111 – كيف يصلي المسلم؟

الخميس 20 رجب 1445هـ 1-2-2024م

 

111 –  كيف يصلي المسلم؟ pdf

 

 

كيف يصلي المسلم؟

صفة صلاة النبي

صلى الله عليه وسلم

في ضوء الكتاب والسنة

 

تأليف

أ.د عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

عضو الإفتاء بالقصيم

والأستاذ بكلية التربية بالزلفي جامعة المجمعة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكَمْ رَقِيبًا}[النساء: 11].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً}[الأحزاب: 70 -71]. أما بعد:

فإن الصلاة تعدُّ من أهم العبادات التي يجب على كل مسلم أن يفقه أحكامها درساً وتطبيقاً لعظم قدرها، وسمو مكانتها في الإسلام؛ فإذا كان الإيمان قولاً باللسان واعتقاداً بالجنان، فالصلاة عمل بالأركان وطاعة للرحمن.

ولقد اعتنى القرآن الكريم بالصلاة عناية كبيرة، فجاءت الآيات تأمر بإقامتها، والمحافظة عليها، قال الله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[النور: 56]،وقال تعالى:{أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ.}[الإسراء:78] وقال تعالى:{وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ..}[هود: 114].

وقد وصف القرآن الكريم أهل الإيمان بأنهم يقيمون الصلاة، وتوعد الساهين عنها، فقال:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون:4]، والمضيعين لها فقال:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}[مريم:59].

والصلاة عبادة يجب أن تؤدى على وجهها المشروع، ولا يتم

ذلك إلا بأن يتعلم المصلي كل ما يتعلق بأحكامها حتى يؤديها على الوجه الصحيح، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)([1]).

وإني لما انتهيت من كتابة رسالة (كيف تؤدي زكاة أموالك؟)، ورسالة (كيف يحج المسلم ويعتمر؟). قد أشار عليَّ بعض الزملاء أن أُتبع ذلك بكيف يصلي المسلم ويصوم لتعم الفائدة، ونكون بذلك قد انتهينا من بيان أركان الإسلام الخمسة، لا سيما أنني قد انتهيت من الشهادتين وما يتعلق بهما من أحكام، وهو مطبوع ولله الحمد. واللهَ أسأل أن يتقبَّل مني وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه إنه سميع قريب مجيب.

                                                                                         وكتب

                                                                  أ. د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

  

أولاً: أهمية الصلاة ومكانتها

من أعظم ما امتن الله تعالى به علينا هو نعمة ديننا الحنيف أعني (الإسلام)، فهو سرّ سعادة النفس وراحة البال، وبالالتزام بتعاليمه السمحة يطمئنّ القلب وتشحذ الهمم.

ويقوم الإسلام على خمسة أركان من أهمّها (إقامة الصلاة)، إذ هي عمود هذا الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين، كيف لا وهي صلة للعبد بربّه، والحبل الأساسي لمناجاة الخالق وذكره وعبادته وشكره! وهي الركن الثاني بعد الشهادتين، بها يفرق بين المسلم والكافر، فهي مظهر للإسلام، وعلامة للإيمان، وقرة العين وراحة الضمير، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجُعِلَ قرَّةُ عيِني في الصلاة)([2]).

إنّ الصلاة قد تحول بين العبد والكفر لما لها من أهمية بالغة ومكانة عظيمة، ففي أركانها يقر المسلم بكامل خضوعه وطواعيته لربه، حيث إنه يقف بين يدي خالقه كل يوم خمس مرات يخضع فيهن بقلبه وجوارحه لأمر الله، فيقرأ القرآن الكريم مبتدئاً بفاتحة ذلك الكتاب العظيم في كل ركعة من صلاته، مقراً بأنه يتوجّه إلى الله بالعبادة والاستعانة، سائلاً المولى الهداية والسداد، ثم يذكر الله ويدعوه بما شاء فهو قريب منه سبحانه وتعالى والله لا يردّ من رجاه.

وبلغت أهميّة الصلاة إلى أن جُعلت أول الأمور التي يحاسب عليها المرء يوم القيامة، فلنتخيل ذلك المشهد العظيم الذي يصوّر لنا مكانة الصلاة التي كانت آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، فقد فرضها الله عزّ وجلّ ليلة أسري به عليه الصلاة والسلام فوق سبع سماوات، كما أوصانا عليه الصلاة والسلام بحث الطفل على الصلاة منذ نعومة أظفاره حتى يكبر ويكبر معه الالتزام بهذه الخصلة الحميدة والركن العظيم، فهو فرض على كل مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ ذكراً كان أم أنثى، ولا يجوز تركها في أي حال من الأحوال دون عذر شرعي.

إنّ من أهم ثمار الصلاة أنها تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر إذا أقيمت على الوجه الأمثل وليس إقامة جسدية فحسب، فهي من أهم أسباب دخول الجنة إذ يكفر الله للعبد ذنوبه بين الصلاة والأخرى ويغسل خطاياه عند الوضوء لها.

وممّا يدل على أهمية الصلاة ومكانتها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}[سورة البقرة: 153]، فكيف لنا بركن يكون لنا عوناً مطلقاً في شتّى شؤون حياتنا!، لذا فإنّ علينا أن نحافظ عليها ونتمسك بها لتكون لنا _ بإذن الله _ نورً في الدنيا والآخرة، وهكذا فإنه لا عجب من حرص الصحابة _ رضوان الله عليهم _ على إقامة الصلاة حتى في أوقات الحرب والخوف والمرض، ومن أحوج منا في أيامنا هذه للقرب من الله والحرص على الصلاة وتتبع سبل رضاه عزّ وجلّ.

 

ثانياً: منزلة الصلاة في الإسلام

للصلاة منزلة كبيرة في الإسلام، لا تصل إليها أية عبادة أخرى، وتتجلى منزلتها في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويتضح ذلك فيما يأتي:

1- الصلاة عمود الدين وركنه القويم:

فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصلاة وذروة سَنَامِهِ الجِهَادُ)([3]).

2- الصلاة هي الحد الفاصل بين الإسلام والكفر:

فعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ)([4]).

3- جعل الله الصلاة فرقانا بين الإيمان والشرك والكفر:

فعن جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ، وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ)([5]).

4-أن تارك الصلاة بالكلية غير معصوم الدم:

فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)([6]).

5-الصلاة مفتاح من مفاتيح المغفرة:

فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ)([7]).

6-الصلاة أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة:

قال الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدَّثر:42].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ)([8]).

7-الصلاة سبب من أسباب دخول الجنة:

فعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:(من صلى البُردين دخل الجنة)([9])

8-الصلاة سبب من أسباب النجاة من النار:

فعن عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)([10])([11])

 

ثالثاً: حكم الصلاة في الإسلام

الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ)([12]). يعني الإسلام.

وقد دلَّ على فرضيتها الكتاب والسنة وإجماع المسلمين:

فمن الكتاب:

قول الله عز وجل:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}[النساء :103]، معنى: {كتاباً}أي مكتوباً، أي مفروضاً.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن:(فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ)([13]).

وأجمع المسلمون على فرضيتها.

ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن الإنسان إذا جحد فرض الصلوات الخمس، أو فرض واحدة منها فهو كافر مرتد عن الإسلام يباح دمه وماله إلا أن يتوب إلى الله عز وجل، ما لم يكن حديث عهد بالإسلام لا يعرف من شعائر الإسلام شيئاً فإنه يُعذر بجهله في هذه الحال، ثم يُعرَّف فإن أصرَّ بعد علمه بوجوبها على إنكار فرضيتها فهو كافر.

وتجب الصلاة على كل مسلم، بالغ، عاقل، من ذكر أو أنثى.

أما الصبي الذي لم يبلغ الحُلُم فهو غير مكلَّف شرعاً بأي تكليف، ومع ذلك فإنه فيما يتعلق بالصلاة قد طُلب من وليِّ أمره أن يأمره بأداء الصلاة، ولا شيء على وليِّ أمره أكثر من الأمر حتى يبلغ الصبي عشر سنين، فحينئذ يُطلب من وليِّ الأمر أن يضرب صبيه إن هو لم يمتثل للأمر ولم يصلِّ، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)([14]).

وهذا الضرب إنما هو لتعويد الصبي على الصلاة وتمرينه عليها وليس ذلك تكليفاً له بها، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ)([15])

وأما الحيض أو النفاس فهو مانع من وجوب الصلاة، فإذا وجد الحيض أو النفاس فإن الصلاة لا تجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟)([16]).

أما تارك الصلاة فهو إما أن يتركها إنْكَاراً لوجوبها وجحوداً لها، أو أن يتركها كسلاً وتهاوناً. فأَما من تركها جحوداً وإنكاراً فهو كافر مرتد عن دين الله سبحانه كما سبق بيانه، ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل. وأما من تركها كسلاً وتهاوناً فقد اختلف في حكمه أهل العلم:

فذهب جمهور أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة تكاسلاً وتهاوناً مع إقراره بوجوبها وفرضيتها لا يكفر لكنه فاسق عاصٍ يُعاقَب على فعله تعزيراً بعقوبة زاجرة يراها الحاكم أو من ينيبه.

وذهب الإمام أحمد ([17]) إلى تكفير تارك الصلاة كسلاً إذا تركها دائمًا، وهذا هو الذي رجحه سماحة شيخنا عبد العزيز بن بـاز([18])، وكذا شيخنا محمد بن صالح العثيمين([19])، وهذا هو القول الصحيح التي تقتضيه نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف رضوان الله عليهم، وعليه الفتوى في بلادنا.

لكن لا بد أن ننبه على أمر وهو أن التكفير هنا يكون لمن تركها كلّيةً أي لا يصلي أبدًا، أما من ترك فرضًا أو فرضين فإنه لا يكفر لكونه لا يصدق عليه ترك الصلاة.

 

رابعاً: على من تجب؟

تجب على المسلم البالغ العاقل، غيرَ الحائض والنفساء، ويؤمر بها الصبي إذا بلغ سبع سنين، ويُضرب عليها لعشر، لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة)، فذكر منها: (وعن الصَّبيِّ حتى يحتلم)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع)([20]).

 

خامساً: شروط الصلاة

شروطها تسعة:

1-الإسلام: فلا تصح من كافر، لبطلان عمله.

2-العقل: فلا تصح من مجنون، لعدم تكليفه.

3-البلوغ: فلا تجب على الصبي حتى يبلغ، ولكن يؤمر بها لسبع، ويُضرب عليها لعشر، لحديث: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع…) الحديث.

4-الطهارة من الحَدَثين (الأكبر والأصغر) مع القدرة: لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) ([21]).

5-دخول الوقت للصلاة المؤقتة: لقوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: 103].

6-ستر العورة مع القدرة بشيء لا يصف البشرة: لقوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]. وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) ([22]). وعورة الرجل البالغ ما بين السرة والركبة لقوله صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: (إذا صليت في ثوب واحد، فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به) ([23]). والمرأة كلها عورة إلا وجهها، إلا إذا صلَّت أمام الأجانب -أي غير المحارم-فإنها تغطي كل شيء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (المرأة عورة)([24])، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)([25]).

7-اجتناب النجاسة في بدنه وثوبه وبقعته -أي مكان صلاته- مع القدرة، لقوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4]. وقوله صلى الله عليه وسلم: (تَنَزَّهوا عن البول، فإن عامة عذاب القبر منه)([26])، ولقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب: (تحتُّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه)([27])، لقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقد بال الأعرابي في المسجد: (أريقوا على بوله سجلاً من ماء) ([28]).

8-استقبال القبلة مع القدرة: لقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: 144]، ولحديث: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة) ([29]).

9-النية: ولا تسقط بحال، لحديث عمر رضي الله عنه: (إنما الأعمال بالنيات). ومحلها القلب، وحقيقتها العزم على الشيء. ولا يشرع التلفظ بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتلفظ بها، ولم يَرِدْ أن أحداً من أصحابه فعل ذلك.

 

سادساً: أركان الصلاة

الأركان: هي ما تتكون منها العبادات، ولا تصح العبادة إلا بها.

والفرق بينها وبين الشروط: أن الشرط يتقدم على العبادة، ويستمر معها، وأما الأركان: فهي التي تشتمل عليها العبادة من أقوال وأفعال.

وأركانها أربعة عشر ركناً، لا تسقط عمداً، ولا سهواً، ولا جهلاً. وبيانها كما يلي:

1-القيام: في الفرض على القادر منتصباً، لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: 238]، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنه: (صَل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)([30])، فإن ترك القيام في الفريضة لعذر، كمرض وخوف وغير ذلك، فإنه يُعذر بذلك، ويصلي حسْبَ حاله قاعداً أو على جنب.

أما صلاة النافلة: فإن القيام فيها سنة وليس ركناً، لكن صلاة القائم فيها أفضل من صلاة القاعد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)([31]).

2-تكبيرة الإحرام في أولها: وهي قول (الله أكبر) لا يُجْزئه غيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء الصلاة: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر)([32])، وقوله صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) ([33])، فلا تنعقد الصلاة بدون التكبير.

3-قراءة الفاتحة مرتبة في كل ركعة: لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)([34]). ويستثنى من ذلك المسبوق: إذا أدرك الإمام راكعاً، أو أدرك من قيامه ما لم يتمكن معه من قراءة الفاتحة، وكذا المأموم في الجهرية، يُستثنى من قراءتها، لكن لو قرأها في سكتات الإمام فإن ذلك أولى، أخذاً بالأحوط.

4-الركوع في كل ركعة: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: 77]. ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء الصلاة: (ثم اركع حتى تطمئن راكعاً) ([35]).

5، 6-الرفع من الركوع والاعتدال منه قائماً: لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء: (واركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً).

7-السجود: لقوله تعالى:{وَاسْجُدُوا}[الحج:77] ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء: (ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً). ويكون السجود في كل ركعة مرتين على الأعضاء السبعة المذكورة في حديث ابن عباس. وفيه: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة – وأشار بيده إلى أنفه – واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين)([36]).

8، 9-الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين: لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء: (ثم ارفع حتى تطمئن جالساً).

