |
8ـ بذل الصدقات | |
9ـ الرقى الشرعية | |
شروط الرقية الشرعية | |
بعض الآيات والسور التي يرقى بها المصاب | |
بعض الأحاديث التي يرقى بها المصاب | |
10ـ تطهير البيت من التصاوير والتماثيل | |
11ـ قراءة بعض السور والآيات الطاردة للشياطين | |
12ـ المحافظة على أذكار الصباح والمساء | |
فهرس الموضوعات: |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1] ) رواه البخاري ( 4/49 ) كتاب الطب باب السحر وفتح الباري (11/235) .
([3] ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (2/305) برقم ( 3002).
([4] ) انظر كتاب الصارم البتار ص51.
([5] ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني ( 1/150) برقم ( 523 ).
([6] ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ( 1/105) برقم (523).
([7] ) رواه مسلم ( 2/1751) ح (2230).
([8] ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/733) وفي المشكاة برقم (4553) في كتاب الطب باب ما جاء في النشرة من حديث جابر رضي الله عنه.
([9] ) انظر القول المفيد في كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( 2/72 ).
([10] ) صحيح البخاري ( 10/199 ).
([11] ) الطب النبوي لابن القيم (ص 267 ).
([12] ) الطب النبوي لابن القيم ( 267 ).
([13] ) انظر في ذلك كتاب الجن والشياطين مع الناس لمؤلفه عبدالوهاب عثمان ( ص154 ).
([14] ) رواه أبوداود – كتاب المناسك باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه الطويل رقم ( 1905 ).
([16] ) الترغيب والترهيب ( 3/246 ) قال المنذري هكذا رواه النسائي مرفوعاً وموقوفاً.
([18] ) حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ( ص11 ).
([19] ) حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ( ص11 ).
([20] ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه ( 4/465ح2165).
([21] ) رواه أبوداود والترمذي بسند حسن ، أبوداود (3/36 ) الترمذي ( 3/110).
([22] ) رواه أبوداود بسند حسن ( 1/150).
([23] ) رواه أحمد والحاكم والنسائي وقال الحاكم صحيح الإسناد ( 2/318).
([25] ) مجمع الزوائد ( 3/115).
([26] ) مجمع الزوائد ( 3/110 ).
([27] ) صحيح الجامع ( 3/140برقم3353).
([28] ) متفق عليه – انظر اللؤلؤ والمرجان كتاب السلام برقم ( 1418).
([29] ) رواه ابن حبان – موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان – كتاب الطب باب الرقى ( 1419 ).