10-الطمأنينة في جميع الأركان: وهي السكون، وتكون بقدر القول الواجب في كل ركن، لأمره صلى الله عليه وسلم المسيء بها في صلاته في جميع الأركان، ولأمره له بإعادة الصلاة لتركه الطمأنينة فيها.

11-التشهد الأخير: لقول ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله)([37]).

12-الجلوس للتشهد الأخير: لأنه صلى الله عليه وسلم فعله، وداوم عليه، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ([38]).

13-التسليم: لقوله صلى الله عليه وسلم : (وتحليلها التسليم)([39])، فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.

14-ترتيب الأركان على ما تقدَّم بيانه: لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرتبة، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وعَلَّمَهَا المسيء في صلاته بقوله: (ثم) التي تدل على الترتيب.

 

سابعاً: واجبات الصلاة

واجبات الصلاة:

هي ما تبطل الصلاة بتركها عمداً، وتسقط سهواً وجهلاً، ويجب للسهو عنها سجود السهو.

فالفرق بينها وبين الأركان:

أن من نسي ركناً لم تصح صلاته إلا بالإتيان به، أمَّا من نسي واجباً أجزأ عنه سجود السهو، فالأركان أوكد من الواجبات.

وبيانها على النحو الآتي:

1-جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وهو ما يسمى بتكبير الانتقال. لقول ابن مسعود رضي الله عنه: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود” ([40])، فقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليه إلى أن مات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

2-قول: “سمع الله لمن حمده” للإمام والمنفرد: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر حين يقوم إلى الصلاة، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد” ([41]).

3-قول: “ربنا ولك الحمد” للمأموم فقط، أما الإمام والمنفرد فيسن لهما الجمع بينهما، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم، ولحديث أبي موسى رضي الله عنه وفيه: “وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد”([42]).

4-وقول: “سبحان ربي العظيم” مرة في الركوع.

5-قول: “سبحان ربي الأعلى” مرة في السجود. لقول حذيفة رضي الله عنه في حديثه: “كان – يعني النبي صلى الله عليه وسلم – يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم). وفي سجوده: (سبحان ربي الأعلى)([43]). وتسنُّ الزيادة في التسبيح في السجود والركوع إلى ثلاث.

6- قول: “ربِّ اغفر لي” بين السجدتين: لحديث حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: (رب اغفر لي. رب اغفر لي) ([44]).

7-التشهد الأول على غير من قام إمامه سهواً، فإنه لا يجب عليه لوجوب متابعته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نسي التشهد الأول لم يَعُدْ إليه، وجبره بسجود السهو([45]). والتشهد الأول هو(التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).

8-الجلوس له: -أي التشهد الأول – لحديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله) ([46]).

 

ثامنا: سنن الصلاة

وهي نوعان: سنن أفعال وسنن أقوال.

أما سنن الأفعال: فهي:

رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، ووضع اليمين على الشمال وجعلهما على صدره حال قيامه، ونظره في موضع سجوده، وتفرقته بين قدميه قائماً، وقبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه، ومد ظهره فيه، وجعل رأسه حياله.

وأما سنن الأقوال: فهي كثيرة منها: دعاء الاستفتاح، والبسملة، والتعوذ، وقول: آمين، والزيادة على قراءة الفاتحة، والزيادة على تسبيح الركوع والسجود، والدعاء بعد التشهد قبل السلام.

وسيأتي بيان ذلك مفصلاً في صفة الصلاة.

 

تاسعاً: مبطلات الصلاة

1-يبطل الصلاة ما يبطل الطهارة، لأن الطهارة شرط لصحتها، فإذا بطلت الطهارة بطلت الصلاة.

2-الضحك بصوت: وهو القهقهة، فإنه يبطلها بالإجماع، لأنه كالكلام، بل أشد، ولما في ذلك من الاستخفاف والتلاعب المنافي لمقصود الصلاة. أما التبسم بلا قهقهة فإنه لا يبطلها، كما نقله ابن المنذر وغيره.

3-الكلام عمداً لغير مصلحة الصلاة: فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: “كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام”([47]). فإن تكلم جاهلاً أو ناسياً، لا تبطل صلاته.

4-كشف العورة عمداً: لما تقدم في الشروط.

5-استدبار القبلة: لأن استقبالها شرط لصحة الصلاة.

6-اتصال النجاسة بالمصلي، مع العلم بها، وتذكرها إذا لم يُزلها في الحال.

7-ترك ركن من أركانها أو شرط من شروطها عمداً بدون عذر.

8-العمل الكثير من غير جنسها لغير ضرورة، كالأكل والشرب عمداً.

9-الاستناد لغير عذر، لأن القيام شرط لصحتها.

10-تعمُّد زيادة ركن فعلي كالزيادة في الركوع والسجود، لأنه يخل بهيئتها، فتبطل إجماعاً.

11-تعمُّد تقديم بعض الأركان على بعض، لأن ترتيبها ركن، كما تقدم.

12-تعمُّد السلام قبل إتمامها.

13-فسخ النية بالتردد بالفسخ، وبالعزم عليه، لأن استدامة النية شرط.

 

عاشراً: مكروهات الصلاة

مكروهات الصلاة:

هي ما يثاب تاركها امتثالاً، ولا يعاقب فاعلها، ويجوز عند الحاجة وإن لم يضطر إليه،

أما المحرم فلا يجوز إلا عند الضرورة.

ومن هذه المكروهات:

1-الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأوليين.

2-تكرار الفاتحة: لكن إن كررها لحاجة، كأن يكون فاته الخشوع وحضور القلب عند قراءتها، فأراد تكرارها ليحضر قلبه، فلا بأس بذلك، لكن بشرط ألا يَجُرَّهُ ذلك إلى الوسواس.

3-يكره الالتفات اليسير في الصلاة بلا حاجة: لقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الالتفات في الصلاة: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) ([48]).

أما إذا كان الالتفات لحاجة فلا بأس به، كمن خافت على صبيّها الضياع، فصارت تلتفت في الصلاة، ملاحِظة له. هذا كله في الالتفات اليسير، أما إذا التفت الشخص بكليته أو استدبر القبلة، فإنه تبطل صلاته، إذا كان ذلك بغير عذر من شدة خوف ونحوه.

4-تغميض العينين في الصلاة: لأن ذلك يشبه فعل المجوس عند عبادتهم النيران. وقيل: يشبه فعل اليهود أيضاً، وقد نُهينا عن التشبه بالكفار.

5-افتراش الذراعين في السجود: لقوله صلى الله عليه وسلم: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)([49]). فينبغي للمصلي أن يجافي بين ذراعيه، ويرفعهما عن الأرض، ولا يتشبه بالحيوان.

6-كثرة العبث في الصلاة: لما فيه من انشغال القلب المنافي للخشوع المطلوب في الصلاة.

7-التَخَصُّرُ: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: “نُهي أن يصلي الرجل مختصراً” ([50]). والتخصُّر والاختصار في الصلاة: وَضْعُ الرجل يده على الخَصْرِ والخاصِرَة، وهي وسط الإنسان المُستَدقّ فوق الوركين. وقد عللت عائشة رضي الله تعالى عنها الكراهة: بأن اليهود تفعله.

8-السَّدْلُ وتغطية الفم في الصلاة: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه”([51]).

والسدل: أن يطرح المصلي الثوب على كتفيه، ولا يردَّ طرفيه على الكتفين. وقيل: إرسال الثوب حتى يصيب الأرض، فيكون بمعنى الإسبال.

9-مسابقة الإمام: لقوله صلى الله عليه وسلم: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار) ([52]).

10-تشبيك الأصابع: لنهيه صلى الله عليه وسلم من توضأ وأتى المسجد يريد الصلاة عن فعل ذلك ([53])، فكراهته في الصلاة من باب أولى. والتشبيك بين الأصابع: إدخال بعضها في بعض. وأما التشبيك خارج الصلاة فلا كراهة فيه، ولو كان في المسجد، لِفِعْله صلى الله عليه وسلم إياه في قصة ذي اليدين.

11-كَفُّ الشعر والثوب: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:”أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يكفَّ ثوبه ولا شعره”([54]). والكفّ: قد يكون بمعنى الجمع، أي: لا يجمعهما ويضمهما، وقد يكون بمعنى المنع، أي: لا يمنعهما من الاسترسال حال السجود. وكله من العبث المنافي للخشوع في الصلاة.

12-الصلاة بحضرة الطعام، أو وهو يدافع الأخبثين: لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)([55]).

13-رفع البصر إلى السماء: لقوله صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لتخطفن أبصارهم)([56]).

  

صفة الصلاة الواردة

عن النبي صلى الله عليه وسلم

 

  • لما كانت الصلاة من أجلِّ العبادات التي أمر الله بها عباده المؤمنين كان لزاماً على كل مسلم أن يؤديها على وجهها المشروع، لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)([57])، ولقد أمَّ الأمين جبريل – عليه السلام – النبي صلى الله عليه وسلم عند باب الكعبة معلماً إياه كيفية الصلاة وأوقاتها، وقد تعلَّمها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وتناقلها المسلمون من بعدهم جيلاً من بعد جيل حتى زمننا الحاضر.
  • والصلاة عبادة يشترط لها الإخلاص لله سبحانه وتعالى واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن لم يخلص لله فقد أشرك ولا تصح عبادته لقول الله تعالى:{ومَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: 5]، وقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[ الزمر:65]، ومن لم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فعبادته مردودة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)([58]).
  • والصلاة قيام فيه قراءة، وركوع فيه تسبيح، واعتدال منه فيه حمد، وسجدتان بينهما جلسة فيهما تسبيح، وكل هذا يسمى ركعة، والصلاة تتكون من ركعات، والصلوات المفروضة خمس: الصبح فرضه ركعتان في الحضر والسفر، والظهر والعصر والعشاء فرض كل صلاة أربع ركعات في الحضر، وركعتان في السفر، والمغرب فرضه ثلاث ركعات في الحضر والسفر.
  • والصلاة يؤديها المسلم منفرداً أو في جماعة في وقتها الذي شرعه الله لقوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة:238]، فإذا صلى في جماعة فما أحسن أن يتوضأ المسلم في بيته ويسبغ الوضوء، ويجب على من أراد أن يصلي أن يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[المائدة: 6]، وقوله صلى الله عليه وسلم:(لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ..)([59]) فعليه أن يغتسل للحدث الأكبر، ويتوضأ للحدث الأصغر، وعليه أن يجتنب النجاسات لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر:4]، وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ أَهْلَهُ. قَالَ: (نَعَمْ إِلَّا أَنْ يَرَى فِيهِ شَيْئًا فَيَغْسِلَهُ)([60])، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ)([61])، ويجب عليه ستر عورته لقوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[ الأعراف: 31]، وقوله صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنهما:(فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ)([62]).
  • ثم يخرج بنية الصلاة مع الجماعة، فإن فعل ذلك فلم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (..وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ..)([63]).
  • وينبغي أن يمشي إلى الصلاة بسكينةٍ ووقار، لأنه مقبل على مكان يقف فيه بين يدي الله عز وجل، ولا يسرع حتى ولو خاف أن تفوته الصلاة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)([64])
  • فإذا دخل المسلم المسجد صلّى ما تيسر له ما لم يكن أذّن، فإن كان قد أذن صلّى الراتبة، وإن لم يكن للفريضة راتبة قبلها صلّى سنة ما بين الأذانين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ)([65])، وتجزئ هذه الصلاة أو الراتبة عن تحية المسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ)([66])، ويتحقق ذلك بصلاة الراتبة، أو سنة ما بين الأذانين، بعدها يجلس المسلم بنية انتظار الصلاة، ولا يضره تأخر الإمام، لأنه في صلاة ما انتظر الصلاة، والملائكة تصلي عليه وتستغفر له ما دام في مصلاه. لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ)([67]).
  • فإذا أقيمت الصلاة قام، ولا بأس بالقيام في أول الإقامة أو في أثنائها أو عند انتهائها، فكل ذلك جائز، لأن السنة لم تحدد موضع القيام، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي)([68])، والغاية أن يتهيأ المسلم للدخول في الصلاة حتى لا تفوته تكبيرة الإحرام.
  • ويجب على الإمام والمأمومين استقبال القبلة لقوله تعالى:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة:150]،ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ..)([69]) وتجب تسوية الصف، لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)([70])، قال النووي رحمه الله: معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب([71])، ولا يخفى ما في ترك تسوية الصفوف من الإثم والمخالفة، ولهذا وجبت التسوية ولا يجوز التفريط فيها لحرمة ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بتسوية الصف، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ)([72]).
  • ولا تعني مخالفة التسوية بطلان الصلاة على الراجح، لأن التسوية واجب للصلاة، وليست واجباً فيها، والواجب للصلاة يأثم تاركه ولا تبطل به الصلاة كالأذان.
  • والعبرة بالتسوية المحاذاة والموازاة، لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ)([73])، وقال النعمان بن بشير رضي الله عنه: (رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ)([74]) هذا هو المعتبر. وينبغي مع المحاذاة التراص في الصف، بأن لا يترك فرجات للشياطين، لحديث أنس رضي الله عنه المتقدم. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ. وَلاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ)([75]). وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رَاصُّو صُفُوفَكُمْ ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَــــا ، وَحَاذُوا بِالأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَى الشَّيَاطِينَ تَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ)([76])([77]).
  • كما ينبغي إكمال الصف الأول قبل الشروع في الصف الثاني، وهكذا، مع مراعاة التقارب بين الصفوف والإمام، ويلزم أن تفرد صفوف النساء وحدها خلف الرجال، ويجب تأخيرها عن صفوف الرجال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا)([78]).
  • وبعد أن يسوى الصف يستقبل القبلة بجميع بدنه قاصداً بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة، ولا يتلفظ بالنية لأن التلفظ بها غير مشروع وبدعة، ولم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم أنه تلفظ بها لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)([79]).
  • ويجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماماً أو منفرداً، لحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلَّى أحدُكم، فليُصلِّ إلى سُترَة، وليَدْنُ منها، لا يقطع الشَّيطانُ عليه صلاتَهُ)([80]).
  • وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة تبطل بمرور المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود أمام المصلي إذا لم تكن له سترة أو كانت له سترة فمرت بينها وبينه، وذلك لما رواه أحمد والنسائي وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَينَ يَدَيهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُن بَينَ يَدَيهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاتَهُ: الحِمَارُ وَالمَرْأَةُ وَالكَلبُ الأَسْوَدُ) ([81]). وقال الجمهور بأن المراد بالقطع في الحديث نقص للأجر لشغل القلب بهذه الأشياء عن الصلاة، وليس المراد بطلانها بالكلية.
  • ويجب على المصلي القيام في الصلاة مع القدرة لقول الله تعالى:{وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ}[البقرة:238]، ولحديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: (صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)([82]).
  • ويكبر تكبيرة الإحرام، وهي ركن، قائلاً: “الله أكبر” لقول الله تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}[المدثر:3]، ولحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)([83]) ولا يجزئ غيرها، لأن ألفاظ الذكر توقيفية، يتوقف فيها على ما ورد به النص، ولا يجوز إبدالها بغيرها، فإن عجز عن النطق بها لعدم معرفته باللغة العربية كبَّر بلغته ولا حرج عليه، لقول الله تعالى:{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:286] ناظراً ببصره إلى محل سجوده، لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ)([84]).
  • ويرفع يديه مضمومتي الأصابع، ممدودة حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه، قبل التكبير أو بعده أو معه، فكل هذه الصفات فاعلها مصيب للسنة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ”([85])، وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم”كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ:(سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ“([86]).
  • وينبغي فعل العبادات الواردة على وجوه متنوعة في أوقات مختلفة لما في ذلك من حضور القلب واتباع السنة وإحيائها.
  • وبعد أن ينزل يديه من الرفع، يضعهما على صدره، اليمنى على ظهر كفه اليسرى، قابضاً بيمناه كوع ([87]) يسراه، أو واضعاً يده على الذراع من غير قبض، فكلاهما سنة، لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: “صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ..”([88]).
  • ويسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح، لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)([89])، وإن شاء قال بدلاً عن ذلك: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ)([90])، أو يقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)([91])، أو غير ذلك مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم. وينبغي للإنسان أن يستفتح بهذا مرة، وهذا مرة، ليأتي بالسنن كلها، وليكون ذلك إحياءً للسنة وإحضاراً للقلب، ولا يجمع بينها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجمع بينها في جوابه على سؤال أبي هريرة.
  • ثم يقول: (أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، لقول الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98]، ثم يقول: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، ويقرأ: سورة الفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)([92]).
  • والفاتحة ركن من أركان الصلاة، وشرط لصحتها، فلا تصح الصلاة بدونها يقولها المصلي في كل ركعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته حين وصف له الركعة الأول، قال: (ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا)([93])، وقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم على قراءتها في كل ركعة، ولم يحفظ عنه أنه أخلَّ بها في ركعة من الركعات. ولا تسقط إلا عن مسبوق أدرك الإمام راكعاً أو قائماً ثم شرع فيها وخاف أن يفوته الركوع قبل أن يتمها، لحديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكعٌ، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:(زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ)([94])، ولم يأمره بقضاء الركعة التي أدرك ركوعها دون قراءتها، ولو كانت الركعة غير صحيحة لأمره بإعادتها كما أمر المسيء صلاته بإعادة الصلاة لعدم الإتيان بأركانها، ولأن الفاتحة ركن في القيام، والمسبوق سقط عنه القيام لمتابعة إمامه، فلما سقط عنه المحل سقط الحال.
  • وتجب قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية، ولا تسقط إلا عن المسبوق الذي ذكرنا. لحديث محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَعَلَّكُمْ تقرؤون خَلْفَ الْإِمَامِ، وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ)، قَالُوا: إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: (فَلَا تَفْعَلُوا، إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُكُمْ بِأُمِّ الْكِتَابِ)، أَوْ قَالَ: (فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)([95]). أما في الصلاة الجهرية فالذي أميل إليه عدم وجوب قراءتها فيما يجهر فيه الإمام، وهو اختيار شيخ الإسلام والعلامة ابن سعدي رحمهما الله. ([96])
  • ويقول بعد الفاتحة (آمين) للمنفرد والمأموم والإمام، جهراً في الصلاة الجهرية، وسراً في السرية، لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَرَأَ (وَلاَ الضَّالِّينَ) قَالَ: (آمِينَ). وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ”([97]).
  • ويسن أن يقرأ بعدها ما تيسر من القرآن، ففي الصلاة السرية حديت أبي قتادة رضي الله عنه: “كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ”([98]).
  • وفي الصلاة الجهرية حديث الجبير بن مطعم رضي الله عنه قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور”([99]).
  • وينبغي للمأموم أن يوافق الإمام فلا يسبقه، ولا يتأخر عنه، ولا يختلف معه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا..) ([100]).
  • ثم يركع مكبراً، رافعاً يديه حذو منكبيه أو أذنيه، لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج:77]، ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا..)([101]).
  • ثم يضعهما على ركبتيه معتمداً عليهما، مفرقاً أصابعه فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ألا أصلي لكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ فقلنا: بلى، فقام، فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه من وراء ركبتيه……. ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وهكذا كان يصلي بنا([102])، جاعلاً رأسه مستوياً مع ظهره، لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة الصلاة قال: ركع النبي صلى الله عليه وسلم ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ([103])، ويطمئن في ركوعه ويقول: (سبحان ربي العظيم)، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم}[الواقعة:74، 96]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ)([104])، ويجب أن يقولها مرة واحدة، والأفضل أن يكررها ثلاثاً أو أكثر، فيجتمع بهذا الذكر التعظيم القولي، وبالركوع التعظيم الفعلي لله سبحانه وتعالى، ويستحب أن يزيد على (سبحان ربي العظيم) (وبحمده) لورود ذلك في السنة الصحيحة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي)([105])، وعنها أيضاً رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ)([106])، ويسن أن يفرج عضديه عن جنبيه ما لم يؤذِ جاره، فإن آذاه فلا ينتهك حرمة المسلم من أجل فعل سنة.
  • ثم يرفع رأسه من الركوع رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: (سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)([107]) إن كان إماماً أو منفرداً، ويقول حال قيامه: (رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)([108])، وبعد رفعه: (حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)([109]) (مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدٍ)([110])، أما إن كان مأموماً فإنه يقول عند الرفع: (اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)([111])، فإذا اطمأن قائماً قال: (حمداً كثيراً..) إلى آخر ما تقدم.
  • والرفع من الركوع ركن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا)([112])، أما رفع اليدين فإنه سنة، ويشرع أن يزاد بعد القيام من الركوع:(..أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)([113]).
  • ويستحب أن يضع كل منهم يده اليمنى على اليسرى على صدره، كما فعل في قيامه قبل الركوع، لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر([114])، وسهل بن سعد([115]) رضي الله عنهما.
  • ولقد دلت السنة على مقدار الاعتدال بعد الركوع، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: “رَمَقْتُ الصَّلاَةَ مَعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ فَسَجْدَتَهُ فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَسَجْدَتَهُ فَجَلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالاِنْصِرَافِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ” ([116]).
  • ثم يسجد مكبراً واضعاً ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك، لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: “رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ..” ([117])، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه، مستقبلاً بأصابع رجليه ويديه القبلة، ضاماً أصابع يديه، ويكون على أعضاء السجود السبعة، الجبهة مع الأنف، واليدين مع الركبتين، وبطون أصابع الرجلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ)([118])، ويوجه أصابع القدمين حال السجود للقبلة لحديث أبي حميد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: (.. فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ..)([119])، وكان إذا سجد صلى الله عليه وسلم مكن جبهته من الأرض لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: ” أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَجَدَ أَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ”([120])، ويقول:(سبحان ربي الأعلى)، ويكرر ذلك ثلاثاً أو أكثر.
  • ويستحب أن يقول مع ذلك: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي)([121])، ويقول: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ)([122])، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، فعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ جَافَى حَتَّى يَرَى مَنْ خَلْفَهُ وَضَحَ إِبْطَيْهِ”([123]) يَعْنِي: بَيَاضَهُمَا. وفي رواية: “كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ”([124]).
  • وعن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال:”ثُمَّ أَهْوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا ، ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ”([125]). وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ”([126])، قال النووي رحمه الله: معناه: باعد مرفقيه وعضديه عن جنبيه([127]).
  • ويرفع ذراعيه عن الأرض، لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ)([128]). وللمصلي أن يضع يديه على الأرض حذاء المنكبين، وإن شاء قدمهما وجعلهما حذاء الجبهة أو فروع الأذنين، فكل هذا مما جاءت به السنة.
  • والسجود من كمال التعبد لله والذل له سبحانه، فالإنسان يضع أشرف ما فيه وهو وجهه بحذاء أدنى ما فيه وأسفل ما فيه وهو قدمه، تعبداً لله تعالى وتقرباً إليه. ومن أجل ذلك يكون الإنسان أقرب إلى الله وهو ساجد، قال الله تعالى:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق :19] لذا ينبغي أن تسجد قلوبنا قبل أن تسجد جوارحنا، حتى يدرك الإنسان في هذا الذل والتواضع لله عز وجل لذة السجود وحلاوته، ويكثر من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ)([129])، ويسأل ربه من خير الدنيا والآخرة، سواء أكانت الصلاة فرضاً أم نفلاً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ) ([130]).
  • ثم يرفع رأسه مكبراً، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا..)([131])، ويفترش قدمه اليسرى ويجلس عليها، ظهرها إلى الأرض وبطنها إلى أعلى، وينصب رجله اليمنى، لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: (.. ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ اليُسْرَى وَقَعَدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً، ثُمَّ هَوَى سَاجِدً) ([132])، ويضع يديه على فخذيه، وأطراف أصابعه عند ركبتيه، أو يضع اليد اليمنى على الركبة، واليد اليسرى يلقمها الركبة، صفتان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلتاهما صحيح، ويقول: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي)([133])، ويطمئن في هذا الجلوس.
  • ثم يسجد السجدة الثانية مكبراً، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى، ثم يرفع رأسه مكبراً ويجلس جلسة خفيفة، وتسمى جلسة الاستراحة، وهي مستحبة، وإن تركها فلا حرج، وليس فيها ذكر ولا دعاء، لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: “.. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ..”([134]).
  • ويجب على الإمام والمأموم والمنفرد الاطمئنان في جميع أركان الصلاة لقول الله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:1، 2]، وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته إلى الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال والجلوس.
  • ثم ينهض قائماً إلى الركعة الثانية معتمداً على ركبتيه إن تيسر ذلك، فإن شق عليه اعتمد على الأرض، قائلاً: (الله أكبر)، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن بعد الفاتحة، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى، ولا يأتي في الثانية بتكبيرة الإحرام ولا دعاء الاستفتاح ولا يتعوذ، لأن الصلاة عبادة واحدة من أولها إلى آخرها، والتعوذ في الركعة الأولى يكفي، فإن نسي تعوذ في الثانية.
  • فإذا فرغ من الركعة الأولى والثانية جلس للتشهد مفترشًا أي يفرش رجله اليسرى فيجلس عليها وينصب اليمنى، فيكون جلوسه هنا مثل جلوسه بين السجدتين المتقدم ذكره.
  • فإذا كانت الصلاة ثنائية، أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصباً رجله اليمنى مفترشاً رجله اليسرى، واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى قابضاً أصابعه كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد.
  • وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلق إبهامهما مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسن، لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ يَدْعُو وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ..”([135]).
  • وعن وائل بن حجر رضي الله عنه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: “..ثُمَّ قَبَضَ ثِنْتَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَلَّقَ حَلْقَةً، ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ، وَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا”([136])، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى مبسوطة الأصابع مضمومة ممدودة على الفخذ. ويجوز أن يلقم اليسرى ركبته، وأن يضع اليمنى على الركبة بإحدى الصورتين السابقتين في وصف الأصابع لورود السنة بذلك أيضاً.
  • ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس، وهو: (التَّحِيَّاتُ لِلهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ([137])،اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)([138]).
  • ويسن أن يستعيذ بالله من أربع، فيقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)([139]). ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس، سواء أكانت الصلاة فريضة أم نافلة، ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلاً: (السلام عليكم ورحمة الله). (السلام عليكم ورحمة الله)، يقول بلسانه متدبراً ذلك بقلبه. ويشير بسبابته في تشهده عند الدعاء، فكلما دعا حرك، إشارة إلى علو المدعو سبحانه وتعالى.
  • ففي قوله تعالى: (التحيات لله) لا يشير، (السلام عليك أيها النبي) فيه إشارة، (السلام علينا)، (اللهم صل على محمد)، فيه إشارة، (اللهم بارك على محمد) فيه إشارة، (أعوذ بالله من عذاب جهنم) فيه إشارة، (ومن عذاب القبر) فيه إشارة، (ومن فتنة المحيا والممات) فيه إشارة، (ومن فتنة المسيح الدجال) فيه إشارة.
  • وقد وردت الأحاديث الصحيحة في التشهد على أكثر من وجه، لذا ينبغي أن نأتي بهذا مرة، وهذا مرة، إتباعاً للسنة، وإحياءً لها، وحضوراً للقلب.
  • فإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء، قرأ التشهد الأول، وهو المذكور آنفاً إلى قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله). وذكر بعض أهل العلم أنه يذكر ذلك مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
  • ثم ينهض قائماً معتمداً على ركبتيه، رافعاً يديه حذو منكبيه أو فروع أذنيه قائلاً: (الله أكبر) ثم يضعهما على صدره كما تقدم، ويقرأ الفاتحة فقط، فإن قرأ في الثالثة أو الرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض المرات فلا بأس، لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي سعيد ([140]) رضي الله عنه ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، كما تقدم في الصلاة الثنائية، ثم يسلم عن يمينه بقوله: (السلام عليكم ورحمة الله)، وعن شماله بقوله: (السلام عليكم ورحمة الله).
  • وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يزيد في التسليمة الأولى والثانية (وبركاته) لحديث علقمة بن وائل عن أبيه قال: “صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. وَعَنْ شِمَالِهِ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّه” ([141]).
  • وتمتاز الركعة الثالثة في المغرب والركعتان الأخيرتان من الظهر والعصر والعشاء، بأنه يقتصر فيهما على سورة الفاتحة، ويسر فيهما بالقراءة حتى في الصلاة الجهرية.
  • ويسن التورك في التشهد الأخير من الصلاة الثلاثية أو الرباعية، لحديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: “.. فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَجَلَسَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ.”، وله ثلاث صفات مشروعة:
  • الأولى: أن يخرج المصلي رجله اليسرى من الجانب الأيمن مفروشة، ويجلس على مقعدته على الأرض، وتكون الرجل اليمنى منصوبة.
  • الثانية: أن يفرش القدمين جميعاً ويخرجهما من الجانب الأيمن.
  • الثالثة: أن يفرش اليمنى ويدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى، وينبغي أن يفعل الإنسان هذا مرة وهذا مرة.
  • والمرأة كالرجل في كل ما سبق من أحكام، غير أنها تخالفه في بعضها كمسألة سترة الثياب، والقراءة، فالرجل يجهر في القراءة في الصلاة الجهرية، والسنة في حق المرأة أن تُسِرّ.
  • ويجب على المصلي الترتيب في أركان الصلاة حسب ما ورد في حديث المسيء صلاته.
  • وينبغي بعد السلام أن يستغفر المسلم الله ثلاثاً، ويقول: (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَام)، (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)([142]) (اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)([143]).
  • ويسبح الله ثلاثاً وثلاثين بقوله: (سبحان الله)، ويحمده مثل ذلك بقوله: (الحمد لله)، ويكبره مثل ذلك قائلاً: (الله أكبر)، ويقول تمام المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)([144])، ويقرأ آية الكرسي لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ)([145])، وسورة الإخلاص، والفلق، والناس بعد كل صلاة لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: “أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ”([146]). ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد صـــــلاة الفجر، وصلاة المغرب لورود الأحاديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكل هذه الأذكار سنة وليست بفريضة. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

فهرس الموضوعات

الموضوع
المقدمة:
أولاً: أهمية الصلاة ومكانتها:
ثانياً: منزلة الصلاة في الإسلام:
ثالثاً: حكم الصلاة في الإسلام:
رابعاً: على من تجب؟
خامساً: شروط الصلاة.
شروطها تسعة:
سادساً: أركان الصلاة:
سابعاً: واجبات الصلاة:
ثامنا: سنن الصلاة:
تاسعاً: مبطلات الصلاة:
عاشراً: مكروهات الصلاة:
صفة الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
فهرس الموضوعات:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه البخاري، برقم (605).

([2]) رواه أحمد (3/128، 199)، والنسائي في عشرة النساء (7/61) قال الحافظ في (التلخيص)(3/116)، إسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3124).

([3]) رواه الترمذي، كتاب الإيمان، برقم (2541)، ومسند الإمام أحمد (5/231). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (3973).

([4]) رواه أحمد (5/346)، والترمذي، كتاب الإيمان، برقم (2621)، والنسائي، كتاب الصلاة (1/231)، رقم (462)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4143).

([5]) رواه مسلم برقم (82).

([6]) رواه البخاري برقم (25)، ومسلم برقم (22).

([7]) رواه أبو داود، برقم (425)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2298).

([8]) أخرجه الإمام أحمد (2/425)، وأبو داود في الصلاة، برقم (864)، والترمذي في الصلاة، برقم (413) وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

([9]) رواه البخاري، برقم (574)، ومسلم برقم (635).

([10]) رواه مسلم، برقم (634).

([11]) انظر: كتاب الصلاة للمؤلف، ص (16).

([12]) رواه الترمذي برقم (2616)، وابن ماجه برقم (3973)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (413).

([13]) رواه البخاري برقم (1395)، ومسلم برقم (19).

([14]) رواه الإمام أحمد (2/180)، وأبو داود في الصلاة، برقم (495) وصححه الألباني في الإرواء برقم (247).

([15]) رواه أبو داود برقم (4398)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (297).

([16]) رواه البخاري، برقم (304)، ومسلم، برقم (80).

([17]) انظر: الإنصاف (3/30) والمغني لابن قدامة (2/297).

([18]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (10/241).

([19]) الشرح الممتع على زاد المستقنع (2/28).

([20]) رواه أحمد (3/201)، وأبو داود برقم (494)، والترمذي برقم (407)، وقال: حديث حسن، وصححه الحاكم في المستدرك (1/201)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (247).

([21]) رواه مسلم، برقم (224).

([22]) رواه أبو داود برقم (627)، والترمذي برقم (375)، وابن ماجه برقم (655)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (196). والمقصود بالحائض: التي بلغت سن التكليف.

([23]) رواه البخاري برقم (361)، ومسلم برقم (3010).

([24]) رواه الترمذي برقم (397)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (273)

([25]) رواه أبو داود برقم (627)، والترمذي برقم (375)، وابن ماجه برقم (655)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (196).

([26]) رواه الدار قطني (1/97) برقم (453)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (280).

([27]) رواه البخاري برقم (6251)، ومسلم برقم (397).

([28]) رواه البخاري برقم (220).

([29]) رواه البخاري برقم (6251)، ومسلم برقم (397).

([30]) رواه البخاري برقم (1117).

([31]) رواه مسلم برقم (735).

([32]) رواه البخاري برقم (793)، ومسلم برقم (397).

([33]) رواه أبو داود برقم (61)، وابن ماجه برقم (275)، والترمذي برقم (3)، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن ابن ماجه برقم (224).

([34]) رواه البخاري برقم (756)، ومسلم برقم (394).

([35]) رواه البخاري برقم (6251)، ومسلم برقم (397).

([36]) رواه البخاري برقم (809)، ومسلم برقم (490). واللفظ له.

([37]) رواه النسائي (2/240)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (319)

([38]) رواه البخاري برقم (631).

([39]) رواه أبو داود برقم (61)، والترمذي برقم (3)، وابن ماجه برقم (275)، وتقدم في الصفحة السابقة.

([40]) رواه النسائي (2/205)، والترمذي برقم (253) وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني، في صحيح الترمذي برقم (208).

([41]) رواه مسلم (1/293) برقم (28).

([42]) رواه مسلم برقم (404)، وأحمد (4/399).

([43]) رواه الخمسة: أبو داود برقم (874)، والترمذي برقم (262) وقال: حسن صحيح، والنسائي (1/172)، وابن ماجه برقم (897)، وصححه الألباني في صحيح النسائي برقم (1097).

([44]) رواه النسائي (1/172)، وابن ماجه برقم (897)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (335).

([45]) رواه البخاري برقم (1230)، ومسلم برقم (570).

([46]) رواه أحمد (1/437)، والنسائي (1/174)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (336).

([47]) رواه البخاري برقم (1200)، ومسلم برقم (539).

([48]) رواه البخاري برقم (751).

([49]) رواه البخاري برقم (822).

([50]) رواه البخاري برقم (1220).

([51]) رواه أبو داود برقم (643)، والترمذي برقم (379)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم (312).

([52]) رواه البخاري برقم (691)، ومسلم برقم (427).

([53]) رواه الحاكم (1/206) وصححه، الألباني في الإرواء (2/102).

(1/59).

([54]) رواه البخاري برقم (815)، ومسلم برقم (490).

([55]) رواه مسلم برقم (560).

([56]) رواه مسلم برقم (429).

([57]) رواه البخاري برقم (631).

([58]) رواه مسلم برقم (1718).

([59]) رواه مسلم برقم (224).

([60]) رواه ابن ماجه (1/180 ح542)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/89 ح 440).

([61]) رواه الدار قطني (1/127) كتاب الطهارة ـ باب نجاسة البول، قال العظيم أبادي: المحفوظ مرسل، وصححه الألباني في الإرواء (1/310 ح280).

([62]) رواه البخاري برقم (361).

([63]) رواه مسلم برقم (649).

([64]) رواه البخاري برقم (689) ومسلم برقم (411).

([65]) رواه البخاري برقم (1183).

([66]) رواه البخاري برقم (444)، ومسلم برقم (714).

([67]) رواه البخاري برقم (445).

([68]) رواه البخاري برقم (637)، ومسلم برقم (604).

([69]) رواه مسلم برقم (397).

([70]) رواه البخاري برقم (717)، ومسلم برقم (436).

([71]) فتح الباري لابن حجر (2/207).

([72]) رواه البخاري برقم (723).

([73]) رواه البخاري برقم (725).

([74]) رواه أبو داود (1/433)(666)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/131)(620).

([75]) رواه أبو داود (666)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/131)(620).

([76]) الحذف: غنم صغير سود تكون بأرض اليمن.

([77]) رواه أبو داود (667)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/131)(621).

([78]) رواه مسلم برقم (440).

([79]) رواه البخاري برقم (1).

([80]) رواه أبو داود برقم (698)، وابن ماجه برقم (954).

([81]) رواه مسلم برقم (510).

([82]) رواه البخاري برقم (1117).

([83]) رواه الترمذي برقم (3)، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي (1/4 ح3) حسن صحيح.

([84]) رواه البخاري برقم (750).

([85]) رواه البخاري برقم (736).

([86]) رواه مسلم برقم (391).

([87]) الكوع: هو العظم الذي يلي الإبهام (أي مفصل الكف من الذراع) ويقابله الكرسوع: وهو الذي يلي الخنصر، والرسغ هو الذي بينهما.

([88]) رواه ابن خزيمة (1/243 ح479)، وأبو داود (1/481 ح759) من طريق طاووس، وقال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/224 ح331) وأصله في صحيح مسلم.

([89]) رواه البخاري برقم (744) ومسلم برقم (598) واللفظ له.

([90]) رواه مسلم بسند فيه انقطاع (1/299)(399)، والدار قطني موصولاً وموقوفاً على عمر (1/299) باب دعاء الاستفتاح بعد التكبير، وقد روي هذا الحديث من عدة طرق، قال ابن حجر في تلخيص الحبير (228/229)(340) رواه أبو داود والحاكم ورجال إسناده ثقات، لكن فيه انقطاع. قال ابن خزيمة: هذا صحيح عن عمر لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحاكم: وقد صح ذلك عن عمر.

([91]) رواه مسلم برقم (770).

([92]) رواه مسلم برقم (394).

([93]) رواه البخاري برقم (757)، ومسلم برقم (397).

([94]) رواه البخاري برقم (783).

([95]) رواه أحمد (5/410) حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/231) إسناده حسن، ورواه ابن حبان من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه.

([96]) المختارات الجلية، ص53.

([97]) فتح الباري لابن حجر (2/367).

([98]) رواه أبو داود (1/574 ح932) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/176 ح824) وقال ابن حجر في التلخيص (1/236 ح353) سنده صحيح.

([99]) رواه البخاري برقم (765)

([100]) رواه البخاري برقم (687)، ومسلم برقم (418).

([101]) رواه البخاري برقم (757)

([102]) رواه النسائي (2/186) كتاب التطبيق ـ باب مواضع أصابع اليدين في الركوع، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (1/223 ح992).

([103]) رواه البخاري برقم (828).

([104]) رواه أبو داود (1/542 ح869)، وأحمد (4/155)، وضعفه الألباني، وقال الساعاتي في الفتح الرباني (3/261، 262 ح634) سنده جيد.

([105]) رواه البخاري برقم (817)، ومسلم برقم (484).

([106]) رواه مسلم برقم (487).

([107]) رواه البخاري برقم (789)

([108]) نفس المصدر السابق.

([109]) نفس المصدر السابق.

([110]) رواه مسلم برقم (477).

([111]) رواه البخاري برقم (796)، ومسلم برقم (409).

([112]) رواه البخاري برقم (757).

([113]) رواه مسلم برقم (477).

([114]) رواه ابن خزيمة (1/243 ح479)، قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/224 ح331) وأصله في صحيح مسلم برقم (401).

([115]) رواه البخاري برقم (740).

([116]) رواه مسلم برقم (471).

([117]) رواه الترمذي (2/56، 57 ح268) وقال: حديث حسن غريب، لا نعرف أحداً رواه مثل هذا عن شريك، والعمل عليه عند أهل العلم.

([118]) رواه البخاري برقم (812)، ومسلم برقم (490).

([119]) رواه البخاري برقم (828)

([120]) رواه ابن خزيمة (1/322 ح637)، والترمذي واللفظ له (2/59 ح270) وقال: حسن صحيح.

([121]) رواه البخاري برقم (817)، ومسلم برقم (484).

([122]) رواه مسلم برقم (487).

([123]) رواه مسلم برقم (497).

([124]) رواه مسلم برقم (496).

([125]) رواه الترمذي برقم (304)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (304).

([126]) رواه مسلم برقم (495).

([127]) شرح النووي على صحيح مسلم (4/211).

([128]) رواه البخاري برقم (822) ومسلم برقم (493).

([129]) رواه مسلم برقم (479).

([130]) رواه مسلم برقم (482).

([131]) رواه البخاري برقم (757)، ومسلم برقم (397).

([132]) رواه أبو داود برقم (964)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1/181 ح851).

([133]) رواه أبو داود برقم (850)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/160 ح 756).

([134]) رواه الترمذي برقم (304) وقال: حسن صحيح.

([135]) رواه مسلم برقم (579).

([136]) رواه ابن خزيمة (1/354 ح714)، وقال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/262 ح401) ورواه ابن خزيمة والبيهقي بهذا اللفظ.

([137]) رواه البخاري برقم (6265)، ورواه مسلم برقم (402).

([138]) رواه مسلم برقم (406).

([139]) رواه البخاري برقم (1311)، ومسلم برقم (588).

([140]) رواه مسلم برقم (452).

([141]) رواه أبو داود (1/607 ح 997). قال الحافظ ابن حجر: وقع في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه  زيادة (وبركاته) وهي عند ابن ماجه أيضاً، وهي عند أبي داود أيضاً في حديث وائل بن حجر، فيتعجب من ابن الصلاح حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث.

([142]) رواه مسلم برقم (594).

([143]) رواه البخاري برقم (844)، ومسلم برقم (593).

([144]) رواه مسلم برقم (597).

([145]) رواه النسائي في السنن الكبرى (6/30)، والطبراني في المعجم الكبير (7532)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (124).

([146]) رواه أحمد (4/155)، وأبو داود برقم (1523)، والنسائي برقم (1336)، وصححه الحاكم وقال: على شرط مسلم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.